الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 4 يوليو 2024

الطعن 25836 لسنة 86 ق جلسة 15 / 9 / 2018 مكتب فني 69 ق 84 ص 649

جلسة 15 من سبتمبر سنة 2018

برئاسة السيد القاضي / حمدي أبو الخير نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمود خضر، بدر خليفة، الأسمر نظير وخالد إلهامي نواب رئيس المحكمة .

-----------------

(84)

الطعن رقم 25836 لسنة 86 القضائية

(1) أحوال شخصية . تزوير " أوراق رسمية " . اشتراك . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . شريعة إسلامية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

خلو المرأة من الموانع الشرعية . من شروط صحة الزواج في الشريعة الإسلامية .

عدة المرأة . ماهيتها والغرض منها ؟

عقد الزواج . وثيقة رسمية يحررها موظف مختص أسبغ عليها القانون هذه الصفة كونها سند قيام الزوجية قانوناً ولقيمة ما ترتبه من آثار إذا صار بشأنها نزاع .

العقاب على التزوير في وثيقة الزواج . مناطه ؟

الاشتراك في جرائم التزوير . تمامه : دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة . كفاية اعتقاد المحكمة توافره من ظروف الدعوى وملابساتها . ما دام سائغاً .

إدانة الطاعنة بجريمة الاشتراك في تزوير وثيقة زواجها لإقرارها أمام المأذون الشرعي بخلوها من الموانع الشرعية رغم حملها واعتدادها من زواج سابق انتهى بالطلاق . صحيح .

مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة بجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي .

(2) إثبات " بوجه عام " " شهود " . تزوير " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

أخذ المحكمة بشهادة الشاهد . مفاده ؟

الأصل في المحاكمات الجنائية . اقتناع القاضي بناءً علي الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . حد ذلك ؟

القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً .

تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟

الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .

(3) تزوير " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " .

القصد الجنائي في جرائم التزوير . موضوعي . تحدث الحكم عنه صراحة واستقلالاً . غير لازم . حد ذلك ؟

(4) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

تعييب التحقيق الذي تم في مرحلة سابقة على المحاكمة . لا يصح سببًا للطعن على الحكم .

مثال .

(5) التماس إعادة النظر .

نعي الطاعنة بانطباق الحالة الخامسة من المادة 441 إجراءات جنائية بشأن التماس إعادة النظر على واقعة الدعوى . غير مقبول . علة ذلك ؟

(6) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

الدفع بتلفيق الاتهام وكيديته . موضوعي . لا يستلزم رداً خاصاً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله إنها : " .... تتحصل في أن المتهمة .... حضرت في يوم .... أمام .... - مأذون شرعي - حال قيامه بعقد زواجها من .... وقررت له خلوها من الموانع الشرعية رغم علمها بكونها حاملاً من زوجها السابق .... والمطلقة منه ، وقد توافر علمها بالحمل بذهابها إلى طبيبة أمراض نساء وتوليد في .... وقامت بتوقيع الكشف الطبي عليها وتبين لها أنها حامل ، وأن مدة حملها ثمانية وثلاثون يوماً وبتاريخ .... ذهبت إلى مستشفى .... وتم إدخالها إلى غرفة العمليات وإجراء عملية كحت للرحم لإيقاف النزيف ، وتم تفريغ محتويات الرحم لحدوث إجهاض لحمل مدته عشرة أسابيع ثم لاذت بالهروب من المستشفى عقب إجراء العملية مما يدل بيقين على توافر علمها بالحمل إلا أنها أدلت للمأذون الشرعي بواقعة مزورة أرادت وتعمدت تغيير الحقيقة حال كونها لا تحل للزواج آنذاك ، وأثبت المأذون الشرعي - موظف عام حسن النية – ذلك بعقد الزواج - والذي هو وثيقة رسمية - وهو ما يكفي لإثبات الاشتراك في تزوير وثيقة الزواج في حق المتهمة وعلمها بعدم خلوها من الموانع الشرعية . " واستند الحكم في ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو إلى أدلة استقاها مما شهد به كلٌ من .... و ..... و .... وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن من شروط صحة الزواج في الشريعة الإسلامية أن تكون الزوجة خالية من الموانع الشرعية ، ومن بين هذه الموانع أن تكون المرأة معتدة من زواج سابق انتهى بالطلاق ، والعدة هي مدة تنتظرها المرأة عقب وقوع الطلاق بحيث لا يجوز لها أن تتزوج قبلها ، والعدة إما أن تكون عدة امرأة حامل وتنتهي بوضع الحمل ، وإما أن تكون المرأة غير حامل وعدتها تكون ثلاثة قروء إذا كانت ممن يحضن ، أما إذا كانت لا ترى الحيض لصغر السن أو لبلوغها سن اليأس فعدتها ثلاثة أشهر ، وتبدأ العدة في الزواج الصحيح من وقت وقوع الطلاق ، والغرض منها ثبوت براءة الرحم أي خلوه من الحمل منعاً لاختلاط الأنساب ومهلة للزوج للتروي وفيها قد يراجع زوجته ، وقد تكون حداداً على الفرقة وانتهاء رابطة الزوجية . لما كان ذلك ، وكان عقد الزواج هو وثيقة رسمية يختص بتحريرها موظف مختص هو المأذون الشرعي ، وهذه الورقة أسبغ عليها القانون الصفة الرسمية لأنه بمقتضاها تقوم الزوجية قانوناً بين المتعاقدين ، وتكون للآثار المترتبة عليها – متى تمت صحيحة – قيمتها إذا ما وجد نزاع بشـأنها ، ومناط العقاب على التزوير في وثيقة الزواج هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك ، فكل عبث يرمي إلى إثبات غير الحقيقة في هذا الصدد يعد تزويراً ، وكان من المقرر أن الاشتراك في التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها ، وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بما ساقه من أدلة ثبوت سائغة وقرائن اطمأنت إليها المحكمة أن الطاعنة حضرت أمام المأذون الشرعي بتاريخ .... وأقرت بخلوها من الموانع الشرعية – على غير الحقيقة – حال أنها كانت حاملاً ومعتدة من زواج سابق انتهى بالطلاق ولم تنته عدتها بعد ، وهو ما يوفر في حقها الاشتراك في تزوير محرر رسمي هو وثيقة زواجها من زوجها الثاني في .... فإن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه في هذا الشأن يكون صحيحاً ، ويكون النعي عليه غير سديد .

2- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً متفقاً مع العقل والمنطق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع بغير معقب ، ومتى أخذت بشهادة الشاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، وكانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة وإلى أن الطاعنة اشتركت في تزوير محرر رسمي ، وأنها كانت على علم بحملها ، ورغم ذلك أقرت أمام المأذون بخلوها من الموانع الشرعية ، فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن ينحل إلى جدل حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا يجوز مجادلتها فيها أمام محكمة النقض .

 3- من المقرر أن القصد الجنائي في جرائم التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها ، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل على توافره – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – .

4- من المقرر أن النعي بقصور تحقيقات النيابة العامة لا يصلح سبباً للطعن ، ولا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة ، ومن ثم فإن النعي بقعود النيابة العامة عن سماع أقوال الطاعنة والمأذون الشرعي وطلب تحريات المباحث يكون غير مقبول .

5- لما كان ما تثيره الطاعنة بشأن انطباق الحالة الخامسة من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية على واقعة الدعوى إنما يتعلق بطريق آخر من طرق الطعن غير العادية - وهو التماس إعادة النظر – وهو ما لم تسلكه الطاعنة وفقاً للإجراءات التي نظمها القانون في هذا السياق ، ومن ثم فإن منعاها في هذا الشأن يكون غير مقبول .

6- لما كان النعي بتلفيق الاتهام وكيديته من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليها على استقلال اكتفاءً بما ساقته من أدلة الثبوت السائغة التي اطمأنت إليها ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنة في هذا الشأن واطرحه برد سائغ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها : اشتركت وآخر بطريقي الاتفاق والمساعدة – موظف عام حسن النية - هو .... " مأذون شرعي " في تزوير محرر رسمي هو وثيقة الزواج المؤرخة .... وذلك بجعلها واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أدلت أمام الموظف العمومي سالف الذكر على غير الحقيقة بأنها خالية من الموانع الشرعية للزواج فتمت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة .

وأحالتها إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

وادعى وكيل المجني عليه / .... مدنياً بمبلغ مائة ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً - ثالثاً ، 41 /1 ، 211 ، 212 من قانون العقوبات ، مع إعمال المادة 17 من ذات القانون ، بمعاقبتها بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة .

فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه لم يدلل تدليلاً سائغاً على اشتراكها في تزوير المحرر الرسمي موضوع الدعوى فلم يبين الحكم ما قام به الفاعل الأصلي وما قامت به هي كشريك في الجريمة ، وأغفل دفاعها القائم على انتفاء أركان تلك الجريمة في حقها بدلالة أنها طلقت من زوجها الأول في .... وتعرفت بالثاني في غضون شهر .... وأنها تعاني من أمراض مزمنة وتجمعات دموية بالرحم منذ ما يزيد على ثلاث سنوات سابقة على تاريخ الواقعة تجعل حملها أمراً مستحيلاً ، وأنها أجرت عملية استئصال رحم في .... الأمر الذي يستحيل معه حدوث الواقعة وفق الصورة التي قال بها الشهود ، هذا إلى أن تحقيقات النيابة قد جاءت قاصرة فلم يتم سماع أقوالها وكذا المأذون الشرعي ، ولم تطلب تحريات المباحث ، ولم تعرض على الطب الشرعي للتحقق من حملها ، فضلاً عن أن لديها مستندات تفيد عدم حدوث الواقعة ، وانطباق حكم الحالة الخامسة من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية في شأن التماس إعادة النظر عليها ، وأن تلك المستندات لم تكن تحت بصر المحكمة وقت إصدار الحكم ، كما دفعت بتلفيق الاتهام وكيديته مدللة على ذلك بأنها تصالحت مع طليقها الأول وأعادها لعصمته بعد طلاقها من الثاني ، بيد أن الحكم اطرح ذلك الدفاع دون أن يعنى بتحقيقه ، ذلك مما يعيبه بما يستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله إنها : " .... تتحصل في أن المتهمة .... حضرت في يوم .... أمام .... - مأذون شرعي - حال قيامه بعقد زواجها من .... وقررت له خلوها من الموانع الشرعية رغم علمها بكونها حاملاً من زوجها السابق .... والمطلقة منه ، وقد توافر علمها بالحمل بذهابها إلى طبيبة أمراض نساء وتوليد في .... وقامت بتوقيع الكشف الطبي عليها وتبين لها أنها حامل ، وأن مدة حملها ثمانية وثلاثون يوماً وبتاريخ .... ذهبت إلى مستشفى .... وتم إدخالها إلى غرفة العمليات وإجراء عملية كحت للرحم لإيقاف النزيف ، وتم تفريغ محتويات الرحم لحدوث إجهاض لحمل مدته عشرة أسابيع ثم لاذت بالهروب من المستشفى عقب إجراء العملية مما يدل بيقين على توافر علمها بالحمل إلا أنها أدلت للمأذون الشرعي بواقعة مزورة أرادت وتعمدت تغيير الحقيقة حال كونها لا تحل للزواج آنذاك ، وأثبت المأذون الشرعي - موظف عام حسن النية – ذلك بعقد الزواج - والذي هو وثيقة رسمية - وهو ما يكفي لإثبات الاشتراك في تزوير وثيقة الزواج في حق المتهمة وعلمها بعدم خلوها من الموانع الشرعية . " واستند الحكم في ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو إلى أدلة استقاها مما شهد به كلٌ من .... و ..... و .... وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن من شروط صحة الزواج في الشريعة الإسلامية أن تكون الزوجة خالية من الموانع الشرعية ، ومن بين هذه الموانع أن تكون المرأة معتدة من زواج سابق انتهى بالطلاق ، والعدة هي مدة تنتظرها المرأة عقب وقوع الطلاق بحيث لا يجوز لها أن تتزوج قبلها ، والعدة إما أن تكون عدة امرأة حامل وتنتهي بوضع الحمل ، وإما أن تكون المرأة غير حامل وعدتها تكون ثلاثة قروء إذا كانت ممن يحضن ، أما إذا كانت لا ترى الحيض لصغر السن أو لبلوغها سن اليأس فعدتها ثلاثة أشهر ، وتبدأ العدة في الزواج الصحيح من وقت وقوع الطلاق ، والغرض منها ثبوت براءة الرحم أي خلوه من الحمل منعاً لاختلاط الأنساب ومهلة للزوج للتروي وفيها قد يراجع زوجته ، وقد تكون حداداً على الفرقة وانتهاء رابطة الزوجية . لما كان ذلك ، وكان عقد الزواج هو وثيقة رسمية يختص بتحريرها موظف مختص هو المأذون الشرعي ، وهذه الورقة أسبغ عليها القانون الصفة الرسمية لأنه بمقتضاها تقوم الزوجية قانوناً بين المتعاقدين ، وتكون للآثار المترتبة عليها – متى تمت صحيحة – قيمتها إذا ما وجد نزاع بشـأنها ، ومناط العقاب على التزوير في وثيقة الزواج هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك ، فكل عبث يرمي إلى إثبات غير الحقيقة في هذا الصدد يعد تزويراً ، وكان من المقرر أن الاشتراك في التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها ، وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بما ساقه من أدلة ثبوت سائغة وقرائن اطمأنت إليها المحكمة أن الطاعنة حضرت أمام المأذون الشرعي بتاريخ .... وأقرت بخلوها من الموانع الشرعية – على غير الحقيقة – حال أنها كانت حاملاً ومعتدة من زواج سابق انتهى بالطلاق ولم تنته عدتها بعد ، وهو ما يوفر في حقها الاشتراك في تزوير محرر رسمي هو وثيقة زواجها من زوجها الثاني في .... فإن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه في هذا الشأن يكون صحيحاً ، ويكون النعي عليه غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً متفقاً مع العقل والمنطق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع بغير معقب ، ومتى أخذت بشهادة الشاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، وكانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، وإلى أن الطاعنة اشتركت في تزوير محرر رسمي ، وأنها كانت على علم بحملها ، ورغم ذلك أقرت أمام المأذون بخلوها من الموانع الشرعية ، فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن ينحل إلى جدل حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا يجوز مجادلتها فيها أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جرائم التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها ، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل على توافره – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن النعي بقصور تحقيقات النيابة العامة لا يصلح سبباً للطعن ، ولا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة ، ومن ثم فإن النعي بقعود النيابة العامة عن سماع أقوال الطاعنة والمأذون الشرعي وطلب تحريات المباحث يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان ما تثيره الطاعنة بشأن انطباق الحالة الخامسة من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية على واقعة الدعوى إنما يتعلق بطريق آخر من طرق الطعن غير العادية - وهو التماس إعادة النظر – وهو ما لم تسلكه الطاعنة وفقاً للإجراءات التي نظمها القانون في هذا السياق ، ومن ثم فإن منعاها في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان النعي بتلفيق الاتهام وكيديته من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليها على استقلال اكتفاءً بما ساقته من أدلة الثبوت السائغة التي اطمأنت إليها ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنة في هذا الشأن واطرحه برد سائغ . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون قائماً على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق