الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 2 مارس 2024

الطعن 17670 لسنة 91 ق جلسة 9 / 11 / 2022 مكتب فني 73 ق 79 ص 742

جلسة 9 من نوفمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / مصطفى حسان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / خلف عبد الحافظ ، نادر جويلي ومحمد كمال قنديل نواب رئيس المحكمة ووليـد كامل .
----------------
(79)
الطعن رقم 17670 لسنة 91 القضائية
(1) تقنية المعلومات . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة المؤثمة بالمادة 25 من القانون 175 لسنة 2018 . القصد الجنائي فيها عام . مناط تحققه ؟
استظهار الحكم ثبوت الفعل المادي لجريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة المؤثمة بالمادة 25 من القانون 175 لسنة 2018 وتسانده إلى أدلة منتجة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه . النعي في هذا الشأن . غير مقبول .
(2) نقض " المصلحة في الطعن " . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " .
معاقبة الطاعن عن جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة ذات العقوبة الأشد . النعي على الحكم بشأن باقي الجرائم . غير مجد .
(3) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
تناقض أقوال الشاهد والتحريات . لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض.
(5) إثبات " شهود " " خبرة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تطابق أقوال الشهود والتحريات مع الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون الدليل القولي غير متناقض مع مضمون الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الموائمة والتوفيق .
النعي بالتناقض بين الدليلين القولي والفني لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبول .
(6) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة النقض " سلطتها " .
الخطأ في رقم مادة العقاب المنطبقة . لا يرتب بطلان الحكم . لمحكمة النقض تصحيحه . حد وأساس ذلك ؟
مثال .
(8) عقوبة " العقوبة التكميلية " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
عقوبة محو أو إعدام الصور المتحصلة من جريمة الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة بالتقاط صور للمجني عليها . تكميلية يجب توقيعها مع عقوبة الجريمة الأشد . إغفال الحكم القضاء بها . خطأ . لا يجوز لمحكمة النقض التصدي لتصحيحه إلا لمصلحة المتهم . وجوب محوها وإعدامها إدارياً . علة وأساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن القصد الذي يتطلبه الشارع في جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة المنسوبة إلى الطاعن والمُعاقب عليها بنص المادة 25 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن تقنية المعلومات هو القصد العام الذي يتحقق بمجرد ارتكاب الفعل المادي ، وتستوي البواعث التي دفعت المتهم إلى فعله ، وأن مجرد انتهاك حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها بنشر صورها على مواقع التواصل الاجتماعي دون رضائها وبما يَنتهك خصوصيتها يُفترض فيه القصد إذا ما توافر عنصراه العلم والإرادة ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادي لجريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة بغير رضاء المجني عليها بما مفاده قيام الطاعن بسبها ونشر صور تنتهك خصوصيتها بشبكة التواصل الاجتماعي ، وتساند في قضائه إلى أدلة منتجة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .
2- لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها وهي جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها عن طريق شبكة التواصل الاجتماعي ، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن باقي الجرائم الأخرى ما دامت المحكمة دانته بالجريمة الأشد وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة ٣٢ من قانون العقوبات .
3- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض أقوال الشاهد والتحريات - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة منها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - وكان الحكم قد أورد من أقوال المجني عليها وتحريات الشرطة ما تساند إليه منها بما لا شبهة لأي تناقض وأفصح عن اطمئنانه إليها ولكفايتها كدليل في الدعوى ولصحة تصوير للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود والتحريات مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على المواءمة والتوفيق ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن ما حصله من أقوال المجني عليها والتحريات لا يتناقض مع ما نقله من التقرير الفني بل يتلاءم معه ، فإن دعوى التناقض بين الدليلين القولي والفني تكون لا محل لها ، فضلاً عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثير شيئاً بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني ، ومن ثم فلا محل لإثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
6- لما كان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن انتفاء صلته بالواقعة والخط المستخدم في ارتكابها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- من المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المنطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبيّن واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها ، كما أن ذلك حسبه لتحقيق مراد الشارع في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من الإشارة إلى نص القانون الذي حكم بموجبه ، وكانت الواقعة على الصورة التي اعتنقها الحكم المطعون فيه تشكل جرائم تعمد إزعاج ومضايقة الغير باستعمال أجهزة الاتصالات والسب وانتهاك حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها بنشر صور لها على شبكة التواصل الاجتماعي تنتهك خصوصيتها المؤثمة بموجب نصوص المواد 166 مكرراً ، 171 ، 306 ، 308 من قانون العقوبات ، والمواد 1 ، 70 ، 76/2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات ، والمواد 1 ، 11 ، 12 ، 25 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن تقنية المعلومات ، فإن خطأ الحكم بإغفاله ذكر نص المادة 309 مكرراً فقرة (ب) من قانون العقوبات لا يعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم المطعون فيه وذلك بإضافة تلك المادة ضمن مواد العقاب عملاً بالمادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 .
8- لما كان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد . لما كان ذلك ، وكان مما يصدق عليه هذا النظر عقوبة محو التسجيلات المنصوص عليها في المادة 309 مكرر فقرة (ب) من قانون العقوبات ، وكان الحكم المطعون فيه قد أخطأ حين أغفل القضاء بمحو وإعدام الصور المتحصلة من الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة بالتقاط صور للمجني عليها ، إعمالاً للمقرر بنص تلك المادة من قانون العقوبات والتي جرى نصها على أنه : (يحكم في جميع الأحوال بمحو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة أو إعدامها) ، مما لا يجوز لهذه المحكمة من تلقاء نفسها التصدي لتصحيحه طبقاً للمادة ٣٥ فقرة ثانية من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ - إلا أن يكون ذلك لمصلحة المتهم - الأمر المنتفي في هذه الدعوى ، إلا أنه لما كان محو تلك الصور المسجلة وإعدامها أمر يقتضيه المحافظة على النظام والآداب العامة للمجتمع ، فإنه من المتعين أن يصدر أمراً إدارياً بذلك كتدبير وقائي وجوبي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة رفعاً للضرر ودرأً للخطر .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
- قام بسبّ المجني عليها / .... علناً على مواقع التواصل الاجتماعي على وجه خادشاً لسمعتها طاعناً في شرفها على النحو المبين بالأوراق .
- أزعج عمداً المجني عليها بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات على النحو المبين بالأوراق .
- اعتدى على القيم والمبادئ الأسرية في المجتمع المصري وانتهاك حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها / .... بأن قام باستخدام البريد الإلكتروني الخاص به على الفيس بوك باسم .... ونشر صور لها تنتهك خصوصيتها على النحو المبين بالأوراق .
وأحالته لمحكمة .... الاقتصادية - دائرة الجنح - وطلبت عقابه بالمواد ١٦٦ مكرراً ، ۱۷۱ ، ٣٠٦ ، ٣٠٨ من قانون العقوبات ، والمواد ۱ ، ۷۰ ، 76 /2 من القانون رقم ١٠ لسنة ۲۰۰۳ بشأن تنظيم الاتصالات ، والمواد ۱ ، ۱۱ ، ۱۲ ، 25 من القانون رقم ١٧٥ لسنة 2018 .
والمحكمة المذكورة قضت غيابياً بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة قدرها مبلغ خمسة آلاف جنيه وغرامة قدرها مبلغ خمسين ألف جنيه وألزمته بالمصاريف .
فعارض المحكوم عليه وقضت محكمة جنح .... الاقتصادية بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المعارض فيه وألزمته بالمصاريف .
فاستأنف المحكوم عليه وقيد استئنافه برقم .... جنح مستأنف اقتصادية .... ، وقضت محكمة .... الاقتصادية - بهيئة استئنافية - حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 11 ، 12 ، 25 من القانون رقم 175 لسنة 2018 ، بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالاكتفاء بتغريم المتهم خمسين ألف جنيه وألزمته المصروفات الجنائية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم تعمد إزعاج ومضايقة الغير باستعمال أجهزة الاتصالات والسب العلني وانتهاك حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها بنشر صور لها على شبكة التواصل الاجتماعي تنتهك خصوصيتها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن دانه رغم انتفاء القصد الجنائي لديه بدلالة المستندات المقدمة منه ، وعول على أقوال المجني عليها وتحريات الشرطة رغم تناقضها ، واستند في قضائه بالإدانة لتحريات الشرطة رغم تناقضها والدليل الفني المقدم منه ومفاده عدم امتلاكه لخط التليفون المستخدم بالواقعة ، وأخيراً التفت عن دفعه القائم على انتفاء صلته بالواقعة ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي لما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان القصد الذي يتطلبه الشارع في جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة المنسوبة إلى الطاعن والمُعاقب عليها بنص المادة 25 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن تقنية المعلومات هو القصد العام الذي يتحقق بمجرد ارتكاب الفعل المادي ، وتستوي البواعث التي دفعت المتهم إلى فعله ، وأن مجرد انتهاك حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها بنشر صورها على مواقع التواصل الاجتماعي دون رضائها وبما يَنتهك خصوصيتها يُفترض فيه القصد إذا ما توافر عنصراه العلم والإرادة ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادي لجريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة بغير رضاء المجني عليها بما مفاده قيام الطاعن بسبها ونشر صور تنتهك خصوصيتها بشبكة التواصل الاجتماعي ، وتساند في قضائه إلى أدلة منتجة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها وهي جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها عن طريق شبكة التواصل الاجتماعي ، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن باقي الجرائم الأخرى ما دامت المحكمة دانته بالجريمة الأشد وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة ٣٢ من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض أقوال الشاهد والتحريات - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة منها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - وكان الحكم قد أورد من أقوال المجني عليها وتحريات الشرطة ما تساند إليه منها بما لا شبهة لأي تناقض وأفصح عن اطمئنانه إليها ولكفايتها كدليل في الدعوى ولصحة تصوير للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود والتحريات مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على المواءمة والتوفيق ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن ما حصله من أقوال المجني عليها والتحريات لا يتناقض مع ما نقله من التقرير الفني بل يتلاءم معه ، فإن دعوى التناقض بين الدليلين القولي والفني تكون لا محل لها ، فضلاً عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثير شيئاً بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني ، ومن ثم فلا محل لإثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن انتفاء صلته بالواقعة والخط المستخدم في ارتكابها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ولا يفوت المحكمة هنا أن تنوه إلى أنه من المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المنطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها ، كما أن ذلك حسبه لتحقيق مراد الشارع في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من الإشارة إلى نص القانون الذي حكم بموجبه ، وكانت الواقعة على الصورة التي اعتنقها الحكم المطعون فيه تشكل جرائم تعمد إزعاج ومضايقة الغير باستعمال أجهزة الاتصالات والسب وانتهاك حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها بنشر صور لها على شبكة التواصل الاجتماعي تنتهك خصوصيتها المؤثمة بموجب نصوص المواد 166 مكرراً ، 171 ، 306 ، 308 من قانون العقوبات ، والمواد 1 ، 70 ، 76/2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات ، والمواد 1 ، 11 ، 12 ، 25 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن تقنية المعلومات ، فإن خطأ الحكم بإغفاله ذكر نص المادة 309 مكرراً فقرة (ب) من قانون العقوبات لا يعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم المطعون فيه وذلك بإضافة تلك المادة ضمن مواد العقاب عملاً بالمادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد . لما كان ذلك ، وكان مما يصدق عليه هذا النظر عقوبة محو التسجيلات المنصوص عليها في المادة 309 مكرراً فقرة (ب) من قانون العقوبات ، وكان الحكم المطعون فيه قد أخطأ حين أغفل القضاء بمحو وإعدام الصور المتحصلة من الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة بالتقاط صور للمجني عليها ، إعمالاً للمقرر بنص تلك المادة من قانون العقوبات والتي جرى نصها على أنه : ( يحكم في جميع الأحوال بمحو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة أو إعدامها ) ، مما لا يجوز لهذه المحكمة من تلقاء نفسها التصدي لتصحيحه طبقاً للمادة ٣٥ فقرة ثانية من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ - إلا أن يكون ذلك لمصلحة المتهم – الأمر المنتفي في هذه الدعوى ، إلا أنه لما كان محو تلك الصور المسجلة وإعدامها أمر يقتضيه المحافظة على النظام والآداب العامة للمجتمع ، فإنه من المتعين أن يصدر أمراً إدارياً بذلك كتدبير وقائي وجوبي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة رفعاً للضرر ودرأً للخطر . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق