عودة إلى صفحة : اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ
تنازع القوانين
من حيث المكان
نظرة
عامة :
لا
يتضمن التقنين المدني المصري نصوصا تنظم تنازع القوانين من حيث المكان إذا استثنيت
القواعد الواردة في المواد 54 و55 و130 / 77 و78 و190 الخاصة ببيان القانون الواجب
تطبيقه في مسائل المواريث والوصايا والأهلية والمادتان 13 و14 من القانون المدني المختلط
الخاصتان بولاية المحاكم من الناحية الدولية . وليس يكفي في تعويض التشريع المصري عن
هذا القصور ورود المادة 407 / 468 من تقنين المرافعات في شأن تنفيذ الأحكام الأجنبية
والمادة 3 من قانون المجالس الحسبية لبيان ولاية هذه المجالس بالنسبة إلى الأجانب والمواد
من 27 إلى 32 من لائحة التنظيم القضائي للمحاكم المختلطة لتقرير أحكام جزئية في مسائل
معينة من مسائل التنازع ما بين القوانين وبعض قواعد في معاهدات خاصة كالمعاهدة المصرية
التركية أو المعاهدة المعقودة بين مصر وايران .
ولذلك
رؤي أن يشتمل المشروع على تنظيم مفصل لتنازع القوانين من حيث المكان يتناول هذا التنازع
في صورتيه الجامعتين ، التنازع الدولي من حيث الاختصاص القضائي والتنازع الدولي من
حيث الاختصاص التشريعي وكان قد افرد في المشروع فضلا عن ذلك قسم للتنازع الداخلي فيما
بين قوانين الأحوال الشخصية شغلته المادة 58 إلا انه رؤي أن هذا التنازع لا يتصل بسلطان
القانون في المكان ولا ينبغي أن يعالج في القانون المدني كما رؤي أن أحكام هذه المادة
تجانب إلى حد بعيد القواعد المقررة في القانون الوضعي المصري وفي مشروعات القوانين
الخاصة بالقضاء الطائفي .
وإزاء
ذلك استقر الرأي على حذف المادة 58 من المشروع ولا سيما أن من هذه المشروعات ما قدم
للبرلمان واوشك أن يكون تشريعا نافذا . ([1])
مناقشات
لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ :
محضر
الجلسة الستين
تساءل
سعادة توفيق دوس باشا عما إذا كانت القواعد الخاصة بتنازع القوانين في المكان تسري
على التنازع الداخلي ما بين القوانين فأجاب الدكتور بغدادي مندوب الحكومة أن هذه
القواعد قاصرة على التنازع الذي تطبق في شأنه قواعد القانون الدولي الخاص أو على
دائرة الروابط التي تنطوي على عنصر أجنبي أما التنازع الداخلي فيما بين القوانين
المصرية فلا شأن للقواعد المتقدم ذكرها به ولا أدل على ذلك من أن المذكرة
الإيضاحية لمشروع القانون تضمنت العبارة الآتية :
» رأى واضعو المشروع أن يغفلوا الشق الخاص
بالتنازع الداخلي فيما بين قوانين الأحوال الشخصية ويسقطوه من هذا الفرع « .
ويتصل
بهذا التساؤل اقتراح سعادته أيضا عن المقصود من اصطلاح قانون الزوج ، أو « قانون
الأب« ، وقد أجاب على ذلك حضرة مندوب الحكومة الدكتور
بغدادي أن العرف التشريعي قد استقر على أن أمثال هذه العبارات يقصد بها قانون الجنسية
التي ينتمى إليها الزوج أو الأب ولعل صيغة المادة 11 من المشروع لا تدع مجالاً لأي
شك في حقيقة هذا المعنى المقصود إذ تنص على أن الحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم
يسري عليها قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم ، فهي بهذا الوضع تضع القاعدة
العامة في مسائل الأحوال الشخصية وما ورد بعد ذلك من نصوص لا يعدو أن يكون مجرد
تفصيل أو تحديد .
قرار
اللجنة :
الموافقة
على هذا التفسير وتعديل الفقرة الثانية من المادة ١٣ باستبدال عبارة » قانون الدولة التي ينتمى إليها الزوج « بعبارة » قانون الزوج « توخيا لتوحيد التعبير الوارد في فقرتي
المادة دون قصد إلى المساس بالمقصود من عبارة » قانون الشخص « عند الإطلاق فهي تنصرف دائما إلى قانون
الجنسية دون قانون الموطن أو الدين .
محضر
الجلسة الحادية والستين
يرى
حضرات مستشاري محكمة النقض والإبرام أن يُضاف إلى أحكام تنازع القوانين من حيث المكان
النص الآتي : « يسري على الهبات قانون بلد الواهب وقت الهبة » وسندهم في ذلك أن
هذا النص كان وارداً في المشروع الأصلي ولا يؤدي إهماله في المشروع المعروض على
البرلمان إلى عدم الأخذ بحكمه ، لأنه مقرر الحكم من أحكام تنازع القوانين التي يلتزم
القاضي تطبيقها ولو لم ينص عليها ولأن منحى الشارع المصري كان دائماً اعتبار الهبة
من الأحوال الشخصية كما هو واضح من وثائق مونترو (فقرة ۱۰ م ۲۹ لائحة تنظيم
والمادة ١٦ من لائحة ترتيب المحاكم الوطنية) .
وقد
رد مندوب الحكومة أن التشريعات التي تجعل الهبة من الأحوال الشخصية في تطبيق قواعد
القانون الدولي الخاص كالقانون الإيطالي تصدر في ذلك عما يوجد من صلة بين التبرعات
وبين قواعد الميراث بصفة خاصة على الوجه المعروف في بعض القوانين الغربية وترتب
على ذلك أن الالتزام بالرد في الهبة يخضع لقانون الميراث . والميراث يخضع لقانون
المورث وقت الوفاة في حين أن الهبة تخضع وفقاً للاقتراح لقانون الواهب وقت الهبة .
وقد يختلف القانونان فيها لو مات الواهب بعد أن انتسب إلى جنسية أخرى . ولما كان
المفهوم من عموم عبارة المادة ٢٠ من المشروع أن الميراث يخضع لقانون المورث وقت
موته وكان المفهوم كذلك أن هذا القانون يُطبق على المسائل المتعلقة بتعيين الورثة
وأسباب المنع والحجب والحرمان و نصيب كل وارث ونصاب الإيصاء والتزام الموهوب له
بالرد على التركة ، وغير ذلك من المسائل التي تصل ما بين التبرعات والمواريث وفقاً
لما تواضع عليه الرأي في تفسير هذا النص (انظر مثلا المادة 1 من اتفاقية لاهاي المعقودة
سنة ۱۹۲۸) ، لذلك رأى المشرع من الأنسب إغفال النص المقترح ، وبهذا تظل الهبة في
حدود صلتها بالميراث خاضعة لقانون التركة وتطبق عليها فيما خرج عن هذه الحدود
قواعد الإسناد المقررة في النصوص الأخرى ومبادئ القانون الدولي الخاص وفقاً لنص المادة
٢٧ من المشروع .
وقد
اقتنعت اللجنة بهذا الرد إلا أن معالي حلمي باشا يرى الأخذ بالنص المقترح لأن
النصوص الخاصة بتنازع القوانين من حيث المكان ستطبق على الأجانب خصوصاً وأن وجود
شريعة تربط بين الهبة والميراث وتجعلها من الأحوال الشخصية لا يصح أن يكون مانعاً
من الأخذ بالاقتراح .
قرار اللجنة :
قررت
اللجنة عدم الأخذ بالاقتراح للأسباب التي أبداها مندوب الحكومة .
ملحق تقرير لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ :
تساءل
بعض حضرات الشيوخ المحترمين عما إذا كانت القواعد الخاصة بتنازع القوانين في
المكان تسري على التنازع الداخلي ما بين القوانين - فذكر مندوب الحكومة أن هذه
القواعد قاصرة على التنازع الذي تطبق في شأنه قواعد القانون الدولي الخاص أو على
دائرة الروابط التي تنطوي على عنصر أجنبي ، أما التنازع الداخلي فيما بين القوانين
المصرية فلا شأن للقواعد المتقدم ذكرها به ، ولا أدل على ذلك من أن المذكرة
الإيضاحية التي رافقت مشروع القانون وطبعت مع تقرير اللجنة تضمنت في الحاشية رقم 1
من ص ٣٣ من هذا التقرير العبارة الآتية : «رأى واضعو المشروع أن يغفلوا الشق الخاص
بالتنازع الداخلي فيما بين قوانين الأحوال الشخصية ويسقطوه من هذا الفرع وبذلك
تحذف المادة ٥٨ من المشروع لأن هذه المادة لا تصلح لعلاج هذا التنازع فضلا عن أن
نظام الطوائف غير الإسلامية ظل محلاً لتشريعات وقواعد خاصة » . وقد أقرت اللجنة
هذا الإيضاح ورأت إيراده في تقريرها دفعاً لكل شبهة .
ويتصل
بهذا التساؤل بعض اقتراحات خاصة بإيضاح المقصود من اصطلاح «قانون الزوج » أو «
قانون الأب » ، وقد استقر العرف التشريعي على أن أمثال هذه العبارات يقصد بها
قانون الجنسية التي ينتمي إليها الزوج أو الأب وهلم جرا . ولعل صيغة المادة ١١ لا
تدع مجالاً لأي شك في حقيقة هذا المعنى المقصود إذ تنص على أن الحالة المدنية
للأشخاص وأهليتهم يسري عليها قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم ، فهي بهذا
تضع القاعدة العامة في مسائل الأحوال الشخصية وما ورد بعد ذلك من النصوص لا يعدو
أن يكون مجرد تفصيل أو تحديد ، على أن اللجنة رأت أن تخص بالإيضاح الفقرة الثانية
من المادة ۱۳ فاستبدلت فيها عبارة « قانون الدولة التي ينتمى إليها الزوج » بعبارة
« قانون الزوج » توخياً لتوحيد التعبير الوارد في فقرت هذه المادة دون أن تقصد من
ذلك إلى المساس بالمقصود من عبارة « قانون الشخص ، عند الإطلاق فهي تنصرف دائماً
إلى قانون الجنسية دون قانون الموطن أو الدين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق