الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 14 ديسمبر 2023

الطعن 2000 لسنة 6 ق جلسة 31 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 57 ص 566

جلسة 31 من يناير سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعبد الفتاح بيومي نصار وحسنين رفعت حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

---------------

(57)

القضية رقم 2000 لسنة 6 القضائية

اختصاص 

- اختصاص القضاء الإداري بإيقاف الخصم من راتب الموظف ولو كان الخصم استيفاء لدين عليه - اعتبار الدعوى منازعة في راتب.

-------------
إن اختصاص القضاء الإداري بنظر المنازعات الخاصة بالمرتبات منصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 الخاص بتنظيم مجلس الدولة, وهو اختصاص مطلق شامل لأصل تلك المنازعات لجميع مشاكلها وبهذه المثابة تنظر المحكمة في حدود اختصاصها الكامل ما يكون قد صدر بشأن تلك المرتبات من قرارات أو إجراءات وذلك باعتبارها من العناصر التي تثير المنازعة حول استحقاق هذا المرتب كاملاً خلال فترة معينة, ومن ثم فإذا استقطعت الإدارة جزء من راتب المدعي استيفاء لدين عليه فإن هذا الاستقطاع في ذاته هو مثار المنازعة في الراتب فتختص المحكمة بنظره بمقتضى اختصاصها الكامل.


إجراءات الطعن

في يوم السبت 16/ 7/ 1960 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية بجلسة 16/ 5/ 1960 في الدعوى رقم 321 لسنة 7 القضائية المرفوعة من السيد/ محمد كمال عبد الحميد ضد وزارة الصحة العمومية القاضي بإيقاف خصم مبلغ 52.030 جنيه من راتب المدعي ورد ما سبق خصمه منه وألزمت المدعى عليها بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة "وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى ورفضها مع إلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وقد أعلن الطعن إلى المدعي في 4/ 2/ 1961, وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 20/ 4/ 1963, وأخطرت الحكومة والمدعي في 14/ 3/ 1963 بميعاد هذه الجلسة, وفيها قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 17/ 5/ 1964 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من ملاحظات ذوي الشأن كلفت هيئة مفوضي الدولة تقديم تقرير تكميلي بالنسبة لموضوع الاختصاص مع بيان مدى مسئولية المدعي المدنية عن العجز الحاصل في كمية الأخشاب الموجودة بالمخزن وإذ استوفيت الدعوى على النحو الثابت تفصيلاً بمحاضر الجلسات فقد قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم بإيقاف خصم مبلغ 52.030 جنيه من راتبه ورد ما سبق خصمه منه. وقال في بيان ذلك إنه كان يعمل بوظيفة كاتب بورشة قسم الثقافة الصحية بالحوض المرصود، وتسلم أخشاب من المخازن كانت مخصصة لعمل سيارة لعرضها في مهرجان الجلاء يوم 18 يونيه سنة 1956، وقد قام بإجازة اعتيادية لمدة ثمانية أيام أثناء تشغيل السيارة، وعندما عاد من الإجازة في 7/ 7/ 1956 فوجئ بوجود نقص في الخشب الأبلكاش السابق وروده للورشة, فأبلغ الأمر للرياسة بمصلحة الصحة الاجتماعية ولقسم بوليس السيدة زينب, وأجري تحقيق بمعرفة البوليس أثبت عدم صلاحية الحجرة التي كان بها الخشب لحفظ العهدة لأنها غير مسقوفة ولا يزيد ارتفاع جدرانها عن 2.5 متراً مما يسهل لأي إنسان الدخول إليها والسرقة منها، كما قامت لجنة الفحص المشكلة بمعرفة الوزارة بالتحقيق الإداري وثبت لديها أن المهندس محمد جلال الدين صدقي المدير المساعد لمكافحة البلهارسيا الذي كان مكلفاً بالإشراف على تجهيز السيارة اعترف كتابة بأن الأخشاب المذكورة استعملت في الغرض المصلحي الذي صرفت من أجله. غير أن النيابة الإدارية رغم ذلك رأت إدانة المدعي باعتبار أنه أهمل في المحافظة على الأخشاب ومن ثم قررت المصلحة خصم ثمنها من مرتبه.
وأجابت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي أبلغ قسم الثقافة الصحية وبوليس السيدة زينب في 7/ 7/ 1956 عن فقد 37 لوح خشب أبلكاش من أخشاب الوزارة المخصصة لإعداد السيارة التي عرضت في مهرجان أعياد التحرير، ونظراً لأن التحقيقات لم تنته إلى تحديد المسئول فقد أخطرت النيابة الإدارية، فانتهت في تحقيقها إلى مسئولية المدعي عن فقد 43 لوح خشب قدر ثمنها بمبلغ 52.030 جنيه فتظلم المدعي من قرار النيابة الإدارية مستنداً إلى الشهادة الإدارية التي أصدرها المهندس محمد جلال صدقي بتاريخ 15/ 1/ 1958 الثابت بها أن الأخشاب موضوع العجز قد استهلكت في إعمال السيارة وبإعادة الموضوع للنيابة الإدارية رأت أن المهندس المذكور لم يكن مشرفاً فعلياً على إعداد السيارة لأن هذا العمل كان عملاً إضافياً إلى عمله الأصلي وأن السرقة حدثت قبل يوم التبليغ عنها في 6/ 7/ 1956. وبالتالي يكون المدعى مسئولاً عن العجز المشار إليه. وأضافت الوزارة أن المدعي قام بتسليم 450 كيلو خشب أبلكاش كسر لورشة سيارات الأوبئة بمستشفى الحميات بالعباسية، وكذلك 100 كيلو أخرى لورشة المتحف الصحي بالحوض المرصود بخلاف أخشاب أخرى متخلفة من سيارات المهرجان كما جاء بمحضر اللجنة الفنية وطلب اعتبار هذه الأخشاب في مقابل العجز المنوه عنه.
وبجلسة 16 من مايو سنة 1960 قضت المحكمة بإيقاف خصم مبلغ 52 جنيه و30 مليم من راتب المدعي ورد ما سبق خصمه منه وألزمت المدعى عليها بالمصروفات. ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت المحكمة قضاءها على أن التكييف القانوني الصحيح للدعوى أنها منازعة في راتب ومن ثم لا يتقيد المدعي في رفعها بميعاد الستين يوماً المقررة للطعن بالإلغاء في القرارات الإدارية وبالتالي تكون الدعوى مقبولة شكلاً وفي الموضوع ذكرت أن اللجنة التي تولت التحقيق أشارت إلى أنه نظراً لكبر حجم الأخشاب المبلغ عن سرقتها تلاحظ اللجنة عدم إمكان خروجها دون الاشتباه فيمن يحملها ومعنى ذلك أن اللجنة استبعدت احتمال حدوث سرقة، وبالإضافة إلى ذلك فقد قرر المهندس الفني الذي أشرف على عمل سيارة المهرجان أن الأخشاب كلها استهلكت في السيارة، ولا يقدح في الشهادة الإدارية التي أصدرها المهندس المذكور أنه تراجع في التحقيق إزاء ما واجهه به المحقق من وجود عجز كشفت اللجنة الفنية عن وجوده فحاول هو أيضاً أن يتنصل من المسئولية ويلقيها على المدعي بوصفه أمين مخزن معتذراً بأن كمية الخشب كانت كبيرة وأنه لم تكن هناك أية فكرة في التلاعب بالأخشاب، ولا اعتداد بهذه الأقوال طالما أن العجز الذي قررت اللجنة الفنية وجوده قدمه المدعي للجنة في 28/ 1/ 1957 وسلمه كخشب كسر تخلف عن عملية إعداد السيارة في المهرجان، وبذلك يكون الثابت بهذه الشهادة الإدارية يتفق مع الحقيقة والواقع كما أوضحت المصلحة (قسم مكافحة البلهارسيا) بكتابها رقم 2080 المؤرخ 9/ 5/ 1959 الموجه إلى مدير قسم الثقافة الصحية من أنه ليس هناك عجز في كمية الأخشاب الموجودة بالمخازن. وبهذه المثابة يكون الثابت من الأوراق أنه ليس هناك عجز في الأخشاب يستوجب مسئولية المدعي عنه، ومتى انتفى السبب الذي استند إليه قرار الخصم محل الدعوى فإنه يكون من المتعين إيقاف خصم المبلغ المذكور ورد ما سبق خصمه من مرتب المدعي.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المحكمة الإدارية قضت بقبول الدعوى استناداً إلى أن المنازعة هي منازعة في راتب في حين أن المدعي لم يتعرض في دعواه إلى الخصم كإجراء بل تناول النزاع موضوع المسئولية عن ضياع تلك الأخشاب برغم أن هذا الضياع لم يتسبب فيه وبالتالي فإن المنازعة موضوعها مسئولية مدنية بوصف المدعي أمين مخزن فقدت عهدته ولا تختص المحاكم الإدارية بالنظر في أمر هذه المسئولية ووجودها من عدمه بل ورد اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره بالفصل في المسائل الواردة في المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 على سبيل الحصر، ولم ترد هذه المنازعة ضمن المسائل المختص بالفصل فيها وإنما هي من اختصاص المحكمة المدنية. وإذ أجاز القانون رقم 324 لسنة 1956 الخصم من الراتب لاقتضاء المبالغ المطلوبة للحكومة بسبب أعمال الوظيفة، ولما كانت المبالغ المتنازع عليها قد خصمت نتيجة إهمال المدعي بسبب يتعلق بأداء وظيفته فإن الخصم يكون قد صدر صحيحاً واستوفى أوضاعه الشكلية خاصة والمدعي لم ينازع في الخصم لذاته بل في الأسباب التي أدت إليه وفي هذا النطاق يتحدد اختصاص القضاء الإداري بالمنازعة في المرتبات دون التعرض لأساس المسئولية - ومن ثم فقد كان الواجب الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أصاب الحق في قضائه للأسباب التي قام عليها والتي تأخذ بها هذه الهيئة, وتضيف إليها فيما يتعلق بما تدفع به الجهة الإدارية من عدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى, ما سبق أن قضت به هذه الهيئة في هذا الشأن من أن اختصاص القضاء الإداري بنظر المنازعات الخاصة بالمرتبات منصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 الخاص بتنظيم مجلس الدولة, وهو اختصاص مطلق شامل لأصل تلك المنازعات ولجميع مشاكلها وبهذه المثابة تنظر المحكمة في حدود اختصاصها الكامل ما يكون قد صدر بشأن تلك المرتبات من قرارات أو إجراءات وذلك باعتبارها من العناصر التي تثير المنازعة حول استحقاق هذا المرتب كاملاً خلال فترة معينة, ومن ثم فإذا استقطعت الإدارة جزء من راتب المدعي استيفاء لدين عليه فإن هذا الاستقطاع في ذاته هو مثار المنازعة في الراتب فتختص المحكمة بنظره بمقتضى اختصاصها الكامل. وفي الموضوع فإن الحكم المطعون فيه وإن كان قد نفى وجود عجز في العهدة على الوجه المتقدم إلا أنه على فرض وجوده فإن ذلك لا يعني حتماً مسئولية المدعي عن تعويض الضرر, إذ يشترط لتوافر أركان المسئولية المدنية في شأنه وجود رابطة السببية بين الخطأ والضرر بأن يكون الخطأ هو الذي تسبب مباشرة في وقوع الضرر المستوجب للتعويض, وإذ كان الإهمال الذي تنسبه الجهة الإدارية للمدعي ينحصر في أنه لم يحافظ على عهدته بوضعها في مكان أمين, وتسليمه مفاتيح المخزن إلى أشخاص غير متضامنين معه في العهدة, وعدم وجود مستندات تدل على صرف أخشاب المهرجان من مخزن المتحف, فإن هذا الإهمال على هذه الصورة لا يعد سبباً مباشراً لما تدعيه من عجز في الأخشاب المشار إليها طالما أنه يتضح من توصيات لجنة التحقيق الداخلية التي تبنتها النيابة الإدارية ذاتها في التقرير الذي تقدمت به عن نتيجة تحقيقها أن بعض الحجرات التي تستعمل كمخازن ليس لها أسقف وأن جدار مبنى المتحف التي تفصل هذه الحجرات من عنابر المرضى غير متكامل مما يسهل معه سرقتها كما أن جميع أبواب المبنى غير مزودة بكوالين وأقفال ييل, فضلاً عن عدم وجود بوابين وخفير ليلي للمبنى, كما أن إعداد سيارة المهرجان من الأخشاب التي وقع فيها العجز تم في غيبة المدعي وهو بالإجازة, وكلها أمور تشعر بأن ذلك العجز على فرض قيامه إنما تسببت فيه عيوب المرفق ذاته ولم ينجم عن خطأ المدعي.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن غير قائم على أساس سليم من الواقع أو القانون ومن ثم فإنه يتعين رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق