جلسة 31 من يناير 1965
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعلي محسن مصطفى وعبد الفتاح بيومي نصار ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.
------------
(58)
القضية رقم 1245 لسنة 7 القضائية
موظف - ترقية - تخط
- تقرير سنوي سري بدرجة ضعيف - التخطي المترتب عليه يكون في السنة التي قدم فيها ذلك التقرير - من المتعين التزام حدود نص المادة 31 من قانون موظفي الدولة وعدم مجاوزته بالنسبة لنطاقه الزمني أو التوسع في تفسيره.
إجراءات الطعن
بتاريخ 28/ 5/ 1961 - بعد عطلة عيد الأضحى مباشرة - أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 27/ 3/ 1961 في الدعوى رقم 194 لسنة 8 القضائية المرفوعة من السيد/ محمد علي أبو شال ضد مصلحة الضرائب القاضي "بإلغاء القرار الصادر من وزير الخزانة التنفيذي في 26/ 1/ 1960 فيما تضمنه من تخطى المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية, وما يترتب على ذلك من آثار, واستحقاق المدعي لتلك الدرجة اعتباراً من تاريخ نفاذ القرار المطعون فيه وصرف الفروق المالية المستحقة وألزمت الحكومة بالمصروفات عدا مقابل أتعاب المحاماة. وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وقد أعلن الطعن للمدعي في 29/ 6/ 1961, وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 23/ 3/ 1963, وأخطرت الحكومة والمدعي في 29/ 1/ 1963 بميعاد هذه الجلسة. ثم قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 13/ 12/ 1964 وفيها قررت المحكمة بعد ما سمعت ما رأت لزوماً لسماعه من ملاحظات ذوي الشأن على الوجه الموضح بالمحضر إصدار الحكم بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام دعواه - بطريق المعافاة - طالباً إلغاء القرار الصادر في 26/ 1/ 1960، من وزير الخزانة التنفيذي بتخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة لحصوله على تقرير بدرجة ضعيف عن عام 1958 طبقاً لأحكام الفقرة الثانية من المادة 31 من قانون موظفي الدولة. وقال في بيان ذلك إن القرار المطعون فيه صدر مخالفاً للقانون لأن التقرير لسنة 6 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة ولأن الفقرة الثانية من المادة 31 من قانون الموظفين تمنع ترقية الموظف المقدم عنه تقرير بدرجة ضعيف خلال العام الذي قدم فيه التقرير، وهذا العام ينتهي بانتهاء شهر ديسمبر من نفس السنة، وما دام أن أثر هذا التقرير ينتهي في ذلك الميعاد أي قبل صدور قرار الترقية فما كان يجوز إعمال أثره بالنسبة للمدعي وتخطيه في الحركة المطعون فيها.
وأجابت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي حاصل على درجة ضعيف في التقرير السنوي عن عام 1958، وطعن فيه المدعي بالدعوى رقم 519 لسنة 6 القضائية فقضت المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة في 19/ 11/ 1960 برفض الطعن وبالتطبيق للمادة 31 من قانون موظفي الدولة يترتب على تقديم تقرير عن الموظف بدرجة ضعيف تخطيه في الترقية في السنة التي قدم فيها التقرير وهذه السنة تبدأ من أول مارس وتنتهي في شهر فبراير التالي، ولذلك فإن المصلحة تخطت المدعي في الترقية المطعون فيها باعتبار أنها قد تمت في شهر يناير أي في خلال السنة المشار إليها، وطلبت رفض الدعوى.
وبجلسة 27/ 3/ 1961 قضت المحكمة بإلغاء القرار الصادر من وزير الخزانة التنفيذي في 26/ 1/ 1960 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية, وما يترتب على ذلك من آثار واستحقاق المدعي لتلك الدرجة اعتباراً من تاريخ نفاذ القرار المطعون فيه وصرف الفروق المالية المستحقة وألزمت الحكومة بالمصروفات عدا مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت المحكمة قضاءها على أن قانون الموظفين في المادة 31 رتب على تقديم تقرير سري عن الموظف بدرجة ضعيف حرمانه من أول علاوة اعتيادية وتخطيه في الترقية في السنة التي قدم فيها ذلك التقرير، وهذا التخطي وذلك الحرمان هو بمثابة العقوبة التي توقع على الموظف الذي ثبت ضعفه في القيام بأعباء وظيفته ومن ثم فإن نقطة الفصل في الدعوى تتوقف على بيان حدود السنة التي يتم فيها ذلك التخطي. وإذ كانت السنة التي نصت عليها المادة المشار إليها لا تعدو أن تكون سنة ميلادية أخذاً بالأصل من أن حساب المدد يكون بالتقويم الميلادي ما لم ينص في القانون على خلاف ذلك، وفضلاً عن ذلك فإن الدلائل من قانون الموظفين ذاته تقطع بأنها ميلادية حيث إن الإشارة إلى تحديد تقديم التقارير السنوية التي نصت عليها المادة 31 المذكورة في شهر فبراير من كل عام دلالة على أن تلك السنة هي سنة ميلادية، كما أن النص في المادة 103 على مدد التأجيل التي يتخطى فيها الموظف الذي وقعت عليه عقوبة من العقوبات التأديبية هي جزء من سنة أو سنة فأكثر من سنة تقويمية لا مالية ولا غيرها، كل ذلك باعتبار أن التخطي في الترقية هو نوع من أنواع تأجيلها عن موعد استحقاقها، وقد نص القانون على عدم جواز الترقيات بأي حال قبل انقضاء المدد المقررة للترقية في جدول الدرجات المرافق بقانون الموظفين وبين في هذا الجدول مدداً متفاوتة بالنسبة للدرجات المختلفة، وغني عن البيان أنها معتبرة جميعاً سنوات ميلادية. وترتيباً على ذلك يكون المقصود بالسنة المنصوص عليها في المادة 31 هي السنة الميلادية التي قدم فيها التقرير، أي من أول يناير لغاية آخر ديسمبر، ولا يجوز الخروج على هذا المدلول ارتكاناً على ما ورد في المادة 30 من أن وضع التقارير يتم في شهر فبراير طالما أن التقرير السنوي السري للموظف لا يوضع بالمعنى القانوني في شهر فبراير، ذلك أنه بعد إعداده في هذا الشهر يمر بمراحل مختلفة حتى ينتهي بلجنة شئون الموظفين وقرار هذه اللجنة في شأنه هو وحده الذي يحدد التقدير النهائي لدرجة كفاية الموظف فإذا جاز في الفرض أنها سنة خاصة من تاريخ صدور التقرير لوجب أن يتم حسابها بالنسبة إلى كل موظف من تاريخ صدور قرار لجنة شئون الموظفين المحدد لدرجة كفايته وهذا التاريخ الخاص بلجنة شئون الموظفين غير محدد في القانون - وعلاوة على ما تقدم فإن الشارع لم يقصد في المادة المذكورة إلى تحديد فترة تأجيل الترقية بسنة كاملة تمضي من تاريخ تقدير كفاية الموظف بدرجة ضعيف بل كل ما اقتضاه أن يقع التخطي فقط في السنة التي وضع فيها التقرير - وبهذه المثابة فإن المدعي وقد قدرت كفايته في التقرير الخاص بعام 1958 بدرجة ضعيف، فإن الفترة التي حددها الشارع لتخطيه في الترقية وجوباً بسبب هذا التقرير تنتهي بانتهاء السنة الميلادية في 31/ 12/ 1959 - وإذ كان الثابت أن مدير عام مصلحة الضرائب أصدر القرار المطعون فيه بتاريخ 6/ 2/ 1960 وقد أشير في ديباجته إلى اعتماد وزير الخزانة التنفيذي في 26/ 1/ 1960 لمحضر لجنة شئون الموظفين المنعقدة بتاريخ 24/ 1/ 1960. بشأن الترقيات الواردة بتقرير المصلحة عن السنة المالية 1959/ 1960 والدرجات الخالية بها، ومن بين ما تضمنه هذا القرار استبعاد المدعي وترتيبه الخامس في أقدمية موظفي الدرجة السابعة الكتابية للترقية إلى الدرجة السادسة بالأقدمية لحصوله على درجة ضعيف في التقرير السري عن عام 1958، فإنه تأسيساً على ما سبق بيانه بالنسبة لتحديد مدلول السنة التي تنص عليها المادة 31 يتعين الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية بالأقدمية المطلقة وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن التقرير السنوي السري عن الموظفين كقرار إداري ينشئ للموظف مركزاً قانونياً، وقد رتب عليه المشرع آثار قانونية بعيدة المدى في مركز الموظف سواء من حيث العلاوات أو الترقيات أو صلته بالوظيفة العامة وأوجب المشرع أن تمر هذه التقارير بالمراحل التي نص عليها ويتخذ التقرير السري شكله القانوني بإقرار لجنة شئون الموظفين له، وهذا التقرير السري ينتج آثاره القانونية لحين وضع التقرير التالي عن السنة التالية. وأما ما انتهت إليه المحكمة الإدارية بحكمها المطعون فيه من أن أثر التقرير ينتهي بانتهاء السنة الميلادية، فهو قول يؤدي إلى نتيجة غير مقبولة وهي وجود فترة من السنة التالية التي تبدأ من أول يناير ولحين الانتهاء من وضع التقارير لا يكون فيها تحت بصر جهة الإدارة تقارير سرية يمكن الاعتماد عليها عند إجراء حركة الترقيات في تلك الفترة، فضلاً عن أن اتجاه الشارع واضح في الاعتداد بالتقارير السنوية لحين الانتهاء من وضع التقرير التالي من النص الذي أورده في المادة 2 من القانون رقم 579 لسنة 1953 بأن تحدد درجة كفاية الموظف في الترقي خلال العام الأول اعتباراً من أول مارس سنة 1954 طبقاً للتقدير السنوي الأول المقدم عنه وفقاً للنظام المقرر لهذا القانون، وقد أفصحت المذكرة الإيضاحية في شرحها لهذا النص أنه لما كانت درجات الكفاية حسب النظام الجديد بالأرقام الحسابية لن يعمل بها إلا في التقارير التي ستعد في فبراير سنة 1954 فإن التقارير السنوية الحالية يظل العمل بها وبنظامها الحالي حتى آخر فبراير سنة 1954.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أصاب الحق في قضائه للأسباب التي استند عليها والتي تأخذ بها هذه الهيئة. وتضيف إليها أن نص المادة 31 من قانون موظفي الدولة صريح في عبارته من أن التخطي المترتب على تقدير كفاية الموظف بدرجة ضعيف إنما يكون في السنة التي قدم فيها ذلك التقرير وإذ كان هذا النص يتضمن نوعاً من الجزاء بالغ الأثر بالنسبة للموظف في حياته الوظيفية من حيث تدرجه في مدارج السلم الوظيفي فإنه - والحالة هذه - يكون من المتعين التزام حدود النص وعدم مجاوزته بالنسبة لنطاقه الزمني أو التوسع في تفسيره بحيث ينتهي أمر تطبيقه - كما يتجه الطعن, إلى إعمال أثره في عام آخر غير الذي عناه النص خاصة وأنه من المسلمات أنه لا اجتهاد في مجال صراحة النص ولا وجه بعد ذلك لما يثيره الطعن من أن هذا النظر - وهو ما اعتنقه الحكم المطعون فيه - يؤدي إلى وجود فترة لا يكون تحت نظر الإدارة فيها تقرير لكفاية الموظف وهو المدة التالية لديسمبر حتى تاريخ تقديم التقرير التالي, لا اعتداد بذلك ما دام أن الأثر المانع - وهو تخطى الموظف في الترقية إنما يجرى إعماله في نطاقه الزمني الذي حدده الشارع ورتبه على تقرير الضعف, وما دام أن تقرير الكفاية الأخير لابد من التعويل عليه بالضرورة في غير الصورة التي اختصها الشارع بهذا النص الخاص وبهذه المثابة فإن تقرير كفاية الموظف في غير حالة الضعف يظل منتجاً كافة أثاره حتى تاريخ تقديم التقرير التالي بالنسبة للموظف، وهذا الأمر يتفق مع طبائع الأشياء التي توجب الاعتداد بتقرير الكفاية الأخير حيث لا يوجد تقرير سواه تستبان منه درجة الكفاية, بل إن الشارع من ناحية أخرى قد ذهب إلى أبعد من ذلك حين اعتد بأثر تقرير الضعف في الحرمان من أول علاوة دورية طبقاً لما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن الطعن يكون قائماً على غير أساس صحيح من القانون ومن ثم يتعين رفضه مع إلزام الحكومة بالمصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق