الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 4 يوليو 2021

الطعن 9686 لسنة 79 ق جلسة 27 / 4 / 2017 مكتب فني 68 ق 85 ص 537

جلسة 27 من أبريل سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ د. سعيد فهيم خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ ممدوح القزاز، عز الدين عبد الخالق، مراد أبو موسى وأشرف أبو العز نواب رئيس المحكمة.
---------------
(85)
الطعن 9686 لسنة 79 ق
(1 - 3) التزام "تعدد طرفي الالتزام: التضامن: التضامن بين المدينين". تركة" ديون التركة".
(1) التضامن لا يفترض ولا يؤخذ فيه بالظن. وجوب رده إلى نص قانوني أو اتفاق صريح أو ضمني وبيان الحكم لذلك لسنده في المسئولية التضامنية. قعوده عن بيان سند إلزام المحكوم عليهم بالتضامن. خطأ.

(2) قضاء الحكم بإلزام المطعون ضدهم بالتضامن بمبلغ التعويض المقضي به لثبوت مسئولية مورثهم التقصيرية في حدود ما آل إليهم من تركته دون بيان سند تضامنهم. خطأ.

(3) ديون المورث. تعلقها بتركته لا ذمة ورثته. علة ذلك. مؤداه. جواز تتبع الدائنين لها وتقاضي ديونهم قبل أيلولتها للورثة منهم مجتمعين أو من أحدهم طالما آل إليه ما يكفي. عدم قابلية دين التركة للانقسام أو التجزئة بوصفه حق عيني تبعي. لا أثر له في مركز الورثة بالنسبة لدائني المورث. مؤداه. عدم اعتبارهم مدينين متضامنين قبل دائني المورث. قضاء الحكم بإلزام ورثة الطاعنين بدين مستحق على تركته بالتضامن. خطأ.
--------------
1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن التضامن لا يفترض ولا يؤخذ فيه بالظن، ولكن ينبغي أن يرد إلى نص في القانون أو اتفاق صريح أو ضمني، ويتعين على الحكم الذي يقضي بالتضامن أن يبين في غير غموض الأساس الذي استند إليه في ذلك، فالحكم الذي يلزم جميع المحكوم عليهم بالتضامن دون أن يبين سنده القانوني الذي أقام عليه قضاءه في إلزامهم جميعا بالتضامن، يكون معيبا.

2 - إذ كان الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بتأييد حكم محكمة أول درجة بإلزام المطعون ضدهم بالتضامن بأداء مبلغ التعويض المقضي به للمطعون ضدها، في حدود ما آل إليهم من تركة مورثهم، على سند من ثبوت مسئولية الأخير التقصيرية عما ألحقه بها- وبمورثها- من ضرر ومن أن وفاته قد حالت دون الرجوع عليه بهذا التعويض ومساءلته شخصيا عن أدائه، وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم لا يكفي ولا يسوغ قانونا لحمل قضائه بشأن إلزام الورثة- الطاعنين- بهذا الأداء على وجه التضامن فيما بينهم، فإنه يكون معيبا (الخطأ في تطبيق القانون).

3 - إذ كان من المقرر أن تركة المدين تعتبر منفصلة شرعا عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة، وأن ديون المورث تتعلق بتركته، فلا تنتقل التزاماته إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثا، ولا تتعلق بها ذمته، بسبب مغايرة شخصية الوارث لشخصية المورث، ومن ثم تظل تركة المورث منشغلة- بمجرد الوفاة- بحق عيني تبعي لدائنيه، يخولهم حق تتبعها لاستيفاء ديونهم منها، وهذه العينية– الواقعية- لحق دائني التركة تعني أنهم يتقاضون ديونهم من التركة في حدود ما آل للورثة من أموالها، وقبل أن يؤول شيئا منها إليهم، وبصرف النظر عن نصيب كل منهم فيها، لئن كان ذلك، وكانت القاعدة أن الحق العيني التبعي لا يقبل التجزئة، وأن الديون المستحقة على التركة غير قابلة للانقسام - في مواجهة الورثة – فيلتزم كل منهم بأدائها كاملة إلى الدائنين طالما كان قد آل إليه من التركة ما يكفي للسداد، إلا أنه ومهما يكن من أمر ما بين فكرة عدم القابلية للانقسام أو عدم القابلية للتجزئة، والتضامن- بصفة عامة- من أوجه الشبه، فإن مثل هذا الفرض- وعلى ما أفصحت عنه بجلاء المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني- لا يعرض أصلا في شأن التكييف الصحيح لمركز الورثة- في القانون المدني- في مواجهة دائني المورث، حيث تحول القاعدة الأصولية التي تقضي- بألا تركة إلا بعد سداد الديون- التي أخذ بها هذا القانون، دون تعدد المدينين بتعدد ورثته، ومن ثم تعدد الروابط، والتي هي مع وحدة الدين، مناط فكرة التضامن بين المدينين، فلا ينتقل الدين- إذا مات المورث عن دين في ذمته – إلى ورثته عن طريق الميراث أو بسببه، وإنما يبقى في تركته، ويكون الدين بهذه المثابة غير قابل للانقسام فيما بينهم، ويؤدي بجملته من أموالها، دون أن يعد هؤلاء الورثة مدينين متضامنين قبل دائني المورث. لما كان ذلك، وكان الحكم المستأنف قد خالف هذا النظر- في هذا الشأن- فإنه يتعين القضاء بإلغائه فيما قضى به من تضامن.
--------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل– بالقدر اللازم للفصل في الطعن- في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى ... لسنة 2006 مدني محكمة شمال القاهرة الابتدائية على الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا إليها تعويضا ماديا وأدبيا قدره مائتي ألف جنيه، وقالت بيانا لذلك إنه بموجب إقرار مؤرخ 11/5/2004، استلم منها مورث الطاعنين إيصالي أمانة لتحصيل المبالغ المثبتة بهما، وقدرها مائة ألف جنيه، ممن يدعى/ ... وإيداعها البنك بحساب والدها، إلا أنه اختلسها لنفسه، وحركت ضده عن تلك الواقعة القضيتين رقمي ...، ... لسنة 2004 جنح الساحل، وقضى فيهما بحكم نهائي وبات بانقضاء الدعوى الجنائية لوفاة المتهم، وبإحالة الدعويين المدنيتين إلى المحكمة المدنية المختصة، ولما كان والدها قد أحال إليها حقه في المطالبة بالتعويض، بموجب التنازل المؤرخ 1/3/2006، فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد أن استمعت إلى أقوال شاهدي المطعون ضدها، حكمت بإلزام الطاعنين بالتضامن بأن يؤدوا إليها- في حدود ما آل إليهم من تركة مورثهم- مبلغ التعويض الذي قدرته. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف ... سنة 11ق القاهرة، كما استأنفه الطاعنون أمام ذات المحكمة بالاستئناف ... سنة 12ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين، قضت بتاريخ 8/4/2009 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فأمرت باستبعاد الوجهين الأول والثاني من السبب الأول من أسباب الطعن، والسببين الثاني والثالث منها لعدم قبولهم، وحددت جلسة لنظر الوجه الثالث من السبب الأول، وفيها التزمت النيابة رأيها.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى بإلزامهم بالتعويض المقضي به بالتضامن فيما بينهم بالرغم من عدم توافر سببه، ودون بيان سنده، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن التضامن- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- لا يفترض ولا يؤخذ فيه بالظن، ولكن ينبغي أن يرد إلى نص في القانون أو اتفاق صريح أو ضمني، ويتعين على الحكم الذي يقضي بالتضامن أن يبين في غير غموض الأساس الذي استند إليه في ذلك، فالحكم الذي يلزم جميع المحكوم عليهم بالتضامن دون أن يبين سنده القانوني الذي أقام عليه قضاءه في إلزامهم جميعا بالتضامن، يكون معيبا، ومستوجبا نقضه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بتأييد حكم محكمة أول درجة بإلزام المطعون ضدهم بالتضامن بأداء مبلغ التعويض المقضي به للمطعون ضدها، في حدود ما آل إليهم من تركة مورثهم، على سند من ثبوت مسئولية الأخير التقصيرية عما ألحقه بها- وبمورثها- من ضرر ومن أن وفاته قد حالت دون الرجوع عليه بهذا التعويض ومساءلته شخصيا عن أدائه، وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم لا يكفي ولا يسوغ قانونا لحمل قضائه بشأن إلزام الورثة- الطاعنين- بهذا الأداء على وجه التضامن فيما بينهم، فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه جزئيا في هذا الشق.

وحيث إن الموضوع- فيما نقض من الحكم المطعون فيه- صالح للفصل فيه، وكان من المقرر أن تركة المدين تعتبر منفصلة شرعا عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة، وأن ديون المورث تتعلق بتركته، فلا تنتقل التزاماته إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثا، ولا تتعلق بها ذمته، بسبب مغايرة شخصية الوارث لشخصية المورث، ومن ثم تظل تركة المورث منشغلة- بمجرد الوفاة– بحق عيني تبعي لدائنيه، يخولهم حق تتبعها لاستيفاء ديونهم منها، وهذه العينية– الواقعية- لحق دائني التركة تعني أنهم يتقاضون ديونهم من التركة في حدود ما آل للورثة من أموالها، وقبل أن يؤول شيئا منها إليهم، وبصرف النظر عن نصيب كل منهم فيها، لئن كان ذلك، وكانت القاعدة أن الحق العيني التبعي لا يقبل التجزئة، وأن الديون المستحقة على التركة غير قابلة للانقسام- في مواجهة الورثة– فيلتزم كل منهم بأدائها كاملة إلى الدائنين طالما كان قد آل إليه من التركة ما يكفي للسداد، إلا أنه ومهما يكن من أمر ما بين فكرة عدم القابلية للانقسام أو عدم القابلية للتجزئة، والتضامن- بصفة عامة- من أوجه الشبه، فإن مثل هذا الفرض- وعلى ما أفصحت عنه بجلاء المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني- لا يعرض أصلا في شأن التكييف الصحيح لمركز الورثة- في القانون المدني- في مواجهة دائني المورث، حيث تحول القاعدة الأصولية التي تقضي- بألا تركة إلا بعد سداد الديون- التي أخذ بها هذا القانون، دون تعدد المدينين بتعدد ورثته، ومن ثم تعدد الروابط، والتي هي مع وحدة الدين، مناط فكرة التضامن بين المدينين، فلا ينتقل الدين- إذا مات المورث عن دين في ذمته – إلى ورثته عن طريق الميراث أو بسببه، وإنما يبقى في تركته، ويكون الدين بهذه المثابة غير قابل للانقسام فيما بينهم، ويؤدي بجملته من أموالها، دون أن يعد هؤلاء الورثة مدينين متضامنين قبل دائني المورث. لما كان ذلك، وكان الحكم المستأنف قد خالف هذا النظر- في هذا الشأن- فإنه يتعين القضاء بإلغائه فيما قضى به من تضامن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق