الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 10 يونيو 2021

الطعن 23529 لسنة 57 ق جلسة 4 / 9 / 2016 إدارية عليا مكتب فني 61 ج 2 ق 115 ص 1572

جلسة 4 من سبتمبر سنة 2016
الطعن رقم 23529 لسنة 57 القضائية (عليا)
(الدائرة الثالثة)
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ يحيى خضري نوبي محمد نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد منصور محمد منصور، وأحمد عبد الراضي محمد، وجمال يوسف زكي علي، ومحمد محمد السعيد محمد. نواب رئيس مجلس الدولة
---------------
(أ‌) دعوى:
الخصوم في الطعن- الخصومة فى الطعن تقوم بين من كانوا خصوما في النزاع الذي فُصِل فيه، فيُقبل الطعن ممن كان طرفا في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، وبصفته التي كان متصفا بها- إذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى خطأً بعدم قبول الدعوى شكلا بالنسبة لأحد الخصوم لانتفاء صفته، في حين أنه ذو صفة في الخصومة، فإنه يكون صاحب صفة في الدعوى، ويكون الحكم المطعون فيه مخالفا للقانون فيما قضى به من عدم قبولها في مواجهته، ومن ثم يكون اختصامه في الطعن المقام على هذا الحكم مقبولا- الصفة في الدعوى تتعلق بالنظام العام.

(ب‌) دستور:
مرتبة النصوص الدستورية، ومدى جواز إعمالها بذاتها- الأصل في نصوص الدستور أنها تمثل القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة، وتقرر الحريات والحقوق العامة، وترتب الضمانات الأساسية لحمايتها، وتحدد لكل من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية وظائفها وصلاحياتها، وتضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها، بما يحول دون تدخل أي منها في أعمال السلطة الأخرى أو مزاحمتها في ممارسة اختصاصاتها التي ناطها الدستور بها- هذه النصوص (باعتبارها كذلك) تتبوأ مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين احترامها والعمل بموجبها؛ باعتبارها أسمى القواعد الآمرة وأحقها بالنزول على أحكامها- إذا ما أورد الدستور نصا صالحا بذاته للإعمال دون حاجة إلى تدخل من المشرع، تعين إعمال نص الدستور من يوم العمل به، ويعد الحكم المخالف له في تشريع أدنى قد نُسِخ ضمنا بقوة نفاذ الدستور.

(ج‌) مناجم ومحاجر:
مدة الاستغلال- طبقا لأحكام القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر (الملغى لاحقا) فإن عقد الاستغلال للمعادن إما أن يصدر في المساحات التي يتبين لمصلحة المناجم والمحاجر وجود المعدن فيها بكميات تسمح باستغلاله، وإما أن يكون عقد استغلال المعدن في مساحة معينة يسبقه ترخيص في البحث عن ذلك المعدن في تلك المساحة، على أن يثبت المرخص له في البحث وجود الخام الممكن تشغيله- يكون المرخص له في الحالة الثانية هو المنوط به إثبات وجود الخام الممكن تشغيله، وليست مصلحة المناجم والمحاجر- جعل القانون المذكور الحد الأقصى لمدة عقد استغلال المنجم بقرار من الوزير المختص هو ثلاثون عاما، وكان له تجديد العقد لمدة مماثلة، وكان التجديد لأي مدة أخرى تزيد على الحد الأقصى المذكور بقانون- ألزم ذلك القانون الجهة الإدارية الموافقة على طلب المستغل (في الحالة الثانية) تجديد عقد الاستغلال لمدة ثلاثين سنة بمجرد تقديمه في المواعيد التي حددها، وذلك إذا ما اتضح لها أن المستغل قائم بالتزاماته، حيث تقتصر سلطة الجهة الإدارية على بحث ما إذا كان طلب التجديد مقدما في الميعاد القانوني، وكذا بحث ما إذا كان المستغل طالب التجديد قائما بالتزاماته من عدمه، فإذا توفر هذان الشرطان كانت ملزمة بالتجديد للمدة التي حددها المستغل، بشرط ألا تجاوز 30 عاما، ولم تكن لها سلطة تخفيض مدة التجديد متى كان المستغل لم يتجاوز في طلب التجديد حدود الحد الأقصى.

جعل الدستور الحالي المعمول به من تاريخ 18/1/2014 في مادته الثانية والثلاثين الحد الأقصى لمنح حق استغلال المحاجر والمناجم الصغيرة بناء على قانون لمدة لا تتجاوز خمسة عشر عاما، وهذه المادة صالحة للإعمال بذاتها فيما يتعلق بمدة عقود استغلال المناجم والمحاجر، دون حاجة إلى سن تشريع بها- ترتيبا على ذلك فإنه بدءا من تاريخ العمل بهذا الدستور لا يجوز إبرام عقود استغلال المناجم والمحاجر لمدة تتجاوز خمسة عشر عاما، وما زاد على هذه المدة يكون بقانون؛ إعمالا للأثر المباشر لنص هذه المادة التي ألغت ما يخالفها من أحكام القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر (الملغى لاحقا).

حمايةً للمراكز القانونية التي نشأت في ظل القانون السابق رقم 86 لسنة 1956 وعدم المساس بالحقوق المكتسبة؛ قرر المشرع في قانون الثروة المعدنية (المعمول بأحكامه من 10/12/2014، والذي حل محل القانون المشار إليه) استمرار تراخيص المناجم والمحاجر والملاحات الصادرة قبل العمل به، وأن تبقى الأحكام الواردة فيها نافذة، على أن تطبق الأحكام الخاصة بقيمة الإيجار السنوي والإتاوة ورسوم تراخيص البحث والاستغلال الواردة في هذا القانون على تلك التراخيص عند تجديد مدتها.

- المادة (32) من دستور 2014.

- المواد (16) و(17) و(18) من القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر (الملغى لاحقا بموجب القانون رقم 198 لسنة 2014).
- المادتان (3 إصدار) و(22) من قانون الثروة المعدنية، الصادر بالقرار بقانون رقم 198 لسنة 2014.
------------
الوقائع
في يوم الأحد الموافق 10/4/2011 أودع وكيل الشركة الطاعنة قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل، حيث قيد بجدولها برقم 23529 لسنة 57ق. عليا، طعنا فى الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود) بجلسة 22/2/2011 في الدعوى رقم 59540 لسنة 62ق، الذي قضى: (أولا) بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليهما الأول والثاني (المطعون ضدهما الأول والثانى)، (ثانيا) بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وإلزام الشركة المدعية المصروفات.

وطلبت الشركة الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار الصادر بتجديد عقدي الاستغلال رقمي 1331 و1336 المبرمين للشركة الطاعنة لمدة عشر سنوات، وإلزام الهيئة المطعون ضدها تجديد هذين العقدين لمدة ثلاثين سنة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.

وأعلن تقرير الطعن علي الوجه الثابت بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الشركة الطاعنة المصروفات.

ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 6/4/2016 قررت إحالته إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 3/5/2016 حيث نظرته بهذه الجلسة وما تلاها من جلسات على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 24/5/2016 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 2/8/2016 وبها تم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.

حيث إن عناصر المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق ومن الحكم المطعون فيه- في أنه بتاريخ 6/9/2008 أقامت الشركة الطاعنة الدعوى رقم 59540 لسنة 62ق أمام محكمة القضاء الإداري، بطلب الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بعدم الاعتداد بالقرار الصادر عن وزير البترول بصفته المتضمن تجديد عقدى الاستغلال رقمي 1331 و1336 المبرمين للشركة الطاعنة لمدة عشر سنوات، وإلزام الجهة مصدرة القرار تجديد هذين العقدين لمدة ثلاثين سنة من تاريخ 22/4/2008 (تاريخ تحرير وتسلم العقود من هذه الجهة)، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وذلك على سند من أن الشركة محرر لها عقد الاستغلال رقم 1331 لمدة عشر سنوات بدءا من 23/6/1997 بإيجار سنوي 400 جنيه، ومساحة الاستغلال 80 هكتارا، بقطعة الأرض الكائنة طرف البيان بالصحراء الشرقية، وعقد الاستغلال رقم 1336 لمدة عشر سنوات بدءا من 29/7/1997 بإيجار سنوي 270 جنيها، ومساحة الاستغلال 54 هكتارا، بقطعة الأرض الكائنة طرف البيان بالصحراء الشرقية، مع الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية، للبحث والحفر والتعدين لاستخراج خامات عروق الفسبار والميكا والكوارتز، وقد أوفت الشركة بكل التزاماتها فيما يتعلق بالأعمال الموكلة إليها وسداد الرسوم المالية وخلافه، وبتاريخ 22/12/2006 تقدمت الشركة في الميعاد القانوني بطلب تجديد العقدين لمدة ثلاثين سنة طبقا لحكم المادة 18 من القانون رقم 86 لسنة 1956، إلا أن الجهة الإدارية أصدرت قرارها المطعون فيه بتاريخ 22/4/2008 بتجديد العقدين لمدة عشر سنوات بالمخالفة للمادة 18 المذكورة، وقد أصدرت لجنة التوفيق في بعض المنازعات توصيتها في الطلب رقم 254 لسنة 2008 بجلسة 15/7/2008 بعدم قبول الطلب المقدم من الشركة، مما حداها على إقامة دعواها بالطلبات المبينة آنفا.

وبجلسة 22/2/2011 صدر الحكم المطعون فيه قاضيا: (أولا) بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليهما الأول والثاني (المطعون ضدهما الأول والثانى)، (ثانيا) بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا.

وأقامت المحكمة قضاءها بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليهما الأول والثانى (المطعون ضدهما الأول والثاني) على أساس أن صاحب الصفة هو رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية؛ بحسبان أن عقدي الاستغلال صدرا عن هذه الهيئة.

وأقامت المحكمة قضاءها برفض الدعوى -بعد أن استعرضت نص المادة 18 من القانون رقم 86 لسنة 1956 بشأن المناجم والمحاجر وخامات الوقود، والبند السادس من عقدي الاستغلال محل التداعي- على سند من أنه إذا قدرت الجهة الإدارية وهي بصدد تجديد العقد، وفق سلطتها التقديرية، وفي ضوء الظروف والملابسات المحيطة، أن ظروف المنطقة لا تسمح بتجديد العقد لكل المدة التي يطلبها المستغل، كان لها إنقاص مدة التجديد عن الثلاثين عاما إلى الحد الذي تقدره في ضوء وزنها للظروف، وضمانا لحسن استغلال المناجم والمحاجر لتحقيق المصلحة العامة، وهي تخضع في ذلك لرقابة القضاء الإداري.

ولما كان الثابت من الأوراق أن الشركة متعاقدة مع الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية بعقدي استغلال معادن رقمي 1331 و1336 لمدة عشر سنوات، وبتاريخ 12/12/2006 تم عرض طلب التجديد على اللجنة المختصة، فأوصت بالموافقة على التجديد لمدة عشر سنوات أخرى، ووافق مجلس إدارة الهيئة باجتماعه رقم (4) لسنة 2007 المنعقد بتاريخ 9/5/2007 على توصيات اللجنة بتجديد عقدي الاستغلال لمدة عشر سنوات أخرى، ثم أصدرت الهيئة المدعى عليها قرارا بتشكيل لجنة فنية لمعاينة موقعي عقدي الاستغلال محل التداعي وعمل حصر وتقييم ظاهرى لكمية الخام الموجودة بموقعي العقدين ومقارنته بالتقارير المرسلة من الشركة المستغلة إلى الإدارة العامة للتراخيص والتفتيش وتقرير مفتشي المناجم التابع لها الموقعان محلا العقدين، وتحديد الفترة الزمنية لاستخراج الكمية الموجودة من الخام، واجتمعت اللجنة المذكورة في 5، 6، 7/2/2008 وقدمت تقريرا بنتيجة عملها أثبتت فيه -في ضوء العمل الحقلي ومراجعة التقارير المقدمة من الشركة المدعية، ومراجعة تقارير المرور الشهرية لمفتشي المناجم التابع لهم الموقعان محلا العقدين محل الاستغلال، وبمعاينة المنجمين وحصر الكميات الموجودة من الخام بالموقعين- أنه بالنسبة للعقد رقم 1331 فإن الفترة الزمنية لاستخراج الكمية الموجودة به من الخام تقدر بعشر سنوات، وبالنسبة للعقد رقم 1336 فإن الفترة الزمنية لاستخراج الكمية الموجودة به من الخام تقدر بخمس عشرة سنة، وفي ضوء ذلك أصدر رئيس مجلس الإدارة قرارا بالموافقة على تجديد العقدين لمدة عشر سنوات أخرى لكل منهما، ومن ثم يكون قرار الهيئة المدعى عليها بالتجديد لهذه المدة على وفق ما قدرته، ولم تجب الشركة لطلب التجديد لمدة ثلاثين عاما، في ضوء أن كمية احتياطي الخام بالموقعين محلي العقدين لا تكفي للمدة المطلوبة على نحو ما سلف بيانه، فيكون القرار المطعون فيه قد قام على سنده الصحيح، وفي حدود سلطة الهيئة المدعى عليها، وخلت الأوراق مما يفيد تعسفها أو إساءتها استعمال السلطة.

- وحيث إنه فيما يتعلق بشكل الطعن فإن من المقرر أن الخصومة فى الطعن تقوم بين من كانوا خصوما في النزاع الذي فصل فيه، فيقبل الطعن ممن كان طرفا في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، وبصفته التى كان متصفا بها، وقد قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليهما الأول –وزير البترول بصفته- والثاني -وكيل أول وزارة البترول لشئون التعدين- (المطعون ضدهما الأول والثاني)، مما مؤداه إخراجهما من الطعن، إلا أنه لما كانت الصفة في الدعوى من النظام العام، وكان كل من العقدين محل التداعي صادرا عن الوزير، وأن قانون المناجم والمحاجر رقم 86 لسنة 1956 عهد إلى الوزير المختص سلطة تجديد العقد، وكان وزير البترول والثروة المعدنية هو الوزير المختص الذي تتبعه الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية، فإنه يكون صاحب صفة في الدعوى، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه مخالفا للقانون فيما قضى به من عدم قبولها في مواجهته، ومن ثم يكون اختصامه في الطعن مقبولا. أما وكيل أول وزارة البترول لشئون التعدين فإنه لا صفة له في تمثيل وزارة البترول والثروة المعدنية، مما يكون اختصامه في الطعن غير مقبول.

وحيث إن الطعن فيما عدا ما تقدم قد استوفى أوضاعه الشكلية.

- وحيث إن الطعن أقيم على سببين، تنعى الشركة الطاعنة بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وبيانا لذلك تقول إن المشرع عندما أعطى المستغل في عقد استغلال المناجم طبقا لنص المادة (18) من القانون رقم 86 لسنة 1956 الحق في تحديد المدة التي يجدد لها العقد دون أن يمنح هذا الحق للمستغل في تجديد عقد استغلال المحاجر، على وفق نص المادة (26) من هذا القانون، فإنه يكون قد ألزم جهة الإدارة ضرورة الموافقة على المدة التي يحددها المستغل بالنسبة لعقد استغلال المناجم، بشرط ألا تتجاوز ثلاثين سنة، ولكن إذا زاد على هذه المدة فإن السلطة التقديرية لجهة الإدارة تقف عند حد إنقاص هذه المدة إلى ثلاثين سنة، ومن ثم يكون قرار التجديد للعقدين محل التداعي لمدة عشر سنوات مخالفا لحكم المادة 18 من هذا القانون، والبند السادس من العقدين.

وحيث إن المادة (16) من القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر( ) نصت على أنه: "يشترط لإصدار عقد استغلال معدن ما في مساحة معينة أن يسبقه ترخيص في البحث عن ذلك المعدن في تلك المساحة، وأن يثبت المرخص له في البحث وجود الخام الممكن تشغيله. ويصدر عقد الاستغلال بالشروط المقررة في هذا القانون إلا في الأحوال التي يمكن فيها الترخيص في البحث بشروط خاصة طبقا للمادة (50)، وفي هذه الحالة يصدر عقد الاستغلال وفقا للشروط المرافقة لترخيص البحث".

ونصت المادة (17) منه على أنه: "استثناء من أحكام المادة السابقة يجوز إصدار عقد الاستغلال في المساحات التي يتبين لمصلحة المناجم والمحاجر وجود المعدن فيها بكميات تسمح باستغلاله. وتدرج مصلحة المناجم والمحاجر في سجل خاص كل ما هو معروف لها من هذه المساحات، ويباح الاطلاع على هذا السجل في كل وقت. ويطرح في مزايدة عامة ما ترى المصلحة طرحه منها وما يقدم عنه طلبات للاستغلال... وفي جميع الأحوال المتقدمة يصدر عقد الاستغلال بقرار من وزير التجارة والصناعة إلا في الأحوال التي يكون فيها الاستغلال بشروط خاصة طبقا للمادة (50)".

ونصت المادة (18) على أن: "يصدر عقد الاستغلال للمدة التي يحددها الطالب بحيث لا تجاوز ثلاثين عاما، ويجدد العقد للمدة التي يحددها المستغل بشرط ألا تجاوز مدة ثلاثين عاما أخرى مادام المستغل قائما بالتزاماته، على أن يتقدم بطلب التجديد قبل انتهاء مدة العقد بستة أشهر على الأقل، ويكون تجديد العقد بقرار من وزير التجارة والصناعة. ويجدد العقد بالشروط المنصوص عليها فيه، وعلى الأخص ما كان منها متعلقا بالإيجار، أما القواعد التنظيمية فتسري عليها القوانين واللوائح المعمول بها وقت التجديد. ويجوز بالاتفاق بين الوزارة والمستغل تجديد العقد بعد ذلك بالشروط التي يتفق عليها، وفي هذه الحالة يكون التجديد بقانون. ويجوز إلغاء العقد إذا أوقف الاستغلال لمدة ثلاث سنوات متتالية على الأقل ولم يقم المستغل من جانبه بالتغلب على الأسباب التي يحصل بمقتضاها على إعفائه من التزامات التشغيل على النحو المبين في اللائحة التنفيذية، أو إذا أوقف الاستغلال دون الحصول على هذا الإعفاء كتابة وذلك بناء على اقتراح مصلحة المناجم والمحاجر وموافقة وزير التجارة والصناعة"، وهو أيضا ما ردده البند السادس في كل من العقدين بنصه على أنه: "إذا تبين للوزير عند انقضاء أجل هذا العقد أن المستغل قد قام بجميع الالتزامات الواردة في هذا العقد، وكان المستغل قد أبلغ الوزارة كتابة قبل انقضاء مدة العقد بستة أشهر على الأقل برغبته في التجديد، يجدد هذا العقد لمدة لا تتجاوز ثلاثين سنة أخرى طبقا لأحكام المادة 18 من القانون رقم 86 لسنة 1956...".

وحيث إن البين مما تقدم أن المشرع جعل عقد الاستغلال للمعادن إما أن يصدر في المساحات التي يتبين لمصلحة المناجم والمحاجر وجود المعدن فيها بكميات تسمح باستغلاله، وإما أن يكون عقد استغلال المعدن في مساحة معينة يسبقه ترخيص في البحث عن ذلك المعدن في تلك المساحة، على أن يثبت المرخص له في البحث وجود الخام الممكن تشغيله، وفي الحالة الثانية يكون المرخص له هو المنوط به إثبات وجود الخام الممكن تشغيله، وليست مصلحة المناجم والمحاجر، والحد الأقصى لمدة عقد استغلال المنجم بقرار من الوزير المختص هو ثلاثون عاما، وله تجديد العقد لمدة مماثلة، أي إن الحد الأقصى شاملا مدد التجديد ستون سنة، ويكون التجديد بقانون لأي مدة أخرى تزيد على الحد الأقصى المذكور.

وقد ألزم المشرع الجهة الإدارية الموافقة على طلب المستغل بتجديد عقد الاستغلال لمدة ثلاثين سنة بمجرد تقديمه من المستغل في المواعيد التي حددها القانون، وذلك إذا ما اتضح لها أن المستغل قائم بالتزاماته، وتقتصر سلطة الجهة الإدارية على بحث ما إذا كان طلب التجديد مقدما في الميعاد القانوني، بأن يكون طلب التجديد مقدما قبل انتهاء مدة العقد بستة أشهر على الأقل، وكذا بحث ما إذا كان المستغل طالب التجديد قائما بالتزاماته من عدمه، فإذا توفر هذان الشرطان كانت ملزمة بالتجديد للمدة التي حددها المستغل، بشرط ألا تجاوز 30 عاما، وليست لها سلطة تخفيض مدة التجديد متى كان المستغل لم يتجاوز في طلب التجديد حدود الحد الأقصى.

وحيث إن الدستور الحالي المعمول به من تاريخ 18/1/2014 قد حرص على النص على أن موارد الدولة الطبيعية ملك للشعب، تلتزم الدولة بالحفاظ عليها، وحسن استغلالها، وعدم استنزافها، ومراعاة حقوق الأجيال القادمة فيها، وتحقيقا لذلك جعل الحد الأقصى لمنح حق استغلال المحاجر والمناجم الصغيرة بناء على قانون لمدة لا تتجاوز خمسة عشر عاما، حيث تنص المادة (32) من الدستور على أن: "... ويكون منح حق استغلال الموارد الطبيعية أو التزام المرافق العامة بقانون، ولمدة لا تتجاوز ثلاثين عاما. ويكون منح حق استغلال المحاجر والمناجم الصغيرة والملاحات، أو منح التزام المرافق العامة، لمدة لا تتجاوز خمسة عشر عاما بناء على قانون".

وحيث إن الأصل فى نصوص الدستور أنها تمثل القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم فى الدولة، وتقرر الحريات والحقوق العامة، وترتب الضمانات الأساسية لحمايتها، وتحدد لكل من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية وظائفها وصلاحياتها، وتضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها، بما يحول دون تدخل أي منها فى أعمال السلطة الأخرى أو مزاحمتها في ممارسة اختصاصاتها التي ناطها الدستور بها.

وهذه النصوص باعتبارها كذلك تتبوأ مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين احترامها والعمل بموجبها؛ باعتبارها أسمى القواعد الآمرة وأحقها بالنزول على أحكامها، فإذا ما أورد الدستور نصا صالحا بذاته للإعمال دون حاجة إلى تدخل من المشرع، تعين إعمال نص الدستور من يوم العمل به، ويعد الحكم المخالف له في تشريع أدنى قد نسخ ضمنا بقوة نفاذ الدستور.

وترتيبا على ذلك فإنه لما كان نص المادة (32) من الدستور فيما يتعلق بمدة عقود استغلال المناجم والمحاجر صالحا للإعمال بذاته دون حاجة إلى سن تشريع، فإنه بدءا من 18/1/2014 (تاريخ العمل بالدستور) لا يجوز إبرام عقود استغلال المناجم والمحاجر لمدة تتجاوز خمسة عشر عاما، وما زاد على هذه المدة يكون بقانون؛ إعمالا للأثر المباشر لنص هذه المادة التي ألغت ما يخالفها من أحكام القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر.

وحيث إن المشرع تدخل بقانون جديد أعاد بموجبه تنظيم استغلال المناجم جاعلا الحد الأقصى لمدة ترخيص الاستغلال وتجديده الصادر بقرار من الوزير المختص بشئون الثروة المعدنية لمدة أو مدد لا يزيد مجموعها على خمسة عشر عاما، ويكون التجديد بقانون لأي مدة أخرى تزيد على الحد الأقصى المذكور؛ نزولا على إرادة المشرع الدستوري، حيث نصت المادة (22) من قانون الثروة المعدنية الصادر بالقرار بقانون رقم 198 لسنة 2014 (المعمول بأحكامه من 10/12/2014)، والذي حل محل القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر على أنه: "فيما عدا تراخيص الاستغلال التي تصدر بقانون، يصدر ترخيص الاستغلال وتجديده بقرار من الوزير المختص بعد موافقة مجلس إدارة الهيئة لمدة أو مدد لا يزيد مجموعها على خمسة عشر عاما، ويجوز تجديد الترخيص لمدة أخرى تزيد على ذلك على أن يصدر في هذه الحالة بقانون، وتنظم اللائحة التنفيذية إجراءات إصدار تراخيص الاستغلال".

وحيث إن المشرع حماية للمراكز القانونية التي نشأت في ظل القانون السابق رقم 86 لسنة 1956 وعدم المساس بالحقوق المكتسبة؛ قرر استمرار تراخيص المناجم والمحاجر والملاحات الصادرة قبل العمل بقانون الثروة المعدنية المشار إليه، فنص في المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 198 لسنة 2014 بإصدار قانون الثروة المعدنية على أن: "تستمر تراخيص المناجم والمحاجر والملاحات الصادرة قبل العمل بالقانون المرافق سارية وتبقى الأحكام الواردة فيها نافذة. على أن تسري الأحكام الخاصة بقيمة الإيجار السنوي والإتاوة ورسوم تراخيص البحث والاستغلال الواردة في القانون المرافق على تلك التراخيص عند تجديد مدتها. ويجوز للهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية وللمحافظات المعنية بحسب الأحوال دعوة المرخص لهم للتفاوض والاتفاق على تطبيق مقدار القيمة الإيجارية والإتاوة ورسوم تراخيص البحث والاستغلال المنصوص عليها في القانون المرافق على التراخيص التي صدرت لهم".

وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان طلب تجديد عقدي الاستغلال محلي التداعي مقدما في عام 2007، أي قبل العمل بالدستور الحالي، المعمول بأحكامه من 18/1/2014، وقبل العمل بالقانون الجديد الصادر بالقرار بقانون رقم 198 لسنة 2014، المعمول بأحكامه من 10/12/2014، فمن ثم يكون طلب التجديد قد قدم في ظل القانون السابق رقم 86 لسنة 1956، ويستمر العمل بمدته في ظل القانون الحالى.

ولما كان الثابت من الأوراق أن ترخيص البحث رقم 2672 الصادر استنادا إليه عقدا استغلال المعادن رقما 1331 و1336 الممنوحان للشركة الطاعنة، مؤداه أن ترخيص استغلال المعدن في المساحة الواردة بهذين العقدين سبقه ترخيص في البحث عن المعدن محل الترخيص في تلك المساحة، وبذلك يكون المستغل المرخص له في البحث هو المنوط به إثبات وجود الخام الممكن تشغيله وليست مصلحة المناجم والمحاجر على وفق نص المادة 16 المذكورة آنفا، ومن ثم فإنه يمتنع على الهيئة العامة للثروة المعدنية تشكيل لجان لدراسة مدى كفاية الخام من المعدن للمدة المطلوب تجديد الترخيص عنها، وتقتصر سلطتها على بحث ما إذا كان طلب التجديد مقدما في الميعاد القانوني، بأن يكون مقدما قبل انتهاء مدة العقد بستة أشهر على الأقل، وكذا بحث ما إذا كان المستغل طالب التجديد قائما بالتزاماته من عدمه، فإذا توفر هذان الشرطان كانت ملزمة بالتجديد للمدة التي حددها المستغل، بشرط ألا تجاوز 30 عاما، وليست لها سلطة تخفيض مدة التجديد متى كان المستغل لم يتجاوز في طلب التجديد حدود الحد الأقصى.

لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن طلب تجديد العقدين محل التداعي قدم من الشركة الطاعنة لمدير عام الإدارة العامة للتراخيص والتفتيش بتاريخ 12/12/2006 في الميعاد القانوني، وتضمن الطلب تحديد مدة التجديد بثلاثين عاما، وأرفقت الشركة بالطلب التقارير عن كمية الاحتياطي الخام ومقدارها 600000 طن عن العقد رقم 1331 و322000 طن عن العقد رقم 1336، مما كان لازمه التجديد للمدة المحددة بثلاثين عاما، وإذ قامت الجهة الإدارية بتجديد كل عقد منهما لمدة عشر سنوات، متدثرة في ذلك بعدم كفاية الاحتياطي من الخام، وهو أمر عهد به المشرع إلى المستغل متى كان قد سبق عقد الاستغلال ترخيص في البحث عن المعدن محل الترخيص في تلك المساحة كما هو الحال في هذين العقدين، فمن ثم يكون قرارها بالتجديد مخالفا لحكم المادة (18) من القانون رقم 86 لسنة 1956 والبند السادس من العقدين، مما يستوجب تعديل قرار التجديد للعقدين لتكون مدة التجديد في كل منهما ثلاثين عاما، تبدأ من تاريخ 23/6/2007 في العقد رقم 1331، ومن تاريخ 29/7/2007 في العقد رقم 1336.

وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا النظر، فإنه يتعين إلغاؤه، والقضاء مجددا في الدعوى بتعديل مدة التجديد في العقدين محل التداعي لتكون ثلاثين سنة بدلا من عشر سنوات.

وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن شكلا؛ لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضده الثاني، وبقبوله شكلا فيما عدا ذلك، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وفى الدعوى رقم 59540 لسنة 62ق بقبولها شكلا، وفي الموضوع بتعديل مدة التجديد في العقدين محل التداعي لتكون ثلاثين سنة بدلا من عشر سنوات، تبدأ من تاريخ 23/6/2007 في العقد رقم 1331، ومن تاريخ 29/7/2007 في العقد رقم 1336، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق