القضية رقم 63 لسنة 31 ق " دستورية ".
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من فبراير سنة 2018م،
الموافق السابع عشر من جمادى الأولى سنة 1439 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ومحمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر
شريف ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان
والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / طارق عبدالعليم أبوالعطا رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في القضية
المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 63 لسنة 31 قضائية " دستورية
". بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري - الدائرة (14) تسويات بقرارها الصادر
بجلسة 27/10/2008 ملف الطعن رقم 155 لسنة 30 قضائية مستأنف.
المقامة من
حاتم السيد كامل الجبالى
ضــد
رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار
الإجـراءات
بتاريخ
الرابع عشر من مارس سنة 2009، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف
الدعوى رقم 155 لسنة 30 قضائية مستأنف، بعد أن قضت الدائرة (14) تسويات بمحكمة
القضاء الإداري، بجلسة 27/10/2008، وقف نظر الدعوى، وإحالتها إلى المحكمة
الدستورية العليا، للفصل في دستورية نص المادة (11) من لائحة نظام العاملين
بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، الصادرة بقرار نائب رئيس مجلس الوزراء
للشئون الاقتصادية والمالية ووزير الاقتصاد رقم 154 لسنة 1980 بعد تعديلها بالقرار
رقم 6 لسنة 1993، فيما تضمنته من عدم جواز احتساب مدة الخبرة العملية الزائدة على
مدة الخبرة المطلوبة لشغل الوظيفة عند التعيين أو إعادة التعيين بالهيئة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت
فيها الحكم أصليًّا: بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وقدمت الهيئة
العامة للاستثمار والمناطق الحرة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة
المفوضين تقريرًا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد
الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق -
في أن السيد/ حاتم السيد كامل الجبالى كان قد أقام الدعوى رقم 314 لسنة 42 قضائية،
أمام المحكمة الإدارية لوزارة المالية بمجلس الدولة، ضد الهيئة العامة للاستثمار
والمناطق الحرة، طالبًا الحكم بأحقيته في تسوية حالته الوظيفية بضم مدة الخدمة التي
قضاها بتلك الهيئة بموجب عقد مؤقت، إلى مدة خدمته لديها بعد تعيينه في وظيفة
دائمة. وذلك على سند من أنه التحق بالعمل بالهيئة بموجب عقد مؤقت في وظيفة باحث
بقطاع الخبرة الحسابية، خلال المدة من 19/5/1990 حتى 31/3/1994، وبتاريخ 1/4/1994
تم تعيينه على وظيفة دائمة بالهيئة، فتقدم للهيئة طالبًا ضم مدة خبرته العملية
السابقة، إلى مدة خدمته، وإذ رفض طلبه، استنادًا لنص المادة (11) من لائحة شئون
العاملين بالهيئة الصادرة بالقرار رقم 154 لسنة 1980 بعد استبدالها بالقرار رقم 6
لسنة 1993، أقام دعواه الموضوعية بطلباته سالفة البيان، وقضت فيها المحكمة بجلسة
16/11/1997 برفض الدعوى، ولم يصادف هذا القضاء قبول المدعى، فطعن عليه أمام محكمة
القضاء الإداري - الدائرة (14) تسويات - بالطعن رقم 155 لسنة 30 قضائية مستأنف. وإذ
تراءى لتلك المحكمة عدم دستورية نص اللائحة المشار إليه، قررت بجلسة 27/10/2008،
وقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستورية ذلك
النص.
وحيث إن المادة (11) من لائحة شئون العاملين بالهيئة العامة للاستثمار
والمناطق الحرة الصادرة بقرار نائب رئيس مجلس الوزراء للشئون الاقتصادية والمالية
ووزير الاقتصاد رقم 154 لسنة 1980، المستبدلة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 6 لسنة
1993 - وقبل استبدال تلك اللائحة بقرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 5 لسنة 2000 -
كانت تنص على أن "لا يجوز حساب مدة خبرة عملية زائدة على مدة الخبرة المطلوبة
لشغل الوظيفة عند التعيين أو إعادة التعيين، ويكون حساب مدة الخبرة العملية
للحاصلين على مؤهلات عليا ( الدكتوراه أو الماجستير ودبلومات الدراسات العليا التي
مدتها سنتان) طبقًا للقواعد التي تقررها لجنة شئون العاملين بالهيئة".
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم
اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، استنادًا إلى أن الاختصاصات المنوط بالهيئة العامة
للاستثمار والمناطق الحرة القيام بها، وهى الترويج للمشروعات التي تنهض بالاقتصاد المصري،
تقتضى أن تتوافر فيمن يقومون بها صفات لا تتوافر في الموظفين العاديين بالدولة.
وأن مباشرة تلك الاختصاصات يدخل في نطاق القانون الخاص، وبالتالي تخرج لائحة شئون
العاملين بتلك الهيئة عن دائرة التشريع الموضوعي،
وهو ما تنحسر عنه الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح
المنوط بالمحكمة الدستورية العليا مباشرتها.
وحيث إن ذلك الدفع مردود: بأن المادة
(192) من الدستور الحالي، والمادة (25) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقـم
48 لسنة 1979، قـد عينا اختصاصاتها، وحددا ما يدخل في ولايتها، فخولاها اختصاصًا
منفردًا بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح، وينحصر هذا الاختصاص في النصوص
التشريعية أيًّا كان موضوعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التي أصدرتها، فلا تنبسط
هذه الولاية إلا على القانون بمعناه الموضوعي باعتباره منصرفًا إلى النصوص
القانونية التي تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة، سواء وردت هذه النصوص
بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي
تصدرها السلطة التنفيذية في حدود صلاحيتها التي ناطها الدستور بها، وأن تنقبض تلك
الرقابة - تبعًا لذلك - عما سواها.
وحيث كان
ذلك، وكان المدعى في الدعوى الموضوعية من العاملين بالهيئة العامة للاستثمار
والمناطق الحرة، وهى هيئة عامة، عملاً بأحكام القانون رقم 8 لسنة 1997 بإصدار
قانون ضمانات وحوافز الاستثمار، وقرار رئيس الجمهورية رقم 284 لسنة 1997 بإنشاء
تلك الهيئة، ومن ثم تُعد تلك الهيئة شخصًا من أشخاص القانون العام، ويكون العاملون
فيها موظفين عموميين يرتبطون بها بعلاقة تنظيمية تحكمها لائحة شئون العاملين بها،
وهى بهذه المثابة تُعد تشريعًا بالمعنى الموضوعي مما يدخل في اختصاص المحكمة
الدستورية العليا مباشرة الرقابة القضائية على دستوريتها. ومن ثم، يغدو الدفع بعدم
اختصاص هذه المحكمة بنظر الدعوى فاقدًا لسنده، جديرًا بالالتفات عنه.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى
الدستورية - وهى شرط لقبولها - مناطها – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن
يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر
الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة
الموضوع. ويستوى في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق
الدفع أو عن طريق الإحالة. والمحكمة الدستورية العليا هى وحدها التى تتحرى توافر
شرط المصلحة في الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، بما مؤداه أن الإحالة من
محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل
يتعين أن يكون الحكم في المطاعن الدستورية لازمًا للفصل في النزاع المثار أمام
محكمة الموضوع، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النصوص التى ثارت بشأنها شبهة عدم
الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على الطلبات في الدعوى الموضوعية، وقضاء محكمة
الموضوع فيها؛ فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة. ومن المقرر أيضًا في قضاء
المحكمة الدستورية العليا أنه يجب أن تتوافر المصلحة في الدعوى الدستورية ليس فقط
وقت رفع الدعوى، وإنما يتعين أن تظل قائمة حتى الفصل فيها.
وحيث كان
ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع ينصب على طلب المدعى في الدعوى
الموضوعية ضم مدة خبرته العملية التى قضاها بموجب عقد مؤقت إلى مدة خدمته بالهيئة
في وظيفة دائمة. وكانت لائحة شئون العاملين بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق
الحرة الصادرة بقرار نائب رئيس مجلس الوزراء للشئون الاقتصادية والمالية ووزير
الاقتصاد بالقرار رقم 154 لسنة 1980، وتعديلاته، قد تم إلغاؤها بمقتضى اللائحة
الصادرة بقرار مجلس إدارة الهيئة رقم 5 لسنة 2005، ثم أصدر وزير الاستثمار رئيس
مجلس إدارة الهيئة القرار رقم 140 لسنة 2016 بلائحة أخرى لشئون العاملين بالهيئة،
ونصت المادة الثالثة من ذلك القرار على أن "تلغى لائحة شئون العاملين بالهيئة
العامة للاستثمار والمناطق الحرة الصادرة بقرار مجلس إدارة الهيئة رقم 5 لسنة 2000
وتعديلاته"، كما نصت المادة (136) من تلك اللائحة على أن "تحتسب مدة
الخبرة العملية للعامل الموجود بالخدمة وقت العمل بأحكام هذه اللائحة، التى تزيد
على مدة الخبرة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة على أساس أن تضاف إلى بداية أجر
التعيين عن كل سنة من السنوات الزائدة قيمة علاوة دورية بحد أقصى خمس علاوات من
علاوات درجة الوظيفة المعين عليها العامل، وبشرط أن تكون تلك الخبرة متفقة مع
طبيعة عمل الوظيفة المعين عليها العامل وفقًا للضوابط التى يضعها مجلس الإدارة في هذا
الشأن، وعلى ألا يسبق العامل زميله المعين في الهيئة في وظيفة من الدرجة نفسها في التاريخ
الفرضى لبداية الخبرة المحسوبة سواء من حيث الأقدمية في الدرجة أو الأجر، وأن يتقدم
العامل للرئيس التنفيذى بطلب لحساب هذه المدة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل
بأحكام هذه اللائحة".
وحيث إنه متى
كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة قد
طبقت حكم المادة (136) من لائحة شئون العاملين بالهيئة الصادرة بالقرار رقم 140
لسنة 2016 على السيد / حاتم السيد كامل الجبالي، المدعى في الدعوى الموضوعية، وتمت
تسوية حالته الوظيفية على مقتضى ذلك النص، لتصبح أقدميته اعتبارًا من 19/5/1990
تاريخ التحاقه بالعمل لدى الهيئة بموجب عقد مؤقت، وصرف الفروق المالية المترتبة
على ذلك، اعتبارًا من 7/4/2016 تاريخ اعتماد لائحة شئون العاملين بالهيئة الصادرة
بالقرار المشار إليه. الأمر الذى يصير معه الفصل في دستورية النص التشريعي الذى
ثارت بشأنه شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع لا يرتب انعكاس على الطلبات في الدعوى
الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع فيها، بعد أن تحققت للمدعى فيها مبتغاه منها، ومن
ثم تغدو المصلحة في الدعوى المعروضة منتفية، وهو ما يتعين معه القضاء بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
بعدم قبول الدعوى.
أمين السر
رئيس المحكمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق