القضية رقم 64 لسنة 21 ق " دستورية " .
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 7 مارس سنة 2004 م ، الموافق 16
من المحرم سنة 1425 هـ .
برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعي رئيس المحكمة
وبحضور السادة المستشارين : ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور وعلى عوض
محمد صالح وأنور رشاد العاصى وإلهام نجيب نوار والدكتور عادل عمر شريف .
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 64 لسنة 21
قضائية " دستورية " .
المقامة من
...........
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية
2- السيد رئيس مجلس الوزراء
3- السيد المستشار وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لقلم
المطالبة
4 - السيد رئيس قلم المطالبة بمحكمة شمال القاهرة
" الإجراءات "
بتاريخ الرابع والعشرين من إبريل سنة 1999، أودع المدعون صحيفة هذه
الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالبين الحكم بعدم دستورية المادة (75/3) من القانون
رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم .
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث أن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل في
أنه أقيمت ضد المدعين في الدعوى (الماثلة ) الدعوى رقم 11714 لسنة 1997 مدنى كلى
شمال القاهرة بطلب الحكم بإثبات الفسخ والتنازل عن عقد البيع الابتدائي المؤرخ
20/8/1997، وبجلسة 25/12/1997 قضى بالطلبات سالفة البيان، مع إلزامهم بالمصروفات
وعشر جنيهات مقابل أتعاب المحاماة ، وبناء على ذلك أصدر قلم المطالبة بتلك المحكمة
الأمرين رقمي 2594، 2540 لسنة 1997، 1998 بتقدير الرسوم المستحقة على تلك الدعوى
بواقع 17410 جنيهاً رسوم نسبية ، ومبلغ 8705 جنيهاً رسم صندوق الخدمات، وأعلن بها
المدعين فتظلموا من الأمرين المذكورين بموجب الدعوى رقم 13516 لسنة 1998 مدني كلي
شمال القاهرة ، ابتغاء الحكم بإلغائهما واعتبارهما كأن لم يكونا، مع ما يترتب على
ذلك من آثار لما شابهما من أخطاء ومغالاة في التقدير، وفي أثناء نظر موضوع التظلم
دفع الحاضر عن المدعين بعدم دستورية نص البند الثالث من المادة (75) من القانون
رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية ، لتعارضه
مع نص المادة (68) من الدستور، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت لهم برفع الدعوى
الدستورية ، فقد أقاموا الدعوى الماثلة خلال الأجل المحدد .
وحيث أن المصلحة الشخصية المباشرة -وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية -،
مناطها أن يقوم ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية ، وذلك
بأن يكون الحكم الصادر في المسائل الدستورية ، لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية
المطروحة أمام محكمة الموضوع، إذ كان ذلك، وكانت مصلحة المدعين في الدعوى
الموضوعية تتبلور في إلغاء أمرى التقدير المتظلم منهما واللذين صدرا استناداً لحكم
البند الثالث من المادة (75) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية ،
وهو النص المطعون عليه بعدم الدستورية ، ويترتب على القضاء بعدم دستوريته زوال
السند القانوني لأمر تقدير الرسوم القضائية المستحقة على هذه الدعوى ، فإنه بذلك
تكون قد توافرت للمدعين مصلحة في دعواهم الدستورية التي يتحدد نطاقها فيما تضمنه
نص البند "ثالثاً" من المادة (75) من القانون سالف البيان من تحديد أسس
الرسوم النسبية المستحقة على دعاوى طلب الحكم بصحة العقود أو فسخها بأن تقدر بقيمة
الشيء المتنازع فيه .
وحيث أن البند "ثالثاً" من المادة (75) من القانون رقم 90
لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المسائل المدنية ينص على أن
" يكون أساس تقدير الرسوم النسبية على الوجه الآتي :
(أولاً) ..... (ثانياً) ...... (ثالثاً) في دعاوى طلب الحكم بصحة
العقود أو إبطالها أو فسخها تقدر قيمتها بقيمة الشيء المتنازع فيه، وفي دعاوى
المنازعة في عقود البدل يقدر الرسم على أكبر قيمة البدلين".
وحيث أن المدعين ينعون على هذا النص مخالفته للمادة (68) من الدستور التي
تكفل للناس كافة حق اللجوء إلى القضاء، ذلك إنه يفرض رسوماً كبيرة تمثل قيداً على
حق التقاضي وتتناقض مع المذهب الاشتراكي الذي تنتهجه الدولة .
وحيث أن هذا النعي مردود ذلك أن -المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن
الأصل في سلطة المشرع في تنظيم الحقوق -ومن بينها الحق في التقاضي - هو إطلاقها ما
لم يكن الدستور قد فرض في شأن ممارستها ضوابط محددة باعتبار أن جوهر هذه السلطة هو
المفاضلة بين البدائل التي تتصل بالموضوع محل التنظيم، موازناً بينها، مرجحاً ما
يراه أنسبها لمصالح الجماعة ، وأدناها إلى كفالة أثقل هذه المصالح وزناً وأن
التنظيم التشريعي لحق التقاضي ، لا يتقيد بأشكال جامدة ، بل يجوز أن يغاير المشرع
فيما بينها وأن يقرر لكل حال ما يناسبها، ليظل هذا التنظيم مرناً يفي بمتطلبات
الخصومة القضائية وقد كفل الدستور لكل مواطن -بنص مادته الثامنة والستين- حق
الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي مخولاً إياه بذلك أن يسعى بدعواه إلى قاض يكون بالنظر
إلى طبيعتها، وعلى ضوء مختلف العناصر التي لابستها، مهيئاً دون غيره للفصل فيها،
وأن لحق التقاضي غاية نهائية يتوخاها تمثلها الترضية القضائية ، التي يتناضل
المتقاضون من أجل الحصول عليها لجبر الأضرار التي أصابتهم من جراء العدوان على
الحقوق التي يطالبونها، فإذا أرهقها المشرع بقيود تعسر الحصول عليها أو تحول دونها
كان ذلك إخلالاً بالحماية التي كفلها الدستور لهذا الحق وإنكاراً لحقائق العدل في جوهر
ملامحها .
وحيث إنه لما كان المشرع قد نص على أسس تقدير الرسوم النسبية في دعاوى
الحكم بصحة العقود أو فسخها بحسب قيمة الشيء المتنازع فيه، ولم يلزم طالب الحماية
القضائية بتلك الدعاوى بأن يؤدى كامل الرسوم القضائية المستحقة عند إقامته الدعوى
ابتداء، وإنما ألزمه بأداء قدر ضئيل منها كرسوم ابتدائية -على نحو ما نصت عليه
المادة (1) من قانون الرسوم القضائية سالف البيان- بواقع 2% إلى 3% عن الألف جنيه
الأولى من قيمة الحق المتنازع عليه، ثم تدرج في الزيادة إلى 5% -كحد أقصى فيما زاد
على أربعة آلاف جنيه -بحيث تتناسب مع الخدمة المقدمة ، كمقابل يناسبها عاد على
طالبها ما يوازيها وعلى وجه لا يرهق فيه وصول الحقوق لأصحابها، وتتم تسويتها بعد
صدور الحكم النهائي في الدعوى ويلزم بها - كرسوم نهائية - خاسر الدعوى ، إذ أن
أساس الحكم بالمصروفات، والرسوم جزء منها، هو حصول النزاع في الحق الذي حكم به،
فإذا كان مسلماً به ممن وجهت إليه الدعوى أو كان الغرض من التداعي الكيد للمدعى
عليه أو الإضرار به فغرم التداعي يقع على من وجهها، وإذا كان الحق منكوراً ممن
وجهت إليه الدعوى ، فغرم التداعي يقع على عاتقه، باعتباره المتسبب دون وجه حق في إجراءات
الخصومة القضائية ، بحسبان أن مرفق العدالة أدى له الخدمة التي طلبها كمقابل
لتكلفتها عوضاً عما تكبدته الدولة من نفقة في سبيل تسيير هذا المرفق، بما لا
يتعارض ومساهمة المتقاضين في نفقات تسييره على نحو ما سلف. والتزاماً منه بما نصت
عليه المادة (69) من الدستور نظم المشرع سبل إعفاء غير القادرين مالياً من أداء
الرسوم القضائية على نحو ما جاء بالمادة (23) من قانون الرسوم القضائية المشار
إليه، سواء قبل رفع الدعوى أو أثناء نظرها أو بعد الفصل فيها. فضلاً عن أن المشرع
لم يجعل سلطة قلم الكتاب في تقدير الرسوم النسبية المستحقة على دعاوى صحة العقود
أو فسخها -وغيرها من الدعاوى - مطلقة ، بل أتاح لذي الشأن المعارضة في أمر تقديرها
على النحو المبين في المواد (16، 17، 18) من قانون الرسوم القضائية آنف البيان،
بحيث تكون مراجعتها والكلمة الفصل فيها للقضاء وحده، ومن ثم فإن النص الطعين يكون
قد جاء ملتزماً بالضوابط الدستورية التي تحكم سلطته التقديرية في مجال تنظيم حق التقاضي
دون أن يصادرها أو يقيدها أو يفرغها من مضمونها، غير متناقض مع المذهب الاشتراكي
الذى تنتهجه الدولة وما يستلزمه من تسيير سبل العدالة ، متخيراً من بين البدائل
المختلفة التي تتصل بالموضوع محل التنظيم أنسبها وأكفلها لتحقيق الأغراض التي
يتوخاها في مجال تنظيم حق التقاضي وتسيير مرفق العدالة بما يتفق وأحكام الدستور.
ومن ثم فإن النص الطعين استقامت أحكامه في هذا الإطار مع أحكام المادتين (68، 119)
من الدستور .
وحيث إنه متى كان ما تقدم وكان النص سالف البيان لا يخالف أي نص آخر
في الدستور، فإنه يتعين رفض الدعوى .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعين
المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق