جلسة 11 من أكتوبر سنة 1954
برياسة السيد الأستاذ إبراهيم خليل المستشار، وحضور السادة الأساتذة:
مصطفى حسن، وحسن داود، وأنيس غالي، ومصطفى كامل المستشارين.
----------------
(15)
القضية
رقم 569 سنة 24 القضائية
نقض.
طعن لا مصلحة منه. عدم قبوله. مثال في جريمة التزوير.
-------------
إذا أثبتت المحكمة على
المتهم واقعتي التزوير والاشتراك فيه بعناصرهما القانونية فلا يقبل منه النعي
عليها بأنها أغفلت النظر في مركز شركائه في مقارفة الجريمة إذ لا مصلحة له فيما
يثيره من هذا القبيل.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن: أولاً – بصفته موظفاً عمومياً من
مأموري التحصيل (كاتب نيابة الدلنجات للأحوال الشخصية) ارتكب في أثناء تأدية
وظيفته تزويراً في أوراق رسمية هي قسائم تحصيل, وذلك بأن غير أرقام وتفقيط المبالغ
التي أثبتت أصلاً بهذه القسائم وأثبت بها مبالغ تقل عن الأولى كما غير تاريخ ونوع
الرسم المستحق ورقم القضية الخاصة في بعضها. ثانياً – استعمل القسائم المزورة
المذكورة مع علمه بتزويرها بأن ورد بموجبها إلى خزانة المحكمة بالدلنجات ما حصله
من مبالغ على أساس ما أثبته بها بعد التزوير. ثالثاً – بصفته السالفة اختلس مبلغ
27 جنيها و 290 مليماً من الأموال الأميرية التي في عهدته والتي توصل إليها بتزوير
تلك القسائم. رابعاً – بصفته السالفة ارتكب في أثناء تأدية وظيفته تزويراً في
ورقتين رسميتين هما صورتان رسميتان لقرارين صادرين من محكمة الدلنجات للأحوال
الشخصية في القضية رقم 20 سنة 1950 حسبي الدلنجات في تركة المرحوم محمد عبد المجيد
الجالى أحدهما بجلسة 3/ 5/ 1951 والآخر بجلسة 29/ 11/ 1951 وذلك بأن اصطنع هاتين
الصورتين حال تحريرهما المختص بوظيفته وكان هذا يجعله واقعة مزورة في صورة واقعة
صحيحة مع علمه بتزويرها بأن نسب صدور هذين القرارين من محكمة الدلنجات للأحوال الشخصية
وأثبت بصورة القرار الأول تصريح المحكمة للوصي علي محمد عبد المجيد الجالى
بالتوقيع على عقد مشترى ما يخص القصر في العشرة أفدنة المدرجة بمحضر جرد التركة
نيابة عن القصر وأثبت بصورة القرار الآخر تصريح المحكمة للوصي المتقدم ذكره
بالتوقيع نيابة عن القصر على عقد فك رهن الفدان المشار إليه بالطلب المقدم من
الوصي وتسجيله نيابة عن القصر, وقد توصل المتهم بذلك إلى اختلاس مبلغ مائة قرش من
مال الوصي المذكور والذي سلم إليه بسبب وظيفته. خامساً – استعمل صورة القرارين
السالفين وهو عالم بتزويرهما بأن سلمهما للوصي علي محمد عبد المجيد الجالى سالف
الذكر. سادساً - بصفته السالفة ارتكب في أثناء تأدية وظيفته تزويراً في ورقة رسمية
هي دفتر قيد طلبات صور القرارات الصادرة من محكمة الدلنجات للأحوال الشخصية قرين
الطلب رقم 96 سنة 1951 المقدم من الوصي محمد عبد المجيد الجالى حالة تحريره المختص
بوظيفته بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرهما وذلك بأن وقع
بإمضاء نسب صدوره زوراً إلى الوصي المذكور في الخانة المعدة لاستلام الصور. سابعاً
– بصفته السالفة ارتكب في أثناء تأدية وظيفته تزويراً في ورقة رسمية هي دفتر الصور
المشار إليه قرين الطلب رقم 18 سنة 1952 حالة تحريره المختص بوظيفته يجعله واقعة
مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها وذلك بأن اثبت قرين هذا الطلب استلام
الوصي عبد العزيز حسن صورة رسمية من قرار صادر من محكمة الدلنجات للأحوال الشخصية
بجلسة 29/ 11/ 1951. ثامناً – بصفته السالفة ارتكب في أثناء تأدية وظيفته تزويراً
في ورقة رسمية هي قرار صادر من محكمة الدلنجات للأحوال الشخصية في القضية رقم 2
سنة 1938 حسبي الدلنجات بعزل الوصية عائشة خميس عيسى حال تحريره المختص بوظيفته
بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها وذلك بأن أثبت على هامش
هذا القرار أن الرسم المستحق وقدره 500 مليم قد ورد للخزانة في 31/ 1/ 1951 بموجب
القسيمة رقم 9525635. تاسعاً – ارتكب تزويراً في محرر عرفي هو طلب مؤرخ 1/ 1/ 1952
باستلام صورة قائمة الجرد في القضية رقم 21 سنة 1951 حسبي الدلنجات تركة المرحوم
سعد محمد حسن بأن اصطنع هذا الطلب ونسبه للوصية مقبولة عبد الحميد حسن أبو غنيمة
ووضع عليها ختماً مزوراً منسوباً إليها. عاشراً – استعمل ذلك الطلب المزور مع علمه
بتزويره بأن أودعه ملف القضية السالفة رقم 21 سنة 1951 حسبي الدلنجات , وطلبت إلى
غرفة الاتهام إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 112 و 211 و 213 و 214 و
215 من قانون العقوبات فصدر قرارها بذلك في هذه القضية وفى قضية الجناية رقم 380
سنة 1952 دلنجات ورقم 87 سنة 1952 كلى المتهم فيها مصطفى محمد عبد الرسول (الطاعن)
التي أمرت محكمة الجنايات بضمها. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضورياً عملاً بالمواد
211 عن التهمة الأولى و40/ 3 و 41 و211 عن التهمة الثانية مع تطبيق المادة 325/ 2
من قانون العقوبات. أولاً – بضم القضيتين رقمي 380و495 سنة 1952 دلنجات للقضية رقم
381 سنة 1952 دلنجات للارتباط والفصل فيها جميعاً بحكم واحد. ثانياً – بمعاقبة
مصطفى محمد عبد الرسول بالسجن لمدة ثلاث سنين وبغرامة 27 جنيهاً و290 مليماً
وإلزامه برد مبلغ 27 جنيهاً و290 مليماً وذلك عن جميع التهم المسندة إليه وأمرت
بمعاملته معاملة حرف ( أ ) المنصوص عليها في لائحة السجون. فطعن الطاعن في هذا الحكم
بطريق النقض...إلخ.
المحكمة
وحيث إن مبنى الوجه الأول
هو أن الطاعن مصاب بخلل في قواه العقلية يجعله غير مسئول عن أفعاله الجنائية ودليل
ذلك انعدام مصلحته في ارتكاب التزوير وإيراد الحكم عبارات يستشف منها حيرة المحكمة
في تعليل إقدام الطاعن على ارتكاب الجريمة مما كان يوجب عليها إجابة الدفاع إلى
طلبه عرض الطاعن على طبيب أخصائي لفحص قواه العقلية ولكن المحكمة رغم ذلك رفضت هذا
الطلب استناداً إلى أسباب لا تبرر رفضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بعد أن بين الباعث الذي حمل الطاعن على ارتكاب التزوير وقال إنه ارتكبه
لاختلاس المبالغ التي تصل إلى يده عرض للطلب المشار إليه في طعنه ورد عليه بقوله
"إن الدفاع عن المتهم أثار بالجلسة أن بالمتهم خبلاً وطلب عرضه على طبيب أخصائي
لمعرفة مدى مسئوليته عن عمله ولما كان المتهم قد ظل يباشر عمله ثلاث سنين لم يلاحظ
عليه أحد من رؤسائه أو المفتشين شيئا مما بزعمه الدفاع , وقد استمر التحقيق معه في
الجرائم المسندة إليه مدة طويلة لم يثر المتهم ولا المحامي عنه شيئا عن ذلك المرض
النفسي ولم يتقدم الدفاع بهذا الدفع أمام غرفة الاتهام بما يقطع بأن الدفع غير جدي
إذ لو كانت هذه الحالة قائمه بالمتهم وكانت سبيله الوحيد في الدفاع عن نفسه لما
أغفل الدفاع الإشارة إليها أمام غرفة الاتهام وهى مما لا يمكن التغاضي عنه , وفوق
ذلك فإن المحكمة تلاحظ أن إجابات المتهم سواء في التحقيق أو بالجلسة كانت متزنة
تتنافى مع الدفع الذي تقدم به الدفاع أخيرا , ومن ثم لا ترى المحكمة محلا لإجابة
هذا الطلب, ولما كان ما قاله الحكم من ذلك سائغا ومن شأنه أن يؤدى إلى ما انتهى
إليه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه
الثاني هو أن النيابة العامة اعتبرت الأشخاص الذين قيل إنهم أعطوا الطاعن نقودا
شهود إثبات ضده مع أنهم على هذا الفرض يعتبرون شركاء له في جريمة التزوير وقد نبه
الدفاع عن الطاعن محكمة الموضوع إلى هذه الحقيقة فلم تلق لها بالا ولم ترد عليها
وفى ذلك قصور يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لا مصلحة للطاعن
فيما يثيره في هذا الوجه ولا شأن له في التحدث عن وجوب إقامة الدعوى الجنائية على
من يدعى أنهم أعطوه نقودا ليرتكب التزوير لمصلحتهم لأن ذلك من شئون السلطة التي
خولها القانون حق إقامة الدعوى العمومية لما كان ذلك وكانت المحكمة قد أثبتت على
الطاعن واقعتي التزوير والاشتراك فيه بعناصرها القانونية, فلا يقبل منه النعي
عليها بأنها أغفلت النظر في مركز شركائه المزعومين في مقارفة الجريمة.
وحيث انه لما تقدم يكون
الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق