الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 14 سبتمبر 2013

الطعن 8 لسنة 46 ق جلسة 10/ 1/ 1979 س 30 ج 1 أحوال شخصية ق 44 ص 176

جلسة 10 من يناير سنة 1979
برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، محمد طه سنجر، إبراهيم فراج ومحمد أحمد حمدي.
--------------
(44)
الطعن رقم 8 لسنة 46 ق "أحوال شخصية"
(5 - 1) أحوال شخصية "الإثبات". إثبات. "البينة".
(1) الوقائع الواجب شمول حكم الإحالة للتحقيق عليها. م 71. إثبات. نص الحكم على قيام الزوجية بالبينة رغم ثبوتها بعقد رسمي غير مجحود. لا عيب.
(2) البلوغ كاف لصحة أداء الشهادة. أداء الصبي لا يصح وإن كان عاقلاً.
(3) عدم قبول شهادة الفرع للأصل وإن علا أو الأصل للفرع وإن سفل. لا يغير من ذلك أن تكون الواقعة المشهود عليها من المسائل الشرعية أو المالية.
 (4)رفض المحكمة سماع شهادة الوالد لوالده. للأخير طلب إتاحة الفرصة له لاستكمال نصاب الشهادة بشاهد آخر.
 (5)الأصًل في الشهادة. وجوب معاينة الشاهد للواقعة محل الشهادة بنفسه. الاستثناء قبول الشهادة بالتسامع في أحوال معينة. ليس من بينها الشهادة في دعوى التطليق للضرر.
----------------
1 - أوجبت المادة 71 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أن يبين في منطوق الحكم الذي يأمر بالإثبات بشهادة الشهود كل واقعة من الوقائع المأمور بإثباتها وإلا كان باطلاً وقد هدفت إلى أن تكون الوقائع معينة بالدقة وبالضبط لينحصر فيها التحقيق وليعلم كل طرف ما هو مكلف بإثباته ونفيه، لأن الإثبات بشهادة الشهود يقوم على ركنين تعلق الوقائع المراد إثباتها بالدعوى وكونها منتجة فيها، ولما كان الواقع في الدعوى أن المطعون عليها قصرت مدعاها على طلب التطليق للضرر بسبب التعدي عليها بالسب والضرب، وكان الثابت أن محكمة أول درجة أحالت الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أنها زوجة للطاعن بصحيح العقد الشرعي وأنه دخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج، وأنها لا تزال في عصمته وفي طاعته، وأنه يسيء معاملتها ويعتدي عليها بالسب والقذف والضرب بما لا يستطاع معه دوام الشعرة بين أمثالهما، وخولت الطاعن النفي، فإنها تكون قد بينت الوقائع التي يجب أن ينحصر فيها التحقيق، وهي كلها متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها، ولا يعيبه أنها أوردت في الوقائع المراد إثباتها قيام الزوجية رغم ثبوتها بوثيقة رسمية غير مجحوده. وإذ لا يعدو ذكرها في الحكم وجوب أن تكون الزوجية قائمة وقت سماع الشهود وإلا أصبحت دعوى التطليق برمتها غير ذات موضوع، ولا ينم هذا بمجرده عن عدم إحاطة بموضوع الدعوى أو تقصير في تمحيص مستنداتها.
2 - يكفي لصحة الأداء في الشاهد البلوغ، فلا يصح أداء الصبي وإن كان عاقلاً، أخذاً بأن في الشهادة معنى الولاية غير المشهود عليه، لأن بها يلزم بالحق ويحكم عليه به، والصبي لا ولاية له على نفسه فلا ولاية له على غيره من باب أولى.
3 - لئن كان من أوفى على السادسة عشرة من عمره يكون بالغاً، إلا أنه لما كان يتعين انتفاء التهمة عن الشاهد وهو شرط لازم لترجيح جانب الصدق على جانب الكذب في الشهادة، فلا تقبل شهادة الأولاد للوالدين وإن علوا، ولا شهادة الوالدين للأولاد وإن سفلوا، اعتباراً بأن الولد بضعة من الوالد، دون تفرقة بين كون الواقعة المشهود عليها من المسائل الشرعية أو الخلافات المالية لتوافر التهمة في الحالين.
4 - لا يسوغ القول بأن استبعاد - المحكمة لشهادة ابن الطاعن لوالده - ينطوي على حرمان الطاعن من استكمال نصاب الشهادة طالما أنه لم يقم الدليل على أنه قد طلب من محكمة الموضوع وبطريقة جازمة إتاحة الفرصة له للاستعانة بآخر بدلاً من ابنه الذي رفضت سماع شهادته. وإذ كانت المحكمة غير ملزمة بلفت نظر الخصوم إلى مقتضيات دفاعهم فإن النعي يكون على غير أساس.
5 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل أنه لا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه ويقطع بصحته يقيناً، أخذاً بأن الشهادة مشتقة من المشاهدة وذلك في غير الأحوال التي تصح فيها الشهادة بالتسامع، وليس من بينها الشهادة في التطليق للأضرار، لما كان ذلك وكان البين من الصورة الرسمية لمحضر التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة أن الشاهد الثاني من شاهدي المطعون عليها لم ير بنفسه اعتداء بالسب أو بالضرب من الطاعن على المطعون عليها، وأن أقواله في أمر الشقاق بين الزوجين مستقاة من سماعه بذلك، وكانت أقوال الشاهد بهذه المثابة لا يمكن التعويل عليها أو الأخذ بدلالتها، وكانت البينة في خصوص التطليق للضرر وفق مذهب الحنفية الواجب الاتباع من عدلين رجلين أو رجل وامرأتين، فإن نصاب الشهادة الشرعية يكون غير مكتمل، وإذا اعتد الحكم المطعون فيه بهذه الأقوال فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 251 سنة 1974 أحوال شخصية "نقس" أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعن طالبة الحكم بتطليقها طلقة بائنة للضرر، وقالت شرحاً لها أنها زوجته ومدخولته ولا تزال على عصمته وفي طاعته، وإذ أصيب بمرض الارتخاء في الأعصاب الذي أقعده عن القيام بواجبات الزوجية ودأب في الفترة الأخيرة في الاعتداء عليها بالسب والقذف والضرب المبرح أمام أفراد أسرتها وجيرانها بما لا يستطاع معه دوام المعاشرة بينهما فقد أقمت الدعوى التي أسستها على سبب واحد هو الاعتداء. وبتاريخ 10/ 11/ 1974 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أنها زوجة للطاعن بصحيح العقد الشرعي وأنه دخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج وأنه يسيء معاملتها ويعتدي عليها بالسب والقذف والضرب بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما، وبعد سماع شهود الطرفين عادت وحكمت بتاريخ 30/ 3/ 75 بتطليق المطعون عليها طلقة بائنة. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 55 لسنة 92 ق "أحوال شخصية القاهرة" وبتاريخ 8/ 2/ 1976 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب، ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه بطلانه من وجهين (أولهما) أن حكم الإحالة للتحقيق الذي أصدرته محكمة أول درجة كلف الطرفين إثبات ونفي واقعة الزوجية بشهادة الشهود، في حين أنها ثابتة بوثيقة الزواج الرسمية غير المحجودة من أحدهما مما يقطع بصدوره دون مطالعة الأوراق وتمحيص مستنداتها وبصمة البطلان وإذ استند الحكم المطعون فيه إلى البينة المترتبة على حكم الإثبات فإن البطلان يلحقه. (والثاني) إن محكمة أول درجة فهمت الدعوى على أن الطاعنة تطلب الطلاق على أساس العجز الجنسي وسايرها الحكم الاستئنافي، ولم يفطن أيهما إلى أن المطعون عليها عدلت عن هذا السبب وقصرت طلب التطليق بسبب التعدي عليها بالسب والضرب، وهو ما يشوبه بالبطلان.
وحيث إن النعي مردود في وجهه الأول، ذلك أن المادة 71 من قانون الإثبات رقم 25 سنة 1968 إذ أوجبت أن يبين في منطوق الحكم الذي يأمر بالإثبات بشهادة الشهود كل واقعة من الوقائع المأمور بإثباتها وإلا كان باطلاً، هدفت إلى أن تكون الوقائع مبينة بالدقة وبالضبط لينحصر فيها التحقيق وليعلم كل طرف ما هو مكلف بإثباته ونفيه، لأن الإثبات بشهادة الشهود يقوم على ركنين تعلق الوقائع المراد إثباتها بالدعوى وكونها منتجة فيها. ولما كان الواقع في الدعوى أن المطعون عليها قصرت مدعاها على طلب التطليق للضرر بسبب التعدي عليها بالسب والضرب وكان الثابت أن محكمة أول درجة أحالت الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أنها زوجة للطاعن بصحيح العقد الشرعي وأنه دخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج، وأنها لا تزال في عصمته وفي طاعته، وأنه يسيء معاملتها ويعتدي عليها بالسب والقذف والضرب بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما، وخولت الطاعن نفيه فإنها تكون قد بينت الوقائع التي يجب أن ينحصر فيها التحقيق، وهي كلها متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها، ولا يعيبه أنها أوردت في الوقائع المراد إثباتها قيام الزوجية رغم ثبوتها وثيقة رسمية غير مجحودة إذ لا يعدو ذكرها في الحكم وجوب أن تكون الزوجية قائمة وقت سماع الشهود وإلا أصبحت دعوى التطليق برمتها غير ذات موضوع، ولا ينم هذا بمجرده عن عدم إحاطة بموضوع الدعوى أو تقصير في تمحيص مستنداتها. والنعي غير صحيح في وجهه الثاني، ذلك أن محكمة أول درجة لم تفصل في الدعوى على أساس العجز الجنسي ولم تتخذ منه سبباً للطلاق، وإنما بنت حكمها على ما ثبت لها من اعتداء الطاعن على المطعون عليها بالسب والضرب بما يستحيل معه دوام العشرة بينهما ويكون النعي واقعاً على غير محل.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أيد مسلك محكمة أول درجة في استبعاد سماع أحد شاهديه بحجة منع الحرج والرحمة بالصغير، في حين أن الشاهد المستبعد هو ابن الخصمين المتداعيين، وهو بهذه المثابة أقرب الناس إلى صدق الرواية باعتباره معاشراً لهما، وشهادته في هذا الخصوص تنصب على مسألة غير مالية. بالإضافة إلى أنه أوفى على السادسة عشرة من عمره فتوافر فيه شرط أداء الشهادة وهو بلوغ الحلم. هذا إلى أن استبعاد الشاهد أدى إلى حرمانه من استكمال نصاب الشهادة ومنعه من تقديم أدلته في الإثبات، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه وإن كان يكفي لصحة الأداء في الشاهد البلوغ، فلا يصح أداء الصبي وإن كان عاقلاً، أخذاً بأن في الشهادة معنى الولاية على المشهود عليه، لأن بها يلزم بالحق ويحكم عليه به، والصبي لا ولاية له على نفسه فلا ولاية له على غيره من باب أولى، ولئن كان من أوفى على السادسة عشرة من عمره يكون بالغاً، إلا أنه لما كان يتعين انتفاء التهمة عن الشاهد هو شرط لازم لترجيح جانب الصدق على جانب الكذب في الشهادة، فلا تقبل شهادة الأولاد للوالدين وإن علوا، ولا شهادة الوالدين للأولاد وإن سفلوا، اعتباراً بأن الولد بضعة من الوالد، دون تفرقة بين كون الواقعة المشهود عليها من المسائل الشرعية أو الخلافات المالية لتوافر التهمة في الحالين، فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي فيما جرى عليه من استبعاد ابن الطاعن من الإدلاء بشهادته يكون قد التزم النهج الشرعي السليم. لما كان ذلك، وكان لا يسوغ القول بأن استبعاد الشهادة على النحو السالف ينطوي على حرمان الطاعن من استكمال نصاب الشهادة طالما أنه لم يقم الدليل على أنه قد طلب من محكمة الموضوع وبطريقة جازمة إتاحة الفرصة له للاستعانة بآخر بدلاً من ابنه الذي رفضت سمع شهادته، وإذ كانت المحكمة غير ملزمة بلفت نظر الخصوم إلى مقتضيات دفاعهم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بباقي الأسباب على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم ساير محكمة أول درجة في ترجيح أقوال شاهدي المطعون عليها وإطراح شهادة شاهده، في حين أن أقوال شاهدها الثاني جاءت سماعية مستقاه عن الشاهد الأول. الأمر الذي يفتقر مع نصاب الشهادة شرعاً وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل أنه لا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه ويقطع بصحته يقيناً، أخذاً بأن الشهادة مشتقة من المشاهدة، وذلك في غير الأحوال التي تصح فيها الشهادة بالتسامع، وليس من بينها الشهادة في التطليق للإضرار. لما كان ذلك، وكان البين من الصورة الرسمية لمحضر التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة أن الشاهد الثاني من شاهدي المطعون عليها لم ير بنفسه اعتداء بالسب أو بالضرب من الطاعن على المطعون عليها، وأن أقواله في أمر الشقاق بين الزوجين مستقاه من سماعه بذلك. لما كان ما تقدم، وكانت أقوال الشاهد بهذه المثابة لا يمكن التعويل عليها أو الأخذ بدلالتها، وكانت البينة في خصوص التطليق للضرر وفق مذهب الحنفية الواجب الاتباع من عدلين رجلين أو رجل وامرأتين، فإن نصاب الشهادة الشرعية يكون غير مكتمل. وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بهذه الأقوال فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق