جلسة 5 من أكتوبر سنة 2003
برئاسة
السيد المستشار / مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / أنور
محمد جبري ، أحمد جمال الدين عبد اللطيف ، عادل الكناني نواب رئيس المحكمة وسيد
الدليل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(125)
الطعن 4362 لسنة 73 ق
(1) إعدام . نيابة عامة . محكمة النقض " سلطتها " .
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام . غير لازم . اتصال محكمة
النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها .
(2) قتل عمد . قصد جنائي . محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير توافر نية القتل " .
قصد القتل أمر خفي . إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر
الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عنه . استخلاصه . موضوعي .
(3) قتل عمد . اقتران . عقوبة " تطبيقها
" . ظروف مشددة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
المادة 234 /2 عقوبات . مناط تطبيقها ؟
المصاحبة الزمنية بين الجنايتين . شرط توافرها : أن تكونا قد ارتكبتا في وقت
واحد أو في فترة قصيرة من الزمن . تقدير ذلك . موضوعي .
مثال لتسبيب سائغ لاستظهار نية
القتل وتوافر ظرف الاقتران المشدد لعقوبة القتل العمد .
(4) جريمة " أركانها " .
حريق عمد . مسئولية جنائية .
كفاية فتح موقد الغاز لتسريب الغاز بالمسكن وإشعال
النار عمداً في ستائر صالته . وغلق بابه بمفتاح المجني عليه . لقيام المسئولية الجنائية عن جريمة
الحريق العمد .
(5) عقوبة " العقوبة المبررة
" . قتل عمد . اقتران . حريق عمد . مواد مخدرة . نقض " المصلحة في الطعن
" .
انتفاء مصلحة المحكوم عليه في تعييب الحكم في خصوص استظهار توافر جريمة
تعاطي المواد المخدرة . ما دام الحكم قد دانه بجريمة القتل العمد المقترن بجناية
الحريق العمد المعاقب عليه بالإعدام .
(6) أسباب الإباحة " الدفاع
الشرعي " . قتل عمد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع
الشرعي " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها . موضوعي .
الدفاع الشرعي شُرع لرد الاعتداء والحيلولة من الاستمرار فيه .
مثال لعدم تحقق موجب الدفاع الشرعي في حق المتهم .
(7) استدلالات . محكمة الموضوع "
سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
(8) دفوع
" الدفع بصدور الإذن بعد القبض والتفتيش " . محكمة الموضوع "
سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض
" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بصدور الإذن بالضبط بعد الضبط . موضوعي . كفاية
اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناءً على الإذن رداً عليه .
مثال لتسبيب سائغ في إطراح الدفع ببطلان القبض لحصوله قبل صدور الإذن في
جريمة قتل عمد .
(9) محكمة الموضوع " سلطتها في
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التي اطمأنت
المحكمة إليها . موضوعي .
(10) إعدام . حكم " تسبيبه .
تسبيب غير معيب " .
الحكم الصادر بالإعدام . ما يلزم من تسبيب لإقراره ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت النيابة العامة قد عرضت الدعوى المطروحة
على هذه المحكمة عملاً بما هو مقرر بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن
حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها مؤرخة .... انتهت
فيها إلى طلب إقرار الحكم المعروض وذلك دون إثبات تاريخ تقديم تلك المذكرة بحيث
يستدل منه أنه روعي فيها عرض القضية فى ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من
ذلك القانون إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض –
لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها
عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها – دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة
بمذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى في ذلك أن يكون عرض النيابة
في الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للدعوى .
2- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قصد القتل أمر خفى
لا يدرك بالحس الظاهر وإنما تستنبطه المحكمة من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات
والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذا
القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية .
3- من المقرر أنه يكفى لتغليظ العقاب عملاً بالمادة
234 /2 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل
وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت
واحد أو فى فترة قصيرة من الزمن وملاك الأمر في تقدير ذلك يستقل به قاضى الموضوع
ولما كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً في استظهار نية القتل ويتحقق به ظرف
الاقتران المشدد لعقوبة القتل العمد كما هو معرف به في القانون . إذ أثبت الحكم
مقارفة الطاعن كل من جريمتي تعاطى المواد المخدرة وجناية الحريق العمد بفعلين
مستقلين عن جريمة القتل العمد وإتمامهما على مسرح واحد وفي عين الوقت . هذا إلى أن
توافر هذا الظرف كاف لتوقيع عقوبة الإعدام عن جريمة القتل العمد . ومن ثم فإن
الحكم يكون قد التزم صحيح القانون فيما خلص إليه في هذا الشأن .
4-لما كان ما أثاره المدافع عن المحكوم عليه بجلسة
المحاكمة من عدم صحة إسناد الحريق العمد إلى المحكوم عليه ، وأن المتهم كان معه
سيجارة هي التي قد تكون تسببت في الحريق ، فإن الثابت أن الحكم قد عرض لجريمة
الحريق العمد فدلل عليها تدليلاً سديداً إذ أثبت في حق المتهم أنه إخفاءً لآثار
جريمته أغلق نوافذ وأبواب الشقة وفتح موقد الغاز لتسريب الغاز بالمسكن وأشعل النار
عمداً في الستارة الكائنة بصالة المسكن وولى هارباً بعد أن أغلق باب المسكن بمفتاح
المجنى عليه ، بما يكفي لتحقق هذه الجريمة أياً كانت نتيجته أو الباعث عليها سواء
كان القصد منه هو إحراق المكان أو كان وضع النار فى المكان لتحقيق أي قصد آخر .
5- لما كان ذلك ، وكان الحكم قد دان الطاعن بجريمة
القتل العمد المقترن بجناية الحريق العمد المعاقب عليها بالإعدام فإنه لا محل
للتعرض لجريمة تعاطى المواد المخدرة لانتفاء مصلحة المحكوم عليه في تعييب الحكم في
هذا الخصوص فضلاً عن أن الحكم قد أثبت قيامها استناداً إلى الأدلة السائغة التي أوردها
.
6- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع المتهم بأنه
كان فى حالة دفاع شرعى عن نفسه واطرحه بقوله : " وحيث إنه بالنسبة لدفع
المتهم بأنه كان فى حالة دفاع شرعى عن نفسه ضد عدوان المجنى عليه فهو غير سديد ولا
سند له من الواقع أو القانون ذلك أن المتهم أقر صراحة للشاهد الأول إثر مواجهته
بما لديه من التحريات بأن هو الذى بدأه بالاعتداء بطعنه بالسكين الكبير الذي كان
يخفيه بالجورب بحذائه وأنه كان مصمماً على الاعتداء على المجني عليه إذ لم يرد
إليه نقوده وتطمئن المحكمة إلى هذا الإقرار دون عدول المتهم عنه بتحقيق النيابة
والزعم بأنه كان يدافع عن نفسه في مواجهته قذف المجنى عليه إياه بالأباجورة لاسيما
أن إقرار المتهم للشاهد الأول هو الذى يتفق مع التسلسل الطبيعي للأفعال فلا يعقل
أن المجنى عليه ، الذى لم يسدد ما عليه للمتهم ، ونهره لمجرد مطالبته إياه بإعطائه
هاتفه المحمول سداداً لذلك الدين لا يكتفى بذلك وإنما يبادر بقذفه بالأباجورة
والعكس هو الصحيح فالمتهم هو الذي بدأ تنفيذاً لقصده ضرب المجنى عليه بطعنه
بالسكين في بطنه وعندما حاول المجنى عليه الدفاع عن نفسه باستعمال السكين التي
كانت بحوزته وأحضرها من المطبخ أمسكها المتهم بقبضة يده اليسرى فجرحتها وحينئذ
حاول المجنى عليه - المطعون فى بطنه طعنة نافذة أخرجت أحشاءه والأعزل- الفرار من عدوان
المتهم فاتجه صوب باب الشقة وفى تلك اللحظة اتجهت نية المتهم إلى الإجهاز عليه حتى
لا يفضح جريمته فلاحقه ووالى طعنه بالسكين فى عنقه وكتفه الأيمن وظهره ورأسه
قاصداً إزهاق روحه حتى سقط على الأرض بجوار باب الشقة ومن ثم فإن المتهم في اللحظة
المذكورة كان معتدياً أيضاً ولم يكن يرد عدواناً أو خطر عدوان إذ أن المجنى عليه
الأعزل لم يفكر سوى في الفرار من عدوان المتهم والنجاة بنفسه ومن ثم فإن الزعم بأن
المتهم كان يرد عدواناً بدأه المجنى عليه أو يرد مواصلة عدوان المذكور عليه أو حتى
يرد خطر عدوان عليه دفاعاً عن نفسه لا أساس له من الواقع أو القانون جدير
بالالتفات عنه " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى ، للمحكمة
الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبت عليها ، وكان
حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر
الاعتداء وبين الاستمرار فيه فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان
يعتدى أو يحاول فعلاً الاعتداء على المدافع أو غيره ، وإذ كان ما أورده الحكم فيما
تقدم من أن المتهم لم يكن فى حالة دفاع شرعي عن النفس بل كان معتدياً قاصداً إلحاق
الأذى بالمجنى عليه لا دفع اعتداء وقع عليه أو على غيره ، وكان ما أثبته الحكم من
أن حصول إصابة المتهم مرجعه محاولة المجني عليه دفع اعتداء المتهم عليه بعد أن
طعنه المتهم بالسكين في بطنه فإن ما انتهى إليه الحكم يكون صحيحاً فى حكم القانون
.
7- من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل
الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات
التي بني عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إصداره ، وأقرت النيابة العامة على تصرفها
في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون .
8- لما كان الحكم قد عرض لدفع المحكوم عليه بمحضر جلسة
المحاكمة ببطلان القبض لحصوله قبل صدور إذن النيابة العامة ورد عليه بقوله :
" وحيث إنه بالنسبة للادعاء بأن المتهم كان مقبوضاً عليه قبل صدور إذن
النيابة بالقبض عليه وتفتيشه ، فهو ادعاء مخالف للواقع إذ الثابت من مطالعة الإذن
المذكور أنه صدر بتاريخ ..... الساعة .... م – وشهد العقيد .... بتحقيق النيابة بأنه
قبض على المتهم بذات التاريخ الساعة ..... مساء وإذ تطمئن
المحكمة إلى هذه الشهادة فإن القبض على المتهم وتفتيشه وتفتيش مسكنه كان تالياً
لإذن النيابة ونفاذاً له وفى وقت يتسع لهذه الإجراءات ويتعين لذلك الالتفات عن هذا
الدفع " . ولما كان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى أن الضبط كان لاحقاً على
الإذن الصادر به استناداً إلى وقت صدور الإذن والمواقيت المبينة بالإذن وشهادة
ضابط الواقعة التي اطمأنت المحكمة إليها وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن
بالضبط إنما هو دفاع موضوعي . فإنه يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط
بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها ، فإن ما رد به الحكم يكون سائغاً وفق
صحيح القانون .
9- لما كان ما أثاره المدافع عن المحكوم عليه بمحضر
جلسة المحاكمة من منازعته فى شأن التكييف القانوني للواقعة وأنها فى حقيقتها ضرب
أفضى إلى موت ، فإن ذلك مردود بأنه لا محل له لأنه لا يعدو أن يكون نعياً وارداً
على سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة
الثبوت التي وثقت بها واطمأنت إليها مما تستقل
به بغير معقب ما دام قضاؤها في ذلك سليم – كما هو الحال في الدعوى .
10- لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات
وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم
المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي
دان المحكوم عليه بالإعدام عنها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في
الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع
آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة
381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية ، كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ
في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في
الدعوى ووفقاً للإجراءات التي نص عليها القانون ولم يصدر بعده قانون يسري على
واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم ، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة
للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه .... .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم ... بأنه :- أولاً : قتل المجنى
عليه ... مع سبق الإصرار بأن عقد العزم وبيت النية على قتله وأعد لذلك سلاحاً أبيض
(سكين) وتوجه لمسكن المجنى عليه وطالبه بما له من مبالغ نقدية بذمته وما أن رفض
المجنى عليه حتى استل السلاح المذكور لتنفيذ ما قد انتواه وما أن ظفر به حتى أشهر
السلاح ثم انهال عليه طعناً في أنحاء متفرقة من جسده قاصداً من ذلك إزهاق روحه فأحدث
به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد ارتكبت هذه
الجناية بقصد ارتكاب جنحة أخرى مرتبطة هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر
سرق المبلغ النقدي المبين قدراً والهاتف المحمول المبين بالتحقيقات وقد اقترنت هذه
الجناية بجنايتين أخرتين هما أنه فى ذات الزمان والمكان سالفي الذكر (أ) وضع
النار عمداً في محل مسكون ومعد للسكنى (مسكن المجني عليه سالف الذكر) بأن أدار
موقد الطهى " البوتاجاز " مما أدى لتسرب الغاز الطبيعي وأشعل عود ثقاب
وألقاه بصالة المسكن مما أدى لاشتعال النيران به والتي أتت على بعض محتوياته ، (ب)
أحرز بقصد التعاطي نباتاً ممنوعاً زراعته " نبات الحشيش " في غير
الأحوال المصرح بها قانوناً . ثانياً : أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيضاً ( سكين ) .
وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقاً للقيد
والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قررت إحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء
الرأي وحددت جلسة ... سنة .... للنطق بالحكم .
وبجلسة ..... سنة .... قضت ذات المحكمة وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 230 ،
231 ، 234 /1 ، 252 ، 317 /1 من قانون العقوبات والمواد 29 ، 37 /1 ، 42 /1 من القانون
رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم (1) من الجدول رقم (5) الملحق والمعدل بقرار وزير الصحة رقم
46 لسنة 1997 والمواد 1/1 ، 25 مكرراً/1 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة
1954 المعدل والبند رقم (11) من الجدول رقم (1) الملحق والمعدل بالقانون رقم 97
لسنة 1992 مع إعمال المادة 32 /2 من قانون العقوبات بمعاقبته بالإعدام شنقاً عما
أسند إليه وبمصادرة السلاح الأبيض ونبات الحشيش المخدر المضبوطين .
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .
وهذه المحكمة قضت بقبول عرض النيابة العامة للقضية وطعن المحكوم عليه شكلاً
وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... لتحكم
فيها من جديد دائرة أخرى .
ومحكمة الإعادة ( بهيئة أخرى) قررت إحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتى
الجمهورية لإبداء الرأي في توقيع عقوبة الإعدام على المتهم وحددت جلسة ... للنطق
للحكم .
وبالجلسة المحددة قضت ذات المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 230
، 234 /1 ، 2 ، 252 /1 ، 317 /أولاً من قانون العقوبات والمواد 29 ، 37 /1 ، 42/ 1 من
القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم " 1
" من الجدول رقم ( 5 ) الملحق والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997
والمواد 1/1 ، 25 مكرراً/1 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم
" 11 " من الجدول رقم ( 1 ) الملحق به والمادة 304 /2 إجراءات جنائية مع
تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبته بالإعدام شنقاً عما أسند إليه
وبمصادرة المخدر والسلاح المضبوطين .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في .... سنة ... وعرضت النيابة
العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم
أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن
التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به ، وأن تقديم الأسباب التي بني عليها
الطعن في الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم
الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام
الآخر ولا يغني عنه .
ومن حيث إن النيابة العامة قد عرضت الدعوى المطروحة على
هذه المحكمة عملاً بما هو مقرر بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات
وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها مؤرخة ... من ... سنة .....
انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم المعروض وذلك دون إثبات تاريخ تقديم تلك المذكرة
بحيث يستدل منه أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة
34 من ذلك القانون إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء محكمة
النقض – لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد
عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها – دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي
ضمنته النيابة بمذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن
يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة
العامة للدعوى .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى فى قوله أنها " تتحصل
فى أن المتهم .... أقرض المجنى عليه .... مبلغاً من النقود ، وإذ ماطله فى سداده
قرر أن يتوجه إليه بمسكنه المبين بالتحقيقات ليحصل على هذا المبلغ وإلا اعتدى عليه
بالضرب بسلاح أبيض " سكين " أخفاه بجوربه ، ويستولى على ما يجده من
منقولات ونقود ، وفعلاً توجه إلى ذلك المسكن صباح يوم .... ليضمن وجود المجنى عليه
به ، وأثناء جلوسه معه بحجرة نومه تعاطيا نبات الحشيش المخدر ، ثم طالبه المتهم
بسداد ما عليه ، وإذ اعتذر بعدم وجود مال لديه ، طلب منه أن يعطيه هاتفه المحمول
لكنه رفض ذلك ونهره على طلبه هذا ، وحينئذ استل المتهم السكين من جوربه وطعنه بها
فى بطنه فخرجت أحشاؤه ، وإذ حاول المجنى عليه الدفاع عن نفسه بسكين كان قد أحضرها
من المطبخ أمسكها المتهم فجرحت يده ، وعندما اتجه المجنى عليه صوب باب المسكن
فراراً من عدوان المتهم وطلباً للنجدة انصرفت نية المتهم في تلك اللحظة إلى إزهاق
روحه والتخلص منه حتى لا يفضح جريمته لو بقى حياً ، فراح يسدد له الطعنات قاصداً
إزهاق روحه ، وقد نفذ منها ثلاث طعنات في عنقه وكتفه حتى سقط أرضاً وفارق الحياة ،
وعندما تأكد المتهم من موته ضمد جرح يده بقطعة قماش ثم استولى على الهاتف المحمول
" ماركة ..... خط رقم ... " وعلى مبلغ ..... جنيه ... جنيهاً من داخل كيس وسادة سرير نوم المجني عليه كان قد أخذه من خاله
لشراء محمول له وإخفاء لآثار جريمته اغلق المتهم نوافذ وأبواب الشقة وفتح موقد
الغاز لتسريب الغاز بالمسكن وأشعل النار عمداً في الستارة الكائنة بصالة المسكن
وولى هارباً بعد أن أغلق باب المسكن بمفتاح المجنى عليه ، ثم توجه إلى مستشفى ....
حيث تم تضميد جرح يده بعمل غرز جراحية بها ، وتوجه بعد ذلك إلى مسكن عمه .... وزعم
لزوجته ... بأن سيارة صدمته وأحدثت إصاباته وطلب منها غسل ملابسه وسلمها الهاتف
المحمول ومبلغ .... جنيه لإعطائه لشقيقه ..... " وقد ساق الحكم على ثبوت
الواقعة على هذه الصورة في حق المحكوم عليه أدلة استقاها من أقوال الشهود وإقرار
المتهم بتحقيقات النيابة العامة وما قرره بجلسة المحاكمة والمعاينة التصويرية
لمكان الجريمة وما ورد بتقرير الصفة التشريحية للمجنى عليه وتقرير الطب الشرعي
الخاص بالمتهم وتقرير مصلحة الأدلة الجنائية والمعمل الكيماوي ، وضبط السلاح
المستخدم في الواقعة والهاتف المحمول وبعض النقود المسروقة ، وكان الحكم قد استظهر
نية القتل في حق المحكوم عليه بقوله : " وحيث إنه بالنسبة لنية القتل فإنها
ثابتة قبل المتهم ، فقد استعمل سلاحاً أبيض " سكين " كبير الحجم بنصل
معدني ذي حافة حادة وطرف مدبب وطول نصله المعدني حوالى 22 سم وطول مقبضه حوالى 14
سم وأقصى عرض للنصل حوالى 4 سم ، وهي أداة قاتلة بطبيعتها وسدد أكثر من عشر طعنات
للمجنى عليه وأكثرها في أماكن قاتلة " الرأس والعنق وأعلى الكتف الأيمن
" وقد نفذ منها ثلاث طعنات بالعنق وأعلى الكتف الأيمن وأحدثت تهتكاً في
الأوعية الدموية الرئيسية وذلك عندما حاول المجنى عليه الفرار طلباً للنجاة وقصد
المتهم بتلك الطعنات إزهاق روح المجني عليه كي يحول بينه وبين كشف الجريمة والقبض
عليه بالتالي فقد أقر المتهم للشاهد الأول إثر القبض عليه ومواجهته بالتحريات بأنه
طعن المجنى عليه بالسكين التي أخذها من أدوات جزارة شقيقه في بطنه فأخرج المجنى
عليه سكيناً أحضرها من المطبخ للدفاع عن نفسه عندما لاحظ أنه – أى المتهم - يخفى
سكيناً بجوربه فأمسك المتهم سكين المجنى عليه – بقبضة يده اليسرى - فأحدثت بها
الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي الخاص بالمتهم فاتجه المجنى عليه صوب باب
الشقة محاولاً الفرار بعد أن تمكن المتهم من إسقاط السكين من يده ، وحينئذ اتجهت
نية المتهم – حسبما أقر بالتحقيقات وللشاهد الأول المذكور - إلى إزهاق روح المجني عليه والإجهاز عليه حتى لا يتمكن من النجاة وفضح
جريمته ، وكذلك كان باعثه على التخلص من المجني عليه غيظة منه إذ لم يكتف بعدم
سداد ما عليه من دين له رغم حاجته إليه وإنما راح يشتمه وينهره على طلبه إعطاءه
هاتفه المحمول سداداً لذلك الدين فضلاً عن جرح يده وسيلان الدماء منها بغزارة بسبب
إمساكه سكين المجنى عليه وتحقيقاً لنية القتل هذه تعقب المجنى عليه وانهال عليه
طعناً بالسكين في عنقه ورأسه وظهره قاصداً إزهاق روحه رغم أنه رأى المجني عليه ولم
يكن حاملاً أية أسلحة بل ولم يكرر محاولة الدفاع عن نفسه وكان كل همه الفرار من وجه
المتهم حتى لا يجهز عليه وعندما حاول المجنى عليه تفادى إحدى الطعنات بيده اليمنى
أصابه سكين المتهم بها واستمر المتهم فى تسديد الطعنات للمجنى عليه للإجهاز عليه
حتى سقط على الأرض خلف باب الشقة مباشرة مثخناً
بجراحه ولفظ أنفاسه والمتهم مراقباً إياه حتى تأكد من إزهاق روحه . كما أن
الحكم قد استظهر ظرف الاقتران فى حق المحكوم عليه فى قوله : " وحيث إنه
بالنسبة لظرف الاقتران هو ثابت من ارتكاب جنايتين أخرتين مستقلتين عن جناية القتل
العمد وهما جناية إحراز المتهم نبات الحشيش المخدر بقصد التعاطي في غير الأحوال
المصرح قانوناً والتي تقدمت جناية القتل ، وجناية وضع النار عمداً بمسكن المجني
عليه والتي تلت جناية القتل وهما جنايتان مستقلتان وعن جناية القتل العمد
ومعاصرتان لها " ولما كان ذلك ، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قصد
القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما تستنبطه المحكمة من الظروف المحيطة
بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه
وأن استخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع فى حدود سلطته
التقديرية ، وكان يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234 /2 من قانون العقوبات أن
يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة
الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو فى فترة قصيرة من
الزمن وملاك الأمر في تقدير ذلك يستقل به قاضى الموضوع ، وكان ما أورده الحكم فيما
تقدم كافياً فى استظهار نية القتل ويتحقق به ظرف الاقتران المشدد لعقوبة القتل
العمد كما هو معرف به فى القانون . إذ أثبت الحكم مقارفة الطاعن كل من جريمتى
تعاطي المواد المخدرة وجناية الحريق العمد بفعلين مستقلين عن جريمة القتل العمد
وإتمامها على مسرح واحد وفي عين الوقت . هذا إلى أن توافر هذا الظرف كاف لتوقيع
عقوبة الإعدام عن جريمة القتل العمد . ومن ثم فإن الحكم يكون قد التزم صحيح
القانون فيما خلص إليه في هذا الشأن . لما كان ما تقدم ، وكان ما أثاره المدافع عن
المحكوم عليه بجلسة المحاكمة من عدم صحة إسناد الحريق العمد إلى المحكوم عليه ،
وأن المتهم كان معه سيجارة هي التي قد تكون تسببت في الحريق ، فإن الثابت أن الحكم
قد عرض لجريمة الحريق العمد فدلل عليها تدليلاً سديداً إذ أثبت فى حق المتهم أنه
إخفاءً لآثار جريمته أغلق نوافذ وأبواب الشقة وفتح موقد الغاز لتسريب الغاز
بالمسكن وأشعل النار عمداً فى الستارة الكائنة بصالة المسكن وولى هارباً بعد أن
أغلق باب المسكن بمفتاح المجنى عليه ، بما يكفي لتحقق هذه الجريمة أياً كانت
نتيجته أو الباعث عليها سواء كان القصد منه هو إحراق المكان أو كان وضع النار في
المكان لتحقيق أي قصد آخر . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد دان الطاعن بجريمة القتل
العمد المقترن بجناية الحريق العمد المعاقب عليها بالإعدام فإنه لا محل للتعرض
لجريمة تعاطي المواد المخدرة لانتفاء مصلحة المحكوم عليه في تعييب الحكم في هذا
الخصوص فضلاً عن أن الحكم قد أثبت قيامها استناداً إلى الأدلة السائغة التي أوردها
. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع المتهم بأنه كان في حالة
دفاع شرعي عن نفسه واطرحه بقوله : " وحيث إنه بالنسبة لدفع المتهم بأنه كان
في حالة دفاع شرعي عن نفسه ضد عدوان المجنى عليه فهو غير سديد ولا سند له من
الواقع أو القانون ذلك أن المتهم أقر صراحة للشاهد الأول إثر مواجهته بما لديه من
التحريات بأن هو الذى بدأه بالاعتداء بطعنه بالسكين الكبير الذى كان يخفيه بالجورب
بحذائه وأنه كان مصمماً على الاعتداء على المجنى عليه إذ لم يرد إليه نقوده وتطمئن
المحكمة إلى هذا الإقرار دون عدول المتهم عنه بتحقيق النيابة والزعم بأنه كان
يدافع عن نفسه في مواجهة قذف المجنى عليه إياه بالأباجورة لاسيما أن إقرار المتهم
للشاهد الأول هو الذى يتفق مع التسلسل الطبيعي للأفعال فلا يعقل أن المجنى عليه ،
الذى لم يسدد ما عليه للمتهم ، ونهره لمجرد مطالبته إياه بإعطائه هاتفه المحمول
سداداً لذلك الدين لا يكتفى بذلك وإنما يبادر بقذفه بالأباجورة والعكس هو الصحيح
فالمتهم هو الذى بدأ تنفيذاً لقصده ضرب المجنى عليه بطعنه بالسكين في بطنه وعندما
حاول المجنى عليه الدفاع عن نفسه باستعمال السكين التي كانت بحوزته وأحضرها من
المطبخ أمسكها المتهم بقبضة يده اليسرى فجرحتها وحينئذ حاول المجنى عليه - المطعون في بطنه
طعنة نافذة أخرجت أحشاءه والأعزل ، الفرار من عدوان المتهم فاتجه صوب باب الشقة
وفى تلك اللحظة اتجهت نية المتهم إلى الإجهاز عليه حتى لا يفضح جريمته فلاحقه
ووالى طعنه بالسكين في عنقه وكتفه الأيمن وظهره ورأسه قاصداً إزهاق روحه حتى سقط
على الأرض بجوار باب الشقة ومن ثم فإن المتهم فى اللحظة المذكورة كان معتدياً
أيضاً ولم يكن يرد عدواناً أو خطر عدوان إذ أن المجنى عليه الأعزل لم يفكر سوى فى
الفرار من عدوان المتهم والنجاة بنفسه ومن ثم فإن الزعم بأن المتهم كان يرد
عدواناً بدأه المجنى عليه أو يرد مواصلة عدوان المذكور عليه أو حتى يرد خطر عدوان
عليه دفاعاً عن نفسه لا أساس له من الواقع أو القانون جدير بالالتفات عنه " .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع
الشرعى أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى ، للمحكمة الفصل فيه بغير معقب متى كانت
الوقائع مؤدية إلى النتيجة التى رتبت عليها ، وكان حق الدفاع الشرعى لم يشرع إلا
لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه فلا يسوغ
التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدى أو يحاول فعلاً الاعتداء على المدافع
أو غيره ، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم من أن المتهم لم يكن فى حالة دفاع
شرعى عن النفس بل كان معتدياً قاصداً إلحاق الأذى بالمجنى عليه لا دفع اعتداء وقع
عليه أو على غيره ، وكان ما أثبته الحكم من أن حصول إصابة المتهم مرجعه محاولة
المجنى عليه دفع اعتداء المتهم عليه بعد أن طعنه المتهم بالسكين فى بطنه فإن ما
انتهى إليه الحكم يكون صحيحاً في حكم القانون . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون
فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات ورد عليه بقوله :
" إن هذا الدفع غير سديد ذلك أن الثابت من الاطلاع على محضر التحريات المؤرخ
الساعة .... ص – والمحرر بمعرفة الشاهد الأول - أنه إثر اكتشاف الجريمة تم وضع خطة
لضبط الجاني . وذلك بفحص المترددين على العقار محل الحادث وكذلك فحص أصدقاء المجنى
عليه وخاصة المترددين عليه بمسكنه وتحديد آخر مشاهدة لهم صحبة المجنى عليه وكذلك فحص
المصابين المترددين على المستشفيات العامة والعيادات الخاصة وتحديد سبب إصابتهم
ومحاولة الربط بينهم وبين المجنى عليه وفحص حالة هذا الأخير وخلافاته التي يمكن أن
تكون دافعاً لقتله ، وقد تولى تنفيذ هذه الخطة الضباط الموضحين بالمحضر وأنه أثناء هذا التنفيذ تبين
أن المتهم .... قهوجي والمقيم بالعنوان المبين بالمحضر من أصدقاء المجنى عليه
والمترددين عليه بمسكنه وأنه قد شوهد في وقت معاصر لاكتشاف الحادث وبه إصابة بيده
بمنطقة مسكن المجني عليه ، وبإجراء التحريات وجمع المعلومات حول المذكور تبين وجود
خلافات مالية بينه وبين المجنى عليه وسبق أن تردد على مسكنه لمطالبته بدينه وأنه
قد ارتكب الجريمة ، وترتيباً على ذلك فإن هذا المحضر قد تضمن اسم المتهم رباعياً
وعمره وعمله ومحل إقامته وتوافرت الدلائل الجدية والكافية على ارتكابه جناية قتل
المجنى عليه واستوفى بذلك مسوغات إصداره ويتعين لذلك الالتفات عن هذا الدفع "
. لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها
محكمة الموضوع وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها الإذن
وكفايتها لتسويغ إصداره ، وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا
معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون . لما كان ذلك ، وكان الحكم
قد عرض لدفع المحكوم عليه بمحضر جلسة المحاكمة ببطلان القبض لحصوله قبل صدور إذن
النيابة العامة ورد عليه بقوله : " وحيث إنه بالنسبة للادعاء بأن المتهم كان
مقبوضاً عليه قبل صدور إذن النيابة بالقبض عليه وتفتيشه ، فهو ادعاء مخالف للواقع
إذ الثابت من مطالعة الإذن المذكور أنه صدر بتاريخ ..... الساعة .... م – وشهد
العقيد .... بتحقيق النيابة بأنه قبض على المتهم بذات التاريخ الساعة ..... مساء
وإذ تطمئن المحكمة إلى هذه الشهادة فإن القبض على المتهم وتفتيشه وتفتيش مسكنه كان
تالياً لإذن النيابة ونفاذاً له وفى وقت يتسع لهذه الإجراءات ويتعين لذلك الالتفات
عن هذا الدفع " . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى أن الضبط
كان لاحقاً على الإذن الصادر به استناداً إلى وقت صدور الإذن والمواقيت المبينة
بالإذن وشهادة ضابط الواقعة التي اطمأنت المحكمة إليها وكان من المقرر أن الدفع
بصدور الإذن بالضبط إنما هو دفاع موضوعي . فإنه يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة
إلى وقوع الضبط بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة التى أوردتها ، فإن ما رد به الحكم
يكون سائغاً وفق صحيح القانون . لما كان ذلك ، وكان ما أثاره المدافع عن المحكوم
عليه بمحضر جلسة المحاكمة من منازعته فى شأن التكييف القانوني للواقعة وأنها في
حقيقتها ضرب أفضى إلى موت ، فإن ذلك مردود بأنه لا محل له لأنه لا يعدو أن يكون
نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع في
استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التي وثقت بها واطمأنت
إليها مما تستقل به بغير معقب ما دام قضاؤها في ذلك سليم – كما هو الحال في الدعوى
– لما كان ما تقدم ، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات
الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المعروض
قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان
المحكوم عليه بالإعدام عنها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق
ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء
أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة
381 /2 من قانون الإجراءات الجنائية ، كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو
الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل
في الدعوى ووفقاً للإجراءات التي نص عليها القانون ولم يصدر بعده قانون يسري على
واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم ، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة
للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه .... .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق