الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 24 يوليو 2023

الطعن 934 لسنة 5 ق جلسة 21 / 1 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 78 ص 605

جلسة 21 من يناير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني والدكتور محمود سعد الدين الشريف وحسني جورجي وعبد الفتاح بيومي نصار المستشارين.

-----------------

(78)

القضية رقم 934 لسنة 5 القضائية

(أ) دعوى - ميعاد رفع الدعوى 

- الطعن بالإلغاء في قرار صادر بالترقية - استمرار ميعاد الطعن مفتوحاً بالنسبة لمن صدر له حكم قضائي لاحق حدد مركزه القانوني في أقدمية الدرجة السابقة - بدء سريان الميعاد بالنسبة له من تاريخ صدور الحكم القضائي - مثال.
(ب) وظيفة - ميزانية 

- تقرير درجة مالية معينة لبعض الوظائف في الميزانية على سبيل التدرج الهرمي - ليس معناه تخصيص هذه الدرجة لوظائف متميزة تمييزاً خاصاً - أساس ذلك - مثال.

------------------
1 - إن هذه المحكمة تقر الحكم المطعون فيه فيما ساقه رداً على الدفع بعدم القبول من أنه وإن كان المدعي يعلم بالقرار النافذ اعتباراً من أول أغسطس سنة 1950 بالترقية إلى الدرجة الثانية إلا أنه لم يكن قد حدد مركزه القانوني بالنسبة للقرار المطعون فيه إذ أن أقدميته في الدرجة الرابعة والثالثة كانت لا تزال مطروحة أمام المحكمة في الدعوى رقم 7387 لسنة 8 القضائية ولم يتبين مركزه القانوني إلا من التاريخ الذي صدر فيه لصالحه الحكم في الدعوى المذكورة وهو 14 من نوفمبر سنة 1957، ولما كان الثابت من الأوراق أنه تظلم من القرار المطعون فيه في 11 من يناير سنة 1958 ورفع الدعوى في 19 من مارس سنة 1958 فتكون الدعوى قد رفعت في الميعاد القانوني ويتعين الحكم بقبولها شكلاً.
2 - يتضح من مراجعة ميزانية وزارة التربية والتعليم عن السنة المالية 1950/ 1951 وبخاصة الفرع الرابع الذي يتبعه المدعي، أن الدرجات الثانية الواردة بالفرع المشار إليه ليست مخصصة لترقية طائفة بذاتها كنظار المدارس الثانوية كما جاء في الطعن فقد تضمن هذا الفرع ثلاث عشرة درجة وردت في الصفحة 290 من الميزانية تحت عنوان "وظائف فنية لتعزيز وتحسين الكادر". دون أن تخصص هذه الدرجات لوظائف معينة، الأمر الذي يستفاد منه اتساع مجال الترقية إليها لصالح من يستحق الترقية من قدامى رجال التعليم، يؤكد ذلك أن القرار المطعون فيه تناول بالترقية إلى الدرجة الثانية ناظرات للمدارس الثانوية (منهن المطعون في ترقيتها) مع أن وظائفهن مقرر لها في الميزانية الدرجة الثالثة، وقد يتقرر للوظيفة في التدرج الهرمي درجة مالية معينة ثم لا يؤخذ من ذلك أن لا يرقى إلى هذه الدرجة إلا من يشغل هذه الوظيفة دون من عداهم من رجال التعليم الذين يحل عليهم الدور في الترقية بدليل أن المنازع في ترقيتها أدركتها الترقية إلى الدرجة الثانية وهي شاغلة لوظيفة "ناظرة لمدرسة ثانوية للبنات" ولم يكن مقرراً لها إلا الدرجة الثالثة بالفرع الرابع من ميزانية الوزارة، وبدليل أن ناظر مدرسة المعلمين الابتدائية بالزيتون قد رقي بالقرار الوزاري رقم 9467 بتاريخ 26 من أغسطس 1950 إلى الدرجة الثانية اعتباراً من أول أغسطس سنة 1950 ونص في قرار ترشيحه على أنه حاصل على الدرجة الثالثة من أول مايو سنة 1947. ويترتب على كل ما سلف صواب ما أورده الحكم المطعون فيه من أن الدرجات الثانية لم تكن مخصصة في ميزانية الوزارة للسنة المالية المشار إليها - الوظائف متميزة تمييزاً خاصاً، لأن وظائف النظار لا تصطبغ بطبيعة متميزة ولا تتطلب فيمن يشغلها تأهيلاً خاصاً وصلاحية معينة، لا يتحققان في مثل المدعي.


إجراءات الطعن

في أول يونيه سنة 1959 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة نائباً عن السيد وزير التربية والتعليم بالإقليم الجنوبي للجمهورية العربية المتحدة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد تحت رقم 934 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بتاريخ 2 من أبريل سنة 1959 في الدعوى رقم 703 لسنة 12 القضائية المقامة من السيد/ عبد العزيز أحمد الليثي ضد وزارة التربية والتعليم والقاضي بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الثانية إلى أول أغسطس سنة 1950 مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين في الأسباب وإلزام الحكومة بالمصروفات. وطلبت الحكومة للأسباب التي استندت إليها في عريضة الطعن الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وقد أعلن الطعن إلى المطعون عليه في 11 من يوليه سنة 1959 وفي 29 من يونيه سنة 1960 أبلغ الخصوم بجلسة 16 من أكتوبر 1960 المحددة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي أحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره أمامها بجلسة 10 من ديسمبر سنة 1960 وفي هذه الجلسة سمعت هذه المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي السيد/ عبد العزيز أحمد الليثي أقام الدعوى رقم 703 لسنة 12 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة المذكورة في 19 من مارس سنة 1958 طالباً الحكم "باعتبار أقدميته في الدرجة الثانية راجعه إلى أول أغسطس سنة 1950 مع ما يترتب على ذلك من آثار مالية وغيرها مع إلزام الحكومة بالمصروفات والأتعاب"، وقال بياناً للدعوى أنه صدر لصالحه حكم بتاريخ 14 من نوفمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 7387 لسنة 8 القضائية قضى بتعديل أقدميته في الدرجة الثالثة إلى أول يوليه سنة 1947 طبقاً لقواعد الأقدمية لضباط الاحتياط الصادرة في السنوات 1940 و1947 و1948 و1950 وأنه في خلال الستين يوماً وعلى التحديد في 11 من يناير سنة 1958 تظلم إلى ويزر التربية والتعليم من القرار الوزاري رقم 9428 المؤرخ 15 من أغسطس سنة 1950 والقرارات الأخرى الصادر بها الإذن رقم 1722 بتاريخ 25 من أكتوبر سنة 1950 وذلك بالنسبة إلى ما تضمنته هذه القرارات المشار إليها من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية طبقاً للقواعد التي كان قد أقرها مجلس الوزراء في 17 من مايو سنة 1950 ولما لم ترد عليه الجهة الإدارية بادر بإقامة دعواه في الميعاد وقال بالنسبة إلى الدفوع أن قواعد مجلس الوزراء الصادرة في 17 من مايو سنة 1950 كانت تقضي فيما يتعلق بالترقيات إلى الدرجة الثانية بأن تخصص 50% من الدرجات الشاغرة للترقية بالأقدمية والباقي بالاختيار وأنه أقدم من كثيرين ممن رقوا بالأقدمية وأنه بإزاء تعديل أقدميته في الدرجة الثالثة، بعد أن نازعته الجهة الإدارية هذا الحق طويلاً، حتى اضطر إلى مقاضاتها وإلى استصدار حكم لصالحه، أصبح من حقه إقامة دعواه الحالية على اعتبار كونه صاحب حق غير منكور في الترقية إلى الدرجة الثانية لو أحسن تطبيق القرارات التنظيمية العامة في حقه وهي القرارات السابقة على القرارات المطعون فيها، وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي سبق أن تقدم بشكوى في 11 من مايو سنة 1955 طلب فيها تعديل أقدميته في الدرجة الثانية إلى أول أغسطس سنة 1950 بدلاً من أول أغسطس سنة 1955 أسوة بالآنسة سعاد نصر فريد وفي هذا ما يدل على علمه بصدور قرار أول أغسطس سنة 1950 بالترقية إلى الدرجة الثانية من هذا التاريخ. ثم قالت أنه بالرجوع إلى الحكم الصادر لصالحه في الدعوى رقم 7387 لسنة 8 القضائية تبين أن طلبه الأصلي كان متضمناً ترقيته إلى الدرجة الثانية بالأقدمية طبقاً لقواعد التيسير الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 17 من مايو سنة 1950 ومن ثم تكون ترقيته إلى هذه الدرجة مستحقة من أول أغسطس سنة 1950 أسوة بالآنسة سعاد نصر فريد وخلصت الوزارة إلى أنه من ذلك يتضح أن علمه اليقيني بالقرار الصادر في أول أغسطس سنة 1950 كان ثابتاً ومن ثم يكون قد فوت على نفسه الميعاد القانوني للطعن في القرار المذكور، وقالت أن المادة الثالثة من القانون رقم 472 لسنة 1950 نصت على أنه لا يجوز الاستناد إلى الأقدمية الاعتبارية التي يرتبها هذا القانون في الطعن في القرارات الخاصة بالترقيات التي صدرت إلى حين العمل به. وقالت أن الرجوع إلى جداول الميزانية بالفرع الرابع (التعليم العام) عن السنة المالية 1950/ 1951 بصورتها المعتمدة من البرلمان - يدل على أن الدرجات الثانية في الميزانية للمدارس الثانوية للبنين مخصصة جميعها للنظار فقط. وأن المدعي متى ثبت أنه لم يشغل وظيفة ناظر ثانوي إبان الحركة بل كان معيناً وكيلاً لمدرسة ثانوية اعتباراً من 10 من يناير سنة 1950 فلا تجوز ترقيته إلى الدرجة الثانية المخصصة لوظيفة ناظر ثانوي. وبجلسة 2 من أبريل سنة 1959 حكمت محكمة القضاء الإداري "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الثانية إلى أول أغسطس سنة 1950 مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين في الأسباب وألزمت الحكومة بالمصروفات". وأسست قضاءها بالنسبة إلى الدفع بعدم قبول الدعوى على أن المدعي وإن كان يعلم بالقرار المطعون فيه النافذ اعتباراً من أول أغسطس سنة 1950، والذي تضمن تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية، إلا أنه لم يكن وقتذاك قد تحدد مركزه القانوني بالنسبة لهذا القرار، إذ أن أقدميته في الدرجتين الرابعة والثالثة كانت مثار نزاع أمام محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 7387 لسنة 8 القضائية ولم يفصل فيها لصالحه إلا بالحكم الصادر في 14 من نوفمبر سنة 1957 ومن ذلك التاريخ تحدد مركزه في القرار الصادر في أول أغسطس سنة 1950 ولذلك تظلم من هذا القرار في الميعاد وأقام دعواه كذلك في الميعاد بإيداع صحيفتها في 19 من مارس سنة 1958 ومن ثم يكون الدفع غير مقبول. كما أسست قضاءها في الموضوع على أن المدعي قضى له من محكمة القضاء الإداري بتاريخ 14 من نوفمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 7387 لسنة 8 القضائية بإرجاع أقدميته في الدرجتين الرابعة والثالثة إلى أول مايو سنة 1944 وأول يوليه سنة 1947 بالتطبيق لأحكام قرارات مجلس الوزراء الخاصة بأقدمية ضباط الاحتياط وكان القياس حاصلاً مع الآنسة سعاد نصر فريد وكانت اللجنة القضائية قد أجابت المدعي إلى طلب الحكم بتعديل أقدميته في الدرجة الخامسة إلى أول سبتمبر سنة 1939 تاريخ ترقية الآنسة المذكورة إلى هذه الدرجة وسجلت المحكمة أن هذه الأخيرة أحدث منه في أقدمية الدرجة السادسة وتساوت أقدميته بأقدميتها في الدرجات الخامسة والرابعة والثالثة. وقالت أن القرار المطعون فيه رقم 9428 الصادر في 15 من أغسطس سنة 1950 بإجراء حركة الترقيات إلى الدرجة الثانية اعتباراً من أول أغسطس سنة 1950 يبين منه ترقية الآنسة سعاد نصر فريد كما يتضمن ترقية عدد من زميلاتها اللاحقات عليها في ترتيب الأقدمية وأنه لما كان المدعي يشترك مع الآنسة المذكورة في أقدمية الدرجات الخامسة والرابعة والثالثة وكان يسبقها في أقدمية الدرجة السادسة فإنه يكون أحق منها بالترقية إلى الدرجة الثانية بالقرار المطعون فيه سواء أكانت الترقية بالأقدمية أم بالاختيار إذ لا دليل على أن المطعون في ترقيتها تفوق المدعي أو تمتاز عليه امتيازاً ظاهراً. وردت المحكمة على ما أثارته الوزارة من تخصيص الدرجات الثانية لوظائف نظار المدارس الثانوية بقولها أن الدرجات واردة في الميزانية في تسلسل هرمي.
ومن حيث إن الطعن قد بني على وجهين الأول أن الدرجات الثانية التي شغلت بالقرارات المطعون فيها كانت كلها مخصصة في الميزانية لنظار المدارس الثانوية وعلى أن المدعي وقتذاك لم يكن من هؤلاء النظار والثاني أن المدعي لم يتقدم بطلب ضم مدة خدمته التي استندت إليها محكمة القضاء الإداري في الحكم الصادر لصالحه بضم هذه المدة إلا في تاريخ لاحق للقرار المطعون فيه. وبهذا لم يكن تحت نظر الوزارة ما يدل على أنه صاحب حق في ضم هذه المدة. ولهذا انتهى الطعن إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى.
أ - عن الدفع بعدم قبول الدعوى.
من حيث إنه ولئن اقتصر الطعن على ما قضى به الحكم المطعون فيه في الموضوع، ولم يتناول الدفع بعدم قبول الدعوى إلا أن قضاء هذه المحكمة قد جرى باطراد على أن الطعن في الأحكام يفتح الباب أمام هذه المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه برمته بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر في الأحوال التي تعيبه، فتلغيه ثم تنزل حكم القانون في المنازعة، أم أنه لم يقم به أية حالة من تلك الأحوال وكان صائباً في قضائه فتبقى عليه ولا سيما إذا كان الشقان المطعون فيه وغير المطعون فيه مرتبطين أحدهما بالآخر ارتباطاً جوهرياً.
ومن حيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الدعوى الذي أثارته الحكومة - حسبما سلف بيانه - هو أن المدعي وهو يعلم بالقرار المطعون فيه علماً يقينياً منذ تشكيه الأول منه في عام 1955، قد فوت على نفسه المواعيد القانونية بعدم التظلم منه ثم بالطعن في الميعاد.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع آنف الذكر بأنه وإن كان المدعي يعلم بالقرار النافذ اعتباراً من أول أغسطس سنة 1950 بالترقية إلى الدرجة الثانية إلا أنه لم يكن قد تحدد مركزه القانوني بالنسبة للقرار المطعون فيه إذ أن أقدميته في الدرجة الرابعة والثالثة كانت لا تزال مطروحة أمام المحكمة في الدعوى رقم 7387 لسنة 8 القضائية ولم يتبين مركزه القانوني إلا من التاريخ الذي صدر فيه لصالحه الحكم في الدعوى المذكورة وهو 14 من نوفمبر سنة 1957 ولما كان الثابت من الأوراق أنه تظلم من القرار المطعون فيه في 11 من يناير سنة 1958 ورفع الدعوى في 19 من مارس سنة 1958 فتكون الدعوى قد رفعت في الميعاد القانوني ويتعين الحكم بقبولها شكلاً.
ومن حيث إن هذه المحكمة تقر الحكم المطعون فيه على كل ما ساقه من أسباب صائبة رداً على الدفع بعدم قبول الدعوى، ذلك لأن المدعي في الواقع لم يتحدد مركزه إلا بالحكم الصادر لصالحه في 14 من نوفمبر سنة 1957، وقد تبين من الأوراق أنه لم يفوت على نفسه ميعاد التظلم منذ ذلك التاريخ، ولا ميعاد إقامته دعوى الإلغاء حين لم يجب إلى تظلمه فإذا ثبت أنه أقام هذه الدعوى بإيداع صحيفتها في 19 من مارس سنة 1958 فإنه لا يكون للدفع بعدم قبول الدعوى أي سند من الواقع أو القانون.
ب - عن الموضوع:
ومن حيث إن مثار هذه المنازعة من ناحية الموضوع هو استحقاق المدعي أو عدم استحقاقه للترقية إلى الدرجة الثانية اعتباراً من أول أغسطس سنة 1950، تأسيساً على أنه أحق بالترقية إلى هذه الدرجة من الآنسة سعاد نصر فريد التي رقيت بموجب القرار الوزاري الصادر في 15 من أغسطس سنة 1950.
ومن حيث إنه قد تبين لهذه المحكمة من واقع الأوراق أن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في 14 من نوفمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 7387 لسنة 8 القضائية قد عدل أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة بردها إلى أول مايو سنة 1944، وفي الدرجة الثالثة بردها إلى أول يوليه سنة 1947 على أساس قرارات مجلس الوزراء المنظمة لأقدميات ضباط الاحتياط، كما تبين أن الوزارة كانت قد ضمت مدة خدمته التي قضاها في التدريس بالتعليم الحر فيما بين أول سبتمبر سنة 1932 و20 من يناير سنة 1933 إلى خدمته وذلك بالإذن رقم 1058 الصادر في 12 من فبراير سنة 1948 ومن ثم ردت مبدأ خدمته في الدرجة السادسة إلى أول سبتمبر سنة 1932.
ومن حيث إنه يتضح من مراجعة ميزانية وزارة التربية والتعليم عن السنة المالية 1950/ 1951 وبخاصة الفرع الرابع الذي يتبعه المدعي، أن الدرجات الثانية الواردة بالفرع المشار إليه ليست مخصصة لترقية طائفة بذاتها كنظار المدارس الثانوية كما جاء في الطعن فقد تضمن هذا الفرع ثلاث عشرة درجة وردت في الصفحة 290 من الميزانية تحت عنوان "وظائف فنية لتعزيز وتحسين الكادر" دون أن تخصص هذه الدرجات لوظائف معينة، الأمر الذي يستفاد منه اتساع مجال الترقية إليها لصالح من يستحق الترقية من قدامى رجال التعليم. يؤكد ذلك أن القرار المطعون فيه تناول بالترقية إلى الدرجة الثانية ناظرات للمدارس الثانوية (منهن المطعون في ترقيتها) مع أن وظائفهن مقرر لها في الميزانية الدرجة الثالثة، وقد يتقرر للوظيفة في التدرج الهرمي درجة مالية معينة ثم لا يؤخذ من ذلك أن لا يرقى إلى هذه الدرجة إلا من يشغل هذه الوظيفة دون من عداهم من رجال التعليم الذين يحل عليهم الدور في الترقية، بدليل أن الآنسة سعاد نصر فريد ذاتها المنازع في ترقيها أدركتها الترقية إلى الدرجة الثانية وهي شاغلة لوظيفة "ناظرة لمدرسة ثانوية للبنات". ولم يكن مقرراً لها إلا الدرجة الثالثة بالفرع الرابع من ميزانية الوزارة، وبدليل أن السيد/ عبد العزيز سلامة ناظر مدرسة المعلمين الابتدائية بالزيتون قد رقي بالقرار الوزاري رقم 9467 بتاريخ 26 من أغسطس سنة 1950 إلى الدرجة الثانية اعتباراً من أول أغسطس سنة 1950 ونص في قرار ترشيحه على أنه حاصل على الدرجة الثالثة من أول مايو سنة 1947. ويترتب على كل ما سلف صواب ما أورده الحكم المطعون فيه من أن الدرجات الثانية لم تكن مخصصة في ميزانية الوزارة للسنة المالية المشار إليها لوظائف متميزة تمييزاً خاصاً، لأن وظائف النظار لا تصطبغ بطبيعة متميزة ولا تتطلب فيمن يشغلها تأهيلاً خاصاً وصلاحية معينة، لا يتحققان في مثل المدعي.
ومن حيث إن لا حجة فيما أورده الطعن من أن المدعي لم يتقدم بطلب ضم مدة خدمته بالتعليم الحر إلا بعد صدور القرار المطعون فيه، حتى يستبين للوزارة حقه في الترقية، لأن الوزارة قد ضمت له بالفعل هذه المدة بالإذن رقم 1058 في 12 من فبراير سنة 1948. وبموجبه اعتبرت أقدميته في الدرجة السادسة راجعة إلى أول سبتمبر سنة 1932، وهذه الأقدمية في الدرجة المذكورة سابقة على أقدمية الآنسة سعاد نصر فريد التي بدأت خدمتها بوزارة المعارف اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1932 على ما يستفاد من ملف خدمتها.
ومن حيث إنه لا شبهة في أنه وقد تبين من القضية رقم 7387 لسنة 8 القضائية الصادر فيها حكم محكمة القضاء الإداري في 14 من نوفمبر سنة 1957 أن المدعي ولئن اشترك في الدرجات الخامسة والرابعة والثالثة مع الآنسة سعاد نصر فريد طبقاً للقواعد التي أرستها قرارات مجلس الوزراء بشأن أقدميات ضباط الاحتياط، إلا أنه بحكم أسبقيته عليها في أقدمية الدرجة السادسة، واعتباره من ثم أقدم منها طبقاً للقواعد العامة السارية قبل قانون موظفي الدولة، ما كان ينبغي تخطيه بالآنسة المذكورة في الترقية إلى الدرجة الثانية اعتباراً من أول أغسطس سنة 1950 بموجب القرار الوزاري رقم 9428 بتاريخ 15 من أغسطس سنة 1950، لا على أساس الأقدمية، ولا على أساس الاختيار.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم وللأسباب الأخرى التي قام عليها الحكم المطعون فيه يكون هذا الحكم قد أصاب الحق في قضائه بإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الثانية إلى أول أغسطس سنة 1950، وما يترتب على ذلك من آثار حددها في أسبابه، ويكون الطعن - والحالة هذه - قد قام على غير أساس سليم من القانون، متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.

الطعنان 299 ، 309 لسنة 33 ق جلسة 28 / 3 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 95 ص 642

جلسة 28 من مارس سنة 1968

برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، محمد صدقي البشبيشي، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد.

-----------------

(95)
الطعن رقم 299/ 309 لسنة 33 القضائية

(أ) مسئولية "مسئولية تقصيرية". عقد. "مرحلة التمهيد لإبرام العقد". نقل "نقل بحري".
استخلاص الحكم - بأسباب سائغة - أن المكاتبات المتبادلة بين هيئة البترول وشركة الملاحة لا تعدو مرحلة التمهيد لإبرام عقد نقل بحري وأن تصرفات سكرتير عام الهيئة - التي لا تقتضيها عملية التمهيد للتعاقد - تعد انحرافاً عن السلوك المألوف في الظروف التي صدرت فيها وبالتالي خطأ تقصيرياً. عدم انعقاد العقد لا أثر له في قيام المسئولية التقصيرية.
(ب) مسئولية "مسئولية عقدية ومسئولية تقصيرية". دعوى. "أساس الدعوى". استئناف.
رفع دعوى المسئولية على أساس أنها مسئولية عقدية. إضافة أساس المسئولية التقصيرية طبقاً للمادة 163 مدني في مرحلة الاستئناف. أخذ محكمة الاستئناف بالأساس الأخير باعتبار المدعى عليه مسئولاً مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه. ما فعلته محكمة الموضوع إعطاء للدعوى وصفها الصحيح وهو ما تملكه دون تقيد بتكييف المدعي ودون أن تلتزم بتنبيه الخصوم.
(ج) مسئولية "مسئولية تقصيرية". "مسئولية المتبوع عن التابع". دعوى "الخصوم في الدعوى".
للمضرور الرجوع مباشرة على المتبوع بتعويض الضرر الناشئ عن أعمال تابعه غير المشروعة دون حاجة لإدخال التابع في الدعوى.

------------------
1 - متى أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بالتعويض على أن ما تبودل من مكاتبات بين الهيئة العامة للبترول وشركة الملاحة لا يعدو مرحلة التمهيد لإبرام عقد نقل بحري ولا يؤدي إلى انعقاده غير أنه يرى في التصرفات التي أسندها للسكرتير العام للهيئة انحرافاً عن السلوك المألوف في الظروف التي صدرت فيها هذه التصرفات وبالتالي خطأ تقصيرياً، وكانت هذه التصرفات ليست مما تقتضيه عملية التمهيد للتعاقد التي ذكر الحكم أنها تدخل في سلطة السكرتير العام وكان ما استخلصه الحكم من أن هذه التصرفات كان من شأنها في الظروف الملابسة أن توقع ممثل الطرف الآخر في فهم خاطئ بأن التعاقد قد تم وأن عليه أن يبدأ في تنفيذه هو استخلاص سائغ مستمد من مقدمات تؤدي إليه فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون ولا يكون لما يثيره الطاعن في شأن دلالة المستندات على عدم انعقاد العقد أثر في قيام المسئولية التقصيرية التي أقام الحكم قضاءه عليها.
2 - إذا كان الثابت أن الشركة المطعون ضدها أقامت دعواها أصلاً على أساس مسئولية الهيئة العامة للبترول (الطاعنة) عن تعويض الضرر الذي لحق بها مسئولية عقدية باعتبار أن عقد إيجار السفينة قد تم بينهما ولما قضى برفض دعواها على هذا الأساس واستأنفت الشركة هذا الحكم ذكرت في صحيفة الاستئناف أنه إذا لم يكن العقد قد تم فإن الهيئة الطاعنة تكون قد ارتكبت خطأ تقصيرياً وتكون مسئولة عن تعويض الضرر طبقاً للمادة 163 من القانون المدني وقالت إن هذا الخطأ يتمثل فيما وقع من السكرتير العام للهيئة من أفعال كان من نتيجتها إيقاع وكيلها في فهم خاطئ بأن العقد قد تم وقد أخذت محكمة الاستئناف بهذا الأساس غير أنها اعتبرت الهيئة مسئولة عن خطأ السكرتير العام لها مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة طبقاً للمادة 174 من القانون المدني وليست مسئولية شخصية طبقاً للمادة 163 كما وصفتها المدعية، فإن هذا الذي فعلته محكمة الموضوع إن هو إلا إنزال لحكم القانون الصحيح على واقعة الدعوى وهو ما تملكه تلك المحكمة لأن تكييف المدعي لدعواه تكييفاً لا ينطبق على واقعتها لا يقيد المحكمة ولا يمنعها من إعطاء الدعوى وصفها الحق وإنزال حكم القانون الصحيح عليها وهي حين تمارس هذا الحق غير ملزمة بتنبيه الخصوم إلى الوصف الصحيح الذي تنتهي إليه
3 - للمضرور أن يرجع مباشرة على المتبوع بتعويض الضرر الناشئ عن أعمال تابعه غير المشروعة دون حاجة لإدخال التابع في الدعوى ولا تلتزم المحكمة في هذه الحالة بتنبيه المتبوع إلى حقه في إدخال تابعه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن شركة جوتا للملاحة أقامت الدعوى رقم 206 سنة 1929 تجاري كلي القاهرة على الهيئة العامة للبترول التي حلت محلها المؤسسة المصرية العامة للبترول وعلى شركة أولاد. د. ي بابا ديمتريو (وكلاء ملاحة بحرية) طالبة الحكم بإلزامهما بأن يدفعها لها مبلغ 26174 ج و850 م والفوائد بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد وقالت شرحاً للدعوى إن الهيئة العامة للبترول اتصلت في أواخر أكتوبر سنة 1958 بشركة بابا ديمتريو لاستئجار سفينة لنقل البترول الخام من حقول البلاعيم (وادي فيران) إلى مصانع تكرير للبترول بالسويس وقد انتهت المفاوضات بينهما بصدور خطاب مؤرخ 27 أكتوبر سنة 1958 من شركة بابا ديمتريو إلى الهيئة العامة للبترول يتضمن أن الشركة المذكورة تعرض بالنيابة عن أصحاب الناقلة عرضاً ثابتاً ناقلة بترول حمولتها تتراوح بين 9000، 12000 طن للقيام برحلات منتظمة على أساس حمولة كاملة من السويس إلى البلاعيم طبقاً للشروط المدونة في هذا الخطاب وقد وقع السكرتير العام للهيئة المذكورة في أعلى هذا الخطاب تحت كلمة "أوافق" وسلم صورة منه عليها التأشير بالموافقة لمندوب شركة بابا ديمتريو المطعون ضدها الثانية وفي 28 أكتوبر سنة 1958 أخطرت شركة بابا ديمتريو شركة جوتا مالكة الناقلة بصورة من هذا الخطاب - كما أن الهيئة العامة للبترول أرسلت خطاباً إلى المدير العام لشئون النقل البحري مرفقاً به صورة ذلك الخطاب وأنها توافق على العرض المقدم بموجبه على أن يبدأ النقل في أول ديسمبر سنة 1958 وأن تخطر بموعد وصول الناقلة قبل 15 نوفمبر سنة 1958 وأن كمية البترول المطلوب نقلها تتراوح بين 120000 و180000 طن وعلى أن يتم النقل في مدة 90 يوماً. وأن يكون برنامج الشحن طبقاً للمواعيد التي تقرر فيما بعد كما طلبت الإفادة عن اسم الناقلة وتاريخ وصولها إلى خليج السويس. وفي 2 نوفمبر سنة 1958 صدر خطاب من شركة بابا ديمتريو إلى المدير العام لشئون النقل البحري - أرسلت صورة منه إلى شركة جوتا - يتضمن أنها تقبل الشروط الواردة في خطاب الهيئة العامة للبترول المرسل إلى لجنة شئون النقل البحري والمشار إليه فيما سبق والذي اطلعت عليه خلال المقابلة التي تمت في أول نوفمبر سنة 1958 على أن يبدأ الشحن في المدة بين 1 إلى 5 ديسمبر سنة 1958 وفي 28 أكتوبر سنة 1958 كانت شركة بابا ديمتريو قد أخطرت شركة جوتا بما تم وبصورة من خطاب الهيئة العامة للبترول إلى مدير عام شئون النقل البحري - وفي 3 نوفمبر سنة 1958 كتبت شركة بابا ديمتريو إلى شركة جوتا تخطرهم بأن الهيئة العامة للبترول تطلب وصول الناقلة في أول ديسمبر سنة 1958 - وفي 10 نوفمبر سنة 1958 أرسلت شركة بابا ديمتريو برقية إلى سكرتير عام الهيئة العامة للبترول أشارت فيها إلى خطاب 27 أكتوبر سنة 1958 وإلى خطاب الهيئة العامة للبترول إلى اللجنة العامة لشئون النقل البحري المشار إليهما فيما سبق. وأخطرته فيها بأن ناقلة البترول المسماه جوتا وحمولتها 9890 طناً ستصل إلى خليج السويس حوالي 30 نوفمبر سنة 1958 - وفي 23 نوفمبر سنة 1958 أرسلت إليه خطاباً مسجلاً أخطرته فيه بأن الناقلة المذكورة مرت من جبل طارق وفي 30 نوفمبر سنة 1958 أرسلت إليه برقية تخطره فيها بأن الناقلة ستصل إلى السويس الساعة الثامنة مساء وطلبت تسليم برنامج الشحن حتى لا تتعطل الناقلة بالسويس وفي 5 ديسمبر سنة 1958 أرسلت إليه برقية أخرى تخطره فيها بأن شركة جوتا تحمل الهيئة العامة للبترول المسئولية عن الخسائر التي تترتب على عدم تنفيذ العقد وتستعجل برنامج الشحن - وإذ كانت الهيئة العامة للبترول قد التزمت فقد قامت شركة جوتا بإنذارها هي وشركة بابا ديمتريو على يد محضر وحملتهما المسئولية عن عدم تنفيذ العقد الذي تم بينها وبين الهيئة العامة للبترول بمقتضى الخطاب المؤرخ 27 أكتوبر سنة 1958 والمشار إليه فيما سبق. ولما لم تتلق الشركة رداً أقامت الدعوى بطلباتها سالفة الذكر وقالت إن المبلغ المطالب به يعادل نصف أجرة شحن الناقلة بحمولتها الكاملة عن مدة العقد طبقاً للمادة 106 من القانون البحري - وأثناء سير الدعوى أقامت شركة بابا ديمتريو دعوى ضمان فرعية على الهيئة العامة للبترول طلبت فيها الحكم لها على الهيئة المذكورة بما عساه يحكم به عليها تأسيساً على أن هذه الهيئة هي التي امتنعت عن تنفيذ العقد - وطلبت الهيئة العامة للبترول رفض الدعوى تأسيساً على أن العقد لم يتم لأن السكرتير العام للهيئة لا صفة له في التعاقد نيابة عنها وأن الجهة التي لها صفة التعاقد في مثل هذه العقود هي اللجنة العامة لشئون النقل البحري - وفي 29 يونيه سنة 1961 قضت محكمة الدرجة الأولى برفض الدعويين الأصلية والفرعية. فاستأنفت شركة جوتا هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 668 سنة 79 ق وفي 13 مايو سنة 1963 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الهيئة العامة للبترول بأن تدفع لشركة جوتا للملاحة البحرية 8724 ج و950 م وبتقرير تاريخه 10 يوليه سنة 1963 طعنت شركة جوتا للملاحة في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها برقم 299 سنة 33 ق كما طعنت فيه أيضاً المؤسسة العامة للبترول (الهيئة العامة للبترول سابقاً) بتقرير تاريخه 13 يوليه سنة 1963 وقيد طعنها برقم 309 سنة 33 ق وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها في كل من الطعنين انتهت فيهما إلى قبول الطعن الأول ونقض الحكم ورفض الطعن الثاني. وبالجلسة المحددة لنظر الطعنين قررت المحكمة ضمهما وأصرت النيابة على رأيها السابق.
عن الطعن رقم 309 سنة 33 ق المرفوع من المؤسسة العامة للبترول
وحيث إن هذا الطعن أقيم على سببين يتحصل ثانيهما في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وخالف الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك تقول المؤسسة الطاعنة إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بمسئوليتها على أن سكرتيرها العام أدخل الوهم على الشركة الوسيطة "المطعون ضدها الثانية" فجعلها تعتقد أن التعاقد قد تم وأن القبول صدر من صاحب الصفة في إصداره وهو من الحكم خطأ في القانون ذلك أن صاحب الصفة في التعاقد عن الهيئة العامة للبترول هو عضو مجلس إدارتها المنتدب على ما تقضي به المادتان 12، 13 من القانون رقم 167 سنة 1958 الذي يفترض علم الكافة به وعلى الأخص من يتعامل مع الهيئة الصادر بشأنها هذا القانون. هذا إلى أن واجب الحيطة يفرض على الشركة المطعون ضدها الثانية وهي تعمل وكيلاً عن شركات الملاحة البحرية أن تكون عليمة بإجراءات مثل هذا العقد وأن تتحرى عن صاحب الصفة في إبرامه ومتى كان الثابت أن الشركة المطعون ضدها الثانية وهي النائبة عن شركة جوتا المطعون ضدها الأولى كانت تعلم بأنه لكي يتم التعاقد ينبغي أن تبرمه اللجنة العليا لشئون النقل البحري وفقاً للقانون رقم 4 سنة 1957 والذي أنشأ هذه اللجنة فإنه لا يسوغ بعد ذلك الزعم من جانبها أو من جانب شركة جوتا أن واقعة الدعوى تمثل عقد نقل بحري مستكمل الأركان وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذه الاعتبارات وأثرها في إحداث الضرر المدعى به وأبرأ المطعون ضدهما كليهما من المسئولية وألقاها على عاتق الهيئة الطاعنة على أساس وقوع الخطأ المنتج للضرر منها فإن الحكم يكون مخطئاً في تطبيق القانون هذا إلى أنه مع التسليم جدلاً بما أسنده الحكم إلى سكرتير عام الهيئة من خطأ فإن هذا الخطأ ليس السبب المباشر للضرر المدعى به وإنما السبب المنتج لهذا الضرر هو تقصير المطعون ضدهما في القيام بواجب التحري عن صاحب الصفة في التعاقد باسم الهيئة الطاعنة إذ لو قاما بهذا الواجب لما قام الوهم لديهما بأن التعاقد قد تم ولما حدث الضرر المدعى به وهذا الخطأ من جانب الشركتين المطعون ضدهما يستغرق الخطأ الذي نسبه الحكم إلى السكرتير العام للهيئة الطاعنة لأن هذا الخطأ لا يعدو أن يكون سبباً غير مباشر لا يؤدي إلى مسئولية السكرتير العام عن الضرر المطالب بتعويضه - كما أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت في الأوراق حين نسب هذا الخطأ إلى السكرتير العام ذلك أنه ليس في الأوراق المقدمة من المطعون ضدهما ما يفيد أنه قام بتصرفات تدخل الوهم على المطعون ضدهما إلى حد يجعلهما يعتقدان بأن التعاقد قد تم ذلك أن الثابت من المكاتبات المتبادلة أن السكرتير العام لم يتجاوز حدود وظيفته في التمهيد لإبرام العقد النهائي بين الممثل القانوني لهيئة البترول وبين الشركة المطعون ضدها الأولى وأن كل ما تبودل من مكاتبات لا يعدو مرحلة التفاوض والتحضير لاتفاق لم يبرم وإذ كان الثابت من الأوراق ومما قرره الحكم نفسه عن سلطة السكرتير العام أنه كان في كل ما اتخذه من إجراءات إنما يعمل في حدود وظيفته ونطاق صلاحيته فإنه لا يمكن بعد ذلك أن يعتبر ما صدر منه خطأ يستوجب مساءلته وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه قيام السكرتير العام بأعمال وظيفته خطأ يستوجب مسئوليته فإنه يكون قد أخطأ في القانون علاوة على مخالفة الثابت في الأوراق.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن استعرض وقائع الدعوى ومستنداتها ونفى عن سكرتير عام الهيئة العامة للبترول الصفة في التعاقد نيابة عنها قرر الحكم أنه وإن كان للسكرتير العام الحق في التمهيد للتعاقد وإعداد كل الشروط التي يستقر عليها الرأي إلا أنه لا يجوز أن يتخذ أي من الطرفين إجراءاً ما من شأنه أن يوقع الطرف الآخر في فهم خاطئ للظروف ويحمله تكاليف ما كان يحملها لولا هذا الإجراء فإن ذلك يعد خطأ موجباً لمسئوليته عن جبر الضرر الناشئ عنه ويسري عليه حكم المادة 163 من القانون المدني ثم قال الحكم "إنه يبين من المستندات التي لم تجادل فيها الهيئة العامة لشئون البترول - الطاعنة - أن السكرتير العام لهذه الهيئة أثبت موافقته على العرض الذي تقدم به ممثل الشركة المستأنفة (المطعون ضدها الأولى) وأبلغ اللجنة العليا لشئون النقل البحري بهذه الموافقة وقد سجل ممثل المستأنفة هذه الموافقة والمحادثات وأن لجنة النقل البحري تحدثت مع الممثل بخصوص تعديل في بعض الشروط ووافق عليها ممثل المستأنفة وسجل هذه الواقعة في خطاب له كل ذلك مع صفة السكرتير العام وأهمية وظيفته ومشاركة اللجنة العليا لشئون النقل له في إعلان الرغبة في التعاقد بشروط وافق عليها كل ذلك أوقع المستأنف ضدها الثانية بصفتها (المطعون ضدها الثانية) في فهم خاطئ بأن التعقد قد تم وانتهى أمره وأنه بدأت الخطوات التنفيذية فأخطرت السكرتير العام باسم ناقلة البترول وتاريخ قيامها فلم يرد عليها بأن التعاقد لم يتم بعد أو لم تحصل الموافقة عليه ولا يصح بأن يحمل سكوته على أنه غير ملزم بتفهيم الغير بمركزه القانوني الذي يجب أن يعرفه من نفسه لأن الظروف الملابسة والسابق ذكرها لا تجيز له السكوت في هذه الحالة فإنه قد تدخل في الصفقة وأعلن موافقته وسلم ممثل المستأنفة الخطاب مؤشراً عليه بهذه الموافقة وقد أدى ذلك بالمستأنفة إلى الاستمرار في تنفيذه التعاقد فأخطرت المستأنف ضدها الثانية السكرتير العام بمرور الناقلة في جبل طارق وبوصولها إلى ميناء السويس وفي كل هذه الخطوات ورغم هذه الإخطارات لم يحرك السكرتير العام ساكناً ولم يكلف نفسه حتى مجرد الرد على الشركة بخطاب عادي ليعلن إليها أن التعاقد لم يتم وأن الهيئة غير مرتبطة بالموافقة الصادرة منه فلا يجوز له بعد ذلك أن يتحلل من تعويض الشركة عما أصابها من أضرار نتيجة لهذه التصرفات وهذا السكوت المخل بمركزه كان هو السبب في إنشاء الضرر فهو خطأ تسأل عنه الهيئة عملاً بالمادة 174 من القانون المدني لأنه وقع من تابعها في حالة تأدية وظيفته ونسببها وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيه للثابت بالأوراق ولا ينطوي على خطأ في القانون ذلك لأن الحكم قد سلم بأن كل ما تبودل من مكاتبات لا يعدو مرحلة التمهيد لإبرام العقد ولا يؤدي إلى انعقاده غير أنه رأى في التصرفات التي أسندها إلى السكرتير العام للهيئة والتي استمدها من المستندات المقدمة في الدعوى والتي لم تجادل الطاعنة في صحتها، انحرافاً عن السلوك المألوف في الظروف التي صدرت فيها هذه التصرفات وبالتالي خطأ تقصيرياً، وإذ كانت هذه التصرفات ليست مما تقتضيه عملية التمهيد للتعاقد التي ذكر الحكم أنها تدخل في سلطة السكرتير العام وكان ما استخلصه الحكم من أن هذه التصرفات كان من شأنها في الظروف الملابسة أن توقع ممثل شركة جوتا المطعون ضدها الأولى في فهم خاطئ بأن التعاقد قد تم وأن عليها أن تبدأ تنفيذه هو استخلاص سائغ مستمد من مقدمات تؤدي إليه وكان وصف الحكم للأفعال التي أسندها إلى السكرتير العام بأنها خطأ تقصيري هو وصف صحيح القانون - كما لا يخطئ الحكم في اعتبار هذا الخطأ هو السبب المنتج للضرر إذ لولا هذه الأفعال لما وقع الضرر، لما كان ذلك وكان كل ما تثيره الطاعنة في شأن دلالة المستندات على عدم انعقاد العقد لا أثر له في قيام المسئولية التقصيرية التي أقام الحكم قضاءه عليها فإن النعي بهذا السبب يكون في جميع ما تضمنه على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الأول بطلان الحكم المطعون فيه وفي بيان ذلك تقول المؤسسة الطاعنة إن الشركة المطعون ضدها الأولى أسست دعواها على المادة 163 من القانون المدني على اعتبار أن الهيئة العامة للبترول الطاعنة ارتكبت خطأ شخصياً يرتب مسئوليتها قبلها ولكن محكمة الاستئناف أقامت قضاءها بمسئوليتها على المادة 174 من القانون المدني تأسيساً على أن تابعها سكرتيرها العام قد ارتكب خطأ تسأل هي عنه مسئولية المتبوع عن خطأ التابع عملاً بالمادة 174 من القانون المدني وإذ كانت المسئولية التي تحكمها المادة 163 مدني تختلف عن تلك التي تحكمها المادة 174 مدني فإن محكمة الاستئناف إذ أقامت قضاءها على مسئولية المؤسسة الطاعنة عن خطأ تابعها الذي لم يكن مختصماً في الدعوى تكون قد انحرفت عن دعوى المسئولية الشخصية المطروحة عليها وفصلت في دعوى أخرى لم تكن معروضة عليها وبذلك تكون قد قضت بما لم يطلبه الخصوم مما يجعل حكمها باطلاً - كما أنها إذ فصلت في الدعوى على هذا الأساس دون أن تنبه الخصوم أو تتيح للطاعنة الفرصة لإدخال تابعها في الدعوى فإنها تكون قد أخلت بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن الثابت من أوراق الملف المضموم أن الشركة المطعون ضدها الأولى أقامت دعواها أصلاً على أساس مسئولية الهيئة العامة للبترول (الطاعنة) عن تعويض الضرر الذي لحق بها مسئولية عقدية اعتباراً بأن عقد إيجار السفينة قد تم بينهما ولما قضى برفض دعواها على هذا الأساس واستأنفت الشركة هذا الحكم ذكرت في صحيفة استئنافها أنه إذا لم يكن العقد قد تم فإن الهيئة الطاعنة تكون قد ارتكبت خطأ تقصيرياً وتكون مسئولة عن تعويض الضرر طبقاً للمادة 163 من القانون المدني وقالت إن هذا الخطأ يتمثل فيما وقع من السكرتير العام للهيئة من أفعال كان من نتيجتها إيقاع وكيلها المطعون ضده الثاني في فهم خاطئ بأن العقد قد تم وأن الهيئة وافقت على قدوم السفينة في الميعاد الذي أخطرتها به الشركة المدعية. لما كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف على ما سلف بيانه في الرد على السبب السابق قد أخذت بهذا الأساس الأخير واعتبرت ما وقع من السكرتير العام من أفعال أسندتها إليه الشركة المدعية خطأ تقصيرياً غير أنها اعتبرت مسئولية الهيئة عن هذا الخطأ مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة طبقاً للمادة 174 من القانون المدني وليست مسئولية شخصية طبقاً للمادة 163 كما وصفتها المدعية فإن هذا الذي فعلته محكمة الموضوع إن هو إلا إنزال لحكم القانون الصحيح على واقعة الدعوى وهو ما تملكه تلك المحكمة لأن تكييف المدعي لدعواه تكييفاً لا ينطبق على واقعها لا يقيد القاضي ولا يمنعه من إعطاء الدعوى وصفها الحق وإنزال حكم القانون الصحيح عليها وإذ كانت محكمة الاستئناف عند تكييفها مسئولية الهيئة المدعى عليها على هذا النحو لم تخرج عن الوقائع الثابتة في الدعوى والتي طرحتها عليها الشركة المدعية وكل ما فعلته المحكمة هو إنزال حكم القانون الصحيح على هذه الوقائع وكانت المحكمة حين تمارس حقها في هذا غير ملزمة بتنبيه الخصوم إلى الوصف الصحيح الذي تنتهي إليه وكان للمضرور أن يرجع مباشرة على المتبوع بتعويض الضرر الناشئ عن أعمال تابعه غير المشروعة دون حاجة لإدخال التابع في الدعوى ولا تلتزم المحكمة في هذه الحالة بتنبيه المتبوع إلى حقه في إدخال تابعه فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
عن الطعن رقم 299 سنة 33 ق المرفوع من شركة جوت
وحيث إن هذا الطعن ينصب على تقدير الحكم المطعون فيه للتعويض وقد بني على سببين يتحصلان في أن الحكم في شقه الخاص بحساب التعويض قد تناقضت أسبابه وخالف الثابت في الأوراق ذلك أنه وضع أساسين لتقدير التعويض الأول أن يقدر الضرر بنصف قيمة أجرة السفينة طبقاً للقاعدة المقررة في المادة 106 من القانون البحري والتي رأى الحكم أن المشرع عالج فيها قيمة الضرر بطريقة عادلة - والأساس الثاني أن يقدر بما هو واقع فعلاً ما دامت المسئولية ليست عقدية دون الإخلال بالأساس الأول غير أن الحكم خالف هاتين القاعدتين عند تقديره التعويض المستحق للطاعنة إذ قدره بثلث التعويض المستحق عن مدة التعاقد وقدرها تسعون يوماً بمقولة إن الثابت من المستندات المقدمة أن الشركة الطاعنة أجرت الناقلة إلى شركة آبار الزيوت لمدة ثمانية أسابيع في نوع ما أرسلت من أجله حمولتها وأنه لذلك تكون قيمة الضرر الذي لحق الشركة الطاعنة عن المدة الباقية من التعاقد بعد خصم مدة الثمانية أسابيع المذكورة هي ثلث المبلغ الذي كانت تستحقه الطاعنة لو أن السفينة ظلت معطلة طوال مدة التعاقد الذي أحضرت من أجله - وهذا من الحكم تحصيل خاطئ لما هو ثابت في الأوراق ذلك أن الثابت من الشهادة الرسمية الصادرة من مصلحة المواني والمنائر والمقدمة من الطاعنة للمحكمة الابتدائية أن الباخرة جوتا وصلت ميناء السويس يوم 3 ديسمبر سنة 1958 وغادرتها يوم 27 يناير سنة 1959 متجهة إلى رأس غارب مما يقطع بأنها ظلت معطلة عن العمل تعطيلاً تاماً خلال المدة الواقعة بين هذين التاريخين ومقدارها 56 يوماً وإذ كان الثابت من خطاب شركة آبار الزيوت المصرية الإنجليزية الذي أشار إليه الحكم المطعون فيه أن استئجار هذه الشركة للناقلة جوتا بدأ من 27 يناير سنة 1959 وهو تاريخ مغادرتها ميناء السويس فإن مقتضى الأسس التي وضعها الحكم لحساب الضرر الواقع فعلاً أن تشمل مدة تعطيل السفينة السابقة على تأجيرها إلى شركة آبار الزيوت فيكون التعويض على الأساس الذي وضعه الحكم لتقديره هو 56/ 90 من نصف الأجرة وهو ما يقرب من ثلثي نصف الأجرة لا ثلثها كما انتهى الحكم ولا يؤثر في ذلك أن السفينة قد أجرت مدة ثماني أسابيع إلى شركة آبار الزيوت لأن هذه الإجارة لم تحصل إلا بعد أن ظلت السفينة معطلة تعطيلاً كاملاً مدة 56 يوماً وهذا التعطيل يعتبر ضرراً واقعاً فعلاً ويجب تعويضه طبقاً للقاعدة التي وضعها الحكم نفسه ومن ثم يكون الحكم المعطون فيه عند إنزاله القواعد التي قررها لتقدير التعويض قد انحرف عن هذه القواعد وشابه تناقض في أسبابه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الحكم المطعون فيه قرر في صدد تقديره للتعويض ما يأتي: "وبما إن التعويض عملاً بالمادتين 170 و221 من القانون المدني يقدر بما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب وبما أن القانون البحري نص في المادة 106/ 1 على أن الضرر في حالة التعاقد يقدر بنصف قيمة الأجرة في حالة عدم الشحن. والمحكمة تتخذ هذا الحكم أساساً لتقديرها لأن المشرع قد عالج قيمة الضرر بطريقة رأى أنها أوفى من غيرها في استيفاء الحق ولكن المحكمة ترى - والمسئولية ليست عقدية في خصوص هذه الدعوى - أن الضرر يجب أن يقدر بما هو واقع فعلاً دون الإخلال بهذا الأساس الذي اتخذته. وبما أنه تبين من المستندات المقدمة أن الشركة المستأنفة (الطاعنة) أجرت الناقلة إلى شركة آبار الزيوت في نوع ما أرسلت من أجله وكان تأجيرها لمدة ثمانية أسابيع وبكامل حمولتها (حافظة 10 دوسيه ابتدائي) ومن ثم يكون الضرر الذي لحق الشركة عن المدة الباقية من التعاقد الذي كان سيتم بينها وبين الهيئة هو ثلث القدر الذي انتقلت السفينة من أجله (كذا) ومن ثم يتعين القضاء بالتعويض بقدر ثلث المبلغ المطلوب" وانتهى الحكم إلى تقدير التعويض للطاعنة بمبلغ 8724 ج و950 م وهو ما يمثل ثلثا نصف أجرة السفينة بحمولتها الكاملة في مدة 90 يوماً - ومفاد هذا الذي قرره الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف رأت أن تقدر التعويض بقدر الضرر الواقع فعلاً وأن تحسب قيمة هذا الضرر بنصف قيمة أجرة السفينة بحمولتها الكاملة أخذاً بالقاعدة الواردة في المادة 106/ 1 من القانون البحري والتي رأت المحكمة أنها قاعدة عادلة لتقدير الضرر ولما كان الثابت من الشهادة الرسمية الصادرة من مصلحة المواني والمنائر والمقدمة من الطاعنة للمحكمة الابتدائية بحافظتها رقم 15 دوسيه أن الباخرة جوتا وصلت ميناء السويس في 3 ديسمبر سنة 1958 وغادرتها في يوم 27 يناير سنة 1959 متجهة إلى رأس غارب وأنها كانت خلال هذه المدة راسية في الميناء داخل حاجز الأمواج على المخطاف - كما يبين من خطاب شركة آبار الزيوت المصرية الإنجليزية الذي أشار إليه الحكم المطعون فيه أن هذه الشركة استأجرت الناقلة جوتا لمدة ثمانية أسابيع بدأت من يوم 27 يناير سنة 1959 وكانت مدة التعاقد الذي لم يتم بين الطاعنة مالكة السفينة وبين الهيئة العامة للبترول (المطعون ضدها الأول) هي 90 يوماً فتكون المدة التي تعطلت فيها السفينة بخطأ الهيئة المطعون ضدها الذي سجله عليها الحكم المطعون فيه 56 يوماً وهي المدة من 3 ديسمبر سنة 1958 إلى 27 يناير سنة 1959 وهذه المدة إذا نسبت إلى مدة التعاقد الذي لم يتم تكون 56/ 90 أي ما يقرب من الثلثين وكان مقتضى القاعدة التي رأى الحكم أن يتبعها في تقدير الضرر أن يكون التعويض المستحق للطاعنة 56/ 90 × نصف أجرة السفينة بحمولتها الكاملة لأن هذا التعويض هو الجابر للضرر الواقع فعلاً حسب قاعدة التقدير التي وضعها الحكم وإذ انتهى الحكم إلى حساب التعويض على أساس ثلث هذا المبلغ نتيجة خصمه كامل مدة تأجير السفينة لشركة آبار الزيوت وقدرها ثمانية أسابيع من مدة التسعين يوماً وهي مدة التعاقد الذي لم يتم بين الشركة الطاعنة مالكة السفينة وبين الهيئة المطعون ضدها واعتباره على هذا الأساس مدة تعطل السفينة عن العمل هو الباقي من مدة التسعين يوماً بعد خصم الثمانية أسابيع بأكملها التي أجرت فيها السفينة لشركة آبار الزيوت فإن الحكم يكون بذلك قد انحرف في نتيجته عن القاعدة التي وضعها في أسبابه لتقدير التعويض وشابه بذلك التناقض إذ إعمال هذه القاعدة كان يقتضي أن لا يخصم من مدة التسعين يوماً سوى ما كان داخلاً فيها من مدة تأجير السفينة لشركة آبار الزيوت بمعنى أنه وقد ثبت أن السفينة ظلت راسية في الميناء مدة 56 يوماً قبل أن تستأجرها هذه الشركة فلا يخصم من مدة التسعين يوماً المطالب بالتعويض عن تعطل السفينة فيها سوى الباقي منها بعد خصم 56 يوماً أي 34 يوماً فقط مدة الثمانية أسابيع بأكملها لأنه لا يصح أن تستفيد الهيئة من تأجير السفينة في مدة لاحقة لمدة التعاقد الذي أرسلت السفينة من أجله على اعتبار أنه قد تم، ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه.
وحيث إنه لما تقدم وعلى أساس القواعد السليمة التي وضعها الحكم المطعون فيه لتقدير الضرر وحساب التعويض المستحق عنه يكون التعويض المستحق للطاعنة هو 56/ 90 × 26174 ج و850 م وهو نصف أجرة السفينة في تسعين يوماً حسب تقدير محكمة الاستئناف - وهذا يساوي 16286 ج و573 م وهو ما يتعين القضاء به للطاعنة.

الطعن 904 لسنة 5 ق جلسة 21 / 1 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 77 ص 594

جلسة 21 من يناير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي ومحمود محمد إبراهيم وعبد المنعم سالم مشهور وعبد العزيز البرادعي المستشارين.

----------------

(77)

القضية رقم 904 لسنة 5 القضائية

موظف - إنهاء الخدمة 

- الإحالة إلى المعاش لعدم اللياقة للخدمة صحياً - تقرير المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة حق الإدارة في إحالة الموظف إلى المعاش لعدم لياقته للخدمة صحياً - وجوب مراعاة ما نصت عليه المادة 109 من ضمانات للموظف هي وجوب ثبوت عدم اللياقة الصحية بقرار من القومسيون الطبي العام وعدم جواز فصله لهذا السبب قبل استنفاذ إجازاته المرضية والاعتيادية - صدور قرار الإحالة إلى المعاش بالمخالفة لذلك - يجعله قائماً على سبب غير صحيح.

-----------------
إن القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بموظفي الدولة قد أجاز في المادة 107 فقرة ثانية إنهاء خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لعدم اللياقة للخدمة صحياً وقرن ذلك بما يضمن حقوق الموظف فنصت المادة 109 من القانون سالف الذكر على أنه "يثبت عدم اللياقة الصحية بقرار من القومسيون الطبي العام بناء على طلب الموظف أو الحكومة، ولا يجوز فصل الموظف لعدم اللياقة الصحية قبل نفاذ إجازاته المرضية والاعتيادية ما لم يطلب الموظف نفسه الإحالة إلى المعاش دون انتظار انتهاء إجازاته". ومفاد هذا النص أنه لا يجوز إنهاء خدمة الموظف لعدم اللياقة للخدمة صحياً إلا إذا ثبت ذلك بقرار من القومسيون الطبي العام في الحدود والقيود التي تضمنها قانون موظفي الدولة في المادة 109 المشار إليها مما وفره القانون للموظف من ضمانات في حالة هو أحوج ما يكون فيها إلى الرعاية والعطف.
فإذا كان الواضح من المذكرة المرفوعة إلى رئاسة الجمهورية من وزارة الأوقاف - خلافاً لما تذكره الوزارة - أنها قد بنت طلبها الإحالة إلى المعاش على حالة المدعي الصحية وما انتابه من مرض كانت نتيجته عدم صلاحيته للعمل، أي أن الوزارة بنت طلب الإحالة على عدم اللياقة الصحية فإنه لذلك كان يتعين إعمال ما تقضي به المادة 109 من قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 وذلك بالعرض على القومسيون الطبي العام بناء على طلب الموظف أو جهة الإدارة ليصدر قراره المثبت لعدم اللياقة الصحية مع التريث في فصل الموظف لعدم اللياقة الصحية حتى يستنفذ إجازاته المرضية والاعتيادية ما لم يطلب نفسه الإحالة إلى المعاش دون انتظار انتهاء أجازاته، ومن ثم فإن صدور قرار إحالة المدعي إلى المعاش بالمخالفة لذلك يجعله مخالفاً للقانون.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس 28 من مايو سنة 1959 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن وزارة الأوقاف سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة المنازعات في الفصل بغير الطريق التأديبي وقرارات الإحالة إلى المعاش والاستيداع) بجلسة أول أبريل سنة 1959 في القضية رقم 669 لسنة 12 القضائية المقامة من عمر بسيم ضد وزارة الأوقاف ورئاسة الجمهورية والقاضي "بإلغاء القرار الجمهوري الصادر برقم 815 لسنة 1957 بإحالة المدعي إلى المعاش وألزمت الوزارة المدعى عليها مصاريف الدعوى ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب محامي المدعي". وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب التي استندت إليها في عريضة الطعن "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة".
وقد أعلن الطعن للمدعي في 12 من يوليه سنة 1959 وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 9 من أكتوبر سنة 1960 وأبلغت إدارة قضايا الحكومة والمدعي في 23 من يونيه سنة 1960 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 19 من نوفمبر سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه الموضح بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام دعواه بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 12 من مارس سنة 1958 طالباً "الحكم بصفة أصلية بإلغاء القرار الجمهوري رقم 815 لسنة 1957 الصادر بإحالة المدعي إلى المعاش قبل بلوغه السن القانونية وهو القرار المنفذ لقرار وكيل وزارة الأوقاف رقم 1011 المؤرخ 21 من سبتمبر سنة 1957 - وبصفة احتياطية بإلزام وزارة الأوقاف بأن تدفع إليه على سبيل التعويض المؤقت قرشاً واحداً مع المصروفات في الحالتين ومقابل أتعاب المحاماة" وقال شرحاً لدعواه أنه بتاريخ أول أكتوبر سنة 1957 أبلغ بقرار رئاسة الجمهورية بإحالته إلى المعاش اعتباراً من 14 من سبتمبر سنة 1957 مع ضم سنتين إلى مدة خدمته وصرف الفروق بين ماهيته ومعاشه عن هذه المدة مشاهرة وبقرار وكيل وزارة الأوقاف رقم 1011 الصادر في 21 من سبتمبر سنة 1957 تنفيذاً للقرار الجمهوري وذكر أنه مولود في 17 من فبراير سنة 1905 وأنه حاصل على دبلوم التجارة العليا من فرنسا في سنة 1930 وبدأ خدمته الحكومية في مصلحة السكك الحديدية في وظيفة كتابية من الدرجة الثامنة في 22 من مارس سنة 1931 ولكنه استقال منها في 27 من يونيه من نفس السنة ثم عين اعتباراً من اليوم التالي - 28 في وظيفة كتابية من الدرجة الثامنة بوزارة الأوقاف في قسم الأوقاف الأهلية وفي أول سبتمبر سنة 1940 نقل إلى وظيفة خبير محاسب بقسم محاسبة النظار مع ترقيته إلى الدرجة السابعة وعندما صدرت قواعد الإنصاف اعتبر في الدرجة السادسة من بدء تعيينه ثم رقي إلى الدرجة الخامسة في حركة التنسيق اعتباراً من 15 من أغسطس سنة 1947 وإلى الدرجة الرابعة في سنة 1950 وإلى الدرجة الثالثة في سنة 1957 واقترنت الترقية الأخيرة بنقله إلى وظيفة مفتش مالي وإداري بمراقبة أوقاف أسيوط ولكنه كان قبل صدورها واعتباراً من 17 من مايو سنة 1957 شاغلاً لنفس الوظيفة بمراقبة أوقاف بني سويف ولم ينفذ قرار النقل إلى أسيوط فبقى في وظيفته ببني سويف ويقول المدعي أنه كان دائماً مثال الموظف الكفء المتفاني في عمله ومنذ وضع نظام التقارير السنوية والسرية ورؤساؤه يقدرون كفايته بأعلى مراتب التقدير ولم يوقع عليه أي جزاء طيلة خدمته التي جاوزت في وزارة الأوقاف وحدها ستة وعشرين سنة ولم يحدث أن أجلت له علاوة أو حرم من ترقية في موعدها وأنه بينما يؤدي عمله بهمة ونشاط ويتنقل بين مأموريات الوزارة في تفاتيش بني سويف إذ بالوزارة تفاجئه في يوم أول أكتوبر سنة 1957 بأنها استصدرت قراراً جمهورياً بإحالته إلى المعاش اعتباراً من يوم 14 من سبتمبر سنة 1957 مع ضم سنتين إلى مدة خدمته وصرف الفرق بين ماهيته ومعاشه عن المدة المضمومة على أقساط شهرية وعلم أنه أسند إليه أن حالته الصحية لا تساعده على القيام بأعماله بسبب مرضه ويقول المدعي أن هذا السبب ينفيه ما كان يقوم به من التنقل بين تفاتيش الوزارة يفحص دفاترها في بني سويف وببا والفيوم ويجرد خزائنها ويحضر جلسات فتح المظاريف فيها وجلسات إشهار مزاداتها وجلسات تقدير محاصيلها وغير ذلك مما ينبئ عن نشاط وعمل مستمر وإنتاج دائم ويعزو المدعي صدور القرار إلى بواعث شخصية وأحقاد دفينة لدى المهندس إبراهيم عسكر وكيل الوزارة.
ويقول المدعي إن الوزارة خانها التوفيق في استصدار القرار الجمهوري بإحالته إلى المعاش لأسباب صحية لأنه ليس به ما يمنعه من العمل أو يقلل من صلاحيته للقيام بأعباء وظيفته وذكر أنه قد اعتراه المرض كأي موظف من موظفي الدولة ولكنه أبل من مرضه وعاد إلى عمله دون أن يتخلف عنده ما يعجزه عن أداء واجباته نحو الدولة ولم يسجل عليه أحد من رؤسائه في أية وظيفة تولاها تقصيراً في العمل أو عجزاً عن القيام بتبعاته وأن الحالات التي منح من أجلها أجازات مرضية محدودة وأنه مرض بسبب وضعه وزملائه الخبراء في حجرة ضيقة وغير صحية وقد شكا وزملاؤه الخبراء من سوء حال المكان الذي يعملون فيه بتاريخ 16 من أغسطس سنة 1952 وأيد شكواهم مدير قسم محاسبة النظار وقتذاك الأستاذ عبد الكريم الخطيب ولكن الوزارة لم تصنع لهم شيئاً وقد أصيب من جراء ذلك بجرح درني في أعلى الرئة اليمنى اضطر بسببه إلى دخول مصحة ألماظه للعلاج وبقي بها حتى 12 من يونيه سنة 1954 حيث شفي تماماً وعاد إلى عمله وقد استغرقت مدة مرضه سبعة أشهر تقريباً ويدل إنتاجه بعد شفائه على أن حالته عادت طبيعية كما كانت. كما منح إجازة أخرى مدتها شهر وعشرة أيام بسبب إصابته في 18 من يونيه سنة 1957 بذبحة صدرية ثم عاد بعد انتهاء هذه الإجازة إلى عمله اعتباراً من 4 من أغسطس سنة 1957 وكان قد شفي من مرضه وفي 24 من أغسطس سنة 1957 أصيب بالأنفلونزا الآسيوية وعاد بعد شفائه منها إلى عمله يوم أول سبتمبر سنة 1957 ويستطرد المدعي قائلاً أن تلك هي المناسبات التي مرض فيها طول مدة خدمته والتي بلغت ستاً وعشرين سنة وقد وضح أن المرض الذي أصابه بسبب العمل وألزمه الفراش أطول مدة قد زايله وأنه منذ أبل منه في يونيه سنة 1954 لم يعد إلى الشكوى منه ولم يتأثر به إنتاجه في العمال وأما الذبحة الصدرية والأنفلونزا الآسيوية فهما من الأمراض العادية والكثيرة الحدوث والتي قلما يسلم منها موظف وليس لأي منهما تأثير على حالته وعلى إنتاجه وليس بينها مرض مزمن تلازم أعراضه المريض به وتنتقص من قدرته على العمل كما هو شأن وحال بعض موظفي الوزارة الذين عددهم المدعي والمصابون بأمراض مزمنة تعجزهم عجزاً تاماً عن الاضطلاع بأعباء الوظيفة والذين يحتاجون فعلاً إلى الراحة.
ويقول المدعي إن السبب الذي استند إليه القرار الجمهوري بإحالته إلى المعاش هو سبب غير صحيح وأنه مشوب بعيب مخالفة القانون وعيب الانحراف بالسلطة، ويستطرد إلى أن المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 قد أوردت ضمن الأسباب التي تنتهي لقيامها خدمة الموظفين المعينين على وظائف دائمة بسبب عدم اللياقة للخدمة صحياً، وبينت المادة 109 من نفس القانون إن عدم اللياقة الصحية "يثبت بقرار من القومسيون الطبي العام وبناء على طلب الموظف أو الحكومة. ولا يجوز فصل الموظف لعدم اللياقة الصحية قبل نفاذ إجازاته المرضية والاعتيادية ما لم يطلب الموظف نفسه الإحالة إلى المعاش دون انتظار انتهاء إجازاته".
ويقول المدعي إن وزارة الأوقاف لم تعرضه على القومسيون الطبي العام للكشف على صلاحيته للبقاء في الوظيفة من عدمه كما أنها لم تراع ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 109 سالفة الذكر حيث لم يستنفذ إجازاته المرضية والاعتيادية وفضلاً عن ذلك فإنه كان في العمل ولم يكن في إجازة عندما صدر القرار بإحالته إلى المعاش وكان في تنقل من بلد إلى آخر دون أن يلازم الفراش أو يسقط من الإعياء والعجز عن القيام للوظيفة بما تتطلبه من همة ونشاط فيكون قرار إحالته إلى المعاش بالإضافة إلى استناده إلى سبب غير صحيح قد خالف القانون فيما نصت عليه المادة 109 سالفة الذكر ومن ثم أصبح متعين الإلغاء.
ويقول إنه قد أصابه ضرر مادي وأدبي من جراء فصله الذي لا مشروعية فيه فيكون من حقه أن يطالب بتعويض يجبر هذه الأضرار ولكنه يكتفي مؤقتاً بتعويض رمزي مقداره قرش واحد محتفظاً بحقه في تعديله أثناء نظر الدعوى.
وينتهي المدعي إلى القول بأن طريق التظلم الإداري لم يجد نفعاً في مراجعة الوزارة في قرارها فلم يعد محيص من التوجه إلى القضاء.
وقالت وزارة الأوقاف رداً على الدعوى أن الدافع الحقيقي لطلب إحالة المدعي إلى المعاش هو صالح العمل وقد صدر القرار المطعون فيه مستهدفاً هذه الغاية ومستنداً إلى نص الفقرة السادسة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة التي تنص انتهاء خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة بفصله بمرسوم أو أمر جمهوري أو بقرار خاص من مجلس الوزراء، وأن هذا النص صدر لحكمة معينة هي هيمنة الإدارة على تسيير المرافق العامة على وجه يحقق الصالح العام وإطلاق حريتها في اختيار الموظفين الذين ترى فيهم الصلاحية لهذا الغرض وفصل من ترى أنه أصبح غير صالح لذلك باعتبارهم عمال هذه المرافق. وهذا من الملاءمات المتروكة لتقديرها بلا معقب عليها ما دام قد خلا قرارها من عيب إساءة استعمال السلطة فلم تستهدف سوى المصلحة العامة. كما تقول الوزارة أنه لا سند لما يقول به المدعي من أن فصله كان بسبب حالته الصحية وأنه إنما فصل لصالح العمل وملف خدمته وهو الوعاء الطبيعي المصور لحالته قاطع في الدلالة على ذلك إذ يكفي الرجوع إلى التقارير السنوية الأخيرة المقدمة عنه لإثبات هذه الحقيقة فإنتاجه في هبوط ودرجة كفايته في نقصان.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري قضت بجلسة أول أبريل سنة 1959 "بإلغاء القرار الجمهوري الصادر برقم 815 لسنة 1957 بإحالة المدعي إلى المعاش وألزمت الوزارة المدعى عليها مصاريف الدعوى ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب محامي المدعي". وأقامت المحكمة قضاءها على ما تبين لها من الرجوع لملف خدمة المدعي من أن وزارة الأوقاف قد رفعت لرئاسة الجمهورية مذكرة أبانت فيها أنها قد لاحظت أن المدعي وآخرين قد أصبحت حالتهم الصحية لا تساعدهم على القيام بأعمالهم بسبب مرضهم - الأمر الذي يترتب عليه عدم صلاحيتهم للعمل ويستدعي إحالتهم إلى المعاش والتمست المذكرة من رئاسة الجمهورية التفضل بالموافقة والنظر في إحالتهم إلى المعاش مع ضم سنتين إلى خدمة كل منهم بحيث لا يجاوز سن الستين وصرف الفرق بين الماهية والمعاش مشاهرة عن المدة المضافة، وقد قرر السيد رئيس الجمهورية بتاريخ 14 من سبتمبر سنة 1957 الموافقة على ما جاء بهذه المذكرة (القرار رقم 815 لسنة 1957) وتنفيذاً لهذا القرار أصدرت الوزارة قرارها رقم 1011 بتاريخ 21 من سبتمبر سنة 1957. وتقول المحكمة أنه إذا كان هذا ما ينطق به ملف خدمة المدعي فإن إنكار وزارة الأوقاف بأن فصل المدعي لم يكن بسبب حالته الصحية غير صحيح ويكون هذا السبب خاضعاً لرقابة القضاء الإداري للتحقق من مدى مطابقته أو عدم مطابقته للقانون وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار.
ويقول الحكم أنه يتعين معرفة ما إذا كان السيد رئيس الجمهورية يملك استناداً إلى المادة 107 فقرة 6 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة فصل الموظف من الخدمة بالنظر إلى أن حالته الصحية لم تعد تمكنه من أداء ما يعهد إليه من أعمال أم أنه يتعين في هذه الحالة التزام ما نصت عليه المادة 109 من ثبوت عدم اللياقة الصحية بقرار من القومسيون الطبي العام وبعد استنفاذ الموظف لإجازاته المرضية والاعتيادية.
ومن حيث إنه وإن كان حق الحكومة في فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي حق ثابت لها إلا أنه متى استندت الحكومة في هذا الفصل إلى سبب وارد في القانون وأفصحت عن نيتها في تطبيق هذا النص تعين التقيد بأحكامه، وفي هذه الخصوصية قد ثبت للمحكمة أن الحكومة استندت لفصل المدعي إلى عدم لياقته الصحية.
ومن حيث إن المشرع قد تحدث عن عدم اللياقة الصحية في الفقرة الثانية من المادة 107 وفي المادة 109 وعلى ذلك فلو أن هذه الحالة يمكن أن تدخل ضمن الحالات التي يجوز للحكومة مع قيامها فصل الموظف بمرسوم أو أمر جمهوري أو بقرار خاص من مجلس الوزراء إعمالاً لحكم الفقرة السادسة من هذه المادة لكان ورودها على هذا النحو لغواً يتنزه عنه الشارع ذلك لأن المشرع لم ير محلاً لأن يترك للحكومة حق فصل الموظف لعدم اللياقة الصحية إلا بعد الرجوع إلى القومسيون الطبي العام ليصدر قراره بعد الكشف الطبي عليه بعدم لياقته صحياً للخدمة وبعد استنفاذ إجازاته المرضية والاعتيادية وطبقاً للإجراءات المنصوص عليها في لائحة القومسيون والنتيجة التي ينتهي إليها القومسيون الطبي في هذا الشأن لا تعدو أن تكون أمراً فنياً يترخص فيه ولا تستطيع المحكمة التدخل في تقديره طالما أنه قد خلا من سوء استعمال السلطة.
وتقول المحكمة أنه يتضح مما تقدم أن المشرع قد اختص عدم اللياقة الصحية للخدمة بنص خاص (المادة 109) وأنه لا يستقيم مع ذلك القول بأن للحكومة في هذه الحالة إعمالاً لحكم المادة 107 فقرة سادسة فصل الموظف بمرسوم أو أمر جمهوري أو بقرار خاص من مجلس الوزراء - على أنه من ناحية أخرى - فإنه إذا لم يكن يتسنى إصدار قرار من القومسيون الطبي العام بعدم لياقة الموظف صحياً للخدمة فإنه يمكن القول من ناحية أخرى أنه إذا كان من شأن الحالة المرضية للموظف أن تؤثر في كفايته فإن ذلك سوف ينعكس فيما يقدم عنه من تقارير سنوية وقد رتبت المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على تقديم تقرير واحد بدرجة ضعيف عن الموظف حرمانه من أول علاوة دورية مع تخطيه في الترقية في السنة التي قدم فيها التقرير كما استلزمت المادة 32 من نفس القانون رقم 210 لسنة 1951 تقديم الموظف الذي يقدم عنه تقريران متتاليان بدرجة ضعيف للهيئة المشكل منها مجلس التأديب تفحص حالته فإذا تبين لها أنه قادر على الاضطلاع بأعباء وظيفة أخرى قررت نقله إليها بذات الدرجة والمرتب أو على خفض درجته أو مرتبه أو نقله إلى كادر أدنى فإذا تبين لها أنه غير قادر على العمل فصلته من وظيفته مع حفظ حقه في المعاش أو المكافأة.
كما يقول الحكم أنه إلى جانب ما أشير إليه من أن عدم اللياقة الصحية يلزم أن يثبت بقرار من القومسيون الطبي العام فإنه لا يوجد في ملف خدمة المدعي ما يؤيد ما ذهبت إليه الوزارة في المذكرة التي رفعتها إلى السيد رئيس الجمهورية من أن حالة المدعي الصحية لا تساعده على القيام بأعباء الوظيفة أما ما ذهبت إليه الوزارة من أن التقارير السرية المودعة بملف خدمة المدعي قاطعة الدلالة على هبوط إنتاجه ونقصان درجة كفايته فهو لا ينهض سبباً للقرار المطعون فيه ذلك لأنه بالرجوع إلى هذه التقارير لم تجد المحكمة من بينها تقريراً واحداً بدرجة ضعيف فقد قدرت كفايته عن أعوام 1952 بجيد وعن 1953 بـ 86.5% وعن 1954 بـ 52% وعن 1955 بـ 65% وعن 1956 بـ 51% وأنه إن كان نقص درجة كفايته في 1954، 1956 مرده إلى حالته المرضية إلا أن هذا التقدير لم ينزل إلى درجة ضعيف.
وانتهى الحكم إلى القول بأنه لما تقدم يكون القرار المطعون فيه غير قائم على سبب صحيح يبرره كما جاء مخالفاً للقانون ومن ثم تعين الحكم بإلغائه، كما يقول الحكم أن في إلغاء القرار جباً للطلب الاحتياطي الذي تقدم به المدعي.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن قرار إحالة المدعي إلى المعاش لا يقوم سببه على عدم اللياقة الصحية كما ذهبت إلى ذلك المحكمة إنما يقوم في حقيقته على صالح العمل وقد كشفت عن ذلك مذكرة الوزارة المرفوعة إلى السيد رئيس الجمهورية، فهي تقول أن حالته الصحية هو وزملاؤه لا تساعدهم على القيام بأعمالهم بسبب مرضهم الأمر الذي ترتب عليه عدم صلاحيتهم للعمل مما يستدعي إحالتهم إلى المعاش. فصالح العمل وحده هو الباعث على صدور قرار الإحالة إلى المعاش وهو ما قصدت إليه مذكرة الوزارة حيث هبط إنتاجه إلى درجة ظاهرة وتقريره الأخير عن أعماله عام 1956 المودع بملف خدمته يثبت هذه الحقيقة فقد سجل هذا التقرير درجة الكفاية ب 51 درجة وضعف إنتاجه هذا إنما يرجع إلى حالته المرضية التي دخل بسببها مصحة الأمراض الصدرية في عام 1953 وبقي بها تحت العلاج حتى 10 من يونيه سنة 1954 وما دام الثابت أن ثمت سبباً واقعياً قام عليه قرار الفصل وأن هذا السبب له أصل ثابت في الأوراق وليس ثمت أي دليل إيجابي على انحراف الإدارة عن المصلحة العامة تحت تأثير دوافع شخصية أو ابتغاء غاية غير مشروعة فقد انتفت مخالفة القرار للقانون. وأن السبب الحقيقي الذي يقوم عليه القرار الجمهوري المطعون فيه هو الصالح العام وقد صدر هذا القرار مستهدفاً هذه الغاية وإعمالاً لحكم الفقرة السادسة من المادة 107 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 التي تنص على انتهاء خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة بفصله بمرسوم أو أمر جمهوري أو بقرار خاص من مجلس الوزراء، وذلك للحكمة التشريعية التي يقوم عليها هذا النص وهي وجوب هيمنة الإدارة على تسيير المرافق العامة على وجه يحقق الصالح العام ولما كان الموظفون هم عمال هذه المرافق فلزم أن تكون للحكومة الحرية في اختيار من ترى فيهم الصلاحية لهذا الغرض وفصل من تراه منهم أصبح غير صالح لذلك وهذا من الملاءمات المتروكة لتقديرها بلا معقب عليها ما دام قرارها قد خلا من عيب إساءة استعمال السلطة فلم تستهدف سوى المصلحة العامة وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب وقضى بإلغاء القرار الجمهوري الصادر بإحالة المدعي إلى المعاش فإنه يكون غير صائب في قضائه ومن ثم فقد قامت به إحدى حالات الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا المنصوص عليها في المادة 15 من قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 مما يتعين معه إلغاؤه والحكم برفض طلبات المدعي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً حددت فيه وقائع الدعوى. والمسائل القانونية التي أثارها النزاع وأبدت رأيها مسبباً انتهت إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
ومن حيث إنه ولئن كانت الإدارة غير ملزمة بتسبيب قرارها إلا أنها إذا ما ذكرت أسباباً له، فإنها تكون خاضعة لرقابة القضاء الإداري للتحقق من مدى مطابقتها أو عدم مطابقتها للواقع وللقانون، وللقضاء الإداري أن يراقب صحة قيام الوقائع وسلامة تكييفها القانوني، ورقابته هذه لصحة الحالة الواقعية أو القانونية تجد حدها الطبعي في التحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار في هذا الشأن مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً أو قانوناً، فإذا كانت هذه النتيجة غير مستخلصة على هذا النحو فقد القرار الإداري سببه وتعين إلغاؤه.
ومن حيث إن القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بموظفي الدولة قد أجاز في المادة 107 فقرة ثانية إنهاء خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لعدم اللياقة للخدمة صحياً وقرن ذلك بما يضمن حقوق الموظف فنصت المادة 109 من القانون سالف الذكر على أنه "يثبت عدم اللياقة الصحية بقرار من القومسيون الطبي العام بناء على طلب الموظف أو الحكومة، ولا يجوز فصل الموظف لعدم اللياقة الصحية قبل نفاذ إجازاته المرضية والاعتيادية ما لم يطلب الموظف نفسه الإحالة إلى المعاش دون انتظار انتهاء إجازاته". ومفاد هذا النص أنه لا يجوز إنهاء خدمة الموظف لعدم اللياقة للخدمة صحياً إلا إذا ثبت ذلك بقرار من القومسيون الطبي العام في الحدود وبالقيود التي تضمنها قانون موظفي الدولة في المادة 109 المشار إليها مما وفره القانون للموظف من ضمانات في حالة هو أحوج ما يكون فيها إلى الرعاية والعطف.
ومن حيث إن الواضح من المذكرة المرفوعة إلى رئاسة الجمهورية من وزارة الأوقاف - خلافاً لما تذكره الوزارة - أنها قد بنت طلبها الإحالة إلى المعاش على حالة المدعي الصحية وما انتابه من مرض كانت نتيجته عدم صلاحيته للعمل، أي أن الوزارة بنت طلب الإحالة على عدم اللياقة الصحية بقولها "لوحظ أن السادة محمد حافظ البيه الموظف من الدرجة الثالثة بمكتب الخبراء بقسم النظار وعمر بسيم المفتش المالي من الدرجة الثالثة ومحمود عبد الحكيم السنهوري الموظف من الدرجة الرابعة بالوزارة قد أصبحت حالتهم الصحية لا تساعدهم على القيام بأعمالهم بسبب مرضهم الأمر الذي يترتب عليه عدم صلاحيتهم للعمل ويستدعي إحالتهم إلى المعاش. لذلك يرفع الأمر إلى سيادتكم رجاء التفضل بالنظر والموافقة على إحالة السادة الموضحة أسماؤهم بعاليه إلى المعاش مع ضم سنتين إلى خدمة كل منهم بحيث لا يجاوز سن الستين وصرف الفرق بين الماهية والمعاش مشاهرة عن المدة المضافة". فإنه لذلك كان يتعين إعمال ما تقضي به المادة 109 من قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 وذلك بالعرض على القومسيون الطبي العام بناء على طلب الموظف أو جهة الإدارة ليصدر قراره المثبت لعدم اللياقة الصحية مع التريث في فصل الموظف لعدم اللياقة الصحية حتى يستنفذ إجازاته المرضية والاعتيادية ما لم يطلب نفسه الإحالة إلى المعاش دون انتظار انتهاء إجازاته.
ومن حيث إنه بالإضافة إلى ذلك، يتضح من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه حصل في التقرير السنوي السري عام 1954 على اثنين وخمسين درجة من مائة وحصل في عام 1955 على خمس وستين درجة من مائة وحصل في عام 1956 على إحدى وخمسين درجة من مائة، وقد كانت الدرجات التي حصل عليها في تقدير العمل والإنتاج في هذه السنوات الثلاث على التوالي هي: 25 درجة من خمسين و32 درجة من خمسين و26 درجة من خمسين، الأمر الذي يبين منه بجلاء أن تقدير درجة كفاية المدعي وخاصة في الإنتاج والعمل، لم ينحدر به إلى ما تنعته به الوزارة من ضعف في الإنتاج وعدم الصلاحية للعمل بل يرتفع به عمله وإنتاجه وتسمو به كفايته كما هو ثابت بتقاريره إلى درجة من الكفاية لا يصدق فيها ما وصمته به جهة الإدارة.
ومن حيث إنه من أجل ذلك يكون القرار المطعون فيه قد قام على غير سبب صحيح ووقع ترتيباً على ذلك، مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه لهذا يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه لما تقدم وللأسباب التي استند إليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة وفي هذه الأسباب المفصلة كل الغناء للرد على أسباب الطعن ومن ثم يكون الطعن على غير أساس سليم من القانون ويتعين رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت وزارة الأوقاف بالمصروفات وبمبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 586 لسنة 5 ق جلسة 21 / 1 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 76 ص 588

جلسة 21 من يناير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي وحسني جورجي ومحمد عبد العزيز البرادعي وأبو الوفا زهدي المستشارين.

-----------------

(76)

القضية رقم 586 لسنة 5 القضائية

درجة مالية - درجة أصلية - درجة شخصية 

- أوجه التشابه والمفارقة بين كل من هاتين الدرجتين - مناط تساويهما في المميزات والحقوق المترتبة على كل منهما - أن تكونا ضمن وظائف باب واحد في الميزانية - أساس ذلك - اختلاف المصرف المالي والمركز القانوني لموظفي كل باب في الميزانية.

----------------
إن الدرجة الأصلية والدرجة الشخصية متساويتان في كل المميزات والحقوق المترتبة على منحهما إلا أن ذلك منوط بأن تكون تلك الدرجات الشخصية والأصلية ضمن وظائف الباب الأول من الميزانية، أما إذا كانت إحداها ضمن وظائف الباب الأول والأخرى ضمن وظائف الباب الثالث فإن الأمر يصبح جد مختلف، إذ أن الأمر في هذه الحالة ليس قاصراً على مجرد اختلاف المصرف المالي وإنما يتعلق بالمركز القانوني لكل الموظفين فالباب الأول ينتظم الوظائف الداخلة في الهيئة أو الخارجة عن الهيئة التي يحكمها القانون رقم 210 لسنة 1951 والتي يشترط القانون للتعيين فيها شروطاً معينة منها ثبوت لياقة الموظف الصحية أو إعفائه من هذا الشرط بقرار وزاري، بينما وظائف الباب الثالث مؤقتة بطبيعتها أياً كان الاعتماد المعين عليه الموظف ولا يشترط للتعيين فيها شروط معينة ما دامت هي بطبيعتها مؤقتة ويحكم الموظف في هذه الحالة شروط عقد الاستخدام الذي صدر به قرار من مجلس الوزراء في 31 من ديسمبر سنة 1952، فما دام أن المركز القانوني لكل من هذه الوظائف يختلف عن الآخر فإن وظائف كل من البابين الأول والثاني تبقى خاصة بالمعينين عليه لا يزاحمهم فيها المعينون على الباب الآخر لاختلاف الوضع القانوني لكل منهم.


إجراءات الطعن

في 31 من مارس سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية بجلسة 2 من فبراير سنة 1959 في الدعوى رقم 384 لسنة 3 القضائية المرفوعة من محمد نعيم أحمد محمد شلبي ضد وزارة الأشغال العمومية القاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الوزاري رقم 504 لسنة 1955 الصادر في 9 من نوفمبر سنة 1955 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الخامسة بالأقدمية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن الحكم "بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات" وقد أعلن الطعن للحكومة في 11 من يونيه سنة 1959 وللمدعي في 13 من يونيه سنة 1959 وعين لنظره أمام هيئة فحص الطعون جلسة 12 من يونيه سنة 1960 فقررت إحالته إلى المحكمة العليا بجلسة 12 من نوفمبر سنة 1960 ثم تدوولت القضية بالجلسات إلى أن نظرت أخيراً بجلسة 24 من ديسمبر سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات وأرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق - تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة الأشغال في 23 من أبريل سنة 1956 أقام المدعي الدعوى رقم 384 لسنة 3 القضائية ضد وزارة الأشغال ومصلحة المساحة طلب فيها الحكم أصلياً: بإلغاء القرار رقم 504 لسنة 1955 في 9 من نوفمبر سنة 1955 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة بالكادر الفني المتوسط وأحقيته في الترقية في هذه الدرجة وما يترتب على ذلك من آثار، واحتياطياً: بإلغاء القرار الصادر بتعيين زملاء المدعي الأحدث منه عهداً على الباب الأول بالميزانية (وهم الذين رقوا بالقرار المطعون فيه أصلياً) وأحقيته هو في التعيين على هذا الباب وما يترتب على ذلك من آثار ولا سيما إلغاء القرار المطعون فيه بصفة أصلية مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال في بيان ذلك أنه علم أثناء وجوده بالكويت أن مصلحة المساحة أجرت حركة ترقيات شملت 48 موظفاً من الدرجة السادسة إلى الدرجة الخامسة بالكادر الفني المتوسط صدر بها القرار رقم 504 لسنة 1955 في 9 من نوفمبر سنة 1955 وقد تخطى المدعي فيها بكثير ممن هم أحدث منه عهداً بالخدمة فتظلم من القرار في 2 من يناير سنة 1956 فرفض السيد الوزير تظلمه بمقولة أنه معين على اعتماد الإصلاح الزراعي (مصروفات مصلحة المساحة) في حين أن حركة الترقيات تمت بين المعينين على ميزانية الباب الأول، ولما كان القرار المذكور قرار معيب ومجحف بحقوق المدعي فإنه يطعن فيه للأسباب الآتية: أولاً: لم ينكر المدعى عليهما أن كثيراً من زملاء المدعي الأحدث منه عهداً بالخدمة قد رقوا بالقرار المطعون فيه وحجتهما في ذلك إلى أنه لم يوضع على البند الأول في الميزانية وتلك حجة غير مقنعة إذاً إنه فضلاً عن أن تغاير المصارف المالية للموظفين لا يمكن أن يترتب عليها تغاير في مراكزهم القانونية وإهدار حقوق أصحاب الأقدمية منهم فإن الذي لا جدال فيه أن الاعتمادات المقسمة إلى درجات والتي لها حكم الدوام حكمها حكم الباب الأول في الميزانية من حيث مراكز الموظفين الذين يصرفون عليها فإذا كان الثابت أن اعتمادات الإصلاح الزراعي (التي يصرف عليها المدعي) من هذا القبيل فإن إخراج المدعي من أقدمية موظفي الدرجة السادسة على أساس أنه لا يتبع الباب الأول يكون أمراً مخالفاً القانون. ثانياً: إذا كان ولا بد أن يوجه المدعي طعنه إلى القرار الصادر بتعيين زملائه الأحدث عهداً منه على الباب الأول في الميزانية فإنه يوجه هذا الطعن احتياطياً وما يترتب على هذا الطعن من آثار. وقد ردت مصلحة المساحة على الدعوى بأن المدعي حاصل على دبلوم الفنون والصناعات سنة 1942 وعلى شهادة من مدرسة المساحة في سنة 1948 وألحق بالخدمة بوظيفة عامل إحصاء على غير درجة على اعتماد إحصاء الزراعات المختلفة في 3 من يناير سنة 1943 ومنح الدرجة السابعة الفنية على نفس الاعتماد في أول مارس سنة 1949 ونقل بحالته هذه إلى اعتماد الإصلاح الزراعي في أول نوفمبر سنة 1952 ثم سويت حالته بموجب القرار الوزاري رقم 1561 لسنة 1954 فاعتبر في الدرجة السابعة الفنية من 3 من يناير سنة 1943 تاريخ دخوله الخدمة وفي السادسة على ربط السابعة من 3 من يناير سنة 1946 على اعتماد الإصلاح الزراعي ولم ينقل إلى ميزانية الباب الأول أسوة بزملائه الذين يطعن في ترقيتهم لعدم استيفائه شرط اللياقة الطبية التي حتمها القانون رقم 210 لسنة 1951 ومن ثم لا تستند دعواه إلى أساس من القانون؛ والتمست المصلحة لهذه الأسباب رفض الدعوى. وقد عقب المدعي على رد المصلحة بما محصله أن اختلاف الوحدة المالية التي ينتمي إليها الموظف لا يمكن أن تقوم معياراً للتمييز بين طوائف الموظفين ولا أن يترتب عليها تغاير في مراكزهم القانونية وإهدار حقوق أصحاب الأقدمية منهم، إذ أن هذا التغاير في الوحدة المالية لا يتعدى فقط اختلاف المصرف المالي ثم أضاف المدعي أن أحكام القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا قد استقرت على اعتبار الموظفين المعينين على اعتمادات مقسمة إلى درجات يعتبرون موظفين دائمين وتطبق عليهم كافة القواعد التنظيمية الخاصة بالموظفين الدائمين والمدعي معين على اعتماد مقسم إلى درجات، وفيما يتعلق باللياقة الطبية قال المدعي أنه عند التحاقه بالمصلحة كشف عليه طبياً بواسطة قومسيون المنصورة المحلي وعين على اعتماد إحصاء الزراعة وقد استصدر بعد ذلك حكماً من اللجنة القضائية بوضعه في الدرجة السادسة في سنة 1946 إذ أن ذلك الاعتماد المعين عليه كان مقسماً إلى درجات وقد حولته المصلحة بعد ذلك إلى اعتماد الإصلاح الزراعي وأبقت زملاءه على اعتماد الإحصاء وفي 31 من يناير سنة 1955 أخطرته المصلحة بالتوجه إلى القومسيون الطبي العام للكشف عليه طبياً وكان ذلك بعد 13 سنة من الخدمة المتواصلة وقد نجح في جميع مراحل الكشف إلا أن النتيجة تأجلت لحين إجراء عملية بالعين اليمنى رغم حصوله على 6/ 6 و6/ 9 وقد أجريت له العملية بنجاح في 10 من فبراير سنة 1955 وأخطر المدعي القسم التابع له بذلك لتحديد موعد لإعادة الكشف عليه إلا أن المصلحة لم تحاول اتخاذ أي إجراء بهذا الخصوص حتى صدور قرار المصلحة بإعارته لحكومة الكويت في 9 من أكتوبر سنة 1955. وقد تشكى المدعي من هذا الوضع وطلب رسمياً من الوزارة إتمام الكشف عليه عن طريق الهيئات الصحية بالكويت فلم تحرك الوزارة ساكناً. وبجلسة 2 من فبراير سنة 1959 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار الوزاري رقم 504 لسنة 1955 الصادر في 9 نوفمبر سنة 1955 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الخامسة بالأقدمية مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعي أقدم في الدرجة السادسة من كثير من المرقين ومن ثم يكون أحق منهم بالترقية إلى الدرجة الخامسة بالتطبيق للمادة 39 من القانون رقم 210 لسنة 1951 ثم قالت المحكمة إنه "لا يقدح في ذلك كون المدعي يشغل درجة شخصية وعلى اعتماد، ذلك أن الدرجة الشخصية والدرجة الأصلية متساويتان في هذا الخصوص في كل المميزات والحقوق المترتبة على منحهما فليس ما يمنع من ترقية صاحب الدرجة الشخصية كما لا تحول درجته الشخصية دون منحه علاوات تلك الدرجة في مواعيدها وبفئاتها المقررة أسوة بالدرجة الأصلية، ولا يحول دون ذلك أن مصرفه المالي هو اعتماد وليس ربط الدرجة الدائمة بالميزانية وإن كل ما هنالك من فارق بين الدرجة الشخصية والأصلية أن أوضاع الميزانية لم تكن تسمح بوضعه على الدرجة عند تعيينه أو تسوية حالته نتيجة الحكم القضائي وهو أمر لا أثر له على مركزه القانوني باعتباره شاغلاً الوظيفة، وهو على كل حال وضع مؤقت يسوى عند وجود خلوات تسمح بوضع صاحب الدرجة الشخصية على درجة أصلية دون أن ينتقص ذلك من حقوقه شيئاً فقد نصت المادة رقم 40 مكرراً في فقرتها الأخيرة على كيفية تسوية الدرجات الشخصية، ومن ثم فبقاء المدعي في درجته الشخصية إلى أن يتم تحويله إلى الدرجة الأصلية لا يعدو أن يكون بياناً للمصرف المالي إلى أن تسوى درجته على النحو المبين بالمادة رقم 40 مكرراً" ثم أضافت المحكمة أنه "لا محاجة بالقول بأن المدعي لم يستوف مسوغات التعيين في الدرجات الدائمة ففضلاً عن عدم صحة ذلك القول - إذ المدعي استوفى مسوغات تعيينه عند دخوله الخدمة ومنها اللياقة الطبية بالكشف عليه من قومسيون الوزارة الطبي بالمنصورة - فضلاً عن ذلك فإن بقاءه بالدرجة الشخصية لم يحل دون ترقيته".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه من الأمور المسلمة أنه لا يجوز ترقية موظف بقسم معين بالميزانية على وظيفة موجودة بقسم آخر منها ذلك لأن مقتضى التقسيم الذي يقوم أساساً على اختلاف نوع وطبيعة العمل هو استقلال كل قسم بوظائفه ودرجاته وأقدمية الموظفين الذين ينتمون إليه ومتى كان الأمر كذلك فإن كل قسم ينفرد عند إجراء حركة الترقيات بدرجاته ووظائفه ولا يزاحمه فيها موظفو القسم الآخر، ومتى كان الثابت من الأوراق أن المدعي يشغل وظيفة من وظائف الدرجة السادسة المدرجة باعتماد الإصلاح الزراعي وقد ورد هذا الاعتماد بالباب الثالث من ميزانية مصلحة المساحة في حين أن الدرجات الشاغرة التي تمت الترقية إليها بالقرار المطعون فيه واردة في الباب الأول من الميزانية فمن ثم لا حق للمدعي في الترقية إلى وظيفة من تلك الوظائف، أما بالنسبة للطلب الاحتياطي فإنه على غير أساس لأن الجهة الإدارية تترخص في إجراء النقل من الاعتماد إلى الباب الأول من الميزانية وفقاً لما تراه محققاً للمصلحة العامة بلا معقب عليها في هذا الشأن من جهات القضاء ما دام قرارها خلا من عيب إساءة استعمال السلطة الأمر الذي لم يقدم المدعى عليه أي دليل.
ومن حيث إنه لا خلاف بين الطرفين على وقائع الدعوى وعلى أن المدعي معين على اعتماد الإصلاح الزراعي بالبند الثالث من الميزانية وإن الحركة المطعون فيها شملت زملاء المدعي المعينين على درجات الباب الأول من الميزانية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وإن كان قد أصاب الحق فيما قرره من أن الدرجة الأصلية والدرجة الشخصية متساويتان في كل المميزات والحقوق المترتبة على منحهما إلا أن ذلك منوط بأن تكون تلك الدرجات الشخصية والأصلية ضمن وظائف الباب الأول من الميزانية، أما إذا كانت إحداها ضمن وظائف الباب الأول والأخرى ضمن وظائف الباب الثالث فإن الأمر يصبح جد مختلف، إذ أن الأمر في هذه الحالة ليس قاصراً على مجرد اختلاف المصرف المالي وإنما يتعلق بالمركز القانوني لكل الموظفين فالباب الأول ينتظم الوظائف الداخلة في الهيئة أو الخارجة عن الهيئة التي يحكمها القانون رقم 210 لسنة 1951 والتي يشترط القانون للتعيين فيها شروطاً معينة منها ثبوت لياقة الموظف الصحية أو إعفائه من هذا الشرط بقرار وزاري، بينما وظائف الباب الثالث مؤقتة بطبيعتها أياً كان الاعتماد المعين عليه الموظف ولا يشترط للتعيين فيها شروط معينة ما دامت هي بطبيعتها مؤقتة ويحكم الموظف في هذه الحالة شروط عقد الاستخدام الذي صدر به قرار من مجلس الوزراء في 31 من ديسمبر سنة 1952، فما دام أن المركز القانوني لكل من هذه الوظائف يختلف عن الآخر، فإن وظائف كل من البابين الأول والثاني تبقى خاصة بالمعينين عليه لا يزاحمهم فيها المعينون على الباب الآخر لاختلاف الوضع القانوني لكل منهم.
ومن حيث إنه بالنسبة للطلب الاحتياطي وهو الطعن في قرار نقل زملاء المدعي إلى وظائف الباب الأول فإن هذا النقل يستلزم ثبوت لياقة المدعي الصحية للتعيين على وظائف الباب الأول أو صدور قرار وزاري بإعفائه من هذا الشرط، ولما كان قد ثبت من الكشف الطبي عليه بوساطة القومسيون الطبي العام أنه لم يحز الدرجة الكافية في الإبصار ولم يصدر بإعفائه قرار وزاري، فإن طعنه والحالة هذه يكون على غير أساس.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن قد قام على أساس سليم من القانون ويكون الحكم المطعون فيه قد جاء مخالفاً للقانون ويتعين من أجل ذلك إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 567 لسنة 5 ق جلسة 21 / 1 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 75 ص 581

جلسة 21 من يناير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني وحسني جورجي وعبد الفتاح بيومي نصار ومحمد مختار العزبي المستشارين.

---------------

(75)

القضية رقم 567 لسنة 5 القضائية

تعليم - مدارس إعدادية - إعادة القيد بها 

- المادة 25 من القانون رقم 55 لسنة 1957 في شأن تنظيم التعليم الإعدادي العام - فصل التلميذ لتغيبه بغير عذر مقبول مدة خمسة عشر يوماً - جواز إعادة قيده - شرطه وجود مبررات تقبلها المدرسة - تقديرها يدخل في السلطة التقديرية لناظر المدرسة - مثال.

------------------
إن النظر في طلب إعادة القيد يتطلب حتماً الرجوع إلى سبب الفصل ثم إلى المبررات التي يتقدم بها طالب إعادة القيد تبريراً لهذا السبب الذي أدى إلى فصله. فسبب الفصل ومبررات إعادة القيد مرتبطان بعضهما ببعض، فسبب الفصل هو غياب التلميذ بلا عذر مقبول المدة التي نص عليها القانون. وأما مبررات إعادة القيد فهي الأسباب التي يتقدم بها التلميذ أو ولي أمره بعد فصله مبرراً بها غيابه وملتمساً من أجلها إعادة قيده وهذا المعنى واضح تماماً من نص المادة 25 من القانون رقم 55 لسنة 1957 في شأن تنظيم التعليم الإعدادي العام "يفصل من المدرسة كل تلميذ يتغيب بغير عذر مقبول مدة خمسة عشر يوماً - ويجوز إعادة قيد التلميذ بعد فصله إذا كانت هناك مبررات تقبلها المدرسة... إلخ" فالنص صريح في أن الأصل هو فصل التلميذ الذي يتغيب بلا عذر مقبول المدة المنصوص عليها ثم أجازت المادة إعادة قيد مثل هذا التلميذ بعد فصله "إذا كانت هناك مبررات تقبلها المدرسة" أي أنه يشترط لقبول إعادة القيد أن يتقدم التلميذ أو ولي أمره بمبررات تقبلها المدرسة.
فإذا كان الثابت أن المدعي لم يتقدم بأي مبررات بل كل ما ذكره في طلبيه المؤرخين 23 من سبتمبر سنة 1957 هو طلب إعادة قيد ولديه وما دام لم يتقدم بأي مبررات لهذا الطلب فيكون مرفوضاً حتماً ولئن كان المدعي قد تقدم فيما بعد بشهادتين مرضيتين فإن تقديمهما كان لمنطقة القاهرة الجنوبية التعليمية ولم يحولا إلى المدرسة إلا في 26 من أكتوبر سنة 1957 كما هو مؤشر عليهما ومع ذلك فإن ناظر المدرسة لم يجد فيهما ما يبرر العدول عن قراره السابق برفض إعادة القيد وهذا من صميم سلطته التقديرية.


إجراءات الطعن

في 26 من مارس سنة 1959 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السادة وزير التربية والتعليم ومدير عام المنطقة الجنوبية وناظر مدرسة عباس الإعدادية بصفتهم سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بها تحت رقم 567 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 27 من يناير سنة 1959 في الدعوى رقم 190 لسنة 12 القضائية. المقامة من عبد الرحمن مرسي قناوي بصفته ولي أمر الطالبين عز الدين وجمال الدين مرسي قناوي ضد الطاعنين المذكورين والقاضي بإلغاء القرار الصادر من ناظر مدرسة عباس الإعدادية بتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1957 برفض إعادة قيد ولدي المدعي عز الدين وجمال الدين بالمدرسة وإلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة وبرفض ماعدا ذلك من الطلبات.
وطلبت إدارة قضايا الحكومة بصفتها للأسباب التي استندت إليها في عريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون ضده (المدعي) في 5 يوليه سنة 1959 وعرض على دائرة فحص الطعون بجلسة 29 من مايو سنة 1960 - فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 30 من أكتوبر سنة 1960 وقد تدوول أمام هذه المحكمة في الجلسات وفي جلسة 31 من ديسمبر سنة 1960 قررت المحكمة إرجاء إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 190 سنة 12 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد السادة وزير التربية والتعليم ومدير منطقة القاهرة الجنوبية التعليمية وناظر مدرسة عباس الإعدادية بصفتهم طلب فيها الحكم أولاً - بوقف تنفيذ القرار الصادر من المدعى عليه الثالث في 10 من أكتوبر سنة 1957 بعدم قيد ولدي المدعي عز الدين وجمال الدين بالمدرسة.
ثانياً - بتعويض مؤقت قدره قرش واحد مع المصاريف ثم طلب تصحيحاً لطلبه إضافة طلب إلغاء القرار المذكور، وقال المدعي شرحاً لدعواه أن له ولدين بمدرسة عباس الإعدادية أحدهما بالسنة الرابعة والثاني بالسنة الثالثة محولين إليها من مدرسة أبي تيج الإعدادية وقد فوجئ بفصلهما في حين أنهما كانا مريضين، وفي 23 من سبتمبر سنة 1957 تقدم إلى ناظر المدرسة لإعادة قيدهما بالمدرسة وتحويلهما لمدرسة شبرا أو مدرسة النيل لوجود أماكن شاغرة فيهما ولكن الناظر أشر على الطلبين بعدم إمكان قيدهما لكثرة غيابهما في السنة الدراسية السابقة لأسباب لا تعلمها المدرسة فتقدم المدعي إلى منطقة القاهرة الجنوبية التعليمية فاتصلت المنطقة بالمدرسة في هذا الشأن. وفي 18 من أكتوبر سنة 1957 أفادت المدرسة أن أسباب الفصل كانت للغياب وليس لأسباب أخرى فأخطرت المنطقة المدرسة بإعادة قيدهما وتحويل أوراقهما إلى مدرسة الاتحاد الوطني حيث توجد بها أماكن شاغرة ولما لم تبت المدرسة في الأمر تظلم المدعي إلى السيد وزير التربية والتعليم في 5 من نوفمبر سنة 1957 ثم طالب المدعي ناظر المدرسة بتسليمه أوراق ولديه فرفض - وقد ردت الوزارة على الدعوى بأن أودعت مذكرة لناظر المدرسة قرر فيها أن ولدي المدعي كانا بمدرسة أبي تيج ثم حولا إلى مدرسته أي مدرسة عباس الإعدادية في 19 من يناير سنة 1957 ثم تغيبا من 21 من يناير سنة 1957 حتى أخر العام الدراسي 1956/ 1957 فأخطرت المدرسة المدعي بانقطاعهما عن الدراسة وأنذرته بفصلهما ولكنه لم يبلغ المدرسة أسباب هذا الغياب حتى انقضت المدة المقررة قانوناً فقررت المدرسة فصلهما وأبلغت هذا القرار إلى المدعي في 12 من فبراير سنة 1957 وبعد ذلك في 23 من سبتمبر سنة 1957 قدم المدعي إلى المدرسة طلبين لإعادة قيدهما فرفضت المدرسة طلبيه لمخالفتهما للقواعد المتبعة وقد رأت المنطقة التعليمية جواز إعادة قيدهما إذا وافقت المدرسة على ذلك وقالت المدرسة في مذكرتها أن المنطقة قد تركت للمدرسة الحرية في تطبيق القانون بل وحملت المدرسة مسئولية التطبيق ولما كان القانون لا يسمح بإعادة قيدهما فإن المدرسة لم توافق على إعادة القيد وأضافت المدرسة في هذه المذكرة أن المنشور رقم 268 الصادر بتاريخ 18 من سبتمبر سنة 1956 في شأن قواعد الفصل وإعادة القيد بالمدارس الإعدادية يشترط لجواز إعادة قيد التلميذ الذي سبق فصله أن يكون سبب الفصل هو الرسوب أي أن يكون قد حضر الامتحان ورسب فيه أو تغيب عنه لعذر تقبله المدرسة وهذا لا ينطبق على ولدي المدعي حيث أنهما فصلا منذ 12 من فبراير سنة 1957 وشطب اسم كل منهما من سجلات المدرسة منذ هذا التاريخ وأن عدم موافقة المدرسة على إعادة قيد ولدي المدعي يرجع إلى عدم تقديمه شهادات مرضية تثبيت مرضهما أثناء انقطاعهما في الخمسة عشر يوماً الأولى من غيابهما رغم إخطاره بذلك مرتين قبل فصلهما الذي حدث بعد 23 يوماً من بدء غيابهما ثم إنه لم يتصل بالمدرسة بعد ذلك ولم يقدم أي عذر مقبول أو غير مقبول حتى يوم 23 من سبتمبر سنة 1957 حيث طلب إعادة قيدهما وأن الشهادات المرضية المقدمة من المدعي إلى المنطقة والمحولة إلى المدرسة في 26 من أكتوبر سنة 1957 هذه الشهادات مؤرخة 22 من يناير سنة 1957 أي أنها كانت لدى المدعي قبل فصل ولديه ومع ذلك لم يقدمها إلى المدرسة في الوقت المناسب وأن القانون لم يسمح بإعادة قيد تلميذ هجر المدرسة دون عذر مقبول وأما عن عدم تسليم المدعي أوراق ولديه فقد ردت المدرسة على ذلك بأن القانون لا يسمح بتسليم ملف التلميذ لأنه يحوي أوراقاً لامتحانات وهي ملك المدرسة ويجوز تحويل الملف إلى مدرسة أخرى وليس لمن ترك المدرسة الحق في استلام أية ورقة منه فيما عدا شهادة الميلاد وأن المدعي لم يتقدم بطلب استلام شهادتي ميلاد ولديه - وأودعت الوزارة أيضاً حافظة بمستندات تضمنت الطلبين المقدمين من المدعي لقيد ولديه وقد أشر ناظر المدرسة على كل منهما بتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1957 بالعبارة الآتية "فصل في العام الماضي لكثرة تغيبه ولم تعلم المدرسة عنه شيئاً ولا يمكن إعادة قيده" - وبجلسة 31 من ديسمبر سنة 1957 قضت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه. وبجلسة 27 من يناير سنة 1959 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه وهو يقضي بإلغاء القرار الصادر من ناظر المدرسة في 10 من أكتوبر سنة 1957 برفض إعادة قيد ولدي المدعي وإلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة وبرفض ما عدا ذلك من الطلبات وأقامت المحكمة قضاءها على أنه في 23 من فبراير سنة 1957 صدر القانون رقم 55 لسنة 1957 ونصت المادة 30 منه على أن يعمل به اعتباراً من العام الدراسي 1957/ 1958 ومن ثم فإن أحكامه تنطبق على حالة الطلبين المقدمين من المدعي لإعادة قيد ولديه وقد نصت المادة 25 من ذلك القانون على فصل كل تلميذ يتغيب عن المدرسة بدون عذر مقبول مدة 15 يوماً فأكثر وأنه يجوز إعادة قيده إذا كانت هناك مبررات تقبلها المدرسة بعد دفع رسم إعادة القيد وقد أصدرت الوزارة قرارات نظمت فيها قواعد إعادة القيد للمفصولين سواء أكان الفصل للرسوب أو للغياب وأنه يتضح من مذكرة ناظر المدرسة المشار إليها آنفاً أنه أسس قراره برفض إعادة قيد ولدي المدعي على واقعة غيابهما عن المدرسة فقط ولما كانت هذه الواقعة هي الأساس الذي بني عليه قرار الفصل فلا يجوز أن تتخذه المدرسة مرة أخرى سبباً لقرار رفض إعادة القيد؛ ومن ثم يكون قرار رفض إعادة القيد قد صدر بغير سبب وبدون مبرر فوقع باطلاً ويتعين إلغاؤه - وقد طعنت الحكومة في هذا الحكم مستندة في طعنها إلى أن الحكم المطعون فيه قد خالف المادة 25 من القانون رقم 55 لسنة 1957 التي جعلت إعادة قيد التلميذ بعد فصله من سلطة ناظر المدرسة وتخضع مبررات الإعادة إلى كامل تقديره فيترخص في إصدار قراره بإعادة القيد أو رفضه حسبما يراه ملائماً بما لا معقب عليه في ذلك وأن مبررات إعادة القيد قد تتعلق بالأسباب التي حالت بين التلميذ وبين مواصلة تلقي العلم فإذا كان تغيب التلميذ دون عذر مقبول مدة خمسة عشر يوماً كافياً لصدور القرار بفصله فإن مبررات إعادة قيد التلميذ مقصود بها التحفظ لدرء معاودة إخلال التلميذ المفصول بالقواعد والنظم المقررة التي يقصد بها إدارة مرفق التعليم والسير به لتحقيق الأهداف المطلوبة لحماية المصلحة العامة وقد ناط المشرع بناظر المدرسة تقدير هذه المبررات وأن المدعي رغم إخطاره بتغيب ولديه في 31 من يناير سنة 1957، 9 من فبراير سنة 1955 بل وبعد إخطاره بفصلهما في 12 من فبراير سنة 1957 بخطاب مسجل لم يبادر إلى تبرير غيابهما وأهمل أمرهما حتى انصرم العام الدراسي فإن ناظر المدرسة عندما أصدر قراره برفض إعادة قيدهما يكون قد أعمل الرخصة التي منحه القانون إياها مقدراً أن ولي أمرهما لم يقدم مبررات كافية لإعادة قيدهما لا أن غيابهما كان سبباً في عدم إعادة قيدهما على نحو ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه وأضافت الحكومة في طعنها أن الحكم المطعون فيه قام على أن شروط إعادة القيد كانت متوافرة لدى التلميذين وفي هذا مخالفة للقانون ذلك أن التلميذ عز الدين كان مقيداً بالسنة الرابعة الإعدادية ولا يجوز إعادة قيده لأن في إعادة قيده إعادة للسنة الدراسية وهو ما حرمته المادة 16 من القانون رقم 55 لسنة 1957 سالف الذكر والتي تنص بأن لا يسمح للتلميذ في المرحلة الإعدادية بإعادة الدروس أكثر من مرة في الفرقة الواحدة على أنه لا يسمح له بالإعادة إذا زادت سنه في أول أكتوبر سبع عشرة سنة - وقدمت هيئة المفوضين تقريراً في هذا الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
ومن حيث إن الطعن يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للمادتين 25، 26 من القانون رقم 55 لسنة 1957 في شأن تنظيم التعليم الإعدادي العام الصادر في 19 من فبراير سنة 1957 وتنص أولى هاتين المادتين على أنه "يفصل من المدرسة كل تلميذ يتغيب بغير عذر مقبول خلال السنة الدراسية مدة خمسة عشر يوماً سواء أكانت هذه المدة متصلة أو منفصلة ويعتبر التغيب عن إحدى فترتي اليوم الدراسي (قبل الظهر أو بعده) تغيباً عن اليوم كله - ويجوز إعادة قيد التلميذ بعد فصله إذا كانت هناك مبررات تقبلها المدرسة وذلك بعد دفع رسم إعادة القيد الذي تقرره الوزارة" ويبين من هذا النص أن إعادة قيد التلميذ بعد فصله مسألة تقديرية متروكة لإدارة المدرسة فلها أن تقبل المبررات التي يتقدم بها التلميذ المفصول وعندئذ تقرر إعادة قيده كما لها أن لا تقبلها فترفض إعادة قيده وأن قرار جهة الإدارة الصادر في هذا الشأن وهو يقوم على سلطة تقديرية بحتة ينأى عن الرقابة القضائية طالما كان متفقاً مع مبدأ المشروعية وغير متسم بإساءة استعمال السلطة.
ومن حيث إن ولدي المدعي التحقا بمدرسة عباس الإعدادية في 19 من يناير سنة 1957 بطريق التحويل من مدرسة أبي تيج ولم يمكثا في مدرسة عباس سوى يومين هما 19 و20 من يناير سنة 1957 وانقطعا عن الدراسة منذ 21 من يناير سنة 1957 وقد استفسرت المدرسة من المدعي عن سبب هذا الغياب ولكنها لم تتلق منه أي رد - ومع أن القانون يجيز الفصل في هذه الحالة بمجرد انقضاء خمسة عشر يوماً فإن المدرسة لم تقرر فصلهما إلا في 11 من فبراير سنة 1957.. أي بعد انقضاء ثلاثة وعشرين يوماً على غيابهما وأخطرت المدعي بهذا الفصل بكتاب مسجل ولكن المدعي لم يعر الأمر أي اهتمام حتى انقضى العام الدراسي 1956/ 1957 بأكمله وأخيراً في 23 من سبتمبر سنة 1957 تقدم بطلب مستقل عن كل من ولديه يلتمس فيه إعادة قيده وتحويل أوراقه إلى مدرسة الاتحاد الوطني ولم يذكر في هذا الطلب أي سبب لغياب ولديه أو تبرير طلب إعادة قيدهما فأشر ناظر المدرسة في 10 من أكتوبر سنة 1957 على كل من الطلبين بالعبارة الآتية "فصل في العام الماضي لكثرة تغيبه ولم تعلم المدرسة عنه شيئاً ولا يمكن إعادة قيده".
ومن حيث إن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن ناظر المدرسة استند في القرار الذي اتخذه برفض إعادة قيد ولدي المدعي إلى واقعة غيابهما مع أن هذه الواقعة كانت الأساس الذي بني عليه القرار الأول بفصلهما من المدرسة ومن ثم فيكون القرار الصادر برفض إعادة قيدهما قد صدر بغير سبب وبدون مبرر فوقع باطلاً متعيناً إلغاؤه، هذا القول مردود بأن النظر في طلب إعادة القيد يتطلب حتماً الرجوع إلى سبب الفصل ثم إلى المبررات التي يتقدم بها طالب إعادة القيد تبريراً لهذا السبب الذي أدى إلى فصله. فسبب الفصل ومبررات إعادة القيد مرتبطان بعضهما ببعض فسبب الفصل هو غياب التلميذ بلا عذر مقبول المدة التي نص عليها القانون وأما مبررات إعادة القيد فهي الأسباب التي يتقدم بها التلميذ أو ولي أمره بعد فصله مبرراً بها غيابه وملتمساً من أجلها إعادة قيده وهذا المعنى واضح تماماً من نص المادة 25 من القانون رقم 55 لسنة 1957 في شأن تنظيم التعليم الإعدادي العام "يفصل من المدرسة كل تلميذ يتغيب بغير عذر مقبول مدة خمسة عشر يوماً - ويجوز إعادة قيد التلميذ بعد فصله إذا كانت هناك مبررات تقبلها المدرسة... إلخ" فالنص صريح في أن الأصل هو فصل التلميذ الذي يتغيب بغير عذر مقبول المدة المنصوص عليها ثم أجازت المادة إعادة قيد مثل هذا التلميذ بعد فصله "إذا كانت هناك مبررات تقبلها المدرسة" أي أنه يشترط لقبول إعادة القيد أن يتقدم التلميذ أو ولي أمره بمبررات تقبلها المدرسة.
ومن حيث إن المدعي لم يتقدم بأي مبررات بل كل ما ذكره في طلبيه المؤرخين 23 من سبتمبر سنة 1957 المشار إليهما فيما تقدم هو طلب إعادة قيد ولديه وما دام لم يتقدم بأي مبررات لهذا الطلب فيكون مرفوضاً حتماً ولئن كان المدعي قد تقدم فيما بعد بشهادتين مرضيتين فإن تقديمها كان لمنطقة القاهرة الجنوبية التعليمية ولم يحولا إلى المدرسة إلا في 26 من أكتوبر سنة 1957 كما هو مؤشر عليهما ومع ذلك فإن ناظر المدرسة لم يجد فيهما ما يبرر العدول عن قراره السابق برفض إعادة القيد وهذا من صميم سلطته التقديرية كما سلف القول.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب قد جانب الصواب ويتعين الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بصفته بالمصروفات.

الطعن 1447 لسنة 5 ق جلسة 14 / 1 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 74 ص 574

جلسة 14 من يناير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي ومحمود محمد إبراهيم وعبد المنعم سالم مشهور وعبد العزيز البرادعي المستشارين.

----------------

(74)

القضية رقم 1447 لسنة 5 القضائية

(أ) عمال مقاولي شركة قاعدة قناة السويس - تعيينهم 

- القانون رقم 65 لسنة 1957 بشأن استخدام موظفي وعمال مقاولي شركة قاعدة قناة السويس - استثناؤهم عند التعيين من شرط الحصول على المؤهل اللازم لشغل الوظيفة - ليس من مقتضاه اعتبارهم حاصلين على المؤهل - نتيجة ذلك - عدم سريان القواعد الخاصة بذوي المؤهلات على غير المؤهلين - بيان ذلك - مثال.
(ب) عمال مقاولي شركة قاعدة قناة السويس - إعانة غلاء المعيشة 

- خصم فرق الكادرين منها - قرارات مجلس الوزراء الصادر في 19/ 2 و3/ 12/ 1950 و17/ 8 و8/ 0/ 1952 في هذا الشأن - أثر تطبيقها على أحد هؤلاء العمال المعين في الدرجة التاسعة في ظل كادر سنة 1939 - خصم 3 جنيهات من إعادة الغلاء المستحقة له - أساس ذلك.

------------------
1 - ترتب على العدوان الأثيم على مصر، طبقاً لما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم (65) لسنة 1957 في شأن استخدام موظفي وعمال مقاولي شركة قاعدة قناة السويس، تصفية العمل في قاعدة القناة وواجهت البلاد أزمة بطالة نظراً إلى أن الغالبية العظمى من موظفي وعمال شركة قاعدة القناة لا يحملون مؤهلات دراسية. ورغبة من الحكومة في المساهمة في القضاء على هذه الأزمة، ونظراً إلى أن هؤلاء المتعطلين ذوو خبرة قد تفيد الإدارة إذا التحقوا بها، لذلك فقد طلبت وزارة الشئون الاجتماعية والعمل تيسير التحاقهم بالوظائف الحكومية. وقد تضمنت المادة الأولى من القانون بيان الموظفين والعمال المقصودين بأحكامه وهم المصريون دون غيرهم من رعايا الدول الأخرى، الذين تركوا العمل بسبب توقف الشركات التي تمارس نشاطها في صيانة القاعدة، وتيسيراً على جهات الإدارة في تعيينهم على درجات الميزانية في أقرب وقت فقد تضمنت المادة الثانية تخصيص بعض الوظائف لشغلها من بين هؤلاء وحدهم فنص في المادة الثانية "يخصص لتعيين الموظفين والعمال المشار إليهم في المادة الأولى وظائف الدرجة الثامنة الفنية والتاسعة والمستخدمين الخارجين عن الهيئة وعمال اليومية الخالية في تاريخ العمل بهذا القانون، وكذا تلك التي تخلو بالوزارات والمصالح ابتداء من ذلك التاريخ في تاريخ انتهاء العمل بميزانية السنة المالية (1957/ 1958) ويكون تعيينهم في هذه الوظائف وفقاً للأحكام المقررة في القانون رقم (210) لسنة 1951 وكادر العمال مع مراعاة القواعد الواردة في النصوص التالية" كما نص في المادة الثالثة على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم (210) لسنة 1951 يجوز تعيين الموظفين المذكورين في المادة الأولى مع المجاوزة عن شرط الحصول على المؤهل العلمي اللازم لشغل الوظيفة على أنه تثبت صلاحية المرشح للتعيين فيها" ويبين من هذه النصوص أن الأصل هو أن التعيين في الوظائف المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم (65) لسنة 1957 يكون وفقاً للأحكام المقررة في القانون رقم (210) لسنة 1951 وكادر العمال غير أنه رغبة من الحكومة في المساهمة في القضاء على أزمة البطالة التي ترتبت على تصفية العمل في قاعدة القناة نتيجة للعدوان الغادر على البلاد ونظراً إلى أن هؤلاء المتعطلين ذوو خبرة قد تفيد الإدارة إذا التحقوا بها فقد تضمنت المادة الثالثة استثناء من أحكام القانون رقم (210) لسنة 1951 إعفاء المذكورين من شرط الحصول على المؤهل اللازم لشغل الوظيفة متى ثبت صلاحية المرشح للتعيين فيها.. ومن أنه على مقتضى ما تقدم فإن هذا الاستثناء المنصوص عليه في المادة الثالثة إنما هو قاصر على مجرد إعفاء المرشح للوظيفة من شرط الحصول على المؤهل عند تعيينه فلا يمتد هذا الاستثناء إلى اعتبار الموظف حاصلاً على المؤهل العلمي المطلوب للوظيفة ومن ثم فلا تسري في حقه القواعد والأحكام القانونية السارية على من لديهم المؤهل العلمي واستناداً إلى الاستثناء الوارد بالمادة الثالثة فقد عين المدعي وهو غير حاصل على مؤهل علمي في الدرجة التاسعة بأول مربوطها.
2 - يبين من مطالعة قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 19 من فبراير سنة 1950، 3 من ديسمبر سنة 1950، 17 من أغسطس، 8 من أكتوبر سنة 1952 في شأن إعانة غلاء المعيشة أنها تهدف جميعها إلى استقطاع ما يوازي أي زيادة يحصل عليها لموظف نتيجة لتطبيق أحكام الكادر الملحقة بالقانون رقم (210) لسنة 1951 من إعانة غلاء المعيشة وقد أصدر ديوان الموظفين في هذا الشأن الكتاب الدوري رقم (58) لسنة 1952 مبيناً القواعد التي تتبع في هذا الصدد وضرب لذلك الأمثال وقد جاء بالبند رابعاً من الكتاب الدوري سالف الذكر ما يأتي: (بالنسبة إلى المعينين في أول يوليه سنة 1952 أو بعد هذا التاريخ، هؤلاء يمنحون إعانة الغلاء عندما يحل موعد استحقاقها على أساس المرتبات التي نالها زملائهم المعينون الجدد في 30 من نوفمبر سنة 1950 (تاريخ تثبيت هذه الإعانة) أو بداية الدرجة في الكادر الجديد أيهما أقل. ويخصم من الإعانة التي تستحق لهم على هذا الأساس مقدار الزيادة (إن وجدت) بين المرتب الذي كان مقرراً للتعيين في نفس الدرجة أو المرتبة في الكادر السابق وبينه في الكادر الحالي ولما كان كادر سنة 1939 يقضي بتحديد راتب ثلاثة جنيهات شهرياً لمن يعين في الدرجة التاسعة سواء كان من الحاصلين على مؤهلات علمية، أو من غير ذوي المؤهلات، بينما حدد القانون رقم (210) لسنة 1951 بداية مربوط الدرجة التاسعة بستة جنيهات شهرياً. فمن ثم يتعين - تطبيقاً لأحكام قرارات مجلس الوزراء الصادرة في شأن إعانة غلاء المعيشة السالفة الذكر خصم الفرق بين المرتب الذي كان المدعي - وهو من غير ذوي المؤهلات - يستحقه طبقاً لأحكام كادر سنة 1939 وهو ثلاثة جنيهات والمرتب الذي منح إياه طبقاً لأحكام الكادر الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 - وقدره ستة جنيهات شهرياً، من إعانة غلاء المعيشة وهو ما اتبعته المصلحة في شأنه، وهو التطبيق السليم لأحكام القانون.


إجراءات الطعن

في 29 من أغسطس سنة 1959 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزارة الحربية سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الحربية بجلسة 29 من يونيه سنة 1959 في الدعوى رقم (17) لسنة 6 القضائية المقامة من عبد الله عبد العزيز أحمد ضد وزارة الحربية، والذي قضى (بأحقية المدعي في تثبيت إعانة غلاء المعيشة على التفصيل الوارد بالأسباب، وما يترتب على ذلك من آثار وصرف متجمد الفروق من تاريخ استحقاقها، وألزمت الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة). وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب التي استندت إليها في عريضة الطعن. "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وبإلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين". وقد أعلن الطعن للمدعي في 14 من أكتوبر سنة 1959 وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 4 من ديسمبر سنة 1960 وأبلغت الحكومة والمدعي في 29 من نوفمبر سنة 1960 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للمرافعة بجلسة 7 من يناير سنة 1961 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم (17) لسنة 6 القضائية ضد وزارة الحربية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية في 22 من أكتوبر سنة 1958 طالباً الحكم بأحقيته في تثبيت إعانة غلاء المعيشة على أساس خمسة جنيهات وقصر الخصم على فرق الكادرين، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل الأتعاب). وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه على أثر الاعتداء على أرض الوطن ترك الخدمة في شركة مقاولي السويس وعين بوزارة الحربية تنفيذاً للقرار الجمهوري رقم (65) لسنة 1957 ولما كانت المادة الثالثة من هذا القرار تقضي بإسناد الدرجة الثامنة الفنية والتاسعة للعمال إذا قامت لديهم المقدرة على العمل، فقد وضع في الدرجة التاسعة بأول مربوطها وثبت إعانة غلاء المعيشة على مبلغ خمسة جنيهات، وفي فبراير سنة 1958 فوجئ المدعي بصرف إعانة غلاء المعيشة على أساس ثلاثة جنيهات فقط. ولما كان هذا الإجراء مخالفاً للقانون فقد رفع دعواه بالطلبات المتقدمة.
وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة في 30 من نوفمبر سنة 1958 قالت فيها أن المدعي من عمال شركة مقاولي قاعدة قناة السويس الذين عينوا بالوزارات والمصالح طبقاً للقانون رقم (65) لسنة 1957 وقد عين المدعي بالقرار الوزاري رقم (1191 في 19 من نوفمبر سنة 1957) مع استثنائه من شرط المؤهل العلمي اللازم لشغل هذه الوظيفة استناداً إلى المادة الثالثة من هذا القانون وقد تسلم العمل في 31 من أغسطس سنة 1957 وصرفت له المصلحة خطأ إعانة غلاء المعيشة بنسبة (150%) مثبتة على خمسة جنيهات وهذه هي المعاملة المقررة لذوي المؤهلات الذين يعينون في الدرجة التاسعة. إلا أن المصلحة تداركت هذا الأمر تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من أغسطس سنة 1952 بشأن خصم التحسين الذي يناله الموظفون تنفيذاً للقانون رقم (210) لسنة 1951 من إعانة غلاء المعيشة. وبفحص حالة المدعي تبين أنه من غير ذوي المؤهلات، وهم يعينون في أول مربوط الدرجة التاسعة تنفيذاً لكادر سنة 1939 وأول مربوط الدرجة التاسعة هو ثلاثة جنيهات فقط وهو المبلغ الذي يثبت إعانة الغلاء عليه تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 19 من فبراير سنة 1950 والتحسين الذي ناله، والذي يتعين خصمه من إعانة غلاء المعيشة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من أغسطس سنة 1952 هو مبلغ ثلاثة جنيهات، إذ حدد له مرتب ستة جنيهات أول مربوط الدرجة التاسعة في الكادر الجديد، وهو القدر الذي خصمته المصلحة من إعانة غلاء المعيشة المقدرة له وقد استردت المصلحة المبالغ التي حصل عليها دون وجه حق على أساس تثبيت إعانة الغلاء له على خمسة جنيهات خطأ، وانتهت المصلحة من ذلك إلى طلب الحكم برفض الدعوى.
وبجلسة 29 من يونيه سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية "بأحقية المدعي في تثبيت إعانة غلاء المعيشة على التفصيل الوارد بالأسباب، وما يترتب على ذلك من آثار وصرف متجمد الفروق من تاريخ استحقاقها وألزمت الحكومة بالمصروفات، ومقابل الأتعاب". وأقامت المحكمة قضاءها على أن فيصل النزاع في الدعوى هو تبيان ما إذا كان المدعي يعامل في شأن إعانة غلاء المعيشة باعتباره من المؤهلين، وذكرت أنه يستفاد من القانون رقم (65) لسنة 1957 أنه أجاز إعفاء موظفي وعمال مقاولي شركة قاعدة قناة السويس من شرط الحصول على المؤهل العلمي اللازم للتعيين في وظائف الدرجتين الثامنة الفنية والتاسعة مراعياً في ذلك أنهم ذوو خبرة سابقة تغني عن المؤهل أسوة بالمادة (12) من القانون رقم (210) لسنة 1951 التي أجازت إعفاء المرشح لوظيفة من الدرجة الثامنة الفنية من شرط الحصول على المؤهل العلمي إذا كان قد مارس بنجاح مدة سبع سنوات على الأقل في المصالح الحكومية أعمالاً فنية مماثلة لأعمال الوظيفة المرشح لها. وأن مؤدى ذلك هو أن الموظف الذي يعين في ظل قانون نظام موظفي الدولة بموجب قاعدة قانونية تعفيه من شرط الحصول على المؤهل اللازم للدرجة التي عين فيها لأنه ذو خبرة في هذه الخصوصية بالذات بمثابة حاصل على المؤهل وبالتالي تسري في شأنه جميع القواعد القانونية السارية على الذين تتوافر لديهم شرط المؤهل وأنه إنزالاً لحكم ما تقدم، ومتى كان الثابت أن الموظف المؤهل يتقاضى مرتباً قدره خمسة جنيهات في ظل كادر سنة 1939 فإنه من المتعين معاملة المدعي على هذا الأساس وتثبيت إعانة الغلاء المستحقة له على خمسة جنيهات شهرياً على أن يخصم منها فرق الكادرين وقدره جنيه واحد في الشهر.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن القانون رقم (65) لسنة 1957 يطبق في حالة التعيين فقط دون المعاملة المالية التي يجب أن يتبع فيها كادر سنة 1939 بفئتيه المنصوص عليهما في التعيين في الدرجة التاسعة طبقاً للشروط الواردة لكل فئة ومرتبها، وأنه إذ قام الحكم المطعون فيه على غير هذا النظر فإنه يكون خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إنه ترتب على العدوان الأثيم على مصر، طبقاً لما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم (65) لسنة 1957 في شأن استخدام موظفي وعمال مقاولي شركة قاعدة قناة السويس، تصفية العمل في قاعدة القناة وواجهت البلاد أزمة بطالة نظراً إلى أن الغالبية العظمى من موظفي وعمال شركة قاعدة القناة لا يحملون مؤهلات دراسية. ورغبة من الحكومة في المساهمة في القضاء على هذه الأزمة، ونظراً إلى أن هؤلاء المتعطلين ذوو خبرة وقد تفيد الإدارة إذا التحقوا بها، لذلك فقد طلبت وزارة الشئون الاجتماعية والعمل تيسير التحاقهم بالوظائف الحكومية. وقد تضمنت المادة الأولى من القانون بيان الموظفين والعمال المقصودين بأحكامه وهم المصريون دون غيرهم من رعايا الدول الأخرى، الذين تركوا العمل بسبب توقف الشركات التي تمارس نشاطها في صيانة القاعدة، وتيسيراً على جهات الإدارة في تعيينهم على درجات الميزانية في أقرب وقت فقد تضمنت المادة الثانية تخصيص بعض الوظائف لشغلها من بين هؤلاء وحدهم فنص في المادة الثانية (يخصص لتعيين الموظفين والعمال المشار إليهم في المادة الأولى وظائف الدرجة الثامنة الفنية والتاسعة والمستخدمين الخارجين عن الهيئة وعمال اليومية الخالية في تاريخ العمل بهذا القانون، وكذا تلك التي تخلو بالوزارات والمصالح ابتداء من ذلك التاريخ في تاريخ انتهاء العمل بميزانية السنة المالية (1957/ 1958) ويكون تعيينهم في هذه الوظائف وفقاً للأحكام المقررة في النصوص التالية). كما نص في المادة الثالثة على أنه (استثناء من أحكام القانون رقم (210) لسنة 1951 يجوز تعيين الموظفين المذكورين في المادة الأولى مع المجاوزة عن شرط الحصول على المؤهل العلمي اللازم لشغل الوظيفة على أن تثبت صلاحية المرشح للتعيين فيها) ويبين من هذه النصوص أن الأصل هو أن التعيين في الوظائف المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم (65) لسنة 1957 يكون وفقاً للأحكام المقررة في القانون رقم (210) لسنة 1951 وكادر العمال غير أنه رغبة من الحكومة في المساهمة في القضاء على أزمة البطالة التي ترتبت على تصفية العمل في قاعدة القناة نتيجة للعدوان الغادر على البلاد ونظراً إلى أن هؤلاء المتعطلين ذوو خبرة قد تفيد الإدارة إذا التحقوا بها فقد تضمنت المادة الثالثة استثناء من أحكام القانون رقم (210) لسنة 1951 إعفاء المذكور من شرط الحصول على المؤهل اللازم لشغل الوظيفة متى ثبتت صلاحية المرشح للتعيين فيها.. ومن أنه مقتضى ما تقدم فإن هذا الاستثناء المنصوص عليه في المادة الثالثة إنما هو قاصر على مجرد إعفاء المرشح للوظيفة من شرط الحصول على المؤهل عند تعيينه فلا يمتد هذا الاستثناء إلى اعتبار الموظف حاصلاً على المؤهل العلمي المطلوب للوظيفة، ومن ثم فلا تسري في حقه القواعد والأحكام القانونية السارية على من لديهم المؤهل العلمي واستناداً إلى الاستثناء الوارد بالمادة الثالثة فقد عين المدعي وهو غير حاصل على مؤهل علمي في الدرجة التاسعة بأول مربوطها.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 19 من فبراير سنة 1950، 3 من ديسمبر سنة 1950، 17 من أغسطس، 8 من أكتوبر سنة 1952 في شأن إعانة غلاء المعيشة أنها تهدف جميعها إلى استقطاع ما يوازي أي زيادة يحصل عليها الموظف نتيجة لتطبيق أحكام الكادر الملحقة بالقانون رقم (210) لسنة 1951 من إعانة غلاء المعيشة وقد أصدر ديوان الموظفين في هذا الشأن الكتاب الدوري رقم (58) لسنة 1952 مبيناً القواعد التي تتبع في هذا الصدد وضرب لذلك الأمثال وقد جاء بالبند رابعاً من الكتاب الدوري سالف الذكر ما يأتي: (بالنسبة إلى المعينين في أول يوليه سنة 1952 أو بعد هذا التاريخ، هؤلاء يمنحون إعانة الغلاء عندما يحل موعد استحقاقها على أساس المرتبات نالها زملاؤهم المعينون الجدد في 30 من نوفمبر سنة 1950 "تاريخ تثبيت هذه الإعانة" أو بداية الدرجة في الكادر الجديد أيهما أقل. ويخصم من الإعانة التي تستحق لهم على هذا الأساس مقدار الزيادة (إن وجدت) بين المرتب الذي كان مقرراً للتعيين في نفس الدرجة أو المرتبة في الكادر السابق وبينه في الكادر الحالي) ولما كان كادر سنة 1939 يقضي بتحديد راتب ثلاثة جنيهات شهرياً لمن يعين في الدرجة التاسعة سواء كان من الحاصلين على مؤهلات علمية، أو من غير ذوي المؤهلات، بينما حدد القانون رقم (210) لسنة 1951 بداية مربوط الدرجة التاسعة بستة جنيهات شهرياً. فمن ثم يتعين - تطبيقاً لأحكام قرارات مجلس الوزراء الصادرة في شأن إعانة غلاء المعيشة السالفة الذكر خصم الفرق بين المرتب الذي كان المدعي - وهو من غير ذوي المؤهلات - يستحقه طبقاً لأحكام كادر سنة 1939 وهو ثلاثة جنيهات، والمرتب الذي منح إياه طبقاً لأحكام الكادر الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 - وقدره ستة جنيهات شهرياً، ومن إعانة غلاء المعيشة وهو ما اتبعته المصلحة في شأنه، وهو التطبيق السليم لأحكام القانون.
ومن حيث إنه لما تقدم، يكون الطعن في محله - ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى على خلاف ما تقدم، قد جاء مخالفاً للقانون ويتعين من أجل ذلك إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.