الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 1 أبريل 2023

الطعن 239 لسنة 36 ق جلسة 10 / 12 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 200 ص 1227

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

---------------

(200)
الطعن رقم 239 لسنة 36 القضائية

(أ) شفعة. "دعوى الشفعة". "شرط إيداع الثمن".
عدم اشتراط فاصل زمني معين بين إيداع الثمن ورفع دعوى الشفعة.
(ب) دعوى. "رفع الدعوى". تقادم. "قطع التقادم".
عدم اعتبار الدعوى مرفوعة ومنتجة لآثارها إلا بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه. انقطاع التقادم بتقديم الصحيفة لقلم المحضرين استثناء من هذا الأصل.
(ج) شفعة. "إعلان الرغبة".
صحة إعلان الشفيع رغبته في صحيفة الدعوى ما دام قد تم في الميعاد واستكمل جميع مقوماته.
(د) إثبات. "الإحالة إلى التحقيق". محكمة الموضوع. "سلطتها في الإحالة إلى التحقيق".
سلطة محكمة الموضوع في عدم إجابة طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق مناط ذلك.

---------------
1 - لما كان هدف المشرع من شرط إيداع الثمن قبل رفع دعوى الشفعة - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض (1) - هو ضمان الجدية في طلب الشفعة دون تحديد فاصل زمني معين بين الإيداع ورفع الدعوى، وإذ يتحقق هذا الهدف بأسبقية الإيداع أو القبلية على رفع الدعوى، فإن اشتراط حصول الإيداع في اليوم السابق يعد قيداً لا يحتمله نص المادة 942/ 2 من القانون المدني.
2 - مفاد نص المادة 69 من قانون المرافعات السابق، أن الدعوى لا تعتبر مرفوعة إلا بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه، وأن أداء الرسم عنها وتقديم صحيفتها إلى قلم الكتاب أو قلم المحضرين مجرداً لا يعتبر رفعاً لها، وقد أكد المشرع ذلك بما نص عليه في المادة 75 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 100 سنة 1962، ومؤداه أن الدعوى لا تعتبر مرفوعة وتنتج آثارها إلا بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه وأنه استثناء من هذا الأصل جعل المشرع تقديم الصحيفة لقلم المحضرين قاطعاً لمدة التقادم أو السقوط.
3 - إن كل ما تشترطه المادة 942 من القانون المدني في إعلان الرغبة أن يكون رسمياً، ولم تستلزم حصوله بورقة مستقلة سابقة على إعلان صحيفة الدعوى، ومن ثم فلا على الشفيع إن أعلن رغبته في ذات إعلان الصحيفة، ما دام قد تم في الميعاد واستكمل جميع مقومات إعلان الرغبة.
4 - إن إجراء التحقيق لإثبات وقائع يجوز إثباتها بالبينة - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض (2) - ليس حقاً للخصوم تتحتم إجابتهم إليه في كل حالة، بل هو أمر متروك لمحكمة الموضوع ترفض الإجابة إليه بما لها من سلطة التقدير إذا لم تكن بها حاجة إليه، أو كان غير مجد بالنظر إلى ظروف الدعوى وما هو ثابت فيها من الأدلة والوقائع التي تكفي لتكوين عقيدتها، وبحسبها أن تبين في حكمها الأسباب التي اعتمدت عليها في رفض هذا الطلب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن صلاح محمد مصطفى درويش (المطعون عليه الأول) أقام الدعوى رقم 302 سنة 1964 كلي بور سعيد ضد علي محمود الديب (الطاعن) وأحمد محمد مصطفى درويش، محمد السعيد مصطفى درويش، فهمي محمد مصطفى درويش (المطعون عليهم من الثاني إلى الرابع) طالباً الحكم بأحقيته في تملك الحصة المبينة بصحيفة الدعوى بالشفعة نظير مبلغ 1800 ج، مع إلزام المدعى عليهم بالمصاريف والأتعاب والنفاذ، وقال في بيان دعواه إنه علم أن المدعى عليهم الثاني والثالث والرابع باعوا للمدعى عليه الأول 3 ط شيوعاً في أرض وبناء المنزل المبين بصحيفة الدعوى بمبلغ 1300 ج، وإذ لم ينذروه رسمياً بحصول البيع باعتباره شريكاً في العقار فقد أعلنهم في 22/ 9/ 1964 برغبته في أخذ الحصة المبيعة بالشفعة، ثم علم بعد ذلك بأن حقيقة الحصة المبيعة 4 ط وثمنها الحقيقي هو 1800 ج فأودع هذا الثمن خزانة محكمة بور سعيد في 19/ 10/ 1964، وأقام الدعوى بطلباته، ودفع المدعى عليه الأول بسقوط حق المدعي في الشفعة لأنه لم يودع الثمن إلا بعد رفع الدعوى وقيدها ولأنه لم يعلن رغبته في الشفعة إلا بالنسبة لـ 3 ط ونظير ثمن قدره 1300 ج، مع أن حقيقة ثمنها 1350 ج ولأنه كان وقت الشراء قاصراً ومشمولاً بولاية والده، وأن هذا الأخير قد وقع على عقود ومحررات تدل على علمه بحصول البيع والتنازل عن الحق في الشفعة، ثم انتهى المدعى عليه الأول في دفاعه إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات تنازل المدعي عن حقه في الشفعة. وبتاريخ 17/ 2/ 1965 حكمت المحكمة برفض الدفع وبثبوت حق المدعي في الأخذ بالشفعة وبأحقيته في تملك 4 ط من 24 ط من العقار المبين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى، وبعقدي البيع العرفيين المؤرخين 21/ 9/ 1957، 1/ 2/ 1958 بالشفعة نظير الثمن الحقيقي المودع خزانة المحكمة بتاريخ 19/ 10/ 1964، ومقداره 1800 ج وألزمت المدعى عليهم بالمصاريف وثلثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، واستأنف المدعى عليه الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة (مأمورية بور سعيد) طالباً إلغاءه ورفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 38 سنة 6 ق وبتاريخ 6/ 3/ 1966 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً، وصممت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله من وجهين (أولهما) أنه جرى في قضائه على أن قيام الشفيع بإيداع الثمن في نفس اليوم الذي قدمت فيه عريضة الدعوى إلى قلم المحضرين يعتبر إجراء صحيحاً، مستنداً في ذلك إلى ما قرره من أن هذا الإيداع كان سابقاً على رفع الدعوى، لأن الدعوى إنما ترفع بإعلان عريضتها لا بتقديم هذه العريضة إلى قلم المحضرين، وهذا من الحكم مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه لأن المادة 942 من القانون المدني، إذ أوجبت أن يتم إيداع الثمن خزانة المحكمة قبل رفع الدعوى إنما قصدت حصول الإيداع في اليوم السابق على رفعها تحقيقاً لما هدف إليه الشارع من تضييق نطاق استعمال حق الشفعة وأخذاً بما هو مقرر في قانون المرافعات من أنه إذا كان الميعاد مما يجب انقضاؤه قبل الإجراء، فلا يجوز حصول الإجراء إلا بعد انقضاء اليوم الأخير من هذا الميعاد (ثانيهما) إنه اعتبر أن حق الشفيع في الشفعة يظل قائماً طالما لم يوجه إليه إنذار رسمي من أي من البائع أو المشتري، وهو نظر مخالف لحكم المادة 940 من القانون المدني التي جعلت إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة إجراء ضرورياً يجب أن يسبق رفع الدعوى خاصة والمشرع قد جعله بداية حساب مواعيد إيداع الثمن ورفع الدعوى، وإذ كان الهدف من اشتراطه إعطاء الفرصة للمشتري ليقبل ترك الصفقة، ويعفى بذلك من المصاريف القضائية، فإن القول بجواز إعلان الرغبة عند إيداع الثمن أو بذات صحيفة افتتاح الدعوى ينطوي على مصادرة لهذا الهدف، وإذ كان ذلك وكانت دعوى المطعون عليه غير مسبوقة بإعلان الرغبة بالنسبة لقيراط من المساحة المبيعة، وكان الثمن الذي حدده في إعلان الرغبة الحاصلة - بالثلاثة قراريط الأخرى أقل من الثمن الحقيقي البالغ 1350 جنيه، فإنه لا يجدي الشفيع تصحيح الوضع بعريضة الدعوى، لأن هذا التصحيح ليس عرضاً جديداً تم بطريق التقاضي مباشرة، ولم يسبقه إعلان الرغبة طبقاً لما اشترطه القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول منه، ذلك أنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 942 من القانون المدني تتضمن شرطين (أولهما): أن يودع الشفيع الثمن الحقيقي خزانة المحكمة خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ إعلان الرغبة، (والثاني) أن يكون هذا الإيداع سابقاً على رفع الدعوى، وكان هدف المشرع من الشرط الثاني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ضمان الجدية في طلب الشفعة دون تحديد فاصل زمني معين بين الإيداع ورفع الدعوى، وإذ يتحقق هذا الهدف بأسبقية الإيداع أو القبلية على رفع الدعوى، فإن اشتراط حصول الإيداع في اليوم السابق يعد قيداً لا يحتمله النص ولما كان النص في المادة 69 من قانون المرافعات السابق على أن "ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على صحيفة تعلن للمدعى عليه على يد أحد المحضرين ما لم يقض القانون بغير ذلك" يدل على أن الدعوى لا تعتبر مرفوعة إلا بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه، وأن أداء الرسم عنها وتقديم صحيفتها إلى قلم الكتاب أو قلم المحضرين مجرداً لا يعتبر رفعاً لها وكان المشرع قد أكد ذلك أيضاً بالنص في المادة 75 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 100 سنة 1962، على أن تعتبر الدعوى قاطعة لمدة التقادم أو السقوط من وقت تقديم صحيفتها إلى قلم المحضرين بعد أداء الرسم كاملاً، أما باقي الآثار التي تترتب على رفع الدعوى فلا تسري إلا من وقت إعلان المدعى عليه بصحيفتها، مما مؤداه أن الدعوى لا تعتبر مرفوعة وتنتج آثارها إلا بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه، وأنه استثناء من هذا الأصل جعل المشرع تقديم الصحيفة لقلم المحضرين قاطعاً لمدة التقادم أو السقوط. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإن النعي عليه في هذا الوجه يكون على غير أساس. ومردود في الوجه (الثاني) بأن كل ما اشترطته المادة 942 من القانون المدني في إعلان الرغبة أن يكون رسمياً ولم يستلزم حصوله بورقة مستقلة سابقة على إعلان صحيفة الدعوى، ومن ثم فلا على الشفيع إن أعلن رغبته في ذات إعلان الصحيفة، ما دام قد تم في الميعاد واستكمل جميع مقومات إعلان الرغبة، وإذ أخذ الحكم بهذا النظر وكانت الدعوى - على ما يبين من مدونات الحكم - قد استكملت صحيفتها جميع مقومات إعلان الرغبة، فإن النعي بهذا الوجه يكون أيضاً على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحقه في الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات واقعة نزول المطعون عليه الأول عن الشفعة، وساق القرائن التي تؤيد جدية طلبه من إقامة الشفيع مع والده وإخوته البائعين في ذات العقار المبيع، ومن تعامل الولي على الشفيع معه، باعتباره مالكاً للأربعة قراريط موضوع الشفعة، فضلاً عن الاتفاق والمحاسبة اللذين تما بينهما بتاريخ 1/ 5/ 1963 عن حصته في ريع المنزل وإقرار المحاسبة المؤرخ 1/ 9/ 1962 والدال على سداده مبلغ 55 ج قيمة ما خصه في مصاريف المباني المستحدثة والراحات اللازمة للمنزل وتعامل الوالد معه باسم أولاده الشركاء معه فيه، ومن توقيع الوالد إبان نيابته عن الشفيع على عقدي البيع، بوصفه شاهداً، مما يجعل أثر التوقيع ينصرف إليه وإلى ابنه المطعون عليه الأول المشمول بولايته إلا أن المحكمة الاستئنافية رفضت هذا الطلب، وقضت في الدعوى بحالتها، وفوتت عليه حقه في إثبات النزول عن الحق في الشفعة فأخلت بحقه في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن إجراء التحقيق لإثبات وقائع يجوز إثباتها بالبينة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليس حقاً للخصوم تتحتم إجابتهم إليه في كل حالة، بل هو أمر متروك لمحكمة الموضوع ترفض الإجابة إليه - بما لها من سلطة التقدير - إذا لم تكن بها حاجة إليه أو كان غير مجد بالنظر إلى ظروف الدعوى وما هو ثابت فيها من الأدلة والوقائع التي تكفي لتكوين عقيدتها، وبحسبها أن تبين في حكمها الأسباب التي اعتمدت عليها في رفض هذا الطلب، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه في هذا الخصوص على قوله "وحيث إنه عن سقوط الحق بالشفعة للتنازل الضمني. وهو ما تمسك به المستأنف في مذكرته، فإن الشفيع لا يعتبر متنازلاً عن حقه في الشفعة ضمناً، إلا إذا صدر منه ما يفيد أنه اعتبر المشتري مالكاً نهائياً للمبيع، وأن المستأنف لم يذكر من وقائع التنازل الضمني سوى أن والد المستأنف عليه الأول قد وقع شاهداً على أحد عقدي البيع، وأن هذا الوالد كان ولياً على المستأنف عليه حتى بلغ سن الرشد في 9/ 12/ 1958، وأنه بعد ذلك كان يتحاسب معه عن الريع قبل وبعد بلوغ المستأنف عليه هذه السن" وأن "توقيع والد المستأنف عليه على العقد المؤرخ 1/ 2/ 1958 لم يكن مقترناً بصفته المدعى بها، وبالتالي فإنه لا يصح الاستناد إلى هذا التوقيع لانصراف أثره إلى المستأنف عليه الأول وقت أن كان قاصراً خصوصاً وأن التنازل عن الشفعة من أعمال التصرف، أما عن الاتفاق المؤرخ 1/ 5/ 1963 والإقرار الذي يحمل نفس التاريخ فإنهما يمثلان محاسبة بين المستأنف وبين والد المستأنف عليه الأول عن نصيب الأول في ريع المنزل عن حصته المشفوع فيها، فإذا كان الثابت من عقد تمليك المستأنف عليه الأول والعقد المسجل 13/ 6/ 1963 أن ذلك الوالد كان في تاريخ 1/ 5/ 1963 المذكور يملك 10 ط و12 س في منزل النزاع، وكان ملحوظاً أنه لم يوقع على الاتفاق والإقرار، إلا بصفته الشخصية ولم يقدم المستأنف عليه دليلاً على وكالة الوالد عن ولده المستأنف عليه الأول فإنه لا يجدي المستأنف التذرع بهذين المستندين للقول بأن المستأنف عليه الأول قد تنازل ضمناً عن طلب الشفعة لأن محاسبته عن الريع كانت مع الوالد وهو صاحب النصيب الأكبر ولم تكن مع المستأنف عليه" وأن "المستأنف وقد طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات التنازل الضمني لم يذكر شيئاً عن الوقائع التي يمكن أن يستفاد منها هذا التنازل على النحو السابق بيانه في شأن تعريف التنازل الضمني، ولو كان المستأنف جاداً في طلبه لذكر هذه الوقائع كما ذكر واقعة المحاسبة والتي ظهر فساد الاستدلال بها، ومن ثم فإن الحكمة لا ترى مبرراً للاستجابة إلى طلب الإحالة إلى التحقيق" وهذا الذي قرره الحكم سائغاً، ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم، يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 16/ 10/ 1961 مجموعة المكتب الفني سنة 12 ص 619.
نقض 18/ 10/ 1966 مجموعة المكتب الفني سنة 17 ص 1530.
(2) جلسة 28/ 1/ 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 182.

الطعن 48 لسنة 31 ق جلسة 18 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 173 ص 1105

جلسة 18 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم حسن علام، وسليم راشد أبو زيد.

--------------------

(173)
الطعن رقم 48 لسنة 31 القضائية

(أ) تزوير. "الادعاء بالتزوير". دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة".
عدم جواز الحكم بتزوير الورقة وفي الموضوع معاً. يجب أن يكون القضاء بالتزوير سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى.
(ب) تزوير "أثر الحكم بالرد والبطلان". بيع.
رد وبطلان عقد البيع المطعون فيه بالتزوير لا يعني بطلان الاتفاق ذاته وإنما بطلان الورقة المثبتة له. جواز إثبات الاتفاق بدليل آخر مقبول قانوناً.
(ج) خبرة. محكمة الموضوع.
مناقشة الخبير المنتدب في الدعوى. تعيين خبير آخر أو ثلاثة خبراء لخطأ أو نقص في عمل الخبير الأول أو في بحثه. أمر متروك لمطلق تقدير محكمة الموضوع.

-----------------
1 - تنص المادة 276 من قانون المرافعات على أنه "إذا قضت المحكمة بصحة الورقة أو بردها أو قضت بسقوط الحق في إثبات صحتها أخذت في نظر موضوع الدعوى في الحال أو حددت لنظره أقرب جلسة" ومفاد ذلك أنه لا يجوز الحكم بتزوير الورقة وفي الموضوع معاً بل يجب أن يكون القضاء بالتزوير سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى وذلك حتى لا يحرم الخصم الذي تمسك بالورقة التي قضى بتزويرها من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أخرى لإثبات ما أراد إثباته بتلك الورقة.
2 - الحكم برد وبطلان عقد البيع - المطعون فيه بالتزوير - لا يعني بطلان الاتفاق ذاته وإنما بطلان الورقة المثبتة له ومن ثم فإن هذا الحكم لا يحول دون إثبات حصول هذا الاتفاق بأي دليل آخر مقبول قانوناً.
3 - ليس في نص المادة 243 من قانون المرافعات ما يلزم المحكمة بمناقشة الخبير الذي عينته في الدعوى بل إن الأمر في إجراء هذه المناقشة جوازي لها متروك لمطلق تقديرها والأمر كذلك بالنسبة لما نصت عليه المادة 244 من قانون المرافعات من تعيين خبير آخر أو ثلاثة خبراء آخرين إذا تبين للمحكمة وجود خطأ أو نقص في عمل الخبير الأول أو في بحثه ومن ثم فلا يعاب على المحكمة إن هي لم تر استعمال هذه الرخصة التي منحها المشرع لها. ذلك أن تقدير المحكمة لعمل الخبير هو مما يدخل في سلطتها الموضوعية وهي باعتبارها الخبير الأعلى لها أن تقدر رأي الخبير ولو كان في مسألة فنية دون حاجة إلى الاستعانة في ذلك برأي خبير آخر ما دامت هي لم تر لزوماً لاتخاذ هذا الإجراء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهم الستة الأولى الدعوى رقم 200 سنة 1955 مدني كلي دمنهور طلبت فيها الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 28 أغسطس سنة 1954 الصادر لها من مورثهم المرحوم يوسف يوسف المهدي عن المنزل المبين بصحيفة الدعوى بثمن قدره 2000 ج - أنكر المطعون ضدهم من الثاني للسادسة توقيع مورثهم على العقد المذكور وبتاريخ 18 من ديسمبر سنة 1955 قضت المحكمة بتوجيه اليمين المنصوص عليها في المادة 394 من القانون المدني إليهم وبعد أن حلفوها قضت بتاريخ 15 مارس سنة 1956 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الطاعنة بكافة طرق الإثبات أن المورث قد وقع بإمضائه على عقد البيع المطعون فيه بالجهالة ولينفي المطعون ضدهم ذلك، وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين حكمت بتاريخ 28 من نوفمبر سنة 1956 للطاعنة بطلباتها - استأنف المطعون ضدهم من الثاني للسادسة هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 18 سنة 13 ق وطلبوا تعيين خبير لمضاهاة توقيع المورث على عقد البيع على توقيعاته الصحيحة، ثم أدخلوا المطعون ضدهما الأخيرين ليقدما عقدين عليهما توقيع للمورث أحدهما عقد إنشاء شركة تضامن محرر في أول يناير سنة 1942 وثانيهما عقد تعديل الشركة المذكورة محرر في 15 يناير سنة 1953 وذلك للاستعانة بهما في عملية المضاهاة التي طلبوا إجراءها فقدمها المطعون ضده السابع وبتاريخ 19 يناير سنة 1958 حكمت المحكمة "بندب قسم التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي خبيراً في الدعوى تكون مهمته مضاهاة الإمضاء المنسوبة للمرحوم يوسف يوسف المهدي المثبتة على عقد البيع المطعون عليه المحرر في 28 أغسطس سنة 1954 على إمضائي المورث المذكور المثبتين على العقدين الرسميين المحررين في أول يناير سنة 1942 و15 يناير سنة 1953 وبيان ما إذا كانت الإمضاء المطعون عليها تتحد مع الإمضاءين المشار إليهما أم لا" وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1960 في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرد وبطلان عقد البيع الابتدائي المؤرخ 28 أغسطس سنة 1954 المنسوب صدوره من مورث المستأنفين المرحوم يوسف يوسف المهدي والمتضمن بيعه للمستأنف عليها المنزل المبين الحدود والمعالم بعقد البيع ورفض دعوى المستأنف عليها (الطاعنة) وبتاريخ 25 من يناير سنة 1961 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها رأيها بنقض الحكم في خصوص السبب الأول وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وحدد لنظره 4 من نوفمبر سنة 1965 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب يتناول السببان الثالث والرابع منها قضاء الحكم برد وبطلان العقد المؤرخ 28 أغسطس سنة 1954 بينما يتناول السببان الأولان قضاءه في موضوع الدعوى ومن ثم ترى هذه المحكمة أن حسن الترتيب يقتضي تقديم السببين الثالث والرابع.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وفي بيان ذلك تقول الطاعنة بأنها وإن كانت قد قبلت إجراء المضاهاة إلا أنها قيدت قبولها هذا بأن تجري هذه المضاهاة على أوراق رسمية وإذ اعتقدت أن عقد الشركة المحرر في أول يناير سنة 1942 وعقد تعديلها المحرر في 15 يناير سنة 1953 هما عقدان رسميان فقد وافقت على إجراء المضاهاة عليهما. وبتاريخ 19 يناير سنة 1958 أصدرت محكمة الاستئناف حكماً بندب قسم التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لإجراء المضاهاة على ذينك العقدين اللذين وصفهما هذا الحكم بأنهما رسميان وبذلك يكون الحكم قد قطع بوجوب إجراء المضاهاة على عقود رسمية، ولما كان قد تبين بعد تقديم الخبير تقريره أن العقدين آنفي الذكر اللذين جرت المضاهاة عليهما لا تتوافر فيهما شروط الرسمية لأنه لم يحررهما موظف عام ولم يحصل التوقيع عليهما أمامه فإنهما لا يكونان صالحين للمضاهاة طبقاً لما قضى به الحكم التمهيدي آنف الذكر ولا يؤثر في ذلك كون الطاعنة قد وافقت على إجراء المضاهاة عليهما لأن موافقتها كانت مشروطة بأن يكونا رسميين ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتمد نتيجة المضاهاة التي أجريت على هاتين الورقتين العرفيتين قد خالف قضاء الحكم التمهيدي السابق كما خالف القانون بإجازته إجراء المضاهاة على أوراق عرفية غير معترف بها - وتضيف الطاعنة أن الحكم قد خالف القانون أيضاً باعتماده نتيجة المضاهاة التي أجريت على ورقة عرفية ثالثة عبارة عن صورة من عقد تعديل الشركة المؤرخ 15 يناير سنة 1953 وذلك على الرغم من اعتراض الطاعنة على جواز إجراء المضاهاة على تلك الورقة وطلبها استبعادها.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود بأن الطاعنة لم تقدم إلى محكمة النقض ما يفيد تمسكها لدى محكمة الموضوع بعدم جواز إجراء المضاهاة على الورقتين الأوليتين المؤرختين أول يناير سنة 1942 و15 يناير سنة 1953 لعدم توافر شروط الرسمية فيهما بل الثابت من الصورة الرسمية للمذكرة المقدمة منها لمحكمة الاستئناف - وهذه الصورة مقدم من الطاعنة نفسها بملف الطعن أنها أقرت في الصحيفة الثالثة من هذه المذكرة المقدمة بعد تقديم تقرير الخبير - بتوافر شروط الرسمية في هاتين الورقتين إذ ورد في هذه المذكرة ما نصه "أن شروط الرسمية متوافرة في الورقتين الرسميتين المقدمتين وفقاً لقرار 18 ديسمبر سنة 1957 لأنهما حررتا بمحكمة طنطا وكفر الشيخ وبمعرفة موظف الشركات المختص وحصل التوقيع أمامه على ذات العقد وتعديله" ومن ثم يكون قول الطاعنة في سبب الطعن بعدم توافر الرسمية في هاتين الورقتين هو قول فضلاً عن أنه عار عن الدليل فإنه لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع وبالتالي لا تقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ومن ثم يكون ما رتبته الطاعنة على هذا القول من مخالفة الحكم المطعون فيه للحكم القاضي بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير ومخالفته للقانون لاعتماده نتيجة المضاهاة التي أجريت على الورقتين المذكورتين كل هذا يكون منهار الأساس - على أنه ما دامت الطاعنة قد اعترفت أمام محكمة الموضوع بصحة توقيع المورث على الورقتين المشار إليهما فإنهما تكونان صالحتين لإجراء المضاهاة عليهما ولو كانتا عرفيتين وذلك طبقاً للمادة 269 من قانون المرافعات. أما عن الورقة الثالثة التي تعيب الطاعنة على الحكم المطعون فيه اعتماده نتيجة المضاهاة التي جرت عليها فإن هذا الحكم قد ذكر في أسبابه أنه مع استبعاد هذه الورقة فإن رأيه في تقرير الخبير لا يتغير وذلك لما ظهر للمحكمة من وجود اختلاف ظاهر بين إمضاء المورث على عقد البيع المطعون فيه وإمضائه الموقع به على الورقتين الأخيرتين المعترف بهما من الطاعنة - وما دام الحكم قد استبعد تلك الورقة التي اعترضت عليها الطاعنة فليس لها أن تدعي بعد ذلك أنه عول عليها في قضائه.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الرابع على الحكم المطعون فيه خطأه في تطبيق المادتين 243 و244 من قانون المرافعات وفي بيان ذلك تقول إن مفهوم المادة الأولى يدل على أن مناقشة الخبير واجبة كما أن تعيين خبير آخر أو ثلاثة خبراء واجب أيضاً طبقاً للمادة 244 كلما رأت المحكمة وجود نقص أو خطأ في تقرير الخبير الأول الذي سبق ندبه وقد امتنعت محكمة الاستئناف عن مناقشة الخبير الذي ندبته كما امتنعت عن تعيين خبير آخر لتدارك ما وقع فيه ذلك الخبير من نقص في عمله وبحثه ومن تضارب في النتائج التي وصل إليها في تقريره كما أن المحكمة استشهدت في حكمها بفقرات من تقرير الخبير مع أن هذه مسائل فنية لا يمكن للمحكمة الإلمام بها لعدم خبرتها بفن مضاهاة الخطوط كما أن المحكمة قد اعتمدت تقرير الخبير على الرغم مما شابه من عيوب ومما أبدته الطاعنة من مطاعن وملاحظات فنية تهدم هذا التقرير وبذلك جاء الحكم المطعون فيه فاقداً لمقومات الاطمئنان إليه ومشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود بأنه ليس في نص المادة 243 من قانون المرافعات ما يلزم المحكمة بمناقشة الخبير الذي عينته في الدعوى بل إن الأمر في إجراء هذه المناقشة جوازي لها متروك لمطلق تقديرها فإن رأت في تقرير الخبير ما يغني عن إجراء هذه المناقشة فهذا حقها الذي لا معقب عليه فيه - والأمر كذلك بالنسبة لما نصت عليه المادة 244 من قانون المرافعات من تعيين خبير آخر أو ثلاثة خبراء آخرين إذا تبين للمحكمة وجود خطأ أو نقص في عمل الخبير الأول أو في بحثه - فتلك رخصة أخرى منحها المشرع للمحكمة فلا يعاب عليها عدم استعمالها، وقد رد الحكم المطعون فيه على ما طلبته الطاعنة من تعيين خبير آخر لإجراء المضاهاة بقوله "إن الثابت من تقرير الخبير أن عملية المضاهاة تمت على هذه الأسس الفنية على وجه تطمئن معه المحكمة كل الاطمئنان إلى سلامة النتيجة التي انتهى إليها... والاختلاف على ما جاء بتقرير الخبير ظاهر بين الإمضاء المطعون عليها وبين الإمضاء على العقدين المقدمين والمعترف بهما من المستأنف عليها "الطاعنة" ولذلك كله كان طلب ندب خبير آخر من الجدول لإعادة إجراء المضاهاة على ما تقدمه المستأنف عليها من أوراق أخرى لا محل له" وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه يتضمن الرد الكافي على طلب الطاعنة تعيين خبير آخر وما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى تقرير الخبير الذي عينته في الدعوى ولم تر لزوماً لتعيين خبير آخر فهذا أيضاً حقها الذي لا رقيب عليها فيه. والنعي مردود في شقه الثاني بأن الحكم المطعون فيه قد رد على كل ما أبدته الطاعنة من اعتراضات وملاحظات على تقرير الخبير وكان رده على ذلك وافياً ولا قصور فيه وتقدير المحكمة لعمل الخبير هو مما يدخل في سلطتها الموضوعية وهي باعتبارها الخبير الأعلى لها أن تقدر رأي الخبير ولو كان في مسألة فنية دون حاجة للاستعانة في ذلك برأي خبير آخر ما دامت هي لم تر لزوماً لاتخاذ هذا الإجراء.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على قضاء الحكم المطعون فيه برد وبطلان العقد المؤرخ 28 أغسطس سنة 1954 على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن هذا الحكم إذ انتهى إلى تزوير العقد المؤرخ 28 أغسطس سنة 1954 الذي قدمته لإثبات حصول التعاقد الذي طلبت الحكم بصحته ونفاذه لم يقتصر في قضائه على الحكم برد وبطلان الورقة وإنما قضى في نفس الوقت في موضوع الدعوى برفضها دون أن يتيح للطاعنة فرصة لاستكمال دفاعها في هذا الموضوع أو يرد على ما كانت قد قدمته من دفاع فيه وبذلك خالف حكم نص المادة 276 من قانون المرافعات التي تقضي بأن يكون الحكم برد وبطلان الورقة سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى. وإذ كان من حق الطاعنة بعد أن أخفقت في الدليل الكتابي الذي قضى برده وبطلانه أن تثبت حصول التعاقد الذي ادعته بأي دليل كتابي آخر أو بمبدأ ثبوت بالكتابة تكملة البينة والقرائن أو بتوجيه اليمين الحاسمة إلى الخصم فإن الحكم المطعون فيه إذ حرمها من حقها في هذا الإثبات بقضائه برد وبطلان الورقة المؤرخة 28 أغسطس سنة 1954 وفي الموضوع في وقت واحد فإنه يكون أيضاً قد أخل بحقها في الدفاع.
وحيث إن المادة 276 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا قضت المحكمة بصحة الورقة أو بردها أو قضت بسقوط الحق في إثبات صحتها أخذت في نظر موضوع الدعوى في الحال أو حددت لنظره أقرب جلسة" ومفاد ذلك أنه لا يجوز الحكم بتزوير الورقة وفي الموضوع معاً بل يجب أن يكون القضاء بالتزوير سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى وذلك حتى لا يحرم الخصم الذي تمسك بالورقة التي قضي بتزويرها من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أخرى لإثبات ما أراد إثباته بتلك الورقة - لما كان ذلك، وكان قضاء الحكم المطعون فيه برد وبطلان العقد المؤرخ 28 أغسطس سنة 1954 لا يعني بطلان الاتفاق ذاته وإنما بطلان الورقة المثبتة له ومن ثم فإن هذا الحكم لا يحول دون إثبات حصول هذا الاتفاق بأي دليل آخر مقبول قانوناً - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه في موضوع الدعوى يكون باطلاً بما يستوجب نقضه.

الطعن 145 لسنة 36 ق جلسة 10 / 12 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 199 ص 1216

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

-------------------

(199)
الطعن رقم 145 لسنة 36 القضائية

(أ) نقض. "إعلان الطعن". إعلان. بنك.
بنك. استقلال شخصيته الاعتبارية عن شخصية المدير. توجيه الطعن إلى البنك باعتباره الأصيل المقصود بالخصومة دون ممثله. ذكر اسم البنك في تقرير الطعن بالنقض. كاف لصحته. لا اعتداد بالخطأ في اسم الممثل له.
(ب) دعوى. "نظر الدعوى". حكم. "تسبيب الحكم".
إشارة الحكم في أسبابه الواقعية إلى ما ورد بمذكرة الخصم المقدمة بعد الميعاد. عدم إقامة الحكم قضاءه عليها. لا عيب.
(ج) إعلان. "إعلان الشركات الأجنبية". شركات. بطلان.
جواز إعلان الشركات الأجنبية لدى فرعها أو وكيلها في مصر. لا يقصد به حرمان صاحب الشأن من أصل حقه في إجراء الإعلان في مركز الشركة الرئيسي بالخارج.
(د) نقض. "مسائل الواقع". محكمة الموضوع. شركات.
واقعة وجود فرع لشركة أجنبية في مصر من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع.
(هـ) قوة قاهرة. "مناطها". التزام. "انقضاء الالتزام". حكم. "تسبيب الحكم". استيلاء. أدوية.
القوة القاهرة. شرطها. أن تكون أمراً لا قبل للمدين بدفعه أو التحرز منه، ويترتب عليه استحالة التنفيذ استحالة مطلقة. استخلاص الحكم بأسباب سائغة عدم استحالة تنفيذ الالتزام. لا مخالفة للقانون.

------------------
1 - متى كان يبين من إعلان تقرير الطعن أنه وجه إلى بنك القاهرة بمركزه الرئيسي وأن صورة الإعلان قد تسلمها الموظف المختص بالبنك، وكان للبنك شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية المدير، وكان الإعلان موجهاً إلى البنك المطعون عليه باعتباره الأصيل المقصود بذاته في الخصومة دون ممثله، فإن ذكر اسم البنك في إعلان التقرير بالطعن يكون - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض (1) - كافياً لصحته وفقاً لما نصت عليه المادة 14/ 4 من قانون المرافعات السابق دون اعتداد بما يكون قد وقع فيه من خطأ في اسم الممثل له.
2 - متى كان يبين من الحكم أنه لم يعول في قضائه على ما ورد بالمذكرة التكميلية المقدمة من الخصم المطعون عليه - وهي المذكرة المقدمة بعد الأجل المحدد لتقديم المذكرات ودون اطلاع الطرف الآخر (الطاعن) عليها - وإنما على الوقائع والبيانات الثابتة بأوراق الدعوى التي كانت تحت نظر المحكمة والخصوم قبل حجزها للحكم وكان لا يغير من ذلك أن يكون الحكم قد أشار في أسبابه الواقعية إلى ما ورد بهذه المذكرة من دفاع، طالما أن الحكم لم يقم عليها قضاءه فلا على المحكمة، إن هي رفضت طلب هذا الخصم إعادة القضية للمرافعة المرفق بهذه المذكرة ولا يكون للطاعن أن يعترض على رفض هذا الطلب.
3 - النص في المادة 14/ 6 من قانون المرافعات السابق على أنه "فيما يتعلق بالشركات الأجنبية التي لها فرع أو وكيل في مصر تسلم صورة الإعلان إلى هذا الفرع أو الوكيل". لا يقصد به حرمان صاحب الشأن من أصل حقه في إجراء الإعلان في مركز الشركة الرئيسي في الخارج، وإنما قصد به مجرد التيسير عليه في إتمام الإعلان والتعجيل بإجرائه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى صحة إعلان الاستئناف الموجه إلى مقر الشركة في الخارج لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
4 - واقعة وجود فرع للشركة الأجنبية في مصر، تعتبر من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع دون رقابة من محكمة النقض عليه في ذلك متى كان استخلاصه سائغاً ومستمداً من وقائع ثابتة في الأوراق. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص عدم وجود فرع للشركة الطاعنة في مصر من غلق هذا الفرع بعد الاستيلاء على موجوداته ومن إقرار الشركة نفسها في صحيفة افتتاح الدعوى، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً دون أن يشوبه القصور.
5 - يشترط في القوة القاهرة التي ينقضي بها التزام المدين أن تكون أمراً لا قبل للمدين بدفعه أو التحرز منه، ويترتب عليه استحالة تنفيذ الالتزام استحالة مطلقة، وإذ كان الحكم قد استخلص عدم استحالة تنفيذ التزام الشركة بدفع الفوائد مما أورده في أسبابه من أن القانون رقم 212 سنة 1960 لم يقض بتأميم مخازن الأدوية والمستلزمات الطبية، وإنما قرر الاستيلاء فقط على ما يوجد لديها من هذه المواد، وترك لأصحاب هذه المخازن حق التصرف في أموالهم الأخرى دون قيد، فإن ذلك يكون استخلاصاً سائغاً ولا مخالفة فيه للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الباريسية للتوسع الكيمائي (Specia) أقامت الدعوى رقم 237 سنة 1964 تجاري كلي القاهرة ضد بنك القاهرة تطلب الحكم بعدم مسئوليتها عن مبلغ 13688 ج و528 م قيمة الفوائد التأخيرية المعلاة على حسابها الجاري في المدة من 17/ 7/ 1963 حتى 31/ 1/ 1964 وبراءة ذمتها منه ومما قد يضيفه مستقبلاً من فوائد أخرى، وقالت الشركة بياناً للدعوى إنه بمقتضى القانون رقم 212 لسنة 1960 الصادر في 17/ 7/ 1963 استولت الحكومة على فرع تجارة الأدوية التابع لها بالقاهرة كما تم التحفظ على أموال الفرع وتجميد حساباته في البنوك، وحلت المؤسسة العامة للأدوية محله فيها طبقاً لما جاء بكتاب وزير التموين المؤرخ 13/ 9/ 1960 الموجه للبنوك وأنه لما كان الاستيلاء على أموال الفرع نتيجة للتشريع المشار إليه يعتبر من الحوادث الاستثنائية التي طرأت تحقيقاً للصالح العام، وقد نشأ ذلك عن سبب أجنبي لا يد للشركة المدعية فيه، فإنها تصبح غير ملزمة بأداء الفوائد التأخيرية المستحقة للبنك المدعى عليه لأن الفوائد إنما تترتب في ذمة المدين نتيجة انتفاعه بأصل الدين، وإذ امتنع ذلك على الشركة بقوة القانون، فإنه يمتنع تبعاً لذلك مطالبتها بالفوائد التأخيرية أو بفوائد هذه الفوائد لأن الفرع يتبع الأصل ولأنه لا فوائد على الدين المعدوم، وانتهت الشركة إلى أنه بالرغم من وضوح هذه المبادئ التي تقضي بها القواعد العامة ونصوص القانونين رقمي 269، 272 سنة 1960 بشأن تأجيل الديون المستحقة على المشتغلين بتجارة الأدوية، فقد أصر البنك المدعى عليه على المطالبة بالفوائد المشار إليها، مما أضطرها إلى إقامة هذه الدعوى بطلباتها السابقة. ودفع بنك القاهرة الدعوى بأن العلاقة بينه وبين الشركة المدعية يحكمها الاتفاق المبرم بينهما، وأن الاستيلاء الحاصل طبقاً للقانون رقم 212 لسنة 1960 لا أثر له على هذا الاتفاق لأن الحساب محل النزاع نشأ عن قرض عادي، فلا محل لإقحام قوانين تنظيم تجارة الأدوية فيه هذا فضلاً عن أن تأجيل الديون لا أثر له على استحقاق الفوائد - وفي 18/ 3/ 1965 حكمت المحكمة بطلبات الشركة المدعية - فاستأنف بنك القاهرة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والقضاء برفض الدعوى، وقيد استئنافه رقم 278 سنة 2 ق. وفيه دفعت الشركة المستأنف عليها بسقوط الحق فيه لرفعه بعد الميعاد وباعتباره كأن لم يكن، وبعد ضم هذين الدفعين للموضوع حكمت المحكمة في 11/ 1/ 1966 برفضهما وبإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الشركة المستأنف عليها. وطعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ودفع المطعون عليه بعدم قبول الطعن لبطلان إعلانه بالتقرير وبسقوط الحق فيه، وقدمت النيابة العامة مذكرتها برأيها وطلبت قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من البنك المطعون عليه، أن الطاعنة قد أعلنت الطعن إلى السيد/ علي محمد علوبة بصفته رئيساً لمجلس إدارة البنك، ورغم زوال صفته من قبل، وأن صورة الإعلان لم تسلم للممثل الحقيقي للبنك، وإذ لم يعلن رئيس مجلس الإدارة الجديد بهذا الطعن قبل فوات الميعاد فإن حق الشركة فيه يكون قد سقط.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أنه يبين من إعلان تقرير الطعن أنه وجه إلى بنك القاهرة (ش. م. ع) بمركزه الرئيسي 22 شارع عدلي بالقاهرة وأن صورة الإعلان قد تسلمها الموظف المختص بالبنك. لما كان ذلك وكان للبنك شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية المدير وكان الإعلان موجهاً إلى البنك المطعون عليه باعتباره الأصيل المقصود بذاته في الخصومة دون ممثله، فإن ذكر اسم البنك في إعلان التقرير بالطعن يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - كافياً لصحته، وفقاً لما نصت عليه المادة 14/ 4 من قانون المرافعات السابق دون اعتداد بما يكون قد وقع فيه من خطأ في اسم الممثل له.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب حاصل أولها بطلان الحكم المطعون فيه، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم أقام قضاءه برفض الدفعين بسقوط الحق في الاستئناف وباعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانها به خلال ثلاثين يوماً من تقديم صحيفته لقلم المحضرين، على ما أورده البنك المطعون ضده في مذكرته التكميلية التي أرفق بها طلب إعادة القضية للمرافعة بالرغم من تقديم هذه المذكرة بعد انقضاء الأجل المحدد لتبادل المذكرات ودون اطلاع الشركة الطاعنة عليها، وهو منه مخالفة لنص المادة 340 من قانون المرافعات وإخلال بحق الدفاع إذ أن الشركة باعتبارها مستأنفاً عليها كان يتعين أن تكون آخر من يتكلم، وأن رفض المحكمة إجابة طلب البنك إلى إعادة الدعوى للمرافعة قد ترتب عليه حرمان الشركة الطاعنة من الرد على المذكرة المقدمة منه وتصويب الوقائع الواردة بها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أنه "بالنسبة للدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد، فإن الثابت من الاطلاع على صحيفة الاستئناف أن عليها عبارة صادرة من البنك تفيد تقديم هذه الصحيفة إلى قلم المحضرين في يوم 19/ 4/ 1965 وبجوارها عبارة بالمداد الأخضر تفيد تقديم هذه الصحيفة للمحضرين في يوم 19/ 4/ 1965 تحت رقم 1609، ومن ثم تكون الصحيفة قدمت للمحضرين خلال الأجل المنصوص عليه في المادة 402/ 1 مرافعات، وبما أنه بالنسبة للدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن فإن الثابت من صحيفة دعوى للشركة أن وزارة التموين قد استولت على فرع تجارة الأدوية التابع لها، ومفاد ذلك أنه لم يعد للشركة المذكورة فرع في القاهرة، ولما كان موطن الشركة في الخارج فإن البنك المستأنف يكون على حق إذا قام بإعلانها بصحيفة الاستئناف في مقرها الرئيسي بباريس، طبقاً لما هو وارد في صحيفة الدعوى الابتدائية وطبقاً لنص المادة 14 فقرة عشرة من قانون المرافعات وبالتالي يكون إعلان صحيفة الاستئناف للشركة المستأنف عليها في 20/ 4/ 1965 قد وقع صحيحاً ويكون قد تم خلال الثلاثين يوماً من تاريخ تقديمها للمحضرين" ومن ذلك يبين أن الحكم لم يعول في قضائه برفض الدفعين على ما ورد بالمذكرة التكميلية المقدمة من البنك وإنما على الوقائع والبيانات الثابتة بأوراق الدعوى التي كانت تحت نظر المحكمة والخصوم قبل حجزها للحكم، ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم قد أشار في أسبابه الواقعية إلى ما ورد بهذه المذكرة من دفاع، طالما أن الحكم لم يقم عليها قضاءه، إذ كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن البنك المطعون عليه هو الذي طلب إعادة القضية للمرافعة فإنه لا يكون للشركة الطاعنة أن تعترض على رفض هذا الطلب.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها دفعت بعدم قبول الاستئناف شكلاً، استناداً إلى أن الحكم الابتدائي صدر في 18 فبراير سنة 1965، وأن صحيفة الاستئناف قد خلت مما يفيد تقديمها لقلم المحضرين قبل يوم إعلانها للنيابة في 20/ 4/ 1965 وهو اليوم التالي لانتهاء ميعاد الاستئناف، وقضى الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع لوجود عبارة صادرة من البنك بالصحيفة تفيد أنها قدمت إلى قلم المحضرين يوم 19/ 4/ 1965 وبجوارها عبارة بالمداد الأخضر تدل على تقديمها للمحضرين في يوم 19/ 4/ 1965 تحت رقم 1609، وهذا من الحكم خطأ وقصور من وجوه (أولاً) أن الحكم لم يرد على ما دفعت به الشركة الطاعنة من أنه لا يوجد على الصحيفة توقيع لموظف رسمي من قلم المحضرين أو خاتم ذو تاريخ يفيد تقديم الصحيفة في 19/ 4/ 1965، ليكون حجة على ذوي الشأن (وثانياً) أنه أغفل الرد على ما ذكرته الشركة من أن توقيع البنك على العبارة الدالة على تقديم العريضة في ذلك اليوم للمحضرين لا يعتبر حجة عليها لصدوره من الخصم (وثالثاً) أن ما قرره الحكم من وجود عبارة مجاورة بالمداد الأخضر تفيد تقديم العريضة إلى قلم المحضرين في التاريخ المذكور تحت رقم 1609 لا يكشف عن محرر هذه العبارة الخالية من التوقيع وبالتالي فإنه لا ينفي أن تكون صادرة من الخصم نفسه.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه برفض الدفع بسقوط الحق في الاستئناف على ما قرره من أنه مؤشر على صحيفة الاستئناف من البنك المستأنف بتقديم هذه الصحيفة إلى قلم المحضرين في يوم 19/ 4/ 1965 وبجوار هذه العبارة تأشيرة أخرى محررة بمداد مختلف تفيد أن الصحيفة قدت للمحضرين بتاريخ 19/ 4/ 1965 تحت رقم 1609 واستخلص من ذلك تقديم الصحيفة المذكورة إلى قلم المحضرين خلال الأجل المنصوص عليه في المادة 402/ 1 من قانون المرافعات السابق، إذ كان ذلك وكان ما استخلصه الحكم في هذا الخصوص سائغاً ومما يدخل في سلطة قاضي الموضوع، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت ببطلان إعلانها بعريضة الاستئناف في مقرها الرئيسي بباريس لوجود فرع لها بالقاهرة كان يتعين إعلانها بالاستئناف فيه عملاً بالمادة 14/ 6 مرافعات، وإذ لم تعلن الشركة بالاستئناف في مواجهة هذا الفرع خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الصحيفة لقلم المحضرين، فإن الاستئناف يعتبر كأن لم يكن وقضى الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع استناداً إلى أن فرع الشركة قد ألغي بالاستيلاء عليه، وأن الشركة أوردت في صحيفة افتتاح الدعوى أن مركزها الرئيسي مدينة باريس، في حين أن هذا الإقرار لا ينفي أن للشركة فرعاً في القاهرة وأن هذا الفرع معروف للبنك ويجرى التعامل معه، كما أن الاستيلاء كان قاصراً على الأدوية التي يملكها الفرع وليس على الفرع نفسه، ذلك أن للشركة الطاعنة غير نشاطها التجاري نشاطاً علمياً وفنياً كانت ولا تزال تباشره بواسطة الفرع المذكور.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن النص في المادة 14/ 6 من قانون المرافعات السابق على أنه "فيما يتعلق بالشركات الأجنبية التي لها فرع أو وكيل في مصر تسلم صورة الإعلان إلى هذا الفرع أو الوكيل" لا يقصد به حرمان صاحب الشأن من أصل حقه في إجراء الإعلان في مركز الشركة الرئيسي في الخارج، وإنما قصد به مجرد التيسير عليه في إتمام الإعلان والتعجيل بإجرائه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى صحة إعلان الاستئناف الموجه إلى مقر الشركة في الخارج لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، هذا إلى أن واقعة وجود فرع للشركة الأجنبية في مصر تعتبر من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الدعوى دون رقابة من محكمة النقض عليه في ذلك متى كان استخلاصه سائغاً ومستمداً من وقائع ثابتة في الأوراق. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص عدم وجود فرع للشركة الطاعنة في مصر من غلق هذا الفرع بعد الاستيلاء على موجوداته ومن إقرار الشركة نفسها في صحيفة افتتاح الدعوى، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً دون أن يشوبه القصور.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه خالف القانون من وجهين (أولهما) أنه جرى في قضائه على عدم اعتبار القانون رقم 212 لسنة 1960 قوة قاهرة تبرئ ذمة الطاعنة من الفوائد المطلوبة، وذلك على الرغم من أنه قد ترتب عليه الاستيلاء على كافة الأدوية المملوكة لها الموجودة في مخازنها أو مخازن البنك لحسابها، وكذلك الأدوية الواردة لها عن طريق اعتمادات مستندية مفتوحة فضلاً عن التحفظ على أموال الفرع بالقاهرة و(الثاني) أن الحكم بعد أن ذهب إلى أن القانون المشار إليه يمكن اعتباره حادثاً استثنائياً في حكم المادة 147/ 2 من القانون المدني يترتب عليه رد التزام الشركة الطاعنة إلى الحد المعقول إذا كان مرهقاً لها عاد واستبعد ظرف الإرهاق، استناداً إلى أنه لم يترتب على ذلك القانون تجميد حسابات الشركة في البنوك، وأنه كان في إمكانها تسديد الفوائد من الأموال التي تحصل عليها من ديونها لدى الغير، وهما واقعتان لا أصل لهما في الأوراق، كما قال إن الاستيلاء على أدوية فرع الشركة بالقاهرة لم يؤثر على نشاطها في فرنسا دون أن تحقق المحكمة هذه الواقعة أو يقدم الدليل عليها، كما ذهب الحكم إلى أن الشركة حصلت على التعويض المستحق لها دون أن ترد على دفاعها الخاص بأن هذا التعويض لم يصرف، وأخيراً استند الحكم في نفي ظرف الإرهاق إلى أن كشوف الحساب المقدمة من البنك تدل على أن الشركة كانت تباشر عمليات مالية قبل صدور القانون وبعده، وقد أخطأ الحكم في التعويل على النشاط السابق بفرض وجوده، أما النشاط اللاحق فقد كان مقصوراً على قيد الفوائد التأخيرية موضوع النزاع، هذا إلى أن هذه الكشوف جميعاً تدل على أن الشركة مدينة وليست دائنة، وهو ما كان يستوجب اعتبار القانون رقم 212 سنة 1960 ظرفاً مرهقاً لها، وإذ اتخذ منه الحكم دليلاً على أن الشركة كانت في حالة تمكنها من السداد، فإنه يكون قد أخطأ في الإسناد وشابه الفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي في شقه (الأول) مردود، ذلك بأنه يشترط في القوة القاهرة التي ينقضي بها التزام المدين أن تكون أمراً لا قبل للمدين بدفعه أو التحرز منه، ويترتب عليه استحالة تنفيذ الالتزام استحالة مطلقة، وإذ كان الحكم قد استخلص عدم استحالة تنفيذ التزام الشركة بدفع الفوائد مما أورده في أسبابه من أن القانون رقم 212 سنة 1960 لم يقض بتأميم مخازن الأدوية والمستلزمات الطبية، وإنما قرر الاستيلاء فقط على ما يوجد بها من هذه المواد وترك لأصحاب هذه المخازن حق التصرف في أموالهم الأخرى دون قيد، فإن ذلك يكون استخلاصاً سائغاً ولا مخالفة فيه للقانون، والنعي مردود في شقه (الثاني) بما قرره الحكم المطعون فيه وهو بصدد بحث مدى الإرهاق في تنفيذ التزام الشركة من أنه لم تفرض أية قيود على تعامل الشركة مع البنك ولم تمس أرصدة الشركة لديه ولا زماماتها لدى الغير، ومن أن الاستيلاء على فرع الشركة بالقاهرة لم يؤثر في نشاطها في الخارج فضلاً عن أنه بعد هذا الاستيلاء قد صدر قرر لجنة التعويضات بتقدير التعويض المستحق لها عما تم الاستيلاء عليه لديها من الأدوية، وكذلك من إقرار الشركة في 14/ 3/ 1961 بعد الاستيلاء وبعد انقضاء فترتي تأجيل الديون الصادر بهما القانون رقم 269، 272 لسنة 1960 بمديونيتها وبأحقية البنك في الحصول على أصل الدين والفوائد، وهي تقريرات موضوعية سائغة، من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها الحكم باستبعاد تطبيق المادة 147/ 2 من القانون المدني، وتكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل السبب الخامس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنها أحالت البنك بالدين وملحقاته على الهيئة العليا للأدوية والمؤسسة العامة لتجارة وتوزيع الأدوية مقابل المستحق لها لديهما نتيجة الاستيلاء على بضائعها، وهو ما يترتب عليه حلول المحال عليهما محلها في أداء الدين مباشرة للبنك، ولم يأخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر استناداً إلى أن البنك لم يكن طرفاً في الحوالة في حين أنه قبلها وقام بإعلانها للمحال عليهما بتاريخ 16/ 4/ 1961، وإذ كانت الحوالة صحيحة ونافذة في حق الهيئة والمؤسسة المحال عليهما، فإنه كان على البنك مطالبتهما وحدهما بالدين المحال به، ولا يحق له الرجوع على الشركة المحيلة إلا في حالة عدم وجود الدين، ولم يقل الحكم المطعون فيه أن الدين المحال غير موجود.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يقوم على تفسير نصوص عقد الحوالة تفسيراً مخالفاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، وإذ كانت الطاعنة لم تقدم ذلك العقد فإن نعيها يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إن حاصل السبب السادس، أن الطاعنة تمسكت لدى محكمة الموضوع بأن وزير التموين أصدر قراراً إدارياً في 13/ 9/ 1960، يقضي بأن تتحمل المؤسسة العامة للأدوية حسابات أصحاب الأدوية المستولى عليها وبأن تضمن الوزارة قيمة بضائعهم، واستدلت الشركة بذلك على أن الاستيلاء على بضائعها يتضمن قوة قاهرة ولم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع الجوهري، مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، بأنه طالما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نفي القوة القاهرة، وذلك على ما هو ثابت في الرد على السبب الرابع، فإن إغفال المحكمة الرد على دفاع الطاعن في خصوص كتاب وزير التموين لا يعيبه بالقصور. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 17/ 1/ 1963 مجموعة المكتب الفني السنة 14 ص 136.
نقض 6/ 12/ 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 1820.

الطعن 421 لسنة 31 ق جلسة 17 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 172 ص 1101

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.

---------------

(172)
الطعن رقم 421 لسنة 31 القضائية

عمل. "انتهاء عقد العمل".
طبيعة التعامل. صلاحيتها لتخصيص مدة العقد. اعتبار الحكم وظيفة الطبيب المقيم في المستشفيات وظيفة موقوتة محددة المدة بانتهاء فترة تدريبه التي لا تقل عن سنتين. لا مخالفة للقانون.

---------------
طبيعة التعامل وما يجري عليه العمل عند تعيين الأطباء المبتدئين في المستشفيات تصلح مخصصاً لمدة العقد. وإذ رتب الحكم على كون وظيفة الطبيب المقيم بالمستشفى وظيفة موقوتة بانتهاء فترة تدريبه أو تعيينه طبيباً أخصائياً أنها تعتبر على هذا الوصف محددة المدة وإن لم ينص عليها صراحة في العقد (1) وأن إنهاء خدمة الطبيب المقيم بالمستشفى بعد قضاء فترة تدريب بها لا تقل عن سنتين لا يكون بغير مبرر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الدكتور مجدي غبريال أقام الدعوى رقم 107 سنة 1961 عمال كلي الإسكندرية ضد المستشفى اليوناني بالإسكندرية ويمثله رئيس الجمعية اليونانية بطلب إلزامه بأن يدفع له مبلغ 2000 جنيه على سبيل التعويض. وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب العقد المؤرخ 15/ 6/ 1957 والغير محدد المدة التحق بخدمة المستشفى مقابل أجر شهري شامل قدره 57 جنيهاً واستمر إلى أن فوجئ بفصله في 28/ 2/ 1960 وإذ كان هذا الفصل تعسفياً وبغير مبرر فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته. وجرى النزاع فيها - من بين ما جرى - حول طبيعة عمل "الطبيب المقيم" بالمستشفى ومدته. وبتاريخ 26/ 2/ 1961 حكمت المحكمة حضورياً وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المستشفى أن الطبيب المدعي كان يعمل بها طبيباً مقيماً ولمدة محددة - كما جرى العرف وسارت عليه اللوائح التنظيمية - قدرها سنتان وأنها أنهت خدمته طبقاً لهذا العرف وتلك اللوائح وأن ما كان يتقاضاه منها إنما هو منحة على سبيل المساعدة وليس بأجر وذلك بكافة طرق الإثبات القانونية بما في ذلك شهادة الشهود ولينفي المدعي ذلك بذات الطرق. وبعد أن سمعت المحكمة أقوال الشهود عادت وبتاريخ 23/ 4/ 1961 حكمت "حضورياً بإلزام المستشفى المدعى عليها بأن تدفع للمدعي مبلغ 300 ج على سبيل التعويض عن فصلها المدعي وألزمتها المصاريف المناسبة ومبلغ ثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وأعفت المدعي من باقي المصاريف وشملت الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة ورفضت ما زاد على ذلك من الطلبات". واستأنفت الجمعية اليونانية هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 264 سنة 17 قضائية. وبتاريخ 14/ 11/ 1961 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وأعفت المستأنف عليه من المصروفات. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه الدائرة حيث لم يحضر الطاعن وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه وقد جرى في قضائه على أن عمل "الطبيب المقيم" بالمستشفى موقوت بسنتين ورتب على ذلك أن العقد بين الطاعن والمطعون عليها محدد المدة يكون قد انحرف عن عبارة العقد الظاهرة - وهو غير محدد المدة - وخالف أحكام المادة 150 من القانون المدني، كما خالف أحكام المادتين 678 و679 من القانون المدني والمادة 71 من قانون عقد العمل الموحد رقم 91 لسنة 1959، ومقتضاها أنه متى كان العقد محدد المدة واستمر الطرفان في تنفيذه إلى ما بعد انتهاء مدته فإنه يتجدد لمدة غير محددة وإذ استطال تنفيذ العقد من 15/ 6/ 1957 إلى 16/ 2/ 1960 ولأكثر من سنتين فإنه يكون قد تجدد لمدة غير محددة، وهذا الخطأ في تكييف العقد انتهى بالحكم إلى الخطأ في تطبيق القانون على الواقع في الدعوى حيث اعتبر العقد محدد المدة وطبق عليه أحكامه في حين أنه لو اعتبره غير محدد المدة لتغير وجه الحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أنه "بمراجعة أوراق الدعوى والمستندات المقدمة بها والتحقيق الإداري المرفق والذي أجري بمعرفة مندوب وزارة الصحة بناء على شكوى من المستأنف عليه وآخرين إلى الوزارة خاصة بأن المستأنفة تعتزم فصل الأطباء المصريين المقيمين بالمستشفى - ترى - المحكمة أن النظام المتبع بالنسبة للأطباء أنه بعد قضاء فترة تمرينهم لمدة عام كامل كأطباء امتياز، إما أن يعينوا في المستشفيات الحكومية كنواب بعقود محددة المدة بسنتين أو يعملوا في المستشفيات غير الحكومية كأطباء مقيمين لمدة قد تحددها اللوائح التنظيمية للمستشفى أو عقود العمل. على أنه في حالة عدم تحديد هذه المدة فإنه من المتفق عليه أن مدة عمل الطبيب المقيم مدة موقوتة بانتهاء فترة تدريبه أو حصوله على دبلومات تخصص تسمح له بالعمل كطبيب أخصائي وبذلك ينتهي وصفه كطبيب مقيم أي أن صفته كطبيب مقيم يجب أن تنتهي على أي حال ولا يمكن القول بأن مثل هذا الطبيب يظل طبيباً مقيماً فترة غير محددة" وهي اعتبارات استظهرها الحكم من "طبيعة التعامل" وما يجري عليه العمل عند تعيين الأطباء المبتدئين في المستشفيات لم تكن محل جدل من الطاعن، وتصلح مخصصاً لمدة العقد، وإذ رتب الحكم على أن وظيفة الطبيب المقيم بالمستشفى وظيفة موقوتة بانتهاء فترة تدريبه أو تعيينه طبيباً أخصائياً أنها "تعتبر على هذا الوصف وظيفة محددة المدة ولو لم ينص عليها في العقد صراحة" وأن "المستأنفة على حق فيما اعتبرت العقد محدد المدة وأنذرت المستأنف عليه بإنهاء خدمته بعد انتهاء فترة تدريبه بالمستشفى بعد قضاء فترة تدريب بها لا تقل عن سنتين وذلك أسوة بما هو متبع في المستشفيات الحكومية بالنسبة للنواب. ولا محل بعد ذلك للقول بأن عملها هذا يعتبر فصلاً للمستأنف عليه لا مبرر له" فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت في الأوراق وجاء مشوباً بالقصور، إذ قرر أن أوراق الدعوى ومستنداتها تكشف عن أن العقد المبرم بين الطاعن والمطعون عليها هو عقد موقوت بينما أوراق الدعوى ومستنداتها لا توصل إلى هذه النتيجة والثابت فيها أن إدارة المستشفى بررت فصل الطاعن في خطابها المؤرخ 16/ 2/ 1960 بأنها وضعت لائحة جديدة تقضي في أحد بنودها بأن الأطباء المقيمين لا يمكن أن تزيد مدة عملهم بالمستشفى عن سنتين وهذه اللائحة لا يمكن الاحتجاج بها على الطاعن لأنها استحدثت بعد تعيينه وأجمع الشهود على أنها لم تكن معلقة في مكان ظاهر بالمستشفى ولم يطلعوا عليها كما أجمعوا على أن عمل الطبيب المقيم غير محدد المدة، وإذ عدل الحكم المطعون فيه عن الحكم الابتدائي دون أن يبين أسباب هذا العدول.
وحيث إن هذا النعي مردود في الشق الأول منه بما سبق الرد به على السبب الأول من أن وظيفة الطبيب المقيم موقوتة بطبيعتها ومردود في الشق الثاني بأن محكمة الاستئناف غير ملزمة بالرد على ما ورد بالحكم الابتدائي وبحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب تكفي لحمله - ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] هذا المبدأ تضمنه الحكم الصادر في الطعن رقم 420 لسنة 30 ق بذات الجلسة.

الطعن 208 لسنة 36 ق جلسة 8 / 12 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 198 ص 1212

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، ومحمد أسعد محمود.

-----------------

(198)
الطعن رقم 208 لسنة 36 القضائية

إيجار. "إيجار الأماكن". حكم. "الطعن في الحكم".
المنازعات الناشئة عن تطبيق القانون 121 لسنة 1947. غير قابلة لأي طعن. المسائل الأولية التي يطبق في شأنها أحكام القانون المدني. الحكم الصادر فيها يخضع للقواعد العامة من حيث جواز الطعن فيه.

---------------
يشترط لاعتبار الحكم غير قابل لأي طعن طبقاً للفقرة الرابعة من المادة الخامسة عشرة من القانون رقم 121 لسنة 1947، أن يكون صادراً في منازعة إيجارية، يستلزم الفصل فيها تطبيق حكم من أحكام هذا التشريع الاستثنائي، فإذا كان قد أبدى أثناء نظر المنازعة الأصلية المشار إليها، منازعة مدنية أخرى تخرج بطبيعتها عن نطاق تلك الأحكام وتطبق بشأنها أحكام القانون المدني، فإن هذه المنازعة، وإن كانت قد اعتبرت مسألة أولية بالنسبة للمنازعة الأصلية التي ينطبق عليها القانون رقم 121 لسنة 1947 أو تابعة لها أو مرتبطة بها، إلا أنها لا تعتبر منازعة ناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون بالمعنى الذي تتطلبه المادة 15/ 4 منه، وعلى ذلك فإن الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية إذ فصل في هذه المنازعة يكون خاضعاً للقواعد العامة من حيث جواز الطعن فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 1074 لسنة 1964 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد الشركة الطاعنة، وقال بياناً لها إن ألبير نسيم جنيف كان قد استأجر من الشركة المشار إليها محلاً بشارع شريف رقم 26 ( أ ) بمحافظة القاهرة لاستغلاله مكتبة بعقد إيجار مؤرخ 12 من يناير سنة 1952 لقاء أجرة سنوية قدرها 84 ج، وقد ألحقت بالعين المؤجرة دورة للمياه، وإذ اشترى الجدك بمقتضى عقد البيع المصدق عليه بتاريخ 12 من نوفمبر سنة 1961، وظل ينتفع بالمكتبة وملحقاتها حتى فوجئ في شهر يناير 1964 بإغلاق دورة المياه وحرمانه من استعمالها، وكانت الأجرة المتفق عليها تزيد على القيمة المقدرة قانوناً، فقد أقام دعواه بطلب تخفيضها إلى مبلغ 24 ج سنوياً وهو ما يقابل أجرة المثل، دفعت الطاعنة الدعوى بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة ومحكمة أول درجة حكمت في 12 من إبريل سنة 1964 برفض الدفع وبقبول الدعوى وبندب مكتب خبراء وزارة العدل لتحديد أجرة المثل للتحقق من مدى تبعية دورة المياه للعين المؤجرة، وبعد أن قدم الخبير تقريره وبناء على ما ورد به من أن الشركة الطاعنة قد أجرت دورة المياه إلى المطعون عليهما الثاني والثالث باعتبارها مخزناً، فقد أدخلهما المطعون عليه الأول في الدعوى بصحيفة معلنة بتاريخ 31 من يناير سنة 1965، وأضافت إلى طلباته بطلان عقد الإيجار الصادر إليهما. ثم حكمت تلك المحكمة في 29 من إبريل سنة 1965 بتخفيض الأجرة إلى مبلغ 2 ج و900 مليم شهرياً اعتباراً من تاريخ التعاقد مع المستأجر الأصلي وببطلان عقد إيجار دورة المياه الصادر إلى المطعون عليهما الأخيرين. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1065 سنة 81 ق القاهرة ومحكمة الاستئناف حكمت في 23 من فبراير سنة 1966 بعدم جواز الاستئناف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت على رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول إن ذلك الحكم استند في قضائه بعدم جواز الاستئناف إلى المادة 15 من القانون رقم 121 لسنة 1947 اعتباراً بأن حكم محكمة أول درجة صدر في منازعة ناشئة عن تطبيق قانون إيجار الأماكن، في حين أن تلك المادة صريحة في أن المنازعات المدنية التي تنشأ بين المؤجر والمستأجر، وتخرج بطبيعتها عن نطاق ذلك القانون تظل خاضعة للقواعد القانونية العامة من حيث الموضوع والاختصاص والإجراءات، وإذ لم يقتصر حكم محكمة أول درجة على تطبيق قانون إيجار الأماكن بل طبق أيضاً وهو بسبيل بحث طلب بطلان العقد الصادر إلى المطعون عليهما الثاني والثالث الأحكام العامة للقانون المدني في شأن الصورية وضمان عدم تعرض المؤجر وتزاحم المستأجرين، فإن هذا من شأنه أن يجعل الحكم الابتدائي مما يجوز استئنافه، غير أن الحكم المطعون فيه قضى على خلاف ذلك وبرر قضاءه بأن المسائل التي طبقت عليها الأحكام العامة تتبع طلب تخفيض الأجرة، وترتبط به وهو الطلب الأساسي الناشئ عن تطبيق أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947، مع أن المناط في هذا الشأن ليس بقيام التبعية أو الارتباط، وإنما بتطبيق التشريع الاستثنائي أو عدم تطبيقه على الطلب المعروض، وهو مما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يشترط لاعتبار الحكم غير قابل لأي طعن طبقاً للفقرة الرابعة من المادة الخامسة عشرة من القانون رقم 121 لسنة 1947 أن يكون صادراًًَ في منازعة إيجارية يستلزم الفصل فيها تطبيق حكم من أحكام هذا التشريع الاستثنائي، فإذا كانت أبديت أثناء نظر المنازعة الأصلية المشار إليها منازعة مدنية أخرى تخرج بطبيعتها عن نطاق تلك الأحكام وتطبق بشأنها أحكام القانون المدني، فإن هذه المنازعة وإن كانت قد اعتبرت مسألة أولية بالنسبة للمنازعة الأصلية التي ينطبق عليها القانون رقم 121 لسنة 1947 أو تابعة لها أو مرتبطة بها، إلا أنها لا تعتبر منازعة ناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون بالمعنى الذي تتطلبه المادة 15/ 4 منه، وعلى ذلك فإن الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية إذ فصل في هذه المنازعة يكون خاضعاً للقواعد العامة من حيث جواز الطعن فيه. لما كان ذلك، وكان الثابت أن المطعون عليه الأول، وإن كان قد أقام دعواه على الشركة الطاعنة بطلب تخفيض الإيجار استناداً إلى أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947، إلا أن الشركة تمسكت بأن عقد الإيجار المبرم بينها وبين المستأجر الأصلي لا يشمل دورة المياه موضوع النزاع والتي صار تأجيرها إلى كل من المطعون عليهما الثاني والثالث، وقد أطرحت محكمة أول درجة هذا الدفاع وذهبت إلى أن دورة المياه تندرج ضمن ملحقات عقد إيجار المكتبة المبرم مع المستأجر الأصلي وبصورية العقد الصادر إلى المطعون عليهما الأخيرين، مطبقة في ذلك أحكام القانون المدني في الصورية وضمان عدم التعرض والمفاضلة بين المستأجرين، فإن مفاد ذلك ألا تعتبر المنازعة قاصرة في حقيقتها على تطبيق أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 وناشئة عنه بالمعنى الذي تتطلبه المادة 15/ 4 منه للقول بعدم جواز الطعن فيه، وعلى ذلك يكون الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية خاضعاً للقواعد العامة من حيث جواز الطعن، وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف تأسيساً على أن حكم المحكمة الابتدائية يخضع للحظر من الطعن سالف الإشارة إليه، فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 153 لسنة 31 ق جلسة 17 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 171 ص 1098

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.

----------------

(171)
الطعن رقم 153 لسنة 31 القضائية

عمل. "عناصر عقد العمل". "علاقة التبعية والأجر". "الأجر". "تحديده".
اتفاق رب العمل مع عماله على اختصاصه بجزء من الوهبة مقابل زيادة أجورهم الثابتة وبمراعاة الحد الأدنى لها. احتجازه جزءاً منها لما يقوم العمال بإتلافه من أدوات. لا مخالفة للقانون.

---------------
ليس في نصوص القانون ما يمنع رب العمل من أن يتفق مع عماله على أن يختص بجزء من الوهبة مقابل زيادة أجورهم الثابتة وبمراعاة الحد الأدنى لها، فهو لا يعدو أن يكون وسيلة لتحديد الأجر - وينبني على ذلك أنه متى كان القرار المطعون فيه قد جرى في قضائه على أن مناط صرف الوهبة "يرجع إلى ما قد ينشأ من اتفاق بين صاحب العمل وعماله بشأنها وطالما أن صاحب العمل قد حدد نصيب مساعدي الجرسون من هذه الوهبة بـ 2% على ما هو ثابت في عقود عملهم كما احتجز 2% منها لما يقوم العمال بإتلافه وجرى العمل بذلك منذ التحاق الشاكين بالعمل فلا جناح عليه في ذلك" فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من القرار المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن نقابة عمال ومستخدمي المحلات العمومية بالقاهرة وضواحيها تقدمت إلى مكتب عمل شمال القاهرة بطلب أحقية عمال مطعم وبار الباريزيانا إلى 2% من الوهبة، وإذ لم يتمكن مكتب العمل من التوفيق فقد أحال النزاع إلى هيئة التحكيم بمحكمة استئناف القاهرة وقيد بجدولها برقم 36 سنة 1960 القاهرة، وقالت النقابة شرحاً لهذا الطلب إن إدارة المطعم جرت على توزيع حصيلة الـ 10% بواقع 6% منها "للجرسون" و2% "للسفرجية" والـ 2% الباقية تحتجزها تحت يدها مقابل كسر وتلف الأدوات بينما جرى العرف على توزيع الـ 10% كلها لعمال المحل المتصلين بالعملاء وأن في حجز 2% منها مقابل الكسر مخالفة لنص المادة 54 من القانون رقم 91 لسنة 1959 وبتاريخ 18 فبراير سنة 1961 قررت الهيئة رفض الطلب. وطعنت النقابة في هذا القرار بطريق النقض للسبب المبين بالتقرير، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث لم تحضر الطاعنة أو المطعون عليه وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن النقابة طلبت أن يصرف للعمال السفرجية الـ 2% باقي عمولة الخدمة الذي احتجزته إدارة المطعم مقابل الكسر وقضى القرار المطعون فيه برفض هذا الطلب استناداً إلى أن العبرة في توزيع حصيلة الوهبة - وفقاً للمادة 684 من القانون المدني - هي بما يحصل بشأنها من اتفاقات في عقود العمل وقد اتفق في العقود المبرمة مع مساعدي الجرسون على تخصيصهم بنسبة قدرها 2% من هذه الوهبة واحتجزت إدارة المطعم 2% لما يقوم العمال بإتلافه، وهذا من القرار خطأ ومخالفة للقانون من وجهين - أولهما - أن الأصل في عمولة الخدمة أنها كانت تبرعاً من جانب العميل إلى عامل بذاته أو العمال الذين كانوا على اتصال به لا إلى رب العمل أو العمال الذين لم تسمح طبيعة عملهم بالمساهمة في خدمته ثم أصبحت التزاماً محدداً بنسبة معينة من ثمن المبيعات بمقتضى الاشتراط الذي يعقده رب العمل مع العميل لمصلحة العمال المتصلين به وليس رب العمل سوى وكيل عنهم في قبضها وتوزيعها عليهم، والنص في عقد العمل على استقطاع جزء منها مقابل كسر الأواني إهدار لقصد المتعهد ومخالفة لقواعد الاشتراط لمصلحة الغير - وثانيهما: أن عمولة الخدمة جزء من الأجر ولا يجوز انتقاصه بغير سبب قانوني، ولا وجه للتحدي بأن حجز جزء من العمولة هو مقابل كسر الأواني إذ أن المادة 54 من القانون رقم 91 لسنة 1959 تشترط أن يقع الكسر بخطأ من العامل وأن يتم تحديد نطاقه بالتراضي أو التقاضي والاتفاق في عقد العمل على خصم نسبة معينة من الوهبة مقابل الكسر مخالفة لحكم القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه ليس في نصوص القانون ما يمنع رب العمل من أن يتفق مع عماله على أن يختص بجزء من الوهبة مقابل زيادة أجورهم الثابتة وبمراعاة الحد الأدنى لها، فهو لا يعدو أن يكون وسيلة لتحديد الأجر، وإذ كان ذلك، وكان القرار المطعون فيه قد التزم هذا النظر وجرى في قضائه على أن مناط صرف الوهبة "يرجع إلى ما قد ينشأ من اتفاق بين صاحب العمل وعماله بشأنها وطالما أن صاحب العمل في هذه الشكوى قد حدد نصيب مساعدي الجرسون من هذه الوهبة بـ 2% على ما هو ثابت في عقود عملهم كما احتجز 2% منها لما يقوم العمال بإتلافه وجرى العمل بذلك منذ التحاق الشاكين بالعمل فلا جناح عليه في ذلك" فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه

الطعن 291 لسنة 30 ق جلسة 17 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 170 ص 1094

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات؛ ومحمد نور الدين عويس.

-------------

(170)
الطعن رقم 291 لسنة 30 القضائية

ضرائب. "دعوى الضرائب". دعوى "المسائل التي تعترض سير الخصومة" "سقوط الخصومة".
وقف الدعوى للصلح. الدفع بسقوط الخصومة. لا يمنع منه طلب المأمورية الملف الفردي للممول لإعادة النظر في أسس التقدير ومطالبة الممول بتقديم اقتراحاته على أسس التصالح لا يعتبر تنازلاً ضمنياً عن الدفع ولا يسقط الحق في التمسك به بعد التعجيل.

-----------------
متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بسقوط الخصومة في الدعوى على أن "الدفع بسقوط الخصومة في أول جلسة بعد التعجيل والتمسك به في الجلسات التالية لا يتأتى معه القول بتنازل صاحبه عنه وينبني على ذلك أن مصلحة الضرائب بعد أن تعلق حقها بالدفع بالسقوط قد صدر منها من التصرفات ما يعتبر بحق تعرضاً لموضوع النزاع وتنازلاً ضمنياً الدعوى هذا الدفع ذلك أن مراقبة الضرائب طلبت من المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الملف الفردي للطاعن لإعادة النظر في أسس تقديرات اللجنة وإنهاء النزاع صلحاً كما طلبت من المحاسب الوكيل عن الطاعن "تقديم اقتراحاته على أسس التصالح وذلك دون تحفظ من المصلحة لأن إعادة النظر بمعرفة اللجنة المشكلة لهذا الغرض هو إعادة لتحديد وعاء الضريبة على أساس جديد يرتضيه الطرفان والغرض منه إنهاء النزاع المعروض صلحاً" فإن هذه التقريرات الموضوعية من الحكم تكون غير سائغة إذ مع تمسك مصلحة الضرائب بالدفع بسقوط الخصومة في أول جلسة بعد التعجيل وفي الجلسات التالية لا يتأتى القول بأنها تنازلت ضمناً عنه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 192 لسنة 1951 تجاري كلي المنصورة ضد مصلحة الضرائب بطلب إلغاء قرار لجنة الطعن الصادر بتاريخ 19/ 4/ 1951 فيما انتهى إليه من تقدير أرباحه في السنوات من 1940 إلى 1947 واعتماد الأرباح طبقاً لإقراراته وبجلسة 29/ 10/ 1952 قررت المحكمة استبعادها من جدول القضايا لعدم سداد الرسوم المستحقة، وبصحيفة أعلنت في 25/ 10/ 1955 عجل المطعون عليه الدعوى أمام محكمة دمياط الابتدائية التي أحيلت إليها للاختصاص وقيدت بجدولها برقم 20 لسنة 1955 تجاري كلي دمياط وتحدد لنظرها جلسة 8/ 11/ 1955 وفيها دفعت مصلحة الضرائب بسقوط الخصومة طبقاً لنص المادتين 301 و303 من قانون المرافعات. وبجلسة 22/ 11/ 1955 طلب المطعون عليه وقف الدعوى لمدة ستة أشهر للصلح ووافق الحاضر عن مصلحة الضرائب على هذا الطلب مع الاحتفاظ بالدفع وقررت المحكمة وقف الدعوى. ولما لم يتم الصلح عجلها المطعون عليه وتمسكت مصلحة الضرائب بالدفع. وبتاريخ 13/ 11/ 1956 حكمت المحكمة برفض طلب سقوط الخصومة وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء لتحقيق الأرباح، ثم عادت وبتاريخ 17/ 2/ 1959 فقضت في الموضوع بتعديل الأرباح طبقاً لما جاء في تقرير الخبير. واستأنفت مصلحة الضرائب هذين الحكمين لدى محكمة استئناف المنصورة طالبة إلغاءهما والحكم - أصلياً بسقوط الخصومة ومن باب الاحتياط تأييد قرار اللجنة وقيد هذا الاستئناف برقم 34 سنة 16 تجاري قضائية. وبتاريخ 28/ 4/ 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المصلحة بالمصاريف ومبلغ 500 قرش مقابل الأتعاب. وطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بسقوط الخصومة مستنداً في ذلك إلى أن الحاضر عن مصلحة الضرائب وإن أصر على التمسك به في جميع الجلسات التي نظرت فيها الدعوى إلا أنه صدر منها من التصرفات ما يعتبر تعرضاً لموضوع النزاع وتنازلاً ضمنياً عن الدفع هي الإخطار المرسل إلى محكمة أول درجة بموافاتها بالملف الفردي والإخطار المرسل إلى وكيل المطعون عليه بتقديم اقتراحاته على أسس الصلح، وهذا من الحكم استخلاص غير سائغ وفساد في الاستدلال وتخاذل يعيبه ويبطله، إذ الثابت في الدعوى أن مصلحة الضرائب تمسكت بالدفع في جلسة 8 نوفمبر سنة 1955 وهي أول جلسة عجلت إليها الدعوى بعد الاستبعاد وظلت متمسكة به في جميع الجلسات التالية قبل وقف الدعوى للصلح وعند الاتفاق على وقفها وبعد تعجيلها من الوقف ومن غير المقبول عقلاً اعتبار مصلحة الضرائب متنازلة عن الدفع مع تمسكها به.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه برفض الدفع بسقوط الخصومة في الدعوى على أن "مصلحة الضرائب بعد أن تعلق حقها بالدفع بالسقوط قد صدر منها من التصرفات ما يعتبر بحق تعرضاً لموضوع النزاع وتنازلاً ضمنياً عن هذا الدفع، ذلك لأن مراقبة الضرائب بعثت بخطاب مؤرخ 17/ 11/ 1955 إلى المحكمة المنظورة أمامها الدعوى تطلب الملف الفردي للطاعن لإعادة النظر في أسس تقديرات اللجنة وإنهاء النزاع صلحاً. وكذلك بعثت بخطاب مؤرخ 14/ 3/ 1956 إلى المحاسب الوكيل عن المستأنف عليه لمطالبته بتقديم اقتراحاته على أسس التصالح وذلك دون تحفظ من المصلحة لأن إعادة النظر بمعرفة اللجنة المشكلة لهذا الغرض هو إعادة لتحديد وعاء الضريبة على أساس جديد يرتضيه الطرفان والغرض منه إنهاء النزاع المعروض صلحاً" وهي تقريرات موضوعية غير سائغة، إذ مع تمسك مصلحة الضرائب بالدفع بسقوط الخصومة في أول جلسة بعد التعجيل وفي الجلسات التالية لا يتأتى القول بأنها تنازلت ضمناً منه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه. ولما تقدم يتعين الحكم بسقوط الخصومة في الدعوى.

الطعن 99 لسنة 31 ق جلسة 16 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 169 ص 1089

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وإميل جبران، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا.

---------------

(169)
الطعن رقم 99 لسنة 31 القضائية

(أ) رسوم. "رسوم جمركية". "استحقاقها". مسئولية. "مسئولية تقصيرية".
عدم سقوط الرسم الجمركي لعدم تحصيله قبل الإفراج عن البضاعة المستوردة. خطأ موظفي مصلحة الجمارك في ذلك لا يعد خطأ في حق المستورد يتذرع به لإقامة مسئولية تقصيرية على عاتق مصلحة الجمارك بقصد الفكاك من الرسم متى كان مستحقاً قانوناً وقت دخول البضاعة المستوردة ولم يسقط الحق فيه بالتقادم.
(ب) قانون. "عدم الاعتداد بالجهل بالقانون".
مبدأ عدم الاعتداد بالجهل بالقوانين يفترض علم الكافة بها. عدم قبول الاحتجاج بهذا الدفع من المستورد للبضاعة المدين بالرسم الجمركي في مواجهة مصلحة الجمارك.

---------------
1 - حق مصلحة الجمارك في الرسم المستحق على البضاعة المستوردة لا يسقط لمجرد عدم تحصيله قبل الإفراج عنها فالحقوق لا تسقط بغير نص - وليس في القانون العام ولا في القوانين الخاصة بالمسائل الجمركية ما يمنع مصلحة الجمارك من تدارك خطأ أو سهو وقع فيه أحد موظفيها بعدم اقتضاء رسم واجب لها قبل الإفراج عن البضاعة. وإذا جاز اعتبار تصرف موظفي مصلحة الجمارك على هذا النحو خطأ في حق المصلحة ذاتها قد يؤدي إلى الإضرار بالخزانة العامة، إلا أنه لا يعتبر خطأ في حق المستورد فليس له أن يتذرع به لإقامة المسئولية التقصيرية على عاتق مصلحة الجمارك بقصد الفكاك من الرسم متى كان مستحقاً عليه قانوناً وقت دخول البضاعة المستوردة وكان الحق فيه لم يسقط بالتقادم وقت المطالبة به.
2 - مبدأ عدم الاعتداد بالجهل بالقوانين يفترض علم الكافة بها ومنهم - بالنسبة لقوانين الرسوم الجمركية - المستورد للبضاعة المدين بالرسم، مما يحول دون قبول الاحتجاج منه بهذا الدفع في مواجهة مصلحة الجمارك.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون عليها أقامت ضد مصلحة الجمارك - الطاعنة - الدعوى رقم 1421 سنة 1958 مدني كلي القاهرة تطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 700 جنيه و840 مليماً وفوائده - وقالت بياناً لدعواها إنها استوردت في 9 و31 يناير سنة 1956 ست "هراسات" لرصف الطرق وحصل الجمرك الرسوم المستحقة عليها وأمر بالإفراج عنها - ثم باعت الشركة الهراسات بموجب فاتورتين مؤرختين 20/ 1/ 1956 و6/ 2/ 1956 إلا أنها أبلغت من جمرك الإسكندرية في 3/ 11/ 1956 بأنه يستحق عليها رسم تكميلي مقدراه 700 جنيه و845 مليماً هو رسم استيراد بنسبة 7% من قيمة البضاعة يجرى تحصيله بالقرار الوزاري رقم 99 الذي صدر تنفيذاً للقانون رقم 418 لسنة 1955 فعارضت في هذه المطالبة - ولكنها اضطرت إلى دفع المبلغ بسبب توقيع الحجز الإداري على أموالها - ومضت الشركة المطعون عليها تقول إن المصلحة الطاعنة اعتقدت خطأ أن الهراسات لا يستحق عليها رسم استيراد وأفرجت عنها بناء على هذا الاعتقاد وإذ كانت الشركة قد باعت هذه الهراسات دون أن تدخل في حسابها عند تقدير الثمن الرسم التكميلي الذي حصلته المصلحة مما ألحق بها ضرراً أقامت بسببه هذه الدعوى - ومحكمة أول درجة قضت في 27/ 4/ 1959 بندب مكتب الخبراء لبيان ما لحق الشركة المطعون عليها من خسارة وما فاتها من ربح نتيجة لتراخي المصلحة الطاعنة في تحصيل الرسوم الجمركية كاملة عند استلام الشركة للبضاعة من الجمرك - وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت محكمة أول درجة في 13/ 6/ 1960 للشركة المطعون عليها بطلباتها - استأنفت المصلحة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1250 سنة 77 ق القاهرة - ومحكمة الاستئناف قضت في 21/ 1/ 1961 بتأييد الحكم المستأنف - طعنت المصلحة في هذا الحكم بطريق النقض - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 24/ 10/ 1964 وفيها صممت النيابة على رأيها في مذكرتها المتضمنة طلب نقض الحكم - وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة - وبعد استيفاء الإجراءات التالية لقرار الإحالة وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن المصلحة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون من ثلاثة أوجه (الأول) أنه أسند إليها الخطأ بتجاوز تطبيق أحكام القانون بسبب إفراجها عن الهراسات موضوع هذه الدعوى دون أن تحصل كامل الرسم عليها - في حين أن هذا الرسم مصدره القانون رقم 418 لسنة 1955 - وهو لم يدخل الهراسات في نطاق الإعفاء المنصوص عليه فيه - فإذا لم تفطن المصلحة إلى المطالبة قبل الإفراج عنها فإن لها أن تتدارك الأمر بعد الإفراج - طالما أن الحق في الرسم لم يسقط بالتقادم (والثاني) أن قاعدة عدم الاعتداد بالجهل بالقانون التي أقام الحكم قضاءه عليها بأن تعلل بها في مواجهة المصلحة لتراخيها في تحصيل الرسم - هذه القاعدة لا تنهض سبباً يتحقق بموجبه الخطأ في جانبها، إذ أن علم الكافة بقوانين الرسوم الجمركية باعتبارها من قوانين النظام العام يحول دون احتجاج الشركة المطعون عليها بهذه القاعدة (والثالث) أن ما حصله الحكم من أن الضرر قد لحق بالشركة المطعون عليها ببيعها الهراسات دون أن تدخل في حسابها عند تقدير ثمنها قيمة الرسوم التكميلية التي سددتها بعد الإفراج عنها - هذا الضرر على فرض وقوعه إنما كان نتيجة طبيعية لتخلف المطعون عليها عن أداء التزامها القانوني بسداد رسم الاستيراد المستحق عليها وهو السبب المباشر للضرر الذي لحق بها.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بمسئولية مصلحة الجمارك مسئولية تقصيرية على ما جاء به وبالحكم الابتدائي مما يتحصل في أن المصلحة المذكورة قد تجاوزت تطبيق أحكام القانون إذ أفرجت عن الهراسات موضوع الدعوى دون أن يسدد إليها كامل الرسم المستحق عليها - وأنه ليس لها - وهي التي تقوم بتطبيق الرسوم الجمركية - أن تدفع الخطأ الذي وقع منها بالجهل بالقانون لترتب على ذلك تنصلها من الضرر الذي لحق بالشركة المطعون عليها نتيجة لبيعها الهراسات دون أن تدخل في تقدير ثمنها الرسوم التكميلية التي حصلتها بعد الإفراج عنها - وهذا من الحكم قضاء مخالف للقانون - إذ أن حق مصلحة الجمارك في الرسم المستحق على البضاعة المستوردة لا يسقط لمجرد عدم تحصيله قبل الإفراج عنها - فالحقوق لا تسقط بغير نص - وليس في القانون العام ولا في القوانين الخاصة بالمسائل الجمركية ما يمنع مصلحة الجمارك من تدارك خطأ أو سهو وقع فيه أحد موظفيها بعدم اقتضاء رسم واجب لها قبل الإفراج عن البضاعة. وأنه وإن جاز اعتبار تصرف موظفي مصلحة الجمارك على هذا النحو خطأ في حق المصلحة ذاتها - قد يؤدي إلى الإضرار بالخزانة العامة - إلا أنه لا يعتبر خطأ في حق المستورد - فليس له أن يتذرع به لإقامة المسئولية التقصيرية على عاتق مصلحة الجمارك بقصد الفكاك من الرسم متى كان مستحقاً عليه قانوناً وقت دخول البضاعة المستوردة، وكان الحق فيه لم يسقط بالتقادم وقت المطالبة به - كما لا يقبل من المستورد مواجهته مصلحة الجمارك بالدفع بعدم الاعتداد بالجهل بالقوانين - ذلك أن هذا المبدأ يفترض علم الكافة بالقوانين - ومنهم - بالنسبة لقوانين الرسوم الجمركية - المستورد للبضاعة المدين بالرسم مما يحول دون قبول الاحتجاج منه بهذا الدفع في مواجهة مصلحة الجمارك - لما كان ذلك، وكان الثابت أن "الهراسات" موضوع الدعوى الحالية قد استوردتها الشركة المطعون عليها في يناير سنة 1956، وكان الرسم التكميلي الذي طالبت به مصلحة الجمارك في 3/ 11/ 1956 واقتضته من الشركة المطعون عليها هو رسم استيراد مصدره القانون رقم 418 لسنة 1955 النافذ المفعول في أول سبتمبر سنة 1955 - فلا على مصلحة الجمارك إن هي وجهت المطالبة بهذا الرسم بعد الإفراج عن الهراسات، ذلك أن استحقاقها له قائم بموجب هذا القانون - وعلى الشركة المطعون عليها - سواء تمت مطالبتها بالرسم ودفعته وقت الإفراج عن "الهراسات" المستوردة أو بعد الإفراج عنها - أن تدخل هذا الرسم في حسابها عند تقدير المصروفات التي تحملتها - وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر - وقضى بالتعويض للمسئولية التقصيرية على مصلحة الجمارك رغم انتفاء الخطأ في جانبها فإنه يكون قد خالف القانون مما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه - ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.

الطعن 206 لسنة 36 ق جلسة 8 / 12 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 197 ص 1208

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

----------------

(197)
الطعن رقم 206 لسنة 36 القضائية

(أ) مسئولية. "المسئولية العقدية". تعويض. "عناصر الضرر".
المدين في المسئولية العقدية يلتزم بتعويض الضرر المتوقع عادة وقت التعاقد. الضرر المتوقع يقاس بمعيار موضوعي لا شخصي.
(ب) نقل بحري. "مسئولية الناقل". تعويض. "تقدير التعويض". مسئولية. "مسئولية عقدية".
إخلال الناقل بالتزامه بتسليم البضاعة للمرسل إليه بميناء الوصول. يوجب تعويض المرسل إليه عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب.
(ج) تعويض. "عناصر الضرر". نقض. "سلطة محكمة النقض".
تعيين عناصر الضرر من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض.

-----------------
1 - المدين في المسئولية العقدية يلزم طبقاً لنص المادة 221/ 1 و2 من القانون المدني بتعويض الضرر الذي يمكن توقعه عادة وقت التعاقد، ويشمل تعويض الضرر ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، والضرر المتوقع إنما يقاس بمعيار موضوعي لا بمعيار شخصي، بمعنى أنه ذلك الضرر الذي يتوقعه الشخص المعتاد في مثل الظروف التي يوجد بها المدين لا الضرر الذي يتوقعه هذا المدين بالذات (1).
2 - مسئولية الناقل البحري تتمثل في أن يقوم بتسليم البضاعة إلى المرسل إليه في ميناء الوصول طبقاً للبيان الوارد بشأنها في سند الشحن، وإلا التزم بتعويض المرسل إليه عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب طبقاً لما يتوقعه الشخص المعتاد (2).
3 - تعيين العناصر المكونة للضرر والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض يعد - وعلى ما جرى به قضاء هذه لمحكمة - من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض (3).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزارة التموين (الطاعنة) أقامت الدعوى رقم 117 سنة 1962 تجاري كلي الإسكندرية ضد المطعون عليها وشركة مصر للتجارة الخارجية وطلبت الحكم بإلزامهما بأن يدفعا لها متضامنين مبلغ 1600 ج، وقال بياناً لدعواها إنها تعاقدت مع شركة مصر للتجارة الخارجية على استيراد 1300 طن من البن البرازيلي وشحن من هذه الكمية 6272 جوالاً على السفينة الجزائر المملوكة للمطعون عليها، وإذ وصلت هذه الشحنة إلى ميناء الإسكندرية في يوم 25/ 10/ 1962 وتبين عند استلامها وجود عجز بها مقداره 2.458 طناً فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان. وبتاريخ 17 مايو سنة 1964 قضت المحكمة برفض الدعوى.
استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد الاستئناف برقم 348 سنة 20 ق وبتاريخ 15 فبراير سنة 1966 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة لشركة مصر للتجارة الخارجية وإلغائه بالنسبة للمطعون عليها، وبإلزامها بأن تدفع إلى الطاعنة مبلغ 108 ج و990 مليماً. قررت الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى فيه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وتقول في بيان ذلك إن الحكم قصر حقها في التعويض على أساس ثمن العجز في البن في ميناء الشحن أخذاً بسعره المبين في فاتورة الشراء وذهب الحكم في تبرير ذلك إلى أن هذا السعر هو الذي كان يمكن أن تتوقعه الطاعنة وقت إبرام عقد النقل أما السعر الذي تفرضه وزارة التموين في ميناء الوصول فيمثل ضرراً غير متوقع لا يلتزم المدين بتعويضه. هذا في حين أن المعيار في تقدير التعويض وفقاً لنص المادة 221 من القانون المدني هو معيار موضوعي العبرة فيه بما يتوقعه الشخص المعتاد في مثل الظروف التي يوجد فيها المدين مما كان يتعين معه على الحكم أن يدخل في حساب التعويض كل الأضرار التي كان يجب أن يتوقعها الناقل البحري عادة والتي تشمل فوق ما يلحق المرسل إليه من خسارة بسبب فقد البضاعة أو تلفها، ما يفوته من كسب يتمثل في حد معقول من الأرباح التي كان يمكن أن يحصل عليها المرسل إليه فيما لو قام الناقل البحري بتسليم الشحنة كاملة في ميناء الوصول، غير أن الحكم المطعون فيه قدر التعويض على أساس السعر في ميناء الشحن مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان المدين في المسئولية العقدية يلزم طبقاً لنص المادة 221/ 1 - 2 من القانون المدني بتعويض الضرر الذي يمكن توقعه عادة وقت التعاقد ويشمل تعويض الضرر ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، وكان الضرر المتوقع إنما يقاس بمعيار موضوعي لا بمعيار شخصي، بمعنى أنه ذلك الضرر الذي يتوقعه الشخص المعتاد في مثل الظروف التي يوجد بها المدين لا الضرر الذي يتوقعه هذا المدين بالذات. وكانت مسئولية الناقل البحري تتمثل في أن يقوم بتسليم البضاعة إلى المرسل إليه في ميناء الوصول طبقاً للبيان الوارد بشأنها في سند الشحن وإلا يلزم بتعويض المرسل إليه عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب، طبقاً لما يتوقعه الشخص المعتاد. وإذ قصر الحكم المطعون فيه التعويض عن العجز في الرسالة على ثمنها بسعر شرائها في ميناء الشحن، ولم يقم اعتباراً لما عسى أن يكون قد فات الطاعنة من كسب بسبب الزيادة في سعر البضاعة الفاقدة وفقاً لقيمتها السوقية في ميناء الوصول على سعر شرائها في ميناء الشحن فلم يضع حداً معقولاً لما كان يمكن أن تحصل عليه الطاعنة من أرباح تتناسب وسع التكلفة لهذه السلعة. وكان هذا من الحكم خطأ في تعيين عناصر الضرر التي تدخل في حساب التعويض المستحق للطاعنة بتفويت عنصر منها هو ما فاتها من كسب، وكان تعيين العناصر المكونة للضرر، والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض يعد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض، لما كان ما تقدم وكان لا عبرة بما تسوقه الشركة المطعون عليها في المذكرة المقدمة منها رداً على سبب الطعن من أن سند الشحن قد حوى نصاً يحصر بموجبه قيمة التعويض فيما لا يتجاوز ثمن البضاعة الواردة به أو بفاتورة الشراء أيهما أقل، ذلك أنه طالما أن المطعون عليها لم تقدم ما يفيد تمسكها بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يتعرض له ولم يتخذ منه دعامة لقضائه، فإنه لا يجوز للمطعون عليها إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، وإذ قضى الحكم المطعون فيه على خلاف النظر المتقدم وقدر التعويض الذي تستحقه وزارة التموين الطاعنة بما لحقها من خسارة على أساس سعر البن في ميناء الشحن ولم يقدر لها التعويض المناسب عما فاتها من كسب، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.


(1) نقض 12 يونيه سنة 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 939.
(2) نقض 12 يونيه سنة 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 929.
(3) نقض 24 إبريل سنة 1968 مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 837.

الطعن 10472 لسنة 80 ق جلسة 28 / 3 / 2016 مكتب فني 67 ق 50 ص 328

جلسة 28 من مارس سنة 2016
برئاسة السيد القاضي/ أحمد سعيد السيسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ صلاح مجاهد، حسام هشام صادق، إيهاب الميداني وطارق عمران نواب رئيس المحكمة.

-------------

(50)

الطعن 10472 لسنة 80 ق

(1 - 3) اختصاص "الإحالة إلى المحكمة المختصة: حجية الحكم بعدم الاختصاص والإحالة". قوة الأمر المقضي" نطاقها: أحكام تحوز قوة الأمر المقضي".
(1) الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى والإحالة. حكم منه للخصومة أمام المحكمة التي أصدرته. عدم الطعن عليه. أثره. حيازته قوة الأمر المقضي. وجوب تقيد المحكمة المحال إليها والخصوم به ولو كان قد خالف صحيح القانون.

(2) الحكم النهائي بالاختصاص. التزام المحكمة المحال إليها به في نطاق الأساس الذي قام عليه.

(3) قضاء محكمة جنوب القاهرة بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعويين الأصلية والفرعية وإحالتها إلى محكمة القاهرة الاقتصادية. حكم منه للخصومة. جواز الطعن عليه. عدم الطعن عليه على استقلال. لازمه. التزام المحكمة المحال إليها بهذا القضاء.

(4) إثبات "طرق الإثبات: الكتابة: الأوراق الرسمية: حجية الأوراق الرسمية".
الأوراق الرسمية. اقتصار حجيتها على البيانات التي قام بها الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة. م 11 ق إثبات. عدم جواز إنكارها إلا بطريق الطعن بالتزوير. تقرير الخبير. خضوعه لتقدير محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. النعي على الحكم المطعون فيه استناده إلى الدليل الفني المستمد من تقرير الخبرة الذي انتهى لتزوير التوقيع المنسوب لمورث الطاعنة الوارد على الإقرار موضوع الدعوى منتهيا إلى القضاء برفض رد وبطلان الإقرار كونه ورقة رسمية تسري حجيتها على الكافة. جدل موضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

(5 ، 6) تزوير "الحكم في الادعاء بالتزوير". محاكم اقتصادية" الطعن على أحكام المحاكم الاقتصادية".
(5) الحكم برد وبطلان الورقة المقدمة سندا في الدعوى. أثره. بطلان الورقة المثبتة للتصرف دون بطلان التصرف ذاته. جواز إثبات التصرف بدليل آخر مقبول قانونا. ثبوت صحة الادعاء بالتزوير وفساد الدليل على إسناد التصرف إلى الصادر منه. لا يقتضي عدم صحة التصرف. م 44 إثبات.

(6) عدم جواز الحكم بصحة المحرر أو بتزويره وفي الموضوع معا. عله ذلك. "مثال بشأن قضاء الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية برد وبطلان المحرر وفي موضوع الدعوى بحكم واحد".

--------------

1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن الحكم الصادر بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى والإحالة هو حكم منهي للخصومة أمام المحكمة التي أصدرته، فإذا لم يطعن الخصوم في هذا الحكم بطرق الطعن المقررة قانونا فإن قضاءها في هذا الشأن يحوز قوة الأمر المقضي، ووجوب تقيد المحكمة المحال إليها به وامتناعها والخصوم عن معاودة الجدل ولو كان قد خالف صحيح القانون.

2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن التزام المحكمة المحال إليها الدعوى بالحكم النهائي الذي فصل في الاختصاص يكون في نطاق الأساس الذي قام عليه هذا الحكم.

3 - إذ كان الحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة بجلسة 24/11/2009 بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعويين الأصلية والفرعية وإحالتهما إلى محكمة القاهرة الاقتصادية بمأمورية استئناف القاهرة لنظرها هو حكم منه للخصومة يجوز الطعن عليه استقلالا، وإذ لم تطعن الطاعنة على هذا الحكم، فإن لازم ذلك ومقتضاه التزام المحكمة المحال إليها بهذا القضاء، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.

4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن النص في المادة 11 من قانون الإثبات يدل على أن حجية الورقة الرسمية تقتصر على ما ورد بها من بيانات قام بها الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره، وهي البيانات التي لا يجوز إنكارها إلا عن طريق الطعن بالتزوير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أن المطعون ضدهم قد طعنوا على الإقرار موضوع الدعوى بطريق الطعن بالتزوير وكان الدليل الفني المستمد من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير انتهى في نتيجته إلى تزوير التوقيع المنسوب إلى مورث الطاعنة وعدم صحته، وكان لمحكمة الموضوع وهي تباشر سلطتها في تقدير الأدلة الأخذ بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله، فإن ما تثيره الطاعنة بهذه الأسباب لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في تقدير محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذت بها تلك المحكمة وهو ما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ومن ثم يكون النعي بالفساد في الاستدلال على غير أساس.

5 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن مفاد نص المادة 44 من قانون الإثبات وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الحكم برد وبطلان الورقة المقدمة سندا في الدعوى لا يعني بطلان التصرف ذاته وإنما بطلان الورقة المثبتة له فحسب، ولا ينال من التصرف أو يمنع من إثباته بأي دليل آخر مقبول قانونا، فإذا ما ثبت للمحكمة صحة الادعاء بالتزوير وفساد الدليل على إسناد التصرف إلى الصادر منه، فإن ذلك لا يقتضي بطريق اللزوم أن يكون هذا التصرف غير صحيح.

6 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه لا يجوز الحكم بتزوير الورقة وفي الموضوع معا بل يجب أن يكون القضاء بالتزوير سابقا على الحكم في موضوع الدعوى، وذلك حتى لا يحرم الخصم الذي تمسك بالورقة التي قضي بتزويرها من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أخرى لإثبات ما أراد إثباته بتلك الورقة. لما كان ذلك، وكان قضاء الحكم المطعون فيه بعد أن قضى برد وبطلان الإقرار المؤرخ 10/7/1990 وبشطب التأشير الحاصل بتاريخ 13/1/2002 رقم .... بالسجل الخاص بشركة ..... رقم ..... بنها لا يعني بطلان الاتفاق ذاته وإنما بطلان الورقة المثبتة له ومن ثم فإن هذا الحكم لا يحول دون إثبات حصول هذا الاتفاق بأي دليل آخر مقبول قانونا، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برد وبطلان الإقرار المذكور وفي موضوع الدعوى بحكم واحد دون أن يفسح المجال لتناضل الخصوم في الدعوى، فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه فيما قضى به في هذا الخصوص. لما كان ذلك، ووفقا لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 12 من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية، فإنه يتعين التصدي لموضوع الدعوى.

-----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن مورث المطعون ضدهما الأولى والثانية- بالبند الأول- أقام الدعوى رقم ..... لسنة 2002 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة، وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم برد وبطلان الإقرار المؤرخ 10/7/1990 الخاص بالتعديل الذي تم بعقد الشركة وما ترتب عليه من آثار، وبإلزام المطعون ضده الأخير بصفته بمحو التأشير الذي تم بتاريخ 13/1/2002 تحت رقم .... في السجل التجاري رقم ..... بنها استثمار محافظة القليوبية، وقال بيانا لذلك أنه بتاريخ 11/9/1997 تكونت شركة توصية بسيطة بين مورثه والطاعنة وأخرى، إلا أن الطاعنة قامت بتعديل عقد الشركة والتأشير بذلك في السجل التجاري بموجب إقرار نسب إلى مورثهما يتنازل فيه عن حصته في الشركة المذكورة إليها فكانت الدعوى، أقامت الطاعنة دعوى فرعية ضد المطعون ضدهما بطلب الحكم بإلزامهما بمبلغ 100.000 جنيه تعويضا ماديا وأدبيا لها عن إساءتهما استعمال حق التقاضي لاختصامها في الدعوى الأصلية، ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع التقرير النهائي حكمت بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعويين الأصلية والفرعية وإحالتها إلى الدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية وقيدت بها برقم ....... لسنة 2ق، وبتاريخ 28/4/2010 قضت المحكمة في الدعوى الأصلية برد وبطلان الإقرار المؤرخ 10/7/1990، وبتعديل عقد شركة ....... المؤرخ 13/1/2002، وبشطب التأشير الحاصل في ذلك التاريخ والمقيد برقم .... بالسجل الخاص بالشركة رقم ..... بنها استثمار محافظة القليوبية، وفي الدعوى الفرعية برفضها. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة بعد إحالته من دائرة فحص الطعون رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن قضاء محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الاقتصادية الاستئنافية وتصدي الأخيرة لموضوع الدعوى رغم أن قيمة الدعوى أقل من خمسة ملايين جنيه، وتختص بنظرها المحكمة الاقتصادية الابتدائية، فإن حكمها يكون معيبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن الحكم الصادر بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى والإحالة هو حكم منهي للخصومة أمام المحكمة التي أصدرته، فإذا لم يطعن الخصوم في هذا الحكم بطرق الطعن المقررة قانونا فإن قضاءها في هذا الشأن يحوز قوة الأمر المقضي، ووجوب تقيد المحكمة المحال إليها به وامتناعها والخصوم عن معاودة الجدل ولو كان قد خالف صحيح القانون وأن التزام المحكمة المحال إليها الدعوى بالحكم النهائي الذي فصل في الاختصاص يكون في نطاق الأساس الذي قام عليه هذا الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة بجلسة 24/11/2009 بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعويين الأصلية والفرعية وإحالتهما إلى محكمة القاهرة الاقتصادية بمأمورية استئناف القاهرة لنظرها هو حكم منه للخصومة يجوز الطعن عليه استقلالا، وإذ لم تطعن الطاعنة على هذا الحكم، فإن لازم ذلك ومقتضاه التزام المحكمة المحال إليها بهذا القضاء، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثاني من السبب الأول والسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إنه أقام قضاءه على تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير كركيزة لرفض القضاء برد وبطلان الإقرار موضوع الدعوى في حين أن ذلك الإقرار مصدق عليه من قنصلية مصر في باريس وموقع عليه من مورث الطاعنة أمام الموظف المختص بالقنصلية، ومن ثم فهو ورقة رسمية حجيتها تسري على الكافة، ولا يجوز الادعاء بتزويرها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن النص في المادة 11 من قانون الإثبات على أن "المحررات الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانونا. يدل على أن حجية الورقة الرسمية تقتصر على ما ورد بها من بيانات قام بها الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره، وهي البيانات التي لا يجوز إنكارها إلا عن طريق الطعن بالتزوير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أن المطعون ضدهم قد طعنوا على الإقرار موضوع الدعوى بطريق الطعن بالتزوير وكان الدليل الفني المستمد من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير انتهى في نتيجته إلى تزوير التوقيع المنسوب إلى مورث الطاعنة وعدم صحته، وكان لمحكمة الموضوع وهي تباشر سلطتها في تقدير الأدلة الأخذ بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله، فإن ما تثيره الطاعنة بهذه الأسباب لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في تقدير محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذت بها تلك المحكمة وهو ما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ومن ثم يكون النعي بالفساد في الاستدلال على غير أساس.
وحيث إن ما تنعاه الطاعنة بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى برد وبطلان الإقرار المؤرخ 10/7/1990، وفي موضوع الدعوى معا مخالفا بذلك نص المادة 44 من قانون الإثبات، ولم يتناول طلبها إحالة الدعوى للتحقيق، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن مفاد نص المادة 44 من قانون الإثبات وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الحكم برد وبطلان الورقة المقدمة سندا في الدعوى لا يعني بطلان التصرف ذاته وإنما بطلان الورقة المثبتة له فحسب، ولا ينال من التصرف أو يمنع من إثباته بأي دليل آخر مقبول قانونا، فإذا ما ثبت للمحكمة صحة الادعاء بالتزوير وفساد الدليل على إسناد التصرف إلى الصادر منه، فإن ذلك لا يقتضي بطريق اللزوم أن يكون هذا التصرف غير صحيح. وكان المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أنه لا يجوز الحكم بتزوير الورقة وفي الموضوع معا بل يجب أن يكون القضاء بالتزوير سابقا على الحكم في موضوع الدعوى، وذلك حتى لا يحرم الخصم الذي تمسك بالورقة التي قضي بتزويرها من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أخرى لإثبات ما أراد إثباته بتلك الورقة. لما كان ذلك، وكان قضاء الحكم المطعون فيه بعد أن قضى برد وبطلان الإقرار المؤرخ 10/7/1990 وبشطب التأشير الحاصل بتاريخ 13/1/2002 رقم .... بالسجل الخاص بشركة ....... رقم ..... بنها لا يعني بطلان الاتفاق ذاته وإنما بطلان الورقة المثبتة له ومن ثم فإن هذا الحكم لا يحول دون إثبات حصول هذا الاتفاق بأي دليل آخر مقبول قانونا، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برد وبطلان الإقرار المذكور وفي موضوع الدعوى بحكم واحد دون أن يفسح المجال لتناضل الخصوم في الدعوى، فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه فيما قضى به في هذا الخصوص. لما كان ذلك، ووفقا لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 12 من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية، فإنه يتعين التصدي لموضوع الدعوى، ولما تقدم.