جلسة 4 من ديسمبر سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ يحيى جلال نائب "رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ عبد الصبور خلف الله، مجدي مصطفي، على جبريل وياسر فتح الله العكازي نواب رئيس المحكمة.
--------------
(140)
الطعن رقم 14430 لسنة 79 القضائية
(1) صورية "ماهية الصورية".
الصورية المطلقة. ماهيتها. تصرف قانوني ظاهر غير حقيقي يقترن به
ويعاصره اتفاق مستتر يعدم ويزيل آثار التصرف الظاهر. شرطها. عدم انصراف إرادة
المتعاقدين معا إلى جدية التصرف الظاهر. اختلافها عن التحفظ الذهني الذي يستقل به
أحد المتعاقدين دون الأخر بإظهار إرادة وإبطان أخرى. عدم تأثير الأخير في صحة
التعاقد وما يرتبه من آثار قانونية.
(2 - 4) بيع "صورية البيع". هبة
"الهبة المستترة في صورة عقد البيع".
(2) قضاء الحكم المطعون فيه بصورية عقد بيع
العين محل التداعي صورية مطلقة تأسيسا على انتفاء نية البيع لدى المطعون ضده
والشراء لدى الطاعنة واشتراط الزوجة تحرير عقد بيع للعودة لمسكن الزوجية وفق أقوال
الشهود. اعتباره خروجا عن مدلولها. علة ذلك.
(3) الهبة المستترة في صورة بيع. صحيحة متى
توفرت فيها ظاهريا الأركان اللازمة لانعقاد البيع. م 488 مدني.
(4) ثبوت استيفاء عقد البيع سند الدعوى للشكل
القانوني. نفي واقعة سداد الثمن المسمى به. عدم صلاحيتها دليلا على صوريته
المطلقة. علة ذلك. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك. خطأ وفساد.
----------------
1 - الصورية المطلقة هي تصرف قانوني ظاهر غير حقيقي يقترن به ويعاصره
اتفاق مستتر يعدم ويزيل آثار التصرف الظاهر، ولا تتحقق الصورية المطلقة إلا إذا
كانت إرادة المتعاقدين معا لم تتصرف في أي وقت إلى جدية التصرف الظاهر، وهي تختلف
عن التحفظ الذهني الذي يستقل به أحد المتعاقدين دون أن يشاركه فيه المتعاقد الآخر
بإظهار إرادة وإبطان أخرى وهذا التحفظ لا يؤثر في صحة التعاقد وما يرتبه من أثار
قانونية.
2 - إذ كانت محكمة الموضوع بدرجتيها قد أقامت
قضاءها بصورية عقد البيع المؤرخ 7/ 8/ 1999 صورية مطلقة على ما أوردته من أقوال
الشهود وحاصله أن ثمنا لم يدفع في
ذلك البيع وأن المطعون ضده حرر هذا العقد للطاعنة لوجود خلافات بينهما بسبب زواجه
من أخرى وأنها اشترطت تحرير ذلك العقد حتى تعود إلى منزل الزوجية ثم استخلصت من
هذه الأقوال انتفاء نية البيع لدى المطعون ضده ونية الشراء لدى الطاعنة، فإن محكمة
الموضوع تكون قد خرجت بتلك الأقوال التي اتخذتها عمدا لقضائها عما يؤدي إليه
مدلولها إذ خلت أقوال الشهود مما يفيد انتفاء نية الشراء لدى الطاعنة، بل إن ما
جاء بأقوالهم من اشتراطها تحرير عقد البيع للعودة إلى منزل الزوجية لا يدل بحال
على الصورية المطلقة وإنما على النقيض مما ذهبت إليه محكمة الموضوع يدل على جدية
التصرف من جانب الطاعنة وهو ما يكفي لنفي الصورية المطلقة حتى لو صح ما قرره الحكم
المطعون فيه من أن المطعون ضده حرر العقد دون أن تنصرف إرادته إلى البيع وجدية التصرف
لأنه لا يعدو أن يكون تحفظا ذهنيا استقل به المطعون ضده بإظهار إرادة وإضمار أخرى
ليس من شأنه التأثير في صحة التعاقد وما يرتبه من آثار قانونية.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن
المادة 488 من التقنين المدني تجيز حصول الهبة تحت ستار عقد آخر متى كان العقد
الساتر للهبة مستوفيا الشروط المقررة في القانون، مما مؤداه أن الهبة في صورة عقد
بيع تصح إذا كان العقد جامعا وفي الظاهر لأركان البيع اللازمة لانعقاده.
4 - إذ كان عقد البيع سند الدعوى على ما يبين
من مدونات الحكم المطعون فيه قد صدر منجزا مستوفيا الشكل القانوني من تلاقي
الإيجاب والقبول على بيع معين لقاء ثمن مقدر، فإن نفي واقعة سداد الثمن المسمى في
العقد لا يصلح دليلا على الصورية المطلقة لأنه يجعل التصرف هبة مستترة في صورة بيع
توفرت له شروط صحته، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأسس قضاءه بصورية عقد
البيع موضوع التداعي صورية مطلقة على عدم دفع الطاعنة الثمن المسمى في العقد وعلى
ما استخلصه من أقوال الشهود برغم أن هذه الأقوال لم تتضمن ما يفيد ذلك، فإنه يكون
معيبا بالفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم ... لسنة 2007 مدني كلي شمال القاهرة على
الطاعنة بطلب الحكم بصورية العقد المؤرخ 7/ 8/ 1999 والمتضمن بيعه لها الشقة
المبينة بالعقد وصحيفة الدعوى صورية مطلقة واعتباره كأن لم يكن على سند من أنه
يمتلك عين التداعي وقام بتحرير عقد بيع للطاعنة عن ذات العين باعتبارها زوجته نظير
مبلغ خمسين ألف جنيه لم تدفع منها شيئا وأقامت دعوى صحة توقيع على ذلك العقد فقد
أقام الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق واستمعت لشهود الطرفين وحكمت
بالطلبات. استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم
... لسنة 12 ق وبتاريخ 30/ 6/ 2009 قضت بتأييد الحكم المستأنف.
طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت
الرأي فيها برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة
لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال
والخطأ في تطبيق القانون إذ أقام قضاءه بصورية عقد البيع المؤرخ 7/ 8/ 1999 المبرم
بين طرفي النزاع صورية مطلقة على ما استخلصه من أقوال الشهود من انتفاء نية البيع
لدى المطعون ضده والشراء لدى الطاعنة وأن ثمنا لم يدفع في هذا البيع، وأن المطعون
ضده حرر العقد استجابة لطلب الطاعنة للعودة لمنزل الزوجية في حين أن أقوال الشهود
خلت مما يفيد صورية البيع ولا تؤدي إلى ما استخلصه الحكم منها مما يعيبه ويستوجب
نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأنه لما كانت الصورية المطلقة هي
تصرف قانوني ظاهر غير حقيقي يقترن به ويعاصره اتفاق مستتر يعدم ويزيل آثار التصرف
الظاهر، ولا تتحقق الصورية المطلقة إلا إذا كانت إرادة المتعاقدين معا لم تتصرف في
أي وقت إلى جدية التصرف الظاهر، وهي تختلف عن التحفظ الذهني الذي يستقل به أحد
المتعاقدين دون أن يشاركه فيه المتعاقد
الآخر بإظهار إرادة وإبطان أخرى وهذا التحفظ لا يؤثر في صحة التعاقد وما يرتبه من
أثار قانونية. لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع بدرجتيها قد أقامت قضاءها بصورية
عقد البيع المؤرخ 7/ 8/ 1999 صورية مطلقة على ما أوردته من أقوال الشهود وحاصله أن
ثمنا لم يدفع في ذلك البيع وأن المطعون ضده حرر هذا العقد للطاعنة لوجود خلافات
بينهما بسبب زواجه من أخرى وأنها اشترطت تحرير ذلك العقد حتى تعود إلى منزل
الزوجية ثم استخلصت من هذه الأقوال انتفاء نية البيع لدى المطعون ضده ونية الشراء
لدى الطاعنة، فإن محكمة الموضوع تكون قد خرجت بتلك الأقوال التي اتخذتها عمدا
لقضائها عما يؤدي إليه مدلولها إذ خلت أقوال الشهود مما يفيد انتفاء نية الشراء
لدى الطاعنة، بل إن ما جاء بأقوالهم من اشتراطها تحرير عقد البيع للعودة إلى منزل
الزوجية لا يدل بحال على الصورية المطلقة وإنما على النقيض مما ذهبت إليه محكمة
الموضوع يدل على جدية التصرف من جانب الطاعنة وهو ما يكفي لنفي الصورية المطلقة
حتى لو صح ما قرره الحكم المطعون فيه من أن المطعون ضده حرر العقد دون أن تنصرف
إرادته إلى البيع وجدية التصرف لأنه لا يعدو أن يكون تحفظا ذهنيا استقل به المطعون
ضده بإظهار إرادة وإضمار أخرى ليس من شأنه التأثير في صحة التعاقد وما يرتبه من
آثار قانونية، وكانت المادة 488 من التقنين المدني تجيز – وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة - حصول الهبة تحت ستار عقد آخر متى كان العقد الساتر للهبة مستوفيا الشروط
المقررة في القانون، مما مؤداه أن الهبة في صورة عقد بيع تصح إذا كان العقد جامعا
وفي الظاهر لأركان البيع اللازمة لانعقاده، وكان عقد البيع سند الدعوى على ما يبين
من مدونات الحكم المطعون فيه قد صدر منجزا مستوفيا الشكل القانوني من تلاقي
الإيجاب والقبول على بيع معين لقاء ثمن مقدر، فإن نفي واقعة سداد الثمن المسمى في
العقد لا يصلح دليلا على الصورية المطلقة لأنه يجعل التصرف هبة مستترة في صورة بيع
توفرت له شروط صحته، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأسس قضاءه بصورية عقد
البيع موضوع التداعي صورية مطلقة على عدم دفع الطاعنة الثمن المسمى في العقد وعلى
ما استخلصه من أقوال الشهود برغم أن هذه الأقوال لم تتضمن ما يفيد ذلك، فإنه يكون
معيبا بالفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وإذ خلت الأوراق مما يدل
على تقديم المطعون ضده الدليل على ما يدعيه من صورية عقد البيع الصادر منه للطاعنة
صورية مطلقة ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.