جلسة 29 من يونيه سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ عبد المنصف هاشم - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ جرجس اسحق - نائب رئيس المحكمة، محمد فتحي الجمهودي، السيد السنباطي وإبراهيم الطويلة.
-----------------
(184)
الطعن رقم 558 لسنة 55 القضائية
(1، 2) معاهدات "اتفاقية تنفيذ الأحكام بين الدول العربية". حكم "تنفيذ الأحكام الأجنبية". قانون "القانون الواجب التطبيق". اختصاص "الاختصاص القضائي الدولي".
(1) انضمام مصر إلى اتفاقية تنفيذ الأحكام التي أصدرها مجلس جامعة الدول العربية بالقانون رقم 29 لسنة 1954. أثره. اعتبار أحكام الاتفاقية قانوناً واجب التطبيق الحكم الصادر من العراق والتي انضمت إلى الاتفاقية يكون واجب التنفيذ في مصر متى توافرت الشروط المنصوص عليها في تلك الاتفاقية حتى ولو كانت المحاكم المصرية مختصة بنظر المنازعة التي صدر فيها الحكم.
(2) إقامة المدعي في بلد المحكمة الأجنبية ولو لم تدم إقامته فيها إلا زمناً يسيراً. أثره. اختصاصها بنظر الدعوى طبقاً للقانون الدولي الخاص.
(3) إعلان "إعلان الخصوم في الأحكام الأجنبية". تنفيذ "تنفيذ الأحكام الأجنبية" حكم. نظام عام.
وجوب التحقق من إعلان الخصوم إعلاناً صحيحاً بالدعوى التي صدر فيها الحكم الأجنبي قبل تذييله بالصيغة التنفيذية. تمسك الطاعن ببطلان إعلانه وإطراح المحكمة لهذا الدفاع دون التحقق من صحة إعلانه بالدعوى وفق للإجراءات التي رسمها قانون البلد الذي صدر فيه الحكم وعدم تعارض هذه الإجراءات مع اعتبارات النظام العام في مصر. خطأ وقصور.
-------------------
1- لما كانت المادة 301 من قانون المرافعات - والتي اختتم بها المشرع الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية - تقضي بأن العمل بالقواعد المنصوص عليها في المواد السابقة لا يخل بأحكام المعاهدات المعقودة أو التي تعقد بين الجمهورية وبين غيرها من الدول، وكانت جمهورية مصر قد وافقت بالقانون رقم 29 لسنة 1954 على اتفاقية تنفيذ الأحكام التي أصدرها مجلس جامعة الدول العربية ثم أودعت وثائق التصديق عليها لدى الأمانة العامة للجامعة بتاريخ 25/ 5/ 1954، كما صادقت عليها جمهورية العراق في 3/ 1/ 1957، فإن أحكام هذه الاتفاقية تكون هي الواجبة التطبيق على واقعة الدعوى، لما كان ذلك وكانت المادة الثانية من تلك الاتفاقية التي بينت الأحوال التي يجوز فيها للسلطة القضائية المختصة في الدولة المطلوب إليها التنفيذ أن ترفض تنفيذ الحكم لم تتضمن نصاً ماثلاً لنص المادة 298 من قانون المرافعات يحول دون الأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي إذا كانت محكمة القاضي المطلوب منه الأمر بالتنفيذ مختصة بنظر النزاع الذي صدر فيه ذلك الحكم، فإن الحكم الصادر من إحدى الدول التي انضمت إلى الاتفاقية المشار إليها يكون واجب التنفيذ في مصر إذا توافرت الشروط المنصوص عليها في تلك الاتفاقية حتى ولو كانت المحاكم المصرية مختصة بنظر المنازعة التي صدر فيها هذا الحكم.
2- المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان المدعى عليه مقيماً في بلد المحكمة الأجنبية ولو لم تدم إقامته فيه إلا زمناً يسيراً فإنها تكون مختصة بنظر الدعوى طبقاً للقانون الدولي الخاص.
3- جرى قضاء هذه المحكمة على أن شرط إعلان الخصوم على الوجه الصحيح مما يجب التحقق من توافره في الحكم الأجنبي قبل أن يصدر الأمر بتذييله بالصيغة التنفيذية، إذ نصت على تقريره الفقرة الثانية من المادة 493 من قانون المرافعات السابق المقابلة للبند الثاني من المادة 298 من قانون المرافعات الحالي، والفقرة ب من المادة الثانية من اتفاقية تنفيذ الأحكام المعقودة بين دول الجامعة العربية، وعلى أن القاعدة المنصوص عليها بالمادة 22 من القانون المدني تنص على أن يسري على جميع المسائل الخاصة بالإجراءات قانون البلد الذي تجري مباشرتها فيها وعلى أن إعلان الخصوم بالدعوى مما يدخل في نطاق هذه الإجراءات، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان إعلانه بالدعوى التي صدر فيها الحكم المطلوب تذييله بالصيغة التنفيذية وأن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع واجتزأ القول بأن إعلان الدعوى أمام محكمة بداءة تكريت هو مما يدخل في نطاق الإجراءات التي ينطبق عليها قانون تلك المحكمة وفقاً للقاعدة الواردة بالمادة 22 من القانون المدني دون أن يبين أن الطاعن قد أعلن إعلاناً صحيحاً وفق الإجراءات التي رسمها قانون البلد الذي صدر فيه ذلك الحكم وهو القانون العراقي وأن إجراءات الإعلان طبقاً لهذا القانون لا تتعارض مع اعتبارات النظام العام في مصر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
------------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 4351 سنة 1983 مدني دمنهور الابتدائية بطلب الحكم بتذييل الحكم الصادر من محكمة تكريت التابعة لجمهورية العراق بالصيغة التنفيذية وجعله بمثابة حكم واجب التنفيذ بجمهورية مصر، وقال بياناً لذلك أنه صدر لصالحه بتاريخ 14/ 2/ 1983 الحكم في القضية رقم 201/ ب عدليه سنة 1983 من محكمة بداءة تكريت قضى بإلزام المطعون عليه بأن يدفع له مبلغ 1784.500 دينار والمصروفات وبمبلغ 178.450 دينار أجور محاماة وقد تم إعلان هذا الحكم وحاز قوة الأمر المقضي ومن حقه طلب تذييله بالصيغة التنفيذية حتى يمكن تنفيذه - بتاريخ 16/ 4/ 1984 حكمت المحكمة بتذييل الحكم سالف الإشارة بالصيغة التنفيذية وجعله بمثابة حكم واجب التنفيذ بجمهورية مصر العربية، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية "مأمورية دمنهور" بالاستئناف رقم 312 سنة 40 ق، وبتاريخ 26/ 12/ 1984 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجهين الثاني والثالث من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم بالرغم من تسليمه باختصاص المحاكم المصرية إلى جانب المحاكم الأجنبية بنظر النزاع الذي صدر فيه الحكم المطلوب تنفيذه فإنه لم يطبق نص الفقرة الأولى من المادة 298 من قانون المرافعات التي تقضي بأنه لا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق من أن المحاكم المصرية غير مختصة بنظر ذلك النزاع وأن المحاكم التي أصدرته مختصة به وأقام قضاءه على مجرد القول بأن دوافع المجاملة ومقتضيات الملائمة توجب تذييل ذلك الحكم بالصيغة التنفيذية دون أن يبين كيف تحقق من اختصاص المحكمة الأجنبية بنظر النزاع المشار إليه رغم أن القانون يوجب التحقق من ذلك وهو ما يعييبه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله وذلك أنه لما كانت المادة 301 من قانون المرافعات - والتي اختتم بها المشرع الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية - تقضي بأن العمل بالقواعد المنصوص عليها في المواد السابقة لا يخل بأحكام المعاهدات المعقودة أو التي تعقد بين الجمهورية وبين غيرها من الدول، وكانت جمهورية مصر قد وافقت بالقانون رقم 29 لسنة 1954 على اتفاقية تنفيذ الأحكام التي أصدرها مجلس جامعة الدول العربية ثم أودعت وثائق التصديق عليها لدى الأمانة العامة للجامعة بتاريخ 25/ 7/ 1954 كما صادقت عليها جمهورية العراق في 3/ 10/ 1957 فإن أحكام هذه الاتفاقية تكون هي الواجبة التطبيق على واقعة الدعوى، لما كان ذلك، وكانت المادة الثانية من تلك الاتفاقية التي بينت الأحوال التي يجوز فيها للسلطة القضائية المختصة، في الدول المطلوب إليها التنفيذ أن ترفض تنفيذ الحكم لم تتضمن نصاً مماثلاً لنص المادة 298 من قانون المرافعات يحول دون الأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي إذا كانت محكمة القاضي المطلوب منه الأمر بالتنفيذ غير مختصة بنظر النزاع الذي صدر فيه ذلك الحكم، فإن الحكم الصادر من إحدى الدول التي انضمت إلى الاتفاقية المشار إليها يكون واجب التنفيذ في مصر إذا توافرت فيه الشروط المنصوص عليها في تلك الاتفاقية حتى ولو كانت المحاكم المصرية مختصة بنظر المنازعة التي صدر فيها هذا الحكم، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه لا يعيبه ما أقام قضاءه عليه من أن دوافع المجاملة ومقتضيات الملائمة وحاجة المعاملات الدولية توجب اعتبار الحكم الصادر من محكمة بداءة تكريت بالعراق قد صدر في حدود اختصاصها دون أن يغير من ذلك - في ذات الوقت - انعقاد الاختصاص لنظر النزاع الذي صدر فيه ذلك الحكم للمحاكم المصرية إذ لمحكمة النقض تصحيح ما اشتمل عليه الحكم من تقريرات قانونية خاطئة دون أن تنقضه، لما كان ما تقدم وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان المدعى عليه مقيماً في بلد المحكمة الأجنبية ولو لم تدم إقامته فيها إلا زمناً يسيراً فإنها تكون مختصة بنظر الدعوى طبقاً للقانون الدولي الخاص، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه التزم هذا النظر إذ أنه بعد أن استخلص أن الطاعن كان يقيم بتكريت في العراق وقت استيلائه على المبلغ المحكوم به عليه ورتب على ذلك اختصاص محكمة بداءة تكريت بنظر النزاع طبقاً لأحكام القانون الدولي الخاص فإن هذا النعي برمته يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الخصومة في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطلوب تنفيذه لم تنعقد بتكليفه بالحضور فيها تكليفاً صحيحاً يتحقق معه علمه بإقامة تلك الدعوى لأنه كان قد غادر الأراضي العراقية على النحو الثابت بجواز سفره في 17/ 9/ 1982 قبل إقامة الدعوى بنحو أربعة أشهر، غير أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع استناداً إلى أن إجراءات إعلان الدعوى المشار إليها تدخل في نطاق الإجراءات التي ينطبق عليها قانون تلك المحكمة وفقاً للمادة 22 من القانون المدني وذلك دون أن يتحقق مما إذا كان التكليف بالحضور تم صحيحاً من عدمه طبقاً لما نصت عليه المادة 298/ 2 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن شرط إعلان الخصوم على الوجه الصحيح مما يجب التحقق من توافره في الحكم الأجنبي قبل أن يصدر الأمر بتذييله بالصيغة التنفيذية إذ نصت على تقريره الفقرة الثانية من المادة 493 من قانون المرافعات السابق المقابلة للبند الثاني من المادة 298 من قانون المرافعات الحالي، والفقرة "ب" من المادة الثانية من اتفاقية تنفيذ الأحكام المعقودة بين دول الجامعة العربية، وعلى أن القاعدة المنصوص عليها بالمادة 22 من القانون المدني تنص على أن يسري على جميع المسائل الخاصة بالإجراءات قانون البلد الذي تجري مباشرتها فيها وعلى أن إعلان الخصوم بالدعوى مما يدخل في نطاق هذه الإجراءات، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان إعلانه بالدعوى التي صدر فيها الحكم المطلوب تذييله بالصيغة التنفيذية وأن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع واجتزأ القول بأن إعلان الدعوى أمام محكمة بداءة تكريت هو مما يدخل في نطاق الإجراءات التي ينطبق عليها قانون تلك المحكمة وفقاً للقاعدة الواردة بالمادة 22 من القانون المدني دون أن يبين أن الطاعن قد أعلن إعلاناً صحيحاً وفق الإجراءات التي رسمها قانون البلد الذي صدر فيه ذلك الحكم وهو القانون العراقي وأن إجراءات الإعلان طبقاً لهذا القانون لا تتعارض مع اعتبارات النظام العام في مصر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه لهذا السبب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق