الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 14 نوفمبر 2024

الطعن 5851 لسنة 14 ق طعون نقض جنح جلسة 4 / 8 / 2024

محكمة استئناف القاهرة
الدائرة 2 الجنائية
طعون نقض جنح
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسني عواد رئيس المحكمـة وعضوية السيدين المستشارين / هانئ عبد الحليم رئيس بالمحكمة وحمدي الحمصي رئيس المحكمة
وحضور السيد /يوسف العزب وكيل النيابة
وحضور السيد/ عبد العزيز محمد عبد العزيز امين السر
بالجلسة المنعقدة بغرفة المشورة فى 4/8 لسنة 2024
أصدرت القرار الاتي
الطعن رقم 5851 لسنة 14 ق.
في قضية الجنحة المستأنفة رقم 6927 / 2049 لسنة 2021/2022 جنح قنا 2005 لسنة 2020 جنح مركز قنا
المرفــــــــوع مـــــن
الطاعنة / .....                            " مدعية بالحق المدني "
ضــــــــد
النيابة العامة
- حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون، ومن ثم فهو مقبول شكلاً.
- وحيث إن مما تنعاه المدعية بالحق المدني على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهم من جريمة الإصابة الخطأ في حق ابنتها نتيجة إهمالهم وإخلالهم الجسيم بما تفرضه عليهم أصول مهنة الطب والأصول الطبية الصحيحة المتعارف عليها فأحدثوا بها الإصابات الواردة بتقرير الطب الشرعي والتي تخلف لديها من إجرائها عاهة مستديمة تمثلت في فقد تام للإبصار قدرت نسبتها 100 % وبرفض الدعوى المدنية المقامة من المدعية بالحق المدني قبل المتهمة الثامنة وبعدم اختصاصها بالدعوى المدنية المقامة منها قبل باقي المتهمين - قد شابه البطلان والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والبيان، والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أن الحكم انتهى الى عدم وجود إهمال أو تقصير في الإجراءات الخاصة بابنتها وهو ما يتناقض مع التقارير الطبية المرفقة وتقرير الطب الشرعي الأولي والذي أثبت وجود تقصير من الأطباء المطعون ضدهم لعدم فحص قاع العين وهي من الأشياء الضرورية حال إعطاء الأكسجين للأطفال داخل الحضانات فضلا عما شهد به رئيس قسم الرمد بمستشفى قنا العام بأن القسم منشأ بالمستشفى منذ عام 2016 وبه أجهزة لفحص قاع العين للأطفال حديثي الولادة كما يجب عرض الطفل على طبيب أطفال وهو مالم يحدث مع ابنتها مما أضر بها وأفقدها بصرها بالإضافة الى أن تقرير اللجنة الثلاثية الذي استند الحكم في براءة المطعون ضدهما أوجب وجود أخصائي شبكية بالمستشفى ووجود جهاز فحص قاع العين في حالة إمكانية فصل الطفل عن الحضانة أو وجود فحص عين متنقل مع أخصائي الشبكية ولم يرفع الحكم ذلك التناقض بين أدلة الدعوى ، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
- ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الدعوى الجنائية قد فصل فيها بحكم نهائي - ولم تطعن النيابة العامة عليه - ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى في الدعوى المدنية – المقامة من المدعية بالحق المدني – بعدم اختصاصها بنظر الدعوى - تأسيسا على - عدم وجود إهمال أو تقصير في الإجراءات في حق الفاعلين للجريمة المطلوب التعويض عنها ، فإن الحكم بهذه المثابة يمس أسس الدعوى المدنية مساساً يقيد حرية القاضي المدني ، ومن ثم يعد منهياً للخصومة - على خلاف ظاهره – لأن المحكمة المدنية سوف تتقيد حتما بقوة الامر المقضي للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية وفق نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية التي يعمل بحكمها لدى المحاكم المدنية ، وليس لدى المحاكم الجنائية وهي تنظر الدعوى المدنية بالتبعية للدعوى الجنائية – مما لازمه القضاء برفض الدعوى المدنية دون إعادة بحث عناصر الجريمة ، فإن الطعن في هذا الحكم يكون جائزاً .
--------------------------
الوقــــــــائــــع
- ومن حيث إن الوقائع تتحصل في أن النيابة العامة قدمت المتهمون/ ...... – للمحاكمة الجنائية - بوصف أنهم - في غضون شهر أغسطس 2018 بدائرة قسم شرطة قنا - محافظة قنا – تسببوا خطأ في إصابة المجني عليها الطفلة / .... وكان ذلك ناشئا عن إهمالهم وعدم احترازهم وإخلالهم الجسيم بما تفرضه عليهم أصول مهنة الطب بأنهم لم يتبعوا في علاجها التعليمات والأصول الطبية الصحيحة المتعارف عليها فأحدثوا بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي المرفق بالتحقيقات وقد تخلف لدى المجني عليها من جراء تلك الإصابة فقد تام للإبصار النافع بكلا العينين يقدر بعاهة مستديمة نسبتها 100 % على النحو المبين بالتحقيقات.
- وطلبت عقابهم بالمادة رقم 244 / 1، 2 من قانون العقوبات والمادة رقم 116 مكررا من القانون 12 لسنة 1996 بشأن الطفل المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008.
- وتوجز الوقائع فيما قررته استدلالا – وشهدت به بالتحقيقات المدعية بالحق المدني / ..... – والدة الطفلة المجني عليها – أنها وضعت طفلين – ذكر وأنثى – في الشهر السادس الرحمي في مستشفى الشفاء بتاريخ 20 / 7 / 2018 مما استلزم وضعهما بالحضانة لسوء حالتهما الصحية وتوفى الطفل الذكر عقب ولادته بخمسة عشر يوما بينما نقلت الطفلة المجني عليها بمعرفتها لحضانة مستشفى قنا العام بتاريخ 31 / 7 / 2018 نظرا لارتفاع تكاليف حضانة مستشفى الشفاء الخاصة ومكثت بها ما يقرب من شهر ثم تقرر خروجها بتاريخ 5 / 9 / 2018 وتسلمتها الشاكية من احدى الممرضات بالمستشفى وعقب ثلاثة أشهر من خروج الطفلة من الحضانة لاحظت الشاكية عدم استجابة ابنتها المجني عليها للمؤثرات الخارجية فلجأت الى أكثر من طبيب مختص بعلاج حالات الرمد فأخبروها بأن ابنتها فقدت الإبصار على إثر نزيف وانفصال الشبكية نتيجة عدم الاهتمام بحالتها أثناء تواجدها بالحضانة لتعرضها لزيادة نسبة الأكسجين بالحضانة واتهمت أطباء الأطفال الذين باشروا علاج ابنتها بمستشفى الشفاء الخاصة ومستشفى قنا العام بالإهمال في رعايتها مما تسبب في فقد إبصارها وادعت مدنيا قبلهم بمبلغ خمسة مليون جنية وإلزامهم بالمصاريف والاتعاب.
- وشهد / ..... – أخصائي أطفال – بمستشفى الشفاء الخاصة – بأنه هو الذي أجرى عملية الولادة للشاكية التي وضعت توأم – ذكر وأنثى – يعانيان من صعوبة بالتنفس لنقص نمو الرئة ونقص في الوزن فضلا عن أن الام كانت تعاني من مرض السكري.
- وشهد / ..... – رئيس قسم الرمد بمستشفى قنا العام – بأن قسم الرمد بمستشفى قنا العام منشأ منذ عام 2016 ويستقبل جميع الحالات المحولة إليه سواء من داخل المستشفى أو خارجها ويوجد بالقسم أخصائيين وأجهزة لفحص قاع عين الأطفال حديثي الولادة أما الحالات التي تستدعي استشاري يتم تحويلها الى مستشفى قنا الجامعي أو أسيوط الجامعي أما عن الإجراءات المتبعة عند فحص قاع العين لحديثي الولادة وأكد على أنه يجب عرض المولود على طبيب أطفال لبيان ما إذا كان الطفل يمكنه احتمال جرعة البنج من عدمه إذ يتعين في الحالة الأخيرة تأجيل الفحص.
- وثبت فنيا بتقرير الطب الشرعي – أنه بتوقيع الكشف الطبي – على الطفلة / ..... – تبين أن ما حدث لها هو اعتلال الشبكية الخداجي الذي أدى الى فقد الابصار التام والنهائي بكلا العينين وأن الطفلة ناقصة النمو الرحمي إذ ولدت على عمر رحمي 27 أسبوع ووزن حوالي واحد كيلو جرام – وأن ذلك الاعتلال من المضاعفات الطبية الوارد حدوثها في مثل هؤلاء الأطفال إذا لم تتم متابعة العينين أثناء نمو الطفل بعد الولادة ، وأن مرض الاعتلال الخداجي للشبكية وارد مع الأطفال ناقصي النمو الرحمي والوزن لذا يجب مراقبة حالة الشبكية والعينين بالتزامن مع مراقبة الحالة العامة للطفلة حتى يتم التأكد من النمو الطبيعي للأوعية الدموية بشبكية العين أو النمو الغير طبيعي لها وبالتالي الكشف المبكر عن الحالة وبداية ظهورها ومن ثم المسارعة بالتدخلات العلاجية اللازمة وعليه يجب فحص الأطفال الخدج في مجموعة الخطر من حيث اعتلال الشبكية سواء الذين يولدون في وقت مبكر أو في حالة انخفاض الوزن عند الولادة حيث يجب أن تتم متابعة جميع الرضع الذين ولدوا في وقت سابق قبل 35 أسبوع رحمي بوزن أقل من 2000 جرام عند الولادة ، وكلا العنصرين آنفي البيان قد تحققا في حالة الطفلة المجني عليها وعليه يجب توفير المتابعة حتى اكتمال الاوعية الدموية بشبكية العين وأنه غالبا ما يظهر اعتلالها في الأطفال الخدج في الأسابيع من 6 الى 8 بعد الولادة ولذا ينبغي إجراء الفحص الأول في الأسبوع الرابع بعد الولادة أو في الأسبوع 31 ، 32 من الحمل كما يجب أن يتكرر فحص قاع العين على فترات متقاربة وفقا لمرحلة الاعتلال وحتى اكتمال الاوعية الدموية لشبكية العين أو حتى يصل تطور المرض الى ضرورة التدخل العلاجي ، وأن هناك تقصير يمكن نسبته لأطباء الأطفال الذين باشروا حالة الطفلة بمستشفى قنا العام وذلك مرجعه عدم عرضهم الطفلة على أطباء الرمد في الفترة المستلزمة العرض لمتابعة مدى تطور ونمو أوعية الشبكية ، ويستبعد أطباء مستشفى الشفاء من ذلك التقصير نظرا لأن أول فحص يجب إجراءه لحالة العينين يكون في الأسبوع الرابع من الولادة وتوقيت ذلك الفحص يقع في الفترة التي قضتها الطفلة بمستشفى قنا العام ، وتخلف لدى الطفلة المجني عليها – من جراء ما حدث من تقصير في متابعة حالة العينين فقد تام للإبصار النافع بكلا العينين وهو ما يعتبر عاهة مستديمة يتعذر تحديد نسبتها على وجه اليقين وذلك مرجعه عدم معرفة حالة العينين قبل حدوث المضاعفات بهما إلا أنه من المعروف طبيا أن الفقد التام للإبصار النافع في عينين سليمتين يعتبر عاهة مستديمة تقدر نسبتها 100% ، ويجب أن يؤخذ في الاعتبار أن إعطاء الاكسجين للأطفال الخدج لهو أمر في غاية الأهمية والخطورة بحيث إن محاولة منع أو تقليل الاكسجين الداخل الى الطفل الخديج قد يؤدي الى مضاعفات خطيرة تتمثل في نقص الاكسجين الواصل الى المخ ومختلف أحشاء الجسم مما يؤدي الى الشلل الدماغي وضمور المخ والاحشاء وقد تصل تلك المضاعفات الى الوفاة ومن ثم يجب أن يكون هناك الكثير من الحذر في التعامل مع مثل تلك الحالات بحيث تتم مراقبة العينين عن كثب حال إعطاء الطفل الاكسجين اللازم له عند ظهور أية بادرة خطورة تشير الى تغير من نهج تكوين الاوعية الدموية بالشبكية ويتم التدخل العلاجي معها على الفور.
- وشهد / ...... – الطبيب الشرعي – بمضمون ما ورد بالتقرير وأضاف بأن الأطباء الذين يقع عليهم مسئولية ما آلت اليه حالة المجني عليها هم الاستشاريون والاخصائيون ومساعدي الاخصائيون بمستشفى قنا العام وقد استبعد الأطباء المقيمين من المسئولية نظرا لأنهم أطباء يعملون بالمستشفيات بطبيعة تدريبية ولا يسألون عما يتم من خطط علاجية للمريض حيث يكونوا تحت اشراف من هم أكثر منهم خبرة وعلما – كما أضاف أنه باطلاعه على التقارير الطبية الفنية التي دونها المتهمين بشأن الإجراءات العلاجية التي اتخذوها حيال الطفلة المجني عليها – لم يجد فيها ما يغير الرأي الفني آنف البيان.
- ثبت فنيا بتقرير اللجنة الثلاثية بمصلحة الطب الشرعي – أن اللجنة تبينت تضاربا شديدا فيما يخص مدى توافر أجهزة فحص قاع العين المتنقلة وتوافر المختصين العالمين للفحص الطبي للشبكية فقد أكد رئيس قسم الرمد بمستشفى قنا العام على توافر كافة الأجهزة الخاصة بفحص قاع العين لدى سؤاله – إلا أن بيان جمعية أطباء العيون بصعيد مصر والافادات الصادرة من مستشفى قنا العام وإفادة حصر الأجهزة وملفات العلاج المقدمة من المتهمين لأطفال آخرين تؤكد على عدم وجود الأجهزة اللازمة لعمل فحص قاع العين باستخدام الجهاز المتنقل وعلى عدم وجود استشاري شبكية بالمستشفى ، وتتفق اللجنة مع استشاري طب الأطفال بمصلحة الطب الشرعي من أن الخطة العلاجية المتبعة من قبل أطباء حديثي الولادة بمستشفى قنا العام في علاج الطفلة المجني عليها قد وافقت الأصول الطبية السليمة المتبعة ، وترى اللجنة اتفاقا مع المراجع العلمية والآراء الطبية – أن إصابة الطفلة باعتلال الشبكية للأطفال حديثي الولادة (الخدج) يعتبر مضاعفة واردة الحدوث من أشهر المضاعفات الواردة بالمراجع العلمية والتي يكون سببها راجعا بالأساس لولادة الطفلة في وقت مبكر (عدم اكتمال النمو وعدم اكتمال الأشهر الرحمية ) وليس لثمة خطأ أو اهمال أو تقصير في الإجراءات العلاجية ، وترى اللجنة بالرجوع للمراجع العلمية أن الفحص المسحي الخاص باكتشاف اعتلال الشبكية للأطفال حديثي الولادة بالحضانات للأطفال ناقصي الأشهر الرحمية (أقل من 30 أسبوع) بوزن أقل من 1.5 كجم يبدأ بعد انتهاء أربعة أسابيع (شهر) من الولادة – بداية من الأسبوع الخامس ويستمر وقته في بعض المراجع العلمية حتى الأسبوع السابع بعد الولادة ، ويعتمد إجراء الفحص على وجود أخصائي مختص بالشبكية وعلى وجود جهاز فحص قاع العين في حالة إمكانية فصل الطفل من الحضانة أما في حالة عدم إمكانية فصل الطفل من الحضانة كما في حالة الطفلة المجني عليها فإنه يتطلب وجود جهاز فحص عين متنقل مع أخصائي الشبكية كما يتطلب الفحص عند الشك في وجود اعتلال بالشبكية أجهزة كاميرات رقمية عالية التقنية وقد تواترت الأوراق على عدم وجود تلك الأجهزة بمستشفى قنا العام أثناء وجود الطفلة المجني عليها بها وحتى تاريخه ، وأنه طبقا لما اطلعت عليه اللجنة من إفادة الجمعية الرمدية المصرية ومنشورات الإدارة العامة لطب العيون فإنه لم يكن هناك بروتوكول متبع للمسح الشبكي للأطفال حديثي الولادة للحضانات بجمهورية مصر العربية وأن القرار قد صدر في 31 / 5 / 2021 (بعد واقعة الطفلة المجني عليها بحوالي ثلاث سنوات) وقد أوقف العمل به بعد يومين من صدوره لحين استكمال البروتوكول الخاص بالمسح الشبكي مما يعني أنه لم يكن هناك بروتوكول ملزم لإجراء فحص الشبكية للأطفال حديثي الولادة ناقصي النمو (الخدج) بالحضانات داخل جمهورية مصر العربية أثناء تواجد الطفلة المجني عليها بوحدة حديثي الولادة بمستشفى قنا العام في الفترة من 31 / 7 / 2018 وحتى 5 / 9 / 2018 ، وأفاد تقرير الأستاذ الدكتور استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة بأنه كان يتوجب على الطبيب المسئول عن خروج الطفلة من الحضانة إعطاء تعليمات كتابية أو عمل تحويل مباشر مكتوبا لفحص عيني الطفلة المجني عليها هذا وإن كون التعليمات تعطى شفاهه أو كتابة فهو أمر تسأل عنه إدارة المستشفى والبروتوكول المعمول به في وحدة حديثي الولادة بمستشفى قنا العام وإن صح ما ورد بوجوب إعطاء التعليمات كتابيا فإن ذلك يعد تقصيرا من قبل الأطباء المسئولين عن خروج الطفلة المجني عليها من الحضانة ، ونظرا لعدم وجود ثمة بيانات أو تقارير فحص شبكية خاصة بالطفلة المجني عليها عقب خروجها من الحضانة مباشرة وحيث إن أول فحص لعيني الطفلة كان بعد مرور شهر ونصف من خروجها من الحضانة مما يتعذر معه الجزم بالمرحلة التي كان عليها اعتلال الشبكية وقت خروج الطفلة المجني عليها من الحضانة وبالتالي يتعذر الجزم بتأثير التقصير بعدم وجود قرار أو تحويل مكتوب بفحص قاع العين – في حالة صحة وجوبه – على حالة عيني الطفلة المجني عليها ومدى وجود علاقة سببية مباشرة بين التأخير في الفحص وبين فقد الطفلة للإبصار.
- أنكر المتهمون ما نسب اليهم من اتهام – وأضافت الثامنة – بعدم وجود استشاري رمد متخصص بمستشفى قنا العام كما أن حالة الطفلة لا تسمح بنقلها لإجراء ذلك الفحص ، وأنها من صرحت بخروج الطفلة من الحضانة بتاريخ 29 / 8 / 2018 لتحسن حالتها وقد أوصت ذويها ببعض النصائح المتعلقة بالرضاعة – كما أضاف باقي المتهمين بأنهم اتخذوا قبل الطفلة الإجراءات الطبية المتعارف عليها وبشأن عدم عرضهم الطفلة المجني عليها على أطباء الرمد منهم من تعلل بعدم وجود أطباء رمد بالمستشفى ومنهم من قرر بتعقد إجراءات التحويل حيث تحتاج لأيام ومنهم من قرر بأن سوء الحالة الصحية للمجني عليها ولا تسمح بنقلها فضلا عن عدم بلوغ الطفلة السن المناسبة للعرض على استشاري الرمد.
- ومحكمة جنح قسم شرطة قنا قضت حضوريا بتوكيل في 30 من مايو سنة 2021 عملاً بمادتي الاتهام بحبس كل متهم سنتين مع الشغل وكفالة 50 جنيه وإلزامهم بأن يؤدوا للمدعية بالحق المدني أنغام جابر أمين مبلغ مائة ألف جنية على سبيل التعويض المدني المؤقت وألزمتهم بمصاريف الدعويين المدنية والجنائية، مبلغ 50 جنية أتعاب محاماة.
- استأنف المحكوم عليهم وقيد استئنافهم برقمي 2049 ، 6927 لسنة 2021 مستأنف قنا.
- ومحكمة قنا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا في 29 من نوفمبر سنة 2022 بقبول الاستئنافين شكلاً وفي موضوعهما بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا ببراءة المتهمين مما أسند إليهم من اتهام ورفض الدعوى المدنية المقامة من المدعية بالحق المدني قبل المتهمة الثامنة وألزمتها مصاريفها ومبلغ 75 جنية مقابل أتعاب المحاماة وبعدم اختصاص المحكمة بالدعوى المدنية المقامة قبل باقي المتهمين.
- فطعنت المدعية بالحق المدني في هذا الحكم بطريق الطعن بالنقض.
- وقيد طعنها برقم 5851 لسنة 14 قضائية وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بذات التاريخ.
-ونظر الطعن أمام هذه المحكمة وحضرت المدعية بالحق المدني بشخصها ومعها محام وقدمت ثلاث حوافظ مستندات ومذكرة بالدفاع وطلب الحاضر معها إعادة المأمورية الى لجنة خماسية من أساتذة كلية الطب جامعة عين شمس على أن يكون من بين أعضائها أحد أساتذة الطب الشرعي تكون مهمتها الاطلاع على كافة مستندات الدعوى والتقريرين الطبيين الشرعيين لبيان وجه الخطأ في الحالة المرضية للطفلة المجني عليها مع تكفل المدعية بالحق المدني بسداد الأمانة – وتبين للمحكمة ضم المفردات – وكانت الدعوى بحالتها هذه صالحة للفصل فيها – فقررت المحكمة حجزها للقرار لجلسة اليوم.
-----------------
المحكمة
- بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر وبعد المداولة قانونا: -
- ومن حيث إنه من المقرر أن ركن الخطأ أو الإهمال هو العنصر المميز في الجرائم غير العمدية ، وأنه يجب لسلامة القضاء بالإدانة في جريمة يشوبها الإهمال أو الخطأ - أن يبين الحكم كنه الخطأ أو الإهمال الذي وقع من المتهم ورابطة السببية بين الخطأ أو الإهمال والضرر بحيث لا يتصور وقوع الضرر بغير هذا الخطأ أو الاهمال، وإذا انتفى الخطأ أو الإهمال امتنعت المسؤولية ، والخطأ الذي يقع عموما من الافراد في الجرائم غير العمدية يتوافر متى تصرف الشخص تصرفاً لا يتفق والحيطة التي تقضي بها ظروف الحياة العادية – وقد عبر الشارع عن الركن المعنوي في صورة الخطأ بلفظ (أهمل) والإهمال في ذاته هو أحد صور الخطأ ، وعلى النيابة أن تقيم الدليل على تعريض الأشخاص للانحراف أو سلامتهم للخطر والذي يرجع الى اهمال من جانب المتهم بالمعنى المحدد لهذا الإهمال في النظرية العامة للقانون الجنائي . فيراد به اتخاذ سلوك مغاير لما كان واجبا في واقع الحال اتخاذه من سلوك وخمول إرادته في الحيلولة دون نشوء الضرر من هذا السلوك وتعريض سلامة الأشخاص للانحراف أو للخطر.
- ومن المقرر أن مسئولية الأطباء تخضع للقاعدة العامة وأنه متى تحقق القاضي وثبت لديه الخطأ المنسوب إلى الطبيب سواء كان مهنياً أو غير مهني جسيماً كان أو يسيراً فإنه يتعين مساءلة الطبيب عن خطئه، ذلك أن إباحة عمل الطبيب مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقاً للأصول العلمية المقررة فإذا فرط في إتباع هذه الأصول أو خالفها؛ حقت عليه المسئولية بحسب تعمده الفعل أو نتيجة إهماله وتقصيره أو عدم تحرزه في أداء عمله والتزام الطبيب في أداء فنه هو التزام ببذل عناية والعناية المطلوبة من الطبيب تقتضي منه أن يبذل لمريضه جهوداً صادقة يقظة تتفق مع الأصول المستقرة في عالم الطب؛ فيسأل الطبيب عن كل تقصير في مسلكه الطبي لا يقع من طبيب يقظ في مستواه المهني وجد في نفس الظروف، كما يسأل عن خطئه العادي أيا كانت درجة جسامته، وأن تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث توجب مساءلة كل من أسهم فيها أياً كان قدر الخطأ المنسوب إليه يستوي أن يكون سبباً مباشراً أو غير مباشر. وكان من المقرر، إن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستمداً إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق.
- ومن المقرر أنه إذا تعددت الآراء بالنسبة لخطأ رجال الفن بين من يرى التفرقة بين الخطأ المادي الذى يرجع إلى انحراف الشخص عما تمليه قواعد الخبرة الإنسانية العامة من وجوب تقيد الناس كافة ومنهم رجال الفن في مهنتهم بحد أدنى من الحيطة والحذر حتى لا ينجم عن هذا الانحراف ضرر بالآخرين، والخطأ الفني الذى هو انحراف شخص ينتمى إلى وظيفة أو مهنة أو حرفة معينة عن الأصول التي تحكم تلك المهنة وتقيد أهلها عند ممارستهم لها، ومن يرى أنه يجب التفرقة في داخل الخطأ الفني بين الجسيم منه واليسير ورأى يرى أنه يتعين أن تطبق على رجال الفن القواعد العامة التي تحدد عناصر الخطأ غير العمدى سواء كان مادياً أو مهنياً، وأياً كانت درجته جسيما كان أو يسيراً فيسأل رجل الفن عن كل تقصير في مسلكه الفني لا يقع من رجل فن يقظ في مستواه المهني وجد في نفس الظروف، ويمثل هذا الرأي ما استقرت عليه الآن أحكام القضاء، ويزكيه أن المشرع جعل الخطأ المهني ظرفاً مشدداً في جريمة القتل والإصابة الخطأ، فدل بذلك على أنه اذا كان انحراف الطبيب الذى أدى إلى وفاة المريض؛ يرجع إلى الإخلال بواجبات الحيطة والحذر العامة كان عقابه طبقا للفقرة الأولى من نص المادة 244 من قانون العقوبات، فإذا توافر في حقه ظرفاً مشدداً كمخالفة ما تفرضه عليه أصول مهنته كان عقابه بالمناسب من الفقرة الثانية من المادة المار ذكرها. وكان من المقرر أنه متى كانت عباره القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك، ولا الخروج عن النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه.
- لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم – ولو كان صادرا بالبراءة – على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلا ، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الاسانيد والحجج المبني عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون ، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماه أو وضعه في صورة مجهلة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الاحكام ، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون على الواقعة كما صار اثباتها في الحكم ، كما أن من المقرر أن محكمة الموضوع وإن كان لها أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة الى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الاثبات ، وإذا كان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعرض لركن الخطأ الذي هو العنصر المميز في الجرائم غير العمدية وبيان مدى توافره في جانب المطعون ضدهم ، ذلك بعد أن أورد أقوال المدعية بالحق المدني (الطاعنة) وأقوال رئيس قسم الرمد بمستشفى قنا العام وتقرير الطب الشرعي الأولي بمصلحة الطب الشرعي بقنا وسؤال مجريه على النحو السالف دون أن يرفع التناقض بين تلك الأدلة وبين تقرير اللجنة الثلاثية الذي استند اليه في براءة المطعون ضدهم على النحو الذي سطره الحكم المطعون فيه فضلا عن أن تقرير اللجنة الثلاثية قد شابه بعض التناقض في نتيجته النهائية أنه بالرجوع للمراجع العلمية أن الفحص المسحي الخاص باكتشاف اعتلال الشبكية للأطفال حديثي الولادة بالحضانات للأطفال ناقصي الأشهر الرحمية (أقل من 30 أسبوع) بوزن أقل من 1.5 كجم يبدأ بعد انتهاء أربعة أسابيع (شهر) من الولادة – بداية من الأسبوع الخامس ويستمر وقته في بعض المراجع العلمية حتى الأسبوع السابع بعد الولادة ، في حين أن الثابت من أقوال المدعية بالحق المدني أن الطفلة المجني عليها مكثت بالحضانة ما يقرب من شهر ثم تقرر خروجها لتحسن حالتها دون إعطاء تعليمات بشأنها سوى ما يتعلق بالرضاعة فقط أي أنه كانت هناك إمكانية من إجراء الفحص المسحي الخاص باعتلال الشبكية للطفلة الجني عليها بمعرفة استشاري شبكية سواء داخل المستشفى لوجود قسم رمد بها منشأ قبل الواقعة أو نقلها الى مستشفى أخرى لإجراء هذا الفحص لا سيما وأن حالتها تسمح بذلك لخروجها من الحضانة لتحسن حالتها ، كما أضاف التقرير بأنه كان يتوجب على الطبيب المسئول عن خروج الطفلة من الحضانة إعطاء تعليمات كتابية أو عمل تحويل مباشر مكتوبا لفحص عيني الطفلة المجني عليها هذا وإن كون التعليمات تعطى شفاهه أو كتابة فهو أمر تسأل عنه إدارة المستشفى والبروتوكول المعمول به في وحدة حديثي الولادة بمستشفى قنا العام وإن صح ما ورد بوجوب إعطاء التعليمات كتابيا فإن ذلك يعد تقصيرا من قبل الأطباء المسئولين عن خروج الطفلة المجني عليها من الحضانة ، ونظرا لعدم وجود ثمة بيانات أو تقارير فحص شبكية خاصة بالطفلة المجني عليها عقب خروجها من الحضانة مباشرة وحيث إن أول فحص لعيني الطفلة كان بعد مرور شهر ونصف من خروجها من الحضانة مما يتعذر معه الجزم بالمرحلة التي كان عليها اعتلال الشبكية وقت خروج الطفلة المجني عليها من الحضانة وبالتالي يتعذر الجزم بتأثير التقصير بعدم وجود قرار أو تحويل مكتوب بفحص قاع العين – في حالة صحة وجوبه – على حالة عيني الطفلة المجني عليها ومدى وجود علاقة سببية مباشرة بين التأخير في الفحص وبين فقد الطفلة للإبصار ، فتارة يروي التقرير بوجود تقصير وتارة أخرى ينفي هذا التقصير وثالثة بتعذر الجزم بتأثير التقصير على حالة المجني عليها ومدى وجود علاقة سببية مباشرة بين التأخير في الفحص وبين فقد الطفلة للإبصار ، وكانت أسباب الحكم جاءت في بيان مجمل لا يبين منه أن المحكمة قد عرضت لركن الخطأ واستدلت على عدم توافره في جانب المطعون ضدهم ، فإن كل ذلك ينبئ عن أن المحكمة أصدرت حكمها المطعون فيه بغير إحاطة بظروف الدعوى وتمحيص لأدلتها ، مما يصم الحكم بعيب القصور - ومن ثم - فيتعين القضاء ببطلانه وبنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لما قضى به في الدعوى المدنية ، ولما كانت الدعوى بحالتها هذه صالحة للفصل في موضوعها دونما إجراء تحقيق موضوعي بشأن الدعوى المدنية – وقد ضمت مفرداتها – ومن ثم - تقضي المحكمة في موضوع الدعوى المدنية لا سيما وأن النيابة العامة لم تطعن على الشق الجنائي.
- ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى المدنية المقامة من المدعية بالحق المدني بصفتها والدة الطفلة المجني عليها فلما كانت هذه المحكمة تطمئن الى شهادة المدعية بالحق المدني ، ورئيس قسم الرمد بمستشفى قنا العام والى تقرير الطب الشرعي الاولي الصادر من مصلحة الطب الشرعي بقنا والذي انتهى في نتيجته النهائية الى أنه بتوقيع الكشف الطبي – على الطفلة / ..... – تبين أن ما حدث لها هو اعتلال الشبكية الخداجي الذي أدى الى فقد الابصار التام والنهائي بكلا العينين وأن الطفلة ناقصة النمو الرحمي إذ ولدت على عمر رحمي 27 أسبوع ووزن حوالي واحد كيلو جرام – وأن ذلك الاعتلال من المضاعفات الطبية الوارد حدوثها في مثل هؤلاء الأطفال إذا لم تتم متابعة العينين أثناء نمو الطفل بعد الولادة ، وأن مرض الاعتلال الخداجي للشبكية وارد مع الأطفال ناقصي النمو الرحمي والوزن لذا يجب مراقبة حالة الشبكية والعينين بالتزامن مع مراقبة الحالة العامة للطفلة حتى يتم التأكد من النمو الطبيعي للأوعية الدموية بشبكية العين أو النمو الغير طبيعي لها وبالتالي الكشف المبكر عن الحالة وبداية ظهورها ومن ثم المسارعة بالتدخلات العلاجية اللازمة وعليه يجب فحص الأطفال الخدج في مجموعة الخطر من حيث اعتلال الشبكية سواء الذين يولدون في وقت مبكر أو في حالة انخفاض الوزن عند الولادة حيث يجب أن تتم متابعة جميع الرضع الذين ولدوا في وقت سابق قبل 35 أسبوع رحمي بوزن أقل من 2000 جرام عند الولادة ، وكلا العنصرين آنفي البيان قد تحققا في حالة الطفلة المجني عليها وعليه يجب توفير المتابعة حتى اكتمال الاوعية الدموية بشبكية العين وأنه غالبا ما يظهر اعتلالها في الأطفال الخدج في الأسابيع من 6 الى 8 بعد الولادة ولذا ينبغي إجراء الفحص الأول في الأسبوع الرابع بعد الولادة أو في الأسبوع 31 ، 32 من الحمل كما يجب أن يتكرر فحص قاع العين على فترات متقاربة وفقا لمرحلة الاعتلال وحتى اكتمال الاوعية الدموية لشبكية العين أو حتى يصل تطور المرض الى ضرورة التدخل العلاجي ، وأن هناك تقصير يمكن نسبته لأطباء الأطفال الذين باشروا حالة الطفلة بمستشفى قنا العام وذلك مرجعه عدم عرضهم الطفلة على أطباء الرمد في الفترة المستلزمة العرض لمتابعة مدى تطور ونمو أوعية الشبكية ، وتوقيت ذلك الفحص يقع في الفترة التي قضتها الطفلة بمستشفى قنا العام ، وتخلف لدى الطفلة المجني عليها – من جراء ما حدث من تقصير في متابعة حالة العينين فقد تام للإبصار النافع بكلا العينين وهو ما يعتبر عاهة مستديمة يتعذر تحديد نسبتها على وجه اليقين وذلك مرجعه عدم معرفة حالة العينين قبل حدوث المضاعفات بهما إلا أنه من المعروف طبيا أن الفقد التام للإبصار النافع في عينين سليمتين يعتبر عاهة مستديمة تقدر نسبتها 100% ، ويجب أن يؤخذ في الاعتبار أن إعطاء الاكسجين للأطفال الخدج لهو أمر في غاية الأهمية والخطورة بحيث إن محاولة منع أو تقليل الاكسجين الداخل الى الطفل الخديج قد يؤدي الى مضاعفات خطيرة تتمثل في نقص الاكسجين الواصل الى المخ ومختلف أحشاء الجسم مما يؤدي الى الشلل الدماغي وضمور المخ والاحشاء وقد تصل تلك المضاعفات الى الوفاة ومن ثم يجب أن يكون هناك الكثير من الحذر في التعامل مع مثل تلك الحالات بحيث تتم مراقبة العينين عن كثب حال إعطاء الطفل الاكسجين اللازم له عند ظهور أية بادرة خطورة تشير الى تغير من نهج تكوين الاوعية الدموية بالشبكية ويتم التدخل العلاجي معها على الفور، وشهد مجري التقرير بمضمون ما ورد به وأضاف بأن الأطباء الذين يقع عليهم مسئولية ما آلت اليه حالة المجني عليها هم الاستشاريون والاخصائيون ومساعدي الاخصائيون بمستشفى قنا العام – كما أضاف أنه باطلاعه على التقارير الطبية الفنية التي دونها المتهمين بشأن الإجراءات العلاجية التي اتخذوها حيال الطفلة المجني عليها – لم يجد فيها ما يغير الرأي الفني آنف البيان.
- لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت الى الأدلة السالفة بشأن الدعوى المدنية وطرحت ما عداها لعدم اطمئنانها إليها ، وكان المقرر أن مسئولية الأطباء تخضع للقاعدة العامة وأنه متى تحقق القاضي وثبت لديه الخطأ المنسوب إلى الطبيب سواء كان مهنياً أو غير مهني جسيماً كان أو يسيراً فإنه يتعين مساءلة الطبيب عن خطئه، ذلك أن إباحة عمل الطبيب مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقاً للأصول العلمية المقررة فإذا فرط في إتباع هذه الأصول أو خالفها؛ حقت عليه المسئولية بحسب تعمده الفعل أو نتيجة إهماله وتقصيره أو عدم تحرزه في أداء عمله والتزام الطبيب في أداء فنه هو التزام ببذل عناية والعناية المطلوبة من الطبيب تقتضي منه أن يبذل لمريضه جهوداً صادقة يقظة تتفق مع الأصول المستقرة في عالم الطب؛ فيسأل الطبيب عن كل تقصير في مسلكه الطبي لا يقع من طبيب يقظ في مستواه المهني وجد في نفس الظروف، كما يسأل عن خطئه العادي أيا كانت درجة جسامته، وأن تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث توجب مساءلة كل من أسهم فيها أياً كان قدر الخطأ المنسوب إليه يستوي أن يكون سبباً مباشراً أو غير مباشر. وكان من المقرر، إن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستمداً إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق – لما كان ذلك وكان تقرير الطب الشرعي الأولى قد أثبت وجود إهمال وتقصير في حق الأطباء المطعون ضدهم في توقيت عرض الطفلة على استشاري شبكية وفحص شبكية العينين لمتابعة مدى تطور ونمو أوعية الشبكية خلال الميعاد الذي حدده التقرير على النحو السالف وقرروا خروجها لتحسن حالتها دونما اتخاذهم هذا الاجراء الامر الذي يوفر الخطأ في حق الأطباء المطعون ضدهم لتقصيرهم في علاج الطفلة المجني عليها وعدم اتخاذهم الأصول الطبية الصحيحة بحقها مما أصابها بضرر مادي تمثل في تحميلها بأعباء مالية في عرضها على الأطباء المختصين عقب خروجها من الحضانة لفحص حالتها دون جدوى وما استتبعه ذلك من نفقات باهظة وما لازم ذلك من فقد الابصار فقدا تاما بكلتا عينيها مما قدره الطبيب الشرعي بنسبة 100% مما آلمها نفسيا لا سيما وقد كتب عليها أن تعيش بقية عمرها في الظلام فلم تعش طفولتها وقضى على مستقبلها ، وكان هذا الضرر نتيجة خطأ الأطباء المطعون ضدهم وتقصيرهم في اتخاذ الإجراءات الطبية الصحيحة قبلها وهو السبب في إحداثه وفقد بصرها بالكامل الأمر الذي يستوجب معه مساءلتهم بالمسئولية التقصيرية ويتعين معه إلزامهم بتعويضها عملاً بنص المادة 163 من القانون المدني مما يتعين معه القضاء بإلزام الأطباء المطعون ضدهما متضامنين بتعويضها على النحو الوارد بالمنطوق والمصاريف المدنية المناسبة عن الدرجتين وأتعاب المحاماة.
- لما كان ذلك فإن هذه المحكمة تنتهي إلى إلزام المطعون ضدهم بتعويض المدعية بالحقوق المدنية متضامنين –بالتعويض المدني المؤقت في حدود ما قضى به الحكم المطعون فيه وقدره مبلغ مائة ألف جنية على سبيل التعويض المدني المؤقت لتوافر مقوماته دونما زيادة لعدم طعن المدعية بالحق المدني بالاستئناف عليه وارتضائها الحكم الصادر من محكمة أول درجة، وإلزامهم بالمصاريف المدنية عن الدرجتين وأتعاب المحاماة عملا بنص المادتين 309، 320 من قانون الإجراءات الجنائية.

فلهــذه الأسبــاب
- حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وفى موضوع الدعوى المدنية بإلغاء ما قضى به الحكم المطعون فيه بشأنها والقضاء مجددا بإلزام المطعون ضدهم / ....... - متضامنين بأن يؤدوا للمدعية بالحق المدني ...... مبلغ مائة ألف جنية على سبيل التعويض المدني المؤقت ، وإلزامهم بالمصاريف المدنية عن الدرجتين وأتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق