جلسة 15 من مايو سنة 1976
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: الدكتور أحمد ثابت عويضة، ومحمد صلاح الدين السعيد ومحمود طلعت الغزالي، وجمال الدين إبراهيم وريدة - المستشارين.
-------------------
(60)
القضية رقم 509 لسنة 19 القضائية
(أ) دعوى - بطلان - بطلان عريضة الدعوى - محاماة.
النعي ببطلان عريضة الدعوى المطروحة أمام المحكمة التأديبية لعدم التوقيع عليها من محام - غير سديد - أساس ذلك أن المحاكم التأديبية لم تكن في حكم القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة (الذي أقام المدعي في ظله دعواه الماثلة) من عداد محاكم مجلس الدولة ومن ثم فإنها لا تخضع لحكم المادة 23 من قانون مجلس الدولة سالف الذكر التي أوجبت أن يكون رفع الدعوى أمام مجلس الدولة بعريضة موقعة من محام مقيد بجدول المحامين المقبولين أمام المجلس - يؤكد ذلك أن المادة الخامسة من قانون إصدار القانون رقم 55 لسنة 1959 المشار إليه لم تحدد المحامين المقبولين أمام المحاكم التأديبية شأن المحامين المقبولين أمام المحكمة الإدارية العليا ومحكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية كما أن جدول المحامين المشتغلين المنصوص عليه في المادة 56 من القانون رقم 61 لسنة 1968 بإصدار قانون المحاماة لا يشتمل على قسم خاص بالمحامين المقبولين أمام المحاكم التأديبية.
(ب) هيئات عامة - العاملون بالهيئات العامة - تأديب - عزل.
قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي بعزل أحد العاملين من الدرجة التاسعة بالهيئة - عدم جواز النعي بانعدام هذا القرار بمقولة صدوره من رئيس مجلس إدارة الهيئة غصباً لسلطة المحكمة التأديبية صاحبة الاختصاص الأصيل في هذا الشأن - أساس ذلك أن الواضح من نصوص قانون الهيئات العامة الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1963 أن العاملين بالهيئات العامة إنما يخضعون كأصل عام في شئون التوظف إلى الأحكام المنصوص عليها سواء في قرار إنشاء الهيئة أو اللوائح التي يضعها مجلس الإدارة والثابت من استقراء لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة للتأمين الصحي الصادر بالقرار الجمهوري رقم 30 لسنة 1968 أن الهيئة قد استثنيت من أحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 في شأن سريان أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفي المؤسسات والهيئات العامة إذ نصت اللائحة على أن لرئيس مجلس الإدارة توقيع عقوبة الفصل على العاملين شاغلي أدنى الدرجات حتى الدرجة الثامنة ومن ثم تكون اللائحة سالفة الذكر فيما تناولته من أحكام في مجال التأديب مطابقة للقانون ولو انطوت على مغايرة لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار إليه.
------------------
1 - إن النعي ببطلان عريضة الدعوى لعدم التوقيع عليها من محام، غير سديد، ذلك أن المحاكم التأديبية لم تكن في حكم القانون رقم 55 لسنة 1959 الذي أقام المدعي (المطعون ضده) - في ظله - دعواه الماثلة، من عداد محاكم مجلس الدولة ومن ثم فإنها لا تخضع لحكم المادة 23 من قانون مجلس الدولة المتقدم التي أوجبت أن يكون رفع الدعوى أمام مجلس الدولة بعريضة موقعة من محام مقيد بجدول المحامين المقبولين أمام المجلس، وذلك بمراعاة أن المادة الخامسة من قانون إصدار القانون رقم 55 لسنة 1959 المشار إليه لم تحدد المحامين المقبولين أمام المحاكم التأديبية شأن المحامين المقبولين أمام المحكمة الإدارية العليا ومحكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية، كما أن جدول المحامين المشتغلين المنصوص عليه في المادة 56 من القانون رقم 61 لسنة 1968 بإصدار قانون المحاماة لا تشتمل على قسم خاص بالمحامين المقبولين أمام المحاكم التأديبية أسوة بمحكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا ومحكمة الاستئناف ومحكمة القضاء الإداري والمحاكم الابتدائية والمحاكم الإدارية، كما لم تشترط المادة 87 من القانون آنف الذكر أن يكون تقديم صحف الدعاوى أمام المحاكم التأديبية موقعاً عليها من محام، وذلك كله مع الأخذ في الاعتبار أن المحاكم التأديبية ليست من المحاكم الإدارية التي عناها قانون مجلس الدولة، وغني عن البيان أن القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية الذي أنشأ المحاكم التأديبية قد جاء خلواً من النص على الشرط المتقدم، إذ كان اختصاص هذه المحاكم وفقاً لأحكامه مقصوراً على التأديب ولم يكن لها ثمة اختصاص بنظر الدعاوى التي تقام طعناً في القرارات التأديبية.
2 - إن القانون رقم 19 لسنة 1959 في شأن سريان أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفي المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة قد سن أحكام النظام التأديبي الذي يسري على العاملين بهذه الجهات وبين جميع مقوماته من حيث إجراء التحقيق وكيفية التصرف فيه والسلطات المختصة بتوقيع الجزاءات التأديبية، ولئن كان الأصل طبقاً لأحكام هذا القانون أن تختص المحاكم التأديبية المنشأة بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بمحاكمة العاملين الذين تجاوز مرتباتهم خمسة عشر جنيهاً شهرياً وذلك إذا ما رؤي أن المخالفة أو المخالفات التي وقعت منهم تستأهل توقيع جزاء أشد من الخصم من المرتب مدة تجاوز خمسة عشر يوماً، إلا أن المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار إليه قد أجازت لرئيس الجمهورية الاستثناء من هذا الحكم، فنصت على أنه "مع عدم الإخلال بحق الجهة التي يتبعها الموظف في الرقابة وفحص الشكاوى والتحقيق تسري أحكام المواد من "3" إلى "11" و"14" و"17" من القانون رقم 117 لسنة 1958 المشار إليه على: 1 - موظفي المؤسسات والهيئات العامة ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية استثناء بعض المؤسسات والهيئات العامة المشار إليها من تطبيق أحكام القانون.." وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه طبقاً لهذا النص يجوز لرئيس الجمهورية أن يستثني بعض المؤسسات والهيئات العامة من تطبيق كل أو بعض أحكام هذا القانون لاعتبارات يقدرها، وأن القرار الصادر بالاستثناء يجوز أن يكون صريحاً أو ضمنياً لأن القانون لم يتطلب فيه شكلاً معيناً، وإنما يجب في حالة الاستثناء الضمني أن يحمل القرار الدليل القاطع على وجوده كما لو صدر بعد العمل بالقانون رقم 19 لسنة 1959 وعهد ببعض الاختصاصات المخولة في القانون للمحاكم التأديبية إلى جهة أخرى.
ومن حيث إن قانون الهيئات العامة الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1963 قد نص في مادته الأولى على أن "يجوز بقرار من رئيس الجمهورية إنشاء هيئة عامة، لإدارة مرفق مما يقوم على مصلحة أو خدمة عامة، وتكون لها الشخصية الاعتبارية كما نص في مادته السادسة على أن "يتولى إدارة الهيئة العامة مجلس إدارتها.." وبين في المادة السابعة اختصاصات مجلس الإدارة فنص على أن مجلس إدارة الهيئة هو السلطة العليا المهيمنة على شئونها وتصريف أمورها واقتراح السياسة العامة التي تسير عليها وله أن يتخذ ما يراه لازماً من القرارات لتحقيق الغرض الذي قامت من أجله وفقاً لأحكام هذا القانون وفي الحدود التي يبينها قرار رئيس الجمهورية الصادر بإنشاء الهيئة وله على الأخص: (1) إصدار القرارات واللوائح الداخلية والقرارات المتعلقة بالشئون المالية والإدارية والفنية للهيئة دون التقيد بالقواعد الحكومية (2) وضع اللوائح المتعلقة بتعيين موظفي الهيئة وعمالها وترقيتهم ونقلهم وفصلهم وتحديد مرتباتهم وأجورهم ومكافآتهم ومعاشاتهم وفقاً لأحكام هذا القانون وفي حدود قرار رئيس الجمهورية الصادر بإنشاء الهيئة.." ونص في المادة 13 منه على أن "تسري على موظفي وعمال الهيئات العامة أحكام القوانين المتعلقة بالوظائف العامة فيما لم يرد بشأنه نص خاص في القرار الصادر بإنشاء الهيئة أو اللوائح التي يضعها مجلس الإدارة" والواضح بجلاء من النصوص المتقدمة أن العاملين بالهيئات العامة إنما يخضعون كأصل عام في شئون التوظف إلى الأحكام المنصوص عليها سواء في قرار إنشاء الهيئة أو اللوائح التي يضعها مجلس الإدارة، ومن ثم لا تسري أحكام القوانين المتعلقة بالوظائف العامة إلا فيما لم يرد به نص خاص في ذلك القرار أو تلك اللوائح.
ومن حيث إنه بتاريخ 24 من مارس سنة 1964 أصدر السيد رئيس الجمهورية القرار رقم 120 لسنة 1964 في شأن الهيئة العامة للتأمين الصحي وفروعها للعاملين في الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة ناصاً في مادته الرابعة بأن "مجلس إدارة الهيئة هو السلطة العليا المهيمنة على شئونها وتصريف أمورها واقتراح السياسة العامة التي تسير عليها وله أن يتخذ ما يراه لازماً من القرارات لتحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله وذلك في حدود السياسة العامة (هـ) وضع مشروعات اللوائح المتعلقة بتعيين العاملين في الهيئة وفروعها وترقياتهم وتنقلاتهم وفصلهم وتحديد مرتباتهم وأجورهم ومكافآتهم التي يضعها المجلس الأعلى للتأمين الصحي وله على الأخص ما يأتي:.. ومعاشاتهم وإجازاتهم ويصدر بها قرار من رئيس الجمهورية.." واستناداً لهذا النص الأخير أصدر السيد رئيس الجمهورية القرار رقم 30 لسنة 1968 بإصدار لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة للتأمين الصحي وباستعراض أحكام هذه اللائحة تبين أنها قد تناولت كل ما يتعلق بشئون العاملين بالهيئة سواء من حيث تعيينهم أو ترقيتهم أو تحديد مرتباتهم أو نقلهم أو تأديبهم أو انتهاء خدمتهم كما بينت سلطات كل من رئيس مجلس الإدارة ومدير عام الهيئة في شأن هؤلاء العاملين، وإذ كانت اللائحة المتقدمة قد انتظمت القواعد والأحكام الخاصة بتأديب العاملين بالهيئة العامة للتأمين الصحي في كل مناسبة بدءاً من التحقيق إلى بيان الجزاءات التي يجوز توقيعها على هؤلاء العاملين ثم تحديد السلطات المختصة بتوقيع هذه الجزاءات، فإن مؤدى ذلك أن الهيئة العامة للتأمين الصحي قد استثنيت من أحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار إليه، ومن ثم تكون اللائحة سالفة الذكر فيما تناولته من أحكام في مجال التأديب مطابقة للقانون ولو انطوت على مغايرة لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار إليه.
ومن حيث إن لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة للتأمين الصحي الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 30 لسنة 1968 آنفة الذكر قد بينت في المادة 46 منها الجزاءات التي يجوز توقيعها على العاملين بالهيئة متدرجة من الإنذار إلى العزل من الوظيفة مع حفظ الحق في المعاش أو المكافأة أو الحرمان من المعاش أو المكافأة في حدود الربع ثم أعقبت ذلك بتحديد السلطات المختصة بتوقيع هذه الجزاءات فنصت في ذات المادة على أن "ولرئيس مجلس الإدارة أو من يفوضه سلطة توقيع الجزاءات المشار إليها على العاملين شاغلي أدنى الدرجات حتى الدرجة الثامنة، كما يكون له توقيع الجزاءات المشار إليها في الفقرات من "1" إلى "4" على العاملين شاغلي الدرجات الأعلى أما باقي الجزاءات فلا يجوز توقيعها إلا بحكم من المحكمة التأديبية المختصة، وفي الحالات التي يرى فيها رئيس مجلس الإدارة توقيع عقوبة الفصل يتعين عرض الأمر قبل إصدار القرار على لجنة تشكل بقرار من مجلس الإدارة على أن يكون من بين أعضائها مندوب عن اللجنة النقابية بالهيئة" وفوضت تلك اللائحة في المادة 47 منها رئيس مجلس الإدارة في إصدار لائحة تتضمن أنواع المخالفات والجزاءات المقررة لها وتحديد الرؤساء الذين يجوز تفويضهم في توقع هذه الجزاءات وكذا إجراءات التحقيق.
ومن حيث إن الثابت من عيون الأوراق أن القرار رقم 417 لسنة 1969 القاضي بعزل المدعي (المطعون ضده) من الوظيفة مع حفظ حقه في المعاش أو المكافأة لما قارف من مخالفات على الوجه المتقدم قد صدر من السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة المشار إليها بعد العرض على اللجنة المنصوص عليها في المادة 46 من لائحة نظام العاملين بالهيئة آنفة الذكر، وإذ كان المطعون ضده عند صدور هذا القرار يشغل وظيفة من الدرجة التاسعة المكتبية، فمن ثم يكون ذاك القرار قد صدر من مختص بإصداره وفقاً للقانون، وبالتالي فإن النعي عليه بالانعدام لصدوره من رئيس مجلس الإدارة غصباً لسلطة المحكمة التأديبية صاحبة الاختصاص الأصيل في هذا الشأن على نحو ما ذهب إليه الحكم الطعين - هذا النعي يفتقر إلى سند من صحيح القانون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق