الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 4 يوليو 2021

الطعن 107 لسنة 14 ق جلسة 1 / 2 / 1945 مج عمر المدنية ج 4 ق 202 ص 555

جلسة أول فبراير سنة 1945

برياسة سعادة محمد زكي علي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.

----------

(202)
القضية رقم 107 سنة 14 القضائية

شفعة.

المادة 15 من قانون الشفعة. تتطلب رفع الدعوى على البائع الظاهر في العقد. تقصي ملكية الأرض المشفوعة لمعرفة بائعها. لا محل له في صدد تطبيق المادة المذكورة. عقد بيع. تعدد البائعين فيه. تعدد القطع المبيعة التي منها القطعة المشفوع فيها. عدم النص فيه على ذكر بائع معين لكل قطعة والنص على أن البيع صادر من الجميع بطريق التضامن والتكافل وأن الأرض المبيعة صفقة واحدة محمل بعضها على بعض. وجوب رفع الدعوى على جميع البائعين. ورود عبارة في العقد تدل على أن أحد البائعين هو بعينه المالك للقطعة المشفوعة. رفع دعوى الشفعة عليه وحده. لا يصح.
(المواد 13 و14 و15 من قانون الشفعة)

---------------
إن المادة 15 من قانون الشفعة إنما تتطلب رفع الدعوى على البائع الظاهر في العقد دون نظر إلى كونه مالكاً أو غير مالك، بدليل ما نصت عليه المادة 13 من القانون المذكور من أن الشفيع يحل بالنسبة إلى البائع محل المشفوع منه في جميع ما كان له أو عليه من الحقوق، فإذا ظهر بعد الأخذ بالشفعة أن العقار المشفوع مستحق للغير فليس للشفيع أن يرجع إلا على البائع، وبدليل ما نصت عليه المادة 14 من وجوب إعلان الرغبة في الشفعة إلى البائع والمشتري. وبناءً على ذلك فإن تقصي الحكم ملكية الأرض المشفوع فيها لمعرفة بائعها أمر لا محل له في صدد تطبيق المادة 15 المذكورة.
وإذن فإذا كان الظاهر من عقد البيع أن البائعين فيه متعددون، وأن المبيع بموجبه عدة قطع منها القطعة المشفوع فيها، وأنه غير مخصص فيه بائع معين لكل قطعة بل ذكر به أن البيع صادر من الجميع بطريق التضامن والتكافل كشخص واحد وبكل الضمانات الفعلية والقانونية وبطريق المشاع بينهم كل منهم بحسب نصيبه الشرعي، وأن الأرض المبيعة صفقة واحدة محمل بعضها على بعض بثمن إجمالي سمي فيه دفع إليهم جميعاً فيجب اعتبار البيع صادراً منهم جميعاً ويجب رفع دعوى الشفعة عليهم. فإذا قضت المحكمة بصحة الدعوى المرفوعة على أحدهم - دون سائر البائعين - بناءً على ما ورد في عقد البيع في بيان مصادر تمليك البائعين من أن أحدهم بعينه هو المالك للقطعة المشفوعة كان حكمها مخطئاً في تطبيق شروط العقد وفي تطبيق القانون واجباً نقضه والقضاء في موضوع الدعوى بسقوط الحق في طلب الشفعة.


الطعن 89 لسنة 14 ق جلسة 1 / 2 / 1945 مج عمر المدنية ج 4 ق 201 ص 555

جلسة أول فبراير سنة 1945

برياسة سعادة محمد زكي علي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.

------------

(201)
القضية رقم 89 سنة 14 القضائية

شفعة:
أ - طلب الأخذ بالشفعة مقابل الثمن الحقيقي - على تقدير الشفيع - وهو كذا أو ما يظهر أنه الثمن الحقيقي بالغاً ما بلغ. عرض جدي.
ب - تلاصق. مصرف فاصل بين جارين. متى يعتبر معه التلاصق بين الأرضين غير قائم؟ إذا كان غير مملوك للجارين. وإلا فالتلاصق قائم.

------------
1 - إذا كان الثابت بصحيفة الدعوى أن الشفيع طلب الأخذ بالشفعة مقابل الثمن الحقيقي - على تقديره - وهو مبلغ كذا أو ما يظهر أنه الثمن الحقيقي بالغاً ما بلغ، فعرض الثمن على هذا النحو يعتبر عرضاً جدياً وليس فيه ما يدل على الرغبة في المساومة، بل هو استعمال للحق المخول قانوناً للشفيع في إثبات حقيقة الثمن  (1) .
2 - المصرف الذي يفصل بين جارين لا يعتبر معه التلاصق بين الأرضين غير قائم إلا إذا كان غير مملوك للجارين. أما إذا كان مشتركاً بينهما فالتلاصق قائم.


 (1)يراجع مع هذا الحكم الصادر في القضية رقم 71 سنة 14 القضائية المنشورة قاعدته في هذا الجزء تحت رقم (188) وقد قرر هذه القاعدة أيضاً.

الطعن 71 لسنة 14 ق جلسة 11 / 1 / 1945 مج عمر المدنية ج 4 ق 188 ص 533

جلسة 11 يناير سنة 1945

برياسة سعادة محمد زكي علي باشا وكيل المحكمة وحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.

------------

(188)
القضية رقم 71 سنة 14 القضائية

شفعة.

العرض الحاصل من الشفيع. لا يشترط لصحته التصريح بأن يكون الأخذ بالثمن المسمى في العقد إذا ثبتت صحة هذا الثمن. كل ما على الشفيع أن يعرض الثمن الذي يعرف أنه الثمن الحقيقي.

---------------
إن القانون لا يشترط لصحة العرض الحاصل من الشفيع أن يكون بالثمن المسمى في العقد، لاحتمال أن يكون هذا غير حقيقي فلا يكون عدلاً أن يرتبط به الشفيع. وكل ما يطلب من الشفيع هو أن يعرض الثمن الذي يعرف أنه الثمن الحقيقي حسبما وصل إلى علمه، فإذا نازعه المشتري في مقداره قضت المحكمة بالشفعة بالثمن الذي يتبين لها أنه الثمن الحقيقي  (1) ، وإذا كان القانون لم يشترط أن يكون عرض الثمن على المشتري عرضاً حقيقياً يتعبه إيداعه، ولم يجعل للشفيع حق تسلم المبيع إذا أودع الثمن على ذمة المشتري، فالشفيع والحالة هذه لا يضار بإبداء استعداده لأخذ المبيع بثمنه الحقيقي الذي تقضي به المحكمة، لأن هذا لا يكلفه شيئاً أكثر مما يطلب، والمشتري من جهة أخرى لا يستفيد من إبداء هذا الاستعداد، لأن المرجع في نهاية الأمر إلى كلمة القضاء الملزمة للطرفين. وإذن فإذا قضى الحكم برفض الدفع بعدم قبول دعوى الشفعة لخلو إعلانها من إبداء الاستعداد لدفع الثمن المسمى في العقد إذا ثبتت صحته، فإنه يكون قد أصاب.


 (1) قالت محكمة الاستئناف في حكمها: "إنه وإن كان إعلان الشفعة جاء خلواً من إظهار طالبي الشفعة استعدادهما لأخذ العقار المبيع بثمنه الحقيقي إلا أن هذا الاستعداد مفروض ضمناً وليس في حاجة إلى إعلان صريح، وإن الحكمة المشروعة للإعلان من جانب الشفيع هي إظهار تمسكه بحقه في الأخذ بالشفعة قبل المشتري. أما الثمن فإنه إن كان موضع نزاع فأمر تحقيقه موكول إلى القضاء".


الطعن 97 لسنة 13 ق جلسة 21 / 12 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 173 ص 484

جلسة 21 ديسمبر سنة 1944

برياسة حضرة محمد زكي علي بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.

---------------

(173)
القضية رقم 97 سنة 13 القضائية

شفعة:
أ - أرضان أصلهما على المشاع. إنشاء سكة بينهما على حساب القسيمين ومملوكة لهما مناصفة. حد الأرض المشفوع بها من جهة الغرب هو نصف هذه السكة. حد الأرض المشفوع فيها من جهة الشرق هو نصف هذه السكة أيضاً. قيام الجوار بين الأرضين.
ب - ملكية كل من صاحبي الأرض لنصف السكة التي بينهما. حق كل منهما في الانتفاع بالمرور فيها. كل منهما يستعمل حق ملكيته في نصف السكة وحق الارتفاق على النصف الآخر. لا مانع من أن يكون الطريق المقرر عليه حق الارتفاق هو ذاته الذي يتوافر به الجوار.
جـ - وجود حق ارتفاق للغير على أرض هذه السكة. لا يمنع الجوار بين العقارين. اشتراك الغير في الانتفاع بحق الارتفاق الذي للأرض المشفوعة أو المشفوع بها. لا يحرم الشفيع من التمسك بحق الارتفاق للمطالبة بالشفعة.
د - حق ارتفاق للأرض المشفوع بها بالري من ساقية في الأرض المشفوع فيها. من أسباب الشفعة.
هـ - جار يملك على الشيوع. يجوز له طلب الشفعة ولو لم يشترك معه في الطلب باقي شركائه في الملك. احتمال زوال ملك الجار بالقسمة لا يؤثر في حق الشفعة. المناط في ذلك. كون الشفيع مالكاً وقت بيع العقار المشفوع وبقاؤه مالكاً لحين الأخذ بالشفعة.

-------------------
1 - إذا كانت الأرض المشفوع بها والأرض المشفوع فيها هما في الأصل أرضاً واحدة مملوكة لشريكين على المشاع ثم قسمت قسمين بينهما سكة زراعية عملت على حساب القسيمين ومملوكة لهما مناصفة، وكان الحد الشرقي للأرض المشفوع فيها هو نصف هذه السكة والحد الغربي للأرض المشفوع بها هو نصف السكة المذكورة، فإن الجوار بين الأرضين يكون قائماً.
2 - متى كان كل من صاحبي الأرضين يملك نصف السكة الزراعية التي اتفقا على عملها على حسابهما، وكان لكل منهما حق الانتفاع بالمرور فيها كلها، فإن كلاً منهما في انتفاعه بالمرور فيها إنما يستعمل حق ملكيته في النصف المجاور لأرضه وحق الارتفاق على النصف الآخر. ولا يوجد قانوناً ما يمنع من أن يكون الطريق المقرر عليه حق الارتفاق هو نفسه الذي يتوافر به الجوار.
3 - إن وجود حق ارتفاق للغير على أرض الطريق الذي بين الأرضين لا يمنع الجوار بينهما، لأن حق الارتفاق على أرض لا يخرج هذه الأرض عن ملكية أصحابها بل هي تظل جزءاً من العقار المملوك لهم. كما أن اشتراك الغير في الانتفاع بحق الارتفاق الذي للأرض المشفوعة أو المشفوع بها لا يحرم الشفيع من التمسك بهذا الحق للمطالبة بالشفعة، لأن القانون لم يشترط أن يكون حق الارتفاق الذي على الأرض المشفوعة مقرراً لمصلحة أرض الجار دون غيرها أو أن يكون حق الارتفاق الذي على أرض الجار مقرراً لمصلحة الأرض المشفوعة وحدها.
4 - إذا كان الثابت أن الأرض المشفوع بها تروى بمرور المياه من فتحة في ترعة إلى ساقية تابعة للأرض المشفوع فيها ومنها إلى ساقية تابعة للأرض المشفوع بها، وأن أرض الساقية الأولى المجاورة للترعة داخلة ضمن الأرض المبيعة، فإن الأرض المشفوع بها يكون لها، والحالة هذه، حق ارتفاق على الأرض المشفوع فيها ذاتها لا على الساقية وحدها ما دامت الساقية متصلة بالأرض والمياه التي تروى منها الأرض المشفوع بها لا تصل إليها إلا بمرورها بالأرض التي بها الساقية ثم ببئرها.
5 - يجوز للجار الذي يملك على الشيوع أن يطلب الشفعة ولو لم يشترك معه باقي شركائه في الملك. وذلك لأنه إنما يملك نصيبه في كل ذرة من العقار المشترك. ولا يؤثر في ذلك احتمال أن تسفر القسمة فيما بعد عن حرمانه من الجزء المجاور للعقار المشفوع، لأن القانون إنما يشترط أن يكون الشفيع مالكاً لما يشفع به وقت بيع العقار المشفوع وأن يبقى مالكاً له لحين الأخذ بالشفعة، وبقاء الجوار ليس شرطاً لبقاء الاستحقاق، فإذا حصلت القسمة قبل القضاء للشفيع بالشفعة ولم يختص بالجزء المجاور للعقار المشفوع سقط حقه فيها، أما إذا قضى له بها قبل حصول القسمة فلا يهم زوال ملكه الذي يشفع به بعد ذلك عن طريق القسمة أو عن أي طريق آخر.


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن في أن الطاعنة أقامت الدعوى أمام محكمة المنصورة الابتدائية على المطعون ضدهم وقالت في صحيفتها إنها علمت أن المطعون ضده الأول اشترى من باقي المطعون ضدهم 20 س و19 ط و18 ف بزمام النسيمية بمركز المنصورة بثمن قدره 320 م و1600 ج باعتبار ثمن الفدان الواحد 85 ج بعقد بيع ابتدائي، ولما كانت أطيانها تجاور الأطيان المبيعة من حد واحد هو طريق يفصل بين الملكين، ولها فوق ذلك حق ارتفاق بالمرور في هذا الطريق وحق ارتفاق بالري لأن الملكين يرويان من فتحة واحدة، فقد أنذرت المطعون ضدهم برغبتها في أخذ الأطيان المبيعة بطريق الشفعة. ثم رفعت هذه الدعوى طالبة الحكم باستحقاقها الأطيان المبيعة بالشفعة مقابل الثمن الحقيقي وقدره 320 م و1600 ج أو مقابل ما دفع إذا لم يثبت أنه الثمن الحقيقي مع إلزام المدعى عليهم بالمصاريف. وقد دفع المطعون ضده الأول الدعوى: أولاً - بأن الطاعنة تملك الأطيان المشفوع بها على الشيوع مع أختها فلا يحق لها أن تشفع بمفردها. وثانياً - بأنه لا يوجد بين الأرض المشفوعة والأرض المشفوع بها جوار بالمعنى الذي يتطلبه القانون. وثالثاً - بأنه ليس للأرض المشفوع بها حق ارتفاق بالمرور ولا بالري.
وفي 7 من يونيه سنة 1941 قضت المحكمة برفض دعوى الطاعنة وإلزامها بالمصاريف إلخ.
فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر.
وفي 25 من نوفمبر سنة 1942 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفة بالمصاريف إلخ. ولم يعلن هذا الحكم.
وفي 17 من يوليو سنة 1943 قرر وكيل الطاعنة الطعن في حكم محكمة الاستئناف بطريق النقض إلخ إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون، وشابه القصور في تسبيبه، وخالف الثابت في الأوراق، وذلك لأنه:
أولاً - أخطأ في التكييف القانوني للحقوق المقررة على الطريق المتوسط للعقارين المشفوع به والمشفوع فيه، إذ هو لم يبحث في ملكية هذا الطريق، ولو أنه فعل لبان للمحكمة أنه ملك لصاحبي العقارين مناصفة بينهما لكل منهما نصفه مضافاً إليه حق ارتفاق بالمرور على النصف الآخر. ثم إن المحكمة إذ ذكرت في أسباب الحكم أن نصوص عقد القسمة التي بمقتضاها فرزت أرض الشفيعة عن الأرض المشفوع فيها تدل على أن المتقاسمين قد اتفقا على إنشاء الطريق الفاصل بين الأرضين لمنع الجوار قد ناقضت الثابت في الأوراق وخاصة عقد القسمة، ذلك لأن هذا العقد ينص صراحة على أن نصيب السيدة جليلة رزق الله مطر (التي خلفتها السيدة هيلانة مرقس مورثة البائعين) حده الشرقي نصف السكة الزراعية التي جعلت فاصلاً بين الطرفين، ونصيب السيدتين وردة غبريال ومريم غبريال (الطاعنة) حده الغربي نصف السكة الزراعية المذكورة، فالحد الفاصل بين النصيبين هو إذن خط يقسم السكة الزراعية في منتصفها، وقد دلت عليه علامات مصلحة المساحة. ومن ثم فشرط التلاصق في الجوار موفور. وثمة مستند آخر يؤيد ذلك وهو عقد الاتفاق المحرر في سنة 1936 بين وكيل السيدة هيلانة مرقس والشيخ محمد سالم المقاول في شأن إنشاء الطريق بين الأرضين، وقد جاء فيه أن عرض الطريق ثلاثة أمتار يؤخذ نصفه من ملك السيدة هيلانة ونصفه الآخر من ملك السيدتين وردة ومريم غبريال. وفضلاً عما تقدم فقد جهلت المحكمة ملكية الطريق إذ أخرجته من ملك الطرفين ولم تنسب ملكيته إلى أحد وتأرجحت في بيان طبيعة الملكية القائمة قائلة إنها أقرب إلى العامة منها إلى الخاصة. وهذا لا شك قصور في تسبيب الحكم لا يتسنى معه استخلاص النتائج التي خلصت إليها المحكمة.
ثانياً - أخطأ الحكم فيما ذهب إليه من أنه يشترط لقبول الشفعة زوال جميع حقوق الارتفاق المقررة للغير على الطريق الفاصل، وذلك بفرض وجود مرتفقين آخرين خلاف الشفيعة والمشفوعة منهم على هذا الطريق. ثم إنه خالف قواعد الإثبات بمجاراته المطعون ضده الأول فيما ادعاه من اشتراك ملاك آخرين في الانتفاع بحق ارتفاق المرور على الطريق دون أن يقدم دليلاً على ذلك، مع أن القواعد القانونية الصحيحة تقضي بتكليف صاحب الدعوى إثبات دعواه. وفضلاً عن ذلك فقد جاء الحكم قاصراً لعدم بيانه المصدر الذي استخلص منه ذلك الاشتراك.
ثالثاً - أخطأ إذ جزأ العقار المشفوع فيه عند الكلام في ارتفاق الري من الساقية، فقد قال إن حق الارتفاق واقع على ساقية القسم الغربي لا على الأرض، مع أن حق الارتفاق هذا لا يتصور وجوده إلا على جزء من العقار المشفوع فيه لا على كل العقار. وهذا الذي قاله الحكم مخالف لنص المادة 11 من قانون الشفعة.
رابعاً - أغفل - نتيجة للأخطاء السابقة - الرد على ما أثاره المطعون ضدهم من أن الشريك على الشيوع لا يجوز له أخذ الأرض المجاورة لملكه الشائع بالشفعة، ولو أن المحكمة أصابت وجه الحق في المسائل السابقة وتعرضت لهذا البحث لخلصت منه إلى جواز الشفعة في هذه الحالة.
عن الوجه الأول:
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه يقول فيما يختص بالطريق المتوسط بين العقارين المشفوع به والمشفوع فيه "إن المحكمة تقر الحكم المستأنف فيما ذهب إليه من أن هذا الطريق الذي نص عقد القسمة على إنشائه بعرض ثلاثة أمتار". وقال عن القسم الغربي: "إنه يحد من الشرق بالطريق الفاصل بين القسمين". كما قال عن القسم الشرقي: "إنه يحد من الغرب بذلك الطريق..." ثم قال: "ترى المحكمة أنه لا يمكن في الوقت نفسه أن يعتبر هذا الطريق مكوناً لحق ارتفاق المرور لكل من العقارين على الآخر وأن يكون مع ذلك مكوناً للجوار غير مانع من التلاصق الذي يشترط فيه لتوفره سبباً من أسباب الشفعة. إذ فضلاً عن أن البداهة تأبى أن يكون الشيء الواحد مكوناً لسببين من أسباب الشفعة التي نص القانون صراحة على ضرورة توافرها، وهما الجوار وحق الارتفاق، فإن الذي تراه هذه المحكمة من مراجعة نصوص عقد القسمة أن الغرض الواضح لدى المتقاسمين كان تحاشى الاشتراك بقدر الإمكان. فوضع هذا الطريق فاصلاً بين القسمين لمنع الجوار المتلاصق... وعلى ذلك يكون حق المرور غير مقصور على العقارين ويكون الطريق الفاصل بين هذين العقارين مانعاً من الجوار الذي يشترطه قانون الشفعة. ولا أهمية لما تثيره المستأنفة (الطاعنة) من أن ملكية الطريق باقية لملاك العقارين ما دام قد تخصص فعلاً للمرور بمقتضى عقد القسمة ولانتفاع الملاك العديدين الذين آلت إليهم بعض أجزاء العقار المقسوم".
ومن حيث إنه يبين من عقد القسمة المنوه عنه أن الأرضين المشفوع بها والمشفوع فيها كانتا في الأصل على المشاع، وأنه بمقتضى هذا العقد اختصت السيدة جليلة رزق مطر بالجهة الغربية من الأطيان ومساحتها 22 س و9 ط و26 ف وأرضية الساقية المجاورة لترعة الجيارة المتداخلة بالجهة الشرقية من الأطيان ومساحتها 16 س، فتكون جملة ما اختصت به 14 س و10 ط و26 ف. واختصت السيدتان وردة ومريم غبريال بالجهة الشرقية من الأطيان ومساحتها 6 س و11 ط و26 ف يستنزل منها 16 س مقدار أرضية الساقية المتداخلة بها والتي اختص بها الطرف الآخر فيكون صافي ما اختصتا به 14 س و10 ط و26 ف. وجاء بعقد القسمة المذكور أن الحد الشرقي لنصيب السيدة جليلة رزق مطر نصف السكة الزراعية التي جعلت فاصلاً بين أطيان الطرفين وأن الحد الغربي لنصيب السيدتين وردة ومريم غبريال نصف السكة الزراعية المذكورة. كما جاء بالعقد المذكور "أن السكة الزراعية التي اتفق الطرفان على عملها حداً فاصلاً بوسط الأطيان يكون عرضها ثلاثة أمتار وتعمل على حساب الطرفين مناصفة بخط معتدل من مصرف بحر طناح لغاية بناء العزبة، ومن تاريخه يبدأ في عملها، وإذا تأخر أحد الطرفين عن القيام بهذا العمل يكون للطرف الآخر الحق في عمل السكة المذكورة ومطالبة الطرف الذي يتأخر بنصف المصاريف حسب فواتير المقاول".
ومن حيث إنه يتضح مما تقدم أن المحكمة قد أخطأت فيما أوردته - على خلاف الثابت في الأوراق - من أن غرض المتقاسمين من إنشاء الطريق هو منع الجوار بين القسمين. كما أنها لم تكن مدققة فيما قالته من أن القسم الغربي يحد من الشرق بالطريق وأن القسم الشرقي يحد من الغرب بذلك الطريق، إذ أن عقد القسمة قد جاء فيه صراحة كما تقدم أن حد كل من القسمين هو نصف تلك السكة الزراعية. ومتى تقرر ذلك يكون شرط الجوار متوافراً.
ومن حيث إنه عن الشرط الآخر الذي يتطلبه القانون لجواز الشفعة وهو وجود حق ارتفاق لإحدى الأرضين على الأخرى فإنه متوافر أيضاً على هذا الطريق المشترك، لأنه متى كان كل من صاحبي الأرضين يملك نصف السكة الزراعية التي اتفقا على عملها بعرض ثلاثة أمتار، وكان لكل منهما حق الانتفاع بالمرور فيها كلها فيكون في انتفاعه بها بالمرور إنما يستعمل حق ملكيته في النصف المجاور لأرضه وحق الارتفاق على النصف الآخر. ولا يوجد قانوناً ما يمنع من أن يكون الطريق المقرر عليه حق الارتفاق هو نفسه الذي يتوافر به الجوار.
عن الوجه الثاني:
ومن حيث إن محكمة الاستئناف أقرت المحكمة الابتدائية فيما ذهبت إليه من أنه "إذا كان حق الارتفاق مشتركاً بين الشفيع والمشفوع منه وآخرين فإن الشفعة لا تحول دون بقاء حق الارتفاق لتعلق حق الغير به. ومن ثم لا يتحقق الغرض من الشفعة وهو دفع الضرر عن الشفيع، ولا يكون هناك ما يبرر القضاء بها". وقالت إنه "لا يقلل من أهمية ذلك ما أشارت إليه المستأنفة (الطاعنة) في مذكرتها من أن هذا الاشتراك مقصور على ملاك الأعيان التي كانت في الأصل شائعة وحصلت قسمتها فانتقلت ملكية أجزاء منها إلى ملاك آخرين، فإن هذا لا يغير من الواقع شيئاً وهو أن الطريق ينتفع به عدة ملاك، وأن الشفعة لا تزيل الضرر الحاصل من هذا الانتفاع". وبعد أن أقرت المحكمة الابتدائية فيما ذهبت إليه أيضاً من أنه لا يمكن في الوقت نفسه أن يعتبر الطريق مكوناً لحق ارتفاق المرور لكل من العقارين على الآخر وأن يكون مع ذلك مكوناً للجوار - وقد سبق بيان وجه الخطأ في ذلك - أضافت: "ولا أهمية لما تثيره المستأنفة (الطاعنة) من أن ملكية الطريق باقية لملاك العقارين ما دام قد تخصص فعلاً للمرور بمقتضى عقد القسمة ولانتفاع الملاك العديدين الذين آلت إليهم بعض أجزاء العقار المقسوم".
ومن حيث إن هذا الذي ذكره الحكم غير صواب، فإن وجود حق ارتفاق للغير على أرض الطريق لا يمنع الجوار، لأن حق الارتفاق لا يخرج الأرض عن ملكية أصحابها، بل هي تظل جزءاً من العقار، فإذا زالت الحاجة إلى الطريق لسبب من الأسباب زال معها حق الارتفاق، وإذا لم تزل الحاجة وبقى حق الارتفاق فإن الشفيع يحل محل المالك ويتلقى عنه الأرض محملة به. كما أن اشتراك الغير في الانتفاع بحق الارتفاق الذي للأرض المشفوعة أو المشفوع بها لا يحرم الشفيع من التمسك بحق الارتفاق للمطالبة بالشفعة، لأن القانون لم يشترط أن يكون حق الارتفاق الذي على الأرض المشفوعة مقرراً لمصلحة أرض الجار دون غيرها، أو أن يكون حق الارتفاق الذي على أرض الجار مقرراً لمصلحة الأرض المشفوعة وحدها.
عن الوجه الثالث:
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قال بصدد هذا الوجه: "إنه فيما يتعلق بحق ارتفاق الري فإنه بالرجوع إلى إنذار الشفعة يتبين أن المستأنفة ذكرت عنه أن ري الأطيان المبيعة وأطيان الطالبة واحد بواسطة فتحة على ترعة الجيارة، كما تبين من الاطلاع على عقد القسمة أن الطرفين المتقاسمين قد تركا فتحة الري شاملة لكلا النصيبين ولكنهما خصا كل قسم بساقية، ولما كانت الساقيتان واقعتين في القسم الشرقي فإنهما أضافا ملكية الساقية القبلية إلى القسم الغربي، وهذا أوضح دليل على رغبتهما الأكيدة في تحاشي الشيوع حتى لا يكون للقسم الغربي حق ارتفاق على القسم الشرقي بل إن مياهه تمر من ساقيته، وهذا واضح تمام الوضوح في الرسم المقدم بمذكرة المستأنفة. وكل ما هنالك أن مياه الساقية البحرية المخصصة للقسم الشرقي تمر من الساقية القبلية التابعة للقسم الغربي. فإن صح أن هناك حق ارتفاق فإنه يكون واقعاً على ساقية القسم الغربي لا على الأطيان نفسها. وبما أن قانون الشفعة لم ينص إلا على حق ارتفاق للعين المشفوع فيها على العين المشفوع بها أو العكس فلا يكون حق الارتفاق على إحدى منافع العين من أسباب الشفعة".
ومن حيث إنه ظاهر من هذا الذي أورده الحكم أن الأرض المشفوع بها تروى من الفتحة الواقعة على ترعة الجيارة بمرور المياه إلى الساقية القبلية التابعة للأرض المشفوع فيها ومنها إلى الساقية البحرية التابعة للأرض المشفوع بها، وقد ثبت مما تقدم في الوجه الأول نقلاً عن عقد القسمة أن أرض الساقية القبلية، وهي المجاورة لترعة الجيارة ومساحتها 16 س، داخلة ضمن الأرض المبيعة، ومتى كان الأمر كذلك فإن الأرض المشفوع بها يكون لها، والحالة هذه، حق ارتفاق على الأرض المشفوع فيها ذاتها، لا على الساقية وحدها كما يقول الحكم المطعون فيه. ومع كل فاتصال حق الارتفاق بالساقية لا يغير من الأمر شيئاً ما دامت الساقية متصلة بالأرض والمياه التي تروى منها الأرض المشفوع بها لا تصل إليها إلا بمرورها بالأرض التي بها الساقية ثم ببئرها.
عن الوجه الرابع:
ومن حيث إن هذا الوجه وارد على دفع أثاره المطعون ضدهم ورد عليه الحكم الابتدائي، ولكن المحكمة الاستئنافية لم تر محلاً للتعرض له لما رأته من عدم جواز الأخذ بالشفعة لعدم توافر شرطي الجوار وحق الارتفاق المجيزين للشفعة. أما وقد ظهر خطأ المحكمة الاستئنافية فيما ارتأته فإنه يكون من المتعين بحثه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي قال في ذلك إن الرأي الذي تأخذ به المحكمة هو "أن المالك على الشيوع لا يستطيع أن يشفع بمفرده، أي بغير اشتراكه" "مع شريكه، لاحتمال أن تسفر القسمة المقبلة بينهما إلى حرمان الأرض" "التي يختص بها من أي حق من حقوق الشفعة كالجوار والاشتراك في حق" "الارتفاق، والشفعة حق ضعيف".
ومن حيث إن الرأي الذي أخذ به الحكم غير سديد. فإنه يجوز للجار الذي يملك على الشيوع أن يطلب الشفعة ولو لم يشترك معه باقي شركائه في الملك. وذلك لأنه إنما يملك نصيبه في كل ذرة من العقار المشترك، ولا يؤثر في ذلك احتمال أن تسفر القسمة فيما بعد عن حرمانه من الجزء المجاور للعقار المشفوع، لأن القانون إنما يشترط أن يكون الشفيع مالكاً لما يشفع به وقت بيع العقار المشفوع وأن يبقى مالكاً له لحين الأخذ بالشفعة. وبقاء الجوار ليس بشرط لبقاء الاستحقاق. وعلى ذلك إذا حصلت القسمة قبل القضاء للشفيع بالشفعة ولم يختص بالجزء المجاور للعقار المشفوع سقط حقه فيها. أما إذا قضى له بها قبل حصول القسمة فلا يهم زوال ملكه الذي يشفع به بعد ذلك عن طريق القسمة أو أي طريق آخر.

الطعن 31 لسنة 14 ق جلسة 7 / 12 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 166 ص 465

جلسة 7 ديسمبر سنة 1944

برياسة حضرة محمد زكي على بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.

--------------

(166)
القضية رقم 31 سنة 14 القضائية

شفعة:
أ - شفيع. كون الشفيع مالكاً للعين التي يشفع بها وقت بيع العقار الذي يشفع فيه. لازم.
ب - الملاصقة من الجهتين. وصف وارد على أرض الشفيع لا على الأرض المشفوع فيها.
جـ - وجود طريق خصوصي مشترك بين الأرضين من جهة ومصرف خصوصي مشترك بينهما من جهة أخرى. تحقق الجوار من هاتين الجهتين.

--------------
1 - إنه لما كان من المقرر قانوناً أن الشفعة لا تجوز إلا إذا كان الشفيع مالكاً للعين التي يشفع بها وقت بيع العقار المراد أخذه بالشفعة فإنه إذا كان المشفوع ضده قد قرر أنه وإن كان العقد الذي تملك به الشفيع الأرض التي يشفع بها مسجلاً قبل تسجيل عقد تملكه هو للأرض المشفوع فيها إلا أن الاتفاق على شراء هذه الأرض قد تم بينه وبين البائع لها قبل تسجيل عقد الشفيع، واستخلصت المحكمة من ظروف الدعوى، التي بينتها في حكمها والمؤدية إلى ما استخلصته، أن الشراء لم يحصل في التاريخ المدعى، وأن كل ما في الأمر أنه كان هناك مفاوضات للبيع والشراء انتهت بحصول البيع بعد تسجيل عقد الشفيع فذلك منها لا مطعن عليه. ولا يصح أن يعاب عليها أنها لم تجب المشفوع ضده إلى ما طلبه من إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت ما ادعاه ما دامت هي قد استظهرت من وقائع الدعوى أنه غير صحيح، مما مفاده أنه لا موجب لإجابة طلب التحقيق في شأنه.
2 - إن المادة الأولى من قانون الشفعة بنصها على جواز الشفعة "إذا كانت أرض الجار ملاصقة للأرض المشفوعة من جهتين وتساوي من الثمن نصف الأرض المشفوعة على الأقل" قد دلت على أن الشارع إنما أراد أن يجعل العبرة في تقرير حق الأخذ بالشفعة بمجاورة أرض الجار (الشفيع) من جهتين من جهاتها للأرض المشفوع فيها، إذ هي قد أسندت الملاصقة إلى أرض الجار (الشفيع) واشترطت أن يكون ثمن هذه الأرض مساوياً نصف ثمن الأرض المشفوعة على الأقل. وهذا وذاك يقطعان في أن الشارع قد ركز اهتمامه في تحديد أوصاف أرض الشفيع دون الأرض المشفوع فيها، مما يقتضي القول بأن كون الملاصقة من جهتين هو أيضاً وصف وارد على الأرض المشفوع بها لا على الأرض المشفوع فيها. يؤيد هذا النظر أن الشفعة إنما شرعت لدفع الضرر عن الجار، ومقتضى هذا أن هذا الجار المقصود درء الضرر عنه هو الذي تكون جيرته محل الاعتبار.
3 - إذا كان بين الأرض المشفوع بها والأرض المشفوعة طريق مشترك من جهة ومصرف مشترك من جهة ثانية، فإن هذا لا يمنع من الشفعة متى كان الطريق والمصرف خصوصيين. إذ الشفيع يكون مالكاً لنصف الطريق ولنصف المصرف ويكون هذا النصف داخلاً في أطيانه، كما يكون المشفوع ضده مالكاً لنصف الطريق ولنصف المصرف ويكون هذا النصف داخلاً في أطيانه، وبذلك يكون الجوار متحققاً من الجهتين، وعلى هذا الأساس تكون الشفعة جائزة.


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن في أن المطعون ضده الأول أقام دعواه أمام محكمة طنطا الابتدائية على الطاعنين وباقي المطعون ضدهم وآخرين وقال في صحيفتها إنه يمتلك 49 ف 13 ط و2 س بزمام ناحية الهندسة بمركز كفر الشيخ وإن باقي المطعون ضدهم يمتلكون بنفس الزمام 53 ف و20 ط و3 س شائعة في 81 ف و10 ط و3 س، وقد علم أنهم باعوا هذه الأطيان إلى الطاعنين وآخرين بثمن قدره 2584 جنيهاً و387 مليماً ولما كان يجاور هذه الأطيان من الجهتين البحرية والشرقية، فضلاً عن أن لأطيانه حق ارتفاق على الأطيان المبيعة، فقد أظهر رغبته في أخذ الأطيان المبيعة بطريق الشفعة. ثم رفع هذه الدعوى طالباً الحكم بأحقيته في أخذ الأطيان المبيعة بطريق الشفعة مقابل دفعه الثمن وقدره 2584 ج و387 م والمصاريف والملحقات، إن كانت، مع إلزام المدعى عليهم متضامنين بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد دفع الطاعنون الدعوى: أولاً بأنهم اشتروا 40 ف و15 ط و2 س من الأطيان المشفوع فيها قبل أن يكون الشفيع مالكاً لما يشفع به لأنهم اشتروا هذا القدر في 20 من يناير سنة 1941 في حين أن الشفيع تملك العين التي يشفع بها في 8 من مارس سنة 1941. وثانياً بأن الأطيان التي يستند إليها الشفيع في طلب الشفعة لا تحد الأرض المشفوعة من جهتين وأنها لا تلاصق لها بها. وثالثاً بأنه لا يوجد حق ارتفاق لأحد الملكين على الملك الآخر.
وفي 21 من يونيه سنة 1943 قضت المحكمة باستحقاق المطعون ضده الأول لأخذ الأطيان المبيعة بطريق الشفعة مقابل دفع الثمن وقدره 2584 ج و377 م والمصاريف والملحقات مع إلزام الطاعنين وآخرين بمصاريف الدعوى.
فاستأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر، وطلبوا إلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه بالنسبة إليهم ورفض دعوى المطعون ضده الأول وإلزامه بمصاريف الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة. وتمسكوا بدفاعهم الذي أبدوه أمام محكمة أول درجة.
وفي 19 من يناير سنة 1944 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنفين بالمصاريف و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن هذا الحكم للطاعنين في 7 من فبراير سنة 1944 فطعن وكيلهم فيه بطريق النقض إلخ إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون وجاء قاصر الأسباب، وضمنوا تقرير الطعن عشرة أسباب ترجع إلى الوجهين الأولين من الأوجه التي دفعوا بها دعوى المطعون ضده الأول أمام المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف، وهما أسبقية مشتراهما العين المشفوعة على امتلاك الشفيع العين التي يشفع بها، وعدم توافر التلاصق والجوار من حدين.
ففي السببين الأول والثاني ينعى الطاعنون على الحكم قصور أسبابه وغموضه فيما ورد به متعلقاً بأسبقية مشتراهم الأرض المشفوعة على امتلاك الشفيع الأرض التي يشفع بها، وذلك لأن الحكم استند في قضائه إلى أنهم لم يقدموا دليلاً على هذه الأسبقية، فلم يقدموا عقد بيع يرجع إلى التاريخ الذي ذكروا أن شراءهم الأطيان حصل فيه، والمستندات التي أدلوا بها لا تدل على أن بيعاً قد انعقد وإنما تدل على أنه كان هناك مفاوضات للشراء فقط. وهذا الذي استند إليه الحكم هو قصور في الرد على ما دفع به الطاعنون، إذ الحكم لم يفصح عن المستندات التي اعتبرها مجرد مفاوضات في حين أن الطاعنين تمسكوا بمستندات صادرة إليهم من البنك العقاري الزراعي المصري تدل على وقوع البيع وأسبقية شرائهم، وفضلاً عن ذلك فإن الحكم قد خلط بين شروط انعقاد البيع ووجوب توافر شروط العلم المسقط للشفعة. ثم إنه قد أغفل الرد على طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات وقوع البيع قبل امتلاك الشفيع العين التي يشفع بها.
وفي باقي الأسباب ينعى الطاعنون على الحكم قصوره في التسبيب وخطأه في تطبيق القانون فيما جاء به متعلقاً بالجوار والتلاصق، فقد اعتبرت المحكمة الحد المنكسر حداً من جهتين، وهذا خطأ. كما أخطأت في استنادها في ذلك إلى الإنذار الموجه من الطاعنين إلى الشفيع مع أن الطاعنين بينوا لها صراحة أن حدهم الشرقي أو البحري هو خط منكسر، وأخطأت في الاستناد إلى عقد الشفيع نفسه لأنه من عمله ولا يمكن أن يكون دليلاً على وجود الجوار المدعي، وفي الاستناد إلى خريطة فك الزمام لأنه لا صحة لما تبينته منها إذ الحد المبين فيها إنما هو حد منكسر. ثم إن الحكم قد أخطأ في القانون إذ قرر أن المراوي والمصارف والطرق فواصل لا تمنع الجوار، وأنها خصوصية لأصحاب الأطيان، مستنداً في ذلك إلى عقد الشفيع نفسه مع أن هذا العقد من صنعه. فضلاً عن أن الطاعنين قدموا ما يدل على أن الفواصل المذكورة ظلت ملكاً للشركة البائعة لطرفي الخصومة. وقد طلب الطاعنون من باب الاحتياط تعيين خبير لتحقيق الجوار والتلاصق فلم تلتفت المحكمة إلى هذا الطلب.
ومن حيث إنه من المقرر أن الشفعة لا تجوز إلا إذا كان الشفيع مالكاً للعين التي يشفع بها وقت بيع العقار المراد أخذه بالشفعة.
ومن حيث إنه ثابت من مستندات الطرفين في الدعوى أن عقد الشفيع مسجل في 8 من مارس سنة 1941 وأن عقد الطاعنين مسجل في 6 من أكتوبر سنة 1942. ولكن الطاعنين يقولون إن عقدهم النهائي وإن كان قد سجل في ذلك التاريخ فإن الاتفاق على الشراء قد تم بينهم وبين البائعين لهم في 21 من يناير سنة 1941، أي قبل تسجيل عقد الشفيع.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذكر في صدد ذلك أن الطاعنين لم يقدموا ما يدل على اتفاقهم على شراء الأرض المتنازع عليها في 21 من يناير سنة 1941 ولم يقدموا عقد بيع يرجع إلى هذا التاريخ لتفحصه المحكمة وتقدر ما إذا كان مثل هذا العقد مستوفياً شروطه محدداً للعلاقة بين البائعين والمشترين، وما هي العين المبيعة والتزامات الطرفين وشروط البيع... إلخ، وأن المستند المقدم من البنك العقاري الزراعي المصري الذي أدخله الطاعن الأول في الدعوى ليودع ما لديه من مستندات في هذا الشأن إنما هو كشف حساب بقيمة السلفة التي على الأطيان، وتاريخ هذا الكشف 25 من مارس سنة 1941، أي بعد تسجيل عقد المطعون ضده الأول مما يستفاد منه أن لغاية هذا التاريخ ما كان البيع انعقد بين البائعين والمشترين، وأن المحكمة تستنتج من وقائع الدعوى أن ادعاء الطاعنين أن شراءهم حصل في يناير سنة 1941 لا دليل عليه، وأن الأوراق المقدمة منهم لا تنهض دليلاً على ذلك، وأن القول الصحيح الذي تأخذ به المحكمة هو أن هؤلاء اشتروا بعقد مصدق على توقيعاته في 28 من سبتمبر سنة 1942 ومسجل في 6 من أكتوبر سنة 1942 وأن الأوراق المقدمة إن دلت على شيء فإنما تدل على أنه كان هناك مفاوضات للبيع والشراء انتهت بحصول البيع بموجب العقد المسجل في 6 من أكتوبر سنة 1942 وهو الذي يتولد منه حق الشفعة.
ومن حيث إن النتيجة التي خلص إليها الحكم تؤدي إليها وقائع الدعوى والثابت في المستندات المقدمة فيها فلا يصح أن يعاب على الحكم أي قصور أو غموض. كما لا يصح أن يعاب على المحكمة أنها لم تحل الدعوى إلى التحقيق ما دامت قد استظهرت من وقائعها وأدلة الثبوت فيها أن الشراء لم يحصل في التاريخ المدعي ولم تكن في حاجة إلى إجراء تحقيق في ذلك، ولا يعتبر عدم تعرضها صراحة لهذا الطلب قصوراً منها، إذ أن في أخذها بوجهة النظر التي ارتأتها ما يفيد الرد عليه ضمناً بأنها لم تر محلاً لإجابته.
ومن حيث إن المطعون ضده الأول والطاعنين قد اختلفوا في تحديد جوار الملكين، الأرض المشفوع بها والأرض المشفوع فيها، فالأول يقول إن أرضه تحد الأرض المشفوع فيها من جهتين هما الحد الغربي والحد القبلي. والآخرون يقولون إن أرضهم هي التي تحد الأرض المشفوع بها من جهتين الشرقية والقبلية، أما الأرض المشفوع بها فإنها تقع في الزاوية البحرية الشرقية للأرض الشائع فيها المقدار المشفوع فيه، أي أن حدها من هذه الناحية حد منكسر، وهي بهذا الوضع لا تحد الأرض المشفوع فيها إلا من جهة واحدة هي إما الجهة البحرية أو الجهة الشرقية.
ومن حيث إن هذا الخلاف في تعيين جهتي المجاورة هل تكون بالنسبة إلى الأرض المشفوعة أو إلى الأرض المشفوع بها لا محل له، لأن المادة الأولى من قانون الشفعة بنصها على جواز الشفعة "إذا كانت أرض الجار ملاصقة للأرض المشفوعة من جهتين وتساوي من الثمن نصف ثمن الأرض المشفوعة على الأقل" قد دلت على أن الشارع أراد أن يجعل العبرة في تقرير حق الأخذ بالشفعة بمجاورة أرض الجار (الشفيع) من جهتين من جهاتها للأرض المشفوع فيها لأنها أسندت التلاصق بالشروط التي ذكرتها إلى أرض الجار. ويؤكد ذلك اشتراطها أن تساوي أرض الجار نصف ثمن الأرض المشفوعة على الأقل مما يقطع في أن الشارع ركز اهتمامه في تحديد أوصاف أرض الشفيع دون الأرض المشفوع فيها. ويزيد هذا النظر توكيداً أن الشفعة إنما شرعت لدفع الضرر عن الجار، ولا نزاع في أن الجار المقصود درء الضرر عنه هو الذي تكون جيرته محل الاعتبار. فالعبرة في الجوار المجيز للشفعة هي، بملاصقة الأرض المشفوع بها من جهتين من جهاتها للأرض المشفوع فيها.
ومن حيث إنه يبين من أوراق الدعوى المقدمة من الطاعنين أنفسهم أن أرض الشفيع تجاور الأرض المشفوع فيها من جهتين هما كل الحد الغربي لأرض الشفيع وكل حدها القبلي. فتكون الشفعة في هذه الحالة جائزة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وإن كان قد أجاز الشفعة على أساس أن الأرض المشفوع فيها هي التي تحد الأرض المشفوع بها من جهتين، إلا أن خطأه هذا ليس من شأنه أن يؤثر في صحة الحكم ما دامت النتيجة التي انتهى إليها سليمة على الأساس القانوني الصحيح المتقدم ذكره.
ومن حيث إنه عما ينعاه الطاعن خاصاً بالتلاصق فقد أورد الحكم المطعون فيه أن الطاعنين ذكروا أن الأطيان المشفوع بها والمشفوعة ومساحات كبيرة غيرهما متصلة بهما كانت في الأصل ملكاً لشركة البحيرة فقامت الشركة بإنشاء مراو ومصارف ومساق وطرق فيها، ومن ضمنها المسقى والمصرف والجسران الواقعة جميعها بين عقاري الطرفين، وبعد ذلك قسمت ملكها إلى مساحات باعتها للأهالي على التوالي ولم تدخل المرافق المذكورة في البيع. فهي إذن لم تدخل في ملك أحد بل بقيت مرافق لجميع المشترين من الشركة. ورد الحكم على ذلك بأن هذا القول لم يقم الدليل عليه، فضلاً عن أنه جاء في عقد شراء الشفيع من الشركة أن الحد بين أطيانه وأطيان جيرانه في الجهتين الغربية والقبلية (وهي الأطيان المبيعة) طريق مشترك ومصرف مشترك، وقال إن مثل ذلك لا يمنع من الشفعة لأن الطريق والمصرف خصوصيان، فالشفيع يكون مالكاً لنصف المروى أو لنصف المصرف ويكون هذا النصف داخلاً في أطيانه كما يكون المشتري مالكاً لنصف المروى أو لنصف المصرف ويكون هذا النصف داخلاً في أطيانه. وعقد الشفيع المشار فيه إلى أن المراوي والطرق خصوصية مسجل في 8 مارس سنة 1941 أي قبل عقد شراء الأطيان المشفوع فيها بما يقرب من 19 شهراً، وهذا العقد لم يطعن فيه بالتدليس من جانب الطاعنين.
ومن حيث إن الحكم قد أثبت على النحو المتقدم أن المراوي والطرق المشار إليها بوجه الطعن داخلة في ملك الطرفين وأنها لا تمنع من الشفعة، وهذا الذي قاله مطابق لما جاء في أوراق الدعوى ومتفق مع أحكام القانون فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعتد به.


الطعن 27 لسنة 14 ق جلسة 23 /11 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 161 ص 452

جلسة 23 نوفمبر سنة 1944

برياسة حضرة محمد زكي علي بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.

---------------

(161)
القضية رقم 27 سنة 14 القضائية

أ - شفعة.

درجة القرابة. كيفية حسابها. ابن عمة البائع في الدرجة الرابعة. تجوز الشفعة فيها بيع له.
ب - ورقة الضد.

لا يحتج بها إلا فيما بين المتعاقدين سواء أكانت ثابتة التاريخ أم غير ثابتة ما دامت لم تسجل. عقد صريح في أنه بيع. التمسك قبل طالب الشفعة بأنه رهن بناءً على إقرار من البائع بأن حقيقة التصرف رهن لا بيع. لا يصح ولو كان هذا الإقرار قد صار ثابت التاريخ بوفاة بعض الشهود عليه.

----------------
1 - إن قانون الشفعة حين قال في المادة الثالثة منه أن لا شفعة "فيما بيع من المالك لأحد أقاربه لغاية الدرجة الثالثة" لم يبين القاعدة في احتساب درجات القرابة. ثم إن الشريعة الإسلامية، باعتبارها هي الأصل في نظام الشفعة، لا يجدي الرجوع إليها في هذا الصدد. وذلك: أولاً - لأن المادة المذكورة لم تنقل عن الشريعة الإسلامية. وثانياً - لأن الشريعة الإسلامية وإن كانت قد تعرضت لدرجات القرابة وقال فقهاؤها إن الدرجة هي البطن، فإنها لم تتعرض لكيفية احتساب الدرجات إذ هي لم ترتب أحكاماً على تعددها. كذلك لم يأت الشارع في النصوص الأخرى التي أشار فيها إلى درجة القرابة بقاعدة لاحتسابها، فيما عدا نصاً واحداً في قانون المرافعات في المادة 240 التي أشير فيها إلى هذه القاعدة بصدد رد أهل الخبرة إذ جاء بها بعد ذكر أنه يجوز رد أهل الخبرة إذا كان قريباً من الحواشي إلى الدرجة الرابعة: "ويكون احتساب الدرجات على حسب طبقات الأصول طبقة فطبقة إلى الجد الأصلي بدون دخول الغاية وعلى حسب طبقات الفروع طبقة فطبقة لغاية الدرجة الرابعة المذكورة بدخول الغاية". وهذا النص وإن كان قد ورد في صدد معين فإن الطريقة التي أوردها في احتساب درجة القرابة هي الطريقة الواجب اتباعها في سائر الأحوال، لا لأن النص ورد بها فحسب بل لأنها هي الطريقة التي تتفق والقواعد الحسابية في عد الدرجات. واحتساب الدرجات بمقتضى هذا النص يكون على أساس أن كل شخص يعتبر طبقة بذاته. وعلى ذلك يكون ابن العم أو العمة في الدرجة الرابعة، إذ هو طبقة ووالده طبقة والأصل المشترك (الجد) طبقة إلا أنها لا تحتسب، ثم العم طبقة وابنه طبقة، فهذه طبقات أربع. ويظهر أن هذه الطريقة في احتساب الدرجات قد نقلت عن المادة 738 من القانون المدني الفرنسي التي جاء في الفقرة الأولى منها ما ترجمته: "يكون احتساب الدرجات بالنسبة إلى الأقارب من الحواشي على حسب الطبقات من القريب المراد احتساب درجته إلى الأصل المشترك من غير أن يدخل هذا في العدد ثم منه إلى القريب الآخر". وجاء في فقرتها الثانية تطبيقات للقاعدة فقالت: إن أولاد العم الأشقاء هم في الدرجة الرابعة. والواقع أن درجة القرابة ما هي في حقيقة أمرها إلا المسافة بين الشخص وأصله أو فرعه، فيجب بالنسبة إلى الحواشي أن تعد المسافات التي تفصل بين الشخص المطلوب معرفة درجة قرابته والأصل المشترك، ثم تضاف إليها المسافات التي بين هذا الأصل والقريب الآخر، ومجموع هذه المسافات يكون درجة القرابة. وعلى ذلك فابن العم أو العمة يكون في الدرجة الرابعة، لأن بينه وبين أبيه مسافة، وبين هذا وأبيه - وهو الأصل المشترك - مسافة، ومن هذا لابنه مسافة، ومنه لابنه مسافة، فمجموع هذه المسافات أربع. وهذا هو حاصل القاعدة التي أوردها الشارع في المادة 240 من قانون المرافعات. فالحكم الذي يعتبر ابن العمة في الدرجة الرابعة وعلى هذا الأساس أجاز الشفعة فيما اشتراه من أبناء خاله يكون قد أصاب.
2 - إنه من المقرر قانوناً أن ورقة الضد لا يحتج بها إلا فيما بين العاقدين وأن للغير أن يتمسك بالعقد الظاهر. وذلك سواء أكانت ورقة الضد ثابتة التاريخ أم غير ثابتة ما دامت هي لم تسجل. فمتى كان العقد صريحاً في أنه بيع لا رهن فلا يجوز قانوناً التمسك قبل طالب الشفعة - وهو من طبقة الغير بالنسبة إلى ذلك العقد - بأنه رهن لا بيع بناءً على إقرار من البائع بذلك مقول إنه صار ثابت التاريخ بوفاة بعض الشهود الموقعين عليه.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن في أنه بموجب عقد محرر في 26 من نوفمبر سنة 1941 ومسجل في 28 من مارس سنة 1942 اشترى الطاعن الأول من باقي الطاعنين 17 قيراطاً من 24 قيراطاً على الشيوع في منزلين ببندر دمنهور، ولما كانت المطعون ضدها تملك بطريق الميراث عن والدها 3 ط و12 س من 24 قيراطاً شائعة في المنزلين المذكورين فقد أقامت الدعوى رقم 542 سنة 1942 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية على الطاعنين وطلبت في صحيفتها الحكم لها باستحقاقها للحصة المبيعة بطريق الشفعة وبطريق الاسترداد بناءً على المادة 412 من القانون المدني وتسليمها تلك الحصة مع إلزام الطاعن الأول بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 14 من يناير سنة 1943 قضت المحكمة باستحقاق المطعون ضدها للحصة المبيعة بطريق الشفعة وبطريق الاسترداد مقابل دفعها إلى الطاعن الأول 480 ج ومصاريف التسجيل وباقي المصاريف الرسمية التي يكون قد دفعها فعلاً في إجراءات البيع، وذلك في خلال شهرين من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً مع إلزام الطاعن الأول بالمصاريف إلخ.
فاستأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر وطلبوا إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وفي 9 من نوفمبر سنة 1943 قضت محكمة الاستئناف باستحقاق المطعون ضدها للحصة المبيعة بطريق الشفعة مقابل دفعها إلى الطاعن الأول الثمن وقدره 480 ج ومصاريف التسجيل وباقي المصاريف الرسمية التي يكون قد دفعها فعلاً في إجراءات البيع وذلك في خلال شهرين من تاريخ صدور هذا الحكم، وألزمت الطاعن الأول بالمصاريف إلخ. وقالت المحكمة في حكمها إنها لا ترى محلاً للبحث في حق الاسترداد لأن المطعون ضدها ليست في حاجة إلى الاستناد إلى ذلك الحق بعد أن استقر حقها في تملك العقار المبيع بطريق الشفعة.
أعلن هذا الحكم للطاعنين في 19 من يناير سنة 1944 فقرر وكيلهم الطعن فيه بطريق النقض إلخ إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه:
أولاً - أخطأ في تطبيق القانون إذ اعتبر أن درجة القرابة بين المشتري (الطاعن الأول) وبين البائعين (الطاعنين الثاني والثالث) هي الدرجة الرابعة وبذلك أجاز الشفعة، في حين أنه باحتساب الدرجات على أساس المادة 240 من قانون المرافعات تكون درجة القرابة المذكورة هي الدرجة الثالثة لأن المشتري ابن عمة البائعين، وبذلك تمتنع الشفعة.
ثانياً - أخطأ في تفسير عقد البيع، لأنه وإن وصفه العاقدان بأنه بيع فإنه في الحقيقة عقد رهن، وذلك لأن أحد البائعين، وهو الطاعن الثاني، كان قد صدر عليه حكم بالحبس في جنحة تبديد إضراراً بالجمعية الزراعية فاتفق البائعون مع المشتري على أن يدفع ما هو مستحق للجمعية المذكورة ويحل محلها في حقوقها، وحرروا له في مقابل ذلك عقد البيع موضوع النزاع واستكتبوه إقراراً في نفس تاريخ البيع اعترف فيه بأن حقيقة العقد هي رهن عن مبلغ 480 ج دفع بعضه للجمعية، وتعهد برد الحصة المبيعة إليهم في حالة قيامهم بدفع هذا المبلغ والمصاريف في مدى ثلاث سنوات ابتداءً من سنة 1942، وقد أصبح هذا الإقرار ثابت التاريخ بوفاة بعض الشهود الموقعين عليه.
ثالثاً - خالف القانون لعدم إجابة ما طلبه الطاعنون من إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبتوا علم المطعون ضدها بحصول البيع وأنها لم تظهر رغبتها في الأخذ بالشفعة في مدى 15 يوماً من تاريخ هذا العلم.
عن الوجه الأول:
ومن حيث إن قانون الشفعة حين قال في المادة الثالثة منه إنه لا شفعة "فيما بيع من المالك لأحد أقاربه لغاية الدرجة الثالثة" لم يبين القاعدة في احتساب درجات القرابة.
وحيث إنه لا يجدي الرجوع في هذا الصدد إلى أحكام الشريعة الإسلامية باعتبارها هي الأصل في نظام الشفعة، وذلك: أولاً لأن المادة المذكورة لم تنقل عن الشريعة الإسلامية، وثانياً لأن الشريعة الإسلامية وإن كانت قد تعرضت لدرجات القرابة، والدرجة عند فقهائها هي البطن، فإنها لم تتعرض لكيفية احتساب الدرجات إذ هي لم ترتب أحكاماً على تعددها.
وحيث إن الشارع لم يأت في النصوص الأخرى التي أشار فيها إلى درجة القرابة بقاعدة لاحتسابها فيما عدا نصاً واحداً في قانون المرافعات في المادة 240، فقد أشير في هذه المادة إلى هذه القاعدة بصدد رد أهل الخبرة، إذ قالت بعد ذكرها أنه يجوز رد أهل الخبرة إذا كان قريباً من الحواشي إلى الدرجة الرابعة "ويكون احتساب الدرجات على حسب طبقات الأصول طبقة فطبقة إلى الجد الأصلي بدون دخول الغاية، وعلى حسب طبقات الفروع طبقة فطبقة لغاية الدرجة الرابعة المذكورة بدخول الغاية". ويقابل هذه العبارة في النسخة الفرنسية:
"Les degrés seront caculés par géneration en remontant jusqu'á l'auteur commun, qui ne sera pas compté et en redescendant sur la ligne collatérale".
وهذا النص وإن كان قد ورد في صدد معين فإن الطريقة التي أوردها في احتساب درجة القرابة هي الطريقة الواجب اتباعها في سائر الأحوال، لا لأن النص ورد بها فحسب، بل لأنها هي الطريقة التي تتفق والقواعد الحسابية في عد الدرجات. وبمقتضى هذا النص يكون احتساب الدرجات على أساس أن كل شخص يعتبر طبقة بذاته، وعلى ذلك يكون ابن العم أو العمة في الدرجة الرابعة، إذ هو طبقة ووالده طبقة والأصل المشترك (الجد) طبقة إلا أنها لا تحتسب، ثم العم طبقة وابنه طبقة، فهذه طبقات أربع. وهذه الطريقة في احتساب الدرجات قد نقلت على ما يظهر - كما يبين من عبارة النص الفرنسية - عن المدة 738 من القانون المدني الفرنسي التي جاء في الفقرة الأولى منها:
"En ligne collatérale, les degrés se comptent les générations, depuis l'un des parents jusques et non compris l'auteur commun, et depuis celui - ci jusqu'a l'autre parent"
وترجمته: يكون احتساب الدرجات بالنسبة إلى الأقارب من الحواشي على حسب الطبقات من القريب المراد احتساب درجته إلى الأصل المشترك من غير أن يدخل هذا في عدد الطبقات ثم منه إلى القريب الآخر. ثم جاء في فقرتها الثانية تطبيقات للقاعدة، فقالت إن أولاد العم الأشقاء هم في الدرجة الرابعة. على أن درجة القرابة ما هي في حقيقة أمرها إلا المسافة بين الشخص وأصله أو فرعه. فيجب بالنسبة إلى الحواشي أن تعد المسافات التي تفصل بين الشخص المطلوب معرفة درجة قرابته والأصل المشترك وتضاف إليها المسافات التي بين هذا الأصل والقريب الآخر. ومجموع هذه المسافات يكون درجة القرابة. فابن العم أو العمة يكون في الدرجة الرابعة، لأن بينه وبين أبيه مسافة وبين هذا وأبيه وهو الأصل المشترك مسافة، ومن هذا لابنه مسافة ومنه لابنه مسافة. فمجموع هذه المسافات أربع. وهذه هي ذات النتيجة التي تؤدي إليها القاعدة التي أوردها الشارع في المادة 240 من قانون المرافعات. وإذا كان الأمر كذلك كانت هذه القاعدة هي المناط المتعين الأخذ به في احتساب الدرجات في سائر الأحوال. ولما كان الحكم المطعون فيه اعتبر ابن العمة في الدرجة الرابعة، وعلى هذا الأساس أجاز الشفعة، فإنه يكون قد أصاب، ويتعين رفض هذا الوجه.
عن الوجه الثاني:
ومن حيث إن محكمة الاستئناف قالت عن هذا الوجه، وقد أثير أمامها، إن الطاعنين لم يدفعوا به إطلاقاً أمام محكمة أول درجة مع ما له من الأهمية مما يشعر بأن فكرة إثارته لم تنبت إلا في مرحلة الاستئناف. ثم من جهة أخرى فالعقد صريح في أنه بيع لا رهن، فلا يجوز قانوناً التمسك قبل المطعون ضدها، وهي من طبقة الغير بالنسبة إلى ذلك العقد، بأنه رهن لا بيع إلا إذا كانت هناك أوراق ثابتة التاريخ دالة على ذلك الأمر الذي لم يتوافر في الدعوى، هذا فضلاً عن أن ما جاء في الخطاب المرسل إلى محامي المطعون ضدها رداً على إنذار الشفعة وما أورده الطاعنون من دفاع في مذكراتهم المقدمة لمحكمة أول درجة يعتبر اعترافاً ضمنياً من جانبهم بأن التصرف بيع لا رهن، وليس للخطابات المقدمة من الطاعنين أية قيمة في الاستدلال على أن الطاعن الأول قد حل محل الجمعية الزراعية في الرهن كما يزعمون، إذ أنه لم يتبين من مراجعتها أنها تشير إلى شيء من هذا الحلول المزعوم، بل إن ظروف الدعوى ناطقة بأن الطاعن الأول قد اتفق مع باقي الطاعنين على شراء نصيبهم في المنزلين لا على ارتهانه. هذا ما قالته محكمة الاستئناف.
وحيث إن الصورية مسألة موضوعية، والأسباب التي بنت عليها المحكمة قضاءها بأن العقد بيع لا رهن تؤدي إلى النتيجة التي رتبتها عليها فلا رقابة لمحكمة النقض عليها فيما ارتأته.
وحيث إنه من المقرر قانوناً أن ورقة الضد لا يحتج بها إلا فيما بين العاقدين، وأن للغير أن يتمسك بالعقد الظاهر، وهذا سواء أكانت ورقة الضد ثابتة التاريخ أم غير ذلك ما دامت لم تسجل، فلا يجوز الاحتجاج على المطعون ضدها بورقة الضد التي يتمسك بها الطاعنون. ومن ثم يكون ما جاء بوجه الطعن لا محل له.
عن الوجه الثالث:
ومن حيث إن الطاعنين لم يأتوا بما يثبت أنهم تقدموا للمحكمة بطلب الإحالة إلى التحقيق، ولم يرد بالحكم المطعون فيه ما يشير إلى حصول هذا الطلب، فلا محل للبحث فيما يتمسكون به في هذا الوجه، ولا يغير من ذلك أن الحكم الابتدائي قد أشير فيه إلى استعداد الطاعنين للإثبات بالبينة ما دام لا يوجد في الأوراق ما يدل على أنهم أبدوا هذا الطلب أمام المحكمة الاستئنافية. على أن المحكمة ليست ملزمة بإجابة طلب الإحالة إلى التحقيق إذا هي وجدت أن الأدلة القائمة في الدعوى كافية للفصل فيها. وقد تناولت المحكمة واقعة الادعاء بعلم المطعون ضدها بالبيع ونفت هذا العلم بالأدلة الكثيرة التي أوردتها والتي تؤدي إلى ما خلصت إليه. فلم يكن هناك والحالة هذه محل للإحالة إلى التحقيق.