الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 4 يوليو 2021

الطعن 31 لسنة 14 ق جلسة 7 / 12 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 166 ص 465

جلسة 7 ديسمبر سنة 1944

برياسة حضرة محمد زكي على بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.

--------------

(166)
القضية رقم 31 سنة 14 القضائية

شفعة:
أ - شفيع. كون الشفيع مالكاً للعين التي يشفع بها وقت بيع العقار الذي يشفع فيه. لازم.
ب - الملاصقة من الجهتين. وصف وارد على أرض الشفيع لا على الأرض المشفوع فيها.
جـ - وجود طريق خصوصي مشترك بين الأرضين من جهة ومصرف خصوصي مشترك بينهما من جهة أخرى. تحقق الجوار من هاتين الجهتين.

--------------
1 - إنه لما كان من المقرر قانوناً أن الشفعة لا تجوز إلا إذا كان الشفيع مالكاً للعين التي يشفع بها وقت بيع العقار المراد أخذه بالشفعة فإنه إذا كان المشفوع ضده قد قرر أنه وإن كان العقد الذي تملك به الشفيع الأرض التي يشفع بها مسجلاً قبل تسجيل عقد تملكه هو للأرض المشفوع فيها إلا أن الاتفاق على شراء هذه الأرض قد تم بينه وبين البائع لها قبل تسجيل عقد الشفيع، واستخلصت المحكمة من ظروف الدعوى، التي بينتها في حكمها والمؤدية إلى ما استخلصته، أن الشراء لم يحصل في التاريخ المدعى، وأن كل ما في الأمر أنه كان هناك مفاوضات للبيع والشراء انتهت بحصول البيع بعد تسجيل عقد الشفيع فذلك منها لا مطعن عليه. ولا يصح أن يعاب عليها أنها لم تجب المشفوع ضده إلى ما طلبه من إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت ما ادعاه ما دامت هي قد استظهرت من وقائع الدعوى أنه غير صحيح، مما مفاده أنه لا موجب لإجابة طلب التحقيق في شأنه.
2 - إن المادة الأولى من قانون الشفعة بنصها على جواز الشفعة "إذا كانت أرض الجار ملاصقة للأرض المشفوعة من جهتين وتساوي من الثمن نصف الأرض المشفوعة على الأقل" قد دلت على أن الشارع إنما أراد أن يجعل العبرة في تقرير حق الأخذ بالشفعة بمجاورة أرض الجار (الشفيع) من جهتين من جهاتها للأرض المشفوع فيها، إذ هي قد أسندت الملاصقة إلى أرض الجار (الشفيع) واشترطت أن يكون ثمن هذه الأرض مساوياً نصف ثمن الأرض المشفوعة على الأقل. وهذا وذاك يقطعان في أن الشارع قد ركز اهتمامه في تحديد أوصاف أرض الشفيع دون الأرض المشفوع فيها، مما يقتضي القول بأن كون الملاصقة من جهتين هو أيضاً وصف وارد على الأرض المشفوع بها لا على الأرض المشفوع فيها. يؤيد هذا النظر أن الشفعة إنما شرعت لدفع الضرر عن الجار، ومقتضى هذا أن هذا الجار المقصود درء الضرر عنه هو الذي تكون جيرته محل الاعتبار.
3 - إذا كان بين الأرض المشفوع بها والأرض المشفوعة طريق مشترك من جهة ومصرف مشترك من جهة ثانية، فإن هذا لا يمنع من الشفعة متى كان الطريق والمصرف خصوصيين. إذ الشفيع يكون مالكاً لنصف الطريق ولنصف المصرف ويكون هذا النصف داخلاً في أطيانه، كما يكون المشفوع ضده مالكاً لنصف الطريق ولنصف المصرف ويكون هذا النصف داخلاً في أطيانه، وبذلك يكون الجوار متحققاً من الجهتين، وعلى هذا الأساس تكون الشفعة جائزة.


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن في أن المطعون ضده الأول أقام دعواه أمام محكمة طنطا الابتدائية على الطاعنين وباقي المطعون ضدهم وآخرين وقال في صحيفتها إنه يمتلك 49 ف 13 ط و2 س بزمام ناحية الهندسة بمركز كفر الشيخ وإن باقي المطعون ضدهم يمتلكون بنفس الزمام 53 ف و20 ط و3 س شائعة في 81 ف و10 ط و3 س، وقد علم أنهم باعوا هذه الأطيان إلى الطاعنين وآخرين بثمن قدره 2584 جنيهاً و387 مليماً ولما كان يجاور هذه الأطيان من الجهتين البحرية والشرقية، فضلاً عن أن لأطيانه حق ارتفاق على الأطيان المبيعة، فقد أظهر رغبته في أخذ الأطيان المبيعة بطريق الشفعة. ثم رفع هذه الدعوى طالباً الحكم بأحقيته في أخذ الأطيان المبيعة بطريق الشفعة مقابل دفعه الثمن وقدره 2584 ج و387 م والمصاريف والملحقات، إن كانت، مع إلزام المدعى عليهم متضامنين بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد دفع الطاعنون الدعوى: أولاً بأنهم اشتروا 40 ف و15 ط و2 س من الأطيان المشفوع فيها قبل أن يكون الشفيع مالكاً لما يشفع به لأنهم اشتروا هذا القدر في 20 من يناير سنة 1941 في حين أن الشفيع تملك العين التي يشفع بها في 8 من مارس سنة 1941. وثانياً بأن الأطيان التي يستند إليها الشفيع في طلب الشفعة لا تحد الأرض المشفوعة من جهتين وأنها لا تلاصق لها بها. وثالثاً بأنه لا يوجد حق ارتفاق لأحد الملكين على الملك الآخر.
وفي 21 من يونيه سنة 1943 قضت المحكمة باستحقاق المطعون ضده الأول لأخذ الأطيان المبيعة بطريق الشفعة مقابل دفع الثمن وقدره 2584 ج و377 م والمصاريف والملحقات مع إلزام الطاعنين وآخرين بمصاريف الدعوى.
فاستأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر، وطلبوا إلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه بالنسبة إليهم ورفض دعوى المطعون ضده الأول وإلزامه بمصاريف الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة. وتمسكوا بدفاعهم الذي أبدوه أمام محكمة أول درجة.
وفي 19 من يناير سنة 1944 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنفين بالمصاريف و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن هذا الحكم للطاعنين في 7 من فبراير سنة 1944 فطعن وكيلهم فيه بطريق النقض إلخ إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون وجاء قاصر الأسباب، وضمنوا تقرير الطعن عشرة أسباب ترجع إلى الوجهين الأولين من الأوجه التي دفعوا بها دعوى المطعون ضده الأول أمام المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف، وهما أسبقية مشتراهما العين المشفوعة على امتلاك الشفيع العين التي يشفع بها، وعدم توافر التلاصق والجوار من حدين.
ففي السببين الأول والثاني ينعى الطاعنون على الحكم قصور أسبابه وغموضه فيما ورد به متعلقاً بأسبقية مشتراهم الأرض المشفوعة على امتلاك الشفيع الأرض التي يشفع بها، وذلك لأن الحكم استند في قضائه إلى أنهم لم يقدموا دليلاً على هذه الأسبقية، فلم يقدموا عقد بيع يرجع إلى التاريخ الذي ذكروا أن شراءهم الأطيان حصل فيه، والمستندات التي أدلوا بها لا تدل على أن بيعاً قد انعقد وإنما تدل على أنه كان هناك مفاوضات للشراء فقط. وهذا الذي استند إليه الحكم هو قصور في الرد على ما دفع به الطاعنون، إذ الحكم لم يفصح عن المستندات التي اعتبرها مجرد مفاوضات في حين أن الطاعنين تمسكوا بمستندات صادرة إليهم من البنك العقاري الزراعي المصري تدل على وقوع البيع وأسبقية شرائهم، وفضلاً عن ذلك فإن الحكم قد خلط بين شروط انعقاد البيع ووجوب توافر شروط العلم المسقط للشفعة. ثم إنه قد أغفل الرد على طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات وقوع البيع قبل امتلاك الشفيع العين التي يشفع بها.
وفي باقي الأسباب ينعى الطاعنون على الحكم قصوره في التسبيب وخطأه في تطبيق القانون فيما جاء به متعلقاً بالجوار والتلاصق، فقد اعتبرت المحكمة الحد المنكسر حداً من جهتين، وهذا خطأ. كما أخطأت في استنادها في ذلك إلى الإنذار الموجه من الطاعنين إلى الشفيع مع أن الطاعنين بينوا لها صراحة أن حدهم الشرقي أو البحري هو خط منكسر، وأخطأت في الاستناد إلى عقد الشفيع نفسه لأنه من عمله ولا يمكن أن يكون دليلاً على وجود الجوار المدعي، وفي الاستناد إلى خريطة فك الزمام لأنه لا صحة لما تبينته منها إذ الحد المبين فيها إنما هو حد منكسر. ثم إن الحكم قد أخطأ في القانون إذ قرر أن المراوي والمصارف والطرق فواصل لا تمنع الجوار، وأنها خصوصية لأصحاب الأطيان، مستنداً في ذلك إلى عقد الشفيع نفسه مع أن هذا العقد من صنعه. فضلاً عن أن الطاعنين قدموا ما يدل على أن الفواصل المذكورة ظلت ملكاً للشركة البائعة لطرفي الخصومة. وقد طلب الطاعنون من باب الاحتياط تعيين خبير لتحقيق الجوار والتلاصق فلم تلتفت المحكمة إلى هذا الطلب.
ومن حيث إنه من المقرر أن الشفعة لا تجوز إلا إذا كان الشفيع مالكاً للعين التي يشفع بها وقت بيع العقار المراد أخذه بالشفعة.
ومن حيث إنه ثابت من مستندات الطرفين في الدعوى أن عقد الشفيع مسجل في 8 من مارس سنة 1941 وأن عقد الطاعنين مسجل في 6 من أكتوبر سنة 1942. ولكن الطاعنين يقولون إن عقدهم النهائي وإن كان قد سجل في ذلك التاريخ فإن الاتفاق على الشراء قد تم بينهم وبين البائعين لهم في 21 من يناير سنة 1941، أي قبل تسجيل عقد الشفيع.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذكر في صدد ذلك أن الطاعنين لم يقدموا ما يدل على اتفاقهم على شراء الأرض المتنازع عليها في 21 من يناير سنة 1941 ولم يقدموا عقد بيع يرجع إلى هذا التاريخ لتفحصه المحكمة وتقدر ما إذا كان مثل هذا العقد مستوفياً شروطه محدداً للعلاقة بين البائعين والمشترين، وما هي العين المبيعة والتزامات الطرفين وشروط البيع... إلخ، وأن المستند المقدم من البنك العقاري الزراعي المصري الذي أدخله الطاعن الأول في الدعوى ليودع ما لديه من مستندات في هذا الشأن إنما هو كشف حساب بقيمة السلفة التي على الأطيان، وتاريخ هذا الكشف 25 من مارس سنة 1941، أي بعد تسجيل عقد المطعون ضده الأول مما يستفاد منه أن لغاية هذا التاريخ ما كان البيع انعقد بين البائعين والمشترين، وأن المحكمة تستنتج من وقائع الدعوى أن ادعاء الطاعنين أن شراءهم حصل في يناير سنة 1941 لا دليل عليه، وأن الأوراق المقدمة منهم لا تنهض دليلاً على ذلك، وأن القول الصحيح الذي تأخذ به المحكمة هو أن هؤلاء اشتروا بعقد مصدق على توقيعاته في 28 من سبتمبر سنة 1942 ومسجل في 6 من أكتوبر سنة 1942 وأن الأوراق المقدمة إن دلت على شيء فإنما تدل على أنه كان هناك مفاوضات للبيع والشراء انتهت بحصول البيع بموجب العقد المسجل في 6 من أكتوبر سنة 1942 وهو الذي يتولد منه حق الشفعة.
ومن حيث إن النتيجة التي خلص إليها الحكم تؤدي إليها وقائع الدعوى والثابت في المستندات المقدمة فيها فلا يصح أن يعاب على الحكم أي قصور أو غموض. كما لا يصح أن يعاب على المحكمة أنها لم تحل الدعوى إلى التحقيق ما دامت قد استظهرت من وقائعها وأدلة الثبوت فيها أن الشراء لم يحصل في التاريخ المدعي ولم تكن في حاجة إلى إجراء تحقيق في ذلك، ولا يعتبر عدم تعرضها صراحة لهذا الطلب قصوراً منها، إذ أن في أخذها بوجهة النظر التي ارتأتها ما يفيد الرد عليه ضمناً بأنها لم تر محلاً لإجابته.
ومن حيث إن المطعون ضده الأول والطاعنين قد اختلفوا في تحديد جوار الملكين، الأرض المشفوع بها والأرض المشفوع فيها، فالأول يقول إن أرضه تحد الأرض المشفوع فيها من جهتين هما الحد الغربي والحد القبلي. والآخرون يقولون إن أرضهم هي التي تحد الأرض المشفوع بها من جهتين الشرقية والقبلية، أما الأرض المشفوع بها فإنها تقع في الزاوية البحرية الشرقية للأرض الشائع فيها المقدار المشفوع فيه، أي أن حدها من هذه الناحية حد منكسر، وهي بهذا الوضع لا تحد الأرض المشفوع فيها إلا من جهة واحدة هي إما الجهة البحرية أو الجهة الشرقية.
ومن حيث إن هذا الخلاف في تعيين جهتي المجاورة هل تكون بالنسبة إلى الأرض المشفوعة أو إلى الأرض المشفوع بها لا محل له، لأن المادة الأولى من قانون الشفعة بنصها على جواز الشفعة "إذا كانت أرض الجار ملاصقة للأرض المشفوعة من جهتين وتساوي من الثمن نصف ثمن الأرض المشفوعة على الأقل" قد دلت على أن الشارع أراد أن يجعل العبرة في تقرير حق الأخذ بالشفعة بمجاورة أرض الجار (الشفيع) من جهتين من جهاتها للأرض المشفوع فيها لأنها أسندت التلاصق بالشروط التي ذكرتها إلى أرض الجار. ويؤكد ذلك اشتراطها أن تساوي أرض الجار نصف ثمن الأرض المشفوعة على الأقل مما يقطع في أن الشارع ركز اهتمامه في تحديد أوصاف أرض الشفيع دون الأرض المشفوع فيها. ويزيد هذا النظر توكيداً أن الشفعة إنما شرعت لدفع الضرر عن الجار، ولا نزاع في أن الجار المقصود درء الضرر عنه هو الذي تكون جيرته محل الاعتبار. فالعبرة في الجوار المجيز للشفعة هي، بملاصقة الأرض المشفوع بها من جهتين من جهاتها للأرض المشفوع فيها.
ومن حيث إنه يبين من أوراق الدعوى المقدمة من الطاعنين أنفسهم أن أرض الشفيع تجاور الأرض المشفوع فيها من جهتين هما كل الحد الغربي لأرض الشفيع وكل حدها القبلي. فتكون الشفعة في هذه الحالة جائزة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وإن كان قد أجاز الشفعة على أساس أن الأرض المشفوع فيها هي التي تحد الأرض المشفوع بها من جهتين، إلا أن خطأه هذا ليس من شأنه أن يؤثر في صحة الحكم ما دامت النتيجة التي انتهى إليها سليمة على الأساس القانوني الصحيح المتقدم ذكره.
ومن حيث إنه عما ينعاه الطاعن خاصاً بالتلاصق فقد أورد الحكم المطعون فيه أن الطاعنين ذكروا أن الأطيان المشفوع بها والمشفوعة ومساحات كبيرة غيرهما متصلة بهما كانت في الأصل ملكاً لشركة البحيرة فقامت الشركة بإنشاء مراو ومصارف ومساق وطرق فيها، ومن ضمنها المسقى والمصرف والجسران الواقعة جميعها بين عقاري الطرفين، وبعد ذلك قسمت ملكها إلى مساحات باعتها للأهالي على التوالي ولم تدخل المرافق المذكورة في البيع. فهي إذن لم تدخل في ملك أحد بل بقيت مرافق لجميع المشترين من الشركة. ورد الحكم على ذلك بأن هذا القول لم يقم الدليل عليه، فضلاً عن أنه جاء في عقد شراء الشفيع من الشركة أن الحد بين أطيانه وأطيان جيرانه في الجهتين الغربية والقبلية (وهي الأطيان المبيعة) طريق مشترك ومصرف مشترك، وقال إن مثل ذلك لا يمنع من الشفعة لأن الطريق والمصرف خصوصيان، فالشفيع يكون مالكاً لنصف المروى أو لنصف المصرف ويكون هذا النصف داخلاً في أطيانه كما يكون المشتري مالكاً لنصف المروى أو لنصف المصرف ويكون هذا النصف داخلاً في أطيانه. وعقد الشفيع المشار فيه إلى أن المراوي والطرق خصوصية مسجل في 8 مارس سنة 1941 أي قبل عقد شراء الأطيان المشفوع فيها بما يقرب من 19 شهراً، وهذا العقد لم يطعن فيه بالتدليس من جانب الطاعنين.
ومن حيث إن الحكم قد أثبت على النحو المتقدم أن المراوي والطرق المشار إليها بوجه الطعن داخلة في ملك الطرفين وأنها لا تمنع من الشفعة، وهذا الذي قاله مطابق لما جاء في أوراق الدعوى ومتفق مع أحكام القانون فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعتد به.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق