الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 24 أكتوبر 2016

الطعن 46898 لسنة 75 ق جلسة 27 / 11 / 2012 مكتب فني 63 ق 148 ص 816

جلسة 27 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ أحمد عبد الباري سليمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أسامة توفيق، عبد الحميد دياب، مجدي عبد الحليم وإبراهيم عبد الله نواب رئيس المحكمة.

---------------

(148)
الطعن رقم 46898 لسنة 75 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام" "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع ببطلان الاعتراف. جوهري. على المحكمة مناقشته والرد عليه. سواء كان المتهم المقر هو الذي دفع به أو أحد المتهمين الآخرين. مادام الحكم عول عليه في الإدانة.
الاعتراف الذي يعتد به. شرطه. أن يكون اختيارياً صادراً عن إرادة حرة.
عدم جواز التعويل على الاعتراف ولو كان صادقاً. متى كان وليد إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدره.
الوعد أو الإغراء. يعد قرين الإكراه والتهديد لما له من تأثير على حرية المتهم في الاختيار بين الإنكار أو الاعتراف.
وجوب بحث المحكمة إن رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف الصلة بينه وبين الوعد أو الإغراء. نكولها عن ذلك. قصور وإخلال بحق الدفاع.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(2) إشكال في التنفيذ. نقض "المصلحة في الطعن" "أثر الطعن".
عدم ورود الإشكال إلا على تنفيذ حكم بطلب وقفه مؤقتاً لحين الفصل في النزاع نهائياً من محكمة الموضوع. متى كان باب الطعن في الحكم مفتوحاً. المادة 525 إجراءات جنائية.
نقض الحكم المستشكل في تنفيذه. أثره: إلغاء السند التنفيذي وصيرورة التنفيذ لا محل له. الطعن على الحكم الصادر في الإشكال. غير مجد.
----------------
1- لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الأول قدم بجلسة .... مذكرة بدفاعه كما يبين من المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن - أن الطاعن الأول أقام دفاعه المثبت بهذه المذكرة على أن اعتراف الطاعن الثاني جاء باطلاً لكونه وليد إغراء مادي بعطايا من شاهد الإثبات الثالث، ووعد من الأخير بتمكين الطاعن الثاني من إدارة مكتب المحاماة الخاص بالشاهد المذكور بعد طرده منه وذلك لوجود خلافات بينهما، ويبين من الحكم المطعون فيه أنه استند فيما استند إليه في إدانة الطاعنين إلى اعتراف الطاعن الثاني في تحقيق النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان الاعتراف، هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه رداً سائغاً يستوى في ذلك أن يكون المتهم المقر هو الذي دفع بالبطلان أو أن يكون أحد المتهمين الآخرين في الدعوى قد تمسك به ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على هذا الاعتراف وأن الاعتراف الذي يعتد به يجب أن يكون اختيارياً صادراً عن إرادة حرة، فلا يصح التعويل على الاعتراف - ولو كان صادقاً - متى كان وليد إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدره، وكان الوعد أو الإغراء يعد قرين الإكراه والتهديد؛ لأنه له تأثير على حرية المتهم في الاختيار بين الإنكار أو الاعتراف، ويؤدى إلى حمله على الاعتقاد بأنه قد يجني من وراء الاعتراف فائدة أو يتجنب ضرراً، مما كان يتعين معه على المحكمة، وقد دفع أمامها بأن اعتراف الطاعن الثاني كان نتيجة إكراه أدبي تعرض له تمثل في الوعد والإغراء، أن تتولى هي تحقيق هذا الدفاع وتبحث الصلة بين الإكراه وسببه وعلاقته بأقواله، فإن هي نكلت عن ذلك ولم تعرض البتة للصلة بين الوعد والإغراء وبين اعترافه الذي عولت عليه، وتقول كلمتها فيه على الرغم من أنه أصبح واقعاً مسطوراً بأوراق الدعوى قائماً مطروحاً على المحكمة عند نظر الدعوى وهو ما يوجب عليها إبداء الرأي بشأنه، فإن حكمها يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع فضلاً عن القصور، ولا يغني في ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ إن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً، ومنها مجتمعه تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة الأمر الذي يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنين معاً دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.
2- من المقرر أن الإشكال لا يرد إلا على تنفيذ حكم بطلب وقفه مؤقتا حتى يفصل في النزاع نهائيا من محكمة الموضوع، إذا كان باب الطعن في ذلك الحكم ما زال مفتوحاً، وذلك طبقا لنص المادة 525 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكان الطعن بالنقض من المحكوم عليه الأول - في الحكم المستشكل في تنفيذ - قد قضى فيه على ما سلف بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة، ومن ثم فقد ألغى السند التنفيذي ولم يعد للتنفيذ بناء على ذلك محل مما يضحى معه طعن المحكوم عليه الأول على الحكم الصادر في الإشكال عديم الجدوى ويتعين رفضه.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: المتهم الأول: أولاً: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك وآخر مجهولاً بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو بطاقة تحقيق الشخصية رقم .... والمنسوب صدورها لسجل مدني ..... باسم .....، وكان ذلك بطريق الاصطناع؛ بأن اتفق مع ذلك المجهول على تزويرها وساعده بأن أمده ببياناتها ووضع المجهول صورته الشخصية عليها فاصطنعها على غرار المحررات الصحيحة ووقع عليها بتوقيعات نسبها زوراً إلى الموظفين المختصين فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: وهو ليس من أرباب الو ف العمومية اشترك وآخر مجهولاً بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية بالشهر العقاري مكتب توثيق ..... في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو التوكيل رقم ...... لسنة ..... والثابت به وكالة المجهول للمتهم الأول، وذلك بجعلها واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها؛ بأن تقدم المجهول بالمحرر المزور موضوع التهمة الأولى للموظف حسن النية وتمكن بذلك من الحصول على التوكيل سالف الذكر والبيان وتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة. ثالثاً: استعمل المحرر الرسمي المزور موضوع التهمة الثانية بأن أقام به الجنح المباشرة أرقام ..... مع علمه بكون المحرر مزوراً. رابعاً: اشترك مع المتهم الثاني بطريقي الاتفاق والمساعدة في تزوير المحررات العرفية للشيكات موضوع التهمة ثالثاً بأن أمده بها وببياناتها فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة واستعملها بأن قدمها للبنك المسحوب عليه وقدمها للمحكمة أثناء نظر الجنح المبينة بالتهمة الثالثة مدعياً على المدعى عليهم فيها مع علمه بتزويرها. المتهم الثاني: ارتكب تزويراً في محررات عرفية هي الشيكات المنسوب صدورها من المجني عليهم .....، .....، .....، ......، بطريق الاصطناع بأن صدر بياناتها ووضع عليها توقيعات نسبها إليهم وقدمها للمتهم الأول لاستعمالها في إقامة الدعاوى موضوع التهمة الثالثة. وأحالتهما إلى محكمة جنايات ...... لمحاكمتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليهم مدنياً قبل المتهمين بأن يؤديا لهم مبلغ ..... جنيه على سبيل التعويض النهائي. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 3، 2، 41/ 3، 211، 213، 214، 215 من قانون العقوبات، مع إعمال المادتين 30، 32 من القانون ذاته. أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وبمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات لما نسب إلى كل منهما ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة. ثانياً: بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

المحكمة

أولاً: عن الطعن في الحكم الصادر في الموضوع .
من حيث إن مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية وعرفية واستعمالها قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المحكمة وقد عولت في إدانته ضمن ما عولت عليه على الدليل المستمد من اعتراف الطاعن الثاني بالتحقيقات، فإنها لم ترد على ما أثاره المدافع عنه في مذكرته المقدمة بجلسة المحاكمة من بطلان هذا الاعتراف لصدوره تحت تأثير الوعد والإغراء من شاهد الإثبات الثالث مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الأول قدم بجلسة ..... مذكرة بدفاعه كما يبين من المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن - أن الطاعن الأول أقام دفاعه المثبت بهذه المذكرة على أن اعتراف الطاعن الثاني جاء باطلاً لكونه وليد إغراء مادي بعطايا من شاهد الإثبات الثالث، ووعد من الأخير بتمكين الطاعن الثاني من إدارة مكتب المحاماة الخاص بالشاهد المذكور بعد طرده منه وذلك لوجود خلافات بينهما، ويبين من الحكم المطعون فيه أنه استند فيما استند إليه في إدانة الطاعنين إلى اعتراف الطاعن الثاني في تحقيق النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان الاعتراف، هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه رداً سائغاً يستوي في ذلك أن يكون المتهم المقر هو الذي دفع بالبطلان أو أن يكون أحد المتهمين الآخرين في الدعوى قد تمسك به ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على هذا الاعتراف وأن الاعتراف الذي يعتد به يجب أن يكون اختيارياً صادراً عن إرادة حرة، فلا يصح التعويل على الاعتراف - ولو كان صادقاً - متى كان وليد إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدره، وكان الوعد أو الإغراء يعد قرين الإكراه والتهديد؛ لأنه له تأثير على حرية المتهم في الاختيار بين الإنكار أو الاعتراف، ويؤدى إلى حمله على الاعتقاد بأنه قد يجني من وراء الاعتراف فائدة أو يتجنب ضرراً، مما كان يتعين معه على المحكمة، وقد دفع أمامها بأن اعتراف الطاعن الثاني كان نتيجة إكراه أدبي تعرض له تمثل في الوعد والإغراء، أن تتولى هي تحقيق هذا الدفاع وتبحث الصلة بين الإكراه وسببه وعلاقته بأقواله، فإن هي نكلت عن ذلك ولم تعرض البتة للصلة بين الوعد والإغراء وبين اعترافه الذي عولت عليه، وتقول كلمتها فيه على الرغم من أنه أصبح واقعاً مسطوراً بأوراق الدعوى قائماً مطروحاً على المحكمة عند نظر الدعوى وهو ما يوجب عليها إبداء الرأي بشأنه، فإن حكمها يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع فضلاً عن القصور، ولا يغني في ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ إن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً، ومنها مجتمعه تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة الأمر الذي يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنين معاً دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.

ثانياً: عن الطعن في الحكم الصادر في الإشكال في التنفيذ والمقدم من الطاعن ....
من حيث إنه لما كان الإشكال لا يرد إلا على تنفيذ حكم بطلب وقفه مؤقتاً حتى يفصل في النزاع نهائياً من محكمة الموضوع، إذا كان باب الطعن في ذلك الحكم ما زال مفتوحاً، وذلك طبقا لنص المادة 525 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكان الطعن بالنقض من المحكوم عليه الأول - في الحكم المستشكل في تنفيذ - قد قضى فيه على ما سلف بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة، ومن ثم فقد ألغى السند التنفيذي ولم يعد للتنفيذ بناء على ذلك محل مما يضحى معه طعن المحكوم عليه الأول على الحكم الصادر في الإشكال عديم الجدوى ويتعين رفضه.

الطعن 42450 لسنة 75 ق جلسة 27 / 11 / 2012 مكتب فني 63 ق 147 ص 811

جلسة 27 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ سلامة أحمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يحيى محمود نائب رئيس المحكمة، علاء الدين كمال، هشام فرغلي وناصر عوض.

------------

(147)
الطعن رقم 42450 لسنة75 القضائية

هتك عرض. فعل فاضح. شروع. جريمة "أركانها". إثبات "شهود" حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". قصد جنائي.
قعود الحكم عن استظهار حقيقة أقوال المجني عليه بشأن كيفية ارتكاب المتهم لجريمة الشروع في هتك عرضه بالقوة والتهديد. قصور. الركن المادي في جريمة هتك العرض. مناط تحققه؟ متى يعد الفعل شروعاً في هتك عرض ومتى يعد فعلاً فاضحاً؟ مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالبراءة في جريمة شروع في هتك عرض بالقوة والتهديد.

-----------
لما كان الحكم المطعون فيه قد برر قضاءه بالبراءة بقوله أن ".... الواقع المعروض في القضية قد تمثل في أن المتهم اصطحب المجني عليه إلى طريق حافل بالسيارات ومؤدى إلى قرية واستوقفه وطلب منه خلع ملابسه دون أن يعمد هو إلى نزعها جبراً وإن توسل في طلبه بضرب المجني عليه ولم تستطل يده لعورة من جسمه فلا يمكن القول أن طلب المتهم هذا مقروناً بالتعدي على المجني عليه ـ بفرض حصوله ـ لا يؤدى حالاً ومباشرة إلى وقوع الجريمة التي ابتغاها ولو في صورة انكشاف عورة المجني عليه فحسب ذلك أن مقاومة المجني عليه وتمنعه قد تعادلت مع تعدى المتهم فذهب هذا التعدي هباءً ولم يكن من شأنه حصول النتيجة الإجرامية وبعبارة أخرى فإن ما نسب للمتهم من محاولة التعدي جنسياً على المجني عليه بإيلاج وفى طريق عام مطروق كانت محاولة ساذجة غير محكمة أو محاولة مفضوحة كالتزوير المفضوح لا يتصور تمامها على أي من الناس فهي لم تخرج عن مراودة المجنى عليه عن نفسه". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر حقيقة ما أدلى به المجني عليه بالتحقيقات من أن المطعون ضده حال إمساكه به وتهديده له بعد طلبه خلع ملابسه طلب منه الانبطاح على بطنه قاصداً فعل الفحشاء به ولم يعرض إلى هذه الأقوال ولم تُدل المحكمة برأيها فيها، فإن كل ذلك ينبئ عن أنها أصدرت حكمها بغير إحاطة كافية بظروف الدعوى وتمحيص سليم لأدلتها مما يصمه بعيب القصور في البيان مما أدى به إلى الفساد في الاستدلال، هذا وما انتهى إليه الحكم لا يتفق وصحيح القانون، ذلك أنه وإن كان الركن المادي في جريمة هتك العرض لا يتحقق إلا بوقوع فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليه يستطيل إلى جسمه فيصيب عورة من عوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية، إلا أنه متى ارتكب الجاني أفعالاً لا تبلغ درجة الجسامة التي تسوغ عدها من قبيل هتك العرض التام، فإن ذلك يقتضي تقصي الجاني من ارتكابها، فإذا كان قصده قد انصرف إلى ما وقع منه فقط فالفعل قد لا يخرج عن دائرة الفعل الفاضح، أما إذا كانت تلك الأفعال قد ارتكبت بقصد التوغل في أعمال الفحش فإن ما وقع منه يعد بدءاً في تنفيذ جريمة هتك العرض وفقاً للقواعد العامة ولو كانت هذه الأفعال في ذاتها غير منافية للآداب، وإذ كان لا يشترط لتحقيق الشروع أن يبدأ الفاعل تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتباره شارعاً في ارتكاب الجريمة أن يأتي فعلاً سابقاً على تنفيذ الركن المادي لها ومؤدياً إليه حالاً ومباشرة, وكان الثابت في الحكم ومن التحقيقات أن المطعون ضده قد استدرج المجني عليه إلى مكان خال من المارة وأمسك به وهدده بسكين وتعدى عليه بالضرب وطرحه أرضاً وحاول حسر ملابسه عنه فقاومه مستغيثاً وعلى أثر ذلك توقف قائد إحدى السيارات ففر المطعون ضده هارباً، وحيث إن الأفعال التي أتاها المطعون ضده طبقاً لما سلف بيانه تتحقق بها جريمة الشروع في هتك عرض المجني عليه بالقوة بركنيها المادي والمعنوي والذي أُوقف أثره لسبب لا دخل لإرادة المطعون ضده فيه وهو استغاثة المجني عليه وتوقف أحد قائدي السيارات المارة بمكان الواقعة وأن تلك الأفعال تؤدى مباشرة وفي الحال إلى إتمام الجريمة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بما أورده من أسباب من أن ما تم من المتهم هو محاولة تعدى جنسي ساذجة غير محكمة لم تخرج عن مراودة المجني عليه عن نفسه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن القصور في التسبيب مما يوجب نقضه والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: أ- شرع في هتك عرض ...... بالقوة والتهديد بأن استدرجه إلى الحقول وهدده بأداة صلبة حادة (سكين) وتعدى عليه بالضرب بالأيدي في أنحاء متفرقة من جسده فأحدث إصاباته الموصوفة بالتقرير الطبي وطرحه أرضاً على وجهه وحاول نزع بنطاله ولكن أوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادته فيه هو استغاثة المجني عليه وفرار المتهم خشية ضبطه. ب- أحرز أداة (سكيناً) مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون أن يوجد لحملها أو إحرازها مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية. وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءته مما أسند إليه.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن ما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة الشروع في هتك عرض المجني عليه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أقام قضاءه على أن الأفعال التي ارتكبها المطعون ضده مع المجني عليه لا تؤدى إلى أن النتيجة الإجرامية قد اقترب وقوعها مغفلاً ما هو ثابت بالأوراق من أن المجني عليه كان قد أحيط به لولا مرور سيارة عابرة توقف قائدها على إثر استغاثته ففر المطعون ضده خشية ضبطه، كما أن المحكمة لم تعرض لقصده من إتيان هذه الأفعال والتي من شأنها أن تؤدى إلى تحقيق مقصده من العبث بعرض المجني عليه. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد برر قضاءه بالبراءة بقوله أن ".... الواقع المعروض في القضية قد تمثل في أن المتهم اصطحب المجني عليه إلى طريق حافل بالسيارات ومؤدى إلى قرية واستوقفه وطلب منه خلع ملابسه دون أن يعمد هو إلى نزعها جبراً وإن توسل في طلبه بضرب المجني عليه ولم تستطل يده لعورة من جسمه فلا يمكن القول أن طلب المتهم هذا مقرون بالتعدي على المجني عليه بفرض حصوله لا يؤدى حالاً ومباشرة إلى وقوع الجريمة التي ابتغاها ولو في صورة انكشاف عورة المجني عليه فحسب ذلك أن مقاومة المجني عليه وتمنعه قد تعادلت مع تعدى المتهم فذهب هذا التعدي هباءً ولم يكن من شأنه محاصرة المجني عليه وانفلاته بأسباب النجاة من المتهم حتى يمكن القول باقتراب حصول النتيجة الإجرامية وبعبارة أخرى فإن ما نسب للمتهم من محاولة التعدي جنسياً على المجني عليه بإيلاج وفى طريق عام مطروق كانت محاولة ساذجة غير محكمة أو محاولة مفضوحة كالتزوير المفضوح لا يتصور تمامها على أي من الناس فهي لم تخرج عن مراودة المجني عليه عن نفسه". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر حقيقة ما أدلى به المجني عليه بالتحقيقات من أن المطعون ضده حال إمساكه به وتهديده له بعد طلبه خلع ملابسه طلب منه الانبطاح على بطنه قاصداً فعل الفحشاء به ولم يعرض إلى هذه الأقوال ولم تُدل المحكمة برأيها فيها، فإن كل ذلك ينبئ عن أنها أصدرت حكمها بغير إحاطة كافية بظروف الدعوى وتمحيص سليم لأدلتها مما يصمه بعيب القصور في البيان مما أدى به إلى الفساد في الاستدلال، هذا وما انتهى إليه الحكم لا يتفق وصحيح القانون، ذلك أنه وإن كان الركن المادي في جريمة هتك العرض لا يتحقق إلا بوقوع فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليه يستطيل إلى جسمه فيصيب عورة من عوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية، إلا أنه متى ارتكب الجاني أفعالاً لا تبلغ درجة الجسامة التي تسوغ عدها من قبيل هتك العرض التام، فإن ذلك يقتضي تقصي الجاني من ارتكابها، فإذا كان قصده قد انصرف إلى ما وقع منه فقط فالفعل قد لا يخرج عن دائرة الفعل الفاضح، أما إذا كانت تلك الأفعال قد ارتكبت بقصد التوغل في أعمال الفحش فإن ما وقع منه يعد بدءاً في تنفيذ جريمة هتك العرض وفقاً للقواعد العامة ولو كانت هذه الأفعال في ذاتها غير منافية للآداب، وإذ كان لا يشترط لتحقيق الشروع أن يبدأ الفاعل تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتباره شارعاً في ارتكاب الجريمة أن يأتي فعلاً سابقاً على تنفيذ الركن المادي لها ومؤدياً إليه حالاً ومباشرة, وكان الثابت في الحكم ومن التحقيقات أن المطعون ضده قد استدرج المجني عليه إلى مكان خال من المارة وأمسك به وهدده بسكين وتعدى عليه بالضرب وطرحه أرضاً وحاول حسر ملابسه عنه فقاومه مستغيثاً وعلى أثر ذلك توقف قائد إحدى السيارات ففر المطعون ضده هارباً، وحيث إن الأفعال التي أتاها المطعون ضده طبقاً لما سلف بيانه تتحقق بها جريمة الشروع في هتك عرض المجني عليه بالقوة بركنيها المادي والمعنوي والذي أُوقف أثره لسبب لا دخل لإرادة المطعون ضده فيه وهو استغاثة المجني عليه وتوقف أحد قائدي السيارات المارة بمكان الواقعة وأن تلك الأفعال تؤدى مباشرة وفي الحال إلى إتمام الجريمة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بما أورده من أسباب من أن ما تم من المتهم هو محاولة تعدى جنسي ساذجة غير محكمة لم تخرج عن مراودة المجني عليه عن نفسه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن القصور في التسبيب مما يوجب نقضه والإعادة.

الأحد، 23 أكتوبر 2016

قضية رقم 15 لسنة 8 قضائية المحكمة العليا "تفسير"

باسم الشعب
المحكمة العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة أول ابريل سنة 1978م.
برئاسة السيد المستشار / بدوى إبراهيم حمودة                       رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : عمر حافظ شريف وعلى أحمد كامل وأبو بكر محمد عطيه نواب رئيس المحكمة وطه أحمد أبو الخير ومحمد فهمى حسن عشرى الوكيلين بالمحكمة والمستشار كمال سلامه عبد الله.                                                          أعضاء
وحضور السيد المستشار / محمد كمال محفوظ                          المفوض
وحضور السيد / سيد عبد البارى إبراهيم                              أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
فى طلب التفسير المقيد بجدول المحكمة العليا برقم 15 لسنة 8 قضائية عليا       " تفسير ".

" الوقائع "
          طلب وزير العدل – بكتابه الوارد فى 17 من ديسمبر سنة 1977 – إلى رئيس المحكمة العليا اصدار قرار بتفسير نص الفقرة الثانية من المادة 66 من الدستور التى تنص على أن " لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ، ولا توقع العقوبة إلا بحكم قضائى، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون" وذلك لبيان المقصود بعبارة " حكم قضائى " الواردة فى هذا النص.
          وجاء بهذا الطلب وبالمذكرة المرافقة له أن المادة 459 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه " لا يجوز توقيع العقوبات المقررة بالقانون لأية جريمة إلا بمقتضى حكم صادر من محكمة مختصة بذلك"، وأن المادة 235 من القانون المذكور أجازت لوكيل النائب العام – بالمحكمة التى تختص بنظر الدعوى- إصدار أمر جنائى بعقوبة الغرامة فى الجنح التى يصدر بتحديدها قرار من وزير العدل وفى المخالفات متى كان القانون لا يوجب الحكم فيها بالحبس أو بعقوبة تكميلية ولم يطلب فيها التضمينات أو الرد، على ألا تتجاوز الغرامة التى يؤمر بها – فى مواد الجنح – مائتى قرش، ثم جاء دستور سنة 1971 متضمنا النص فى الفقرة الثانية من المادة 66 على أن " ... ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى"، وقد أثار نص هذه الفقرة خلافا فى الرأى حول المقصود بعبارة " حكم قضائى" الواردة فيه، فذهب رأى إلى أن المقصود بهذه العبارة الحكم بمعناه الخاص أى القرار الصادر من محكمة مشكلة تشكيلا صحيحا فى خصومة تختص بنظرها وطرحت عليها وفقا للقانون.
          فى حين ذهب رأى آخر إلى أن المقصود بعبارة " حكم قضائى" المشار إليها هو الحكم بمعناه العام أى القرار الصادر من أى جهة أسبغ عليها القانون ولاية القضاء.
          وحسما للخلاف بين وجهتى النظر المشار إليها فى تفسير نص قانونى له أهميته فى مجال التطبيق، تقدم وزير العدل بطلب تفسيره عملاً بأحكام الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 1969، وأرفق بالطلب – تطبيقاً لنص المادة 14 من القانون رقم 66 لسنة 1970 بشأن الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا – مذكرة شارحة تضمنت الأسباب التى تستدعى طلب التفسير، وحافظة مستندات تضم صورة من كتاب نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس قسم التشريع مؤرخ فى 13 من يونيه سنة 1977 متضمنا رأى قسم التشريع بالمجلس فى شأن مشروع قانون أعدته وزارة العدل بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية المتعلقة بنظام الأوامر الجنائية، وجاء بهذا الكتاب أن " ... المشروع المعروض يتضمن تعديل المواد 323 و 324 و 325 مكررا فقرة أولى من قانون الإجراءات الجنائية ويستهدف التوسع فى السلطة المخولة للقاضى الجزئى ووكيل النيابة فى إصدار الأوامر الجنائية. ولما كانت المادة 66 من الدستور تنص فى فقرتها الثانية على أنه ( .... ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى ... )، ولما كان الأمر القضائى الصادر من وكيل النائب العام لايمكن اعتباره حكما قضائيا لأنه صادر من غير قاض أما الأمر الجنائى الصادر من القاضى الجزئى فيمكن اعتباره حكما إذ أنه صادر من قاض يفصل فى خصومة وإن كان ذلك يتم بإجراءات موجزة مبسطة، لذلك فإن قسم التشريع قد انتهى – بجلسته المعقودة بتاريخ 7/6/1977- إلى عدم الموافقة على تعديل المادة 325 مكررا فقرة أولى بما يتضمن التوسع فى السلطة المخولة لوكيل النائب العام فى إصدار الأوامر الجنائية، ولا يرى مانعا من الموافقة على تعديل المادتين 323 و 324 اللتين تتضمنان التوسع فى سلطة القاضى الجزئى فى إصدار الأوامر الجنائية".
          وقيد الطلب برقم 15 لسنة 8 ق عليا "تفسير" وأودعت هيئة المفوضين  تقريراً مسبباً بالرأى القانونى انتهت فيه إلى أنها ترى " أن الأمر الجنائى الذى يصدر من وكيل النائب العام يدخل فى مفهوم عبارة "حكم قضائى" الواردة فى نص الفقرة الثانية من المادة 66 من الدستور".
 وحدد لنظر الطلب أمام المحكمة جلسة 4 من مارس سنة 1978 حيث نظر على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إرجاء النطق بالقرار لجلسة اليوم وفيها صدر القرار الآتى.

" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطلب استوفى الأوضاع المقررة قانوناً.
ومن حيث إن طلب التفسير يستهدف بيان ما إذا كان الأمر الجنائى الصادر بالعقوبة من وكيل النائب العام فى الأحوال التى ينص عليها القانون يندرج فى مدلول عبارة " حكم قضائى" الواردة فى الفقرة الثانية من المادة 66 من الدستور سالفة البيان أم لا.
ومن حيث إن الفقرة الثانية من المادة 66 من الدستور تنص على أن " لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون ، ومن حيث إن المادة 67 من الدستور تنص على أن " المتهم برئ حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه" – ويبين من هذا النص أن الحكم الجنائى الذى توقع به العقوبة- وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة 66 من الدستور – هو الحكم الذى يصدر ممن أسند إليه الشارع ولاية القضاء فى المسائل الجنائية بشرط مراعاة ضمانات الدفاع المقررة، وأخصها التحقيق النهائى الذى تجريه المحكمة فى مواجهة المتهم بعد تمكينه من الحضور لإبداء دفاعه فى جلسة علنية إلاإذا رأت المحكمة – استثناءا – جعل الجلسة سرية مراعاة للنظام العام أوالآداب، ومن ثم فإنه لبيان ما إذا كان الأمر الجنائى الصادر بالعقوبة من وكيل النائب العام فى الأحوال المقررة قانونا وفقا لنص المادة 325 من قانون الإجراءات الجنائية يندرج فى مدلول عبارة " حكم جنائى" الواردة فى الفقرة الثانية من المادة 66 من الدستور يتعين الوقوف على أمرين، الأمر الأول هو استظهار ما إذا كان وكيل النائب العام إذ يصدر الأمر الجنائى بالعقوبة فى الأحوال المشار إليها يعتبر قائمة بوظيفة القضاء، والأمر الثانى هو استظهار ما إذا كانت ضمانات المحاكمة الجنائية مكفولة للمتهم الذى توقع عليه العقوبة بالأمر المذكور.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الأمر الأول وهو استظهار الطبيعة القانونية لعمل وكيل النائب العام عند إصداره الأوامر الجنائية بتوقيع العقوبة، فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الدستور إذ نص فى المادة 165 على أن " السلطة القضائية تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها" وفى المادة 172 منه على أن " يختص مجلس الدولة بالفصل فى المنازعات الإدارية وفى الدعاوى التأديبية..." فإنه لا يعنى غل يد الشارع عن اسناد الفصل فى بعض القضايا إلى جهات أخرى يخلع عليها ولاية القضاء فى هذه القضايا على أن يكون ذلك على سبيل الاستثناء من الأصل العام المقرر بهذين النصين متى اقتضت ذلك اعتبارات الصالح العام وعلى هذا النحو يعمل الشارع التفويض الذى خوله الدستور إياه فى المادة 167 بشأن تحديد الهيئات القضائية واختصاصاتها وتنظيم طريقة تشكيلها.
ولما كان هذا هو الشأن بالنسبة إلى الجهات الأخرى " غير المحاكم" التى يجوز تخويلها سلطة القضاء فى بعض القضايا فإنه يكون جائزا من باب أولى بالنسبة إلى وكلاء النيابة وهى على الرأى الراجح شعبة من السلطة القضائية تتولى أعمالا قضائية أهمها وظيفة التحقيق التى ورثتها عن قاضى التحقيق ثم وظيقة الاتهام أمام المحاكم الجنائية بحيث يتعين تمثيلها فى تشكيل هذه المحاكم وإلا كان قضاؤها باطلا ومن ثم تكون قراراتها قضائية ولهذا امتنعت على القضاء الإدارى منذ إنشاء مجلس الدولة لأنها " تخرج عن اختصاصه الأساسى وهو الفصل فى طلبات الغاء القرارات الإدارية يؤيد هذا النظر:
أولا – أن المادة 41 من الدستور التى أرست مبدأ الحرية الشخصية باعتبارها حقا طبيعيا كفلته للناس كافة بحيث لا يجوز فيما عدا حالة التلبس القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو من النيابة العامة وفقا لأحكام القانون مما يفيد أن الدستور قد سوى فى هذا الاختصاص القضائى بين النيابة والقضاء.
ثانيا – أن المادة 70 من الدستور تنص على ألا تقام الدعوى الجنائية إلا بأمر من جهة قضائية فيما عدا الأحوال التى يحددها القانون – وقد أسند الشارع هذا الاختصاص إلى النيابة العامة دون غيرها وذلك فى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية التى تنص على أن " تختص النيابة العامة دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها ولا ترفع من غيرها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون" ومن ثم تكون النيابة جهة قضائية فى مفهوم النص الدستورى سالف الذكر.
ثالثا – أن الدستور المصرى الصادر عام 1923 عرض النيابة العامة فى تنظيم السلطة القضائية فى الفصل الرابع فى المواد من 124 – 131 وذلك بعد أن تكلم عن القضاء وكذلك تحدث دستور سنة 1956 عن النيابة العامة فى الفصل الرابع من الباب الرابع الخاص بالسلطات تحت عنوان " السلطة القضائية" وذلك فى المادتين 181 و 182 بعد أن تكلم عن القضاة فى المواد من 175 – 180 ولئن كانت الدساتير التالية لم تعرض للنيابة العامة كشعبة من السلطة القضائية فمرد ذلك إلى أن هذا المبدأ قد استقر بحيث لم تعد ثمت حاجة للنص عليه.
رابعا – أن نظامنا القانونى مأخوذ عن النظام الفرنسى حيث يطلق لفظ Magistrat  على القاضى كما يطلق على أعضاء النيابة العامة مع تخصيص اصطلاح Magistrature assise للقضاة واصطلاح Magistrature de bout لأعضاء النيابة العامة.
خامسا – أن الشارع المصرى جرى على تنظيم النيابة العامة دائما فى تشريعات السلطة القضائية المنظمة لشئون القضاء والقضاة. ومن حيث أنه عن الأمر الثانى الخاص بكفالة ضمانات التقاضى فى الأوامر الجنائية التى يصدرها وكيل النيابة فإن المادة 327 من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لمن صدر ضده الأمر الجنائى بتوقيع العقوبة من القاضى أو من وكيل النائب العام أن يعلن عدم قبوله بتقرير فى قلم الكتاب خلال ثلاثة أيام من تاريخ اعلانه به، ورتبت على هذا التقرير سقوط الأمر واعتباره كأن لم يكن وتحديد جلسة تنظر فيها الدعوى أمام المحكمة، فإذا حضر الجلسة المحددة تنظر الدعوى فى مواجهته وفقا للإجراءات العادية.
وللمحكمة أن تحكم فى حدود العقوبة المقررة بعقوبة أشد من الغرامة التى قضى بها الأمر الجنائى. ( المادة 328 من قانون الإجراءات الجنائية).
أما إذا لم يحضر تعود للأمر قوته ويصبح نهائيا واجب التنفيذ – ويستفاد من هذين النصين أن الشارع إذ أجاز لوكيل النائب العام اصدار الأمر الجنائى فى الحالات المبينة فى المادة 325 من قانون الإجراءات الجنائية لم يغفل ضمانات التقاضى فى هذا الشأن إذ أجاز لمن صدر عليه الأمر أن يعترض عليه ورتب على هذا الاعتراض وجوب عرض الدعوى الجنائية من جديد على محكمة الدرجة الأولى لتفصل فيها بعد التحقيق النهائى الذى تجريه وبعد دعوة المتهم للحضور ولسماع دفاعه.
ومن حيث إن تحقيق هدف سرعة الفصل فى القضايا الذى بلغ من الأهمية حدا دعا الشارع إلى النص عليه فى المادة 68 من الدستور التى تقضى بأن تكفل الدولة سرعة الفصل فى القضايا ثم هدف تخفيف العبء الذى ينوء به القضاة قد استوجب كلاهما أن يستحدث الشارع نظام الأوامر الجنائية للفصل فى الدعاوى الجنائية البسيطة ونظام أوامر الأداء للفصل فى الدعاوى المدنية والتجارية قليلة الأهمية وأن يعهد بالفصل فيها للقضاة ويشترك معهم وكلاء النيابة فى إصدار الأوامر الجنائية مع تحديد حد أقصى للغرامة التى يجوز توقيعها بهذه الأوامر وهو بالنسبة إلى القضاة أعلى منه بالنسبة إلى وكلاء النيابة وقد سوى فى إجراءات اصدار هذه الأوامر والاعتراض عليها ونظر الدعوى فى حالة الاعتراض أمام المحكمة بالإجراءات العادية وعلى الجملة فى كافة الضمانات بين الأوامر التى تصدر من القضاة وتلك التى تصدر من وكلاء نيابة بعقوبة مالية بسيطة وخول المتهمين حق الاعتراض عليها وعندئذ يسقط الأمر الجنائى وتنظر الدعوى أمام المحكمة المختصة فى مواجهته بإجراءات العادية.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم أن الأمر الجنائى الذى يصدر بتوقيع العقوبة من وكيل النائب العام يدخل فى مفهوم عبارة " حكم قضائى " الواردة فى الفقرة الثانية من المادة 66 من الدستور.

" فلهذه الأسباب"

وبعد الإطلاع على الفقرة الثانية من المادة 66 وعلى المادتين 165 و 167 من الدستور.
قررت المحكمة :
" أن الأمر الجنائى الذى يصدر بتوقيع العقوبة من وكيل النائب العام فى الأحوال التى ينص عليها القانون يدخل فى مفهوم عبارة " حكم قضائى " الواردة فى الفقرة الثانية من المادة 66 من الدستور" .

الخميس، 20 أكتوبر 2016

الطعن 980 لسنة 70 ق جلسة 27 / 6 / 2012 مكتب فني 63 ق 151 ص 959

جلسة 27 من يوليو سنة 2012
برئاسة السيد القاضي/ ربيع عمر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد شفيع الجرف, شريف العشري, أسامة البحيري نواب رئيس المحكمة ومحمد منشاوي.
----------
(151)
الطعن 980 لسنة 70 ق
(1) نقض "الخصوم في الطعن بالنقض".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه. أن يكون المطعون ضده خصماً حقيقياً في الحكم المطعون فيه.
 (2)نقض "الخصوم في الطعن بالنقض" - هيئات "هيئات عامة". 
الهيئة القومية لسكك حديد مصر. هيئة عامة ولها شخصية اعتبارية وميزانية مستقلة ويمثلها رئيس مجلس إدارتها. م 22 ق 152 لسنة 1980. الطعن المقام من غير الأخير على الحكم المطعون فيه. غير مقبول شكلاً لرفعه من غير ذي صفة.
 (3)أموال "الأموال العامة للدولة: الترخيص بالانتفاع بالأموال العامة".
الأموال العامة. ماهيتها. الأموال المخصصة بالفعل أو بمقتضى قانون أو قرار للمنفعة العامة. تصرف السلطة الإدارية في الانتفاع بها يكون بطريق الترخيص المؤقت. م 87 مدني.
 (4)عقد "بعض أنواع العقود: العقد الإداري".
العقد الإداري. ماهيته. وجوب كون الدولة أو أحد الأشخاص العامة طرفاً فيه مع انطوائه على شروط استثنائية غير مألوفة واتصاله بمرفق عام تتحقق به المشاركة في تسييره أو تنظيمه.
 (5)اختصاص "الاختصاص المتعلق بالولاية". عقد "بعض أنواع العقود: العقد الإداري".
عدم ثبوت كون أرض التداعي من الأموال العامة وعدم توافر شروط العقد الإداري في العقد سند الدعوى. أثره. خضوع العقد الأخير لأحكام القانون الخاص باعتباره مالاً خاصاً لأحد الأشخاص العامة. انعقاد الاختصاص بنظر الدعوى لجهة القضاء العادي. قضاء الحكم المطعون فيه في موضوع الدعوى. قضاء ضمني في مسألة الاختصاص الولائي. النعي عليه بمخالفة القانون. على غير أساس.
 (6)عقد "تحديد موضوع العقد: تكييف العقد".
تكييف العقود وإنزال حكم القانون عليها. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
 (7)نقض "نظر الطعن أمام محكمة النقض: سلطة محكمة النقض".
محكمة النقض. عدم اقتصار مهمتها على وصف الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون. التزامها ببيان التطبيق القانوني الصحيح. علة ذلك.
(- 8 10) إيجار "تشريعات إيجار الأماكن: ما يخرج عن نطاق سريانها: إيجار الأرض الفضاء".
(8) سريان قوانين الإيجار المتعاقبة على الأماكن وأجزائها المؤجرة أو المعدة للسكنى أو لغير ذلك من الأغراض. الاستثناء. إيجار الأرض الفضاء. م 1 من القوانين 121 لسنة 47، 52 لسنة 69، 49 لسنة 1977.
(9) دعوى الإخلاء المستندة إلى عقد إيجار أرض فضاء. خضوعها للقواعد العامة في القانون المدني. لا يغير من ذلك وجود مبان وقت إبرام العقد أو مسابقة عليه لم تكن محل اعتبار عند التعاقد أو عند تقدير الأجرة. العبرة في نوع العين هو بما تضمنه العقد بشرط مطابقته للواقع.
(10) النص في العقد على أن العين المؤجرة أرض فضاء ثم تصريح الهيئة المؤجرة للمستأجر - المطعون ضده - بإقامة مبنى عليها لسكناه. مؤداه. بقاء وصفه القانوني الصحيح عقد إيجار خاضع للقانون المدني. قضاء الحكم المطعون فيه بثبوت العلاقة الإيجارية بين طرفي العقد تأسيساً على نشوء علاقة إيجاريه جديدة خاضعة لقوانين إيجار الأماكن بعد انتهاء خدمة المستأجر لدى الهيئة المؤجرة. خطأ وقصور.
-------------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يكفى فيمن يختصم في الطعن بالنقض أن يكون خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل ينبغي أن يكون خصماً حقيقياً وذا صفة في تمثيله بالخصومة.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الهيئة القومية لسكك حديد مصر طبقاً للقانون رقم 152 لسنة 1980 الصادر بإنشائها هي هيئة عامة ولها شخصية اعتبارية وميزانية مستقلة ويمثلها رئيس مجلس إدارتها، وأن النص في المادة 22 من القانون سالف البيان جرى على أن "يمثل رئيس مجلس الإدارة الهيئة أمام القضاء وفي صلاتها بالغير". لما كان ذلك، وكان الطاعن الأول بصفته هو الذي يمثل الهيئة القومية لسكك حديد مصر أمام القضاء دون غيره فإنه لا يقبل من الطاعن الثاني بصفته الطعن بالنقض على الحكم المطعون فيه إذ لا صفة له في تمثيل الهيئة في خصومة هذا الطعن، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للطاعن الثاني بصفته لرفعه من غير ذي صفة.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه وإن لم يحدد المشرع الأموال العامة - والتي يكون تصرف السلطة الإدارية في انتفاع الأفراد بها على سبيل الترخيص المؤقت غير الملزم لها - إلا أن المعيار في التعرف على صفة المال العام هو وعلى ما أورده نص المادة 87 من القانون المدني التخصيص للمنفعة العامة وهذا التخصيص كما يكون بموجب قانون أو قرار يجوز أن يكون تخصيصاً فعلياً.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يتعين لاعتبار العقد إدارياً أن تكون الدولة أو أحد الأشخاص العامة بوصفها سلطة عامة طرفاً فيه، وأن يتصل العقد بنشاط مرفق عام اتصالاً يتحقق به معنى المشاركة في تسييره أو تنظيمه وأن يتسم إلى جانب ذلك بالطابع المميز للعقود الإدارية التي تأخذ بأسلوب القانون العام فيما تتضمنه من شروط استثنائية غير مألوفة في العقود المدنية.
5 - إذ كان البين من الأوراق أنها خلت مما يفيد أن الأرض محل النزاع هي من الأموال العامة التي خصصت سواء بالفعل أو بمقتضى قانون أو قرار جمهوري أو قرار وزاري للمنفعة العامة، كما أن العقد سند الدعوي المؤرخ 1/ 7/ 1970 والمقدم صورته الضوئية - غير المجحودة - بالأوراق لا تتوافر فيه الشروط الواجبة لاعتباره عقداً إدارياً، ومن ثم فإن العقد سالف البيان يكون خاضعاً لأحكام القانون الخاص باعتبار أنه يرد على مال من الأموال الخاصة لأحد الأشخاص العامة ويكون الاختصاص بنظر الدعوى معقوداً بالتالي لجهة القضاء العادي دون القضاء الإداري، فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى في موضوع الدعوى مما يعد منه قضاء ضمنياً في مسألة الاختصاص الولائي وبالتالي لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تكييف العقود وإنزال حكم القانون عليها يخضع لرقابة محكمة النقض.
7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن واجب محكمة النقض لا يقتصر على مجرد وصف الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وإنما عليها أن تبين في حكمها التطبيق القانوني الصحيح لأن تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب الخصوم بل هو واجب القاضي.
8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المادة الأولى من قوانين إيجار الأماكن المتعاقبة أرقام 121 لسنة 1947، 52 لسنة 1969، 49 لسنة 1977 نصت على أن أحكامها تسري على الأماكن وأجزاء الأماكن المؤجرة أو المعدة للسكنى أو لغير ذلك من الأغراض، واستثنت هذه المواد صراحة من تطبيق حكمها الأرض الفضاء.
9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن ورود عقد الإيجار على أرض فضاء يجعل دعوى الإخلاء خاضعة للقواعد العامة في القانون المدني بصرف النظر عما إذا كان يوجد بتلك الأرض مبان وقت إبرام العقد أو سابقة عليه طالما أن المباني لم تكن محل اعتبار عند التعاقد أو عند تقدير الأجرة، وأن العبرة في تعرف العين المؤجرة هي بما تضمنه عقد الإيجار من بيان لها طالما جاء مطابقاً لحقيقة الواقع.
10 - إذ كان الثابت من الصورة الضوئية للعقد سند الدعوي المؤرخ 1/ 7/ 1970 أنه تضمن تأجير الهيئة الطاعنة للمطعون ضده أرض فضاء مساحتها 150 متراً لمدة سنة واحدة تنتهي في 30/ 6/ 1971 نظير أجرة سنوية مقدارها 1.500 جنيه، وقد صرح للمستأجر. المطعون ضده. بإقامة عشة من الطين والطوب في تاريخ لاحق على مساحة خمسين متراً وأن الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى قيام المطعون ضده بسداد الأجرة المتفق عليها بموجب إيصالات حتى تاريخ 1/ 9/ 1991 بما مؤداه - وبحسب نصوص العقد الواضحة في دلالة عباراته وانصراف إرادة عاقديه - أن العقد المشار إليه في حقيقته وطبقاً للتكييف القانوني الصحيح هو عقد إيجار لا يغير منه ما أطلق عليه طرفا الخصومة من توصيفات أخرى، وأن العين محل النزاع هي بحسب طبيعتها أرض فضاء لا يغير من إقامة المطعون ضده عليها مبنى لسكناه من ماله الخاص لما هو ثابت أن المبنى المذكور لم يكن محل اعتبار عند تعاقد الطرفين أو لدى تحديد أجرة الأرض محل النزاع، وإذ كانت هذه المحكمة قد خلصت فيما تقدم إلى أن العلاقة التي تربط طرفي الخصومة هي علاقة إيجارية قوامها عقد الإيجار المؤرخ 1/ 7/ 1970 وأن تلك العلاقة واردة على أرض فضاء مما يجعلها تخضع لأحكام القانون المدني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بثبوت العلاقة الإيجارية بين الهيئة الطاعنة والمطعون ضده عن عين النزاع تأسيساً على نشوء علاقة إيجاريه جديدة بين طرفي النزاع بعد انتهاء خدمة المطعون ضده لدى الهيئة تخضع لقانون إيجار الأماكن مما يعيبه ويوجب نقضه.
-------------------
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنين بصفتيهما الدعوى رقم .... لسنة 1996 أمام محكمة المنصورة الابتدائية بطلب الحكم بثبوت العلاقة الإيجارية بينه وبين سالفي البيان وبراءة ذمته من المبالغ المطالب بها، وقال بياناً لها إنه بموجب عقد مؤرخ 1/7/1970 استأجر منهما أرض فضاء مساحتها 150 م2 مبينة الحدود والمعالم بالعقد لقاء إيجار سنوي مقداره 1.500 جنيه، وبتاريخ 2/8/1973 صرحت له الهيئة الطاعنة بإقامة بناء عليها من ماله الخاص بغرض السكنى، وإذ أنذرته الهيئة بسداد مبلغ 16078 جنيهاً بقالة تعديه على مسطح 151م2 في الفترة من 1/7/1986 وحتى 1/7/1996 ومن ثم أقام الدعوى، ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره حكمت برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 51 ق المنصورة وبتاريخ 20/2/2000 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبثبوت العلاقة الإيجارية بين المطعون ضده وبين الطاعنين بصفتيهما. طعن الطاعنان بصفتيهما في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للطاعن الثاني بصفته لرفعه من غير ذي صفة وفي موضوع الطعن بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للطاعن الثاني بصفته أنه لا صفة له في تمثيل الهيئة الطاعنة في خصومة هذا الطعن
وحيث إن هذا الدفع سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه لا يكفي فيمن يُختصم في الطعن بالنقض أن يكون خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل ينبغي أن يكون خصماً حقيقياً وذا صفة في تمثيله بالخصومة، وأن الهيئة القومية لسكك حديد مصر طبقاً للقانون رقم 152 لسنة 1980 الصادر بإنشائها هي هيئة عامة ولها شخصية اعتبارية وميزانية مستقلة ويمثلها رئيس مجلس إدارتها، وأن النص في المادة 22 من القانون سالف البيان جرى على أن "يمثل رئيس مجلس الإدارة الهيئة أمام القضاء وفي صلاتها بالغير". لما كان ذلك، وكان الطاعن الأول بصفته هو الذي يمثل الهيئة القومية لسكك حديد مصر أمام القضاء دون غيره فإنه لا يقبل من الطاعن الثاني بصفته الطعن بالنقض على الحكم المطعون فيه إذ لا صفة له في تمثيل الهيئة في خصومة هذا الطعن، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للطاعن الثاني بصفته لرفعه من غير ذي صفة
وحيث إن الطعن – فيما عدا ذلك – استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بصفته بالأول منهما على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه دفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن الأرض محل النزاع تعتبر من الأموال العامة المملوكة للهيئة القومية لسكك حديد مصر، وإن شغل المطعون ضده لها يستند إلى ترخيص مؤقت بالانتفاع وهو ما يعد من قبيل الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام، مما ينعقد الاختصاص بنظر الدعوى للقضاء الإداري دون القضاء العادي وإذ قضى الحكم في موضوع النزاع دون أن يواجه الدفع المشار إليه، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه وإن لم يحدد المشرع الأموال العامة – والتي يكون تصرف السلطة الإدارية في انتفاع الأفراد بها على سبيل الترخيص المؤقت غير الملزم لها – إلا أن المعيار في التعرف على صفة المال العام هو وعلى ما أورده نص المادة 87 من القانون المدني التخصيص للمنفعة العامة وهذا التخصيص كما يكون بموجب قانون أو قرار يجوز أن يكون تخصيصاً فعلياً، وأنه يتعين لاعتبار العقد إدارياً أن تكون الدولة أو أحد الأشخاص العامة بوصفها سلطة عامة طرفاً فيه، وأن يتصل العقد بنشاط مرفق عام اتصالاً يتحقق به معنى المشاركة في تسييره أو تنظيمه وأن يتسم إلى جانب ذلك بالطابع المميز للعقود الإدارية التي تأخذ بأسلوب القانون العام فيما تتضمنه من شروط استثنائية غير مألوفة في العقود المدنية. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أنها خلت مما يفيد أن الأرض محل النزاع هي من الأموال العامة التي خصصت سواء بالفعل أو بمقتضى قانون أو قرار جمهوري أو قرار وزاري للمنفعة العامة، كما أن العقد سند الدعوى المؤرخ 1/7/1970 والمقدم صورته الضوئية – غير المجحودة – بالأوراق لا تتوافر فيه الشروط الواجبة لاعتباره عقداً إدارياً، ومن ثم فإن العقد سالف البيان يكون خاضعاً لأحكام القانون الخاص باعتبار أنه يرد على مال من الأموال الخاصة لأحد الأشخاص العامة ويكون الاختصاص بنظر الدعوى معقوداً بالتالي لجهة القضاء العادي دون القضاء الإداري، فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى في موضوع الدعوى مما يعد منه قضاءً ضمنياً في مسألة الاختصاص الولائي وبالتالي لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بصفته بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه لما كان شغل المطعون ضده لعين النزاع بعد انتهاء خدمته لدى الهيئة الطاعنة في 8/10/1988 وانتفاعه بها وحصول الهيئة على مقابل لهذا الانتفاع لا يكسب المطعون ضده الحق في البقاء بالعين ولا يضفي على العلاقة بين الطرفين وصف العلاقة الإيجارية، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بثبوت العلاقة الإيجارية بين الهيئة الطاعنة والمطعون ضده عن عين النزاع تأسيساً على نشوء علاقة إيجارية جديدة عقب انتهاء خدمة الأخير تخضع لقانون إيجار الأماكن فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في شقه الأخير سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة أن تكييف العقود وإنزال حكم القانون عليها يخضع لرقابة محكمة النقض، وأن واجب محكمة النقض لا يقتصر على مجرد وصف الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وإنما عليها أن تبين في حكمها التطبيق القانوني الصحيح لأن تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب الخصوم بل هو واجب القاضي، وأن المادة الأولى من قوانين إيجار الأماكن المتعاقبة أرقام 121 لسنة 1947، 52 لسنة 1969، 49 لسنة 1977 نصت على أن أحكامها تسري على الأماكن وأجزاء الأماكن المؤجرة أو المعدة للسكنى أو لغير ذلك من الأغراض، واستثنت هذه المواد صراحة من تطبيق حكمها الأرض الفضاء، وأن ورود عقد الإيجار على أرض فضاء يجعل دعوى الإخلاء خاضعة للقواعد العامة في القانون المدني بصرف النظر عما إذا كان يوجد بتلك الأرض مبان وقت إبرام العقد أو سابقة عليه طالما أن المباني لم تكن محل اعتبار عند التعاقد أو عند تقدير الأجرة، وأن العبرة في تعرف العين المؤجرة هي بما تضمنه عقد الإيجار من بيان لها طالما جاء مطابقاً لحقيقة الواقع. لما كان ذلك، وكان الثابت من الصورة الضوئية للعقد سند الدعوى المؤرخ 1970/7/1 أنه تضمن تأجير الهيئة الطاعنة للمطعون ضده أرض فضاء مساحتها 150 متراً لمدة سنة واحدة تنتهي في 30/6/1971 نظير أجرة سنوية مقدارها 1.500 جنيه، وقد صرح للمستأجر – المطعون ضده – بإقامة عشة من الطين والطوب في تاريخ لاحق على مساحة خمسين متراً وأن الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى قيام المطعون ضده بسداد الأجرة المتفق عليها بموجب إيصالات حتى تاريخ 1/9/1991 بما مؤداه – وبحسب نصوص العقد الواضحة في دلالة عباراته وانصراف إرادة عاقديه – أن العقد المشار إليه في حقيقته وطبقاً للتكييف القانوني الصحيح هو عقد إيجار لا يغير منه ما أطلق عليه طرفا الخصومة من توصيفات أخرى، وأن العين محل النزاع هي بحسب طبيعتها أرض فضاء لا يغير من إقامة المطعون ضده عليها مبنى لسكناه من ماله الخاص لما هو ثابت أن المبنى المذكور لم يكن محل اعتبار عند تعاقد الطرفين أو لدى تحديد أجرة الأرض محل النزاع، وإذ كانت هذه المحكمة قد خلصت فيما تقدم إلى أن العلاقة التي تربط طرفي الخصومة هي علاقة إيجارية قوامها عقد الإيجار المؤرخ 1/7/1970 وأن تلك العلاقة واردة على أرض فضاء مما يجعلها تخضع لأحكام القانون المدني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضي بثبوت العلاقة الإيجارية بين الهيئة الطاعنة والمطعون ضده عن عين النزاع تأسيساً على نشوء علاقة إيجارية جديدة بين طرفي النزاع بعد انتهاء خدمة المطعون ضده لدى الهيئة تخضع لقانون إيجار الأماكن مما يعيبه ويوجب نقضه.

الطعن 7831 لسنة 80 ق جلسة 25 / 6 / 2012 مكتب فني 63 ق 150 ص 955

 برئاسة السيد القاضي/ علي محمد علي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ ضياء أبو الحسن، محمد محمد المرسي, إيهاب الميداني ومحمد عاطف ثابت نواب رئيس المحكمة.
-----------
- 1  قانون "تفسير القانون: التفسير القضائي". "ملكية فكرية" حق المؤلف: الحماية القانونية لعنوان المصنف السمعي".
إسباغ الحماية على عنوان المصنفات المبتكرة. شرطه. تميز العنوان بطابع ابتكاري ذو لفظ غير دارج للدلالة على موضوع المصنف. العنوان المكون من كلمة واحدة معروفة لدى الكافة. خروجه عن إطار الحماية متى لم تستعمل الكلمة في الغرض المحدد لها أو أضيف إليها لفظ يؤدي اجتماعها إلى دلالة غير معتادة للمسامع. م 1، 2 ق 354 لسنة 1954 المعدل بق 38 لسنة 1992.
مفاد نص المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 354 لسنة 1954 بشأن حماية حق المؤلف المعدل بالقانون رقم 38 لسنة 1992 - المنطبق على واقعة الدعوى - أن المشرع شمل بالحماية مؤلفي المصنفات المبتكرة ومن بينها المصنفات السمعية التي تذاع بواسطة الإذاعة اللاسلكية ويكون التعبير عنها بالصوت، كما أسبغ هذه الحماية على عنوان المصنف واستلزم لذلك توافر شرطين متلازمين أولهما أن يكون هذا العنوان متميزاً بطابع ابتكاري، والثاني ألا يكون العنوان لفظاً جارياً للدلالة على موضوع المصنف، ومن ثم لا تنسحب هذه الحماية على العنوان المكون من كلمة واحدة لها مدلول ثابت ومعروف لدى الكافة في الدلالة على شيء معين، إلا إذا استعملت في غرض غير المحدد لها أو أضيف إليها لفظ آخر يؤدي جماعهما معاً إلى دلالة غير معتادة على المسامع.
- 2  قانون "تفسير القانون: التفسير القضائي". ملكية فكرية "حق المؤلف: الحماية القانونية لعنوان المصنف السمعي".
تفسير النصوص التشريعية. العبرة فيه بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني.
العبرة في تفسير النصوص التشريعية – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – هي بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني.
- 3  قانون "تفسير القانون: التفسير القضائي". ملكية فكرية "حق المؤلف: الحماية القانونية لعنوان المصنف السمعي".
الدلالة الاصطلاحية لابتكار الشيء - ماهيتها.
الدلالة الاصطلاحية لابتكار الشيء في اللغة هو الاستيلاء على باكورته بمعنى أن يكون وليد أفكار المرء بالمبادرة إليه وإدراك أوله متسماً بالحداثة والإبداع وبطابعه الشخصي.
- 4  قانون "تفسير القانون: التفسير القضائي". ملكية فكرية "حق المؤلف: الحماية القانونية لعنوان المصنف السمعي".
كلمة "مانشيت". كلمة دارجة تدل على الخبر. استعمالها بهذا القصد كعنوان لمصنف. أثره. خروجها عن وصف الابتكار وعدم تمتعها بالحماية التي قررها القانون. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا لنظر واعتبارها ذات طابع ابتكاري وترتيبه على ذلك تعويض. خطأ.
كلمة مانشيت من الألفاظ الدارجة التي تنطبع في الذهن بمعنى الخبر والتي جرى الناس على استعمالها بهذا القصد، فإنه ينتفي عنها وصف الابتكار إذا استعملت كعنوان للمصنف وتنحسر عنها الحماية التي قررها المشرع بالقانون 354 لسنة 1954 بشأن حماية حق المؤلف وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على اعتبار كلمة مانشيت ذات طابع ابتكاري ورتب على ذلك إلزام الطاعن بالتعويض المقضي به، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً فيما قضي به في الدعوى الأصلية.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعن الدعوى التي قيدت فيما بعد برقم ... لسنة 1 ق استئناف القاهرة الاقتصادية بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لها خمسة ملايين جنيه تعويضاً عن الأضرار التي لحقت بها، وذلك على سند من أنها صاحبة فكرة البرنامج الذي أذيع بإذاعة صوت العرب في سنتي 1993، 1994 تحت عنوان مانشيت، حيث فوجئت بقيام الطاعن بإخراج برنامج بالتليفزيون بذات العنوان وهو ما أضر بها مادياً وأدبياً ومن ثم فقد أقامت دعواها. ادعى الطاعن فرعياً بطلب إلزام المطعون ضدها بأن تؤدي له مبلغ عشرة ملايين جنيه تعويضاً عن الأضرار التي لحقت به نتيجة ادعائها قبله على خلاف الحقيقة وإقامة دعواها كيداً وإضراراً. ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 25 من فبراير سنة 2010 في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدها مبلغ 250000 جنيه وبرفض الدعوى الفرعية. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على دائرة فحص الطعون أصدرت قرارها بأنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي، والمرافعة، وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعي به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تفسير القانون وتأويله، إذ أسبغ وصف الابتكار على عنوان مصنف المطعون ضدها – مانشيت - رغم أنه من الألفاظ الجارية المتداولة بين أفراد المجتمع، كما أنه استُعمل كعنوان لبعض المصنفات في أوقات سابقة ولاحقة على إذاعة المطعون ضدها لمصنفها، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن مفاد نص المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 354 لسنة 1954 بشأن حماية حق المؤلف المعدل بالقانون رقم 38 لسنة 1992 - المنطبق على واقعة الدعوى - أن المشرع شمل بالحماية مؤلفي المصنفات المبتكرة ومن بينها المصنفات السمعية التي تذاع بواسطة الإذاعة اللاسلكية ويكون التعبير عنها بالصوت، كما أسبغ هذه الحماية على عنوان المصنف واستلزم لذلك توافر شرطين متلازمين أولهما أن يكون هذا العنوان متميزاً بطابع ابتكاري، والثاني ألا يكون العنوان لفظاً جارياً للدلالة على موضوع المصنف، ومن ثم لا تنسحب هذه الحماية على العنوان المكون من كلمة واحدة لها مدلول ثابت ومعروف لدى الكافة في الدلالة على شيء معين، إلا إذ استعملت في غرض غير المحدد لها أو أضيف إليها لفظ آخر يؤدي جماعهما معاً إلى دلالة غير معتادة على المسامع. وكانت العبرة في تفسير النصوص التشريعية – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هي بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني. وكانت الدلالة الاصطلاحية لابتكار الشيء في اللغة هو الاستيلاء على باكورته بمعنى أن يكون وليد أفكار المرء بالمبادرة إليه وإدراك أوله متسماً بالحداثة والإبداع وبطابعه الشخصي، وكانت كلمة مانشيت من الألفاظ الدارجة التي تنطبع في الذهن بمعنى الخبر والتي جرى الناس على استعمالها بهذا القصد، فإنه ينتفي عنها وصف الابتكار إذا استعملت كعنوان للمصنف وتنحسر عنها الحماية التي قررها المشرع بالقانون سالف البيان. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على اعتبار كلمة مانشيت ذات طابع ابتكاري ورتب على ذلك إلزام الطاعن بالتعويض المقضي به، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً فيما قضي به في الدعوى الأصلية
وحيث إنه إعمالا للمادة الثانية عشرة من قانون المحاكم الاقتصادية، فإنه يتعين التصدي لموضوع الدعوى، وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، وكانت المحكمة قد انتهت على نحو ما سلف بيانه إلى انحسار الحماية المقررة بالقانون سالف الذكر عن عنوان المصنف موضوع الدعوى، ومن ثم تقضي المحكمة في الدعوى الأصلية رقم .... لسنة 1 ق استئناف القاهرة الاقتصادية برفضها.