الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 1 سبتمبر 2024

الطعن 2470 لسنة 91 ق جلسة 4 / 12 / 2022 مكتب فني 73 ق 94 ص 889

جلسة 4 من ديسمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / سعيد فنجري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / سيد حامد ، ضياء الدين جبريل زيادة ومحمد قطب نواب رئيس المحكمة ومحمود البمبي.
----------------------
(94)
الطعن رقم 2470 لسنة 91 القضائية
(1) نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من القرارات " .
الطعن بطريق النقض . غير جائز إلا في الأحكام النهائية الصادرة في الموضوع والتي تنتهي بها الدعوى .
عدم جواز الطعن في قرار محكمة الجنايات بتأييد أمر المنع من التصرف . لا يغير من ذلك إسباغ المحكمة عليه وصف الحكم . علة وأساس ذلك ؟
(2) حكم " بيانات التسبيب " " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان والعناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتهما أدلة سائغة في بيان واف . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان ما أورده كافياً في الدلالة على إلمامه بالواقعة وظروفها .
بيان الحكم الأفعال المادية التي أتاها الطاعن والمحكوم عليه الآخر في بيان واف يفصح عن دوره في الجريمة التي دانه الحكم بها . لا قصور .
صيغة الاتهام المبينة بالحكم . جزء منه . كفاية الإحالة إليها في بيان الواقعة . النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن . غير مقبول .
(3) قضاة " صلاحيتهم " .
الرغبة في الإدانة . مسألة داخلية تقوم في نفس القاضي . تقدير الإدانة متروك له .
(4) مسئولية جنائية . نقض " المصلحة في الطعن " .
إثبات الحكم ارتكاب الطاعن للجريمتين اللتين دين بهما . نعيه بعدم تدليله على توافر عناصر اشتراكه فيهما . غير مجد . علة ذلك ؟
(5) استيلاء على أموال أميرية . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
جريمة الاستيلاء المنصوص عليها في المادة 113 مكرراً عقوبات . مناط تحققها ؟
تحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة الاستيلاء المنصوص عليها في المادة 113 مكرراً عقوبات . غير لازم . حد ذلك ؟
نعي الطاعن بانتفاء أركان جريمة الاستيلاء على أموال إحدى الشركات المساهمة والقصد الجنائي فيها . غير مقبول . متى اطرحه الحكم بأسباب سائغة .
مثال .
(6) نيابة عامة . دعوى جنائية " تحريكها " . دفوع " الدفع بعدم قبول الدعوى " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . استيلاء على أموال أميرية .
اختصاص النيابة العامة دون غيرها برفع الدعوى الجنائية لا يرد عليه قيد إلَّا استثناءً . أساس ذلك ؟
مثال لرد سائغ على الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية في جريمتي استيلاء على أموال إحدى الشركات المساهمة وتسهيله للغير .
(7) تعويض . دعوى مدنية .
عدم أحقية المضرور من الجريمة في اللجوء إلى الطريق الجنائي بعد إقامة دعواه المدنية والمطالبة بالتعويض أمام القضاء المدني . حد وأساس ذلك ؟
مثال .
(8) أمر الإحالة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إحالة الدعوى لمحكمة الجنايات عقب تحقيق الواقعة من النيابة العامة . مؤداه : اتصالها بالدعوى اتصالاً صحيحاً . النعي في هذا الشأن . غير مقبول . علة ذلك ؟
مثال .
(9) دعوى جنائية " حق التصدي " . نقض " المصلحة في الطعن " .
حق التصدي المنصوص عليه في المادة 11 إجراءات جنائية . جوازي لمحكمة الجنايات.
نعي الطاعن عدم إدخال متهمين آخرين في الدعوى . غير مجد . ما دام لا يحول دون مساءلته عن الجريمة التي دين بها .
(10) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
(11) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ".
عدم التزام المحكمة بندب خبير في الدعوى . ما دامت الواقعة قد وضحت لديها . اطراحها بأسباب سائغة طلب الطاعن ندب خبير حسابي . لا إخلال بحق الدفاع . لا يغير من ذلك ما أورده الحكم أن طلبه كان أمام النيابة العامة . علة ذلك ؟
(12) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً . علة ذلك ؟
(13) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " المصلحة في الطعن " " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه . حد ذلك ؟
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
ورود شهادة الشاهد على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها . غير لازم . كفاية أن تكون مؤدية إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ .
لمحكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه . عدم التزامها بأن تورد منها إلا ما تقيم عليه قضاءها . إسقاطها لبعض أقوال الشهود . مفاده : اطراحها . علة ذلك ؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
لمحكمة الموضوع تحصيل أقوال الشهود واستخلاص مراميها . حد ذلك ؟
نعي الطاعن بشأن إقرار لم يستند إليه الحكم في قضائه بالإدانة . غير مجد .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(14) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة .
مثال .
(15) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله . ماهيته ؟
مثال لما لا يعد تناقضاً في الحكم .
(16) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى على نحو يكشف عن وضوح فكرتها في عقيدة المحكمة . النعي باختلال فكرته عنها . غير مقبول .
(17) قانون " سريانه " . نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " . نيابة عامة .
عدم سريان أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها . خضوع جواز الطعن في الحكم أو القرار أو الأمر للقانون الساري وقت صدوره .
طعن النيابة العامة بطريق النقض في الحكم الصادر غيابياً بعد سريان القانون 74 لسنة 2007 . غير جائز . علة ذلك ؟
(18) قانون " تفسيره " . رد . استيلاء على أموال أميرية . تسهيل استيلاء على أموال أميرية . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
وجوب التحرز في تفسير القوانين الجنائية وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل . البحث في حِكمة التشريع ودواعيه تكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه . علة ذلك ؟
لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب التطبيق .
الرد بجميع صوره لا يعتبر عقوبة . المقصود منه ؟
إدانة المطعون ضده بجريمتي الاستيلاء على عقارات مملوكة لشركة مساهمة بوصفه رئيساً لمجلس إدارتها وتسهيل ذلك لغيره والقضاء بإلزامه برد قيمتها وليس ردها عيناً . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيحه بإلزامه برد العقارات بالإضافة لعقوبات الحبس والغرامة والعزل المقضي بها عليه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن المادة ٣٠ من القانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد نظمت طرق الطعن في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح مما مفاده أن الأصل عدم جواز الطعن بطريق النقض - وهو طريق استثنائي - إلا في الأحكام النهائية الصادرة في الموضوع التي تنتهي بها الدعوى أما القرارات والأوامر فإنه لا يجوز الطعن فيها إلا بنص . لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق أن النيابة العامة قد عرضت على محكمة الجنايات أمر المنع من التصرف رقم .... لسنة .... ، فإن ما يصدر من تلك المحكمة في هذه الحالة يكون في حقيقته قراراً متعلقاً بعمل من أعمال التحقيق وليس حكماً بالمعنى القانوني الوارد في المادة ٣٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، ولا يغير من ذلك أن تكون محكمة الجنايات قد أسبغت على القرار المطعون فيه وصف الحكم ، إذ العبرة في تحديد ماهيته هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره المحكمة عنه . وإذ كان ذلك ، وكان الأصل في القانون أن الحكم أو القرار أو الأمر يخضع من حيث جواز الطعن فيه للقانون الساري وقت صدوره ، وكان القرار المطعون فيه قد صدر بعد سريان القرار بالقانون رقم ١٧٠ لسنة ١٩٨٠ الذي ألغى طريق الطعن بالنقض في القرارات والأوامر المتعلقة بالتحقيق ، وكانت المادة ٣٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لا تجيز الطعن إلا في الأحكام النهائية ، فإن الطعن في قرار محكمة الجنايات الصادر بتأييد أمر المنع من التصرف محل الطعن يكون غير جائز وهو ما يتعين القضاء به .
2- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستقاة من أقوال كل من - .... ، .... (عضوا مجلس إدارة .... ) ، .... المدير المالي السابق للشركة المار بيانها ، .... المحاسب القانوني للشركة ، .... خبير تقييم ، .... المدير بالإدارة العامة للشئون القانونية لشركات الأموال بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ، .... رئيس مأمورية الشهر العقاري بـ .... ، .... رئيس مأمورية الشهر العقاري بـ .... ، .... بمكتب سجل تجاري الاستثمار بـ .... ، .... أمين مكتب سجل تجاري الاستثمار بـ .... - بتحقيقات النيابة العامة ، ومن اطلاع النيابة العامة على محضر مجلس إدارة .... المؤرخ .... ، ومن اطلاع المحكمة على كل من السجل التجاري للشركة ولائحة النظام الأساسي لها وميزانيتها لعام .... ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وأورد مضمون ومؤدى كل منها في بيان كاف وواف ، وكان القانون وإن أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها ، إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الحكم المطعون فيه - كافياً للإحاطة بها وواضحاً في الدلالة على أن المحكمة ألمت بالواقعة وبظروفها وأقوال شهود الإثبات عليها ، ودانت الطاعن وهي على بينة من أمرها ، فإن ذلك يكون محققاً للقانون ، فضلاً عن أن تحصيل المحكمة للواقعة في حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها كل من الطاعن والمحكوم عليه الآخر بما يفصح عن الدور الذي قام به في الجريمة التي دانه الحكم بها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءً منه ، فيكفي في بيان الواقعة الإحالة عليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور لاكتفائه بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة يكون لا محل له .
3- من المقرر أن حالة الرغبة في الإدانة من المسائل الداخلية التي تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وترك المشرع أمر الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الشأن لا يصح أن يبنى عليه وجه الطعن .
4- من المقرر أن مسئولية المتهم تتحدد بما ينسب إليه من وقائع ولا يحاج بما يقضى به على متهم آخر ، ومن ثم فلا جدوى للطاعن من نعيه على الحكم بالقصور في التدليل على توافر عناصر الاشتراك عن جريمتي الاستيلاء وتسهيلها للغير ما دام الثابت من الوقائع التي أثبتها ارتكاب الطاعن لهاتين الجريمتين اللتين دين بهما .
5- من المقرر أن جريمة الاستيلاء على مال إحدى شركات المساهمة المنصوص عليها في المادة ١١٣ مكرراً من قانون العقوبات لا تقع إلا إذا كان الجاني رئيساً أو عضو بمجلس إدارة إحدى الشركات المساهمة أو مديراً أو عاملاً بها وأن يكون المال المعتدى عليه ملكاً لشركة المساهمة التي يعمل فيها المتهم ، ويتحقق بمجرد حصوله على هذا المال خلسة أو عنوة أو حيله بقصد ضياع المال على ربه ، ولا مراء في أن ما أتاه الطاعن للحصول على المال المستولى عليه من التصرف بالبيع صورياً في قطعتي الأرض المملوكتين للشركة دون حق - بالمخالفة لقانون الشركات رقم 159 لسنة 1981 ولائحة النظام الأساسي للشركة - للمتهم الثاني ثم أعاد شرائهما منه ونقل ملكيتهما لنفسه بالمخالفة للتفويض الممنوح له من مجلس إدارة الشركة والذي لا يبيح له بيع أصول الشركة لنفسه بما مكنه من الاستيلاء عليها قد انطوى على حيلة توصل بها إلى الاستيلاء على المال وحرمان الشركة المجنى عليها منه ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هذه الجريمة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه ، فإن ما أورده الحكم من وقائع الدعوى تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين الطاعن بها ، مما يضحى معه رمي الحكم بالقصور في الرد على دفاعه بانتفاء أركانها والقصد الجنائي في حقه غير سليم ، هذا فضلاً أن المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن في هذا الشأن وأطرحته في منطق سائغ .
6- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بعدم قبول الدعوى الجنائية لمخالفة الشاهدين الأول والثاني للنظام الأساسي للشركة واطرحه استناداً إلى أن الجريمتين المسندتين للطاعن لا تتقيد فيهما النيابة العامة بأي قيد لاتخاذ إجراء التحقيق ورفع الدعوى عنهما ، وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه قيد إلا استثناء بنص خاص ، وإذ أقامت النيابة العامة الدعوى ضد الطاعن وباشرت التحقيق بوصف أنه وبصفته رئيس مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة ارتكب جريمتي الاستيلاء بغير حق على أموالها بنية التملك وتسهيل ذلك لغيره وطلبت عقابه بالمادتين 113 مكرراً/1 ، 118 من قانون العقوبات ، ودان الحكم الطاعن على مقتضى أحكام هذا القانون الذي خلا من أي قيد على حرية النيابة في رفع الدعوى عن الجريمتين المار بيانهما ، فإن ما يثيره في هذا الصدد يكون على غير سند .
7- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن سقوط حق الشاهدين الأول والثاني - المدعيين بالحق المدني - في اختيار الطريق الجنائي ، فإن المستفاد من مفهوم المخالفة لنص المادة 264 من قانون الإجراءات الجنائية أن المضرور من الجريمة لا يملك بعد رفع دعواه بطلب التعويض إلى المحكمة المدنية أن يلجأ إلى الطريق الجنائي إلا إذا كانت الدعوى الجنائية قد رفعت عن ذات الجريمة من النيابة العامة ، فإذا لم تكن قد رفعت منها امتنع على المدعي بالحقوق المدنية رفعها بالطريق المباشر، وكان البين من الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت من النيابة العامة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .
8- لما كان قيام النيابة العامة عقب تحقيق الواقعة بإحالتها إلى محكمة الجنايات بإجراءات صحيحة قانوناً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - يعني اتصال الأخيرة بالدعوى اتصالاً قانونياً صحيحاً ويكون استخلاصها منها لأدلة إدانة الطاعن له معينه من الأوراق وفقاً لصحيح القانون ، ولا يغير من ذلك ما أثاره الطاعن في هذا الصدد من عدم اتصال المحكمة بالدعوى الجنائية بأمر الإحالة المقدم من النيابة العامة لعدم صحته ولتضمنه بيع عقارات بقيمة أقل من الثمن الحقيقي لها ، لما هو مقرر من أن أمر الإحالة نهائي بطبيعته ، فلا محل للقول بوجود ضرر يستوجب بطلانه ، وإلا ترتب على ذلك إعادة الدعوى إلى جهة التحقيق بعد اتصالها بقضاء الحكم وهو غير جائز ، وأن كل ما للمتهم أن يطلب إلى المحكمة تصحيح ما جاء بأمر الإحالة خطأ وإبداء دفاعه بشأنه أمام المحكمة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذا كله يكون على غير أساس .
9- من المقرر أن حق التصدي المنصوص عليه في المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية متروكاً لمحكمة الجنايات تستعمله متى رأت ذلك دون إلزام عليها في هذا الشأن ، وإذ كانت المحكمة لم تشأ استعمال هذا الحق ، وكان لا جدوى للطاعن من التمسك بإدخال أشخاص آخرين في الدعوى ، طالما أن إدخال هؤلاء الأشخاص فيها لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجريمة التي دين بها ، فإن منعاه في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
10- من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم اطراحه المستندات التي تساند إليها الطاعن ، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من الأدلة القائمة في الدعوى ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد .
11- من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة طلب ندب خبير في الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، وما دام في مقدورها أن تشق طريقها في المسألة المطروحة عليها ، وكان الحكم قد انتهى في تدليل سائغ وسليم إلى أن الطاعن استولى لنفسه دون وجه حق على عقارات مملوكة لشركة المساهمة رئاسته وسهل ذلك للغير لعقارات أخرى ، فإن المحكمة إذ رفضت للأسباب السائغة التي أوردها الحكم وبعد أن وضحت لديها الواقعة المسندة إلى الطاعن طلبه ندب خبير حسابي للوقوف على صحة الواقعة وتقدير قيمة العقارات موضوع الأوراق لإجراء مقاصة لتسوية مديونية بينه وبين شريكيه الشاهدين الأول والثاني ، يكون حكمها بمنأى عن الإخلال بحق الدفاع ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد ، ولا يغير من ذلك ما أورده الحكم حال اطراحه لذلك الطلب من أن إبداءه كان من الطاعن أمام النيابة العامة وليس أثناء المحاكمة إذ إن ذلك لا أثر له في منطق الحكم ولا في النتيجة التي خلص إليها ، إذ يستوي الأمر إبدائه للطلب في أي مرحلة منهما .
12- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح بأسباب طعنه عن أوجه الدفاع والدفوع التي ينعى على الحكم عدم الرد عليها أو التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون في غير محله .
13- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، كما لها أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى المحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة في الدعوى ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، وهي في ذلك غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه فإن إسقاط الحكم لبعض ما ورد بأقوال شهود الإثبات - بفرض حصوله - ما يفيد اطراحها ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بوقوع الجريمتين موضوع الأوراق على الصورة التي اعتنقتها اطمئناناً منها لأقوال شهود الإثبات - التي حصلها بغير تناقض - وبصحة تصويرهم للواقعة ووثقت بروايتهم ، فإن ما يثيره الطاعن حول تصور المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأدلة الثبوت أو محاولة تجريحها بمقولة تناقض أقوال الشاهد الثاني وإغفال المحكمة لما جاء بها من ثبوت استيلاء الشاكيين على أموال الشركة وصحة إجراءات بيعه لعقاراتها محل الأوراق وعلمهما المسبق بذلك وفقاً لما جاء بالإقرار الصادر من مدير الشئون القانونية بالشركة ، ومن أن الواقعة لا تعدو أن تكون نزاع مدني ، ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها واستخلاص صورة الواقعة ، كما ارتسمت في وجدانها ، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه لم يتساند في قضائه بالإدانة إلى إقرار مدير الشئون القانونية للشركة ، وإنما عول في ذلك - حال رده على دفاع الطاعن بإجراء المقاصة - على أقوال سالف الذكر أمام المحكمة بأن ما حدث لم يوافق ما جاء بالإقرار لعدم تسليمه عقود البيع لمدير الشئون المالية بالشركة وإنما سلمها للطاعن ليخطر بها الأول الذي شهد أمام المحكمة بعدم استلامه لثمة عقود ، فإن ما ينعاه الطاعن من مخالفة شهادة سالف الذكر لمضمون الإقرار وأقواله بالتحقيقات يكون غير مجد ، فضلاً عن أن الحكم قد حصل أقوال مدير الشئون القانونية للشركة بما يتفق وما تضمنته أسباب الطعن منها ، فإن النعي عليه بدعوى مخالفة الثابت بالأوراق تكون غير مقبولة ، ولا يغير من الأمر أن الطاعن أراد لتلك الأقوال غير المعنى الذي استخلصه الحكم ، ذلك أن من حق محكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشهود وأن تفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن موضعها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بهذا الصدد يكون على غير محل .
14- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة العامة ، ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقص ، فإنه لا يحق له - من بعد - أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .
15- من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لواقعة الدعوى وساق على ثبوتها في حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه ، مما تنتفي معه قالة التناقض ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن - من عدم أخذ الحكم بمواد النظام الأساسي للشركة حال رده على دفعه بعدم قبول الدعوى وأخذه بها حال رفضه لدفعه بصحة إجراءات البيع - غير سديد
16- لما كان الحكم قد بيّن واقعة الدعوى على نحو يكشف عن وضوح فكرتها في عقيدة المحكمة وبما تتوافر به عناصرها القانونية ، فإن ما يدعيه الطاعن من اختلال فكرة الحكم عن موضوع الدعوى وعناصرها يكون غير سديد .
17- لما كان الحكم المطعون فيه صدر غيابياً بالنسبة للمطعون ضده الثاني / .... بجلسة 5/11/2020 وكان قد صدر من قبل القانون رقم 74 لسنة 2007 المعمول به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2007 والذي نص في المادة الخامسة منه على إلغاء المادة 33 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 والتي كانت تجيز للنيابة العامة الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم في جناية ، وكان الأصل في القانون أن الحكم أو القرار أو الأمر يخضع من حيث جواز الطعن فيه للقانون الساري وقت صدوره أخذاً بقاعدة عدم سريان أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بعد سريان القانون رقم 74 لسنة 2007 الذي أوصد باب الطعن بطريق النقض أمام النيابة العامة في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية ، ومن ثم فإن الطعن المقدم من النيابة العامة ضد المحكوم عليه الثاني / .... يكون غير جائز
18- من المقرر أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل ، وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته ، لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما تكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه ، إذ تدور الأحكام القانونية مع علتها لا مع حكمتها ، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه ، وكان الأصل في قواعد التفسير أن الشارع إذا ما أورد مصطلحاً معيناً في نص ما لمعنى معين وجب صرف هذا المعنى في كل نص آخر يرد فيه ، وكان نص المادة 118 من قانون العقوبات وإن جرى على أنه : ( فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112 ، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة ، 113 مكرراً فقرة أولى ، 114 ، 115 ، 116 ، 116 مكرراً ، 117 فقرة أولى يعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد 112 ، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة ، 113 مكرراً فقرة أولى ، 114 ، 115 بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه ) ، وكان المقرر أن الرد بجميع صوره لا يعتبر عقوبة إذ المقصود منه إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الجريمة وتعويض الدولة - أو المؤسسات المجني عليها - عن مالها الذي أضاعه المتهم عليها بما لازمه ومؤداه وصريح دلالته حسب الحكمة المبتغاة من تقريره أن يقتصر الحكم به على ما نسب للمحكوم عليه إضاعته من أموال وهو ذات المعنى الذي يساير مفهوم نص المادة 118 من قانون العقوبات بما تضمنه من إلزام المحكوم عليه في أي من الجرائم المشار إليها بالمادة آنفة الذكر بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه .... ، وكانت عقوبة الرد المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات هي عقوبة تكميلية وجوبية تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله ، وهي عقوبة نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ، فإنها تكون محددة بقدرها ، ولذلك فهي توقع بمقدار ما اختلسه المتهم أو استولى عليه ، وكان الحكم قد دان المطعون ضده الأول بجريمتي الاستيلاء على أموال مملوكة لشركة المساهمة بوصفه رئيساً لمجلس إدارتها بغير حق وبنية التملك وتسهيل ذلك لغيره على أموالها المنصوص عليها في المادة 113 مكرراً/1 من قانون العقوبات ، ومن ثم فإنه إذ قضى بإلزام المطعون ضده الأول برد مبلغ ستين مليون وثلاثمائة وسبعين ألف جنيه مصري - أخذاً بأقوال شاهد الإثبات الخامس لقيمة العقارات محل الاتهام - وليس رد العقارات والمحددة بقدرها عيناً بالأوراق محل الاتهام ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيح عقوبة الرد المقضي بها بإلزام المطعون ضده الأول برد العقارات محل الاتهام بالإضافة لعقوبات الحبس والغرامة والعزل المقضي بها عليه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من : ۱ - .... ( الطاعن ) ۲ - .... بأنهما :
المتهم الأول : 1- بصفته رئيس مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة ( .... ) استولى بغير حق وبنية التملك على الأموال المملوكة لجهة عمله بأن استولى على قطعتي الأرض المملوكتين لـها الأولى رقم .... بمساحة .... متر مربع المقدر قيمتها بمبلغ ١٦,٧٧٠,٠٠٠ مليون جنيه ( ستة عشر مليوناً وسبعمائة وسبعين ألف جنيه ) والثانية رقم .... بمساحة .... متر مربع والمقدر قيمتها بمبلغ ٣٢,٦٠٠,٠٠٠ مليون جنيه ( اثنين وثلاثين مليوناً وستمائة ألف جنيه ) والكائنتين بـ .... مدينة .... وكان ذلك حيلة بأن تصرف فيهما دون حق بالمخالفة لقانون الشركات رقم 159 لسنة ۱۹۸۱ ولائحة النظام الأساسي للشركة بصفته ممثلاً عن الشركة للمتهم الثاني بعد أن قدم طلباً لإدخاله كمشترٍ بدلاً منه لرفض الشهر العقاري نقل ملكيتهما باسمه لمخالفة ذلك لقواعد التصرف في أصول الشركة ونقل ملكيتهما للمتهم الثاني بموجب عقدي بيع مشهرين برقمي .... ، .... لسنة .... مكتب توثيق .... وأثبت بهما قيمة أقل من قيمتهما السوقية ودون توريدها للشركة جهة عمله ثم أعاد شرائهما ونقل ملكيتهما من المتهم الثاني لنفسه بموجب المشهرين رقمي .... ، .... لسنة .... مكتب توثيق .... مما مكنه من الاستيلاء عليهما بغير حق وبنية التملك على النحو المبين بالتحقيقات
2- بصفته السابقة سهل للغير الاستيلاء بغير حق على الأموال المملوكة لجهة عمله بأن سهل للمتهم الثاني الاستيلاء على الحانوتين رقمي .... بالدور الأرضي ورقم .... بالميزانين فوق الأرضي والبدروم بالعقار رقم .... والمقدر قيمتهما بمبلغ نحو ۱۱ مليون جنيه والمملوك لجهة عمله وكان ذلك حيلة بأن تصرف فيهما دون حق بالمخالفة لقانون الشركات رقم 159 لسنة ۱۹۸۱ ولائحة النظام الأساسي للشركة بصفته ممثلاً عن الشركة للمتهم الثاني بعد أن قدم طلباً لإدخاله كمشترٍ بدلاً منه لرفض الشهر العقاري نقل ملكيتهما باسمه لمخالفة ذلك لقواعد التصرف في أصول الشركة ونقل ملكيتهما للمتهم الثاني بموجب عقد بيع مشهر برقم .... لسنة .... مكتب توثيق .... وأثبت به قيمة تقل عن قيمتهما السوقية وقت البيع ودون توريدها للشركة جهة عمله مما مكنه من تسهيل استيلاء المتهم الثاني على تلك الأصول بغير حق وبنية التملك على النحو المبين بالتحقيقات .
المتهم الثاني : اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمتين موضوع الاتهامين السابقين بأن اتفق معه على ارتكابهما وساعده بأن أثبت شرائه للأصول المملوكة للشركة محل الاتهامين السابقين بدلاً من المتهم الأول ونقل ملكيتها لنفسه بموجب العقود المشهرة آنفة البيان تحايلاً على قواعد التصرف في تلك الأصول بالمخالفة لقانون الشركات رقم ١٥٩ لسنة ۱۹۸۱ ولائحة النظام الأساسي للشركة ثم بيع قطعتي الأرض للمتهم الأول واحتفظ بملكية الحانوتين موضوع الاتهام الثاني لنفسه فتمت الجريمة بناءً على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى كل من / .... ، .... ، .... قبل المتهمين بمبلغ مائة ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وغيابياً للثاني عملاً بالمواد ٤٠/ ثانياً وثالثاً ، ٤١/۱ ، ۱۱۳ مكرراً/۱ ، ۱۱۸ من قانون العقوبات ، مع إعمال المواد ۱۷ ، ۳۲ ، 55/1 ، ٥٦ من ذات القانون ، بمعاقبة كل منهما بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وإلزامهما برد مبلغ ستين مليون وثلاثمائة وسبعين ألف جنيه مصري وبغرامة مساوية لمبلغ الرد وعزل المتهم الأول من وظيفته لمدة سنتين عما أسند إليهما وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها بالنسبة للمتهم الأول فقط لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور هذا الحكم مع استمرار سريان أمر المنع من التصرف المقضي به في أموالهما حتى تمام تنفيذ العقوبات المالية المقضي بها وألزمتهما المصاريف الجنائية وبإحالة الدعوى المدنية المقامة قبل المتهم الأول إلى المحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
كما طعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
أولاً : عن الطعن المقدم من المحكوم عليه / .... :
1- بشأن قرار محكمة الجنايات بتأييد أمر المنع من التصرف في أمواله :
لما كانت المادة ٣٠ من القانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد نظمت طرق الطعن في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح مما مفاده أن الأصل عدم جواز الطعن بطريق النقض - وهو طريق استثنائي - إلا في الأحكام النهائية الصادرة في الموضوع التي تنتهي بها الدعوى أما القرارات والأوامر فإنه لا يجوز الطعن فيها إلا بنص . لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق أن النيابة العامة قد عرضت على محكمة الجنايات أمر المنع من التصرف رقم .... لسنة .... ، فإن ما يصدر من تلك المحكمة في هذه الحالة يكون في حقيقته قراراً متعلقاً بعمل من أعمال التحقيق وليس حكماً بالمعنى القانوني الوارد في المادة ٣٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، ولا يغير من ذلك أن تكون محكمة الجنايات قد أسبغت على القرار المطعون فيه وصف الحكم ، إذ العبرة في تحديد ماهيته هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره المحكمة عنه . وإذ كان ذلك ، وكان الأصل في القانون أن الحكم أو القرار أو الأمر يخضع من حيث جواز الطعن فيه للقانون الساري وقت صدوره ، وكان القرار المطعون فيه قد صدر بعد سريان القرار بالقانون رقم ١٧٠ لسنة ١٩٨٠ الذي ألغى طريق الطعن بالنقض في القرارات والأوامر المتعلقة بالتحقيق ، وكانت المادة ٣٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لا تجيز الطعن إلا في الأحكام النهائية ، فإن الطعن في قرار محكمة الجنايات الصادر بتأييد أمر المنع من التصرف محل الطعن يكون غير جائز وهو ما يتعين القضاء به .

2- بشأن أوجه الطعن على الحكم المطعون فيه :
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بصفته رئيس مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة بجريمتي الاستيلاء بغير حق على أموالها بنية التملك وتسهيل ذلك لغيره قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه حرر في صورة غامضة مبهمة وبصيغة عامة مجملة قاصرة عن بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ودوره والمتهم الآخر فيها ومضمون ومؤدى أدلتها خاصة أقوال شهود الإثبات منها مكتفياً في ذلك بترديد صيغة الاتهام مما ينبئ عن رغبة المحكمة في الإدانة ، ولم يدلل على عناصر اشتراكه في ارتكاب الواقعة ، ورد بما لا يسوغ على دفاعه ودفوعه المتعلقة بانتفاء أركان جريمة الاستيلاء والقصد الجنائي عنها في حقه لصحة ما قام به من إجراءات البيع لحصوله على تفويض صحيح بذلك من مجلس إدارة الشركة ، وبعدم قبول الدعوى الجنائية المقامة من الشاهدين الأول والثاني ضده لمخالفتها للنظام الأساسي للشركة الذي لا يبيح للمساهمين الشكوى إلا بموافقة ثلثي أعضاء الجمعية العمومية ، وسقوط حقهما أيضاً فيها لسبق لجوئهما للطريق المدني ، وبعدم اتصال المحكمة بالدعوى الجنائية بأمر الإحالة المقدم من النيابة العامة لعدم صحته ولتضمنه بيع عقارات بقيمة أقل من الثمن الحقيقي لها ، وطلبه إقامة الدعوى الجنائية ضد الشاهدين المار بيانهما باعتبارهما متهمين بوقائع استيلاء على أموال الشركة - غير من أقيمت الدعوى عليهما - وأحالتها للنيابة العامة لتحقيقها والتصرف فيها وفقاً لنص المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية بدلالة ما قدمه من مستندات لنفي الاتهام عنه ، والتفت الحكم عن إجابة طلبه بتحقيقات النيابة العامة ندب خبير حسابي للوقوف على صحة الواقعة وتقدير قيمة العقارات موضوع الأوراق لإجراء مقاصة لتسوية مديونية بينه وبين شريكيه الشاهدين سالفي الذكر خاصة وأنه أبدى ذلك الطلب الأخير أيضاً بجلسة المحاكمة ، وعن الرد على باقي دفوعه الجوهرية ، كما عول الحكم في الإدانة على أقوال شهود الإثبات رغم تناقض أقوال الشاهد الثاني وإغفال المحكمة لما جاء بها من ثبوت استيلاء الشاكيين على أموال الشركة وصحة إجراءات بيعه لعقاراتها محل الأوراق وعلمهما المسبق بذلك ، فضلاً عن قصور أدلة النيابة عن الواقعة ، وكون الأخيرة لا تعدو أن تكون نزاعاً مدنياً ، هذا إلى تناقض الحكم في أسبابه إذ إنه لم يأخذ بمواد النظام الأساسي للشركة الوارد وفقاً لقانون الشركات رقم 159 لسنة 1981 حال رده على دفعه بعدم قبول الدعوى بينما أخذ بها حال رفضه لدفعه بصحة إجراءات البيع مما ينبئ عن اختلال فكرة الحكم عن موضوع الدعوى ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستقاة من أقوال كل من - .... ، .... (عضوا مجلس إدارة شركة .... ) ، .... المدير المالي السابق للشركة المار بيانها ، .... المحاسب القانوني للشركة ، .... خبير تقييم ، .... المدير بالإدارة العامة للشئون القانونية لشركات الأموال بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ، .... رئيس مأمورية الشهر العقاري بـ .... ، .... رئيس مأمورية الشهر العقاري بـ .... ، .... بمكتب سجل تجاري الاستثمار بـ .... ، .... أمين مكتب سجل تجاري الاستثمار بـ .... - بتحقيقات النيابة العامة ، ومن اطلاع النيابة العامة على محضر مجلس إدارة .... المؤرخ .... ، ومن اطلاع المحكمة على كل من السجل التجاري للشركة ولائحة النظام الأساسي لها وميزانيتها لعام .... ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وأورد مضمون ومؤدى كل منها في بيان كاف وواف ، وكان القانون وإن أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها ، إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الحكم المطعون فيه - كافياً للإحاطة بها وواضحاً في الدلالة على أن المحكمة ألمت بالواقعة وبظروفها وأقوال شهود الإثبات عليها ، ودانت الطاعن وهي على بينة من أمرها ، فإن ذلك يكون محققاً للقانون ، فضلاً عن أن تحصيل المحكمة للواقعة في حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها كل من الطاعن والمحكوم عليه الآخر بما يفصح عن الدور الذي قام به في الجريمة التي دانه الحكم بها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءً منه ، فيكفي في بيان الواقعة الإحالة عليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور لاكتفائه بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكانت حالة الرغبة في الإدانة من المسائل الداخلية التي تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وترك المشرع أمر الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الشأن لا يصح أن يبنى عليه وجه الطعن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن مسئولية المتهم تتحدد بما ينسب إليه من وقائع ولا يحاج بما يقضى به على متهم آخر ، ومن ثم فلا جدوى للطاعن من نعيه على الحكم بالقصور في التدليل على توافر عناصر الاشتراك عن جريمتي الاستيلاء وتسهيلها للغير ما دام الثابت من الوقائع التي أثبتها ارتكاب الطاعن لهاتين الجريمتين اللتين دين بهما . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن جريمة الاستيلاء على مال إحدى شركات المساهمة المنصوص عليها في المادة ١١٣ مكرراً من قانون العقوبات لا تقع إلا إذا كان الجاني رئيساً أو عضو بمجلس إدارة إحدى الشركات المساهمة أو مديراً أو عاملاً بها وأن يكون المال المعتدى عليه ملكاً لشركة المساهمة التي يعمل فيها المتهم ، ويتحقق بمجرد حصوله على هذا المال خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه ، ولا مراء في أن ما أتاه الطاعن للحصول على المال المستولى عليه من التصرف بالبيع صورياً في قطعتي الأرض المملوكتين للشركة دون حق - بالمخالفة لقانون الشركات رقم 159 لسنة 1981 ولائحة النظام الأساسي للشركة - للمتهم الثاني ثم أعاد شرائهما منه ونقل ملكيتهما لنفسه بالمخالفة للتفويض الممنوح له من مجلس إدارة الشركة والذي لا يبيح له بيع أصول الشركة لنفسه بما مكنه من الاستيلاء عليها قد انطوى على حيلة توصل بها إلى الاستيلاء على المال وحرمان الشركة المجنى عليها منه ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هذه الجريمة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه ، فإن ما أورده الحكم من وقائع الدعوى تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين الطاعن بها ، مما يضحى معه رمي الحكم بالقصور في الرد على دفاعه بانتفاء أركانها والقصد الجنائي في حقه غير سليم ، هذا فضلاً أن المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن في هذا الشأن واطرحته في منطق سائغ . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بعدم قبول الدعوى الجنائية لمخالفة الشاهدين الأول والثاني للنظام الأساسي للشركة واطرحه استناداً إلى أن الجريمتين المسندتين للطاعن لا تتقيد فيهما النيابة العامة بأي قيد لاتخاذ إجراء التحقيق ورفع الدعوى عنهما ، وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه قيد إلا استثناء بنص خاص ، وإذ أقامت النيابة العامة الدعوى ضد الطاعن وباشرت التحقيق بوصف أنه وبصفته رئيس مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة ارتكب جريمتي الاستيلاء بغير حق على أموالها بنية التملك وتسهيل ذلك لغيره وطلبت عقابه بالمادتين 113 مكرراً/1 ، 118 من قانون العقوبات ، ودان الحكم الطاعن على مقتضى أحكام هذا القانون الذي خلا من أي قيد على حرية النيابة في رفع الدعوى عن الجريمتين المار بيانهما ، فإن ما يثيره في هذا الصدد يكون على غير سند . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن سقوط حق الشاهدين الأول والثاني - المدعيين بالحق المدني - في اختيار الطريق الجنائي ، فإن المستفاد من مفهوم المخالفة لنص المادة 264 من قانون الإجراءات الجنائية أن المضرور من الجريمة لا يملك بعد رفع دعواه بطلب التعويض إلى المحكمة المدنية أن يلجأ إلى الطريق الجنائي إلا إذا كانت الدعوى الجنائية قد رفعت عن ذات الجريمة من النيابة العامة ، فإذا لم تكن قد رفعت منها امتنع على المدعي بالحقوق المدنية رفعها بالطريق المباشر، وكان البين من الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت من النيابة العامة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان قيام النيابة العامة عقب تحقيق الواقعة بإحالتها إلى محكمة الجنايات بإجراءات صحيحة قانوناً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - يعني اتصال الأخيرة بالدعوى اتصالاً قانونياً صحيحاً ويكون استخلاصها منها لأدلة إدانة الطاعن له معينه من الأوراق وفقاً لصحيح القانون ، ولا يغير من ذلك ما أثاره الطاعن في هذا الصدد من عدم اتصال المحكمة بالدعوى الجنائية بأمر الإحالة المقدم من النيابة العامة لعدم صحته ولتضمنه بيع عقارات بقيمة أقل من الثمن الحقيقي لها ، لما هو مقرر من أن أمر الإحالة نهائي بطبيعته ، فلا محل للقول بوجود ضرر يستوجب بطلانه ، وإلا ترتب على ذلك إعادة الدعوى إلى جهة التحقيق بعد اتصالها بقضاء الحكم وهو غير جائز ، وأن كل ما للمتهم أن يطلب إلى المحكمة تصحيح ما جاء بأمر الإحالة خطأ وإبداء دفاعه بشأنه أمام المحكمة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذا كله يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان حق التصدي المنصوص عليه في المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية متروكاً لمحكمة الجنايات تستعمله متى رأت ذلك دون إلزام عليها في هذا الشأن ، وإذ كانت المحكمة لم تشأ استعمال هذا الحق ، وكان لا جدوى للطاعن من التمسك بإدخال أشخاص آخرين في الدعوى ، طالما أن إدخال هؤلاء الأشخاص فيها لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجريمة التي دين بها ، فإن منعاه في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم اطراحه المستندات التي تساند إليها الطاعن ، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من الأدلة القائمة في الدعوى ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة طلب ندب خبير في الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، وما دام في مقدورها أن تشق طريقها في المسألة المطروحة عليها ، وكان الحكم قد انتهى في تدليل سائغ وسليم إلى أن الطاعن استولى لنفسه دون وجه حق على عقارات مملوكة لشركة المساهمة رئاسته وسهل ذلك للغير لعقارات أخرى ، فإن المحكمة إذ رفضت للأسباب السائغة التي أوردها الحكم وبعد أن وضحت لديها الواقعة المسندة إلى الطاعن طلبه ندب خبير حسابي للوقوف على صحة الواقعة وتقدير قيمة العقارات موضوع الأوراق لإجراء مقاصة لتسوية مديونية بينه وبين شريكيه الشاهدين الأول والثاني ، يكون حكمها بمنأى عن الإخلال بحق الدفاع ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد ، ولا يغير من ذلك ما أورده الحكم حال اطراحه لذلك الطلب من أن إبداءه كان من الطاعن أمام النيابة العامة وليس أثناء المحاكمة إذ إن ذلك لا أثر له في منطق الحكم ولا في النتيجة التي خلص إليها ، إذ يستوي أمر إبدائه للطلب في أي مرحلة منهما . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح بأسباب طعنه عن أوجه الدفاع والدفوع التي ينعى على الحكم عدم الرد عليها أو التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، كما لها أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى المحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة في الدعوى ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، وهي في ذلك غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه فإن إسقاط الحكم لبعض ما ورد بأقوال شهود الإثبات - بفرض حصوله - ما يفيد اطراحها ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بوقوع الجريمتين موضوع الأوراق على الصورة التي اعتنقتها اطمئناناً منها لأقوال شهود الإثبات - التي حصلها بغير تناقض - وبصحة تصويرهم للواقعة ووثقت بروايتهم ، فإن ما يثيره الطاعن حول تصور المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأدلة الثبوت أو محاولة تجريحها بمقولة تناقض أقوال الشاهد الثاني وإغفال المحكمة لما جاء بها من ثبوت استيلاء الشاكيين على أموال الشركة وصحة إجراءات بيعه لعقاراتها محل الأوراق وعلمهما المسبق بذلك وفقاً لما جاء بالإقرار الصادر من مدير الشئون القانونية بالشركة ، ومن أن الواقعة لا تعدو أن تكون نزاع مدني ، ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها واستخلاص صورة الواقعة ، كما ارتسمت في وجدانها ، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه لم يتساند في قضائه بالإدانة إلى إقرار مدير الشئون القانونية للشركة ، وإنما عول في ذلك - حال رده على دفاع الطاعن بإجراء المقاصة - على أقوال سالف الذكر أمام المحكمة بأن ما حدث لم يوافق ما جاء بالإقرار لعدم تسليمه عقود البيع لمدير الشئون المالية بالشركة وإنما سلمها للطاعن ليخطر بها الأول الذي شهد أمام المحكمة بعدم استلامه لثمة عقود ، فإن ما ينعاه الطاعن من مخالفة شهادة سالف الذكر لمضمون الإقرار وأقواله بالتحقيقات يكون غير مجد ، فضلاً عن أن الحكم قد حصل أقوال مدير الشئون القانونية للشركة بما يتفق وما تضمنته أسباب الطعن منها ، فإن النعي عليه بدعوى مخالفة الثابت بالأوراق تكون غير مقبولة ، ولا يغير من الأمر أن الطاعن أراد لتلك الأقوال غير المعنى الذي استخلصه الحكم ، ذلك أن من حق محكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشهود وأن تفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن موضعها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بهذا الصدد يكون على غير محل . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة العامة ، ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقص ، فإنه لا يحق له - من بعد - أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لواقعة الدعوى وساق على ثبوتها في حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه ، مما تنتفي معه قالة التناقض ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن - من عدم أخذ الحكم بمواد النظام الأساسي للشركة حال رده على دفعه بعدم قبول الدعوى وأخذه بها حال رفضه لدفعه بصحة إجراءات البيع - غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى على نحو يكشف عن وضوح فكرتها في عقيدة المحكمة وبما تتوافر به عناصرها القانونية ، فإن ما يدعيه الطاعن من اختلال فكرة الحكم عن موضوع الدعوى وعناصرها يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ثانياً : عن الطعن المقدم من النيابة العامة ضد المحكوم عليه الثاني غيابياً : .... :
لما كان الحكم المطعون فيه صدر غيابياً بالنسبة للمطعون ضده الثاني / .... بجلسة 5/11/2020 وكان قد صدر من قبل القانون رقم 74 لسنة 2007 المعمول به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2007 والذي نص في المادة الخامسة منه على إلغاء المادة 33 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 والتي كانت تجيز للنيابة العامة الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم في جناية ، وكان الأصل في القانون أن الحكم أو القرار أو الأمر يخضع من حيث جواز الطعن فيه للقانون الساري وقت صدوره أخذاً بقاعدة عدم سريان أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ

نفاذها ، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بعد سريان القانون رقم 74 لسنة 2007 الذي أوصد باب الطعن بطريق النقض أمام النيابة العامة في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية ، ومن ثم فإن الطعن المقدم من النيابة العامة ضد المحكوم عليه الثاني / .... يكون غير جائز.

ثالثاً : عن الطعن المقدم من النيابة العامة ضد المحكوم عليه الأول / .... :
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده الأول بصفته رئيس مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة بجريمتي الاستيلاء على أموال مملوكة للشركة بغير حق وبنية التملك وتسهيل ذلك لغيره قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أنه قضى بإلزامه برد قيمة العقارات محل الجريمتين نقداً دون إلزامه بردها والمحددة عيناً بالتحقيقات ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه جزئياً وتصحيحه .
وحيث إنه من المقرر أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل ، وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته ، لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما تكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه ، إذ تدور الأحكام القانونية مع علتها لا مع حكمتها ، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه ، وكان الأصل في قواعد التفسير أن الشارع إذا ما أورد مصطلحاً معيناً في نص ما لمعنى معين وجب صرف هذا المعنى في كل نص آخر يرد فيه ، وكان نص المادة 118 من قانون العقوبات وإن جرى على أنه : ( فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112 ، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة ، 113 مكرراً فقرة أولى ، 114 ، 115 ، 116 ، 116 مكرراً ، 117 فقرة أولى يعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد 112 ، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة ، 113 مكرراً فقرة أولى ، 114 ، 115 بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه ) ، وكان المقرر أن الرد بجميع صوره لا يعتبر عقوبة إذ المقصود منه إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الجريمة وتعويض الدولة - أو المؤسسات المجني عليها - عن مالها الذي أضاعه المتهم عليها بما لازمه ومؤداه وصريح دلالته حسب الحكمة المبتغاة من تقريره أن يقتصر الحكم به على ما نسب للمحكوم عليه إضاعته من أموال وهو ذات المعنى الذي يساير مفهوم نص المادة 118 من قانون العقوبات بما تضمنه من إلزام المحكوم عليه في أي من الجرائم المشار إليها بالمادة آنفة الذكر بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه .... ، وكانت عقوبة الرد المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات هي عقوبة تكميلية وجوبية تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله ، وهي عقوبة نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ، فإنها تكون محددة بقدرها ، ولذلك فهي توقع بمقدار ما اختلسه المتهم أو استولى عليه ، وكان الحكم قد دان المطعون ضده الأول بجريمتي الاستيلاء على أموال مملوكة لشركة المساهمة بوصفه رئيساً لمجلس إدارتها بغير حق وبنية التملك وتسهيل ذلك لغيره على أموالها المنصوص عليها في المادة 113 مكرراً/1 من قانون العقوبات ، ومن ثم فإنه إذ قضى بإلزام المطعون ضده الأول برد مبلغ ستين مليون وثلاثمائة وسبعين ألف جنيه مصري - أخذاً بأقوال شاهد الإثبات الخامس لقيمة العقارات محل الاتهام - وليس رد العقارات المحددة عيناً بالأوراق محل الاتهام ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيح عقوبة الرد المقضي بها بإلزام المطعون ضده الأول برد العقارات محل الاتهام بالإضافة لعقوبات الحبس والغرامة والعزل المقضي بها عليه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق