جلسة 18 من نوفمبر سنة 1978
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عدلي مصطفى بغدادي وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم على صالح، محمود حسن رمضان، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل وحسن عثمان حسن عمار.
----------------
(329)
الطعن رقم 1434 لسنة 47 ق
(1، 2) اختصاص. قضاء مستعجل. حكم "حجية الحكم". إيجار.
(1) اختصاص القضاء المستعجل. قاصر على اتخاذ الإجراءات الوقتية. عدم جواز الاتفاق على إسباغ اختصاص آخر له. الحكم الصادر من القضاء المستعجل بطرد المستأجر. لا يحول دون التجائه لقاضي الموضوع للفصل في أصل النزاع.
(2) الحكم الصادر من القضاء المستعجل بطرد المستأجر لتأخره في سداد الأجرة. لا حجية له أمام محكمة الموضوع. للمستأجر اللجوء لقاضى الموضوع لطلب استمرار العلاقة الإيجارية. شرطه. أن يقوم بسداد الأجرة وفوائدها والمصاريف قبل إقفال باب المرافعة فيها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 280 لسنة 1974 مدنى مصر الجديدة التي قيدت بعد إحالتها إلى محكمة القاهرة الابتدائية برقم 1872 سنة 1975 مدنى شمال القاهرة - ضد الطاعنة للحكم بتمكينه من الانتفاع بالشقة المبينة بصحيفة الدعوى، وقال بياناً لدعواه إنه استأجر عين النزاع من الطاعنة لقاء أجرة شهرية قدرها 3 جنيهات و956 مليم تدفع مقدماً فى أول كل شهر، ولامتناعها عن قبضها منذ شهر سبتمبر سنة 1972 فقد أخطرها نائبه لتسليمها وإلا قام بإيداعها خزانة مأموريه العوائد فلما أصرت على الرفض أودع فى 14 نوفمبر سنة 1972 أجرة أشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وأخطرها بذلك. وإذ استصدرت الطاعنة ضده حكماً من القضاء المستعجل بطرده من الشقة فقد أقام دعواه وفى 31/ 12/ 1975 حكمت المحكمة برفض الدعوى استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 689 سنة 93 ق القاهرة للحكم له بطلباته. وبتاريخ 29/ 11/ 1977 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وتمكينه من الانتفاع بالشقة موضوع النزاع. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى لانعقاد الاختصاص بها للقضاء المستعجل وحده نفاذاً لاتفاق طرفي الخصومة في عقد الإيجار المبرم بينهما، وإذ التجأت إليه وحصلت منه على حكم بطرد المطعون عليه فقد كان على محكمة الموضوع القضاء بعدم الاختصاص بيد أن الحكم المطعون فيه رفض الدفع تأسيساً على أن هذا الاتفاق لا يحول بين المطعون عليه وبين الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي متمثلة في محكمة الموضوع وهو نظر غير صحيح لمخالفته شروط عقد الإيجار.
وحيث إن هذا النعي مردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن اختصاص القضاء المستعجل يقف عند اتخاذ إجراء وقتي مبناه ظاهر الأوراق ولا يمس أصل الحق وأنه لا يجوز الاتفاق على إسباغ اختصاص له يجاوز هذا الحد، ومن ثم فإن التجاء الطاعنة إلى القضاء المستعجل وحصولها منه على حكم موقوت بطرد المستأجر - المطعون عليه - لا يحول دون حقه في الالتجاء إلى محكمة الموضوع للفصل في أصل النزاع، باعتبارها صاحبة الولاية العامة في المنازعات المدنية والتجارية والتي أولاها المشرع الاختصاص في الأنزعة الناشئة عن تطبيق قانون إيجار الأماكن، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى اختصاص القضاء الموضوعي بنظر دعوى المطعون عليه، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق وفى بيان ذلك تقول أنها تمسكت في دفاعها بأن عقد الإيجار إذ تضمن الشرط الفاسخ الصريح، فإن الفسخ يقع حتماً بمجرد تحقق الشرط ويسلب القاضي سلطته التقديرية بشأنه، إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع ولم يعن بالرد عليه. هذا إلى أن الحكم استند في قضائه إلى أن وفاء المطعون عليه بالأجرة كان لاحقا على الحكم المستعجل الصادر في 4/ 12/ 1972 بطرده من عين النزاع، فيعتبر واقعة جديدة تجيز لقاضى الموضوع الحكم بإعادة المستأجر إلى العين المقضي بطرده منها، في حين أن الثابت من الأوراق أن الأجرة المتأخرة أودعت في 14/ 11/ 1972 فيكون الإيداع سابقاً على الحكم المستعجل وهو ما لم يفطن إليه الحكم المطعون فيه مما يعيبه بمخالفة الثابت في الأوراق.
وحيث إن النعي في شقه الأول مردود ذلك أنه لما كان القانون، تيسيراً على المستأجر الذى يقعد عن الوفاء بالأجرة، وتوقياً لما يرتبه ذلك من فسخ عقد الإيجار سواء إعمالاً لاتفاق طرفي العقد أو إتباعاً لأحكام القانون فى شأن فسخ العقود أتاح للمستأجر فرصة التمسك باستمرار العلاقة الإيجارية ليتفادى إخلاء المكان المؤجر وذلك بالقيام بأداء الأجرة وفوائدها والمصاريف الرسمية حتى إقفال باب المرافعة في الدعوى القائمة بينه وبين المؤجر بشأن قيام العقد أو انقضائه بسبب النزاع حول الوفاء بالأجرة الأمر الذي قضت به الفقرة (أ) من المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 من عدم جواز إخلاء المكان المؤجر ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إذ قام المستأجر المتأخر في الوفاء بالأجرة - بأدائها وفوائدها والمصاريف الرسمية قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى، مما مفاده التزام قاضي الموضوع - المنوط به الفصل في المنازعة حول فسخ عقد الإيجار - بإنزال حكم القانون سالف البيان عليها وعدم الحكم بإخلاء المكان المؤجر إلا إذا فوت المستأجر على نفسه الحماية المقررة لصالحه قانوناً بغض النظر عما يكون قد صدر ضده من حكم وقتي من القضاء المستعجل بطرده من المكان استناداً إلى ما يحتويه عقد الإيجار من شرط فاسخ صريح، وذلك لانعدام حجية أحكام هذا القضاء أمام قاضى الموضوع لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه أودع خزانة العوائد الأجرة المستحقة في ذمته للطاعنة في 14/ 11/ 72 وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنة السالف البيان بسبب النعي، ورد عليه بقوله إنه يحق للمستأجر توقى الحكم بإخلائه من العين المؤجرة رغم تحقق الشرط الفاسخ الصريح إذا قام بالوفاء بالأجرة وملحقاتها فإن ذلك من الحكم يعتبر رداً كافياً على ما أثارته الطاعنة ويكون النعي عليه بالقصور في التسبيب غير سديد. هذا والنعي في شقه الثاني مردود بأنه ولئن ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن مجال إعادة النظر أمامه في الحكم الصادر من القضاء المستعجل رهن بظهور واقعة جديدة بعد صدوره وكان هذا منه تقريرا قانونيا خاطئا لأنه من المقرر أنه لا حجية لأحكام القضاء المستعجل أمام قاضى الموضوع ويجوز له ابتداء ألا يعتد بها، فإنه لا يجدى الطاعنة تمسكها بخطأ ما أورده الحكم من أن الإيداع لاحق على صدور الحكم المستعجل طالما كان الثابت أن المطعون عليه أوفى بالأجرة المستحقة للطاعنة قبل إقفال باب المرافعة في دعوى الموضوع ولذلك فإن النعي على الحكم بمخالفة الثابت في الأوراق يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت فى الأوراق والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول أنها نازعت فيما ادعاه المطعون عليه من إيداعه أجرة ثلاثة أشهر في 14/ 11/ 1972 خزانة مأمورية العوائد ونفت علمها به وتمسكت بعدم اعتباره وفاء مبرئاً لذمته من الأجرة ولا يحول دون اعتبار عقد الإيجار موضوع الدعوى مفسوخاً. وإذ استند الحكم المطعون فيه إلى القول بأن الطاعنة لم تدفع ببطلان إيداع الأجرة خزانة العوائد وأنه لا يحق لمحكمة أول درجة التصدي له وتقرير بطلانه لعدم تعلق هذا الأمر بالنظام العام ورتب على ذلك اعتبار الإيداع مبرئا لذمة المطعون عليه فإن الحكم يكون معيباً بمخالفة الثابت في الأوراق والفساد في الاستدلال. وحيث إن النعي مردود بأن البين من مطالعة دفاع الطاعنة أن حاصل ما تمسكت به في شأن إيداع الأجرة هو قولها "وقد أودع المدعى الأجرة في العوائد على ادعائه في 14/ 11/ 1972 وهي لا تعتبر أجرة لانفساخ العقد وإنما هي مقابل انتفاع الشقة (ريع) وتعتبر من حق المدعى عليها ومع ذلك لم تصرفها.
ولما كان الحكم المطعون فيه لم يعدل على هذه العبارة المرسلة ولم يعتبرها اعتراضاً منها على الإيداع أو دفعاً ببطلان إجراءاته واستند في قضائه على علمها بالإيداع وعدم تمسكها ببطلانه واعتبره مبرئاً لذمة المطعون عليه طبقاً للمادة 19 من القانون رقم 52 لسنة 1969 فإنه يكون قد أقام قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق ولا يعدو ما أثارته الطاعنة أن يكون جدلاً في فهم الواقع في الدعوى تختص به محكمة الموضوع ولا تقبل إثارته أمام محكمة النقض ويكون النعي بهذا السبب غير صحيح.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق