الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 6 أغسطس 2024

الطعن 39 لسنة 23 ق جلسة 7/ 7/ 1953 مكتب فني 4 ج 3 ق 383 ص 1135

جلسة 7 من يوليه سنة 1953

المؤلفة من السيد رئيس المحكمة أحمد محمد حسن رئيسا, والسادة المستشارين: إسماعيل مجدي, وحسن داود, ومحمود إبراهيم إسماعيل, وأنيس غالي أعضاء.

-----------------

(383)
القضية رقم 39 سنة 23 القضائية

أ, ب - عفو شامل. 

ضابط بالقسم السياسي تعذيبه المتهمين في جريمة شملها العفو باعتبارها سياسية هذه الجريمة لا تعتبر جريمة سياسية, ولا تنطبق عليها الفقرة الثانية من المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952. متى يتحقق الارتباط ؟

------------------
1 - إن كون الطاعن يشتغل بالبوليس السياسي وحصر اختصاصه في القضايا السياسية ليس من شأنه أن يضفي على وظيفته أية صفة سياسية أو يطبع تصرفاته بالطابع السياسي, ولا يغير من ذلك أن يكون هذا الموظف قد هدف إلى الدفاع عن الحكومة القائمة, إذ الحكومات مهما تغيرت ألوانها السياسية بتغير الأحزاب التي تلى الحكم لا يتغير بها لون الموظف ولو كان مخصصا لمكافحة الجريمة السياسية, فإذا ما وقعت منه جريمة متصلة بعمله فلا يمكن وصف هذه الجريمة بأنها سياسية.
2 - إن الفقرة الثانية من المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952 إذ نصت على أن " تأخذ حكم الجريمة السياسية كل جريمة أخرى اقترنت بها أو تقدمتها أو تلتها, وكان القصد منها التأهب لفعلها أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة أو إيوائهم أو إخفاء أدلة الجريمة " فهي قد حددت أساس الارتباط الذي يؤدي إلى الإفادة من قانون العفو الشامل تحديدا لا يحتمل التوسع ولا القياس, إذ أوجبت أن ترتبط تلك الجريمة برابطة الزمنية مع الجريمة السياسية وأن يكون القصد منها إما التمهيد لارتكاب الجريمة السياسية أو المساعدة على ارتكابها أو مساعدة مرتكبيها على الاختفاء من وجه العدالة أو إخفاء أدلة الجريمة السياسية. وإذن فإذا كانت الجريمة المسند إلى الطاعن ارتكابها " جريمة تعذيب الإخوان المسلمين " لا ترتبط بالجرائم السياسية التي ارتكابها أولئك المتهمون لا برابطة الزمنية ولا بالقصد من ارتكابها على ما حدده قانون العفو الشامل فهي لا ينطبق عليها حكم الفقرة السابقة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه كان يعمل ضابط بوليس بالقسم السياسي وقد اشترك بحكم عمله هذا في ضبط الجرائم السياسية التي ارتكبها في ذلك العهد بعض الأفراد المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين واعتقال البعض منهم, غير أن بعض هؤلاء الأفراد شكوا للنيابة من أن المتظلم " الطاعن " كان عند ضبطه لهم واعتقالهم يقوم بتعذيبهم بشتى صنوف التعذيب التي سردوها في أقوالهم, وذلك بقصد حملهم على الاعتراف بالجرائم التي كانوا يعتقلون من أجلها وقد قامت النيابة بتحقيق هذه الوقائع ولم تتصرف فيه بعد فقدم المتهم تظلما إلى النائب العام لعدم إدراج اسمه بكشوف العفو الشامل, فأحاله على محكمة جنايات القاهرة التي قضت فيه حضوريا بقبوله شكلا وفي الموضوع برفضه. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن يعيب على الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه برفض التظلم إلى ما لا أصل له, في التحقيق, فقد بنى حكمه على أن الطاعن كان يسعى من وراء التعذيب إلى تحقيق منفعة شخصية له وهي الترقية عن طريق كسب رضاء رؤسائه وعطفهم عليه دون أن يرد ذلك إلى مصدر معين في التحقيق ويقول إنه تمسك أمام المحكمة بأن تهمة التعذيب أسندت إلى جميع ضباط القسم السياسي ولم يسلم منها رجال النيابة ورئيس الوزراء ووكيل وزارة الداخلية والمحامي العام المحقق, وأنه من الجهة الأخرى أدرج جميع رجال الأوكار في كشف العفو الشامل ما عدا من كان منهم متهما بالقتل, ولا شك أن جريمتهم سياسية فكان يتعين بحكم المنطق والعقل السليم أن تكون هناك موازنة بين جرائم الفريقين وأن يعتبر ما وقع من اعتداء من الحكومة ورجالها على الإخوان المسلمين للرد عليهم ووقفهم عند حدهم من الجرائم السياسية أسوة بالجرائم التي وقعت من فريق الإخوان المسلمين. أما القول بأن الطاعن كان موظفا في الحكومة لا ينتمي إلى حزب من الأحزاب فمردود عليه بأن المجني عليها في جرائم الإخوان المسلمين كانت الحكومة, والطاعن كموظف تابع للحكومة هداه تفكيره إلى الدفاع عنها ولو بالجريمة للإبقاء عليها وعدم تمكين خصومها من النيل منها خصوصا وهو من رجال القسم السياسي الذي لم يخلق إلا للعمل على حفظ كيانها ويتغير بتغير لون الحكومات. ويقول في الوجه الثالث إن المحكمة قالت بعدم التوسع في تطبيق قانون العفو الشامل وقصره على أضيق الحدود, وهذا منها غير سليم لأنه يجب تأويله بكل توسع في حدود التأويل, فإذا قال المرسوم بالعفو عن كل جريمة ارتكبت لسبب أو غرض سياسي فلا يسوغ للمحكمة أن تقول إن السبيبة والعلة يجب أن تكون مباشرة, لأن العبرة بالطاهر أما الخفي فلا يعلمه إلا الله فما كان ينبغي أن تكون صفة الطاعن كموظف عائقا عن إدراج اسمه في كشف العفو الشامل. ثم أن جميع الشرائع اتفقت على أن أية جريمة مرتبطة بجريمة سياسية تعتبر سياسية وتأخذ حكم الأصل. قال الدفاع بذلك, ودلل عليه بالفقرة الثانية من المادة الأولى لا باعتبار أنها جامعة مانعة, بل باعتبارها نواة تدل على اتجاه المشرع فلم تأخذ به المحكمة وأخذت بحرفية النص مع ما في ذلك من تفريق في المعاملة بين فريقين يقتضي العدل معاملتهما على قدم المساواة والمشرع لا يعرف المحاباة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالوجه الأول من الطعن فإن الحكم المطعون فيه قد استبان من أقوال المجني عليهم في حوادث التعذيب التي أسندوها إلى الطاعن أن الغرض منها كان حملهم على الاعتراف بالجرائم التي نسبت إليهم وقبض عليهم واعتقلوا من أجلها - لما كان ذلك وكان ما قاله الحكم من أن التحاق الطاعن بالبوليس السياسي وحصر اختصاصه في القضايا السياسية ليس من شأنه أن يضفي على وظيفته أية صفة سياسية ولا أن يطبع تصرفاته بالطابع السياسي هو رد صحيح على ما يذهب إليه الطاعن في طعنه من أنه كان يهدف إلى الدفاع عن الحكومة القائمة ولو بالجريمة ذلك بأن الحكومات وإن تغيرت ألوانها السياسية بتغير الأحزاب التي تلي الحكم فإن ذلك لا ينبني عليه تغير لون الموظفين ولو كانوا قد خصصوا لمكافحة الجرائم السياسية فإن عملهم يظل مقصوراً على مكافحة الجريمة باعتبارها جريمة, فهم يعملون للأمة وصالح المجموع لا لنصرة حزب على حزب أو فريق على فريق - لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ استخلص من العناصر سالفة الذكر أم ما دفع الطاعن إلى ارتكاب أفعال التعذيب المنسوبة إليه بفرض حصولها منه كان هو حمل المتهمين من الإخوان المسلمين على الاعتراف بالجرائم المسندة إليهم, وأن غرضه من ذلك كان الظهور أمام رؤسائه بمظهر الكفاءة والمقدرة في ضبط القضايا والوصول إلى نيل رضائهم وإعجابهم حتى يكون موضع تقديرهم وبغية الحصول منهم على ترقية أو درجة أعلى لنفسه, إذ استخلص الحكم ذلك فإنه يكون قد استخلصه من عناصر الدعوى نتيجة معقولة وسائغة لتعليل الانحراف عن واجبات الوظيفة إلى ارتكاب أفعال التعذيب ويكون هذا الوجه لذلك على غير أساس ويتعين رفضه.
ومن حيث إن الوجه الثاني مردود بأن الجرائم التي كانت مسندة إلى الإخوان المسلمين إن كانت موجهة إلى الحكومة بصفتها الهيئة السياسية التي تتولى الحكم بقصد إبعادها عنه, فلا تلازم بين صفة هذه الجرائم والجريمة التي أسند إلى الطاعن ارتكابها ضد بعض المتهمين من الإخوان المسلمين, فإن لكل جريمة من الدافع إلى ارتكابها والغرض الذي كان يستهدفه منها ومن موضوعها ما يحدد صفتها باعتبارها سياسية أو غير سياسية, ولا يغير من طبيعة الجريمة المسندة إلى الطاعن كون الاتهام بارتكاب مثلها قد وجه لعدة موظفين.
ومن حيث إن الوجه الثالث مردود كذلك بأن الفقرة الثانية من المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952 قد نصت على أن " تأخذ حكم الجريمة السابقة الجريمة التي ارتكبت لسبب أو لغرض سياسي كل جريمة أخرى اقترنت بها أو تقدمتها أو تلتها, وكان القصد منها التأهب لفعلها أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب والتخلص من العقوبة أو إيوائهم أو إخفاء أدلة الجريمة ", فحددت أساس الارتباط الذي يؤدي إلى الإفادة من قانون العفو الشامل تحديدا لا يحتمل التوسع ولا القياس إذ أوجبت أن ترتبط تلك الجريمة برابطة الزمنية مع الجريمة السياسية, وأن يكون القصد منها إما التمهيد لارتكاب الجريمة السياسية أو المساعدة على ارتكابها أو مساعدة مرتكبيها على الاختفاء من وجه العدالة أو إخفاء أدلة الجريمة السياسية, ولما كانت الجرائم المسند إلى الطاعن ارتكابها لا ترتبط بالجرائم السياسية التي ارتكبها الإخوان المسلمون لا برابطة الزمنية ولا بالقصد من ارتكابها - على ما حدده قانون العفو الشامل - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له أساس.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق