جلسة 7 من يوليه سنة 1953
المؤلفة من السيد رئيس المحكمة الأستاذ أحمد محمد حسن رئيسا, والسادة المستشارين: إسماعيل مجدي, ومصطفى حسن, وأنيس غالي, ومصطفى كامل أعضاء.
----------------
(376)
القضية رقم 10 سنة 23 القضائية
(أ) عفو شامل.
جرائم القتل. لا يشملها العفو الصادر به المرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952.
(ب) عفو شامل.
استخلاص الحكم أن الجريمة لم ترتكب لغرض سياسي وأنها ارتكبت بقصد التشفي والانتقام بعد انتهاء عملية الانتخاب. القضاء برفض التظلم. لا معقب له.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: الأربعة الأول مع آخرين مجهولين قتلوا عمدا بدري عبد الجليل علي حماد بأن انهالوا عليه ضربا بالعصى الغليظة قاصدين قتله, فأحدثوا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والصفة التشريحية والتي أدت إلى وفاته, وكان ذلك مع سبق الإصرار, والخامس: اشترك مع مجهولين في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يجعل السلم العام في خطر, وكانوا يحملون أسلحة وآلات من شأنها إحداث الموت وأمرهم رجال البوليس بالتفرق فرفضوا إطاعتهم ولم يعملوا بالأمر الذي بلغهم, وكان الغرض من هذا التجمهر ارتكاب جرائم القتل والضرب والنهب الإتلاف وقد وقعت بالفعل. وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 230 و231 و232 و45 و46 و234/ 2 و242/ 2 و366 من قانون العقوبات والمواد 1 و2 و3 و4 من القانون رقم 10 لسنة 1914 الخاص بالتجمهر. فقرر بذلك ولم يفصل في قضية الجناية بعد. قدم المتهمون تظلما إلى النائب العام لعدم إدراج أسمائهم في كشوف العفو الشامل, فأحاله إلى محكمة جنايات القاهرة التي قضت فيه حضوريا بقبوله شكلا وبرفضه موضوعا. فطعن الأستاذ ميشيل رزق المحامي الوكيل عن الطاعنين في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون وتأويله. ذلك بأن الحكم المطعون فيه وضع في اعتباره أن الجرائم المسندة إلى الطاعنين لا تدخل في عداد الجرائم السياسية التي يشملها المرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952 تأسيسا على التعريف الذي عرّف به الجريمة السياسية مع أن ما هدف إليه المشرع من هذا المرسوم بقانون هو تخطى المسائل السياسية العامة إلى المسائل السياسية الخاصة المتعلقة بكل أمر سياسي محلي نتجت عنه جناية أو جنحة متى كان السبب أو الغرض من ارتكابها سياسيا, والجناية موضوع التظلم ارتكبت بدافع سياسي هو هدم النفوذ السياسي المحلي الذي يتمتع به فريق على فريق آخر. ويضيف الطاعن أن الحكم المطعون فيه فرّق بني الجرائم التي تقع قبل عملية الانتخابات وما يقع منها بعد الانتخابات, فاعتبر الأولى جرائم سياسية دون الثانية مع أنه لا محل لهذه التفرقة متى ثبت من التحقيق أن سلسلة حوادث الاعتداء بين الفريقين المتنافسين كانت متصلة الحلقات ومستمرة من قبل الانتخابات ومن بعدها.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على أوراق الدعوى أن التهمة الموجهة إلى الطاعنين الأربعة الأولين في قضية الجناية رقم 599 سنة 1946 إسنا المطروحة أمام محكمة جنايات سوهاج, وهي موضوع هذا التظلم هي أنهم قتلوا مع آخرين مجهولين بدري عبد الجليل علي حماد مع سبق الإصرار والترصد. لما كان ذلك وكانت جرائم القتل هي بنص المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952 من بين الجرائم التي لا يشملها العفو, فإن الطعن بالنسبة إلى هؤلاء الطاعنين يكون على غير أساس ويتعين لذلك رفضه موضوعا.
وحيث إنه بالنسبة إلى الطاعن الخامس أبو الوفا هميمي بدر فقد بين الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى بقوله: "إن الحادثة مردها وجود أحقاد وخصومات وعداء بين عائلة حزين وبين عائلتي مجاهد وأبو العلا ببلدة إسنا تخلفت عن الانتخابات العامة لمجلس الشيوخ عن دائرة إسنا وكان المرشحون للانتخاب مدني حزين وأبو المجد الناظر وفراج عبد الرحيم مجاهد وقد تمت الانتخابات في يوم 5 من مايو سنة 1946 وانتهت بفوز عميد عائلة مجاهد وهو فراج عبد الرحيم مجاهد وفي الساعة الخامسة والنصف من مساء يوم 10 من مايو سنة 1946 كان بدري عبد الجليل شيخ خفراء الخزان وهو من عائلة حزين سائرا في طريقه إلى مستعمرة الري فخرج كثيرون من عائلتي مجاهد وأبو العلا واعتدوا عليه بالضرب وما أن ذاع خبر الاعتداء عليه حتى تجمع كثيرون من عائلة قطان القسم القبلي لبلدة إسنا وتجمهروا للاعتداء على من يصادفهم من عائلتي مجاهد وأبو العلا قطان القسم البحري للبلدة, كما تجمع كثيرون من أهالي القسم البحري وتجمهروا للاعتداء على أهالي القسم القبلي واجتمع الفريقان في سوق البلدة تبادلا الاعتداء وإطلاق الأعيرة النارية واستمر كل من الفريقين في التعدي وإطلاق النار على الفريق الآخر وإتلاف المحال التجارية ونهب ما فيها من بضائع بالقوة الإجبارية رغم تحذير البوليس وأمره لهم بالتفرق إلى أن بلغت الساعة العاشرة مساء حيث تمكن البوليس - بعد أن تضاعف عدده وجاءه العون من بلاد أخرى - من تفريق المتجمهرين" ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن الوارد بوجه الطعن ورد عليه بقوله" إنه وضح للمحكمة بعد الاطلاع على الأوراق وسماع أقوال النيابة العامة والمدافع عن الحاضرين من المتظلمين أن الجرائم المسندة إلى المتظلمين ليست من الجرائم السياسية الصادر بشأنها المرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952 بل هي جرائم عادية ولم ترتكب لسبب أو لغرض سياسي بل وقعت بقصد التشفي والانتقام ولنهب أموال الناس بالباطل وإتلاف ممتلكاتهم وللإخلال بالأمن العام وكون مردها الأصلي ما تولد في النفوس من حزازات وأحقاد سببها الانتخابات لا يغير من أمرها شيئا ولا يضفي عليها صفات الجريمة السياسية..." وبناء عليه تكون الجرائم المتعلقة باستعمال حقوق المواطنين السياسية جرائم سياسية إذا تعلقت باستعمال حقوقهم المذكورة وكانت تهدف إلى إحداث تغيير في نتيجة الانتخابات كجرائم الغش في الانتخابات وإرشاد الناخبين لحملهم على التصويت في الانتخاب على وجه معين وإبعاد فريق من الناخبين عن مقر جميعة الانتخاب للحيلولة بينهم وبين الإدلاء بأصواتهم في قاعة الانتخاب, أما ما يقع من جرائم بعد الانتهاء من عملية الانتخاب فلا يمكن أن يكون لها أية صفة سياسية لانعدام الصلة بينها وبين السياسة التي تمت وانقضت بمجرد تمام عملية الانتخاب. ولذا فهي جرائم عادية لأنه لا أثر لها في نتيجة الانتخاب". ولما كان يبين من ذلك أن الحكم قد استخلص من عناصر الدعوى أن الدافع الذي حفز الطاعن على ارتكاب الجريمة موضوع التظلم والغرض الذي استهدفه من ارتكابها لم يكن سياسيا وإنما أقدم على ارتكابها مدفوعا بعوامل الأنانية والتشفي والانتقام من خصوم فريقه بعد انتهاء عملية الانتخاب وظهور نتيجتها ولما كان ما استخلصه الحكم من ذلك وانتهى إليه سائغا ومتفقا مع القانون, فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق