جلسة 7 من مارس سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طلعت الاكيابى ومحمود إبراهيم عبد العال ومحمود عبد الباري وأمين عبد العليم.
----------------
(56)
الطعن رقم 8230 لسنة 58 القضائية
(1) سرقة. إكراه. فاعل أصلي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الإكراه في معنى المادة 314 عقوبات. يصح أن يكون بالوسائل المادية التي تقع على الجسم مباشرة. كما يصح أن يكون بالتهديد باستعمال السلاح.
يشترط لاعتبار المتهمين فاعلين أصليين في جريمة السرقة بالإكراه. أن يرتكب كل منهم فعل الاختلاس أو الإكراه.
(2) فاعل أصلي. سرقة. إكراه. سلاح. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم في حق الطاعن مساهمته بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ومنها حمله مدية وتواجده مع آخر على مسرحها. كفايته لاعتبارهما فاعلين أصليين.
(3) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
صحة الأخذ بأقوال المجني عليه ولو تأخر في الإبلاغ أو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة. ما دامت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته.
(4) دفوع "الدفع بكيدية الاتهام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بكيدية الاتهام. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً. ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(5) إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير توافر الإكراه من عدمه. حق لمحكمة الموضوع. المجادلة في ذلك أمام النقض. غير جائز.
(6) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه الموضوعي والرد عليها استقلالاً. قضاؤها بالإدانة. مفاده. إطراحها له.
(7) عقوبة "تطبيقها" "العقوبة المبررة". ظروف مخففة. نقض "المصلحة في الطعن".
العبرة في إعمال المادة 17 عقوبات. بالواقعة الجنائية ذاتها لا بوصفها القانوني.
إدانة المتهم بجريمة سرقة بإكراه ومعاقبته بالعقوبة المقررة لجنحة السرقة بعد إعمال نص المادة 17 عقوبات، انتفاء مصلحته في المجادلة في توافر ركن الإكراه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه سرق وآخر "حدث" النقود والأشياء المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات المملوكة لـ....... بطريق الإكراه الواقع عليه بأن هدده بمطواة وتمكن بتلك الوسيلة من الإكراه من شل مقاومته وإتمام السرقة، وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 314/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السرقة بالإكراه قد شابه الخطأ في الإسناد، والقصور في التسبيب، ذلك أنه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن هدد المجني عليه بالمطواة وقام بتفتيشه والاستيلاء منه على جنيه ونظارة شمسية، في حين أن المتهم الآخر الحدث هو الذي ضربه بيده على وجهه وقام بتفتيشه واستولى على المسروقات، وأن دور الطاعن اقتصر على تواجده مع هذا الحدث حاملاً مطواة. هذا فضلاً عن أن دفاع الطاعن قام على تأخر المجني عليه في الإبلاغ وأن الاتهام كيدي، وأنه لم يقع إكراه على المجني عليه، بيد أن الحكم التفت عن هذا الدفاع ولم يرد عليه، كما أن الواقعة لا تعدو وأن تكون جنحة سرقة لانتفاء ركن الإكراه فيها، ولو فطنت المحكمة إلى ذلك، واستعملت الرأفة مع الطاعن لنزلت بالعقوبة إلى أدنى مما نزلت إليه، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أنه أثناء سير المجني عليه في الطريق قابله الطاعن وآخر حدث، وهدده الطاعن بمطواة كانت معه وطلب منه السير معه حتى وصلا إلى أحد الأزقة، وهدده بالمطواة بقصد سرقته فشل بذلك مقاومته وقام بتفتيشه والاستيلاء على مبلغ جنيه ونظارة شمسية، وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه وما جاء بتحريات الشرطة وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان لا يشترط لاعتبار المتهمين فاعلين أصليين في جناية السرقة بإكراه أن يقع من كل منهم فعل الإكراه وفعل الاختلاس - بل يكفي لعدهم كذلك أن يرتكب كل منهم أي الفعلين متى كان ذلك في سبيل تنفيذ السرقة المتفق عليها بينهم جميعاً. وكان من المقرر أن تعطيل مقاومة المجني عليه كما يصح أن يكون بالوسائل المادية التي تقع مباشرة على جسم المجني عليه يصح أن يكون بالتهديد باستعمال السلاح. وإذ ما كان الحكم قد أثبت أن الطاعن كان على مسرح الجريمة حاملاً مطواة وهدد المجني عليه بها بقصد سرقته فشل بذلك مقاومته حتى تمت السرقة، وكان الطاعن لا ينازع في أن هذا الذي أثبته الحكم له أصله الثابت في الأوراق، فإن ذلك يكفي لاعتباره فاعلاً أصلياً في جريمة السرقة بإكراه، ويضحى نعيه على الحكم بالخطأ في الإسناد غير سديد. لما كان ذلك، وكان تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله - ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة - ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع، وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولا على الحكم إذ التفت عن الرد عليه، ويكون النعي عليه في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان الدفع بكيدية الاتهام من الدفوع التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن إكراهاً لم يقع على المجني عليه إنما هو جدل موضوعي في أدلة الدعوى وفي صورة الواقعة التي اعتنقها الحكم مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. هذا إلى أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تعول عليها. وفضلاً عن ذلك فإنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره من أن الواقعة تعد جنحة سرقة طالما أن العقوبة المقضى بها عليه وهي الحبس لمدة سنتين مع الشغل تدخل في حدود العقوبة المقررة لجنحة السرقة، ولا يغير من ذلك كون المحكمة قد عاملت الطاعن بالمادة 17 من قانون العقوبات ذلك بأنها إنما قدرت مبررات الرأفة بالنسبة للواقعة الجنائية ذاتها بغض النظر عن وصفها القانوني، ولو أنها قد رأت أن الواقعة - في الظروف التي وقعت فيها - تقتضي النزول بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه لما منعها من ذلك الوصف الذي وصفتها به. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق