(2) ثبوت تحصل المطعون ضده من عملاء البنك
الطاعن محل عمله على مبالغ مالية على سبيل الاقتراض. اعتباره مخالفة تنطوي على
إخلال جسيم بشرف المهنة وأمانة الوظيفة والثقة التي يقوم عليها العمل المصرفي.
قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب الطاعن فصله بقالة إن ما نسب إليه لا يرقى إلى مرتبة
الخطأ الجسيم والاكتفاء بمجازاته إداريا. خطأ وفساد في الاستدلال.
---------------
1 - إذ كان مؤدى النص في المواد 56، 57، 69 من القانون رقم 12 لسنة
2003 أن حسن السير والسمعة شرط واجب لبقاء العامل في الوظيفة، وأنه يجب على العامل
تجنب الأفعال التي تمس الأمانة والنزاهة وتؤدي إلى احتقار الناس ونفورهم، كما يحظر
عليه الإقراض أو الاقتراض ممن لهم صلة بعمله بهدف إبعاده عن التردي في الإخلال
بواجبات وظيفته تحت تأثير الرغبة في الاقتراض الذي قد يستر في معظم الأحيان رشوة،
ويمتد الحظر إلى منع دخول العامل في أية معاملات مالية مع عملاء الجهة التي يعمل
بها أو ممن يمارسون نشاطا مماثلا أو مرتبطا بنشاط تلك الجهة، فإذا ما خالف العامل
الواجبات المفروضة عليه أو ارتكب المحظورات، فإنه يكون قد خرج على مقتضى الواجب في
أعمال وظيفته وأخل بالالتزامات الجوهرية المترتبة على عقد العمل حتى ولو لم يكن
هذا الإخلال ضمن الحالات التسع التي عددتها المادة 69 من قانون العمل آنف البيان،
لأن هذه الحالات وردت على سبيل المثال لا الحصر، ويكون لصاحب العمل في هذه الحالة
فصل العامل، ومرد ذلك أن عقد العمل ملزم لطرفيه ويرتب في ذمتهما التزامات متبادلة
تسوغ لأحدهما التحلل من رابطة العقد إذا امتنع الطرف الآخر عن تنفيذ التزامه أو
أخل به بشرط أن يكون ذلك راجعا إلى خطئه سواء عن عمد أو إهمال.
2 - إذ كان الثابت من إقرار المطعون ضده
بتحقيقات النيابة العامة في المحضر رقم ... لسنة 2001 حصر أمن دولة عليا وبالتحقيق
الإداري الذي أجرى معه بمعرفة البنك الطاعن بتاريخ 18/ 6/ 2013 أنه تحصل من عملاء
البنك الطاعن الواردة أسماؤهم بالتحقيقات على مبالغ مالية على سبيل الاقتراض -
الأمر الذي تأيد أيضا بأقوال هؤلاء بتحقيقات النيابة - وكان هؤلاء العملاء أصحاب
شركات متعاقدة مع البنك الطاعن في برنامج السلع المعمرة وتعرف عليهم المطعون ضده -
حسبما قرر - بمناسبة عمله، فإن قيام هؤلاء العملاء بإقراض المطعون ضده قد يكون من
باب الرشوة المقنعة حرصا منهم على استمرار تعاملهم مع البنك، خاصة وأن المطعون ضده
كان يشغل منصب مساعد مدير عام إدارة الائتمان بالبنك التي قد تعطيه الحق في تعطيل
أو إنهاء العمل مع هؤلاء العملاء، وبالتالي فإن إقدامه على الاقتراض منهم يعد
مخالفة تنطوي على إخلال جسيم بشرف المهنة وأمانة الوظيفة وتنال من الثقة، وهي
الدعامة التي يقوم عليها العمل المصرفي، ولما كانت الثقة في العامل غير قابلة
للتجزئة فإذا ما فقد صاحب العمل الثقة في العامل في إحدى الوظائف فإنه يفقدها في
أي وظيفة أخرى بما يسوغ للطاعن والحال كذلك طلب فصل المطعون ضده، وإذ خالف الحكم
المطعون فيه هذا النظر، وقضى برفض طلب فصله بمقولة إن ما نسب إليه لا يرقى إلى
مرتبة الخطأ الجسيم الذي يوجب الفصل ويكتفي بمجازاته إداريا، فإنه يكون فضلا عن
خطئه في تطبيق القانون قد عابه الفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث
باقي أوجه الطعن، وحيث إن ما نقض من الحكم صالح للفصل فيه، ولما تقدم، يتعين
القضاء في الاستئناف رقم ... لسنة 132 ق القاهرة - مأمورية الجيزة - برفضه وتأييد
الحكم المستأنف.
--------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن البنك الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم ... لسنة 2013 عمال
الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بفصله من العمل اعتبارا من تاريخ صدور الحكم بإيقافه
عن العمل في 13/ 11/ 2010، واحتياطيا فصله اعتبارا من 19/ 3/ 2013، وقال بيانا
لدعواه إن المطعون ضده كان يعمل لديه بوظيفة مساعد مدير قطاع التجزئة المصرفية
واتهم في القضية رقم ... لسنة 2011 أمن دولة عليا لحصوله على مبالغ مالية من عملاء
البنك على سبيل الرشوة وانتهت النيابة إلى ثبوت الاتهام قبله إلا أنها اكتفت
بمجازاته إداريا، ولما كان ما ارتكبه المطعون ضده يشكل إخلالا جسيما بالتزاماته
الجوهرية المترتبة على عقد العمل، فقد أقام الدعوى، ثم أقام المطعون ضده على
الطاعن الدعوى رقم ... لسنة 2013 عمال الجيزة الابتدائية بطلب إلغاء الحكم الصادر
في الدعوى رقم ... لسنة 2010 بوقفه وإعادته لعمله وصرف أجره كاملا من تاريخ الوقف،
وبعد أن أمرت المحكمة بضم الدعويين حكمت في الأولى بفصل المطعون ضده من العمل
اعتبارا من تاريخ صدور الحكم، وفي الدعوى الثانية برفضها. استأنف المطعون ضده هذا
الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 132 ق القاهرة - مأمورية الجيزة -، وبتاريخ 5/ 7/
2015 حكمت المحكمة في الدعوى الأولى بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، وفي
الدعوى الثانية بإلغاء قرار وقف المطعون ضده وعودته للعمل. طعن البنك في هذا الحكم
بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على
المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
----------------
المحكمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق