جلسة 10 إبريل سنة 2005
برئاسة السيد المستشار/
ماهر البحيري - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد علي سيف الدين
وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وإلهام نجيب نوار
والسيد عبد المنعم حشيش،
وحضور السيد المستشار/
نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين،
وحضور السيد/ ناصر إمام
محمد حسن - أمين السر.
-----------
قاعدة رقم (65)
القضية رقم 15 لسنة 23
قضائية "منازعة تنفيذ"
(1) دعوى "تكييفها".
المحكمة - بما لها من
هيمنة على الدعوى - هي التي تعطيها وصفها الحق، وتكييفها الصحيح، متقصية في سبيل
ذلك الطلبات المطروحة فيها، مستظهرة حقيقة مراميها وأبعادها.
(2) منازعة تنفيذ
"قوامها - أثر رجعي للحكم الصادر بعدم الدستورية".
قوام المنازعة المتعلقة
بتنفيذ حكم صادر عنها بعدم الدستورية، أن يكون تنفيذ الحكم لم يتم وفق طبيعته، بل
اعترضته عوائق تحول قانوناً دون اكتمال مداه، وتعطل بالتالي اتصال حلقاته، عوائق
التنفيذ هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ، ولا يكون ذلك إلا بإسقاطها، وإعدام وجودها
لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشئوها، يفترض أن تكون هذه العوائق،
قد حالت فعلاً أو من شأنها أن تحول دون تنفيذ أحكامها تنفيذاً صحيحاً مكتملاً، أو
مقيدة لنطاقها، فإذا أعاق انسيابه أي عارض جاز لهذه المحكمة التدخل لترفع من طريقه
ذلك العارض وسبيلها إلى ذلك الأمر بالمضي في تنفيذ الحكم بعدم الدستورية، وعدم
الاعتداد بذلك الحائل الذي عطّل مجراه لأنه لا يعدو أن يكون عقبة مادية هي والعدم
سواء.
-------------
1 - حيث إن المحكمة - بما
لها من هيمنة على الدعوى - هي التي تعطيها وصفها الحق، وتكييفها الصحيح، متقصية في
سبيل ذلك الطلبات المطروحة فيها، مستظهرة حقيقة مراميها وأبعادها.
2 - حيث إن قضاء هذه
المحكمة قد جرى على أن قوام المنازعة المتعلقة بتنفيذ حكم صادر عنها بعدم
الدستورية، أن يكون تنفيذ الحكم لم يتم وفق طبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل
اعترضته عوائق تحول قانوناً دون اكتمال مداه، وتعطل بالتالي اتصال حلقاته، بما
يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ هي ذاتها موضوع
منازعة التنفيذ، تلك المنازعة التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة
لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاطها،
وإعدام وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها، بيد أن تدخل
هذه المحكمة لإزاحة عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها في الدعاوى الدستورية، وتنال
من جريان آثارها، إنما يفترض أن تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر على
نتائجها - قد حالت فعلاً أو من شأنها أن تحول دون تنفيذ أحكامها تنفيذاً صحيحاً
مكتملاً، أو مقيدة لنطاقها، ولا يبلغ التنفيذ غايته إلا إذا كان كافلاً انسحاب أثر
الحكم إلى يوم صدور النص المقضي بإبطاله، فإذا أعاق انسيابه أي عارض جاز لهذه
المحكمة التدخل لترفع من طريقه ذلك العارض وسبيلها إلى ذلك الأمر بالمضي في تنفيذ
الحكم بعدم الدستورية، وعدم الاعتداد بذلك الحائل الذي عطّل مجراه لأنه لا يعدو -
وإن كان حكماً قضائياً باتاً - أن يكون عقبة مادية هي والعدم سواء، وامتثالاً لهذا
الحكم تسترد محكمة الموضوع ولايتها في إعمال الأثر الرجعي للحكم بعدم الدستورية
على كل ذي شأن، ولا يصدَّنها عن ذلك عمل سابق لها، كان محدداً لأثره على غير جادة
القانون بعد أن أسقطه الحكم الآمر بالمضي في التنفيذ إذ الساقط لا يعود.
الإجراءات
بتاريخ الرابع والعشرين
من أكتوبر سنة 2001، أودع المدعي صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة، طلباً للحكم
بسريان الأثر الرجعي على حالته تفسيراً لحكم المحكمة الدستورية العليا في القضية
رقم 83 لسنة 20 ق "دستورية"، القاضي بعدم دستورية المواد (38 مكرراً
"3" و39 و40) من القانون 117 لسنة 1958 في شأن تنظيم النيابة الإدارية
والمحاكمات التأديبية والمعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989، والمضي في تنفيذه بعدم
الاعتداد بالحكم الصادر في الطعن رقم 2789 لسنة 40 ق عليا بتاريخ 27/ 9/ 1999.
وقدمت هيئة قضايا الدولة
مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى، واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت
هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو
المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق،
والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان يشغل وظيفة نائب
رئيس هيئة النيابة الإدارية، وبتاريخ 8/ 3/ 1993 صدر قرار مجلس الصلاحية بالهيئة
بنقله إلى وظيفة غير قضائية. طعن في هذا القرار بالطعنين رقمي 2423 و2603 لسنة 39
قضائية أمام المحكمة الإدارية العليا. قضت المحكمة بالرفض. فأقام الدعوى رقم 2789
لسنة 40 قضائية أمام ذات المحكمة ابتغاء القضاء ببطلان ذلك الحكم. وإذ سبق للمحكمة
أن أحالت دعوى بطلان مماثلة لدعواه برقم 94 لسنة 41 قضائية إلى المحكمة الدستورية
العليا للفصل في دستورية نصوص المواد (38 مكرراً "3" و39 و40) من قانون
النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية. فقد أرجأت نظر دعوى المدعي لحين الفصل في
الدعوى الدستورية المقيدة برقم 83 لسنة 20 ق "دستورية" والتي سبق لها أن
أحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا. وتعاقب التأجيل لذات السبب عدة مرات. وبعد
أن قضت المحكمة الدستورية بجلسة 5/ 12/ 1998 بعدم دستورية نصوص المواد المحالة
إليها سالفة البيان فيما تضمنته من أن يرأس مجلس التأديب رئيس الهيئة الذي طلب
إقامة دعوى الصلاحية أو الدعوى التأديبية. وبجلسة 27/ 9/ 1999 حكمت برفض الدعوى،
تأسيساً على أن الحكم بعدم الدستورية - المشار إليه - لا ينسحب أثره على المدعي،
بعد أن استقر مركزه القانوني بالحكم المطلوب إبطاله. ومن ثم فقد أقام الدعوى
الماثلة بالطلبات سالفة البيان.
وحيث إن المحكمة - بما
لها من هيمنة على الدعوى - هي التي تعطيها وصفها الحق، وتكييفها الصحيح، متقصية في
سبيل ذلك الطلبات المطروحة فيها، مستظهرة حقيقة مراميها وأبعادها، وكان المدعي
يهدف من دعواه إلى المضي في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر وعدم
الاعتداد بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في 27/ 9/ 1999، باعتبار أنه يشكل
عقبة تحول دون تنفيذ مقتضى الحكم الصادر في الدعوى الدستورية رقم 83 لسنة 20 ق
"دستورية" بالنسبة للمدعي، ومن ثم فإن دعواه هذه تندرج في عداد
المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في مفهوم
المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة
قد جرى على أن قوام المنازعة المتعلقة بتنفيذ حكم صادر عنها بعدم الدستورية، أن
يكون تنفيذ الحكم لم يتم وفق طبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول
قانوناً دون اكتمال مداه، وتعطل بالتالي اتصال حلقاته، بما يعرقل جريان آثاره
كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ، تلك
المنازعة التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو
الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاطها، وإعدام وجودها لضمان
العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها، بيد أن تدخل هذه المحكمة لإزاحة
عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها في الدعاوى الدستورية، وتنال من جريان آثارها،
إنما يفترض أن تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر على نتائجها - قد حالت
فعلاً أو من شأنها أن تحول دون تنفيذ أحكامها تنفيذاً صحيحاً مكتملاً، أو مقيدة
لنطاقها، ولا يبلغ التنفيذ غايته إلا إذا كان كافلاً انسحاب أثر الحكم إلى يوم
صدور النص المقضي بإبطاله، فإذا أعاق انسيابه أي عارض جاز لهذه المحكمة التدخل
لترفع من طريقه ذلك العارض وسبيلها إلى ذلك الأمر بالمضي في تنفيذ الحكم بعدم
الدستورية، وعدم الاعتداد بذلك الحائل الذي عطّل مجراه لأنه لا يعدو - وإن كان
حكماً قضائياً باتاً - أن يكون عقبة مادية هي والعدم سواء، وامتثالاً لهذا الحكم
تسترد محكمة الموضوع ولايتها في إعمال الأثر الرجعي للحكم بعدم الدستورية على كل
ذي شأن، ولا يصدَّنها عن ذلك عمل سابق لها، كان محدداً لأثره على غير جادة القانون
بعد أن أسقطه الحكم الآمر بالمضي في التنفيذ إذ الساقط لا يعود. متى كان ذلك،
وكانت النصوص المقضي بعدم دستوريتها من قانون النيابة الإدارية سالف الذكر، والتي
انبنى عليها قرار مجلس الصلاحية بنقل المدعي إلى وظيفة غير قضائية لا تزال تنتج
آثرها في حقه، بما يقيم مصلحته الشخصية والمباشرة في منازعة التنفيذ الراهنة، فقد
بات متعيناً القضاء بالمضي في تنفيذ الحكم الصادر من هذه المحكمة في القضية رقم 83
لسنة 20 قضائية "دستورية"، وترتيب آثاره كاملة، بما في ذلك عدم الاعتداد
بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في 27/ 9/ 1999 في الطعن رقم 2789 لسنة
40 قضائية بحسبانه عقبة مادية أعاقت تنفيذ الحكم الصادر في المسألة الدستورية
وانحرفت بجوهره وحدّت من مداه. ومؤدى ذلك ولازمه انعدام أي أثر لنصوص المواد (38
مكرراً "3" و39 و40) من قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية
الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1958 والمعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989 في النطاق
الذي حدده الحكم الصادر عن هذه المحكمة في القضية رقم 83 لسنة 20 قضائية
"دستورية" في منطوقه وأسبابه المكملة له، وذلك في مجال تطبيقها على
المدعي. ولا ينال مما تقدم سبق صدور حكم من المحكمة الإدارية العليا في الدعويين
2423 و2603 لسنة 39 قضائية برفض الطعن على قرار مجلس الصلاحية بنقل المدعي إلى
وظيفة غير قضائية، ذلك أن الثابت من الأوراق أن المحكمة الإدارية العليا كانت قد
أرجأت النظر في الدعوى رقم 2789 لسنة 40 ق المقامة من المدعي ببطلان الحكم الصادر
في الدعويين رقمي 2423 و2603 لسنة 39 ق لحين الفصل في الدعوى الدستورية رقم 83
لسنة 20 ق "دستورية" طعناً على نصوص المواد (38 مكرراً "3"
و39 و40) من قانون النيابة الإدارية، ومن ثم فقد كان عليها وقد تربصت قضاء المحكمة
الدستورية العليا في شأن دستورية النصوص القانونية سالفة البيان، أن تلتزم بذلك
القضاء فيما يتعلق بمدى سلامة تشكيل مجلس الصلاحية الذي أصدر قراره في شأن المدعي،
وما إذا كان قرار ذلك المجلس في شأنه صادراً من سلطة تملك من زاوية دستورية إصداره
أم إنها سلطة غاصبة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بالمضي في
تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 5 من ديسمبر سنة 1998 في القضية
رقم 83 لسنة 20 قضائية "دستورية".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق