الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 أغسطس 2022

الطعن 1972 لسنة 36 ق جلسة 2 / 1 / 1967 مكتب فني 18 ج 1 ق 6 ص 41

جلسة 2 من يناير سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ حسين السركي نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان, وجمال المرصفاوي, وحسين سامح, ومحمود العمراوي.

---------------

(6)
الطعن رقم 1972 لسنة 36 القضائية

(1) اختلاس. إثبات. مستشار إحالة. أمر بعدم وجود وجه.
إثبات جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 عقوبات, لا يلزم فيه طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة. للمحكمة الاقتناع بوقوع الفعل المكون للجريمة من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال المختلس.
(2) إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حرية القاضي الجنائي في تكوين عقيدته. عدم تقيده في ذلك بدليل معين إلا بنص قانوني.

--------------
1 - لا يشترط لإثبات جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة, بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة. ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد أخطأ فيما استلزمه من تطبيق قواعد الإثبات المقررة في القانون المدني على الواقعة المادية المكونة لجريمة الاختلاس المسندة إلى المطعون ضده وفيما رتبه على هذا النظر من قبول الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة لتجاوز قيمة المال المدعي باختلاسه لنصاب الإثبات بها, إلا أنه وقد عول بصفة أساسية في قضائه بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهم على عناصر موضوعية خلص فيها إلى اطراح أقوال شهود الإثبات بما لقاضي الموضوع من سلطة تقدير الأدلة. وكانت الدعوى قد خلت من أدلة أخرى غير شهادة هؤلاء الشهود, فإن ذلك الخطأ القانوني الذي جنح إليه القرار المطعون فيه يكون غير ذي أثر, طالما أنه قد أحاط بالدعوى وأدلتها وخلص في تقدير سائغ إلى أن الأدلة القائمة في الدعوى يحيطها الشك ولا تكفي لإحالة المطعون ضده للمحاكمة.
2 - من المقرر أن القضاء في المواد الجنائية يقوم على حرية القاضي في تكوين عقيدته, فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين إذ جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلا لحكمه, إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده: بأنه في الفترة من 5 إلى 25 ديسمبر سنة 1964 بدائرة مركز البلينا محافظة سوهاج: بصفته موظفا عموميا من مأموري التحصيل (أمين نقل البضائع بمحطة السكة الحديد) اختلس مبلغ 240ج من أجور الشحن التي قام بتحصيلها من بعض العملاء والتي كانت قد سلمت إليه بهذه الصفة. وطلبت من مستشار الإحالة بمحكمة سوهاج الابتدائية إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 111 و112/ 1 - 2 و118 و119 من قانون العقوبات. فقرر بتاريخ 26/ 2/ 1966 حضوريا بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهم. فطعنت النيابة العامة في هذا القرار بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على القرار المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهم (المطعون ضده) عن تهمة اختلاسه مبالغ من النقود سلمت إليه بسبب وظيفته قد شابه الخطأ في تطبيق القانون, ذلك بأنه استند إلى تقرير قانوني خاطئ تأدي منه إلى انسحاب قواعد الإثبات المدنية على واقعة تسلم الموظف العام للمال المختلس باعتبارها تصرفا قانونيا لا يجوز إثباته بغير الكتابة لزيادة نصابه عما تجوز البينة فيه مع أن واقعة التسليم لا تعدو أن تكون واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات القانونية ومنها البينة. ويكفي في جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات أن يكون المال المختلس بين يدي الموظف العام بمقتضى وظيفته دون أن يتقيد القاضي في قضائه فيها بدليل معين. وإذ كان القرار المطعون فيه قد صادر بينة النيابة بدعوى أن شهادة الشهود لا تصلح في القانون دليل إثبات على واقعة تسليم المال إلى المتهم لتجاوز قيمة المال لنصاب إثباته بالبينة, فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. أما ما استطرد إليه القرار من أن أقوال شهود الإثبات لم تتأيد بدليل ما فضلا عن مجافاتها لموجب صدور إيصال عن أي مبلغ يورد لجهة الحكومة ومنافاتها لشهادة رؤساء المتهم من حسن سيره وسلوكه, فإنه لم يكن في ذاته قواما لقضائه منفصلا عن ذلك التقرير القانوني الخاطئ حتى يتخذ وحده تدليلا موضوعيا يحمل النتيجة التي انتهى إليها.
وحيث إن القرار المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله: "إنها كما يعرضها الاتهام تجمل فيما أبلغ به كل من نور الدين عثمان محمد وسيد أحمد تمام وموسى حسين محمد ومحمد جاد أبو رحاب من أنهم سلموا المتهم أحمد محمد عبد الكريم (المطعون ضده) مخزنجي محطة البلينا قيمة تأمينات لحجز عربات بضاعة لشحن بضائعهم وقد بلغت قيمتها 240ج وقد اختلس هذا المتهم هذه المبالغ لنفسه. فقد شهد المجني عليه الأول أنه دفع مبلغ 60ج وشهد الثاني بأنه دفع مبلغ 150ج وشهد الثالث بأنه دفع مبلغ 27ج كما شهد الرابع بأنه دفع له مبلغ 27ج, إلا أن المتهم أنكر ما أسند إليه مقررا أن نظام العمل الرسمي الذي يتبعه ويتبعه جميع موظفي الدولة ويعرفه جيدا المجني عليهم جميعا أن أي مبلغ يسلم لأحد الموظفين لغرض مصلحي لابد أن يورد ولابد أن يستخرج عنه قسيمة من عدم صور يأخذ إحداها من دفع المبلغ. وقد شهد ناظر محطة البلينا مصطفى محمد ومفتش النقل حمزه محمود محمد سالم بما يؤيد ذلك مقررين أنه من المحتم أن يحرر المتهم إيصالا باستلامه المبلغ يسلمه لمن دفع هذا المبلغ". ثم خلص القرار إلى الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهم - المطعون ضده - بقوله: "وحيث إن المحكمة تلاحظ أن ركاز الاتهام في هذه الدعوى هو شهادة المجني عليهم وشهادة عطية عبد الراضي وكيل المقاول محمد علام متعهد الشيالة وهي شهادة مرسلة لم تتأيد بدليل ما فضلا عن مجافاتها لمنطق الأمور الرسمية لدى الحكومة, فمن البداهة أن يتسلم كل فرد إيصالا عن أي مبلغ يورده لموظفي الحكومة. فالقول من جانب المجني عليهم إنهم اعتادوا عدم استلام إيصال دال على ما يدفعوه قول قد نفاه صراحة رؤساء المتهم بالمصلحة الذين شهدوا بحسن سيره وسلامة تصرفاته فضلا عن أن المتهم قد دفع بعدم جواز إثبات ما يدعيه المجني عليهم بغير كتابة. ولما كان من المقرر قانونا أنه يرجع إلى قواعد الإثبات المدنية في إثبات الأشياء التي يتسلمها الموظف متى كان ذلك التسليم قد تم بناء على أحد التصرفات القانونية فيتعين الإثبات بالكتابة بالنسبة إلى ما يتسلمه بناء على أحد هذه التصرفات من أشياء تزيد قيمتها على عشرة جنيهات. ولما كان ما يدعيه كل من المجني عليهم يزيد عن هذا القدر فإنه يتعين الالتفات عن هذا الاتهام. ولا يسع المحكمة إلا عدم الاعتداد بشهادة المجني عليهم وعندئذ يكون الاتهام على غير أساس من الواقع والقانون الأمر الذي يتعين معه القضاء بألا وجه لإقامة الدعوى". لما كان ذلك, وكان من المقرر أن القضاء في المواد الجنائية يقوم على حرية القاضي في تكوين عقيدته, فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين إذ جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلا لحكمه - إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه, وكان لا يشترط لإثبات جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة, بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة. لما كان ذلك, وإن كان القرار المطعون فيه قد أخطأ فيما استلزمه من تطبيق قواعد الإثبات المقررة في القانون المدني على الواقعة المادية المكونة لجريمة الاختلاس المسندة إلى المطعون ضده وفيما رتبه على هذا النظر من قبول الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة لتجاوز قيمة المال المدعي باختلاسه لنصاب الإثبات بها إلا أنه وقد عول بصفة أساسية في قضائه بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهم على عناصر موضوعية خلص فيها إلى اطراح أقوال شهود الإثبات بما لقاضي الموضوع من سلطة تقدير الأدلة, وكانت الدعوى قد خلت من أدلة أخرى غير شهادة هؤلاء الشهود فإن ذلك الخطأ القانوني الذي جنح إليه القرار المطعون فيه يكون غير ذي أثر طالما أنه قد أحاط بالدعوى وأدلتها وخلص في تقدير سائغ إلى أن الأدلة القائمة في الدعوى يحيطها الشك ولا تكفي لإحالة المطعون ضده للمحاكمة. لما كان ما تقدم, فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق