جلسة 12 من نوفمبر سنة 2006
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلي عوض
محمد صالح والدكتور/ حنفي علي جبالي وماهر سامي يوسف ومحمد خيري طه نواب رئيس
المحكمة
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر
-----------------
(11)
القضية 176 لسنة 22 ق "دستورية"
(1) دستور -
المادة (13) مفادها - حق العمل - سلطة المشرع في تنظيمه.
النص في المادة (13) من الدستور على أن "العمل حق وواجب وشرف
تكفله الدولة" يعني توجيه الدولة إلى استغلال إمكاناتها لإنشاء مشروعات تكفل
تهيئة الظروف لتوفير فرص العمل للمواطنين في ظل المساواة وتكافؤ الفرص.
(2) دستور - تضامن اجتماعي - عدل.
تأسيس المواطنين لمجتمعهم على قاعدة التضامن الاجتماعي - وفقاً لنص
المادة السابعة من الدستور - مؤداه: تداخل مصالحهم لا تصادمها.
(3) إيجار - القانون رقم 6 لسنة 1997 -
المساواة بين طرفي العلاقة الإيجارية.
القانون رقم 6 لسنة 1997 - ليس إلا حلقة من حلقات التشريعات
الاستثنائية الصادرة لتنظيم العلائق الإيجارية بين المؤجرين والمستأجرين، راعى
المشرع بهذا القانون المزاوجة بين حقوق مؤجري الأماكن غير السكنية ومصالح
مستأجريها تحقيقاً للتوازن في العلاقة الإيجارية والمساواة بين طرفيها.
----------------
1 - النص في المادة (13) من الدستور على أن "العمل حق وواجب وشرف
تكفله الدولة" إنما يعني توجيه الدولة إلى استغلال إمكاناتها لإنشاء مشروعات
تكفل تهيئة الظروف لتوفير فرص العمل للمواطنين في ظل المساواة وتكافؤ الفرص، وعلى
الدولة ممثلة في السلطة التشريعية – عند تنظيمها لهذا الحق – سواء بالتشريعات
العمالية أو بغيرها من التشريعات التي تمس الحق في العمل أن تراعي ألا تتضمن هذه
التشريعات ما يهدر هذا الحق أو يقيده بما يعطل جوهره إلا أنه عليها في ذات الوقت
ألا تتخذ من حمايتها له موطناً لإهدار حقوق يملكها آخرون ومن أخصها حقوق ملاك
ومؤجري الأماكن التي يمارس فيها العمل.
2 - تأسيس المواطنين لمجتمعهم على قاعدة
التضامن الاجتماعي وفقاً لنص المادة السابعة من الدستور مؤداه: تداخل مصالحهم لا
تصادمها، وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تعارضها بما يرعى القيم التي
يؤمنون بها فلا يتقدم على ضوئها فريق على غيره انتهازاً ولا ينال قدراً من الحقوق
يكون بها - دون مقتض - أكثر امتيازاً من سواه، بل يتمتعون جميعاً بالحقوق عينها،
وذلك تحقيقاً للعدل الذي قرنه الدستور بكثير من النصوص التي تضمنها ليكون قيداً
على السلطة التشريعية في المسائل التي تناولتها هذه النصوص بحيث يتعين عليها دوماً
أن توازن علائق الأفراد فيما بين بعضهم البعض، بأوضاع مجتمعهم والمصالح التي
يتوخاها.
3 - القانون رقم 6 لسنة 1997 ليس إلا حلقة من
حلقات التشريعات الاستثنائية الصادرة لتنظيم العلائق الإيجارية بين المؤجرين
والمستأجرين، وقد راعى المشرع بهذا القانون المزاوجة بين حقوق مؤجري الأماكن غير
السكنية ومصالح مستأجريها تحقيقاً للتوازن في العلاقة الإيجارية والمساواة بين
طرفيها، فنص على امتداد عقد إيجار تلك الأماكن على زوج وأقارب المستأجر الأصلي
بالشروط والقيود الواردة بالمادة الأولى من هذا القانون، تقديراً منه لحقوق ورثة
المستأجر المذكور لاستمرار مورد رزقهم ومصدر عيشهم وحفاظاً على تواصل نشاط المراكز
الحرفية والصناعية والتجارية. وحرصاً من المشرع على عدم الإضرار بمؤجري هذه
الأماكن، فقد قرر عدم استمرار العقد بموت أحد من أصحاب البقاء في العين إلا لصالح
المستفيدين من ورثة المستأجر الأصلي دون غيره ولمرة واحدة، وذلك حتى لا يتحول حق
المستأجر في استعمال العين – وهو حق مصدره العقد دائماً حتى مع قيام التنظيم الخاص
للعلائق الإيجارية وتحديد أبعادها بقوانين استثنائية – إلى نوع من السلطة الفعلية
يسلطها المستأجر مباشرة على الشيء المؤجر مستخلصاً منه فوائده دون تدخل من المؤجر.
إذ لو جاز ذلك لخرج هذا الحق من إطار الحقوق الشخصية، وصار مشبهاً بالحقوق
العينية، ملتئماً مع ملامحها، وهو ما يناقض خصائص الإجارة باعتبار أن طرفيها –
وطوال مدتها – على اتصال دائم مما اقتضى ضبطها تحديداً لحقوقهما وواجباتهما، فلا
يتسلط أغيار عليها انتهازاً وإضراراً بحقوق مؤجرها، متدثرين في ذلك بعباءة
القانون، ولأنها – فوق هذا – لا تقع على ملكية الشيء المؤجر، بل تنصب على منفعة
يغلها، مقصودة في ذاتها، ومعلومة من خلال تعيينها، ولمدة طابعها التأقيت مهما
استطال أمدها.
-------------
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر المستندات -
تتحصل في أن المدعى عليه الرابع كان قد أقام ضد المدعي الدعوى رقم 1792 لسنة 1999
كلي مساكن الإسكندرية، طالباً الحكم بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/1/1969 المبرم مع
السيدة/ ....... للمحل رقم (2) بالعقار رقم 277 شارع بور سعيد كليوباترا
حمامات، بعد وفاة المستأجرة بتاريخ 14/4/1983، ثم وفاة زوجها من بعدها بتاريخ
18/1/1998، وبجلسة 28/5/2000 قضت المحكمة بإخلاء عين التداعي وتسليمها خالية مما
يشغلها، وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى المدعي فقد طعن عليه بالاستئناف رقم
4595 لسنة 56 قضائية مساكن، أمام محكمة استئناف الإسكندرية، كما طعنت عليه المدعى
عليها الخامسة بالاستئناف رقم 4274 لسنة 56 قضائية، وأثناء نظر هذين الطعنين دفع
المدعي بعدم دستورية القانون رقم 6 لسنة 1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة
(29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 وببعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن غير
السكنية، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت للمدعي بإقامة دعواه
الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
بتاريخ الثامن والعشرين من نوفمبر سنة 2000، أودع المدعي صحيفة هذه
الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون
رقم 6 لسنة 1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة
1977 وببعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن غير السكنية، فيما تضمنته من أن الإجارة
تمتد لمرة واحدة لورثة المستأجر الأصلي.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن النزاع الموضوعي يدور حول مدى أحقية المدعي في الاستفادة من
الامتداد القانوني لعقد إيجار العين محل النزاع بعد وفاة والده، فإن مصلحته
الشخصية في الدعوى الدستورية تتحدد بما تنص عليه الفقرة الأخيرة من المادة الأولى
من القانون رقم 6 لسنة 1997 المشار إليه، والتي تنص على أنه "واعتباراً من
اليوم التالي لتاريخ نشر هذا القانون المعدل، لا يستمر العقد بموت أحد من أصحاب حق
البقاء في العين إلا لصالح المستفيدين من ورثة المستأجر الأصلي دون غيره ولمرة
واحدة."
وحيث إن المدعي ينعى على النص المطعون عليه - محدداً نطاقاً على النحو
السالف بيانه - إهداره للحق في العمل وتعارضه مع قيام المجتمع على التضامن
الاجتماعي واعتداءه على حق الملكية، بالمخالفة لأحكام المواد (7، 13، 34) من
الدستور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن النص في المادة (13) من الدستور على أن
"العمل حق وواجب وشرف تكفله الدولة "إنما يعني توجيه الدولة إلى استغلال
إمكاناتها لإنشاء مشروعات تكفل تهيئة الظروف لتوفير فرص العمل للمواطنين في ظل
المساواة وتكافؤ الفرص، وعلى الدولة ممثلة في السلطة التشريعية - عند تنظيمها لهذا
الحق - سواء بالتشريعات العمالية أو بغيرها من التشريعات التي تمس الحق في العمل
أن تراعي ألا تتضمن هذه التشريعات ما يهدر هذا الحق أو يقيده بما يعطل جوهره إلا
أنه عليها في ذات الوقت ألا تتخذ من حمايتها له موطناً لإهدار حقوق يملكها آخرون
ومن أخصها حقوق ملاك ومؤجري الأماكن التي يمارس فيها العمل.
وحيث إن تأسيس المواطنين لمجتمعهم على قاعدة التضامن الاجتماعي وفقاً
لنص المادة السابعة من الدستور مؤداه: تداخل مصالحهم لا تصادمها، وإمكان التوفيق
بينها ومزاوجتها ببعض عند تعارضها بما يرعى القيم التي يؤمنون بها فلا يتقدم على
ضوئها فريق على غيره انتهازاً ولا ينال قدراً من الحقوق يكون بها - دون مقتض -
أكثر امتيازاً من سواه، بل يتمتعون جميعاً بالحقوق عينها، وذلك تحقيقاً للعدل الذي
قرنه الدستور بكثير من النصوص التي تضمنها ليكون قيداً على السلطة التشريعية في
المسائل التي تناولتها هذه النصوص بحيث يتعين عليها دوماً أن توازن علائق الأفراد
فيما بين بعضهم البعض، بأوضاع مجتمعهم والمصالح التي يتوخاها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان القانون رقم 6 لسنة 1997 الذي تضمن
النص المطعون عليه ليس إلا حلقة من حلقات التشريعات الاستثنائية الصادرة لتنظيم
العلائق الإيجارية بين المؤجرين والمستأجرين، وقد راعى المشرع بهذا القانون
المزاوجة بين حقوق مؤجري الأماكن غير السكنية ومصالح مستأجريها تحقيقاً للتوازن في
العلاقة الإيجارية والمساواة بين طرفيها، فنص على امتداد عقد إيجار تلك الأماكن
على زوج وأقارب المستأجر الأصلي بالشروط والقيود الواردة بالمادة الأولى من هذا
القانون، تقديراً منه لحقوق ورثة المستأجر المذكور لاستمرار مورد رزقهم ومصدر
عيشهم وحفاظاً على تواصل نشاط المراكز الحرفية والصناعية والتجارية. وحرصاً من
المشرع على عدم الإضرار بمؤجري هذه الأماكن، فقد قرر بالنص المطعون عليه عدم
استمرار العقد بموت أحد من أصحاب البقاء في العين إلا لصالح المستفيدين من ورثة
المستأجر الأصلي دون غيره ولمرة واحدة، وذلك حتى لا يتحول حق المستأجر في استعمال
العين – وهو حق مصدره العقد دائماً حتى مع قيام التنظيم الخاص للعلائق الإيجارية
وتحديد أبعادها بقوانين استثنائية – إلى نوع من السلطة الفعلية يسلطها المستأجر
مباشرة على الشيء المؤجر مستخلصاً منه فوائده دون تدخل من المؤجر. إذ لو جاز ذلك
لخرج هذا الحق من إطار الحقوق الشخصية، وصار مشبهاً بالحقوق العينية، ملتئماً مع
ملامحها، وهو ما يناقض خصائص الإجارة باعتبار أن طرفيها – وطوال مدتها – على اتصال
دائم مما اقتضى ضبطها تحديداً لحقوقهما وواجباتهما، فلا يتسلط أغيار عليها
انتهازاً وإضراراً بحقوق مؤجرها، متدثرين في ذلك بعباءة القانون، ولأنها – فوق هذا
– لا تقع على ملكية الشيء المؤجر، بل تنصب على منفعة يغلها، مقصودة في ذاتها،
ومعلومة من خلال تعيينها، ولمدة طابعها التأقيت مهما استطال أمدها، ومن ثم فإن
ادعاء المدعي مخالفة النص المطعون عليه للدستور – وقد تغيا الأغراض المشار إليها،
ولم يتضمن أي مساس بأموال يملكها المدعي – يكون لغواً.
وحيث إن النص المطعون عليه لا يتعارض مع أي حكم في الدستور من أوجه
أخرى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات
ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق