الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 27 يوليو 2021

الطعن 9090 لسنة 66 ق جلسة 21 / 1 / 2017 مكتب فني 68 ق 17 ص 98

جلسة 21 من يناير سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ سمير فايزي عبد الحميد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة القضاة/ عبد الصمد محمد هريدي، محمد مأمون سليمان، عبد الناصر عبد اللاه فراج ووليد ربيع السعداوي نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(17)
الطعن 9090 لسنة 66 ق
(1 - 7) إيجار "تشريعات إيجار الأماكن: أسباب الإخلاء: الإخلاء للتنازل عن عقد الإيجار "استثناءات من حظر التنازل عن الإيجار والتأجير من الباطن: التنازل عن إيجار المنشأة الطبية" "الاستثناءات الواردة على أسباب الإخلاء: بيع الجدك".
(1) تنازل المستأجر عن المتجر أو المصنع المنشأ بالعين المؤجرة ببيعه بالجدك. جوازه استثناء من الأصل المقرر بحظر التنازل عن الإيجار. م 594/ 2 مدني. شرطه. توافر جميع الشروط التي يتطلبها النص المذكور. تخلفها. أثره. للمؤجر طلب الإخلاء ما دام لم يوافق على التنازل صراحة أو ضمنا.

(2) مستأجر المنشأة الطبية. له التنازل عنها- في أي وقت- لطبيب ولو اعترض عليه المؤجر. مؤداه. صيرورة هذا التنازل قائما ومستمرا للمتنازل إليه.

(3) حق المالك في الحالات التي يجوز فيها للمستأجر بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالعين المؤجرة في الحصول على 50% من ثمن المبيع أو مقابل التنازل أو في شراء العين متى أنذر المستأجر برغبته في الشراء وأودع نصف الثمن مخصوما منه قيمة ما بها من منقولات شملها التصرف خزينة المحكمة. مخالفة ذلك. أثره. بطلان التصرف. م 20، 25ق 136 لسنة 1981.

(4) صدور ق136 لسنة 1981 في تاريخ لاحق للق 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية وعموم نص م 20 منه وإطلاقها. أثره. سريان هذه المادة على حالة التنازل عن المنشآت الطبية متى استوفت شروطها القانونية. علة ذلك.

(5) بيع المستأجر العين المؤجرة بالجدك أو التنازل عن حقه في الانتفاع بها أو التنازل عن المنشأة الطبية لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة. لازمه. وجوب إعلانه المالك بالثمن المعروض على يد محضر وإمهاله مدة شهر ليبدي خلاله اختياره إما باسترداد العين المؤجرة خالية أو مقاسمته في الثمن بعد خصم قيمة المنقولات. انقضاء ذلك الأجل دون إجابة من المالك. أثره. سقوط خياره في استرداد العين المؤجرة.

(6) اعتداد الحكم المطعون فيه بالطلب المقدم من المتنازل إليه (المطعون ضده الثاني) إلى إدارة العقارات بالشركة الطاعنة لتحرير عقد إيجار باسمه مرفقا به عقد التنازل عن العين المؤجرة المبرم بينه وبين المطعون ضده الأول معتبرا أن تسليمه يتوفر به علم الطاعنة بواقعة التنازل وأن عدم إبداء رغبتها في الشراء خلال الأجل المحدد قانونا قد أسقط حقها في الشراء. خطأ. علة ذلك.

(7) ثبوت صورية عقد التنازل المحرر بين المطعون ضدهما عن العين محل النزاع وعدم استعمال المطعون ضده الثاني لها كمنشأة طبية من تاريخ التنازل. مؤداه. مخالفة التنازل لنص م18 من ق136 لسنة 1981. علة ذلك. قضاء الحكم الابتدائي برفض الدعوى بتخلي المستأجر عن العين المؤجرة وتركها للمطعون ضده الثاني. مخالفة للقانون.
--------------
1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن النص في المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981- في شأن الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر- على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية ... جـ- إذ ثبت أن المستأجر قد تنازل عن المكان المؤجر أو أجره من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك للمستأجر الأصلي أو تركه للغير بقصد الاستغناء عنه نهائيا وذلك دون إخلال بالحالات التي يجيز فيها القانون للمستأجر تأجير المكان مفروشا أو التنازل عنه أو تأجيره من الباطن أو تركه لذوي القربى وفقا لأحكام المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 "يدل على أن المشرع حظر على المستأجر التنازل عن العين المؤجرة أو تركها للغير إلا في الحالات التي يجيز فيها القانون للمستأجر التنازل عنها أو تركها لذوي القربى المحددين حصرا بنص المادة 29/1 من القانون رقم 49 لسنة 1977، واستثناء من هذا الشرط المانع نصت الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني على حق المستأجر لمكان أنشأ فيه متجرا أو مصنعا أن يتنازل عنه للغير بأن يبيعه بالجدك إذا اقتضت الضرورة ذلك دون حاجة لموافقة المؤجر على هذا التنازل، إلا أن ذلك مشروط بأن يتوافر في البيع بالجدك كافة الشروط التي يتطلبها هذا النص القانوني لإعمال هذا الاستثناء، فإن لم تتوافر عد تنازل المستأجر عن العين المؤجرة تنازلا مخالفا للحظر الوارد في القانون، وهو ما يبرر للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر ما لم يوافق على هذا التنازل صراحة أو يكون قد تنازل ضمنا عن التمسك بالشرط المانع وعن حقه في طلب الإخلاء.

2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن النص في المادة الخامسة من القانون 51 لسنة 1981- بشأن تنظيم المنشآت الطبية المعمول به اعتبار من 11/10/1981- يدل على أن لمستأجر المنشأة الطبية التنازل عنها في أي وقت يشأ لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة وينتج هذا التنازل أثره في حق المؤجر ولو اعترض عليه، فيظل عقد إيجار المنشأة الطبية قائما مستمرا لصالح المتنازل إليه.

3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن النص في المادتين 20، 25 من القانون 136 لسنة 1981- في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن- يدل على أن المشرع استحدث حلا عادلا عند تنازل المستأجر عن المكان المؤجر له تنازلا نافذا في حق المؤجر وذلك بهدف تحقيق التوازن بين حق كل من المؤجر والمستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة، وهو ما نص عليه صراحة في عنوان الباب الثاني من القانون المذكور بقوله "في شأن تحقيق التوازن في العلاقات الإيجارية" وهي لا ريب اعتبارات تتعلق بنظام المجتمع الأساسي وسلامه الاجتماعي، فأعطى المالك الحق في أن يقتسم مع المستأجر الأصلي قيمة ما يجنيه الأخير بنفسه نتيجة تصرفه ببيع العين المؤجرة له بالجدك أو التنازل عنها في الحالات التي يجيز فيها القانون ذلك التصرف، فنص على أحقية المالك بأن يتقاضى نسبة الـ 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال، كما أعطى له- أيضا- الحق في شراء العين إذا أبدى رغبته في ذلك وأودع نصف الثمن الذي اتفق عليه المتعاقدان خزينة المحكمة الجزئية مخصوما منه قيمة ما بها من منقولات إيداعا مشروطا بالتنازل للمالك عن عقد الإيجار وتسليم العين إليه خالية، كما أبطل كل شرط أو اتفاق يخالف ما تقدم.

4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه وإذ كان هذا القانون (136 لسنة 1981) لاحقا في صدوره للقانون رقم 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية، وجاء نص المادة 20 سالفة الذكر عاما ومطلقا، فإنه يسري على كافة الحالات التي يجوز للمستأجر فيها قانونا بيع المتجر أو المصنع والتنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية المؤجرة لغير أغراض السكنى بما في ذلك المنشآت الطبية متى استوفيت الشروط المنصوص عليها في المادة الخامسة من القانون رقم 51 لسنة 1981 المشار إليه وذلك إعمالا لعموم النص على إطلاقه، إذ لا تخصيص لعموم النص بغير مخصص وصولا لتحقيق ما هدف إليه المشرع وابتغاه منه.

5 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن البين من نص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981- في واضح عبارته وصريح دلالته- أنه أوجب على المستأجر دون سواه وقبل إبرام الاتفاق على بيع العين المؤجرة بالجدك أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية في الأحوال التي يجيز له القانون ذلك أو التنازل عن المنشأة الطبية لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة أن يعلن المالك بالثمن المعروض على يد محضر، وأن يمهله مدة شهر ليبدى خلاله اختياره إما باسترداد العين المؤجرة خالية إذا أودع نصف الثمن مخصوما منه قيمة ما في العين المؤجرة من أثاث ومنقولات بخزينة المحكمة الجزئية الواقع بدائرتها العقار أو برغبته في مقاسمة المستأجر في الثمن بعد خصم قيمة المنقولات، فإذا انقضى ذلك الأجل دون إجابة من المالك جاز للمستأجر أن يبرم اتفاقا نافذا في حق المالك وسقط خيار المالك فلم يعد له سوى الحق في استيداء نصف صافي قيمة ثمن البيع أو التنازل بعد خصم قيمة الأثاث والمنقولات والأجهزة التي بالعين المؤجرة.

6 - إذ كان الحكم الابتدائي المؤيد بقضاء الحكم المطعون فيه قد تنكب هذا النظر على ما أورده بأسبابه معتدا بالطلب المقدم من المتنازل إليه (المطعون ضده الثاني) المؤرخ 10/9/1989 إلى إدارة العقارات بالشركة الطاعنة مرفقا به عقد التنازل المبرم بين المطعون ضدهما بتاريخ 20/6/1989 المصدق عليه في 2/8/1989 واعتبر أن تسليمه في 11/9/1989 يتوافر به علم الطاعن بصفته علما حقيقيا بواقعة التنازل أيا كان شخص القائم بهذا الإجراء ووقت قيامه به، وأن عدم إبداء رغبتها في الشراء خلال الأجل المحدد قانونا قد أسقط حقها في الشراء ولم يبق لها سوى المطالبة بحصتها في مقابل التنازل ما لم يسقط بالتقادم رغم بطلان الاتفاق على التنازل، ورتب على ذلك القضاء برفض الدعوى منحرفا عن عبارة النص القانوني سالف الذكر رغم أن وضوحها- بدون لبس- يوجب أن تعد تعبيرا صادقا عن إرادة المشرع، فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أو القياس لتعلق التشريعات الخاصة بإيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر بالنظام العام باعتبارها تشريعات استثنائية لا تحتمل التوسع في التفسير، وأنه إذ حدد فيها المشرع شكلا للإجراء وألزم للقيام به شخصا في مواجهة آخر فلا ينتج الإجراء أثره ما لم يتم بالشكل المحدد قانونا وفي مواجهة صاحب الصفة في تمثيل الشخص المعنوي بما يعيبه ويوجب نقضه.

7 - إذ كان البين من الواقع المطروح بالأوراق في درجتي التقاضي أن المطعون ضده الثاني استلم عين النزاع من المطعون ضده الأول (المستأجر الأصلي) بموجب عقد التنازل المؤرخ 20/6/1989 ورغم بطلانه فلم يودعه ملف المنشأة الطبية ولم يسجلها في نقابة الأطباء طبقا لما ورد بالشهادة الصادرة عن نقابة الأطباء في 29/12/1993، وأنه أغلقها طبقا لما ورد بتحريات الشرطة المودعة ملف الدعوى أمام أول درجة، كما أنه غادر البلاد بجواز سفر صادر من دولة البحرين منذ 9/8/1993 ولم يستدل على عودته حتى 15/10/1994 طبقا لما ورد بالشهادة الصادرة عن مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية، وكانت الشركة الطاعنة قد وجهت طلبا عارضا أمام محكمة أول درجة بإخلاء عين النزاع وتسليمها لها على سند من نص المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 لتنازل المستأجر عن العين المؤجرة دون موافقة كتابية للمطعون ضده الثاني الذي استعملها للسكنى، وقد واجه المطعون ضده الثاني هذا الطلب بدفاع حاصله أن الشركة المدعية (الطاعنة) قد خلطت بين عين النزاع وشقة أخرى برقم ... بذات العقار يستأجرها والده للسكنى، وهو ما لا يصلح ردا على أدلة الطاعنة عن استعماله عين النزاع عقب استلامه للسكنى وإغلاقها لسفره وعدم استعمالها كمنشأة طبية، وهو واقع مطروح بالأوراق ولا يلبي إرادة المشرع، ولا تتحقق به الغاية المقصودة من إجازة تنازل الطبيب عن المنشأة الطبية لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة ولو اعترض على ذلك المالك ذلك لأن العلة تدور مع المعلول وجودا وعدما، وكانت العلة من منح الطبيب لهذه الرخصة هي حرص المشرع على الإبقاء على المنشآت الطبية حتى لا يتأثر نشاطها بوفاة صاحبها أو تنازله عنها لكي تستمر في أداء الخدمات الطبية للمواطنين والنهوض بمهنة الطب والوفاء بتبعاتها بما يقتضيه ذلك من أنه تتواصل مباشرتها من أجيال القائمين عليها ولا ينفصم اتصالهم بالأعيان المؤجرة المتخذة مقارا لمزاولتها بل يكون ارتباطهم بها مطردا لا انقطاع فيه وفاء بتبعاتها، وهو اعتبار متعلق بالنظام العام لتجريم مخالفته بنص المادة 25 من القانون رقم 136 لسنة 1981 إذا وقع التعاقد على التنازل باطلا وأوجبت رد الحالة إلى ما يتفق مع أحكام القانون، وإذ كانت الطاعنة قد أسست طلبها العارض ابتداء أمام محكمة أول درجة بفسخ عقد الإيجار وإخلاء عين النزاع لتنازل المطعون ضده الأول عن عين النزاع للمطعون ضده الثاني الذي استعملها للسكنى وتزوج فيها وتمسكت بصورية عقد التنازل المؤرخ 20/6/1989 المقضي ببطلانه مرتكنة إلى ما قدمته من المستندات السالف ذكرها للتدليل على أن عين النزاع لم تستعمل من جانب المطعون ضده الثاني كمنشأة طبية، وأنها تقع في أحد ميادين وسط القاهرة، وأن المقابل النقدي المبين بعقد التنازل ضئيل ولا يتناسب مع موقع عين النزاع، فضلا عن أنه قد خلا من بيان ما فيها من منقولات وأثاث وأجهزة وصفا وقيمة، وأن هذا العقد قد تحرر بين طرفيه لإضفاء المشروعية على تنازل المستأجر عن عين النزاع بالمخالفة لنص المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981، وإذ انتهت محكمة أول درجة إلى رفض الدعوى مقيدة بعقد التنازل رغم بطلانه وتضمن حكمها القضاء ضمنيا برفض الدعوى لتخلي المستأجر عنها وتركها للمطعون ضده الثاني بالمخالفة لنص المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981 دون أن تفطن إلى دفاع المدعية المؤيد بالمستندات ومؤدى دفعها بالصورية أن عقد التنازل ما أبرم إلا للتحايل على قواعد قانون إيجار الأماكن لإخفاء واقعة التنازل عن العين المؤجرة قد ثرا في غير ما شرعت له المادة الخامسة من قانون المنشآت الطبية، لأن عين النزاع لم تسجل ولم تستعمل كمنشأة طبية من تاريخ تنازل المطعون ضده الأول للثاني عنها في 20/6/1989 بما يوجب القضاء بإلغاء الحكم الابتدائي وبفسخ عقد الإيجار المؤرخ 29/11/1956 وبإخلاء عين النزاع وتسليمها للطاعنة.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم ... لسنة 1992 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية على المطعون ضدهما بطلب الحكم ببطلان عقد البيع بالجدك المؤرخ 20/6/1989 واعتباره كأن لم يكن وبإخلاء عين النزاع والتسليم، وقالت شرحا لذلك إن المطعون ضده الأول استأجر عين النزاع من المالكين السابقين بموجب عقد إيجار مؤرخ 29/11/1956 لاستعمالها للسكن، وقد ألت إليها ملكية العقار بموجب عقد مسجل، وبتاريخ 13/8/1985 وافقت الطاعنة على طلبه بتغيير استعمالها من السكن إلى عيادة طبية، وإذ تنازل المطعون ضده الأول عن عين النزاع للمطعون ضده الثاني مقابل تقاضيه عشرة آلاف جنيه بموجب عقد تنازل مؤرخ 20/6/1989 دون موافقة الطاعنة ودون إعلانها وبالمخالفة لنص المادتين 20، 25 من القانون رقم 136 لسنة 1981 والمادة الخامسة من القانون رقم 51 لسنة 1981 في شأن المنشآت الطبية، وتقدم المطعون ضده الثاني بطلب للشركة مؤرخ 10/9/1989 لتحرير عقد إيجار باسمه أرفق به صورة من عقد التنازل، فأقامت الدعوى، وبصحيفة أودعت وأعلنت قانونا أمام محكمة أول درجة أضافت المدعية طلب الحكم بإخلاء عين النزاع والتسليم لتنازل المطعون ضده الأول عن العين المؤجرة للمطعون ضده الثاني دون موافقتها الكتابية ولم يستعملها المتنازل إليه كمنشأة طبية بل تزوج فيها واستعملها مسكنا له بالمخالفة لنص المادة 18/ ج من القانون رقم 136 لسنة 1981. حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 112ق القاهرة، وبتاريخ 22/7/1996 قضت المحكمة بالتأييد. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأته جديرا بالنظر، وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه بأسباب الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن المطعون ضده الأول استأجر عين النزاع من المالكين السابقين بموجب عقد الإيجار المؤرخ 29/11/1956 لغرض السكنى، وأنه غير استعمالها إلى عيادة طبية بناء على طلبه وبموافقة رئيس مجلس إدارة الشركة في 13/8/1985، وأنه تنازل عنها وتركها للمطعون ضده الثاني مقابل مبلغ عشرة آلاف جنيه دون علم الطاعنة، وأبرم المطعون ضدهما عقد تنازل مؤرخ 20/6/1989 عن عيادة طبية بما فيها من منقولات وأجهزة طبية دون أن يعلنها على يد محضر قبل أن يبرم هذا الاتفاق بالمخالفة لنص المادتين 20 و25 من القانون 136 لسنة 1981 والمادة 5 من القانون رقم 51 لسنة 1981 في شأن المنشآت الطبية، وقد تقدم المطعون ضده الثاني بطلب تحرير عقد إيجار عين النزاع باسمه في 10/9/1989 وأرفق به صورة من عقد التنازل، وأنها أقامت الدعوى بطلب الحكم ببطلانه وتمسكت بصوريته وأضافت طلب إخلاء عين النزاع تأسيسا على نص المادة 18/ ج من القانون 136 لسنة 1981 لتنازل المستأجر عن العين المؤجرة للمطعون ضده الثاني دون موافقتها الكتابية واستعملها الأخير مسكن زوجية وإذ قضى الحكم الابتدائي المؤيد بقضاء الحكم المطعون فيه برفض الدعوى معتدا بعقد التنازل برغم بطلانه، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن النص في المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981- في شأن الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر- على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية ... جـ- إذ ثبت أن المستأجر قد تنازل عن المكان المؤجر أو أجره من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك للمستأجر الأصلي أو تركه للغير بقصد الاستغناء عنه نهائيا وذلك دون إخلال بالحالات التي يجيز فيها القانون للمستأجر تأجير المكان مفروشا أو التنازل عنه أو تأجيره من الباطن أو تركه لذوي القربى وفقا لأحكام المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 "يدل على أن المشرع حظر على المستأجر التنازل عن العين المؤجرة أو تركها للغير إلا في الحالات التي يجيز فيها القانون للمستأجر التنازل عنها أو تركها لذوي القربى المحددين حصرا بنص المادة 29/1 من القانون رقم 49 لسنة 1977، واستثناء من هذا الشرط المانع نصت الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني على حق المستأجر لمكان أنشأ فيه متجرا أو مصنعا أن يتنازل عنه للغير بأن يبيعه بالجدك إذا اقتضت الضرورة ذلك دون حاجة لموافقة المؤجر على هذا التنازل، إلا أن ذلك مشروط بأن يتوافر في البيع بالجدك كافة الشروط التي يتطلبها هذا النص القانوني لإعمال هذا الاستثناء، فإن لم تتوافر عد تنازل المستأجر عن العين المؤجرة تنازلا مخالفا للحظر الوارد في القانون، وهو ما يبرر للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر ما لم يوافق على هذا التنازل صراحة أو يكون قد تنازل ضمنا عن التمسك بالشرط المانع وعن حقه في طلب الإخلاء، كما أن من المقرر- أيضا- أن النص في المادة الخامسة من القانون 51 لسنة 1981- بشأن تنظيم المنشآت الطبية المعمول به اعتبار من 11/10/1981- على أنه "لا ينتهي عقد إيجار المنشأة الطبية بوفاة المستأجر أو ترکه للعين ..." يدل على أن لمستأجر المنشأة الطبية التنازل عنها في أي وقت يشأ لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة وينتج هذا التنازل أثره في حق المؤجر ولو اعترض عليه، فيظل عقد إيجار المنشأة الطبية قائما مستمرا لصالح المتنازل إليه، إلا أن النص في المادة 20 من القانون 136 لسنة 1981 السالف ذكره على أنه "يحق للمالك عند قيام المستأجر في الحالات التي يجوز فيها بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى الحصول على 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين، وعلى المستأجر قبل إبرام الاتفاق إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض، ويكون للمالك الحق في الشراء إذا أبدى رغبته في ذلك وأودع الثمن مخصوما منه نسبة الـ 50% المشار إليها خزانة المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العين وذلك خلال شهر من تاريخ الإعلان، وبانقضاء ذلك الأجل يجوز للمستأجر أن يبيع لغير المالك مع التزام المشتري بأن يؤدي للمالك مباشرة نسبة الـ 50% المشار إليها"، والنص في المادة 25 من ذات القانون على أنه "يقع باطلا بطلانا مطلقا كل شرط أو اتفاق يتم بالمخالفة لأحكام هذا القانون والقواعد السابقة له المنظمة للعلاقة بين المالك والمستأجر" يدل على أن المشرع استحدث حلا عادلا عند تنازل المستأجر عن المكان المؤجر له تنازلا نافذا في حق المؤجر وذلك بهدف تحقيق التوازن بين حق كل من المؤجر والمستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة، وهو ما نص عليه صراحة في عنوان الباب الثاني من القانون المذكور بقوله "في شأن تحقيق التوازن في العلاقات الإيجارية" وهي لا ريب اعتبارات تتعلق بنظام المجتمع الأساسي وسلامه الاجتماعي، فأعطى المالك الحق في أن يقتسم مع المستأجر الأصلي قيمة ما يجنيه الأخير بنفسه نتيجة تصرفه ببيع العين المؤجرة له بالجدك أو التنازل عنها في الحالات التي يجيز فيها القانون ذلك التصرف، فنص على أحقية المالك بأن يتقاضى نسبة الـ 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال، كما أعطى له- أيضا- الحق في شراء العين إذا أبدى رغبته في ذلك وأودع نصف الثمن الذي اتفق عليه المتعاقدان خزينة المحكمة الجزئية مخصوما منه قيمة ما بها من منقولات إيداعا مشروطا بالتنازل للمالك عن عقد الإيجار وتسليم العين إليه خالية، كما أبطل كل شرط أو اتفاق يخالف ما تقدم، وإذ كان هذا القانون لاحقا في صدوره للقانون رقم 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية، وجاء نص المادة 20 سالفة الذكر عاما ومطلقا، فإنه يسري على كافة الحالات التي يجوز للمستأجر فيها قانونا بيع المتجر أو المصنع والتنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية المؤجرة لغير أغراض السكنى بما في ذلك المنشآت الطبية متى استوفيت الشروط المنصوص عليها في المادة الخامسة من القانون رقم 51 لسنة 1981 المشار إليه وذلك إعمالا لعموم النص على إطلاقه، إذ لا تخصيص لعموم النص بغير مخصص وصولا لتحقيق ما هدف إليه المشرع وابتغاه منه. لما كان ذلك، وكان البين من نص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981- في واضح عبارته وصريح دلالته- أنه أوجب على المستأجر دون سواه وقبل إبرام الاتفاق على بيع العين المؤجرة بالجدك أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية في الأحوال التي يجيز له القانون ذلك أو التنازل عن المنشأة الطبية لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة أن يعلن المالك بالثمن المعروض على يد محضر، وأن يمهله مدة شهر ليبدي خلاله اختياره إما باسترداد العين المؤجرة خالية إذا أودع نصف الثمن مخصوما منه قيمة ما في العين المؤجرة من أثاث ومنقولات بخزينة المحكمة الجزئية الواقع بدائرتها العقار أو برغبته في مقاسمة المستأجر في الثمن بعد خصم قيمة المنقولات، فإذا انقضى ذلك الأجل دون إجابة من المالك جاز للمستأجر أن يبرم اتفاقا نافذا في حق المالك وسقط خيار المالك فلم يعد له سوى الحق في استيداء نصف صافي قيمة ثمن البيع أو التنازل بعد خصم قيمة الأثاث والمنقولات والأجهزة التي بالعين المؤجرة. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بقضاء الحكم المطعون فيه قد تنكب هذا النظر على ما أورده بأسبابه معتدا بالطلب المقدم من المتنازل إليه (المطعون ضده الثاني) المؤرخ 10/9/1989 إلى إدارة العقارات بالشركة الطاعنة مرفقا به عقد التنازل المبرم بين المطعون ضدهما بتاريخ 20/6/1989 المصدق عليه في 2/8/1989 واعتبر أن تسليمه في 11/9/1989 يتوافر به علم الطاعن بصفته علما حقيقيا بواقعة التنازل أيا كان شخص القائم بهذا الإجراء ووقت قيامه به، وأن عدم إبداء رغبتها في الشراء خلال الأجل المحدد قانونا قد أسقط حقها في الشراء ولم يبق لها سوى المطالبة بحصتها في مقابل التنازل ما لم يسقط بالتقادم رغم بطلان الاتفاق على التنازل، ورتب على ذلك القضاء برفض الدعوى منحرفا عن عبارة النص القانوني سالف الذكر رغم

أن وضوحها- بدون لبس- يوجب أن تعد تعبيرا صادقا عن إرادة المشرع، فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أو القياس لتعلق التشريعات الخاصة بإيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر بالنظام العام باعتبارها تشريعات استثنائية لا تحتمل التوسع في التفسير، وأنه إذ حدد فيها المشرع شكلا للإجراء وألزم للقيام به شخصا في مواجهة آخر فلا ينتج الإجراء أثره ما لم يتم بالشكل المحدد قانونا وفي مواجهة صاحب الصفة في تمثيل الشخص المعنوي بما يعيبه ويوجب نقضه.

ولما تقدم، وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، وكان البين من الواقع المطروح بالأوراق في درجتي التقاضي أن المطعون ضده الثاني استلم عين النزاع من المطعون ضده الأول (المستأجر الأصلي) بموجب عقد التنازل المؤرخ 20/6/1989 ورغم بطلانه فلم يودعه ملف المنشأة الطبية ولم يسجلها في نقابة الأطباء طبقا لما ورد بالشهادة الصادرة عن نقابة الأطباء في 29/12/1993، وأنه أغلقها طبقا لما ورد بتحريات الشرطة المودعة ملف الدعوى أمام أول درجة، كما أنه غادر البلاد بجواز سفر صادر من دولة البحرين منذ 9/8/1993 ولم يستدل على عودته حتى 15/10/1994 طبقا لما ورد بالشهادة الصادرة عن مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية، وكانت الشركة الطاعنة قد وجهت طلبا عارضا أمام محكمة أول درجة بإخلاء عين النزاع وتسليمها لها على سند من نص المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 لتنازل المستأجر عن العين المؤجرة دون موافقة كتابية للمطعون ضده الثاني الذي استعملها للسكنى، وقد واجه المطعون ضده الثاني هذا الطلب بدفاع حاصله أن الشركة المدعية (الطاعنة) قد خلطت بين عين النزاع وشقة أخرى برقم ... بذات العقار يستأجرها والده للسكنى، وهو ما لا يصلح ردا على أدلة الطاعنة عن استعماله عين النزاع عقب استلامه للسكنى وإغلاقها لسفره وعدم استعمالها كمنشأة طبية، وهو واقع مطروح بالأوراق ولا يلبي إرادة المشرع، ولا تتحقق به الغاية المقصودة من إجازة تنازل الطبيب عن المنشأة الطبية لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة ولو اعترض على ذلك المالك ذلك لأن العلة تدور مع المعلول وجودا وعدما، وكانت العلة من منح الطبيب لهذه الرخصة

هي حرص المشرع على الإبقاء على المنشآت الطبية حتى لا يتأثر نشاطها بوفاة صاحبها أو تنازله عنها لكي تستمر في أداء الخدمات الطبية للمواطنين والنهوض بمهنة الطب والوفاء بتبعاتها بما يقتضيه ذلك من أنه تتواصل مباشرتها من أجيال القائمين عليها ولا ينفصم اتصالهم بالأعيان المؤجرة المتخذة مقارا لمزاولتها بل يكون ارتباطهم بها مطردا لا انقطاع فيه وفاء بتبعاتها، وهو اعتبار متعلق بالنظام العام لتجريم مخالفته بنص المادة 25 من القانون رقم 136 لسنة 1981 إذا وقع التعاقد على التنازل باطلا وأوجبت رد الحالة إلى ما يتفق مع أحكام القانون، وإذ كانت الطاعنة قد أسست طلبها العارض ابتداء أمام محكمة أول درجة بفسخ عقد الإيجار وإخلاء عين النزاع لتنازل المطعون ضده الأول عن عين النزاع للمطعون ضده الثاني الذي استعملها للسكنى وتزوج فيها وتمسكت بصورية عقد التنازل المؤرخ 20/6/1989 المقضي ببطلانه مرتكنة إلى ما قدمته من المستندات السالف ذكرها للتدليل على أن عين النزاع لم تستعمل من جانب المطعون ضده الثاني كمنشأة طبية، وأنها تقع في أحد ميادين وسط القاهرة، وأن المقابل النقدي المبين بعقد التنازل ضئيل ولا يتناسب مع موقع عين النزاع، فضلا عن أنه قد خلا من بيان ما فيها من منقولات وأثاث وأجهزة وصفا وقيمة، وأن هذا العقد قد تحرر بين طرفيه لإضفاء المشروعية على تنازل المستأجر عن عين النزاع بالمخالفة لنص المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981، وإذ انتهت محكمة أول درجة إلى رفض الدعوى مقيدة بعقد التنازل رغم بطلانه وتضمن حكمها القضاء ضمنيا برفض الدعوى لتخلي المستأجر عنها وتركها للمطعون ضده الثاني بالمخالفة لنص المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981 دون أن تفطن إلى دفاع المدعية المؤيد بالمستندات ومؤدى دفعها بالصورية أن عقد التنازل ما أبرم إلا للتحايل على قواعد قانون إيجار الأماكن لإخفاء واقعة التنازل عن العين المؤجرة قد ثرا في غير ما شرعت له المادة الخامسة من قانون المنشآت الطبية، لأن عين النزاع لم تسجل ولم تستعمل كمنشأة طبية من تاريخ تنازل المطعون ضده الأول للثاني عنها في 20/6/1989 بما يوجب القضاء بإلغاء الحكم الابتدائي وبفسخ عقد الإيجار المؤرخ 29/11/1956 وبإخلاء عين النزاع وتسليمها للطاعنة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق