جلسة 4 من مارس سنة 1982
برياسة السيد المستشار/
صلاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد نجيب صالح وعوض جادو
ومصطفى طاهر ومحمد حسن.
----------------
(60)
الطعن رقم 4844 لسنة 51
القضائية
(1) محكمة الموضوع
"سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". حكم "تسبيبه.
تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع أن تأخذ
بأقوال متهم في حق آخر وإن عدل عنها بعد ذلك.
(2) تزوير "تزوير
الأوراق الرسمية". جريمة "أركانها". قصد جنائي.
القصد الجنائي في جريمة
التزوير موضوعي. لا يلزم التحدث عنه صراحة في الحكم ما دام قد أورد من الوقائع ما
يدل عليه.
(3) تزوير "تزوير
الأوراق الرسمية". جريمة "الاشتراك في الجريمة". اشتراك. أحوال
شخصية "زواج". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عقد الزواج وثيقة رسمية.
مناط العقاب على التزوير فيها؟ مثال لتسبيب غير معيب على الاشتراك في تزويرها.
(4) نيابة عامة. نقض
"أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
رأي وكيل النيابة بالنسبة
للتصرف في الجنايات اقتراح خاضع لتقدير رئيس النيابة. أثر ذلك؟
--------------
1 - من المقرر أن لمحكمة
الموضوع أن تأخذ بالأقوال التي يدلي بها متهم في حق آخر - وإن عدل عنها بعد ذلك -
متى اطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع.
2 - القصد الجنائي في
جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في
ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما
دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
3 - عقد الزواج وثيقة
رسمية يختص بتحريرها موظف مختص هو المأذون الشرعي وهذه الورقة أسبغ عليها القانون
الصفة الرسمية لأنه بمقتضاها تقوم الزوجة قانوناً بين المتعاقدين وتكون للآثار
المترتبة عليها - متى تمت صحيحة - قيمتها إذا ما جد النزاع بشأنها. ومناط العقاب
على التزوير فيها هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع
الشرعية مع العلم بذلك، فكل عبث يرمي إلى إثبات غير الحقيقة في هذا الصدد يعتبر
تزويراً. ولما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن أنه حضر أمام المأذون مع المحكوم
عليها الأخرى بصفته وكيلها ووافق على قولها بأنها بكر لم يسبق لها الزواج. والواقع
أنها كانت متزوجة فعلاً مع علمه بذلك. فإن هذا يكفى لإدانته بالاشتراك في تزوير
وثيقة الزواج بما لا يكون للنعي عليه في هذا الشأن محل.
4 - رأي وكيل النيابة
بالنسبة للتصرف في الجنايات لا يعدو أن يكون اقتراحاً خاضعاً لتقدير رئيس النيابة
المختص وحده - أو من يقوم مقامه -، ومن المقرر أن من حق رئيس النيابة إطراح رأي
وكيل النيابة وعدم الأخذ به، ومن ثم فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره في هذا الخصوص -
بفرض صحته - طالما أن أمر رئيس النيابة بإقامة الدعوى الجنائية قبله تم صحيحاً في
القانون.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن وآخرين بأنهم أولاً: اشتركوا بطريق الاتفاق والمساعدة مع موظف عمومي حسن
النية هو (......) مأذون...... في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو وثيقة الزواج
المبينة بالتحقيقات حال تحريرها المختص بوظيفته بجعلهم واقعة مزورة في صورة واقعة
صحيحة مع علمهم بتزويرها. وذلك بأن اتفق المتهم الأول والمتهمة الثانية على
التقرير أمام المأذون سالف الذكر بأن الأخيرة خالية من الموانع الشرعية رغم كونها
زوجة لآخر وصادقهما المتهم الثالث بصفته وكيلاً عن المتهمة الثانية. فأثبت المأذون
ذلك في وثيقة الزواج آنفة الذكر فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك
المساعدة. ثانياً: استعملوا المحرر المزور سالف الذكر بأن قدموه إلى الجهة
الحكومية المختصة للحصول على جواز سفر مع علمهم بتزويره. وطلبت إلى مستشار الإحالة
إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً لمواد الاتهام. فقرر ذلك. ومحكمة
جنايات الإسكندرية قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41، 42، 213، 214 من قانون
العقوبات مع تطبيق نص المادة 32/ 1 من ذات القانون بمعاقبة المتهم (الطاعن) بالسجن
لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض.. إلخ.
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على
الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله مع
علمه بتزويره، قد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون وذلك بأنه عول
في قضائه على قول لمتهمة أخرى محكوم بإدانتها بأن الطاعن كان يعلم بقيام مانع شرعي
بها يحول دون زواجها هو كونها في عصمة آخر على الرغم من عدولها عن ذلك القول ونفي
الطاعن سبق علمه بقيام المانع، وقد أطرح الحكم دفاعه في هذا الشأن استناداً إلى
سابقة معرفته بتلك المتهمة وبأن لها أبناء مع أن الأمرين كليهما لا يلزم عنهما
ثبوت علمه بقيام المانع بها. كما أن وكالته عنها مقصور نطاقها على مجرد إبداء
موافقتها على الزواج ولا يمتد التقرير بخلوها من الموانع الشرعية. هذا إلى أن وكيل
النيابة بعد أن انتهى من تحقيق الواقعة قصر الاتهام على المحكوم عليهما الآخرين
إلا أن رئيس النيابة أدخله في الاتهام معهما. وكل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه
بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة
الأركان القانونية
للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال
شاهدي الإثبات واعتراف المتهمة المحكوم بإدانتها، وهي أدلة لا يجادل الطاعن في أن
لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان
ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بالأقوال التي يدلي بها متهم في حق
آخر - وإن عدل عنها بعد ذلك - متى اطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع،
ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في تعويله في قضائه على ما قررته المحكوم عليها
الأخرى، لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة
بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس
بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل
عليه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بقوله: "وحيث إن
المحكمة وقد اطمأنت إلى أدلة الثبوت سالفة البيان فهي لا تعول على ما دفع به
المتهم الثالث من عدم علمه بأن المتهمة الثانية كانت متزوجة ذلك أن المتهم الأول
وهو من تزوج بالمتهمة الثانية شقيق لزوجة المتهم الثالث ويعلم الأول يقيناً بأنها
كانت متزوجة من تجاورهما في الحي وهو الذي كان يبيع لها اللبن بالإضافة إلى أن
الثابت كذلك أن المتهمة الثانية عند سفرها طلبت من الأخير مبلغاً من المال لتتركه
إلى أولادها فأعطاها ثلاثة جنيهات الأمر الذي يقطع بأنه كان يعلم علماً لا يتطرق
إليه الشك بأن المتهمة الثانية لها أولاد وبالتالي فقد كانت بالقدر المتيقن متزوجة
بآخر ولا تلقي المحكمة بالاً كذلك لما عدلت عنه التهمة الثانية من أقوالها
المتأخرة من أن المتهم الأخير لم يكن يعلم لعدم وجود صلة معها ذلك أن المتهم
المذكور قد زعم أنه يعرف المتهمة الثانية معرفة سابقة لأنها كانت تعمل عنده شغالة
(خادمة) الأمر الذي يقطع بأن عدولها عن أقوالها الأولى إنما كان تحت تأثير المتهم
الأخير وليس أدل على ذلك مما سطره المحقق من أن وكيل المتهم الأخير كان يضغط على
عدم المتهمة الثانية عند الإدلاء بأقوالها كي لا تقرر الحقيقة وتعدل من اتهام
المتهم المذكور" وهو رد سليم يسوغ به إطراح دفاع الطاعن ومن ثم فإن ما يثيره
في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما لا يجوز
إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان عقد الزواج وثيقة رسمية يختص بتحريرها
موظف مختص هو المأذون الشرعي وهذه الورقة أسبغ عليها القانون الصفة الرسمية لأنه
بمقتضاها تقوم الزوجية قانوناً بين المتعاقدين وتكون للآثار المترتبة عليها - متى
تمت صحيحة - قيمتها إذا ما جد النزاع بشأنها. ومناط العقاب على التزوير فيها هو أن
يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك،
فكل عبث يرمي إلى إثبات غير الحقيقة في هذا الصدد يعتبر تزويراً. ولما كان الحكم
قد أثبت في حق الطاعن أنه حضر أمام المأذون مع المحكوم عليها الأخرى بصفته وكيلها
ووافق على قولها بأنها بكر لم يسبق لها الزواج والواقع أنها كانت متزوجة فعلاً مع
علمه بذلك، فإن هذا يكفي....... لإدانته بالاشتراك في تزوير وثيقة الزواج بما لا
يكون للنعي عليه في هذا الشأن محل. لما كان ذلك، وكان رأي وكيل النيابة بالنسبة
للتصرف في الجنايات لا يعدو أن يكون اقتراحاً خاضعاً لتقدير رئيس النيابة المختص
وحده - أو من يقوم مقامه -، ومن المقرر أن من حق رئيس النيابة إطراح رأي وكيل
النيابة وعدم الأخذ به ومن ثم فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره في هذا الخصوص - بفرض
صحته - طالما أن أمر رئيس النيابة بإقامة الدعوى الجنائية قبله ثم صحيحاً في
القانون. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه
موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق