جلسة 23 من أكتوبر سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/
سمير ناجى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نبيل رياض وطلعت الاكيابي
ومحمود عبد الباري نواب رئيس المحكمة وأمين عبد العليم.
--------------
(163)
الطعن رقم 46452 لسنة 59
القضائية
(1)إثبات
"بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
حق محكمة الموضوع في استخلاص
واقعة الدعوى من أدلتها وسائر عناصرها. شرط ذلك ؟
(2)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجوب بناء الأحكام على
الأدلة التي يقتنع بها القاضي. يحصلها مما يجريه من التحقيق مستقلاً في تحصيل
العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره.
عدم جواز إدخال القاضي في
تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام عليها قضاءه أو بعدم صحتها. حكماً لسواه.
(3)استدلالات. إثبات "بوجه عام" "قرائن". حكم
"تسبيبه. تسبيب معيب".
التحريات وحدها لا تصلح
أن تكون دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة.
إقامة الحكم قضاءه على
مجرد رأى محرر محضر التحريات دون إيراد أية شواهد أو قرائن. قصور.
(4)قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. فاعل أصلي. اشتراك. اتفاق.
حكم "تسبيبه تسبيب معيب".
فاعل الجريمة في مفهوم
المادة 39 عقوبات ؟
الفاعل مع غيره هو
بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة
وإلا فلا يسأل إلا عن فعله.
تحقق قصد المساهمة في الجريمة
أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة اتفاق ولو نشأ لحظة تنفيذها.
إدانة الحكم الطاعنة عن جريمة
قتل عمد دون بيان وجود اتفاق بينها وبين الطاعن الأخر على مقارفتها. وخلو مدوناته
مما يوفر عناصر المسئولية قبلها عن تلك الجريمة. قصور.
--------------
1 - لئن كان من حق محكمة
الموضوع أن تستخلص واقعة الدعوى من أدلتها وسائر عناصرها إلا أن ذلك مشروط بأن يكون
استخلاصها سائغا وأن يكون الدليل الذى تعّول عليه مؤديا إلى ما رتبته عليه من
نتائج في غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمناطق.
2 - من المقرر أن الأحكام
يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته صادراً
في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلا في تحصيل هذه العقيدة
بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة
الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكما لسواه.
3 - وأن كان الأصل أن
للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة
طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينه
معينة أو دليلاً أساسيا على ثبوت التهمة. وإذ كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها
رأى مجرى التحريات، ولم يورد حكمها أية شواهد أو قرائن تؤدى بطريق اللزوم إلى ثبوت
مقارفة الطاعنين لواقعة قتل المجنى عليه فان تدليل الحكم يكون غير سائغ وقاصرا على
حمل قضائه.
4 - لما كان البين من نص
المادة 39 من قانون العقوبات أن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها
فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإما أن يأتي عمداً
عملاً تنفيذيا فيها إذا كانت تتركب من جمله أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة
تنفيذها، وحينئذ يكون فاعلا مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها ولو أن
الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف أو
لم يعرف اعتبارا بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه على
الأقل ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة والا فلا يسأل إلا عن فعله
وحده. ويتحقق قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة اتفاق
بين المساهمين ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقا لقصد مشترك هو الغاية
النهائية من الجريمة, أي أن يكون كل منهم قصد الأخر في إيقاع الجريمة المعينة
وأسهم فعلا بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجاه وإن لم يبلغ
دوره على مسرحها حد الشروع. وكان ما أثبته الحكم في حق الطاعنة الثانية أخذا
بأقوال شهود الإثبات أنها وقت تواجدها مع شقيقها الطاعن الأول في الحقل وأثناء
اعتدائه على المجنى عليه أمسكت الشاهدة ابنه المجنى عليه لتحول بينهما وبين منع
الاعتداء عليه أو الاستغاثة وكان الحكم قد نفى عن الطاعنين توفر ظرفي سبق الإصرار
والترصد، وكانت الواقعة كما أوردها الحكم قد خلت من وجود اتفاق بين الطاعنين على
قتل المجنى عليه، فان الحكم إذ لم يعرض لقيام الاتفاق بين الطاعنين على قتل المجنى
عليه أو انتفائه، وخلت مدوناته مما يوفر عناصر المسئولية قبل الطاعنة الثانية عن جريمة
القتل العمد، يكون معيبا بالقصور.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعنين - وآخرين قضى ببراتهما بأنهم أولا: - قتلوا ........ عمداً مع سبق الإصرار
والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على ذلك وأعدوا لذلك آلات حادة وسلاح ناري
(فرد وفأس وطوريه) وتربصوا له في الطريق الذى أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به
حتى قام المتهم الأول بإطلاق عيار ناري لم يصبه فطرحه أرضا وأمسك به وانهال عليه
الآخرين بآلتين حادتين على رأسه وقامت المتهمة الثانية بشل حركة......... ابنه
المجنى عليه والاعتداء عليها لمنعها من الدفاع عن والدها قاصدين من ذلك قتله
فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانيا: -
أ - المتهم الأول أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا غير مششخن (فرد) ب - أحرز ذخيرة
(طلقة واحدة) مما تستخدم في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصا له بحيازته
أو إحرازه. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الفيوم لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين
بأمر الإحالة. وادعت أرملة المجنى عليه مدنيا قبل المتهمة بمبلغ قرش صاغ واحد على
سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 من
قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عن التهمة الأولى
وببراءته من التهمة الثانية وبمعاقبة المتهمة الثانية بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث
سنوات وبإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعية بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على
سبيل التعويض المؤقت باعتبار أن تهمه القتل العمد مجردة من ظرفي سبق الإصرار
والترصد.
فطعن المحكوم عليهما في هذا
الحكم بطريق النقض...... الخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه
الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد قد شابه قصور في
التسبيب وفساد في الاستدلال. ذلك بأن الحكم عول في إدانة الطاعنين على ما حصله من
أقوال شاهدي الرؤية من أن الطاعن الأول أحتضن المجنى عليه وأنزله من فوق دابته وأن
الطاعنة الثانية حالت بين الشاهدة الأولى وبين الاعتداء على والدها المجنى عليه،
في حين أن الشاهدين لم يسندا للطاعن الأول ضرب المجنى عليه بالفأس وإنما نسبا ذلك
إلى المتهمين الآخرين المقضي ببراءتهما، وما أورده الحكم عن أقوال هذين الشاهدين لا
يؤدي إلى مساءلة الطاعنين كفاعلين في جريمة القتل العمد، مما يعيب الحكم ويستوجب
نقضه.
وحيث إنه لئن كان من حق
محكمة الموضوع أن تستخلص واقعة الدعوى من أدلتها وسائر عناصرها إلا أن ذلك مشروط
بأن يكون استخلاصا سائغا وأن يكون الدليل الذى تعّول عليه مؤديا إلى ما رتبته عليه
من نتائج في غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمناطق. لما كان ذلك،
وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد استدل في إدانة الطاعنين بأقوال شاهدي
الرؤية التي حصلها بأن الطاعن الأول احتضن المجنى عليه وانزله من فوق دابته وطرحه
أرضا وأن الطاعنة الثانية حالت بين الشاهدة وبين منع الاعتداء على المجنى عليه أو
الاستغاثة وعلى أقوال الشاهد المقدم .......... بخصوص تحرياته من أن الطاعن الأول
هو الذى ضرب المجنى عليه بفأس فأحدث إصابته التي أدت بحياته، وعلى ما جاء بتقرير
الصفة التشريحية عن وفاة المجنى عليه بسبب إصاباته بجروح في رأسه وعنقه وأعلا
كتفيه وظهره وما نتج عنها من كسور بعظام الرأس الفقرات العنقية وأنها جائزة الحدوث
من الضرب بفأس. ولما كانت أقوال الشاهدين اللذين أثبت الحكم رؤيتها الحادث وقت
وقوعه كما حصلها الحكم قد خلت مما يفيد رؤيتها الطاعن الأول يرتكب الفعل المادي
لجريمة القتل المسندة إليه، وكان لا يغنى في ذلك أن الحكم استند أيضا إلى شهادة
الضابط بخصوص تحرياته التي دلت على أن الطاعن الأول هو الذى ضرب المجنى عليه بفأس
على رأسه وأحدث إصاباته الثابتة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، لما هو
مقرر من أن الأحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم
أو ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلا في تحصيل
هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين
عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكما لسواه، لأنه وإن
كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما
ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث إلا أنها لا تصلح وحدها لان
تكون قرينه معينة أو دليلاً أساسيا على ثبوت التهمة. وإذ كانت المحكمة قد جعلت
أساس اقتناعها رأى مجرى التحريات، ولم ورد حكمها أية شواهد أو قرائن تؤدي بطريق
اللزوم إلى ثبوت مقارفة الطاعنين لواقعة قتل المجنى عليه، فإن تدليل الحكم يكون
غير سائغ وقاصرا على حمل قضائه ومن ناحية أخرى فإنه لما كان البين من نص المادة 39
من قانون العقوبات أن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها
فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإما أن يأتي عمداً
عملاً تنفيذياً فيها إذا كانت تتركب من جمله أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً
لخطة تنفيذها، وحينئذ يكون فاعلا مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها ولو
أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف
أو لم يعرف اعتبارا الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه على الأقل
ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة والا فلا يسأل إلا عن فعله وحده.
ويتحقق قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة اتفاق بين
المساهمين ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقا لقصد مشترك هو الغاية
النهائية من الجريمة, أي أن يكون كل منهم قصد الأخر في إيقاع الجريمة المعينة
وأسهم فعلا بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجاه وإن لم يبلغ
دوره على مسرحها حد الشروع. وكان ما أثبته الحكم في حق الطاعنة الثانية أخذا
بأقوال شهود الإثبات أنها وقت تواجدها مع شقيقها الطاعن الأول في الحقل وأثناء
اعتدائه على المجنى عليه أمسكت الشاهدة ابنه المجنى عليه لتحول بينهما وبين منع
الاعتداء عليه أو الاستغاثة وكان الحكم قد نفى عن الطاعنين توفر ظرفي سبق الإصرار
والترصد، وكانت الواقعة كما أوردها الحكم قد خلت من وجود اتفاق بين الطاعنين على
قتل المجنى عليه، فإن الحكم إذ لم يعرض لقيام الاتفاق بين الطاعنين على قتل المجنى
عليه أو انتفائه، وخلت مدوناته مما يوفر عناصر المسئولية قبل الطاعنة الثانية عن
جريمة القتل العمد، يكون معيبا بالقصور. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم
المطعون فيه والإحالة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق