جلسة 7 من نوفمبر سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم
حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجى اسحق وفتحي خليفة
وسري صيام (نواب رئيس المحكمة) وعلى الصادق.
--------------
(177)
الطعن رقم 45761 لسنة 59
القضائية
(1)تفتيش
"إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- تقدير جدية التحريات
وكفايتها لإصدار الأذن بالتفتيش. موضوعي.
- قصر مدة التحري أو الخطأ
في اسم المأذون بتفتيشه. لا يقدح في جدية التحريات. ما دام هو الشخص المقصود.
(2) رشوة. جريمة
"أركانها". موظفون عموميون.
- كفاية كون الموظف له
اتصال بالعمل يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة. وأن يكون الراشي قد اتجر معه على
هذا الأساس.
(3) رشوة. جريمة
"أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص القصد الجنائي
لجريمة الرشوة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- متى يتحقق القصد الجنائي
في جريمة الرشوة ؟
- استنتاج هذا القصد من
الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة.
- مثال لتسبيب سائغ في استظهار
تحقق ذلك القصد.
(4) رشوة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم
"تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- عدم التزام المحكمة بالرد
صراحة على أوجه الدفاع الموضوعية. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أخذت بها.
- مثال في جريمة رشوة.
(5) دفاع "الإخلال بحق
الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- الدفاع الموضوعي. عدم
جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك ؟
- مثال في جريمة رشوة.
------------------
1 - من المقرر أن تقدير
جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل
الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأنه متى كانت المحكمة قد
اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره،
وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع
لا بالقانون، وكان قصر مدة التحري أو الخطأ في اسم المأذون بتفتيشه - ما دام هو
الشخص المقصود - لا يقدح في جدية التحريات.
2 - لما كان من المقرر
أنه لا يشترط في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب في الموظف أداؤها داخلة
في نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفى أن يكون له نصيب فيها يسمح له بتنفيذ الغرض منها،
وأن يكون من طلب منه الرشوة قد أتجر معه على هذا الأساس، وكان الحكم المطعون فيه
قد اثبت في حق الطاعن أنه رئيس قسم التنظيم والمختص بإصدار التراخيص عن المنطقة التي
يبغى المبلغ إقامة البناء بها، وأنه طلب وأخذ مبلغ الرشوة مقابل استخراجه الرخصة للشاكي
واتخاذ اللازم نحو الإنذار المحرر ضده، ودان الطاعن على هذا الاعتبار، فإنه يكون
قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقا صحيحا، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا
الشأن لا أساس له.
3 - من المقرر أن القصد الجنائي
في الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة
أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو للإخلال
بوجباته وأنه ثمن لإتجاره بوظيفته أو استغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف
والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة، وكان الحكم
المطعون فيه قد دلل على أن المبلغ قد للطاعن تنفيذا للاتفاق السابق الذى انعقد
بينه وبين الشاكي للعمل على استخراج ترخيص بالبناء واخذ اللازم نحو الإنذار المحرر
ضده، وهو ما يتحقق به معنى الإتجار بالوظيفة وبتوافر به القصد الجنائي كما هو معرف
به في القانون، فإن ما يثيره الطاعن من عدم توافر القصد الجنائي في حقه وأنه أخذ
المبلغ لقاء عمل رسومات هندسية من مكتب استشاري، يكون لا محل له.
4 - من المقرر أن المحكمة
لا تلتزم بالرد صراحة على أوجه الدفاع الموضوعية لان الرد عليها يستفاد من الحكم بالإدانة
استنادا إلى أدلة الثبوت التي أخذت بها، وكان ما يثيره الطاعن من أن الشاكي لم
يقدم طلبا للإدارة الهندسية وطلبه استخراج شهادة تفيد ذلك لم يقصد به سوى إثارة
الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة، فإن لا يعيب الحكم التفاته عنه،
إذ أن في قضائه بإدانة الطاعن للأدلة السائغة التي أوردها ما يفيد ضمنا أنه أطرح
ذلك دفاع ولم ير فيه ما يغير عقيدته التي خلص إليها.
5
- لما كان البين من محضر
الجلسة والحكم كليهما أن الطاعن لم يثر ما جاء بأسباب طعنه من أن البناء كان قد
تمت إقامته وهو ما ينتفى معه المبرر لتقديم الرشوة، فإنه لا يسوغ له أن يثير هذا
الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع موضوعي يتطلب تحقيقا تنحسر عنه وظيفة
هذه المحكمة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه: بصفته موظفا عموميا (مهندس معماري ورئيس قسم التنظيم بالإدارة
الهندسية بمجلس مدينة....) طلب واخذ لنفسه رشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته وللإخلال
بواجباته بان طلب من...... مبلغ الف وخمسمائة جنيها على سبيل الرشوة أخذ منه أربعمائة
جنيه مقابل إنهاء إجراءات ترخيص بناء مسكن له والتغاضي عن أية مخالفات يرتكبها في هذا
الشأن وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعابته طبقا للقيد والوصف
الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادتين 103، 104 من
قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه الفى جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى
على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة طلب وأخذ رشوة قد شابه قصور في التسبيب
وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إذن
التسجيل والتفتيش لانعدام التحريات بدلالة قصر مدة التحري والخطأ في اسم المأذون
بتفتيشه، غير أن الحكم رد على هذا الدفع بما لا يصلح ردا، واطرح دفاعه أنه غير
مختص بالعمل الذى دفع المبلغ من أجله، وان القصد الجنائي غير متوافر في حقه، وان
المبلغ لم يقد طلبا للإدارة - الهندسية، وأن المبلغ الذى تقاضاه كان لعمل رسوم
هندسية من مكتب استشاري بما لا يصلح ردا، كما رفضت المحكمة طلبه استخراج شهادة
تفيد عدم تقديم طلب للإدارة الهندسية, هذا فضلا عن أن البناء كان قد تمت إقامته وبالتالي
فلا حاجة الدفع مبلغ الرشوة، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون
فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي
دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه
عليها، عرض لدفع المتهم ببطلان إذن التسجيل والتفتيش لعدم جدية التحريات ورد عليه
بقوله "وحيث إنه عن إنكار المتهم ودفاعه المثبت بالأوراق والسابق بيانه فترى
المحكمة أنه لا يقوم على أساس صحيح من الواقع أو القانون آية ذلك أن المحكمة تطمئن
إلى جدية التحريات التي قام بها الشاهد الثاني نحو صحة بلاغ الشاهد الأول بصرف
النظر عن طول أو قصر المدة التي أجريت خلالها تلك التحريات - ولما كان الثابت أن المتهم
حسبما تضمنته التحقيقات هو المقصود بإذن التفتيش السالف بيانه وصدر الأذن لأى من
ضباط قسم مكافحة جرائم الأموال العامة بمدرية أمن الجيزة سواء بالنسبة لواقعة
تسجيل اللقاءات أو لواقعة إجراء الضبط والتفتيش، ومن ثم لا يكون ما أثاره الدفاع
في هذا الشأن صحيحا ويتعين رفضه". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية
التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر
فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت
بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت
النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا
بالقانون، وكان قصر مدة التحري أو الخطأ في اسم المأذون بتفتيشه - ما دام هو الشخص
المقصود - لا يقدح في جدية التحريات، وكان الحكم المطعون فيه قد تناول الرد على
الدفع ببطلان إذن التفتيش - على السياق المتقدم - على نحو يتفق وصحيح القانون، فإن
ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا
يشترط في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب في الموظف أداؤها داخلة في نطاق
الوظيفة مباشرة بل يكفى أن يكون له نصيب فيها يسمح له بتنفيذ الغرض منها، وأن يكون
من طلب منه الرشوة قد أتجر معه على هذا الأساس، وكان الحكم المطعون فيه قد اثبت في
حق الطاعن أنه رئيس قسم التنظيم والمختص بإصدار التراخيص عن المنطقة التي يبغي
المبلغ إقامة البناء بها، وأنه طلب وأخذ مبلغ الرشوة مقابل استخراجه الرخصة للشاكي
واتخاذ اللازم نحو الإنذار المحرر ضده، ودان الطاعن على هذا الاعتبار، فإنه يكون
قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقا صحيحا، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا
الشأن لا أساس له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في الرشوة يتوافر
بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء
القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو للإخلال بوجباته وأنه ثمن لإتجاره
بوظيفته أو استغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو
الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن
المبلغ قدم للطاعن تنفيذا للاتفاق السابق الذى انعقد بينه وبين الشاكي للعمل على
استخراج ترخيص بالبناء واتخاذ اللازم نحو الإنذار المحرر ضده، وهو ما يتحقق به
معنى الإتجار بالوظيفة وبتوافر به القصد الجنائي في حقه وأنه أخذ المبلغ لقاء عمل
رسومات هندسية من مكتب استشاري، يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن
المحكمة لا تلتزم بالرد صراحة على أوجه الدفاع الموضوعية لان الرد عليها يستفاد من
الحكم بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أخذت بها، وكان ما يثيره الطاعن من
أن الشاكي لم يقدم طلبا للإدارة الهندسية وطلبه استخراج شهادة تفيد ذلك لم يقصد به
سوى إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة، فإن لا يعيب الحكم
التفاته عنه، إذ أن في قضائه بإدانة الطاعن للأدلة السائغة التي أوردها ما يفيد
ضمنا أنه أطرح ذلك دفاع ولم ير فيه ما يغير عقيدته التي خلص إليها. لما كان ذلك،
وكان البين من محضر الجلسة والحكم كليهما أن الطاعن لم يثر ما جاء بأسباب طعنه من
أن البناء كان قد تمت إقامته وهو ما ينتفي معه المبرر لتقديم الرشوة، فإنه لا يسوغ
له أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع موضوعي يتطلب تحقيقا
تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس
متعينا رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق