جلسة 21 من مايو سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/
محمد الصوفي عبد الجواد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد زايد
وحسين الشافعي نائبي رئيس المحكمة ومحمد طلعت الرفاعي ومحمود شريف فهمي.
---------------
(78)
الطعن رقم 5554 لسنة 59
القضائية
(1) إثبات "بوجه عام". استجواب. إجراءات "إجراءات التحقيق".
دفوع "الدفع ببطلان الاستجواب". بطلان.
الاستجواب الذي حظره
القانون على غير سلطة التحقيق ماهيته؟
مثال لما لا يعد
استجواباً.
(2)إثبات "اعتراف". إكراه. استدلال. محكمة الموضوع
"سلطتها في تقدير الدليل". دعارة.
الاعتراف في المسائل
الجنائية من عناصر الاستدلال. لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها
في الإثبات.
(3) إثبات "بوجه
عام". "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
دعارة. مصادرة.
تعذر الاستدلال على
الشاهد. لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله الثابتة في الأوراق. ما دامت قد اطمأنت
إليها وأنست إلى صدقها.
عدم ضم الأفلام المخلة
المضبوطة وعدم عرضها بالجلسة لكونها قد أعدمت. لا يمنع المحكمة من القضاء بالإدانة
عن تهمة عرضها المسندة إلى المتهمة.
إعدام الأفلام. يحول دون
الحكم بمصادرتها. علة ذلك؟
مثال لحكم بالإدانة صادر
من محكمة النقض في جريمة دعارة حال نظرها موضوع الدعوى.
-------------
1 - لما كان من المقرر أن
الاستجواب الذي حظره القانون على غير سلطة التحقيق هو مجابهة المتهم بالأدلة
المختلفة ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً للتهمة أو يعترف إن
شاء الاعتراف وكان البين من محضر الضبط أن ما أثبته مأمور الضبط من أقوال المتهمات
بما فيهن المستأنفتين لا يعدو أن يكون تسجيلاً لما أبديته أمامه من اعتراف
بالوقائع المنسوبة إليهن في نطاق إدلائهن بأقوالهن مما لا يعد استجواباً ولا يخرج
عن حدود ما نيط بمأمور الضبط ومن ثم فإن هذا الدفع يكون في غير محله ويتعين رفضه.
2 - الاعتراف في المسائل
الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها
وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه كان نتيجة
إكراه بغير معقب عليها.
3 - من المقرر أن تعذر
الاستدلال على الشاهد لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله الثابتة في الأوراق ما
دامت قد اطمأنت إليها وأنست إلى صدقها كما أن عدم ضم الأفلام المخلة المضبوطة في
الدعوى وعدم عرضها بالجلسة - لكونها أعدمت حسبما ورد بكتاب النيابة العامة المرفق
لا يمنع المحكمة من القضاء بالإدانة عن تهمة عرضها المسندة إلى المستأنفة الأولى
ما دامت قد اطمأنت إلى ثبوت التهمة من واقع ما أثبتته النيابة العامة بتحقيقاتها
عن تفريغ هذه الأفلام في حضور المستأنفة بغير اعتراض منها أو منازعة فيما أثبتته
النيابة العامة عن مضمونها وفحواها ومن ثم فإن ما تمسك به الدفاع في هذا الصدد لا
يعدو أن يكون دفاعاً قصد به تشكيك المحكمة في أدلة الدعوى وتنوه المحكمة إلى أن
إعدام الأفلام وإن كان لا يمنع المحكمة من القضاء بالإدانة إلا أنه يحول دون الحكم
بمصادرة الأفلام لأن المصادرة تكون قد وردت على غير محل.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
كلاً من (1)....... (طاعنة) (2)....... (طاعنة) (3)...... (4)....... بأنهم أولاً:
المتهمة الأولى: أولاً: أدارت شقتها المبينة بالمحضر للدعارة وذلك على النحو
المبين بالأوراق. ثانياً: سهلت دعارة كل من المتهمتين الثالثة والرابعة حالة كون
المتهمة الرابعة لم تبلغ من العمر إحدى وعشرين سنة وكذا نسوة أخريات على النحو
المبين بالأوراق. ثالثاً: استغلت دعارة المتهمتين سالفتي الذكر وعاونتهما على
ارتكاب الفحشاء على النحو المبين بالأوراق. رابعاً: اعتادت ممارسة الدعارة مع
الرجال دون تمييز لقاء أجر. خامساً: حازت الأفلام المبينة وصفاً وعدداً بالأوراق
المنافية للآداب بقصد العرض وذلك على النحو المبين بالأوراق. سادساً: تحصلت على
المبالغ النقدية المضبوطة نتيجة لاحترافها لسلوكها الإجرامي سالف البيان. سابعاً:
استعملت السيارة رقم....... ملاكي القاهرة في اقتراف نشاطها الإجرامي سالف الذكر
ثانياً المتهمة الثانية: أولاً: أدارت شقتها للدعارة على النحو المبين بالأوراق.
ثانياً: سهلت دعارة كل من المتهمتين الثالثة والرابعة حالة كون المتهمة الرابعة لم
تبلغ من العمر إحدى وعشرين سنة وكذا نسوة أخريات على النحو المبين بالأوراق
ثالثاً: استغلت دعارة المتهمتين سالفتي الذكر وعاونتهما على ارتكاب الفحشاء وذلك
على النحو المبين بالأوراق ثالثاً المتهمتين الثالثة والرابعة: اعتادتا ممارسة
الدعارة مع الرجال دون تمييز لقاء أجر على النحو المبين بالأوراق. وطلبت معاقبتهن
بالمواد 1/ أ، ب - 6/ أ - ب، 8، 9/ ج، 12، 15 من القانون رقم 10 لسنة 1961 والمواد
30، 40، 41، 43، 178 من قانون العقوبات. ومحكمة الآداب بالقاهرة عملاً بمواد
الاتهام قضت حضورياً أولاً: بحبس كل من المتهمتين الأولى والثانية ثلاث سنوات مع
الشغل والنفاذ وتغريم كل منهما ثلاثمائة جنيه وبوضع كل منهما تحت مراقبة الشرطة
مدة مساوية لمدة العقوبة وذلك عن التهم المسندة إلى كل منهما وتغريم المتهمة الأولى
مائة جنيه عن التهمة الخامسة. ثانياً: بغلق الشقة الخاصة بالمتهمة الأولى.
والثانية وبمصادرة المضبوطات والسيارة رقم...... ملاكي القاهرة ثالثاً: بحبس كل من
المتهمتين الثالثة والرابعة سنتين مع الشغل والنفاذ وتغريم كل منهما مائة جنيه
وبوضع كل منهما تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة. استأنفت المحكوم عليهن
ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف
شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس كل من المتهمتين الأولى
والثانية سنتين مع الشغل ومثلها للمراقبة وتأييد الحكم فيما عدا ذلك بالنسبة
إليهما والاكتفاء بحبس كل من المتهمتين الثالثة والرابعة ستة أشهر مع الشغل ومثلها
للمراقبة وتأييد الحكم فيما عدا ذلك بالنسبة إليهما. فطعنت المحكوم عليهما الأولى
والثانية في هذا الحكم بطريق النقض وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي
الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعنتين والمحكوم عليهما الثالثة
والرابعة وإحالة القضية إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية لتحكم فيها من جديد
هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة الإعادة (مشكلة بهيئة استئنافية أخرى) قضت حضورياً
للأولى والثانية وغيابياً للثالثة والرابعة. أولاً: بقبول الاستئناف شكلاً.
ثانياً: وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف على النحو التالي 1 - الاكتفاء بحبس
المتهمة الأولى سنتين مع الشغل والنفاذ والمراقبة لمدة مساوية ومصادرة السيارة
رقم....... ملاكي القاهرة ومصادرة المضبوطات وذلك عن التهم الأربع الأول وتغريمها
مائة جنيه عن التهمة الخامسة وغلق الشقة رقم....... بالعقار...... شارع العروبة
قسم النزهة. 2 - الاكتفاء بحبس المتهمة الثانية سنتين مع الشغل والنفاذ والمراقبة
لمدة مساوية وتأييده، فيما عدا ذلك بالنسبة لغلق الشقة رقم...... من العقار.......
شارع....... قسم النزهة. 3 - الاكتفاء بحبس كل من المتهمتين الثالثة والرابعة ستة
أشهر مع الشغل والنفاذ والمراقبة لمدة مساوية وتأييده فيما عدا ذلك فطعنت المحكوم
عليهما الأولى والثانية في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) ومحكمة النقض
قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة ........
لنظر الموضوع.
المحكمة
وحيث إن واقعة الدعوى
حسبما استقرت في يقين المحكمة تخلص في أن المستأنفة الأولى - والمقيمة بالشقة
رقم..... من العقار رقم...... شارع...... بدائرة قسم النزهة قد اعتادت أن تدير
مسكنها هذا لأعمال الدعارة كما اعتادت هي على ممارستها وكانت تعمل على تسهيل دعارة
النسوة الساقطات في مسكنها وأنها تقوم بعرض الأفلام المخلة بالآداب في هذا المسكن
كما أن شقيقتها المستأنفة الثانية - والمقيمة بالشقة رقم...... من العقار.....
شارع عبد الله مسعود قسم النزهة - قد اعتادت هي الأخرى أن تدير مسكنها هذا لأعمال
الدعارة وتسهيل دعارة النسوة الساقطات وتستغل بغاءهن وذلك بحصولها على نصيب من أجر
بغاءهن. وقد ثبتت هذه الوقائع وقام الدليل عليها مما أطمأنت إليه المحكمة مما
أثبته المقدم....... الضابط بقسم آداب القاهرة وشهد به بالجلسة ومن أقوال كل
من...... و...... و...... و..... و...... واعتراف المستأنفتين بمحضر الضبط وما ثبت
من محضر تفريغ الأفلام المضبوطة بتحقيقات النيابة العامة.
فقد أثبت المقدم.......
بمحضره المؤرخ....... أنه بعد أن دلت التحريات على أن المدعوة........ وشقيقتها
تديران مسكنيهما لأعمال الدعارة وتقومان بتسهيل دعارة النسوة الساقطات فقد استصدر
إذناً من النيابة العامة بتفتيش مسكنيهما، وأنه بمراقبته مسكن الأولى وهو
الشقة..... الكائنة بالعقار رقم.... شارع..... قسم النزهة في يوم الضبط، شاهدها
عائدة بسيارتها رقم...... ملاكي القاهرة، وبعدها بفترة وجيزة، صعد إلى شقتها أحد
الأشخاص ثم نزلا سوياً واستقلا السيارة، وفي الطريق نزل من بصحبتها، بينما واصلت
هي السير إلى مسكن شقيقتها.......، الكائن بالعقار رقم...... شارع...... بدائرة
قسم النزهة. وصعدت إليه ثم نزلت هي وشقيقتها ومعها كل من....... و....... واستقلوا
جميعاً السيارة سالفة الذكر إلى مسكن....... وبعد مدة حضر الشخص الذي كان بصحبة
المستأنفة الأولى ومعه آخران وصعدوا إلى مسكنها وقد أسفرت التحريات أن هؤلاء
الثلاثة ممن اعتادوا التردد على مسكن المستأنفة الأولى لممارسة الدعارة وقبل أن
يتأهب لدخول هذا المسكن لضبط الواقعة نزل أحد الأشخاص الثلاثة وهو..... وباستيقافه
ومناقشته قرر له أنه حضر وزملاؤه لارتكاب الفحشاء في مسكن....... الذي اعتاد هو
ممارسة الفحشاء معها ولكن ذلك لم يحدث لإحساسها بإرهاق وأن زميليه يمارسان الفحشاء
مع الأخريات فصعد إلى المسكن وتمكن من ضبط...... و........ عاريين بإحدى الحجرات
في حالة اتصال جنسي وضبط...... و...... عاريين بحجرة أخرى في حالة اتصال جنسي
بينما كانت....... بحجرة ثالثة بمفردها وأنه تم ضبط بعض الأفلام المخلة بالآداب.
وأنه بمناقشته لكل من...... و...... قررا أنه سبق لهما ممارسة الدعارة مع......
وغيرها من النسوة بشقتها وسبق لهما التردد على شقة شقيقتها....... لممارسة الدعارة
مع النسوة اللاتي تحضرهن لهذا الغرض وأن..... و...... اعترفن له بسبق ممارسة
الدعارة وأن المستأنفتين تقومان بتسهيل دعارتهما وشهد المذكور بالجلسة بمضمون ما
أثبته بمحضره بخصوص التحريات والضبط وإذ سئل...... قرر أنه تعرف على...... منذ
أسبوع سابق على الضبط وتردد عليها بشقتها مرتين أو ثلاثة مارس الفحشاء في إحداها
معها شخصياً وفي المرات الأخرى مارس الفحشاء مع نسوة قدمتها له المستأنفة الأولى
وكان ذلك في مقابل مبلغ نقدي يدفعه لها وأنه في يوم الضبط توجه لممارسة الفحشاء
معها إلا أنها اعتذرت بسبب إرهاقها بينما كان صديقاه على موعد لممارسة الفحشاء مع
نسوة أخريات بشقة المستأنفة الأولى، وأضاف أنها اعتادت عرض الأفلام الجنسية قبل
ممارسة الفحشاء وإذ سئل...... قرر أنه يعرف....... من مدة طويلة وسبق أن تردد على
مسكنها لممارسة الفحشاء مع النسوة اللاتي تقدمهم له المذكورة مقابل مبالغ نقدية
يدفعها لها وأنه تعرف على شقيقتها...... وتردد على مسكنها هي الأخرى لهذا الغرض
وسبق له أن مارس معهما - الفحشاء لقاء أجر وأنه في يوم الضبط ضبط أثناء ممارسته
الفحشاء مع إحدى الفتيات بمسكن....... بينما كان صديقه يمارس الفحشاء مع فتاة
ثانية بحجرة أخرى وأضاف أن....... كانت تقوم بعرض الأفلام الجنسية قبل ممارسة
الجنس مع الفتيات وإذ سئل........ قرر أنه تعرف على المستأنفة الأولى...... منذ
أسبوع سابق على الضبط وأنه تردد عليها أكثر من مرة لممارسة الفحشاء معها أو مع
فتيات تحضرهن وذلك في مقابل مبالغ نقدية يدفعها لها وأنه في يوم الضبط اتفق معهما
على الحضور بمسكنها هو ورفاقه لممارسة الفحشاء بمسكنها وأنها أحضرت فتاتين عن طريق
شقيقتها...... التي يعلم عنها أنها تقوم بتسهيل دعارة بعض النسوة. حيث تم ضبطه
أثناء ارتكابه الفعل مع إحداهما وضبط رفيقه....... أثناء ارتكابه الفعل مع الفتاة
الأخرى. وإذ سئلت....... قررت أنها منذ سنة سابقة على يوم الضبط تعرفت على.......
وأنها سبق أن مارست الدعارة عدة مرات بشقة المذكورة وأن...... هي التي تقوم
بمحاسبة الرجال على مبالغ كبيرة وتعطيها من هذا المبلغ جزءاً يسيراً وأنها لم يسبق
لها التردد على مسكن....... وأن اليوم الذي ضبطت فيه أثناء ارتكابها الفحشاء كانت
هي المرة الأولى التي حضرت فيها إلى مسكن....... وإذ سئلت...... لم تخرج أقوالها
عن مضمون ما قررته....... وإذ سئلت كل من....... و....... اعترفت كل بما نسب
إليهما. وثبت من محضر تفريغ الأفلام المضبوطة بتحقيقات النيابة العامة التي عرضت
في مواجهة المستأنفة الأولى....... أنها أفلام لأشخاص عاريين من الرجال والنساء
يقومون بأعمال جنسية ومنافية للآداب العامة.
وحيث إن كلاً من
المستأنفتين أنكرت في تحقيقات النيابة وبجلسات المحاكمة ما أسند إليهما وارتكز
دفاعهما على ما يلي:
أولاً: أن هناك تعديلاً
في تاريخ محضر التحريات.
ثانياً: بطلان إذن
التفتيش الصادر من النيابة العامة لعدم جدية التحريات ولصدوره لضبط جريمة مستقبلة.
ثالثاً: بطلان ما أجراه
مأمور الضبط من استجواب للمتهمات.
رابعاً: بطلان اعترافات
المستأنفتين لكونها وليدة إكراه.
خامساً: عدم الاستدلال
على شهود الواقعة وعدم وجود الأفلام المنسوب إلى المستأنفة الأولى عرضها.
وحيث إنه عن التعديل
الوارد بتاريخ محضر التحريات فإنه لما كان الدفاع لم يبين ما يرمي إليه من تمسكه
بهذا التعديل ووجه استدلاله به في دفاعه وتطمئن المحكمة إلى هذا التعديل ليس إلا
تصحيحاً لخطأ مادي وقع فيه محرر المحضر قبل عرضه على النيابة لاستصدار الإذن
بالتفتيش دلالة ذلك صدور الإذن بالتفتيش من النيابة العامة بناء على هذا المحضر
قبل التفتيش ومن ثم فإن الإجراءات تكون قد خلت مما يشوبها.
وحيث إنه عن الدفع ببطلان
إذن التفتيش لعدم جدية التحريات ولصدوره لضبط جريمة مستقبلة فإنه لما كانت المحكمة
تطمئن إلى جدية التحريات التي أجراها المقدم...... وكفايتها لتسويغ إصداره وتقر
النيابة على تصرفها في هذا الشأن وكان البين من محضر التحريات الذي صدر الإذن
بالتفتيش بناء عليه أنه حدد الجرائم التي نسب إلى المستأنفتين ارتكابها وهي إدارة
مسكنيهما للدعارة وتسهيل واستغلال دعارة النسوة وكان البين من محضر التحريات أن
الجرائم المشار إليها فيه كانت قائمة بالفعل وتوافرت الدلائل على نسبتها
للمستأنفتين وقت أن أصدرت النيابة العامة الإذن بتفتيش مسكنيهما وكان ما تضمنه
الإذن من إجراء الضبط والتفتيش حال وجود مخالفة للقانون رقم 10 لسنة 1961 لم يقصد
به المعنى الذي ذهب إليه الدفاع من أن يكون الإذن معلقاً على شرط وإنما قصد به أن
يتم التفتيش والضبط لهذا الغرض أي حال وقوع إحدى الجرائم المشار إليها باعتبارها
من مظاهر ذلك النشاط الإجرامي بما مفهومه أن الإذن إنما صدر لضبط جريمة تحقق
وقوعها وليس لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة - ومن ثم فإن هذا الدفع يكون على غير
أساس صحيح من الواقع أو القانون ويتعين الالتفات عنه.
وحيث إنه عن الدفع ببطلان
الاستجواب فإنه لما كان من المقرر أن الاستجواب الذي حظره القانون على غير سلطة
التحقيق هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها
إن كان منكراً للتهمة أو يعترف إن شاء الاعتراف وكان البين من محضر الضبط أن ما
أثبته مأمور الضبط من أقوال المتهمات بما فيهن المستأنفتين لا يعدو أن يكون تسجيلاً
لما أبدته أمامه من اعتراف بالوقائع المنسوبة إليهن في نطاق إدلائهن بأقوالهن مما
لا يعد استجواباً ولا يخرج عن حدود ما يناط بمأمور الضبط ومن ثم فإن هذا الدفع
يكون في غير محله ويتعين رفضه.
وحيث إن الاعتراف في
المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في
تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه
كان نتيجة إكراه بغير معقب عليها. وكانت المحكمة تطمئن إلى أن اعتراف المستأنفتين
وغيرهما من المتهمات بمحضر الضبط كان طواعية واختياراً وخلا مما يشوبه إذ خلت
الأوراق من أي دليل على أنه قد انتزع منه بطريق الإكراه ولا يعدو ما يثيره الدفاع
إلا قولاً مرسلاً عارياً من دليله ومن ثم فإن ما تمسك به الدفاع في هذا الصدد يكون
على غير أساس.
وحيث إنه لما كان من
المقرر أن تعذر الاستدلال على الشاهد لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله الثابتة في
الأوراق ما دامت قد اطمأنت إليها وأنست إلى صدقها كما أن عدم ضم الأفلام المخلة
المضبوطة في الدعوى وعدم عرضها بالجلسة - لكونها أعدمت حسبما ورد بكتاب النيابة
العامة المرفق لا يمنع المحكمة من القضاء بالإدانة عن تهمة عرضها المسندة إلى المستأنفة
الأولى ما دامت قد اطمأنت إلى ثبوت التهمة من واقع ما أثبتته النيابة العامة
بتحقيقاتها عن تفريغ هذه الأفلام في حضور المستأنفة بغير اعتراض منها أو منازعة
فيما أثبتته النيابة العامة عن مضمونها وفحواها ومن ثم فإن ما تمسك به الدفاع في
هذا الصدد لا يعدو وأن يكون دفاعاً قصد به تشكيك المحكمة في أدلة الدعوى وتنوه
المحكمة إلى أن إعدام الأفلام وإن كان لا يمنع المحكمة من القضاء بالإدانة إلا أنه
يحول دون الحكم بمصادرة الأفلام لأن المصادرة تكون قد وردت على غير محل وتكتفي
المحكمة بإيراد ذلك بالأسباب دون حاجة إلى النص عليه بالمنطوق.
وحيث إنه بالبناء على ما
تقدم فإنه يكون قد ثبت في يقين المحكمة أن المستأنفتين في يوم....... من
نوفمبر........ وخلال سنة سابقة عليه بدائرة قسم النزهة - محافظة القاهرة:
الأولى:....... 1 - أدارت مسكنها المبين بالأوراق للدعارة. 2 - سهلت دعارة كل من.....
و...... وعاونتهما على ذلك حالة كون الأخيرة لم تبلغ من العمر إحدى وعشرين سنة. 3
- اعتادت ممارسة الدعارة مع الرجال دون تمييز لقاء أجر. 4 - حازت أفلاماً منافية
للآداب بقصد عرضها. الثانية:....... (1) أدارت مسكنها المبين بالأوراق للدعارة. 2
- سهلت دعارة كل من...... و..... وعاونتهما على ذلك حالة كون الأخيرة لم تبلغ من
العمر 21 سنة على النحو المبين بالأوراق. 3 - استغلت بغاء المذكورتين على النحو
المبين بالأوراق الأمر المعاقب عليه بالمواد 1/ أ، ب، 6/ أ، ب، 8/ 1، 9، 10، 15 من
القانون رقم 10 لسنة 1961 والمادة 178 من قانون العقوبات وعملاً بالمادة 304/ 2 من
قانون الإجراءات الجنائية وإذ كانت الجرائم الثلاثة الأولى المسندة إلى المستأنفة
الأولى والجرائم المسندة إلى المستأنفة الثانية قد انتظمها مشروع إجرامي واحد
وارتبطت على نحو لا يقبل التجزئة فإن المحكمة توقع على كل منهما العقوبة المقررة
لأشد الجرائم عملاً بالمادة 32/ 2 من قانون العقوبات.
وحيث إن المادة 8/ 1 من
قانون مكافحة الدعارة تقضي بغلق المحل الذي تمارس فيه الدعارة ومصادرة الأمتعة
والأثاث الموجود به وكانت المحكمة لا تطمئن إلى أن النقود والحلي وشهادات
الاستثمار مصدرها من الجريمة لخلو الأوراق من دليل على ذلك فإن المحكمة تستبعد هذه
المنقولات من نطاق المصادرة.
وحيث إنه عن تهمة استغلال
البغاء المسندة إلى المستأنفة الأولى فإن المحكمة تتشكك في ثبوت التهمة قبلها لما
تطمئن إليه من أقوال المتهمتين..... و...... بتحقيقات النيابة من أن تواجدهما
بمسكن المستأنفة الأولى يوم الضبط كان لأول مرة يحضران إليه فيه وكانتا بصحبة
شقيقتها........ المستأنفة الثانية التي اعتادت استغلال بغائهما وفي وجود الأخيرة
وقت الضبط بمسكن المستأنفة الأولى ما يلقي ظلالاً من الشك حول إسناد التهمة إليها
ومن ثم فإنه عملاً بقاعدة أن الشك يفسر لصالح المتهم يتعين تبرئة المستأنفة الأولى
من هذه التهمة عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إنه عن تهمة الحصول
على أموال نتيجة مخالفة قانون مكافحة الدعارة وتهمة استعمال السيارة رقم.....
ملاكي القاهرة في هذا النشاط فإنه لما كان لا يوجد نص في القانون يحرم ما ورد بوصف
النيابة عن هاتين التهمتين والأمر لا يعدو أن يكون إما أثراً من آثار الجريمة كما
هو الحال بالنسبة للتهمة الأولى أو وسيلة من وسائل ارتكابها كما هو الحال في
التهمة الثانية وقد رتب القانون على ذلك أثراً هو الحكم بمصادرة هذه الأشياء طبقاً
لنص المادة 30/ 1 من قانون العقوبات إذا توافرت موجباتها وكانت المحكمة قد انتهت
على ما سلف إلى أن النقود والحلي وشهادات الاستثمار المضبوطة لدى المستأنفة الأولى
لم يثبت أنها متحصلة من الجريمة وانتهت إلى استبعادها من نطاق المصادرة. وقد ثبت
من وقائع الدعوى وأدلتها أن السيارة رقم....... ملاكي القاهرة مملوكة للمستأنفة
الأولى قد تم استخدامها في ارتكابها الجريمة فإنه بقاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا
بنص تقضي المحكمة ببراءة المستأنفة عن هاتين التهمتين عملاً بنص المادة 304/ 1 من قانون
الإجراءات الجنائية اكتفاء بمصادرة السيارة سالفة الذكر عملاً بنص المادة 30/ 1 من
قانون العقوبات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق