جلسة 25 من مارس سنة 1972
برياسة السيد المستشار/
محمد صادق الرشيدي، وعضوية السادة المستشارين: محمد شبل عبد المقصود، وأحمد سميح
طلعت، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل.
-------------
(82)
الطعن رقم 596 لسنة 35
القضائية
(أ) نقض. "إجراءات
الطعن". إيداع الأوراق والمستندات". بطلان.
عدم مراعاة الإجراءات
والمواعيد التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر الفحص بالنسبة للطعون التي رفعت
قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 43 لسنة 1965، والطعون التي رفعت بعده وحتى تاريخ
نشر القانون رقم 4 لسنة 1967. لا بطلان.
(ب) إثبات. "شهادة
الشهود". محكمة الموضوع. "سلطة محكمة الموضوع في إجابة طلب الإحالة إلى
التحقيق".
إجراء التحقيق ليس حقاً
للخصوم في كل حالة. للمحكمة أن ترفض إجابته متى رأت أنه لا حاجة بها إليه أو أنه
غير مجد.
(ج) تقادم. "تقادم
مسقط". دعوى. عمل. "تقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل".
تقادم المادة 378 مدني
يقوم على قرينة الوفاء. عدم قيام تقادم المادة 698 مدني على هذه القرينة. امتداد
هذا التقادم إلى جميع الدعاوى الناشئة عن عقد العمل.
(د) نقض. "أسباب
الطعن". تقادم.
تقدير قيام المانع من
المطالبة بالحق يقوم على عناصر واقعية يجب طرحها على محكمة الموضوع. عدم جواز
عرضها ابتداءً على محكمة النقض.
--------------
1 - وفقاً للمادة الثانية
من القانون رقم 4 لسنة 1967 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - لا
يترتب البطلان أو السقوط على عدم مراعاة الإجراءات والمواعيد التي كان معمولاً بها
قبل إنشاء دوائر الفحص سواء بالنسبة إلى الطعون التي رفعت قبل تاريخ العمل
بالقانون رقم 43 لسنة 1965 بشأن السلطة القضائية أو الطعون التي رفعت في الفترة من
هذا التاريخ إلى تاريخ نشر القانون رقم 4 لسنة 1967 في 11/ 5/ 1967. وإذ كان الطعن
قد رفع في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 43 لسنة 1965 إلى تاريخ نشر القانون
رقم 4 لسنة 1967، وكان الطاعن قد قدم الأوراق التي أوجب القانون إيداعها في خلال
خمسة عشر يوماً من تاريخ العمل بالقانون رقم 4 لسنة 1967 فإنه يتعين رفض الدفع
بعدم القبول.
2 - إجراء التحقيق لإثبات
وقائع يجوز إثباتها بالبينة هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(2)] - ليس
حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه في كل حالة، بل هو أمر متروك لمحكمة الموضوع ترفض
الإجابة إليه متى رأت بما لها من سلطة التقدير ألا حاجة بها أو أنه غير مجد بالنظر
إلى ظروف الدعوى وما هو ثابت فيها من الأدلة والوقائع التي تكفي لتكوين عقيدتها،
وحسبها أن تبين في حكمها الأسباب التي اعتمدت عليها في رفض هذا الطلب.
3 - التقادم المنصوص عليه
في المادة 378 من القانون المدني - وهو يقتصر على حقوق التجار والصناع عن أشياء
وردوها لأشخاص لا يتجرون فيها وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الإقامة وثمن
الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم وحقوق العمال والخدم والإجراء من أجور يومية
وغير يومية ومن ثمن ما قاموا به من توريدات - يقوم على قرينة الوفاء، وهي مظنة رأى
الشارع توثيقها بيمين المدعى عليه، وأوجب على من يتمسك بأن الحق قد تقادم بسنة أن
يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً، بينما التقادم المنصوص عليه في المادة 698
من القانون المدني لا يقوم على هذه المظنة، ولكن على اعتبارات من المصلحة العامة
هي ملاءمة استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة إلى تصفية المراكز
القانونية لكل من رب العمل والعامل على السواء، وهو - وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة [(3)]
- لا يقتصر على دعاوى
المطالبة بالأجور وحدها بل يمتد إلى غيرها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل.
4 - تقدير قيام المانع من
المطالبة بالحق، والذي يعتبر سبباً لوقف التقادم عملاً بالمادة 382 من القانون
المدني، يقوم على عناصر واقعية يجب طرحها أمام محكمة الموضوع لتقول كلمتها فيها،
ولا يجوز عرضها ابتداءً على محكمة النقض. وإذ كان الثابت في الدعوى أن الطاعن لم
يسبق أن تمسك بأي سبب من أسباب وقف التقادم أو انقطاعه، وكان الطاعن لم يقدم من
جانبه ما يثبت أنه أثار هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، فإن النعي بهذا السبب يكون
غير مقبول.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام ضد المطعون
عليهم الدعوى رقم 111 لسنة 1964 كلي الفيوم وطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن
يدفعوا له مبلغ 2758 ج و610 م وقال بياناً لدعواه إنه التحق بدائرة مورثة المطعون
ضدهم منذ أول يناير سنة 1937 بمرتب شهري مقداره 24 ج و500 م واستمر يباشر عمله حتى
26/ 3/ 1963 حيث دخل المستشفى لإجراء جراحة استدعت بقاءه تحت العلاج حتى 11/ 5/
1963 ثم فوجئ بفصله من عمله ابتداءً من هذا التاريخ ليتفرغ لخدمة شركة يوسف مشرقي
وشركاه لخليج الأقطان التي كان قد التحق بها بالإضافة إلى عمله في الدائرة منذ 15/
4/ 1962، وأنه يستحق في ذمة المطعون ضدهم المبلغ المطالب به، وهو عبارة عن 779 ج
و660 م قيمة مكافأة نهاية الخدمة، والباقي وقدره 1188 ج قيمة إعانة الغلاء
المتأخرة. دفع المطعون ضدهم الدعوى بسقوط حق الطاعن في رفع الدعوى بالتقادم عملاً
بالمادة 698 من القانون المدني لرفعه الدعوى بعد مضي أكثر من سنة على فصله، وبجلسة
24/ 3/ 1965 حكمت محكمة الفيوم الابتدائية برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم
وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما جاء بمنطوق الحكم. استأنف المطعون ضدهم
هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف (مأمورية الفيوم) وقيد الاستئناف برقم 105
سنة 3 قضائية. وبتاريخ 6/ 11/ 1965 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى
به من رفض الدفع بسقوط دعوى الطاعن وبسقوطها. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق
النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة
لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن المطعون ضدهم
دفعوا بعدم قبول الطعن شكلاً لعدم إيداع الطاعن الأوراق التي أوجب القانون إيداعها
خلال الموعد القانوني.
وحيث إن هذا الدفع في غير
محله، ذلك أنه وفقاًَ للمادة الثانية من القانون رقم 4 لسنة 1967 - وعلى ما جرى به
قضاء هذه المحكمة - لا يترتب البطلان أو السقوط على عدم مراعاة الإجراءات
والمواعيد التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر الفحص سواء بالنسبة إلى الطعون
التي رفعت قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 43 لسنة 1965 بشأن السلطة القضائية أو
الطعون التي رفعت في الفترة من هذا التاريخ إلى تاريخ نشر القانون رقم 4 لسنة 1967
في 11/ 5/ 1967 وإذ كان الطعن قد رفع في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 43
لسنة 1965 إلى تاريخ نشر القانون رقم 4 لسنة 1967 وكان الطاعن قد قدم الأوراق التي
أوجب القانون إيداعها في 20/ 5/ 1967 أي في خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ العمل
بالقانون 4 لسنة 1967 فإن يتعين رفض الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى
بالوجه الأول من السبب الأول وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحقه
في الدفاع، ذلك لأن الحكم استقى تاريخ انتهاء عقد العمل في آخر مارس سنة 1962 من
بيانات الكشف الذي حرره الطاعن والذي كان معداً لتقديمه إلى ضريبة التركات لتحديد
عناصر تركة مورثة المطعون ضدهم، حالة أن الطاعن تقدم بعدة مستندات تثبت أنه واصل
الخدمة بعد هذا التاريخ في دائرة المطعون ضدهم حتى 11/ 5/ 1963 مع قيامه بالعمل
لدى شركة حليج الأقطان بالفيوم، وأنه لا يوجد ما يحول قانوناً دون قيام الطاعن
بعملين في وقت واحد، وأنه كان قد تمسك بطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه
الوقائع إلا أن المحكمة لم تستجب إليه مما يخل بحقه في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك بأنه لما كان إجراء التحقيق لإثبات وقائع يجوز إثباتها بالبينة هو - وعلى ما
جرى به قضاء هذه المحكمة - ليس حقاً للخصوم تتحتم إجابتهم إليه في كل حالة، بل هو
أمر متروك لمحكمة الموضوع ترفض الإجابة إليه متى رأت بما لها من سلطة التقدير ألا
حاجة بها إليه أو أنه غير مجد بالنظر إلى ظروف الدعوى وما هو ثابت فيها من الأدلة
والوقائع التي تكفي لتكوين عقيدتها وبحسبها أن تبين في حكمها الأسباب التي استندت
عليها في رفض هذا الطلب، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في هذا
الخصوص على أنه "تبين من مطالعة كشف المكافآت المستحقة لموظفي دائرة المرحومة
أنيسه حنا مورثة المستأنفين - المطعون ضدهم - المؤرخ 25/ 3/ 1952 والمقدم ضمن
حافظة المستأنف عليه - الطاعن - والموقع عليه من هذا الأخير أنه تضمن أسماء موظفي
المورثة المذكورة وتاريخ بدء خدمتهم لديها ونهاية مدة الخدمة والمكافأة المستحقة
لكل منهم وقد شمل المستأنف عليه باعتباره أحد موظفي الدائرة وأن تاريخ بدء خدمته
1/ 1/ 1937 ونهايتها آخر مارس سنة 1962 وأن المكافأة المستحقة له مبلغ 689 ج و700
م وقد قدم المستأنفون كشفاً مماثلاً ضمن حافظتهم" ثم قال الحكم "ويبين
من مطالعة الكشفين آنفي الذكر أنهما قاطعان في انتهاء عقد عمل المستأنف عليه لدى
المرحومة أنيسه حنا ويصا في آخر مارس سنة 1962 أما القول من جانب المستأنف عليه
أنه استمر في ذات العمل لدى المورثة حتى فصل في 11/ 5/ 1963 فضلاً عن أنه يعوزه
الدليل المقنع فإن كشوف المبالغ المنصرفة من شركة الفيوم للتسليف المؤرخة 10/ 7/
و30/ 9 و1/ 11/ 1962 و4/ 1 و16/ 2/ 1963 والتي يقول المستأنف عليه إنها محررة بخطه
باعتباره كاتب أول الدائرة لا تدل على أنه كان يعمل لدى ورثة المرحومة أنيسه حنا
ويصا وإنما كان باعتباره موظفاً لدى شركة الفيوم للتسليف، يؤكد ذلك أنه ذكر صراحة
في عريضة دعواه أنه كان قد التحق بهذه الشركة منذ 15/ 4/ 1962 ومن ثم يكون ما دفع
به المستأنف عليه من استمرار عقد عمله الأصلي لدى الورثة إلى أن فصل في 11/ 5/
1963 لا يقوم على صحته دليل"، وانتهى الحكم إلى أن المحكمة "لا ترى
إجابة المستأنف عليه إلى طلبه إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات مدعاه ما دامت قد
اطمأنت من أوراق الدعوى وبخاصة الكشفين الموقع عليهما من المستأنف عليه بتاريخ 25/
3/ 1962 سالفي الذكر إلى أن مدة خدمته لدى المورثة قد انتهت في مارس سنة 1962"
ولما كان الحكم المطعون فيه قد رفض طلب الإحالة على التحقيق اكتفاء بما اقتنع به
من أسباب سائغة فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب
الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون حين بنى قضاءه على أن التقادم المنصوص
عليه في المادة 698 هو تقادم مطلق، ذلك لأن التقادم المنصوص عليه فيها لا يختلف عن
تقادم حقوق العمال والخدم والأجراء المنصوص عليه في المادة 378 من القانون المدني
كلاهما يقوم على قرينة الوفاء، وإذ كان المستفاد من دفاع المطعون ضدهم أنهم ينكرون
الوفاء للطاعن بحقوقه فإنه يمتنع عليهم التمسك بهذا التقادم، هذا إلى أن فروق
إعانة الغلاء تدخل في عداد الأجور وهي من الحقوق الدورية المتجددة التي لا يتقادم
الحق في المطالبة بها إلا بمضي خمس سنوات طبقاً للمادة 375 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أن التقادم المنصوص عليه في المادة 378 من القانون المدني - وهو يقتصر على
حقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها لأشخاص لا يتجرون فيها وحقوق أصحاب الفنادق
والمطاعم عن أجر الإقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم وحقوق العمال
والخدم والأجراء من أجور يومية وغير يومية وعن ثمن ما قاموا به من توريدات - يقوم
على قرينة الوفاء، وهي مظنة رأي الشارع توثيقها بيمين المدعى عليه وأوجب على من
يتمسك بأن الحق قد تقادم بسنة أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً، بينما
التقادم المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني لا يقوم على هذه المظنة
ولكن على اعتبارات من المصلحة العامة هي ملاءمة استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد
العمل والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على السواء
وهو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يقتصر على دعاوى المطالبة بالأجور
وحدها بل يمتد إلى غيرها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل، وإذ كان ذلك وكان
الثابت في الدعوى أن الطاعن فصل من العمل في 31 مارس سنة 1962 بينما لم يرفع
الدعوى إلا في 10/ 5/ 1964 وبعد مضي أكثر من سنة من تاريخ الفصل، وكان الحكم
المطعون فيه قد قضى بسقوط الحق في رفع الدعوى بالتقادم، فإنه لا يكون قد خالف
القانون، وبالتالي يكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن حاصل الوجهين
الثاني والثالث من السبب الأول أن الحكم المطعون فيه شابه قصور، ذلك لأن الطاعن
واصل العمل حتى مارس سنة 1963 ثم دخل المستشفى واستطال بقاؤه فيها تحت العلاج حتى
11/ 5/ 1963، مما يستحيل معه وقد كان نزيل المستشفى للمرض أن يتخذ إجراءات
المطالبة بحقه، ولا شك في أن هذا المانع كان يبرر وقف التقادم عملاً بالمادة 382
من القانون المدني وإذ التفت الحكم عن ذلك فإنه يكون معيباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك لأن تقدير قيام المانع من المطالبة بالحق والذي يعتبر سبباً لوقف التقادم
عملاً بالمادة 382 من القانون المدني يقوم على عناصر واقعية يجب طرحها أمام محكمة
الموضوع لتقول كلمتها فيها، ولا يجوز عرضها ابتداءً على محكمة النقض، وإذ كان
الثابت من مراجعة الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي أن الطاعن لم يسبق أن تمسك
بأي سبب من أسباب وقف التقادم أو انقطاعه، وكان الطاعن لم يقدم من جانبه ما يثبت
أنه أثار هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، فإن هذا النعي يكون غير مقبول.
وحيث إنه لكل ما تقدم
يكون الطعن برمته على غير أساس.
[(1)] نقض 4/ 6/ 1969 مجموعة المكتب الفني. السنة 20. ص
880.
[(2)] نقض 23/ 3/ 1966 مجموعة
المكتب الفني. السنة 17. ص 666.
[(3)] نقض 7/ 6/ 1967 مجموعة
المكتب الفني السنة 18 ص 1212.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق