باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
الأحد (أ)
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ محمد طلعت الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فرغلي زناتي وحسين الصعيدي وعاصم عبد الجبار وعزمي الشافعي نواب رئيس المحكمة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ محمد صلاح.
وأمين السر السيد/ هشام عبد القادر.
----------------
- 1 تغيير الحقيقة بطريق الغش
بإحدى الوسائل المحددة قانوناً. كفايته لتحقق جريمة التزوير في الأوراق الرسمية.
حدوث ضرر لشخص معين. غير لازم. علة ذلك؟ الإخبار بوقائع تغاير الحقيقة في صحيفة
دعوى ومحضر جلساتها ليس من قبيل التزوير في أوراق رسمية. علة ذلك؟
لما كانت جريمة التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بتغيير الحقيقة
بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصاً بعينه
لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماً حصول ضرر بالمصلحة العامة، لما يترتب عليه من عبث
بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور، وليس من هذا القبيل
الإخبار بوقائع تغاير الحقيقة في صحيفتي الدعويين سالفي الذكر ومحضري جلستيهما،
لأن مثل هذه الوقائع مما يمكن أن يأخذ حكم الإقرارات الفردية التي تحتمل الصدق
والكذب ولا ينال كذبها من قيمة المحرر وحجيته ما دام أنه لا يتخذ حجة في إثبات صحة
مضمونها أو كانت من دروب الدفاع التي يلجأ إليها الخصوم، فهي بهذه المثابة تكون
عرضه للفحص بحيث يتوقف مصيرها على نتيجتها. فإن الإخبار بالوقائع المغايرة للحقيقة
سالفة الذكر في صحيفتي الدعويين المشار إليهما سلفاً ومحضري جلستيهما لا تقوم به جريمة
التزوير في محرر رسمي ولا يكون الاتفاق والمساعدة عليها المنسوب للطاعن اشتراكاً
في تلك الجرائم، فضلاً عن أن الطاعن قد اتخذ سنداً لإقامة الدعويين سالفتي الذكر
عقد البيع المحرر بينه وبين المحكوم عليه الآخر والذي تضمن بيع الأخير للطاعن
العقار المملوك للمدعية بالحقوق المدنية، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه
أن أساس ما أسند إلى الطاعن والمحكوم عليه الآخر من اتهامات هو عقد البيع العرفي
المؤرخ ..... وكان هذا العقد له وجود مادي، ومحرر بين طرفين حقيقين ممثلين في
كل من الدعويين، فإن استناد الطاعن إلى هذا العقد في إقامة تلك الدعويين واختصامه
المحكوم عليه الآخر فيهما لا يشكل تزويراً في عريضة دعوى أي منهما أو في محضر
جلستها بصرف النظر عن صحة محتوى هذا العقد أو عدم صحته وبما تنتفي به أيضاً جريمة
استعمال هذه المحررات، وإذ جرى قضاء الحكم على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد جانب
الصواب وأخطأ في تطبيق القانون.
- 2 المحرر الذي له قوة في الإثبات ويرتب
القانون عليه أثراً. هو محل الحماية في جرائم التزوير. رسمياً كان أم عرفياً.
الضرر في جرائم التزوير في المحررات الرسمية. ركن مفترض. الضرر في المحررات
العرفية. التزام قاضي الموضوع إثبات توافره. شرطه؟
من المقرر أن المحرر محل الحماية في جرائم التزوير سواء كان محرراً
رسمياً أم عرفياً هو ذلك المحرر الذي له قوة في الإثبات، ويرتب القانون عليه
أثراً، وكان الضرر ركناً من أركان جريمة التزوير ويفترض هذا الركن في المحررات
الرسمية، أما المحررات العرفية فإنه يتعين على قاضي الموضوع أن يثبت توافر هذا
الركن، ويجب لتوافره أن يكون الضرر حقيقياً سواء كان حالاً أم محتملاً.
- 3 حجية عقد البيع المقضي بصحة ونفاذه؟ العقد
العرفي لبيع ملك الغير. لا ينتج أثراً في حق المالك الأصلي ولا يتحقق به الضرر
كركن من أركان جريمة التزوير عدم تصور وقوع ضرر محتمل يتراخى وقوعه لحين استعمال
المحرر. إلا إذا كان الطاعن حائزاً للعقار المباع ويبتغي من وراء ذلك أن يتخذ منه
سبباً صحيحاً لكسب ملكيته بالتقادم الخمسي. شرط ذلك؟ أحكام بيع ملك الغير في
القانون الجنائي. من طرق جريمة النصب دون التزوير. جواز اعتبارها من صور التزوير
بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة. شرط وعلة ذلك؟ العقاب على الصورية. شرطه؟
كون الفعل لا يشكل جريمة. يوجب نقض الحكم وبراءة الطاعن والمحكوم عليه الآخر الذي
لم يقرر بالطعن. علة ذلك؟
من المقرر أن عقد البيع ولو حكم بصحته ونفاذه حجيته قاصرة على طرفيه.
ويكون معدوم الأثر في شأن الغير الذي لم يكن طرفاً فيه أو ممثلاً في دعوى صحة
العقد. لما كان ذلك، وكان عقد البيع العرفي موضوع الاتهام في هذه الدعوى والصادر
من المحكوم عليه للطاعن ببيع العقار المملوك للمدعية بالحقوق المدنية، إنما هو عقد
بيع لملك الغير، وكان هذا العقد في الدعوى غير مسجلاً – لا ينتج أثراً في حق
المالك الأصلي للعين المبيعة ولا يسري في حقه طبقاً للمادة 466 من القانون المدني
بما لا يتحقق به الضرر كركن من أركان جريمة التزوير، ولا يتصور أن يترتب على مثل
هذا العقد ضرر محتمل يتراخى وقوعه لحين استعمال هذا المحرر إلا إذا كان الطاعن
حائزاً للعقار المباع ويريد أن يتخذ من هذا العقد سبباً صحيحاً لكسب ملكية هذا
العقار بالتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 969 من القانون المدني لأنه يشترط
في السبب الصحيح الذي يرتب عليه القانون هذا الأثر أن يكون مسجلاً طبقاً للقانون
وهو ما لم يتوافر في العقد سند الاتهام بما لا محل معه للقول بتوافر الضرر في هذا
العقد كركن من أركان جريمة التزوير في المحرر العرفي ومما يظاهر هذا النظر أن
المشرع حينما عرض لأحكام بيع ملك الغير في القانون الجنائي لم يجعل منه طريقة من
طرق التزوير وإنما اقتصر على جعله طريقاً من الطرق التي تقع بها جريمة النصب
المنصوص عليها في المادة 336 من قانون العقوبات، ولا يصح اعتباره صورة من صور
التزوير بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة إلا إذا كان هذا البيع منسوباً
صدوره من المالك الأصلي فضلاً عن أنه ليس من المقبول عقلاً أن ينص القانون على أن
مثل هذا العقد يعد سبباً صحيحاً ثم يقال بعد ذلك أنه عقد مزور، ومن ثم فإن هذا
العقد سند الاتهام في الدعوى لا يعدوان يكون عقداً صورياً، وكان من المقرر أن
الصورية بحسب الأصل غير معاقب عليها إلا إذا كانت تمس حقوق الغير وهو ما لم يتحقق
في الدعوى الراهنة ويكون ما صدر من الطاعن والمحكوم عليه الآخر من إبرام هذا العقد
بمنأى عن التزوير، ولا يغير من ذلك أن يكون قد ترتب على هذا التصرف ضرر فعلي لحق
المدعية بالحقوق المدنية لأن هذا الضرر مرده تصرف مدني صدر من الطاعن والمحكوم
عليه الآخر قوامة الغش والاحتيال، كما لا يقدح في ذلك أن يكون قد حكم للطاعن
بتثبيت ملكيته للعقار موضوع هذا العقد في الدعوى رقم ......... لسنة ..... مدني
....... – على ما تبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها – لأن سند ذلك الحكم
في قضائه هو وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية وليس للعقد أثر في هذا القضاء
حتى لو اتخذ الحكم بتثبيت الملكية التاريخ المعطى له بداية لتلك المدة مادامت
العبرة هي بوضع اليد الفعلي، لما كان ذلك وكان البين مما تقدم أن ما صدر من الطاعن
والمحكوم عليه الآخر – الذي لم يقرر بالطعن – لا يشكل في صحيح القانون جريمة
معاقباً عليها، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وبراءتهما مما أسند إليهما،
لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة ولا يعترض على امتداد أثر الطعن للمحكوم عليه
الآخر بالقول بأن بيعه لملك غيره يوفر في حقه جريمة النصب ويبرر العقوبة المقضي
بها عليه لأن المستفاد من مدونات الحكم أن الطاعن وهو المشتري كان يعلم بعدم ملكية
البائع له للعين المبيعة مما ينتفي به الاحتيال قوام جريمة النصب.
----------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من 1- ...... 2- ...... (طاعن) في الجناية
رقم 7494 لسنة 2007 مركز سنورس (والمقيدة بالجدول الكلي برقم 960 لسنة 2007)
لأنهما في غضون عام 2005 – بدائرة مركز سنورس – محافظة الفيوم. 1- المتهمان:- أ-
وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية اشتركا بطريقي الاتفاق فيما بينهما والمساعدة
مع آخر حسن النية ليس من أرباب الوظائف العمومية وهو ...... المحامي ومع موظف
عمومي حسن النية وهو ...... – محضر محكمة سنورس الجزئية في ارتكاب تزوير في محرر
رسمي وهو صحيفة الدعوى رقم 79 لسنة 2005 مركز سنورس وذلك بجعلها واقعة مزورة في
صورة واقعة صحيحة مع علمهما بذلك بأن اتفق المتهمان على إقامة الدعوى آنفة البيان
بمقتضى العقد المزور موضوع التهمة الخامسة وقام المتهم الثاني بتوكيل المحامي سالف
الذكر برفعها فقام الأخير على خلاف الحقيقة بإثبات قيام المتهم الأول ببيع عقار
ليس مملوكا له للمتهم الثاني بصحيفتها وقدمها لقلم المحضرين فقام الموظف حسن النية
سالف الذكر بإعلانها وتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ب- وهما
ليسا من أرباب الوظائف العمومية اشتركا بطريق المساعدة مع موظف عام حسن النية
سكرتير الجلسة المختص بتحرير محاضر جلسات محكمة سنورس المدنية في ارتكاب تزوير في
محرر رسمي وهو محضر جلسة 8/5/2005 في الدعوى رقم 79 لسنة 2005 حال تحرير الموظف
المختص بأن مثلا أمامه وأمده المتهم الثاني بالمستند المزور محل التهمة الخامسة فأثبته
الموظف بحسن نية بمحضر الجلسة على غير الحقيقة وأقر المتهم الأول به فتمت الجريمة
بناء على تلك المساعد. ج- وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية اشتركا بطريق
الاتفاق فيما بينهما والمساعدة مع آخر حسن النية ليس من أرباب الوظائف العمومية
وهو ...... المحامي ومعه موظف عمومي حسن النية وهو ...... محضر محكمة سنورس
بارتكاب تزوير في محرر رسمي وهو صحيفة الدعوى رقم 184 لسنة 2005 مدني سنورس وذلك
بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بذلك بأن اتفق المتهمان على إقامة
الدعوى آنفة البيان بمقتضى العقد المزور موضوع التهمة الخامسة وقام المتهم الثاني
بتوكيل المحامي سالف الذكر في رفعها فقام الأخير على خلاف الحقيقة بإثبات قيام
المتهم الأول ببيع عقار ليس مملوكا للمتهم الثاني بصحيفتها وقدمها لقلم المحضرين
وقام الموظف حسن النية سالف الذكر بإعلانها وتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق
وتلك المساعدة. د- وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية اشتركا بطريق المساعدة مع
موظف عام حسن النية وهو سكرتير الجلسة المختص بتحرير محاضر جلسات محكمة سنورس
المدنية في ارتكاب تزوير في محرر رسمي وهو محضر جلسة 27/7/2006 الخاص بالدعوى رقم
184 لسنة 2005 مدني سنورس حال تحرير الموظف المختص بأن مثلا أمامه وأمده الثاني
بالمستند المزور محل التهمة فأثبته الموظف بحسن نية بمحضر الجلسة على خلاف الحقيقة
وأقر المتهم الثاني به وتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة. هـ - اشتركا بطريق
الاتفاق والمساعدة فيما بينهما في التزوير في محرر عرفي موضوع وسند الدعويين سالفي
البيان وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بذلك بأن اتفقا فيما
بينهما على خلاف الحقيقة على قيام الأول بتحرير عقد بيع منزل غير مملوك له وقيام
الثاني بشرائه منه وأمد كل منهما الآخر بالبيانات المراد إثباتها وأرخوه بتاريخ
مزور فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة.
2- المتهم الثاني: أ- استعمل المحررين المزورين موضوع التهمة الأولى
والثالثة فيما زورا من أجله بأن قدمهما للموظف المختص بمحكمة سنورس عقب إعلانهما
مع علمه بأمر تزويرهما. ب- استعمل المحرر المزور موضوع التهمة الخامسة فيما زور من
أجله بأن قدمه في الدعوى رقم 79 لسنة 2005 مركز سنورس مع علمه بتزويره. وأحالتهما
إلى محكمة جنايات الفيوم لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعت المجني عليها مدنيا قبلهما بمبلغ ألفي جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا بجلسة 17 من يناير لسنة 2010 عملا
بالمواد 40/ثانيا، ثالثا، 41، 211، 212، 213، 214، 215 من قانون العقوبات
بمعاقبتهما بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة والمصادرة وإحالة الدعوى المدنية إلى
المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض في يوم 21 من
فبراير سنة 2010. وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في يوم 14 من مارس سنة 2010 موقعا
عليها من الأستاذ/ ...... المحامي.
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
------------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى أعده وتلاه القاضى المقرر وبعد سماع المرافعة والمداولة .
ومن حيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك فى تزوير محررات رسمية وبتزوير محرر عرفى واستعمال هذه المحررات قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، ذلك بأن أركان جريمة الاشتراك فى التزوير فى المحررات الرسمية غير متوافرة فى حقه ذلك بأن ما نسب إليه لا يعدو أن يكون من قبيل الإقرارات الفردية مما لا يكون الكذب فيها تزويراً وأن النزاع بينه وبين المدعية بالحق المدنى هو نزاع مدنى ذلك بأنه مالك للعقار محل عقد البيع المعزو إليه الاشتراك فى تزويره بموجب حكم نهائى وأن سنده كان وضع اليد المكسب للملكية وليس عقد البيع موضوع الدعوى وذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فى قوله "... أن المتهم الثانى نبيل كمال أحمد أراد اغتصاب عقار غير مملوك له ومملوك للمدعوة غادة حسنى صاوى مصطفى فاتفق مع المتهم الأول عبد التواب إبراهيم عبد الحميد على اصطناع عقد بيع عرفى فيما بينهما أثبت فيه على خلاف الحقيقة أن المتهم الأول عبد التواب إبراهيم عبد الحميد باع للمتهم الثانى نبيل كمال محمد محمود العقار الموضح الحدود والمعالم بالعقد الذى تأرخ ٥ / ٣ / ١٩٨٤ وسطر به أن هذا العقار مملوك للبائع على خلاف الحقيقة واتخذ المتهم الثانى هذا العقد المزور تكأة لإثبات ملكيته لهذا العقار بالطرق القانونية، فقام برفع الدعوى رقم ٧٩ لسنة ٢٠٠٥ مدنى مركز سنورس أثبت فى صحيفتها على وجه مغاير للحقيقة أن هذا العقار مملوك للمتهم الأول المدعى عليه فيها وقام بدفع محام حسن النية لرفع هذه الدعوى وهو الأستاذ خالد عبد الرحيم المحامى والذى قدمها بدوره إلى قلم المحضرين لإعلانها مع علم المتهمين بحقيقة تزوير العقد وقدم عريضة الدعوى بعد إعلانها إلى سكرتير جلسة المحكمة المدنية بجلسة ٨ / ٥ / ٢٠٠٥ ومثل المتهمان وأقر الأول بالبيع وأثبت ذلك بمحضر الجلسة وقام المتهمان أيضا وبناء على عقد البيع المزور بإقامة الدعوى رقم ١٨٤ لسنة ٢٠٠٥ مدنى سنورس وأثبتا فيها على خلاف الحقيقة أن العقار موضوع الدعوى مملوك للمتهم الأول وقام المتهم الثانى بتوكيل محام حسن النية هو خالد عبد الرحيم والذى سطر صحيفة الدعوى وقدمها لقلم المحضرين لإعلانها وحضر المتهمان بجلسة ٢٧ / ٨ / ٢٠٠٦ وقدما الصحيفة لسكرتير الجلسة مع علمهما بأنها لا تمثل الحقيقة وأقر المتهم الأول بصحة عقد البيع المزور" وبعد أن أورد الحكم الأدلة التى اقتنعت بها المحكمة على ثبوت الوقائع لديها على هذا النحو، خلص إلى إدانة الطاعن بالاشتراك بطريقى الاتفاق والمساعدة فى تزوير محررات رسمية هى صحيفتى الدعويين رقمى ٧٩، ١٨٤ لسنة ٢٠٠٥ مدنى سنورس ومحضرى جلستى ٨ / ٥ / ٢٠٠٥ فى الدعوى الأولى و ٢٧ / ٧ / ٢٠٠٦ فى الدعوى الثانية واستعمالهما وكذا تزوير محرر عرفى هو عقد البيع سند الدعويين سالفتى الذكر واستعماله .
لما كان ذلك، وكانت جريمة التزوير فى الأوراق الرسمية تتحقق بتغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التى نص عليها القانون ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصا بعينه لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماً حصول ضرر بالمصلحة العامة، لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها فى نظر الجمهور، وليس من هذا القبيل الإخبار بوقائع تغاير الحقيقة فى صحيفتى الدعويين سالفتى الذكر ومحضرى جلستيهما، لأن مثل هذه الوقائع مما يمكن أن يأخذ حكم الإقرارات الفردية التى تحتمل الصدق والكذب ولا ينال كذبها من قيمة المحرر وحجيته مادام أنه لا يتخذ حجة فى إثبات صحة مضمونها أو كانت من ضروب الدفاع التى يلجأ إليها الخصوم، فهى بهذه المثابة تكون عرضة للفحص بحيث يتوقف مصيرها على نتيجتها. فإن الإخبار بالوقائع المغايرة للحقيقة سالفة الذكر فى صحيفتى الدعويين المشار إليهما سلفاً ومحضرى جلستيهما لا تقوم به جريمة التزوير فى محرر رسمى ولا يكون الاتفاق والمساعدة عليها المنسوب للطاعن اشتراكا فى تلك الجرائم، فضلاً عن أن الطاعن قد اتخذ سندا لإقامة الدعويين سالفتى الذكر عقد البيع المحرر بينه وبين المحكوم عليه الآخر والذى تضمن بيع الأخير للطاعن العقار المملوك للمدعية بالحقوق المدنية، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن أساس ما أسند إلي الطاعن والمحكوم عليه الآخر من اتهامات هو عقد البيع العرفى المؤرخ ٥ / ٣ / ١٩٨٤، وكان هذا العقد له وجود مادى، ومحرر بين طرفين حقيقيين ممثلين فى كل من الدعويين، فإن استناد الطاعن إلى هذا العقد فى إقامة تلك الدعويين واختصامه المحكوم عليه الآخر فيهما لا يشكل تزويرا فى عريضة دعوى أى منهما أو فى محضر جلستها بصرف النظر عن صحة محتوى هذا العقد أو عدم صحته وبما تنتفى به أيضا جريمة استعمال هذه المحررات، وإذ جرى قضاء الحكم على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد جانب الصواب وأخطأ فى تطبيق القانون.
لما كان ذلك، وكان المحرر محل الحماية فى جرائم التزوير سواء كان محرراً رسمياً أم عرفياً هو ذلك المحرر الذى له قوة فى الإثبات، ويرتب القانون عليه أثراً، وكان الضرر ركناً من أركان جريمة التزوير ويفترض هذا الركن فى المحررات الرسمية، أما المحررات العرفية فإنه يتعين على قاضى الموضوع أن يثبت توافر هذا الركن، ويجب لتوافره أن يكون الضرر حقيقيا سواء كان حالاً أم محتملاً، وكان من المقرر أن عقد البيع ولو حكم بصحته ونفاذه حجيته قاصرة على طرفيه. ويكون معدوم الأثر فى شأن الغير الذى لم يكن طرفاً فيه أو ممثلاً فى دعوى صحة العقد،
لما كان ذلك، وكان عقد البيع العرفى موضوع الاتهام فى هذه الدعوى والصادر من المحكوم عليه للطاعن ببيع العقار المملوك للمدعية بالحقوق المدنية، إنما هو عقد بيع لملك الغير، وكان هذا العقد فى الدعوى غير مسجلا ـ لا ينتج أثرا فى حق المالك الأصلى للعين المبيعة ولا يسرى فى حقه طبقا للمادة ٤٦٦ من القانون المدنى بما لا يتحقق به الضرر كركن من أركان جريمة التزوير، ولا يتصوران يترتب على مثل هذا العقد ضرر محتمل يتراخى وقوعه لحين استعمال هذا المحرر إلا إذا كان الطاعن حائزا للعقار المباع ويريد أن يتخذ من هذا العقد سبباً صحيحاً لكسب ملكية هذا العقار بالتقادم الخمسى المنصوص عليه فى المادة ٩٦٩ من القانون المدنى لأنه يشترط فى السبب الصحيح الذى يرتب عليه القانون هذا الأثر أن يكون مسجلا طبقا للقانون وهو ما لم يتوافر فى العقد سند الاتهام بما لا محل معه للقول بتوافر الضرر فى هذا العقد كركن من أركان جريمة التزوير فى المحرر العرفى ومما يظاهر هذا النظر أن المشرع حينما عرض لأحكام بيع ملك الغير فى القانون الجنائي لم يجعل منه طريقة من طرق التزوير وإنما اقتصر على جعله طريقا من الطرق التى تقع بها جريمة النصب المنصوص عليها فى المادة ٣٣٦ من قانون العقوبات، ولا يصح اعتباره صورة من صور التزوير بجعل واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة إلا إذا كان هذا البيع منسوبا صدوره من المالك الأصلى فضلاً عن أنه ليس من المقبول عقلا أن ينص القانون على أن مثل هذا العقد يعد سببا صحيحاً ثم يقال بعد ذلك أنه عقد مزور، ومن ثم فإن هذا العقد سند الاتهام فى الدعوى لا يعدوان يكون عقدا صوريا، وكان من المقرر أن الصورية بحسب الأصل غير معاقب عليها إلا إذا كانت تمس حقوق الغير وهو ما لم يتحقق فى الدعوى الراهنة ويكون ما صدر من الطاعن والمحكوم عليه الآخر من إبرام هذا العقد بمنأى عن التزوير، ولا يغير من ذلك أن يكون قد ترتب على هذا التصرف ضرر فعلى لحق المدعية بالحقوق المدنية لأن هذا الضرر مرده تصرف مدنى صدر من الطاعن والمحكوم عليه الآخر قوامة الغش والاحتيال، كما لا يقدح فى ذلك أن يكون قد حكم للطاعن بتثبيت ملكيته للعقار موضوع هذا العقد فى الدعوى رقم ١٨٤ لسنة ٢٠٠٥ مدنى سنورس - على ما تبين من المفردات التى أمرت المحكمة بضمها - لأن سند ذلك الحكم فى قضائه هو وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية وليس للعقد أثر فى هذا القضاء حتى لو اتخذ الحكم بتثبيت الملكية التاريخ المعطى له بداية لتلك المدة مادامت العبرة هى بوضع اليد الفعلى ،
لما كان ذلك وكان البين مما تقدم أن ما صدر من الطاعن والمحكوم عليه الآخر - الذى لم يقرر بالطعن - لا يشكل فى صحيح القانون جريمة معاقباً عليها، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وبراءتهما مما أسند إليهما، لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة ولا يعترض على امتداد أثر الطعن للمحكوم عليه الآخر بالقول بأن بيعه لملك غيره يوفر فى حقه جريمة النصب ويبرر العقوبة المقضى بها عليه لأن المستفاد من مدونات الحكم أن الطاعن وهو المشترى كان يعلم بعدم ملكية البائع له للعين المبيعة مما ينتفى به الاحتيال قوام جريمة النصب.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن والمحكوم عليه الآخر عبد التواب إبراهيم عبد الحميد مما أسند إليهما .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق