جلسة 16 من يناير 1985
برياسة السيد المستشار/
محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد ممدوح سالم
نائب رئيس المحكمة ومحمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة ومحمود بهى الدين وسرى
صيام.
--------------
(10)
الطعن رقم 2991 لسنة 54
القضائية
(1) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير
معيب".
لا يقدح في سلامة استناده
إلى أقوال شاهد بتحقيقات النيابة وقوله خطأ أنها صدرت عنه بالجلسة.
الخطأ في مصدر الدليل لا
يضيع أثره.
(2) قتل عمد. أسباب الإباحة
"الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب
الطعن. ما لا يقبل فيها".
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي
أو انتفاؤها. موضوعي متى كان سائغا. استمرار الطاعنين في التعدي على المجنى عليه
رغم انتهاء المشادة. قصاص وانتقام.
(3)قتل عمد. علاقة السببية. جريمة "أركانها". حكم
"تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير قيام علاقة
السببية. موضوعي متى أقيم على أسباب سائغة.
مثال لتسبيب سائغ لاطراح
الدفع بانتفاء مسئولية الطاعنين عن وفاة المجنى عليه.
(4)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال
بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بتتبع
المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
(5) محكمة الموضوع
"سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا
يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالرد
استقلالا عن الدفاع باتهام آخر عن الحادث اكتفاء بأدلة الإثبات القائمة في الدعوى.
(6)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". قتل عمد. قصد جنائي.
حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل امر خفى إدراكه
بالأمارات والمظاهر التي تنبئ عنه. استخلاص توافره موضوعي.
---------------
1 - لئن كان البين من
محاضر جلسات المحاكمة أن الشاهد لم يشهد في التحقيق الذى أجرته المحكمة بأن
الطاعنين كانوا يقصدون قتل المجنى عليه، إلا أنهم لما كانوا لا يمارون في أن ما أثبته
الحكم من ذلك للشاهد المذكور بتحقيقات النيابة العامة، له معينه في تلك التحقيقات،
فانه لا يقدح في سلامة الحكم أن يكون قد أخطأ في حالة انه شهد بذلك في الجلسة، إذ
أن الخطأ في مصدر الدليل لا يضيع أثره.
2 - لما كان من المقرر أن
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها، متعلق
بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب، متى كانت الوقائع مؤدية للنتيجة التي
رتبها عليها الحكم، كما أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما
شرع لرد العدوان، وإذ كان مؤدى مما أورده الحكم في بيان لواقعة الدعوى ولدى نفيه
قيام حالة الدفاع الشرعي - وهو ما لا ينازع الطاعنون في صحة إسناد الحكم بشأنه -
أن مشادة وقعت بين الطاعنين والمجنى عليه استل على اثرها المتهم الثالث مطواه
وأراد التعدي بها على المجنى عليه الذى انتزعها من يده، فما كان من الطاعنين إلا أن
أحاطوا بالمجنى عليه والقوه في مياه ترعة الإسماعيلية، وأخذوا يقذفونه بالحجارة
كلما حاول الخروج منها واستمروا في ذلك حتى خارت قواه وتوفى غرقا، فان مقارفة
الطاعنين لأفعال التعدي تلك واستمرارهم فيها بعد أن القوا بالمجنى عليه في الماء
بقصد منعه من مغادرته، وقد صار لا حول له ولا قوه، وحتى خارت قواه ولقى حتفه، تكون
من قبيل القصاص والانتقام والعدوان على من لم يثبت انه كان في الوقت ذاك يعتدى أو
يحاول التعدي، بل كان يحاول النجاة بنفسه من الموت وهو ما تنتفى به حاله الدفاع الشرعي
عن النفس كما هي معرفة به في القانون.
3 - إثبات علاقة السببية
في المواد الجنائية مسألة موضوعية ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها فلا يجوز مجادلته
في ذلك أمام محكمة النقض ما دام الحكم قد أقام قضاءه في هذا الشأن على أسباب تؤدى إلى
ما انتهى إليه.
4 - لما كان دفاع
الطاعنين بعدم معقولية بقاء المجنى عليه في الماء تماشياً لإصابته من الحجارة التي
كانوا يقذفونه بها، لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا يستأهل من الحكم رداً
طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها وصحت لديه على ما استخلصه من
وقوع الجريمة ونسبتها إلى الطاعنين، ولا عليه أن لم يتعقبهم في كل جزئية من جزئيات
دفاعهم لأن مفاد التفاته عنها أن أطرحها.
5 - لما كان ما يثيره
الطاعنون بشأن مسئولية آخرين من المتجمهرين عن الحادث، مردودا بأن هذا الدفاع
يتعلق بموضوع الدعوى وتقدير الأدلة بها، مما لا تلتزمه المحكمة بالتعرض له أو الرد
عليه استقلالا، اكتفاء بأدلة الثبوت القائمة في الدعوى، التي خلصت منها في منطق
سليم وتدليل مقبول على أن الطاعنين وحدهم. هم الذين ارتكبوا الحادث.
6 - من المقرر أن قصد
القتل امر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات
والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذه
النية، موكول إلى قاضى الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعنين بأنهم قتلوا عمداً... بأن القوة في المياه العميقة وانهالوا عليه قذفا
بقطع الأحجار قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة
التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت إلى مستشار الإحالة أحالتهم إلى محكمة
الجنايات لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام، فقرر ذلك.
وادعى..... مدنيا قبل المتهمين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنايات..... قضت حضوريا عملا بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة كل
من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وإلزامهم متضامنين بان يدفعوا للمدعى
بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليهم في هذا
الحكم بطريق النقض وقضى في الطعن بقبوله شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة
القضية إلى محكمة جنايات بنها لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. وأثناء نظر الدعوى
من جديد أمام المحكمة المذكورة ادعى.... بالحق المدني مدنيا قبل المتهمين متضامنين
بمبلغ مائة وواحد جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات بنها قضت حضوريا
بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبإلزامهم على وجه التضامن
فيما بينهم بان يدفعوا إلى المدعى بالحق المدني مبلغ مائه وواحد جنيه على سبيل
التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهم في هذا
الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)... الخ.
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعون
على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة القتل العمد وألزمهم بالتعويض، قد شابه
الخطأ في الإسناد والقصور في البيان والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع،
ذلك بأنه، نسب إلى الشاهد أنه شهد بالتحقيقات وبالجلسة أن المتهمين كانوا يقصدون بأفعالهم
قتل المجنى عليه، حال أن الشاهد لم يشهد بذلك في الجلسة، ورد على الدفاع بقيام
حالة الدفاع الشرعي بما لا يصلح ردا، وفصل في سبب إصابات الطاعنين، وهى مسألة فنية
صرف، بغير الرجوع إلى أهل الخبرة، وخلط في استخلاصه توافر علاقة بين الركن المادي
للجريمة وركنها المعنوي، واغفل الرد على دفاعهم بعدم معقولية أن يفضل المجنى عليه
المكوث في الماء تفاديا لإصابته من الطوب الذى كانوا يلقونه عليه، وبأن آخرين من
المتجمهرين كانوا يقذفونه بالحجارة لمنعه من الخروج من الماء لذلك من اثر في مسئولية
الطاعنين الجنائية، هذا إلى أن الحكم دلل على توافر قصد القتل في حقهم تدليلا غير
سائغ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضة.
ومن حيث ان الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد التي
دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات
ومما هو مستفاد من ظروف الدعوى وملابساتها وقرائن الأحوال فيها، وما ثبت من تقرير
الصفة التشريحية للمجنى عليه، وهى أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما
كان ذلك، ولئن كان البين من محاضر جلسات المحاكمة، أن الشاهد... لم يشهد في التحقيق
الذى أجرته المحكمة بان الطاعنين كانوا يقصدون قتل المجنى عليه، إلا انهم لما
كانوا لا يمارون في أن ما اثبته الحكم من ذلك للشاهد المذكور بتحقيقات النيابة
العامة، له معينة في تلك التحقيقات، فانه لا يقدح في سلامة الحكم أن يكون قد اخطأ
في قالة انه شهد بذلك في الجلسة إذ أن الخطأ في مصدر الدليل لا يضيع اثره، ومن ثم
تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره
الطاعنون من انهم كانوا في حالة دفاع شرعي ورد عليه بقوله "لم يشرع الدفاع الشرعي
للقصاص والانتقام، وإنما شرع لمنع المتعدي من إيقاع فعل التعدي...... وكانت
الواقعة كما استقرت في يقين المحكمة انه اثر النزاع الذى قام بين المتهمين والمجنى
عليه وزميليه.... و... بسبب جلوس المجنى عليه وزميليه بالسيارة، قامت مشادة ما بين
المتهمين والمجنى عليه وزميله قام على اثرها المتهم الثالث بإخراج مطواة وأراد التعدي
بها على المجنى عليه، فانتزعها من يده، فانتوى المتهمون الاعتداء على المجنى عليه
وزميليه، ثم قام المتهمون بحمل المجنى عليه إلى ترعة الإسماعيلية - المجاورة لمكان
وقوف العربة التي كان يستقلها أطراف النزاع والقوه بها ثم قاموا بقذفه بالحجارة
بقصد التخلص منه ومنعوه من الخروج من المياه...، وكلما حاول المجنى عليه الخروج من
الترعة قذفوه بالحجارة، وانتظروه على الشط لمنعه من الخروج حتى خارت قواه وغرق في الترعة،
فهذه الأسباب هي التي أدت إلى وفاته، ومما تقدم يستفاد ان مسلك المتهمين هذا يقطع
على انهم هم المعتدون والمبادرون، فضلا عن أنهم قد استمروا في التعدي على المجنى
عليه بعد أن القوه في المياه وكان اعزل بعد أن كان قد القى به في الترعة، ومن ثم
يكون حق الدفاع الشرعي منتفيا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي
يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها، متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة
الفصل فيه بغير معقب، متى كانت الوقائع مؤديه للنتيجة التي رتبها عليها الحكم، كما
أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لرد العدوان، واذ
كان مؤدى ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى ولدى نفيه قيام حالة الدفاع الشرعي
- وهو ما لا ينازع الطاعنون في صحة استناد الحكم بشأنه - أن مشادة وقعت بين
الطاعنين والمجنى عليه استل على اثرها المتهم الثالث مطواه وأراد التعدي بها على
المجنى عليه الذى انتزعها من يده، فما كان من الطاعنين إلا أن أحاطوا بالمجنى عليه
والقوه في مياه ترعة الإسماعيلية، وأخذوا يقذفونه بالحجارة كلما حاول الخروج منها
واستمروا في ذلك حتى خارت قواه وتوفى غرقا، فان مقارفة الطاعنين لأفعال التعدي تلك
واستمرارهم فيها بعد ان القوا بالمجنى عليه في الماء بغية منعه من مغادرته، وقد
صار لا حول له ولا قوه، وحتى خارت قواه ولقى حتفه، تكون من قبيل القصاص والانتقام
والعدوان على من لم يثبت انه كان في الوقت ذاك يعتدى أو يحاول التعدي، بل كان يحاول
النجاة بنفسه من الموت وهو ما تنتفى به حالة الدفاع الشرعي عن النفس كما هي معرفة
به في القانون. لما كان ذلك، وكان لا يقدح في الحكم المطعون فيه الفصل في مسألة إصابات
الطاعنين دون الاستعانة بأهل الخبرة، لعدم تأثير هذا الخطأ في منطق الحكم والنتيجة
التي انتهى إليها من انتفاء حالة الدفاع الشرعي، لما استخلصه من ان الطاعنين هم
الذين بادروا المجنى عليه بالاعتداء واستمروا فيه لمنعه من الخروج من الماء
انتقاما منه حتى لقى حتفه، فان منعى الطاعنين يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان
الحكم قد استظهر توافر رابطة السببية بين أفعال الطاعنين ووفاة المجنى عليه في قوله
"ان عما اثار الدفاع بشأن انقطاع رابطة السببية، فان الثابت أن المتهمين
الثلاثة حملوا المجنى عليه وقذفوا به إلى ترعة الإسماعيلية وانتظروه على الشط ثم
أخذوا يقذفونه بالحجارة، وكلما حاول الخروج قذفوه بالحجارة وحالوا بينه وبين
الخروج إلى الشط حتى خارت قواه ومات غرقا باسفكسيا الغرق، وقد أورى التقرير الطبي الشرعي
الموقع على المجنى عليه أن أصابات المجنى عليه رضيه احتكاكية وذلك من المصادمة
بجسم أو أجسام صلبة راضة بعضها له ملمس خشن ويحدث من القاء الحجارة والطوب، فان
علاقة السببية تكون متوافرة بين فعل كل منهم والنتيجة الإجرامية، ذلك أن كلا منهم
له إسهام نسبى لا شك في إحداث النتيجة ذلك ان هذه النتيجة الإجرامية ما كانت تحدث
في ذات الظروف اذا لم يكن المتهمون قد ارتكبوا الفعل المسند اليهم والذى ثبت في حقهم،
وذلك أن المتهمين بفعلهم قد قصدوا الى النتيجة الإجرامية وهى إزهاق روح المجنى
عليه وما انتهى اليه المجنى عليه من غرق، وهى نتيجة مألوفة ومتوقعة عندما يلقى
بشخص في المياه ويقذف بالحجارة ويمنع من الخروج وهى ما كان يسعى إليها المتهمون،
وما كان في استطاعة المجنى عليه الخروج من المياه والمتهمين مرابطين له على الشط
لمعاودة الاعتداء عليه" ولما كان ما قاله الحكم يوفر في حق الطاعنين ارتكابهم
أفعالا عمدية ارتبطت بوفاة المجنى عليه ارتباط السبب بالمسبب ويسوغ اطراح ما دفع
به الطاعنون من انتفاء مسئوليتهم عن وفاة المجنى عليه، وكان إثبات علاقة السببية
في المواد الجنائية مسألة موضوعية ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها فلا يجوز مجادلته
في ذلك أمام محكمة النقض ما دام الحكم قد أقام قضاءه في هذا الشأن على أسباب تؤدى إلى
ما انتهى إليه كما الحال في الحكم المطعون فيه، فان منعى الطاعنين على الحكم في هذا
الصدد، يغدو على غير سند، لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعنين بعدم معقوليه بقاء
المجنى عليه في الماء تحاشيا لإصابته من الحجارة التي كانوا يقذفونه بها، لا يعدو أن
يكون دفاعا موضوعيا لا يستأهل من الحكم ردا طالما كان الرد مستفادا من أدلة الثبوت
التي أوردها وصحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة ونسبتها إلى الطاعنين، ولا
عليه إن لم يتعقبهم في كل جزئية من جزئيات دفاعهم لان مفاد التفاته عنها انه
اطرحها. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعنون بشأن مسئولية آخرين من المتجمهرين عن
الحادث، مردودا بان هذا الدفاع يتعلق بموضوع الدعوى وتقدير الأدلة بها، مما لا
تلتزمه المحكمة بالتعرض له أو الرد عليه استقلالا، اكتفاء بأدلة الثبوت القائمة في
الدعوى، التي خلصت منها في منطق سليم وتدليل مقبول على أن الطاعنين وحدهم. هم
الذين ارتكبوا الحادث لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه، قد عرض لقصد القتل واثبت
توافره في حق الطاعنين بقوله "انه عن نية القتل، فان هذه النية متوافرة قبل
المتهمين، ذلك أن الثابت على ما سلف - ان المتهم الثالث حاول في اول الأمر التعدي
على المجنى عليه وزملائه بالمطواة التي كان يحملها، إلا أن المجنى عليه تمكن من
انتزاعها منه فعز هذا الأمر على المتهمين، فحاولوا استردادها، فلما أخفقوا، أثار
ذلك حفيظتهم وصمموا على قتله والخلاص منه خاصة ان هذا الفعل صدر أمام زملائهم،
فاجمعوا أمرهم على الخلاص من المجنى عليه، وأحاطوا به وقذفوا به في ترعة الإسماعيلية
بقصد إغراقه وحالوا بينه وبين الخروج، وكان كلما حاول الخروج..... إلى الشاطئ
قذفوه بالحجارة حتى خارت قوة المجنى عليه، وكانوا له بالمرصاد على الشاطئ، وأخذ
يصارع الموت حتى لفظ أنفاسه ومات غرقا" وكان من المقرر أن قصد القتل امر خفى
لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر
الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذه النية، موكول إلى
قاضى الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وإذ كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على هذه
النية تدليلا سائغا، فان ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في حق
محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستباط معتقدها منها، مما لا يجوز إثارته
أمام محكمة النقض لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه
موضوعا، مع الزام الطاعنين المصاريف المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق