الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 23 أبريل 2018

الطعن 307 لسنة 41 ق جلسة 27 / 3 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 88 ص 499

جلسة 27 من مارس سنة 1973
برئاسة السيد المستشار/ عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة المستشارين: عدلي بغدادي، ومحمود المصري، ومحمد طايل راشد، ومصطفى الفقي.
------------
(88)
الطعن 307 لسنة 41 ق
- 1  اختصاص " اختصاص نوعى". استئناف " الأحكام الجائز استئنافها". حكم " الطعن في الحكم . الأحكام الجائز الطعن فيها".
اختصاص المحاكم الابتدائية بالحكم في الدعاوى التي لا تجاوز قيمتها مائتين وخمسين جنيها . اختصاص استثنائي . أحكام تلك المحاكم في الدعاوى التي لا تزيد قيمتها على هذا النصاب . عدم قابليتها للاستئناف إلا بنص خاص.
- 2 اختصاص " اختصاص نوعى". استئناف " الأحكام الغير جائز استئنافها".
اختصاص المحاكم الابتدائية بالفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيق القانون رقم 52 لسنة 1969. الطعن في الأحكام الصادرة في تلك المنازعات . خضوعه للقواعد العامة في قانون المرافعات .
- 3  إيجار " إيجار الأماكن . الامتداد القانوني لعقود الإيجار".
التشريعات الخاصة بإيجار الأماكن. تقييدها لنصوص القانون المدني المتعلقة بانتهاء مدة الإيجار. امتداد العقود الخاضعة لتلك التشريعات تلقائيا وبحكم القانون لمدة غير محدودة. خضوعها لأحكام تلك التشريعات وأحكام القانون المدني التي لا تتعارض معها. المدة ركن فيها وأن غدت غير محدودة بامتدادها.
- 4  إيجار " إيجار الأماكن . الامتداد القانوني لعقود الإيجار".
امتداد عقود إيجار الأماكن الخاضعة للتشريعات الاستثنائية لمدة غير محدودة وفقا لأحكام هذه التشريعات. عدم توقف هذا الامتداد على توافق إرادة المتعاقدين صراحة أو ضمنا. لا محل في هذا الصدد لإعمال حكم المادتين 563، 599 مدني.
- 5  استئناف " الأحكام الجائز استئنافها". إيجار " تشريعات إيجار الأماكن . الطعن في الحكم". حكم " الطعن في الحكم . الأحكام الجائز الطعن فيها". دعوى " قيمة الدعوى".
دعوي المؤجر بالإخلاء للتخلف عن الوفاء بالأجرة هي دعوي بفسخ عقد الإيجار الدعوي بطلب فسخ أو امتداد عقد الإيجار الخاضع لقوانين إيجار الأماكن غير مقدرة القيمة جواز استئناف الحكم الصادر فيها .
----------
1 - مؤدى نصوص المواد 42، 47، 219 /1، 223 من قانون المرافعات - أن الأصل أن المحاكم الابتدائية إنما تختص بالحكم في الدعاوى المدنية والتجارية التي تزيد قيمتها على مائتين وخمسين جنيهاً، إلا أن المشرع استثنى من هذا الأصل بعض الدعاوى التي لا تجاوز قيمتها هذا النصاب، وخص المحاكم الابتدائية بالحكم فيها، وجعل مناط استئناف الأحكام الصادرة من تلك المحاكم هو تجاوز قيمة الدعوى للنصاب الانتهائي، فيكون الحكم الذى يصدر من المحكمة الابتدائية في دعوى لا تزيد قيمتها على مائتين وخمسين جنيهاً غير قابل للاستئناف، سواء كان اختصاصها بها بناء على قاعدة الاختصاص الواردة في قانون المرافعات أو بمقتضى قوانين أخرى ما لم ير المشرع الخروج على ذلك بنص خاص.
2 - إذ كانت المادة 40 من القانون رقم 52 لسنة 1969 بشأن إيجار الأماكن تقضى بأن تختص المحكمة الابتدائية بالفصل في المنازعات التي تنشأ عن تطبيقه، ولم يرد به نص يجيز الطعن في الأحكام الصادرة في تلك المنازعات مهما كانت قيمتها، فإن مفاد ذلك أن المشرع جعل الطعن في هذه الأحكام خاضعاً للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون المرافعات، ولا يغير من ذلك ما ورد في تقرير اللجنة المشتركة من لجنتي الشئون التشريعية والخدمات بمجلس الأمة من أنها عدلت المادة 40 من مشروع القانون آنف الذكر على نحو يفتح باب الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في المنازعات الناشئة عن تطبيقه تجنباً لكثير من المتناقضات التي حفلت بها الأحكام بسبب حظر الطعن فيها، مع أن فتح باب الطعن من شأنه أن تستقر الأحكام على مبادئ موحدة، ذلك أنه ليس فيما ورد بتقرير اللجنة المذكورة ما يفيد جواز الطعن في الأحكام على إطلاقه أيا كانت قيمة الدعوى، إذ أن تلك اللجنة قد اقتصرت على حذف ما كان ينص عليه مشروع القانون من نهائية الأحكام المذكورة وعدم قابليتها للطعن، وقد جاء القانون رقم 52 لسنة 1969 خالياً من نص يبيح الطعن في الأحكام الصادرة في المنازعات الخاضعة لأحكام أيا كانت قيمتها، مما يؤكد أن المشرع قد قصد إلى إخضاع الطعن فيها للقواعد العامة في قانون المرافعات.
3 - إذ كانت التشريعات الخاصة بإيجار الأماكن قد منعت المؤجر من إخراج المستأجر من المكان المؤجر ولو بعد انتهاء مدة الإيجار وسمحت للمستأجر بالبقاء شاغلاً له ما دام موفياً بالتزاماته على النحو الذى فرضه عقد الإيجار وأحكام القانون، فإن هذه التشريعات تكون قد قيدت في شأن إيجار الأماكن الخاضعة لأحكامها نصوص القانون المدني المتعلقة بانتهاء مدة الإيجار، وجعلت عقود إيجار تلك الأماكن ممتدة تلقائياً و بحكم القانون إلى مدة غير محدودة بالنسبة إلى المؤجر والمستأجر على السواء، طالما بقيت سارية تلك التشريعات الخاصة التي أملتها اعتبارات النظام العام حماية للمستأجرين وحلاً لأزمة الإسكان، إلا إذا رغب المستأجر في ترك المكان المؤجر مراعياً في ذلك مواعيد التنبيه بالإخلاء أو أخل بالتزاماته القانونية مما يحق معه للمؤجر أن يتخذ الإجراءات التي رسمها القانون لإنهاء العقد ووضع حد لامتداده لأحد الأسباب التي حددتها تلك التشريعات، على أنه فيما عدا ذلك يبقى العقد مصدر التزامات الطرفين تهيمن عليه أحكام قوانين إيجار الأماكن وما لا يتعارض معها من أحكام القانون المدني وتظل للعقد طبيعته من حيث كونه من العقود المستمرة، المدة ركن من أركانه، وإن غدت غير محدودة لامتدادها بحكم القانون بعد انتهاء مدة العقد.
4 - لا محل للقول بأن عقد إيجار الأماكن إذا انتهت مدته يعتبر منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة استنادا إلى حكم المادة 563 من القانون المدني، أو بأنه قد تجدد بشروطه الأولى تجديداً ضمنياً لهذه الفترة إعمالاً لأحكام المادتين 563، 599 من هذا القانون، ذلك لأن المادة 563 المشار إليها خاصة بالحالات التي يكون الإيجار فيها قد عقد دون اتفاق طرفيه عند إبرامه على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة، وهي حالات يكون المتعاقدان قد أغفلا فيها تحديد مدة العقد أو عرضاً للمدة ولكنهما لم يعيناها أو اتفقا على مدة معينة وتعذر على أيهما إثباتها، فتدخل المشرع وفسر إرادتهما بأن حملها على أنهما قد قصدا إلى انعقاد العقد للفترة المعينة لدفع الأجرة، أما حالة انتهاء المدة في العقود الخاضعة لأحكام قوانين إيجار الأماكن، فقد وضع المشرع لها حكماً مغايراً، بأن فرض بنصوصه الآمرة في تلك القوانين امتداد هذه العقود إلى مدة غير محدودة دون حاجة إلى توافق إرادة المتعاقدين على ذلك، مما لا محل معه للاستناد في هذا الخصوص إلى حكم المادة 563 الآنف ذكرها والتي جاءت مفسرة لإرادة المتعاقدين، كما أن المادة 599 من القانون المدني إذ نصت على أنه إذا انتهى عقد الإيجار وبقي المستأجر منتفعاً بالعين بعلم المؤجر ودون اعتراض منه اعتبر الإيجار قد تجدد بشروطه الأولى ولكن لمدة غير معينة وتسري على الإيجار إذا تجدد على هذا الوجه أحكام المادة 563، ومن ثم يعتبر إيجاراً جديداً منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة، فإنها تكون قد أفادت أن تجديد العقد إنما يتم في هذه الحالة بتوافق الإرادة الضمنية للطرفين وبذلك لا يسرى حكم هذه المادة على عقود الإيجار الخاضعة لأحكام قوانين إيجار الأماكن التي لا يتوقف امتداد مدتها على توافق إرادة الطرفين الصريحة أو الضمنية على النحو السالف بيانه. لما كان ذلك، فإن عقود إيجار الأماكن المشار إليها لا تنتهي بانتهاء مدتها المتفق عليها، بل تمتد تلقائياً إلى مدة غير محدودة امتدادا تنظمه أحكام قوانين إيجار الأماكن، وتضع ضوابطه وتحكم آثاره على نحو يغاير أحكام القانون المدني المتعلقة بالإيجار المنعقد لمدة غير معينة "م 563 مدني" أو الإيجار الذي يتجدد بإرادة المتعاقدين الضمنية بعد انتهاء مدته "م 599 مدني".
5 - إذ كانت الدعوى التي يقيمها المؤجر بإخلاء العين المؤجرة هي دعوى بطلب فسخ عقد الإيجار "أي إنهائه" يدور النزاع فيها حول امتداد العقد، وكانت المادة 37/8 من قانون المرافعات تقضى بأنه إذا كانت الدعوى بطلب فسخ عقد مستمر كان تقدير قيمتها باعتبار المقابل النقدي عن المدة الواردة في العقد، فإذا كان العقد قد نفذ في جزء منه كان التقدير باعتبار المدة الباقية، وإذا كانت الدعوى متعلقة بامتداد العقد كان التقدير باعتبار المقابل النقدي للمدة التي قام النزاع على امتداد العقد إليها، مما مفاده أنه إذا كانت المدة الباقية من العقد المستمر أو المدة التي قام النزاع على امتداد العقد إليها مدة محدودة، كان المقابل النقدي لهذه المدة محدداً، وتكون دعوى فسخ العقد أو امتداده مقدرة القيمة بذلك المقابل المحدد، أما إذا كانت المدة الباقية من العقد أو المدة التي قام النزاع على امتداده إليها غير محدودة فإن المقابل النقدي لهذه المدة يكون غير محدد، ويكون طلب فسخ العقد أو امتداده طلباً غير قابل لتقدير قيمته، وتعتبر قيمة الدعوى به زائدة على مائتين وخمسين جنيهاً طبقاً للمادة 41 من قانون المرافعات، ومن ثم يكون الحكم الصادر فيها جائزاً استئنافه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد جانب هذا النظر واعتبر أن عقد الإيجار مثار النزاع وهو يخضع لقانون إيجار الأماكن قد تجدد وفقاً لأحكام المادتين 563، 599 من القانون المدني، ورتب على ذلك تقدير قيمة الدعوى بأجرة المدة التي تجدد إليها العقد وهي تقل عن مائتين وخمسين جنيهاً، وقضى على هذا الأساس بعدم جواز الاستئناف فإنه بذلك يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدها الدعوى رقم 3107 سنة 1967 كلي القاهرة، وطلب فيها الحكم بإخلاء العين المؤجرة منه إليها والمبينة بالعقد المؤرخ 5/8/1965 وبصحيفة الدعوى لتأخرها في الوفاء بالأجرة عن المدة من شهر سبتمبر سنة 1966 حتى أبريل سنة 1967 بواقع 4ج و200م شهريا، أجابت المطعون ضدها على الدعوى بأنها سددت الأجرة المستحقة طبقا لعقد إيجار لاحق أبرم بينهما في 31 /10/ 1966 حددت فيه الأجرة بمبلغ 1ج و875م شهريا، فطعن الطاعن ببطلان هذا العقد الأخير لوقوع إكراه عليه وقت تحريره. وبتاريخ 28/ 1/ 1968 ندبت المحكمة الابتدائية خبيرا لتقدير الأجرة القانونية للعين موضوع الدعوى، وبعد أن قدم الخبير تقريره طلبت المطعون ضدها في مواجهة الطاعن تخفيض الأجرة إلى مبلغ 825م شهريا أخذا بتقرير الخبير – وفي 26/1/1970 قضت تلك المحكمة بتقدير الأجرة بهذا المبلغ وبرفض طلب الإخلاء، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 861 سنة 87ق القاهرة، ومحكمة الاستئناف قضت في 23/ 1/ 1971 بعدم جواز الاستئناف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على رأيها.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ويقول في بيان ذلك إن القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجار الأماكن كان يقضي في المادة 15/ 4 منه بنهائية الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بالتطبيق لأحكامه، وبعدم جواز الطعن فيها، وقد ألغي هذا القانون بالقانون رقم 52 لسنة 1969 الذي لم يرد به نص مماثل لحكم المادة 15/ 4 المشار إليها، وذلك بهدف فتح باب الطعن في الأحكام الصادرة في المنازعات الناشئة عن تطبيق هذا القانون تحقيقاً لاستقرارها على مبادئ موحدة، مما يفيد إباحة الطعن فيها أياً كانت قيمة النزاع، إذ لو كان المشرع يقصد إلى إخضاع تلك المنازعات للقواعد العامة في قانون المرافعات لما نص على اختصاص المحاكم الابتدائية بالنظر فيها دون اعتداد بقيمتها، هذا إلى أن عقود الإيجار الخاضعة لأحكام قوانين إيجار الأماكن قد أصبحت ممتدة إلى مدة غير محدودة، مما يتعذر معه تقدير المقابل النقدي للمدة الواردة فيها أو المدة الباقية، وبذلك تكون الدعوى بطلب غير قابل للتقدير، فتعتبر قيمتها زائدة على مائتين وخمسين جنيهاً طبقاً للمادة 41 من قانون المرافعات، ومن ثم فإن الحكم الصادر فيها يكون جائزاً استئنافه وإذ جانب الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.

وحيث إنه لما كانت المادة 47 من قانون المرافعات تنص على أن "تختص المحكمة الابتدائية بالحكم ابتدائياً في جميع الدعاوى المدنية والتجارية التي ليست من اختصاص محكمة المواد الجزئية يكون حكمها انتهائياً إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز مائتين وخمسين جنيهاً" وتنص المادة 42 من ذلك القانون على أن "تختص محكمة المواد الجزئية بالحكم ابتدائياً في الدعاوى المدنية والتجارية التي لا تجاوز قيمتها مائتين وخمسين جنيهاً" كما تنص الفقرة الأولى من المادة 219 منه على "للخصوم في غير الأحوال المستثناة بنص في القانون أن يستأنفوا أحكام محاكم الدرجة الأولى الصادرة في اختصاصها الابتدائي" وكانت المادة 223 منه تنص على أن "تقدر قيمة الدعوى فيما يتعلق بنصاب الاستئناف وفقاً لأحكام المواد من 36 إلى 41 فإن مؤدى هذه النصوص أن الأصل أن المحاكم الابتدائية إنما تختص بالحكم في الدعاوى المدنية والتجارية التي تزيد قيمتها على مائتين وخمسين جنيهاً، إلا أن المشرع استثنى من هذا الأصل بعض الدعاوى التي لا تجاوز قيمتها هذا النصاب وخص المحاكم الابتدائية بالحكم فيها، وجعل مناط استئناف الأحكام الصادرة من تلك المحاكم هو تجاوز قيمة الدعوى للنصاب الانتهائي، فيكون الحكم الذي يصدر من المحكمة الابتدائية في دعوى لا تزيد قيمتها على مائتين وخمسين جنيهاً غير قابل للاستئناف سواء كان اختصاصها بها بناء على قاعدة الاختصاص الواردة في قانون المرافعات أو بمقتضى قوانين أخرى ما لم ير المشرع الخروج على ذلك بنص خاص، ولما كانت المادة 40 من القانون رقم 52 لسنة 1969 بشأن إيجار الأماكن تقضي بأن تختص المحكمة الابتدائية بالفصل في المنازعات التي تنشأ عن تطبيقه ولم يرد به نص يجيز الطعن في الأحكام الصادرة في تلك المنازعات مهما كانت قيمتها، فإن مفاد ذلك أن المشرع جعل الطعن في هذه الأحكام خاضعاً للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون المرافعات، ولا يغير من ذلك ما ورد في تقرير اللجنة المشتركة من لجنتي الشئون التشريعية والخدمات بمجلس الأمة من أنها عدلت المادة 40 من مشروع القانون آنف الذكر على نحو يفتح باب الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في المنازعات الإيجارية الناشئة عن تطبيقه تجنباً لكثير من المتناقضات التي حفلت بها الأحكام بسبب حظر الطعن فيها، مع أن فتح باب الطعن من شأنه أن تستقر الأحكام على مبادئ موحدة ذلك أنه ليس فيما ورد بتقرير اللجنة المذكورة ما يفيد جواز الطعن في الأحكام على إطلاقه أياً كانت قيمة الدعوى، إذ أن تلك اللجنة قد اقتصرت على حذف ما كان ينص عليه مشروع القانون من نهائية الأحكام المذكورة وعدم قابليتها للطعن، وقد جاء القانون رقم 52 لسنة 1969 خالياً من نص يبيح الطعن في الأحكام الصادرة في المنازعات الخاضعة لأحكامه أياً كانت قيمتها، مما يؤكد أن المشرع قد قصد إلى إخضاع الطعن فيها للقواعد العامة في قانون المرافعات. لما كان ذلك، وكانت التشريعات الخاصة بإيجار الأماكن إذ منعت المؤجر من إخراج المستأجر من المكان المؤجر ولو بعد انتهاء مدة الإيجار وسمحت للمستأجر بالبقاء شاغلاً له ما دام موفياً بالتزاماته على النحو الذي فرضه عقد الإيجار وأحكام القانون، فإن هذه التشريعات تكون قد قيدت في شأن إيجار الأماكن الخاضعة لأحكامها نصوص القانون المدني المتعلقة بانتهاء مدة الإيجار وجعلت عقود إيجار تلك الأماكن ممتدة تلقائياً وبحكم القانون إلى مدة غير محدودة بالنسبة إلى المؤجر والمستأجر على السواء، طالما بقيت سارية تلك التشريعات الخاصة التي أملتها اعتبارات النظام العام حماية للمستأجرين وحلاً لأزمة الإسكان إلا إذا رغب المستأجر في ترك المكان المؤجر مراعياً في ذلك مواعيد التنبيه بالإخلاء، أو أخل بالتزاماته القانونية مما يحق معه للمؤجر أن يتخذ الإجراءات التي رسمها القانون لإنهاء العقد ووضع حد لامتداده لأحد الأسباب التي حددتها تلك التشريعات، على أنه فيما عدا ذلك يبقى العقد مصدر التزامات الطرفين تهيمن عليه أحكام قوانين إيجار الأماكن وما لا يتعارض معها من أحكام القانون المدني وتظل للعقد طبيعته من حيث كونه من العقود المستمرة. المدة ركن من أركانه وإن غدت غير محدودة لامتدادها بحكم القانون بعد انتهاء مدة العقد، وكان لا محل للقول بأن العقد إذا انتهت مدته يعتبر منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة استناداً إلى حكم المادة 563 من القانون المدني أو بأنه قد تجدد بشروطه الأولى تجديداً ضمنياً لهذه الفترة إعمالاً لأحكام المادتين 563، 599 من هذا القانون. ذلك لأن المادة 563 المشار إليها خاصة بالحالات التي يكون الإيجار فيها قد عقد دون اتفاق طرفيه عند إبرامه على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة، وهي حالات يكون المتعاقدان قد أغفلا فيها تحديد مدة للعقد أو عرضا للمدة ولكنهما لم يعيناها أو اتفقا على مدة معينة وتعذر على أيهما إثباتها فتدخل المشرع وفسر إرادتهما بأن حملها على أنهما قد قصدا إلى انعقاد العقد للفترة المعينة لدفع الأجرة، أما حالة انتهاء المدة في العقود الخاضعة لأحكام قوانين إيجار الأماكن فقد وضع المشرع لها حكماً مغايراً بأن فرض بنصوصه الآمرة في تلك القوانين امتداد هذه العقود إلى مدة غير محدودة دون حاجة إلى توافق إرادة المتعاقدين على ذلك مما لا محل معه للاستناد في هذا الخصوص إلى حكم المادة 563 الآنف ذكرها والتي جاءت مفسرة لإرادة المتعاقدين، كما أن المادة 599 من القانون المدني إذ نصت على أنه إذا انتهى عقد الإيجار وبقى المستأجر منتفعاً بالعين بعلم المؤجر ودون اعتراض منه اعتبر الإيجار قد تجدد بشروطه الأولى ولكن لمدة غير معينة وتسري على الإيجار إذا تجدد على هذا الوجه أحكام المادة 563، ومن ثم يعتبر إيجاراً جديداً منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة، فإنها تكون قد أفادت أن تجديد العقد إنما يتم في هذه الحالة بتوافق الإرادة الضمنية للطرفين، وبذلك لا يسري حكم هذه المادة على عقود الإيجار الخاضعة لأحكام قوانين إيجار الأماكن التي لا يتوقف امتداد مدتها على توافق إرادة الطرفين الصريحة أو الضمنية على النحو السالف بيانه، لما كان ذلك فإن عقود إيجار الأماكن المشار إليها لا تنتهي بانتهاء مدتها بل تمتد تلقائياً إلى مدة غير محدودة امتداداً تنظمه أحكام قوانين إيجار الأماكن وتضع ضوابطه وتحكم آثاره على نحو يغاير أحكام القانون المدني المتعلقة بالإيجار المنعقد لمدة غير معينة (م 563 مدني) أو الإيجار الذي يتحدد بإرادة المتعاقدين الضمنية بعد انتهاء مدته (م 599 مدني)، لما كان ما تقدم وكانت الدعوى التي يقيمها المؤجر بإخلاء العين المؤجرة هي دعوى بطلب فسخ عقد الإيجار - أي إنهائه يدور النزاع فيها حول امتداد العقد، وكانت المادة 37/ 1 من قانون الرافعات تقضي بأنه "إذا كانت الدعوى بطلب فسخ عقد مستمر كان تقدير قيمتها باعتبار المقابل النقدي عن المدة الواردة في العقد فإذا كان العقد قد نفذ في جزء منه كان التقدير باعتبار المدة الباقية، وإذا كانت الدعوى متعلقة بامتداد العقد كان التقدير باعتبار المقابل النقدي للمدة التي قام النزاع على امتداد العقد إليها" مما مفاده أنه إذا كانت المدة الباقية من العقد المستمر أو المدة التي قام النزاع على امتداد العقد إليها مدة محدودة كان المقابل النقدي لهذه المدة محدداً وتكون دعوى فسخ العقد أو امتداده مقدرة القيمة بذلك المقابل المحدد، أما إذا كانت المدة الباقية من العقد أو المدة التي قام النزاع على امتداده إليها غير محدودة فإن المقابل النقدي لهذه المدة يكون غير محدد ويكون طلب فسخ العقد أو امتداده طلباً غير قابل لتقدير قيمته وتعتبر قيمة الدعوى به زائدة على مائتين وخمسين جنيهاً طبقاً للمادة 41 من قانون المرافعات، ومن ثم يكون الحكم الصادر فيها جائزاً استئنافه، لما كان ما سلف جميعه وكان الحكم المطعون فيه قد جانب هذا النظر واعتبر أن عقد الإيجار مثار النزاع قد تجدد وفقاً لأحكام المادتين 563، 599 من القانون المدني ورتب على ذلك تقدير قيمة الدعوى بأجرة المدة التي تجدد إليها العقد وهي تقل عن مائتين وخمسين جنيهاً، وقضي على هذا الأساس بعدم جواز الاستئناف فإنه يكون بذلك قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق