بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
دائرة توحيد المبادئ
********************
بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق 1/3/2014 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / يحيى أحمد راغب دكرورى ومحمد عبد العظيم محمود سليمان و فايز شكرى حنين ود. عبد الفتاح صبرى أبو الليل ومحمد عبد الحميد عبد اللطيف إبراهيم وعبد الله إبراهيم فرج ناصف ولبيب حليم لبيب ومحمود محمد صبحى العطار وحسن كمال محمد أبو زيد شلال وأحمد عبد الحميد حسن عبود . نــواب رئيس مجلس الدولـة
بحضور السيد الأستاذ المستشار / سراج الدين عبد الحافظ عثمان نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة
************************
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 5371 لسنة 47 القضائية عليا
المقـــام مــن:
- وزير المالية ” بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب “
- رئيس مصلحة الضرائب العامة على المبيعات
ضـــــــــد:
*************
” الإجــــــــــراءات “
—————–
في يوم الخميس الموافق 1/3/2001 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائباً عن الطاعنين – قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا – تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 5371 لسنة 47 ق .ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 9/1/2001، فى الدعوى رقم 2123 لسنة 53 ق، الذى قضى فيه بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات.
وطلب الطاعنان – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأيالقانوني ارتأت فيه: الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات.
وتداول الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة فحص الطعون ومن بعدها دائرة الموضـوع)على النحو الثابت بمحاضر جلسات كل منهما، وبجلسة 9/1/2010 أحيل الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ للنظر فى العدول عن المبدأ الذى قررته المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 5903 لسنة 47 ق. ع بجلسة 26 /1/2008 والطعن رقم 8357 لسنة 47 ق. عليا بجلسة 5/7/2008 .
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه : سريان الأثر الكاشف لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 15/4/2007 فى القضية رقم 232 لسنة 26 ق. دستورية بخصوص الضريبة العامة على المبيعات المفروضة على خدمات التشغيل للغير – فى جميع الحالات التى لم يطبق بشأنها النص المقضى بعدم دستوريته ولم تحصل فيها الضريبة ، وبعدم سريان هذا الأثر الكاشف بصدد الحالات التى تم فيها تحصيل الضريبة قبل صدور ذلك الحكم ، وإعادة الطعن إلى الدائرة الخامسة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا.
وبجلسة 2/7/2011 قضت المحكمة بوقف الطعن تعليقياً لحين الفصل فى الطعن رقم 12042 لسنة 47 ق. ع (أمام هذه الدائرة) والموقوف بدوره تعليقياً لحين الفصل فى القضية رقم 162 لسنة 31 ق. دستورية المنظورة أمام المحكمة الدستورية العليا .
وعقب زوال سبب الوقف التعليقى تدوول الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 4/1/2014 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وصرحت للخصوم بمذكرات خلال شهر، وفى 12/1/2014 أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بالدفاع إلتمستفى ختامها الحكم بالطلبات الواردة بتقرير الطعن ، وقد صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
الــمحـكـمـــة
*********
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى إجراءاته الشكلية المقررة قانوناً .
ومن حيث إن عناصر المنازعة – تخلص حسبما يبين من الأوراق – فى أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 2123 لسنة 53 ق أمام محكمة القضاء الإدارى (الدائرة الرابعة) بتاريخ 28/11/1998، وطلب فى ختامها : إلغاء قرار لجنة التحكيم العالية الصادر فى 4/10/1998 فيما تضمنه من فرض ضريبة مبيعات على نشاط المدعى فى مجال المقاولات عن أشهر 9 و 12 لسنة 1997 ، و1 و2 لسنة 1998 .
وبجلسة 9/1/2001 قضت محكمة القضاء الإدارى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وشيدت المحكمة قضاءها على أسباب تخلص فى عدم خضوع نشاط المقاولات للضريبة العامة على المبيعات – المقررة بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، لأن عبارة ” خدمات التشغيل للغير ” المضافة إلى الجدول رقم (2) بقرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992 لا تشمل عقود المقاولات.
لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى جهة الإدارة ، فأقامت الطعن الماثل أمام الدائرة الخامسة بالمحكمة الإدارية العليا والتى قررت بجلسة 9/1/2010 إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ بعد أن تبين لها أن الحكمين الصادرين من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 26/1/2008 فى الطعن رقم 5903 لسنة 47 ق. ع وبجلسة 5/7/2008 فى الطعن رقم 8357 لسنة 47 ق.ع لم يطبقا الأثر الكاشف لقضاء المحكمة الدستورية العليا فى حكمها الصادر بجلسة 15/4/2007 فى القضية رقم 232 لسنة 26 ق. دستورية، بينما انتهجت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع ، ومحكمة النقض منهجاً آخر مغايراً لما انتهجته المحكمة الإدارية العليا ، وذلك على النحو التالى :
أولاً :- إتجاه المحكمة الإدارية العليا :
1- بجلسة 26 /1/2008 فى ا لطعن رقم 5903 لسنة 47 ق. ع ، كان المطروح على محكمة القضاء الإدارى دعوى بإلغاء قرار مصلحة الضرائب فيما تضمنه من إخضاع نشاط [ نقل البضائع بالسيارات ] للضريبة العامة على المبيعات ، وقضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه تأسيساً على أن عبارة “خدمات التشغيل للغير” تنصرف للخدمات الواردة بالجدول المرافق للقانون دون غيرها ، وطعنت جهة الإدارة على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا التى قضت بإلغاء ذلك الحكم وبرفض الدعوى ، وشيدت قضاءها على أسباب تخلص فى أن عدم الدستورية الوارد بمنطوق الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 15/4/2007 فى القضية رقم 232 لسنـــة 26 ق – ينصب على العبــارة فقـط ولا يتعداها إلى الخدمات الواردة بالقانون رقم 11 لسنة 2002 ، ولما كان نشاط نقل البضائع بالسيارات يندرج فى تلك الخدمات فمن ثم يخضع للضريبة بالفئة المقررة قانوناً .
2- بجلسة 5/7/2008 فى الطعن رقم 8357 لسنة 47 ق. ع كان المطروح على محكمة القضاء الإدارى دعوى بإلغاء قرار مصلحة الضرائب فيما تضمنه من إخضاع نشاط [المقاولات] للضريبة العامة على المبيعات ، وقضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه تأسيساً على أن نشاط المقاولات لم يرد بالجدول رقم (2) المرافق للقانون المذكور ، كما أنه لا يندرج فى مفهوم خدمات التشغيل للغير ، وطعنت جهة الإدارة على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا فقضت بإلغاء ذلك الحكم وبرفض الدعوى ، وشيدت قضاءها على أسباب تخلص فى أن أعمال المقاولات تندرج ضمن عبارة خدمات التشغيل للغير طبقاً للتفسير الوارد بالقانون رقم 11 لسنة 2002 .
ولم يتعرض الحكمان المشار إليهما للأثر الكاشف لحكم المحكمة الدستورية العليا سالف البيان اكتفاء بأنه قضى بعدم دستورية الأثر الرجعى للقانون رقم 11 لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات، وبأن المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا بعد تعديلها بالقانون رقم 168 لسنة 1998 قصرت الأثر الرجعى بالنسبة للنصوص الضريبية على من صدر الحكم لصالحه دون غيره .
ثانياً : اتجاه محكمة النقض والجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع .
اتجهت محكمة النقض فى أحكام عديدة منها: حكمها بجلسة 12/2/2009 فى الطعن رقم 204 لسنة 70 ق ، وجلسة 26/2/2009 فى الطعن رقم 1853 لسنة 67 ق ، وجلسة 23/4/2009 فى الطعن رقم 1077 لسنة 68 ق إلى إعمال الأثر الكاشف لحكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه ، والقضاء بالأحقية فى المبالغ التى تم تحصيلها على ذمة ضريبة المبيعات المفروضة على عقود المقاولات فى الطعن الأول وعلى نشاط النقل بالسيارات فى الطعنين الثانى والثالث ، وسارت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع على نفس النهج بفتواها الصادرة بتاريخ 12/7/2007 بالملف رقم 37/2/650 .
ومن حيث إن الطعن الماثل يثير البحث فىمسألتين :
الأولى : الاختصاص الولائى بنظر المنازعات المتعلقة بالضريبة العامة على المبيعات.
والثانية : حدود الأثر الكاشف لحكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 15/4/2007 فى القضية رقم 232 لسنة 26 ق . دستورية .
ومن حيث إنه عن الاختصاص الولائى بنظر المنازعات المتعلقة بالضريبة العامة على المبيعات .
فإن المادة 17 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 – معدلاً بالقانون رقم 9 لسنة 2005 نصت فى فقرتها الأخيرة على أن”… وللمسجل الطعن فى تقدير المصلحة أمام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صيرورته نهائياً “، ونصت الفقرة السادسة من المادة (35) من القانون المذكور على أن ” ….. وفى جميع الأحوال يحق لصاحب الشأن الطعن على القرار الصادر من لجنة التظلمات أمام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإخطار “.
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 7/4/2013 فى القضية رقم 162 لسنة 31 ق – بعدم دستورية نصى الفقرتين المشار إليهما ، تأسيساً على أن المشرع الدستورى بدءا من دستور 1971 حرص على دعم مجلس الدولة الذى الصبح منذ استحداثه نص المادة (172) منه – جهة قضائية قائمة بذاتها محصنة ضد أى عدوان عليها أو على اختصاصها المقرر دستورياً – يقع عن طريق المشرع العادى ، وهو ما أكده الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 30/3/2011 الذى أورد ذات الحكم فى المادة (48) منه والمادة (174) من الدستور الحالى الصادر بتاريخ 25/12/2012 التى تنص على أن ” مجلس الدولة جهة قضاء مستقلة ، يختص دون غيره من جهات القضاء بالفصل فى كافة المنازعات الإدارية …..” ولم يقف دعم المشرع الدستورى لمجلس الدولة عند هذا الحد ، بل جاوزه إلى إلغاء القيود التى كانت تقف حائلاً بينه وبين ممارسته لاختصاصه ، فاستحدث بالمادة (68) من دستور سنة 1971 نصاً يقضى بأن التقاضى حق مكفول للناس كافة ، وأن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى ، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل فى القضايا ، ويحظر النص على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء ، وقد سار الدستور الحالى على ذات النهج فردد فى المادة(75 ) منه الأحكام ذاتها ، كما حظر فيها بنص صريح إنشاء المحاكم الاستثنائية، وبذلك سقطت جميع النصوص القانونية التى كانت تحظر الطعن فى القرارات الإدارية ، وأزيلت جميع العوائق التى كانت تحول بين المواطنين والالتجاء إلى مجلس الدولة بوصفه القاضى الطبيعى للمنازعات الإدارية وإذا كان المشرع الدستورى بنصه على أن ” لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى ” قد دل على أن هذا الحق فى أصل شرعته هو حق للناس كافة تتكافأ فيه مراكزهم القانونية فى سعيهم لرد العدوان على حقوقهم ، وقائماً على مصالحهم الذاتية ، وأن الناس جميعاً لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم فى النفاذ إلى قاضيهم الطبيعى ، ولا فى نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التى تحكم الخصومة القضائية ، ولا فى مجال التداعى بشأن الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها ، إذ ينبغى دائماً أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة سواء فى مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن فى الأحكام التى تصدر فيها ، وكان مجلس الدولة قد غدا فى ضوء الأحكام المتقدمة قاضى القانون العام ، وصاحب الولاية العامة دون غيره من جهات القضاء بالفصل فى كافة المنازعات الإدارية إلا ما يتعلق منها بشئون أعضاء الجهات القضائية المستقلة الأخرى التى ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لتلك الجهات ، سواء ورد النص على ذلك صراحة فى الدستور أو تركه للقانون ، كذلك يخرج عن نطاق الولاية العامة لمجلس الدولة الفصل فى كافة المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات الصادرة فى شأن ضباط وأفراد القوات المسلحة ، فينعقد الاختصاص بها للجان القضائية الخاصة بهم طبقاً لنص المادة (196 ) من الدستور الحالى .
ومن حيث إنه من المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الأصل فى الضريبة العامة أنها فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً بما لها من ولاية على إقليمها لتنمية مواردها ، باعتبار أن حصيلتها تعد إيراداً عاماً يؤول إلى الخزانة العامة ليندمج مع غيره من الموارد التى يتم تدبيرها لتشكل جميعها نهراً واحداً لإيراداتها الكلية ، وأن نص القانون هو الذى ينظم رابطتها محيطاً بها ، مبيناً حدود العلاقة بين الملتزم بها من ناحية وبين الدولة التىتفرضها من ناحية أخرى سواء فى مجال تحديد الأشخاص الخاضعين لها أو الأموال التى تسرى عليها ، وشروط سريانها وسعر الضريبة وكيفية تحديد وعائها وقواعد تحصيلها ، وأحوال الإعفاء منها والجزاء على مخالفة أحكامها.
ومن حيث إنه متى كان ذلك ، وكان قانون الضريبة إذ يصدر على هذا النحو فإنه ينظم رابطتها تنظيماً شاملاً يدخل فى مجال القانون العام ، ويبرز ما للخزانة العامة من حقوق قبل الممول ، وامتيازاتها عند مباشرتها وبوجه خاص فى مجال توكيده حق الإدارة المالية فى المبادأة بتنفيذ دين الضريبة على الممول ، وتأثيم محاولة التخلص منه ، وإذ كان حق الخزانة العامة فى جباية الضريبة يقابله حق الممول فى فرضها وتحصيلها على أسس عادلة ، إلا أن المحقق إن الالتزام بالضريبة ليس التزاماً تعاقدياً ناشئاً عن التعبير المتبادل عن إرادتين متطابقتين ، بل مرد هذا الالتزام إلى نص القانون وحده ، فهو مصدره المباشر، وإذ تتدخل الدولة لتقرير الضريبة وتحصيلها فليس باعتبارها طرفاً فى رابطة تعاقدية أيا كان مضمونها ، ولكنها تفرض فى إطار من قواعد القانون العام . الأسس الكاملة لعلاقة قانونية ضريبية لا يجوز التبديل أو التعديل فيها أو الاتفاق على خلافها .
ومن حيث إن المشرع قد أقر بالطبيعة الإدارية للطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب والرسوم بدءاً من القانون رقم 165 لسنة 1955 فى شأن تنظيم مجلس الدولة – الذى أسند بنص البند سابعاً من المادة (8) منه لمجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى الاختصاص بالفصل فى تلك المنازعات ، وقد أوضحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن الاختصاص بنظر هذه الطعون تقرر لمجلس الدولة باعتبار أنها ذات طبيعة إدارية بحتة ، وقد جرى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة على النهج ذاته، فنص فى البند سابعاً من مادته رقم (8) على الحكم ذاته ، وأكدت هذا الاختصاص المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة –التى عقدت فى البند السادس منها الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى الطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب والرسوم وفقاً للقانون الذى ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة .
ومن حيث إنه متى كان ذلك، وكان المرجع فى تحديد بنيان الضريبة العامة على المبيعات، وعناصرها ومقوماتها وأوضاعها وأحكامها المختلفة بما فى ذلك السلع والخـدمات الخاضعة للضريبة ، والمكلفين بها والملتزمين بعبئها وقيمة الضريبة المستحقة ومدى الخضوع لها والإعفاء منها إلى قانون هذه الضريبة ، وإلى القرار الصادر من الجهة الإدارية المختصة تنفيذاً لأحكامه ، فإن المنازعة فى هذا القرار تعد منازعة إدارية بحسب طبيعتها ، وتندرج ضمن الاختصاص المحدد لمحاكم مجلس الدولة طبقاً لنص المادة (174) من الدستور الحالى الصادر فى 25/12/2012 .
ومن حيث إنه بناء على حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه فإن المنازعة الماثلة تدخل فى نطاق الاختصاص الولائى لمجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى ، ويكون الطعن على الأحكام الصادرة فيها من اختصاص المحكمة الإدارية العليا .
ومن حيث إنه عن الأثر الكاشف للحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 15/4/2007 فى القضية رقم 232 لسنة 26 ق. دستورية.
فإن المادة (49) من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا – المعدلة بالقانون رقم 168 لسنة 1998 ، تنص على أن ” أحكام المحكمة فى الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة .
وتنشر الأحكام والقرارات المشار إليها فى الفقرة السابقة فى الجريدة الرسمية وبغير مصروفات خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ صدورها . ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة – عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر ، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبى لا يكون له فى جميع الأحوال إلا أثر مباشر ، وذلك دون إخلال باستفادة المدعى من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص …..”
ومن حيث إن المستقر عليه أن الأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية تحوز حجية مطلقة ، وتعتبر قولاً فصلاً لا يقبل تعقيباً أو تأويلاً من أية جهة ، ولا تقتصر حجيتها على أطراف الدعوى الدستورية بل تمتد إلى الكافة ، ولجميع سلطات الدولة بفروعها وتنظيماتها المختلفة بما فيها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ، ومن ثم فإن محكمة الموضوع هىالتى تتولى دون غيرها إعمال آثار الأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية وتحديد نطاقها ومدى سريانها بأثر رجعى فى الحدود الواردة بنص المادة (49) من القانون رقم 48 لسنة 1979 المشار إليه .
ومن حيث إن الأصل أن القضاء بعدم دستورية نص تشريعى هو حكم كاشف لما لحق النص من عوار دستورى ، ويؤدى إلى زوال النص منذ بدء العمل به ، ويستثنى من ذلك : الحكم بعدم دستورية نص ضريبى فلا يكون له إلا أثر مباشر ، وقد كشفت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 168 لسنة 1998 الذى أتى بهذا التعديل التشريعى على نص المادة (49) من القانون رقم 48 لسنة 1979 المشار إليه – عن العلة من هذا الاستثناء وهى أن إبطال المحكمة نصاً ضريبياً بأثر رجعى يؤدى إلى رد حصيلتها إلى الذين دفعوها –فى الوقت الذى تكون فيه الدولة قد أنفقت تلك الحصيلة فى تغطية أعبائها مما يعجزها عن مواصلة تنفيذ خطتها فى مجال التنمية ، ويعوقها عن تطوير أوضاع مجتمعها ، بل إنه قد يحملها على فرض ضرائب جديدة لسد العجز فى موازنتها ، الأمر الذى يرتب آثاراً خطيرة تنعكس سلباً على المجتمع ويؤدى إلى اضطراب موازنة الدولة فلا تستقر مواردها على حال.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم فإن الأثر المباشر للحكم بعدم دستورية نص ضريبى هو استثناء على الأصل المقرر وهو رجعية الحكم بعدم دستورية نص تشريعى ، وهذا الاستثناء يقدر بقدره فلا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه .
ومن حيث إن المادة (2) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 تنص على أن ” تفرض الضريبة العامة على المبيعات على السلع المصنعة المحلية والمستوردة إلا ما استثنى بنص خاص ، وتفرض الضريبة على الخدمات الواردة بالجدول رقم (2) المرافق لهذا القانون…”.
ومن بين الخدمات المنصوص عليها بالجدول : ” خدمات التشغيل للغير ” .
ومن حيث إن القانون رقم 11 لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات – نص فى مادته الأولى على أن ” تفسر عبارة ” خدمات التشغيل للغير” الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، بأنها: الخدمات التى تؤدى للغير باستخدام أصول أو معدات مورد الخدمة المملوكة له أو للغير ويتم تشغيلها بمعرفة مورد الخدمة أو قوة العمل التابعة له أو تحت إشرافه ، وهى جميع أعمال التصنيع بما فى ذلك تشغيل المعادن وأعمال تغيير حجم أو شكل أو طبيعة أو مكونات المواد ، وأعمال تأجير واستغلال الآلات والمعدات والأجهزة ، وأعمال مقاولات التشييد والبناء ، وإنشاء وإدارة البنية الأساسية وشبكات المعلومات ، وخدمات نقل البضائع والمواد ، وأعمال الشحن والتفريغ والتحميل والتستيف والتعتيق والوزن ، وخدمات التخزين ، وخدمات الحفظ بالتبريد وخدمات الإصلاح والصيانة وضمان ما بعد البيع ، وخدمات التركيب ، وخدمات إنتاج وإعداد مواد الدعاية والإعلان ، وخدمات استغلال الأماكن المجهزة “.
ومن حيث إن القانون رقم 11 لسنة 2002 المشار إليه تضمن فى صدر مادته الثانية أثراً رجعياً ، وأحيلت المنازعة فى شأنه إلى المحكمة الدستورية العليا التى قضت بجلسة 15/4/2007 فى القضية رقم 232 لسنة 29 ق. ع بما يلى : أولاً : عدم دستورية عبارة خدمات التشغيل للغير الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997 . ثانياً : عدم دستورية صدر المادة (2) من القانون رقم 11 لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 الذى ينص على أنه ” مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون “.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه بالنسبة لما جاء بمنطوق الحكم بعدم دستورية عبارة ” خدمات التشغيل للغير ” فإن عدم الدستورية ينصب على هذه العبارة وحدها ولا يتعداها إلى الخدمات ذاتها الواردة بالقانون رقم 11 لسنة 2002 ومنها أعمال مقاولات التشييد والبناء ( محلالتداعى بالطعن الماثل ) ، ومفاد ذلك أن أعمال مقاولات التشييد والبناء تخضع للضريبة العامة على المبيعات .
ومن حيث إنه ليس ثمة مانع من أن تفصل دائرة توحيد المبادئ فى الطعن بكافة أشطاره متى كان صالحاً للفصل فيه، وذلك إعمالاً لمبدأ الاقتصاد فى إجراءات الخصومة الذى يهدف إلى تحقيق العدالة الناجزة .
“الحكم الصادر من هذه الدائرة بجلسة 21/4/1991 فى الطعن رقم 2382 لسنة 32 ق.ع ”
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده ينازع جهة الإدارة فى ضريبة المبيعات التى تم تحصيلها منه عن نشاطه فى أعمال المقاولات عن شهرى 9، 12 لسنة 1997 و1 و 2 لسنة 1998 ، لما كان ذلك ، وكان حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 15/4/2007 فى القضية رقم 232 لسنة 26 ق المشار إليه – لا يسرى بأثر رجعى ، ومن ثم يكون تحصيل تلك الضريبة من المطعون ضده متفقاً وصحيح حكم الواقع والقانون وتكون دعوى المطعون ضده غير قائمة على سند من القانون حرية بالرفض ، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ما تقدم فإنه يكون مخالفاً للقانون مستوجباً الإلغاء .
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بنص المادة (270) من قانون المرافعات.
” فلهـــذه الأسبـــــاب “
**********
حكمت المحكمة:أولاً : باختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر المنازعات المتعلقة بالضريبة العامة على المبيعات . ثانياً: بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتيالتقاضي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق