برئاسة السيد المستشار/ ريمون فهيم اسكندر نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ عبد الناصر السباعي، محمد إسماعيل غزالي، سيد قايد نواب رئيس
المحكمة وعبد الله فهيم.
-----------
إيجار "إيجار الأماكن". قانون "نطاق تطبيقه".
تشريعات إيجار الأماكن . سريانها على الأماكن وأجزاء الأماكن التي هدف
المشرع حماية المستأجرين لها . المقصود بالمكان . كل حيز مغلق بحيث يكون حرزا .
عدم توافر هذا الوصف في مسطح حائط في عقار . اثره . عدم خضوعه لأحكام التشريع الاستثنائي
. علة ذلك .
المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة الأولى من القوانين
أرقام 121 لسنة 1947 ، 52 لسنة 1969 ، 49 لسنة 1977 يدل وإن اختلفت صياغتها - على
أن تشريعات إيجار الأماكن لا تسري إلا على الأماكن وأجزاء الأماكن التي توجد
بشأنها علاقة إيجارية تستند إلى عقد صحيح ولما كانت هذه التشريعات هي من القوانين الاستثنائية
التي تسري في نطاق الأغراض التي وضعت لها فيجب تفسيرها في أضيق الحدود دون ما توسع
في التفسير أو القياس ويكون التصرف على الحكم الصحيح من النص بتقصي الغرض الذي رمى
إليه والقصد الذي أملاه، وكانت قد نشأت في ظل استحكام أزمة المساكن في أعقاب الحرب
العالمية الثانية وصعوبة الحصول على مسكن مما حدا بالمشرع للتدخل لوضع قيود وضوابط
معينه في تأجير الأماكن خروجا على الأصل العام بقصد منع استغلال المؤجرين
للمستأجرين، فإن مؤدى ذلك عدم تطبيق تلك التشريعات إلا على الأماكن وأجزاء الأماكن
التي هدف المشرع حماية المستأجرين لها والتي يقصد بها في هذا النطاق كل حيز مغلق
بحيث يكون حرزا وهو وصف لا يتوافر بالنسبة لمسطح حائط في عقار باعتبار إنه على هذا
النحو غير مغلق ومبسوط للكافة ومن ثم فإنه لا يخضع لأحكام التشريع الاستثنائي بشأن
إيجار الأماكن لانعدام العلة التي توخاها المشرع وقررها بتلك النصوص هذا فضلا عن
أن طبيعة الحائط الذي يؤجر تتأبى مع الكثير من القواعد الاستثنائية التي تضمنتها
هذه القوانين ولا تتسق مع ما أوردته من أحكام من أبرزها ما ورد بالقانون رقم 46
لسنة 1962 ومن بعده القانون رقم 52 لسنة 1969 ثم القانون رقم 49 لسنة 1977 من
قواعد بشأن تقدير القيمة الإيجارية للأماكن وجعلها تقوم على العنصرين هما نسبة
محدده من كل قيمة الأرض وتكاليف البناء بما يقابل صافي استثمار العقار ومقابل رأس
المال ومصروفات الإصلاح والصيانة موزعة على وحدات العقار، وأيضا ما نصت عليه
المادتان 33، 36 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن التزام شاغلي الأماكن المؤجرة
بقيمة استهلاك المياه وكيفية احتسابها وتوزيعها على وحدات العقار وغرف الخدمات
والمنافع المشتركة وغيرها من الأماكن التي تمارس فيها أنشطة غير سكنية وما نصت
عليه المادتان 40، 44 في شأن الحالات التي تجوز فيها للمستأجر أن يؤجر المكان
المؤجر له مفروشا أو خاليا.
---------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 4505 لسنة 1984 أمام
محكمة جنوب القاهرة الابتدائية طالبا الحكم بإنهاء العلاقة الإيجارية التي تربطه
بالأخير، وإزالة ما قد يكون على العين المؤجرة من مبان أو غراس أو تخاشيب أو خلافه
وتسليمها إليه خالية خلال شهرين من تاريخ إعلان الحكم، وقال بيانا لدعواه أنه
بموجب عقد مؤرخ 10/11/1976 يستأجر منه المطعون ضده مساحة أرض فضاء على حائط
المبينة بالصحيفة، وإذ كانت العين المؤجرة لا تخضع لتشريعات إيجار الأماكن فقد
أنذره بإنهاء العقد والإخلاء، وإذ لم يمتثل فقد أقام الدعوى، حكمت المحكمة برفض
الدعوى، استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم 4994 لسنة 104 ق القاهرة،
وبتاريخ 13/12/1989 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم
بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ
عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة
رأيها.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون
فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن الثابت من عقد إيجار العين محل
النزاع أن محله أرض فضاء على حائط مما لا تعتبر مكانا تسري عليه تشريعات إيجار
الأماكن وإذ أقام الحكم المطعون فيه - قضاءه تأسيسا على أن العين مكان مما تسري
عليه التشريعات سالفة الذكر دون القواعد العامة فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن
النص في المادة الأولى من القانون رقم 121 لسنة 1947 بعد تعديلها بالقرار بقانون
رقم 157 لسنة 1962 على أن "تسري أحكام هذا القانون - فيما عدا الأراضي الفضاء
- على الأماكن وأجزاء الأماكن على اختلاف أنواعها المؤجرة للسكنى أو لغير ذلك من
الأغراض سواء كانت مفروشة أو غير مفروشة" وفي المادة الأولى من القانون رقم
52 لسنة 1969 والمادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 المقابلتين لها على أنه
"فيما عدا الأراضي الفضاء تسري أحكام هذا الباب (الباب الأول في شأن إيجار
الأماكن) على الأماكن وأجزاء الأماكن على اختلاف أنواعها المعدة للسكنى أو لغير
ذلك من الأغراض سواء كانت مفروشة أو غير مفروشة" يدل - وأن اختلفت صياغتها -
على أن تشريعات إيجار الأماكن لا تسري إلا على الأماكن وأجزاء الأماكن التي توجد
بشأنها علاقة إيجارية تستند إلى عقد صحيح، ولما كانت هذه التشريعات هي من القوانين
الاستثنائية التي تسري في نطاق الأغراض التي وضعت لها، فيجب تفسيرها في أضيق
الحدود دون ما توسع في التفسير أو القياس، ويكون التعرف على الحكم الصحيح من النص
بتقصي الغرض الذي رمى إليه، والقصد الذي أملاه، وكانت قد نشأت في ظل استحكام أزمة
المساكن في أعقاب الحرب العالمية الثانية وصعوبة الحصول على مسكن، مما حدا بالمشرع
للتدخل لوضع قيود وضوابط معينة في تأجير الأماكن خروجا على الأصل العام بقصد منع
استغلال المؤجرين للمستأجرين، فإن مؤدى ذلك عدم تطبيق تلك التشريعات إلا على
الأماكن وأجزاء الأماكن التي هدف المشرع حماية المستأجرين لها، والتي يقصد بها في
هذا النطاق كل حيز مغلق بحيث يكون حرزا، وهو وصف لا يتوافر بالنسبة لمسطح حائط في
عقار، باعتبار أنه على هذا النحو غير مغلق ومبسوط للكافة ومن ثم فإنه لا يخضع
لأحكام التشريع الاستثنائي بشأن إيجار الأماكن لانعدام العلة التي توخاها المشرع
وقررها بتلك النصوص، هذا فضلا عن أن طبيعة الحائط الذي يؤجر تتأبى مع الكثير من
القواعد الاستثنائية التي تضمنتها هذه القوانين ولا تتسق مع ما أوردته من أحكام من
أبرزها ما ورد بالقانون رقم 46 لسنة 1962 ومن بعده القانون رقم 52 لسنة 1969 ثم
القانون رقم 49 لسنة 1977 من قواعد بشأن تقدير القيمة الإيجارية للأماكن وجعلها
تقوم على عنصرين هما نسبة محددة من كل من الأرض وتكاليف البناء بما يقابل صافي
استثمار العقار ومقابل رأس المال ومصروفات الإصلاح والصيانة موزعة على وحدات
العقار، أيضا ما نصت عليه المادتان 33، 36 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن
التزام شاغلي الأماكن المؤجرة بقيمة استهلاك المياه وكيفية احتسابها وتوزيعها على
وحدات العقار وغرف الخدمات والمنافع المشتركة وغيرها من الأماكن التي تمارس فيها
أنشطة غير سكنية وما نصت عليه المادتان 40، 44 في شأن الحالات التي يجوز فيها
للمستأجر أن يؤجر المكان المؤجر له مفروشا أو خاليا، لما كان ذلك وكان البين من
الأوراق المطعون ضده قد استأجر من الطاعن بصفته بموجب العقد المؤرخ 10/11/1979
قطعة أرض فضاء على حائط مسطحها ستة أمتار مبينة بهذا العقد، وكانت العين محل هذا
التعاقد بوصفها هذا وطبيعتها تنأى عن الأماكن التي تخضع للقواعد الاستثنائية التي
أوردها قانون إيجار الأماكن ومنها قواعد الامتداد القانوني لعقد الإيجار على نحو
ما سلف وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دعوى الطاعن بصفته بإنهاء
العلاقة الإيجارية استنادا إلى أن العقد سندها يرد على مكان مما يخضع لتشريعات
إيجار الأماكن الاستثنائية دون القواعد العامة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون
بما يوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق