جلسة 28 من فبراير سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سمير أنيس وفتحي الصباغ والبشري الشوربجي وسمير مصطفي نواب رئيس المحكمة.
--------------
(33)
الطعن رقم 11551 لسنة 63 القضائية
(1) تبديد. حجز إداري. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره".
مناط العقاب في جريمة تبديد المحجوزات. رهن بتوافر أركانها. الركن المفترض فيها الحجز قضائياً أو إدارياً. شرط صحته؟
(2) تبديد. محكمة دستورية. حجز إداري. قانون "القانون الأصلح" "تطبيقه".
القضاء بعدم دستورية البند "ط" من المادة الأولى من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري. فيما تضمنه من جواز إتباع إجراءات الحجز الإداري التي بيَّنها هذا القانون لاستيفاء المبالغ التي تستحقها البنوك التي تساهم الحكومة في رؤوس أموالها فيما يزيد على نصفها. أثره: اعتبار الواقعة غير مؤثمة. أساس ذلك؟
(3) دستور قانون "سريانه" "تطبيقه" "تفسيره".
سريان أحكام القوانين على من يقع من تاريخ العمل بها. دون ترتيب أثر على ما وقع قبلها. المادتان 66، 187 من الدستور.
العقاب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها. أساس ذلك وأثره؟
(4) قانون "القانون الأصلح".
القانون الأصلح للمتهم. ماهيته. ومؤداه؟
(5) محكمة دستورية. قانون. "تطبيقه". محكمة النقض "سلطتها". نقض "نظر الطعن والحكم فيه". تبديد.
الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة. مقتضاه عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم.
تعلق الحكم بعدم الدستورية بنص جنائي. أثره: اعتبار الحكم الصادر بالإدانة استناداً إلى نص كان لم يكن.
لمحكمة النقض نقض الحكم من تلقاء نفسها في هذه الحالة والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن. المادة 39 من القانون 51 لسنة 1959.
2 - لما كان قد صدر من بعد حكم المحكمة الدستورية بتاريخ 9/ 5/ 1998 في القضية رقم 41 لسنة 19 ق دستورية قاضياً بعدم دستورية البند "ط" من المادة الأولى من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري وذلك فيما تضمنه من جواز إتباع إجراءات الحجز الإداري التي بيَّنها هذا القانون لاستيفاء المبالغ التي تستحقها البنوك التي تساهم الحكومة في رؤوس أموالها فيما يزيد على نصفها. وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 21/ 5/ 1998 بما يعني أن الحكم المذكور قد حسر الشرعية الدستورية عن الفقرة سالفة الذكر ويعد بمثابة تشريع ناسخ لحق البنوك المشار إليها في اتخاذ إجراءات الحجز الإداري وهو ما كانت تنص عليه الفقرة "ط" من المادة الأولى المشار إليها، والذي يشكل الركن المفترض في جريمة التبديد التي عوقب الطاعن عنها، الأمر الذي يُخرج الواقعة المنسوبة إليه من نطاق التجريم.
3 - لما كان الأصل عملاً بالمادتين 66 و187 من الدستور، والفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون العقوبات أن لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، وأن مبدأ عدم جواز رجعية الأحكام الموضوعية لنصوص القوانين الجنائية مستمد من قاعدة شرعية الجريمة والعقاب التي تستلزم أن تقتصر على عقاب الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها، فإنه يخرج عن هذا النطاق القانون الأصلح للمتهم وهو ما قننته الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات.
4 - من المقرر أن القانون الأصلح للمتهم هو الذي ينشئ له من الناحية الموضوعية لا الإجرائية مركزاً أو وضعاً يكون أصلح له من القانون القديم بأن يلغى الجريمة المسندة إليه أو بعض عقوباتها أو يخفضها أو يقرر وجهاً للإعفاء من المسئولية الجنائية أو يلغي ركناً من أركان الجريمة، فيكون من المتهم في هذه الحالات واستمداداً من دلالة تغيير سياسة التجريم والعقاب إلى التخفيف أن يستفيد لصالحه من تلك النصوص الجديدة من تاريخ صدورها.
5 - لما كانت المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - التي تحكم الواقعة - قبل تعديلها بالقانون 168 لسنة 1998 تنص على أن (أحكام المحكمة الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة، و يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم، فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن). ومفاد ذلك تطبيق قضاء المحكمة الدستورية آنف الذكر على الدعوى الراهنة ما دام لم يفصل فيها بحكم بات، ومن ثم تقضى المحكمة من تلقاء نفسها بنقض الحكم المطعون فيه وبإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن مما أسند إليه وذلك عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه بدد المنقولات المبينة بالأوراق والمملوكة له والمحجوز عليها إدارياً لصالح بنك التنمية والائتمان الزراعي والمسلمة إليه على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها في اليوم المحدد للبيع فاختلسها لنفسه إضراراً بالجهة الحاجزة. وطلبت عقابه بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح جرجا قضت غيابياً بحبسه سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه لإيقاف التنفيذ. عارض وقضي بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. استأنف ومحكمة سوهاج الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضي بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
المحكمة
من حيث إن البين من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على الطاعن بأنه بدد منقولاته المحجوز عليها إدارياً لصالح بنك التنمية والائتمان الزراعي فرع..... وطلبت عقابه بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات، ومحكمة أول درجة قضت حضورياً بحبسه سنة مع الشغل. فاستأنف والمحكمة الاستئنافية قضت بتأييد الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكانت المادة 342 من قانون العقوبات - التي دين الطاعن بها - قد نصت على أن (يحكم بالعقوبات السابقة على المالك المعين حارساً على أشيائه المحجوز عليها قضائياً أو إدارياً إذا اختلس شيئاً منها) ومفاد ذلك أن مناط العقاب في جريمة تبديد المحجوزات رهن بتوافر أركانها ومنها "الركن المفترض" وهو الحجز سواء كان قضائياً أو إدارياًً، ويشترط لصحة هذا الركن - حتى تقوم جريمة التبديد قانوناً - أن يكون القانون قد منح الجهة الحاجزة الحق في استيفاء مستحقاتها بطريق الحجز الإداري. فإذا تخلف ذلك، فإن شرط قيام جريمة التبديد يكون غير قائم، وبالتالي يكون الحكم بالإدانة غير سديد لعدم اكتمال البيان القانوني للجريمة. لما كان ذلك, وكان قد صدر من بعد حكم المحكمة الدستورية بتاريخ 9/ 5/ 1998 في القضية رقم 41 لسنة 19 ق دستورية قاضياً بعدم دستورية البند "ط" من المادة الأولى من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري وذلك فيما تضمنه من جواز إتباع إجراءات الحجز الإداري التي بيَّنها هذا القانون لاستيفاء المبالغ التي تستحقها البنوك التي تساهم الحكومة في رؤوس أموالها فيما يزيد على نصفها، وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 21/ 5/ 1998 بما يعني أن الحكم المذكور قد حسر الشرعية الدستورية عن الفقرة سالفة الذكر ويعد بمثابة تشريع ناسخ لحق البنوك المشار إليها في اتخاذ إجراءات الحجز الإداري وهو ما كانت تنص عليه الفقرة "ط" من المادة الأولى المشار إليها، والذي يشكل الركن المفترض في جريمة التبديد التي عوقب الطاعن عنها، الأمر الذي يُخرج الواقعة المنسوبة إليه من نطاق التجريم. لما كان ذلك, وكان الأصل عملاً بالمادتين 66 و187 من الدستور، والفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون العقوبات أن لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، وأن مبدأ عدم جواز رجعية الأحكام الموضوعية لنصوص القوانين الجنائية مستمد من قاعدة شرعية الجريمة والعقاب التي تستلزم أن تقتصر على عقاب الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها، فإنه يخرج عن هذا النطاق القانون الأصلح للمتهم وهو ما قننته الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن القانون الأصلح للمتهم هو الذي ينشئ له من الناحية الموضوعية لا الإجرائية مركزاً أو وضعاً يكون أصلح له من القانون القديم بان يلغي الجريمة المسندة إليه أو بعض عقوباتها أو يخفضها أو يقرر وجهاً للإعفاء من المسئولية الجنائية أو يلغي ركناً من أركان الجريمة، فيكون من المتهم في هذه الحالات واستمداداً من دلالة تغيير سياسة التجريم والعقاب إلى التخفيف أن يستفيد لصالحه من تلك النصوص الجديدة من تاريخ صدورها. لما كان ذلك, وكانت المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979- التي تحكم الواقعة - قبل تعديلها بالقانون 168 لسنة 1998 تنص على أن (أحكام المحكمة الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة، ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم، فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن). ومفاد ذلك تطبيق قضاء المحكمة الدستورية آنف الذكر على الدعوى الراهنة ما دام لم يفصل فيها بحكم بات، ومن ثم تقضى المحكمة من تلقاء نفسها بنقض الحكم المطعون فيه وبإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن مما أسند إليه وذلك عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ودون حاجة إلى النظر فيما يثيره الطاعن بأسباب طعنه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق