الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 25 يناير 2015

الطعن 23432 لسنة 66 ق جلسة 16 / 3 / 2006 مكتب فني 57 رقم 46 ص 406

جلسة 16 من مارس سنة 2006
برئاسة السيد المستشار / صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / نير عثمان ، محمود مسعود شرف ، حمد عبد اللطيف ونجاح موسي نواب رئيس المحكمة .
--------------
(46)
الطعن 23432 لسنة 66 ق
 (1) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود" . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى . غير جائز أمام محكمة النقض .
(2) إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي من كافة عناصر الدعوى المطروحة .
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(3) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
فوات فترة زمنية بين تقرير طبي وآخر عن ذات الإصابة . يستتبع عدم تطابق النتيجة في كل منهما . مؤدى ذلك ؟
تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء . موضوعي . مصادرة المحكمة في تقديرها . غير مقبول .
مثال .
(4) إثبات " اعتراف " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . إكراه .
تقدير صحة الإقرار القضائي أو الغير قضائي وقيمته في الإثبات . موضوعي .
لمحكمة الموضوع الأخذ بإقرار المتهم في حق نفسه وغيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك .
مثال .
(5) إثبات " اعتراف " " خبرة " " شهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تطابق اعترافات المتهمين ومضمون الدليل الفني على الحقيقة المراد إثباتها . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملائمة والتوفيق .
إيراد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني . غير لازم . ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع .
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها . استفادة الرد من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم .
إيراد الحكم الدليل القولي بما لا تناقض فيه مع ما نقله من الدليل الفني ويتلاءم معه . مؤداه : خلوه من دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني والفساد في الاستدلال .
(6) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير مقبول .
مثال .
 (7) إثبات " بوجه عام " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منه " .
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة . كفاية أن يكون الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
تجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلي مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة . غير مقبول أمام محكمة النقض .
(8) هتك عرض . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " المصلحة في الطعن " . عقوبة " العقوبة المبررة " .
النعي على الحكم بالقصور في استظهار سن المجني عليه وأنه ليس من المتولين تربيته أو له سلطة عليه . لا مصلحة فيه . ما دامت العقوبة المقضي بها مقررة في القانون مع عدم توافر أي من الظروف المشددة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم والتعويل على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعنان في شأن القوة التدليلية لأقوال المجني عليه ووالدته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى لا يجوز أمام محكمة النقض .
2 - من المقرر أن العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي من كافة عناصر الدعوى المطروحة أمامه فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر ، وكان من المقرر في أصول الاستدلالات أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، فإنه لا محل لما ينعاه الطاعنان من تناقض أقوال المجني عليه ووالدته مع ما ورد بتقرير الطب الشرعي أو إغفال الحكم لهذا التقرير ما دام أن ما أورده الحكم من أقوال هذين الشاهدين وما ثبت من التقرير الطبي الابتدائي وتقرير التحليل بمعامل الطب الشرعي والتي عول عليها في قضائه بالإدانة كافياً وسائغاً في إثبات توافر جريمة هتك العرض بأركانها في حق الطاعنين ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
3 - من المقرر أن فوات فترة زمنية بين تقرير طبي وآخر عن إصابة بعينها يستتبع حتماً عدم تطابق النتيجة التي يخلص إليها كل منهما ، ذلك بأن المدى الزمنى يسمح بتغيير الإصابة وحدوث تفاوت فيها ومن ثم فلا تناقض بين الدليلين الفنيين المطروحين والمتوالين زمنياً إذا ما أثبت أولهما وجود إصابات بالمجني عليه وأثبت ثانيهما عدم وجود آثار إصابية وقت توقيع الكشف الطبي وأن ذلك لا ينفي وقوع الفعل في التاريخ المدعي به دون أن يترك أثراً إصابياً باقياً نظراً لمضي فترة زمنية بينهما بما يسمح بتغيير معالم الإصابة وتطورها ، وكانت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية قد عولت في قضائها بالإدانة على ما تضمنه التقرير الطبي الابتدائي من وجود احمرار حول فتحة شرج المجني عليه وارتخاء في العضلة نتيجة محاولة إدخال جسم في فتحة الشرج فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص يكون ولا محل له لما هو مقرر من أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما يطمئن إليه منها ولالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير .
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد تصدى للرد على دفاع الطاعنين ببطلان إقرارهم بارتكاب الواقعة لصدوره وليد إكراه ووعد ووعيد واطرحه في قوله : " وإذ أقر المتهمون كتابة بارتكابهم الحادث فإنه لم يثبت على أي نحو وقوعهم تحت وطأة إكراه من أي نوع ولم يقل أي منهم بذلك كما أن ما أبداه المجني عليه ووالدته من أقوال إنما في جملتها تتفق وواقع الدعوى وما ثبت من التقرير الطبي وتقرير المعمل التحليل دون ثمة تناقض الأمر الذي تلتفت المحكمة معه عن ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص " . وإذ كان الإقرار في المسائل الجنائية بنوعيه القضائي وغير القضائي بوصفه طريقاً من طرق الإثبات إنما هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الإقرار المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، كما وأن من حقها الأخذ بإقرار المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك ، ولما كانت المحكمة قد تحققت للأسباب السائغة التي أوردتها - على النحو المتقدم بيانه - من أن إقرار المتهمين كتابة باقترافهم الجريمة سليم مما يشوبه واطمأنت إلى مطابقته للحقيقة والواقع فلا تثريب عليها إذ هي عولت عليه بالإضافة إلى سائر الأدلة والقرائن التي ساقتها في حكمها .
5 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهمين ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصليها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، كما وأنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام أنه أورد في مدوناته ما يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها طالما أنه يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله من دليل فني - التقرير الطبي الابتدائي وتقرير معامل التحليل بالطب الشرعي - التي عول عليهما بل يتلاءم معه فإن الحكم يكون فوق تطبيقه القانون تطبيقاً صحيحاً قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني أو الفساد في الاستدلال .
6 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين أو المدافع عنهما لم يثر شيئاً بشأن بحث فصائل الحيوانات المنوية فلا يقبل النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
7 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ، فإن ما يثيره الطاعنان في شأن خلو الأوراق من دليل على أن الشورت الذي تم فحصه بمعرفة معامل التحليل بالطب الشرعي هو الذي كان يرتديه المجني عليه وقت حدوث الواقعة لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان محكمة الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض .
8 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت على الطاعنين - والمحكوم عليه الآخر - مقارفتهم جريمة هتك العرض بالقوة المؤثمة بالمادة 268 من قانون العقوبات وأوقع عليهم عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المبينة بالفقرة الأولى من هذه المادة المقررة للجريمة المتقدمة مجردة من أي ظرف مشدد سواء تعلق بسن المجني عليه أو بكون الجناة من المتولين تربيته أو لهم سلطة عليه . فإن قصور الحكم في استظهار سن المجني عليه وقت الجريمة يكون غير ذي أثر ولا يعتد به .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- ...... 2- ..... " طاعن " 3- ...... " طاعن " بأنهم وآخر سبق الحكم عليه : هتكوا عرض ..... الذي لم يبلغ من العمر ست عشرة سنة كاملة بالقوة بأن جذبه الأول من زراعه وأدخله عنوة إلى شارع مظلم وكم فاه بيده فشل بذلك مقاومته ثم خلع عنه بنطاله وتناوبوا الاعتداء عليه بأن أدخل كل منهم قضيبه بدبره على النحو المبين بالتحقيقات . وأحالتهم إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً وعملاً بالمادة 268 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة عما نسب إليهم .
فطعن المحكوم عليهما .... و.... في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة هتك عرض صبي لم يبلغ عمره ست عشرة سنة كاملة بالقوة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه تساند في قضائه بالإدانة إلى أقوال المجني عليه ووالدته بأن كلاً من المتهمين قام بوضع قضيبه في دبره مما ترتب عليه وجود آثار دماء بسرواله ، وما جاء بالتقرير الطبي الابتدائي من وجود إحمرار حول فتحة شرج المجني عليه وارتخاء في العضلة نتيجة محاولة إدخال جسم في فتحة الشرج رغم تناقض ذلك مع ما ورد بتقرير الطب الشرعي من أنه لا يوجد بعموم جسمه آثار إصابية وأنه لم يتبين أي أثر يشير إلى حدوث لواط قديم أو حديث وأغفل الحكم ما ورد بهذا التقرير الأخير ، هذا وقد عول الحكم على إقرار المتهمين كتابة باقترافهم الجريمة رغم كونه وليد إكراه ووعد وإغراء وتناقضه مع إنكارهم بجميع مراحل التحقيق والمحاكمة فضلاً عن تناقضه مع الدليل الفني ، كما اعتمد الحكم في قضائه بالإدانة على ما جاء بتقرير معمل التحليل بالطب الشرعي من وجود سائل منوي بالشورت الذي كان يرتديه المجني عليه دون إجراء تحقيق لبيان ما إذا كانت هذه الحيوانات المنوية خاصة بأحد من المتهمين ودون أن يعرض لدفاعهما بخلو الأوراق من ثمة دليل على أن هذا الشورت هو الذي كان يرتديه المجني عليه إيراداً ورداً . وذلك بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين والمحكوم عليه الآخر بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال المجني عليه ووالدته وإقرار المتهمين كتابة ومما جاء بالتقرير الطبي الابتدائي وما ثبت من تقرير معامل التحليل بالطب الشرعي . لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم والتعويل على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعنان في شأن القوة التدليلية لأقوال المجني عليه ووالدته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى لا يجوز أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي من كافة عناصر الدعوى المطروحة أمامه فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر ، وكان من المقرر في أصول الاستدلالات أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، فإنه لا محل لما ينعاه الطاعنان من تناقض أقوال المجني عليه ووالدته مع ما ورد بتقرير الطب الشرعي أو إغفال الحكم لهذا التقرير ما دام أن ما أورده الحكم من أقوال هذين الشاهدين وما ثبت من التقرير الطبي الابتدائي وتقرير التحليل بمعامل الطب الشرعي والتي عول عليها في قضائه بالإدانة كافياً وسائغاً في إثبات توافر جريمة هتك العرض بأركانها في حق الطاعنين ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن فوات فترة زمنية بين تقرير طبي وآخر عن إصابة بعينها يستتبع حتماً عدم تطابق النتيجة التي يخلص إليها كل منهما ، ذلك بأن المدى الزمني يسمح بتغيير الإصابة وحدوث تفاوت فيها ومن ثم فلا تناقض بين الدليلين الفنيين المطروحين والمتوالين زمنياً إذا ما أثبت أولهما وجود إصابات بالمجني عليه وأثبت ثانيهما عدم وجود آثار إصابية وقت توقيع الكشف الطبي وإن ذلك لا ينفي وقوع الفعل في التاريخ المدعي به دون أن يترك أثراً اصابياً باقياً نظراً لمضي فترة زمنية بينهما بما يسمح بتغيير معالم الإصابة وتطورها ، وكانت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية قد عولت في قضائها بالإدانة على ما تضمنه التقرير الطبي الابتدائي من وجود احمرار حول فتحة شرج المجني عليه وارتخاء في العضلة نتيجة محاولة إدخال جسم في فتحة الشرج فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص يكون ولا محل له لما هو مقرر من أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما يطمئن إليه منها ولالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد تصدى للرد على دفاع الطاعنين ببطلان إقرارهم بارتكاب الواقعة لصدوره وليد إكراه ووعد ووعيد واطرحه في قوله : " وإذ أقر المتهمون كتابة بارتكابهم الحادث فإنه لم يثبت على أي نحو وقوعهم تحت وطأة إكراه من أي نوع ولم يقل أي منهم بذلك كما أن ما أبداه المجني عليه ووالدته من أقوال إنما في جملتها تتفق وواقع الدعوى وما ثبت من التقرير الطبي وتقرير المعمل التحليل دون ثمة تناقض الأمر الذي تلتفت المحكمة معه عن ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص " . وإذ كان الإقرار في المسائل الجنائية بنوعيه القضائي وغير القضائي بوصفه طريقاً من طرق الإثبات إنما هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الإقرار المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، كما وأن من حقها الأخذ بإقرار المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك ، ولما كانت المحكمة قد تحققت للأسباب السائغة التي أوردتها على النحو المتقدم بيانه من أن إقرار المتهمين كتابة باقترافهم الجريمة سليم مما يشوبه واطمأنت إلى مطابقته للحقيقة والواقع فلا تثريب عليها إذ هي عولت عليه بالإضافة إلى سائر الأدلة والقرائن التي ساقتها في حكمها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهمين ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصليها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، كما وأنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام أنه أورد في مدوناته ما يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها طالما أنه يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله من دليل فني - التقرير الطبي الابتدائي وتقرير معامل التحليل بالطب الشرعي - التي عول عليهما بل يتلاءم معه فإن الحكم يكون فوق تطبيقه القانون تطبيقاً صحيحاً قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني أو الفساد في الاستدلال . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين أو المدافع عنهما لم يثر شيئاً بشأن بحث فصائل الحيوانات المنوية فلا يقبل النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ، فإن ما يثيره الطاعنان في شأن خلو الأوراق من دليل على أن الشورت الذي تم فحصه بمعرفة معامل التحليل بالطب الشرعي هو الذي كان يرتديه المجني عليه وقت حدوث الواقعة لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان محكمة الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت على الطاعنين - والمحكوم عليه الآخر - مقارفتهم جريمة هتك العرض بالقوة المؤثمة بالمادة 268 من قانون العقوبات وأوقع عليهم عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المبينة بالفقرة الأولى من هذه المادة المقررة للجريمة المتقدمة مجردة من أي ظرف مشدد سواء تعلق بسن المجني عليه أو بكون الجناة من المتولين تربيته أو لهم سلطة عليه . فإن قصور الحكم في استظهار سن المجني عليه وقت الجريمة يكون غير ذى أثر ولا يعتد به . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق