الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 14 مارس 2013

خمور / ( 6 ) سكر بين بالطريق العام وبراءة

وحيث أن النيابة العامة أسندت إلى المتهم أنه بتاريخ 8 / 10 / 1980 بدائرة قسم بنى سويف ، وجد بحالة سكر بين بالطريق العام ، وطلبت عقابه بالمواد 1 ، 2 من القانون 63 / 1976 بحظر شرب الخمر.
·   وحيث أن المتهم حضر بالجلسة مقيد الحرية مقدما بجلسة 11 / 10 / 1980 من قبل النيابة العامة التى تملك ذلك. والمتهم أنكر أمام المحكمة ما هو منسوب إليه.
·   وحيث أن محضر ضبط الواقعة أبان عن أن عدة أشخاص قد اطرحت الأرض تلعب قمارا ، وباقتراب سيارة الشرطة منهم : فروا جميعا هاربين عدا الماثل فقد تمكنت الشرطة من ضبطه ، وأثناء محاورته اشتم الضابط رائحة مواد كحولية تنبعث من فمه ، ولاحظ أيضا أنه يترنح وقد هم بركوب سيارة الشرطة . وبتحويل المتهم إلى المستشفى للكشف طبيا عليه أفادت النتيجة المرافقة للأوراق أن المتهم وجد بحالة سكر بين وذلك من رائحة فمه ومن الفحص الإكلينكى ، ,أنه قد أخذت عينات من دمه وقيئه وبوله لإرسالها إلى المعمل للتحليل.
·   وحيث أنه بسؤال المتهم لدى الشرطة بتاريخ 8 / 10 / 1980 أنكر ما أسند إليه مقررا ملكيته لمبلغ الخمسة جنيهات التى وجدت معه ، كما أنكر عن نفسه من ناحية أخرى لعب القمار.
·        وحيث أن المتهم أمام النيابة العامة ـ الخصم الشريف له ولكل متهم ـ ومنذ مطلع التحقيق معه أنكر تماما ما أسند إليه.
·        وحيث أن المتهم بجلسة المحاكمة العلنية أنكر أيضا ما هو منسوب إليه.
·        وحيث أن المحكمة حجزت الدعوى للحكم فيها بجلسة اليوم.
·   وحيث أن استنادا إلى إنكار المتهم أمام جهتى التحقيق والاستجواب ، تأسيسا على واقعة أخرى لو حققتها النيابة العامة لأدى ذلك إلى براءة ساحة المتهم منذ فجر التحقيق بحفظ الأوراق إداريا ، إلا أن الجهة المعنية لم تحفل بتحقيق تلك الواقعة المتعلقة ببيع المتهم سمكا لمحرر المحضر ، ثم لما لم يعجبه هذا السمك عاد ليلقى به فى وجه المتهم وحدثت مشادة أدت إلى تدبير واقعة المحضر الجديد هذا له لاتهامه بوجوده فى حالة سكر بين بالطريق العام زورا ومكيدة للمتهم ، وزجا به فى متاهات أخرى ما كان يتصورها أو يحسب لها حسابا.
·   وحيث أن المحكمة من جانبها لا يمكن لها أن تدين بريئا ، اطمأن وجدانها إلى قيام الشك فى إسناد الاتهام إليه ، فقد كان صوت المتهم بالتحقيقات ينطوى على نبرات من الظلم والحيف قد وقع به ، ومنه تستشف المحكمة براءة المتهم من الاتهام براءة الذئب من دم ابن يعقوب ، خاصة وأن ثمة واقعة أومأ إليها المتهم يجأر بها دون خشية السلطة الأولى ألا وهى الشرطة ، وتعنى بها المحكمة سابق الخلاف بينه وبين محرر بلاغ النجدة.
·   وحيث أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد صدق قوله : " ادرءوا الحدود بالشبهات ما استطعتم ، فإنه خير للقاضى أن يقضى بالعفو من أن يتعدى بالعقوبة " . ويعنى هذا أن القاعدة العامة فى الشريعة الإسلامية أن الحدود تدرأ بالشبهات والحدود هى العقوبات المقدرة ، وإذا كان الأصل أن لهذه القاعدة أخذت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم سالف البسط ، ومنه تلقته الأمة بالقبول والطاعة ، وأجمع
ــــــــــــــــــــــــــــ
* قضية رقم 12930 لسنة 1980 جنح بندر بني سويف.
عليه فقهاء الأمصار ، فإنه قد روى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه أنه قال : " لأن أعطل الحدود بالشبهات أحب إلىَّ من أن أقيمها بالشبهات " .
   وإذا كان التعريف الفقهى للشبهة أنها هى : " ما يشبه الثابت وليس بثابت " . فإنه من الأمثلة عليها : شبهة عدم الثبوت الذى يتمثل ـ هنا ـ فى عدم تحقيق سلطة الاتهام لسابق الخلاف بين المتهم الماثل ومحرر بلاغ النجدة وبالتالى فثمة شبهة ، ووجب تبرئة ساحة المتهم مما هو منسوب إليه وذلك لقيام الشبهة فى ركن من أركان الجريمة التى تحاكم عنها هذه المحكمة ، كذلك لقيام تلك الشبهة فى ثبوت الجريمة أو إسنادها إلى المتهم.
   ومن ناحية أخرى فإن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم سالف البيان ـ أيضا ـ يعنى فى شقة الأخير أنه لا يصح الحكم بالعقوبة إلا بعد التثبت من أن الجانى قد ارتكب الجريمة ، فإذا كان هناك شك فى أن الجانى قد ارتكبها ، وجب العفو عنه قضاء ببراءته مما هو منسوب إليه ، لأن براءة المجرم حال الشك خير للجماعة ، وأدعى إلى تحقيق العدالة من عقاب البرئ حال قيام الشك.
   ومتى استقام ما تقدم وكانت الواقعة على ما جاء بمدونات الدعوى العمومية وما جرت به التحقيقات ، وما ثبت من الأوراق قد قام الدليل فيها ومنها على هزة الاتهام لدى قضاء هذه المحكمة إذ أن القضاء الجنائي على وجه الخصوص قضاء يقينى بحت ، والمحكمة تقضي بما انتهت إليه عملا بنص المادة 304 / 1 من قانون الإجراءات الجنائية . ونزولا على قاعدة رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ادرءوا الحدود بالشبهات " فى المقام الأول.
لهذه الأسباب
     حكمت المحكمة حضوريا : ببراءة المتهم مما هو منسوب إليه

                                     محكمة جنح قسم بنى سويف
                                                الدائــرة                                                     
                   محمود عبد الحميد غراب           رئيس المحكمة
                   محمود السيد سبروت                         وكيل النائب العام
                   محمد محمود عبد الله                         أمين السر
                                         جلسة 8 / 11 /1980

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق