الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 25 يوليو 2023

الطعن 40 لسنة 25 ق جلسة 25 / 6 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 76 ص 499

جلسة 25 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، ومحمود القاضي المستشارين.

----------------

(76)
الطعن رقم 40 لسنة 25 القضائية

(أ) إثبات "عبء الإثبات" "الإثبات بالبينة" "سلطة محكمة الموضوع ورقابة محكمة النقض".
عبء الإثبات على المدعي. عدم تقديمه دليلاً على ما يدعيه. عدم طلبه إحالة الدعوى إلى التحقيق. حق محكمة الموضوع في الإحالة إلى التحقيق، جوازي لها. م 190 مرافعات. تقديرها هذا بمنأى عن رقابة محكمة النقض.
(ب) بيع "آثار البيع" "التزامات البائع" "الالتزام بتسليم المبيع" "تعريفه".
تسليم المبيع هو وضعه تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به. م 435 مدني.

----------------
1 - المدعي هو المكلف قانوناً بإثبات دعواه وتقديم الأدلة التي تؤيد ما يدعيه فيها - فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن لم يقدم دليلاً على ما يدعيه من رد الشركة المطعون عليها جهازي "الجراموفون" اللذين يطلب رد ثمنهما إليه، وكان الطاعن لم يطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يدعيه في هذا الشأن، وكان الحق المخول للمحكمة في المادة 190 من قانون المرافعات بأن تأمر بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباتها بالبينة - هذا الحق جوازي لها متروك لمطلق رأيها وتقديرها تقديراً لا تخضع فيه لرقابة محكمة النقض، فإن النعي على الحكم فيما انتهى إليه من رفض الدعوى في هذا الشق منها بمخالفة القانون يكون غير سديد.
2 - وضع المبيع تحت تصرف المشتري الأمر الذي يتحقق به التسليم طبقاً لنص المادة 435 من القانون المدني - يشترط فيه أن يكون بحيث يتمكن المشتري من حيازة المبيع والانتفاع به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع هذا الطعن على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن رفع الدعوى رقم 728 سنة 1952 تجاري كلي القاهرة ضد الشركة المطعون عليها بعريضة قال فيها إنه اتفق معها بموجب عقد مؤرخ في أكتوبر سنة 1948 على أن يكون الموزع الوحيد بالقطر المصري عدا مدينة الإسكندرية للراديو ماركة "أريكسون" الذي تنتجه تلك الشركة بالشروط المبينة في ذلك العقد وقد استمرت المعاملة بينهما إلى أن أخطرته الشركة المطعون عليها بتاريخ 25/ 6/ 1951 بوصول عدد من الراديوهات طلبت من الطاعن دفع نصف قيمتها وقدره 1900 جنيه فقام الطاعن بدفع مبالغ من هذه القيمة مقدماً بلغ مجموعها 1423 جنيهاً ولم يتسلم لغاية 20/ 12/ 1951 سوى خمسين جهازاً فقط قيمتها 959 جنيهاً و500 مليم فيبقى له من المبلغ المدفوع للمطعون عليها مبلغ 437 جنيهاً و500 مليم طلب الحكم بإلزامها بأن تدفعه له مع مبلغ 30 جنيهاً ثمن جهازين جراموفون كان قد ردهما لها وفوائد المبلغ كله (467 جنيهاً و500 مليم) بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية مع المصاريف والأتعاب والنفاذ. فطلبت المطعون عليها رفض الدعوى بحجة أن الطاعن هو الذي قصر في استلام أجهزة الراديو الباقية حتى التهمتها النيران وهي في مخازنها إبان حريق القاهرة في 26 من يناير سنة 1952 فيكون هلاكها عليه لأنها دعتها مراراً لاستلام تلك الأجهزة فتأخر ولم يقبل. وبتاريخ 21 من فبراير سنة 1954 حكمت المحكمة بإلزام الشركة المطعون عليها بأن تدفع للطاعن مبلغ 467 جنيهاً و500 مليم وفوائده بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 27/ 3/ 1952 حتى السداد والمصروفات ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة، استناداً إلى أن هلاك المبيع قبل تسلمه يكون طبقاً لنص المادة 437 من القانون المدني على البائع إلا إذا أثبت هذا الأخير أنه أعذر المشتري لتسلم المبيع فلم يتسلمه وقالت المحكمة إن الشركة المطعون عليها قد عجزت عن إثبات قيامها بهذا الإعذار. فاستأنف المطعون عليها هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة برقم 320 سنة 71 ق تجاري طالبة إلغاءه ورفض الدعوى وإلزام الطاعن بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين. وبتاريخ 30/ 11/ 1954 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعن وذلك استناداً إلى أن الشركة المطعون عليها قد أعلمت الطاعن بوصول أجهزة الراديو ووضعتها تحت تصرفه وأن وضع المبيع تحت تصرف المشتري يغني طبقاً لنص المادة 435 من القانون المدني عن الإنذار المنصوص عنه في المادة 437 من القانون المذكور. وبتاريخ 3 من فبراير سنة 1955 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن، وبتاريخ 6 من مايو سنة 1959 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على رأيها فقررت الدائرة إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 11 من يونيه سنة 1959 وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن النعي على الحكم فيما قضى به من رفض الدعوى بالنسبة لمبلغ الثلاثين جنيهاً ثمن جهازي الجرامفون يتحصل في أن الحكم خالف القانون ذلك أنه أقام قضاءه على أن الشركة المطعون عليها قد أنكرت عليه هذا الادعاء وأنه ليس من بين أوراق القضية ما يدل عليه في حين أن الدعوى لا يقضى فيها بالرفض بمجرد أن ينكرها الخصم وأن المطالبة بهذا المبلغ لا تستدعي سنداً كتابياً لإثباتها لأنها معاملة تجارية يجوز الإثبات فيها بالبينة فكان من واجب المحكمة أن تحيل الدعوى إلى التحقيق لإثباتها أو أن تبين في حكمها سبباً لعدم الأمر بالتحقيق.
وحيث إن هذا النعي مردود. ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص ما يأتي: "وحيث إنه فيما يختص بمبلغ الثلاثين جنيهاً التي يقول المستأنف عليه (الطاعن) أنها ثمن جهازين جراموفون مرتجعة. فإن هذا قد أنكرته عليه المستأنفة. ولا دليل عليه في أوراق الدعوى. وإذا كان المستأنف عليه قد أشار إلى هذا المبلغ في الصورة المقدمة منه من خطابه المؤرخ 8 من فبراير سنة 1952 فإن هذا لا يتخذ دليلاً على المستأنفة لأن الخطاب المذكور من صنع المستأنف عليه" ومؤدى ذلك أن الطاعن لم يقدم دليلاً على ما يطلبه في هذا الشق من الدعوى وأن ما فيها من أوراق لا يؤيد مدعاة فيه ولذا قضى الحكم برفض الدعوى بالنسبة لهذا الطلب. ولما كان المدعي هو المكلف قانوناً بإثبات دعواه وتقديم الأدلة التي تؤيد ما يدعيه فيها، وكان الحكم قد أثبت - على ما سبق - أن الطاعن لم يقدم دليلاً على ما يدعيه من رده إلى الشركة المطعون عليها جهازي الجراموفون اللذين يطلب رد ثمنهما إليه. كما أن الطاعن لم يطلب من المحكمة إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يدعيه في هذا الشأن، وكان الحق المخول للمحكمة في المادة 190 من قانون المرافعات بأن تأمر بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباتها بالبينة هذا الحق جوازي لها متروك لمطلق رأيها وتقديرها تقديراً لا تخضع فيه لرقابة محكمة النقض، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم فيما انتهى إليه من رفض الدعوى في هذا الشق منها بمخالفة القانون يكون غير سديد متعين الرفض.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على قضاء الحكم في الشق الآخر من الدعوى الخاص بطلب رد ما دفع من ثمن أجهزة الراديو أن الحكم شابه فساد في الاستدلال ذلك أنه استخلص ثبوت وضع الأجهزة تحت تصرف الطاعن من أوراق وأدلة لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فوصول الأجهزة من الخارج وإخطار الطاعن بوصولها لا يؤدي إلى القول بأن الأجهزة أصبحت تحت تصرف الطاعن واستلامه لأن الثابت من العقد أنه يعقب وصولها من الخارج إجراءات الفحص وثبوت الصلاحية كما أن دفع الطاعن مبلغ 1433 جنيهاً واستلامه أجهزة قيمتها 995 جنيهاً و500 مليم يؤدي على عكس ما ذهبت إليه المحكمة إلى صحة أقوال الطاعن من أن الشركة المطعون ضدها هي التي تأخرت عن التسليم وأنه هو الذي كان يحثها في الاستلام وأنه لو كانت الأجهزة وردت وفحصت وأصبحت صالحة للعمل لكان على الأقل استلم بقدر ما دفع. إذ المبلغ المدفوع منه هو ثمن 70 جهازاً وهو قد استلم 50 فقط.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد أثار في دفاعه أن الشركة المطعون عليها لم تسلمه الراديوهات الزائدة عن الخمسين جهازاً التي تسلمها، تلك الأجهزة الزائدة التي يطالب في هذه الدعوى برد ثمنها لأنها لم تكن قد أتمت فحص تلك الأجهزة وبالتالي لم تكن قد تبينت صلاحيتها للاستعمال وقد أورد الحكم رداً على هذا الدفاع ما يأتي: "وإذ كان يدعي (الطاعن) أن هذه الشركة لم تسلمه غير خمسين جهازاً لأنها لم تكن قد أتمت فحص الجهازات فإن المبلغ الذي دفعه وقدره 1433 ج يزيد عن ثمن الخمسين جهازاً التي تسلمها مما يدل على أن الفائض وإن كان يقل عما هو ملزم بدفعه وفقاً لنصوص العقد إلا أنه قد دفع على حساب الجهازات المتبقية لحين استيفاء الثمن" ومؤدى ذلك أن الحكم قد اتخذ من دفع الطاعن للمبلغ الزائد على ثمن الخمسين جهازاً التي تسلمها دليلاً على أن هذا المبلغ قد دفع من أصل ثمن الأجهزة الزائدة على الخمسين وأنه لو كانت تلك الأجهزة لم تفحص أو كانت غير صالحة للاستعمال كما يدعي الطاعن لما دفع شيئاً من ثمنها. ولما كان وضع المبيع تحت تصرف المشتري الأمر الذي يتحقق به التسليم طبقاً لنص المادة 435 من القانون المدني يشترط فيه طبقاً لنص تلك المادة أن يكون بحيث يتمكن المشتري من حيازة المبيع والانتفاع به، وكان ما ادعاه الطاعن من عدم فحص أجهزة الراديو المطالب برد ثمنها - إذا ثبت صحة هذا الادعاء - مانعاً له من الانتفاع بها إذا أثبت الفحص عدم صلاحية تلك الأجهزة للاستعمال وبالتالي مانعاً من القول بوضعها تحت تصرفه وحصول تسليمها إليه. وكان استناد الحكم إلى عدم صحة هذا الادعاء مبنياً على مجرد قيام الطاعن بدفع جزء من ثمن تلك الأجهزة الباقية في حين أن الحكم ذاته قد قرر أن الطاعن ملزم بنصوص العقد بدفع هذا الجزء من الثمن. لما كان ذلك فإن استدلال الحكم على ثبوت فحص الأجهزة وصلاحيتها للاستعمال بأن الطاعن دفع المبلغ الزائد عن ثمن الخمسين جهازاً التي تسلمها، هذا الاستدلال يكون غير سليم، ويكون ادعاء الطاعن بعدم فحص الأجهزة الباقية وعدم صلاحيتها للاستعمال الأمر الذي يتحقق به وضع تلك الأجهزة تحت تصرفه وبالتالي تسليمها إليه، يكون هذا الدفاع باقياً بغير رد سائغ من الحكم مما يعيبه ويتعين معه نقضه في هذا الخصوص دون حاجة للتعرض لباقي أسباب النعي الخاصة بقضاء الحكم في هذا الشق من الدعوى.

الطعن 1156 لسنة 5 ق جلسة 25 / 2 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 101 ص 787

جلسة 25 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني، ومصطفى كامل إسماعيل وعزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدي محمد المستشارين.

----------------

(101)

القضية رقم 1156 لسنة 5 القضائية

عقد إداري - مزايدة - التأمين النهائي 

- تخلف الراسي عليه العطاء عن دفعه في الميعاد - جزاؤه - للحكومة الخيار بين أمرين - سحب قبول العطاء ومصادرة التأمين المؤقت، أو التمسك بالعقد وتنفيذه على حسابه - عدم جواز الجمع بينهما - جواز المطالبة بالتعويض في الحالة الثانية دون الأولى - أساس ذلك.

-----------------
أن البند 30 من المادة 137 من لائحة المخازن والمشتريات تنص على أنه "إذا لم يودع صاحب العطاء المقبول التأمين النهائي في الميعاد المطلوب فيجوز للحكومة سحب قبول عطائه ومصادرة التأمين المؤقت المدفوع، كما يجوز للحكومة أن تشتري على حسابه بعض أو كل الكمية التي رست عليه سواء بالممارسة أو بعطاءات محلية أو بمناقصة عامة أو من أصحاب العطاءات التالية ويكون لها الحق تبعاً لذلك في أن تسترد من المتعهد أية تعويضات من أية مبالغ تكون مستحقة أو تستحق للمتعهد لأي سبب كان لدى المصلحة المختصة" والواضح من هذا النص أنه في حالة تخلف الراسي عليه العطاء عن دفع التأمين في الميعاد فإنه يكون للحكومة الخيار بين أمرين إما سحب قبول العطاء ومصادرة التأمين أي إنهاء العلاقة العقدية مع اقتضاء التعويض المتفق عليه مقدماً - إذ أن مصادرة التأمين عبارة عن جزاء يحمل في طياته اتفاقاً سابقاً على التعويض - وأما التمسك بالعقد وتنفيذه على حساب الراسي عليه العطاء مع الأحقية في المطالبة بالتعويض عن جميع الأضرار المباشرة التي تترتب على عدم التنفيذ. وتبعاً لذلك فإنه لا يجوز الجمع بين الأمرين في وقت واحد لأن الجمع بينهما يعني انحلال العقد واعتباره كأن لم يكن، وفي نفس الوقت اعتبار العقد قائماً منتجاً لآثاره، كما أنه يؤدي إلى حصول الحكومة على تعويض مزدوج. وهذا الحكم الذي جاء في اللائحة هو تطبيق صحيح للقاعدة العامة في القانون المدني بالنسبة للعقود الملزمة للجانبين وليس فيه أي خروج عليها، فلكل من المتعاقدين في العقود التبادلية إذا لم يف الطرف الآخر بالتزامه الحق إما في فسخ العقد والمطالبة بالتعويض على أساس المسئولية التقصيرية - لا على أساس العقد إذ أن الفسخ يعيد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد وبهذا يصبح العقد واقعة مادية لا واقعة قانونية - وأما التمسك بتنفيذ العقد والمطالبة بالتعويض على أساس المسئولية العقدية. والتعويض في إحدى الحالتين سالفتي الذكر يمتنع معه المطالبة بالتعويض على الأساس الآخر... هذا ومن ناحية أخرى فإن القانون المدني لا يمنع من تقدير التعويض سلفاً.
وتأسيساً على ما سبق فإن الوزارة وقد ألغت العقد وصادرت التأمين فتكون قد حصلت على التعويض المتفق عليه ولا يجوز لها بعد ذلك أن تطالب بتعويض آخر عن نفس الواقعة خاصة وأن التعويض المطالب به في الدعوى الحالية عن الأضرار التي لحقت بالوزارة على فرض صحة المفردات الواردة به ودون مراعاة لما حصلت عليه الوزارة من أجر يزيد على الأجر الذي رسا به المزاد على المدعى عليه. هذا التعويض يقل عن التعويض الاتفاقي الذي حصلت عليه الوزارة فعلاً بمصادرتها للتأمين.


إجراءات الطعن

بتاريخ 22 من يوليه سنة 1959 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد وزير التموين سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 24 من مايو سنة 1959 في الدعوى رقم 541 لسنة 12 القضائية المقامة من السيد وزير التموين ضد السيد/ محمد أحمد محمد والقاضي برفض الدعوى مع إلزام الوزارة بالمصروفات. وطلب السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلزام المطعون ضده بأن يدفع للوزارة مبلغ 9 جنيهات و700 مليم والفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون ضده في 30 من سبتمبر سنة 1959. وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 13 من نوفمبر سنة 1960 التي أصدرت قرارها بجلسة 11 من ديسمبر سنة 1960 بإحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا وعين لنظر الطعن أمامها جلسة 21 من يناير سنة 1961 - وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تنحصر في أن المدعي أقام هذه الدعوى يطلب الحكم فيها بإلزام المدعى عليه بأن يدفع إليه بصفته مبلغ 9 جنيهات و700 مليم والفوائد بواقع 4% من تاريخ المطالبة والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وذكر شرحاً لدعواه أن المدعى عليه رسا عليه مزاد تأجير مقصف مراقبة تموين القاهرة في 25 من يونيه سنة 1956 - عن مدة عام يبدأ في أول يوليه سنة 1956 لقاء أجر شهري قدره 8 جنيهات و450 مليماً ودفع لهذا الغرض تأميناً قدره عشرة جنيهات. وبعد اعتماد العطاء، وطلبت إليه الوزارة طبقاً لشروط المزايدة تكملة التأمين بحيث يصبح مساوياً لأجر ثلاثة شهور مع دفع الأجر المستحق عن الشهر الأول وهو شهر يوليه سنة 1956 ولكن المدعي لم يدفع شيئاً رغم مطالبته بتنفيذ التزامه وذلك بخطاب مؤرخ 26 من يوليه سنة 1956 وببرقية صادرة في 3 من يوليه سنة 1956 الأمر الذي اضطر الوزارة إلى إلغاء العقد ومصادرة التأمين وإلى أن تطلب إلى المتعهد السابق الاستمرار في تشغيل المقصف فترة من الوقت لتتمكن خلالها من الاتفاق مع متعهد آخر. وقد انتهت هذه الإجراءات بالاتفاق بالممارسة مع متعهد جديد على إدارة المقصف باقي المدة المتعاقد عليها مع المدعى عليه وهي إحدى عشر شهراً مقابل أجر شهري قدره 8 جنيهات و500 مليم كما اضطرت إلى رفع الدعوى الحالية للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بها. وشرحت مفردات التعويض بأنه عبارة عن فرق الإيجار عن شهر يوليه الذي استمر المتعهد القديم في إدارة المقصف أثناءه بالأجر القديم وقدره 5 جنيهات و750 مليماً وهذا الفرق يبلغ جنيهين وسبعمائة مليم يضاف إليه خمسة جنيهات مقابل مصاريف نشر عن الممارسة الأخيرة وجنيهان مقابل المصاريف الإدارية.
ومن حيث إن المدعى عليه لم يحضر ولم يدفع الدعوى بشيء ما.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدعوى على أن المدعي وقد ألغى العقد وصادر التأمين فليس له استناداً إلى لائحة المخازن والمشتريات، التي تعتبر جزءاً من قائمة المزاد أن يعود إلى تنفيذ شروط التعاقد على حساب المدعى عليه لأن العلاقة التعاقدية بين الطرفين قد انتهت بإلغاء العقد ومصادرة التأمين.
ومن حيث إن الطعن المقدم من الوزارة مبناه أن إلغاء العقد ومصادرة التأمين لا يخل بحقها في المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بها من جراء تخلف المدعي عن تنفيذ التزامه إذ أن مصادرة التأمين هو جزاء توقعه الإدارة على المتعاقد معها عقاباً له وردعاً لغيره في حين أن التعويض هو لمواجهة الأضرار التي لحقت بالوزارة نتيجة لخطأ المتعاقد معها.
ومن حيث إن شروط المزايدة التي وقع عليها المدعى عليه تشير - كما جاء بالحكم المطعون فيه - إلى التزام المزايد بأحكام لائحة المخازن والمشتريات.
ومن حيث إن البند 30 من المادة 137 من اللائحة المذكورة ينص على أنه: - "إذا لم يودع صاحب العطاء المقبول التأمين النهائي في الميعاد المطلوب فيجوز للحكومة سحب قبول عطائه ومصادرة التأمين المؤقت المدفوع كما يجوز للحكومة أن تشتري على حسابه بعض أو كل الكمية التي رست عليه سواء بالممارسة أو بعطاءات محلية أو بمناقصة عامة أو من أصحاب العطاءات التالية ويكون لها الحق تبعاً لذلك في أن تسترد من المتعهد أية تعويضات من أية مبالغ تكون مستحقة أو تستحق للمتعهد لأي سبب كان لدى المصلحة المختصة".
ومن حيث إن الواضح من هذا النص أنه في حالة تخلف الراسي عليه العطاء عن دفع التأمين في الميعاد فإنه يكون للحكومة الخيار بين أمرين، إما سحب قبول العطاء ومصادرة التأمين أي إنهاء العلاقة العقدية مع اقتضاء التعويض المتفق عليه مقدماً - إذ أن مصادرة التأمين عبارة عن جزاء يحمل في طياته اتفاقاً سابقاً على التعويض - وإما التمسك بالعقد وتنفيذه على حساب الراسي عليه العطاء مع الأحقية في المطالبة بالتعويض عن جميع الأضرار المباشرة التي تترتب على عدم التنفيذ. وتبعاً لذلك فإنه لا يجوز الجمع بين الأمرين في وقت واحد لأن الجمع بينهما يعني انحلال العقد واعتباره كأن لم يكن، وفي نفس الوقت اعتبار العقد قائماً منتجاً لآثاره، كما أنه يؤدي إلى حصول الحكومة على تعويض مزدوج. وهذا الحكم الذي جاء في اللائحة هو تطبيق صحيح للقاعدة العامة في القانون المدني بالنسبة للعقود الملزمة للجانبين وليس فيه أي خروج عليها فلكل من المتعاقدين في العقود التبادلية إذا لم يف الطرف الآخر بالتزامه الحق إما في فسخ العقد والمطالبة بالتعويض على أساس المسئولية التقصيرية - لا على أساس العقد إذ أن الفسخ يعيد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد وبهذا يصبح العقد واقعة مادية لا واقعة قانونية - وإما التمسك بتنفيذ العقد والمطالبة بالتعويض على أساس المسئولية العقدية. والتعويض في إحدى الحالتين سالفتي الذكر يمتنع معه المطالبة بالتعويض على الأساس الآخر.. هذا ومن ناحية أخرى فإن القانون المدني لا يمنع من تقدير التعويض سلفاً.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما سبق فإن الوزارة وقد ألغت العقد وصادرت التأمين فتكون قد حصلت على التعويض المتفق عليه ولا يجوز لها بعد ذلك أن تطالب بتعويض آخر عن نفس الواقعة خاصة وأن التعويض المطالب به في الدعوى الحالية عن الأضرار التي لحقت بالوزارة، على فرض صحة المفردات الواردة به ودون مراعاة لما حصلت عليه الوزارة من أجر يزيد على الأجر الذي رسا به المزاد المدعى عليه، هذا التعويض يقل عن التعويض الاتفاقي الذي حصلت عليه الوزارة فعلاً بمصادرتها للتأمين.
وحيث إنه لما سبق ولما جاء بالحكم المطعون فيه يكون الطعن المقدم من الوزارة غير مستند إلى أساس سليم من القانون متعيناً رفضه وتأييد الحكم المطعون فيه، مع إلزام الوزارة بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.

الطعن 182 لسنة 48 ق جلسة 7 / 6 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 122 ص 687

جلسة 7 من يونيو سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ د. عبد الرحمن عياد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عبد الحميد المنفلوطي؛ محمد زغلول عبد الحميد؛ د. منصور وجيه ومحمد رأفت خفاجي.

-----------------

(122)
الطعن رقم 182 لسنة 48 القضائية

(1) محاماة.
المحامي العامل بالهيئات والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها ممارسته المحاماة أصلاً عن نفسه أو لحساب غيره لا بطلان. علة ذلك. م 55 ق 61 لسنة 1968.
(2) عقد "تفسير العقد". محكمة الموضوع.
سلطة محكمة الموضوع في تفسير العقود والمشارطات وسائر المحررات. التزامها بعدم الخروج عن المعنى الظاهر لعباراتها.
(3) حكم "تسبيب الحكم".
التناقض الذي يفسد الأحكام. ماهيته.
(4) إيجار "إيجار الأماكن".
انقضاء الشركة القائمة بين المستأجر وشريكه بالعين المؤجرة. أثره. فقد الشريك سنده في البقاء بالعين. قضاء المحكمة بإخلائه لا يتناقض وطلب المستأجر طرده. علة ذلك.

-----------------
1 - النص في المادة 55 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 على أنه "لا يجوز للمحامين العاملين بالهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها وشركات القطاع العام مزاولة أي عمل من أعمال المحاماة المنصوص عليها في هذا القانون لغير الجهات التي يعملون بها" يدل على أن الشارع لم يضع شرطاً من شروط صحة العمل الذي يقوم به المحامي الذي يعمل بالجهات الواردة بالنص بل أصدر إليه أمراً لا يعدو مخالفته أن تكون مخالفة موضوعية تقع تحت طائلة الجزاء الإداري ولا تستتبع تجريد العمل الذي قام به المحامي من آثاره القانونية ولا تنال من صحته متى تم وفقاً للأوضاع التي تطلبها القانون سواء مارسه المحامي لنفسه أم لحساب غيره وكل ما يترتب على هذا الحظر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو توقيع العقوبات التأديبية التي نص عليها القانون.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لقاضي الموضوع السلطة المطلقة في تفسير العقود والمشارطات وسائر المحررات واستخلاص ما يرى أنه الواقع الصحيح في الدعوى ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك ما دام لم يخرج في تفسير العقود عما تحتمله عباراتها أو يجاوز المعنى الظاهر لها.
3 - التناقض الذي يفسد الأحكام هو وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ما تتعارض منه الأسباب وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يتبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه.
4 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تكييف العقد المؤرخ..... بأنه عقد شركة وكان من المقرر في المادة 526/ 1 من القانون المدني أن الشركة تنتهي بانقضاء الميعاد المعين لها وقد انقضت مدة هذا العقد وبقي الطاعن بعين النزاع دون رضاء المطعون ضده ومن ثم فإنه يعد مغتصباً إذ لم يعد له سند في البقاء بها وإذ قضى الحكم المطعون فيه بالإخلاء تأسيساً على ما تقدم فلا يكون مشوباً بالتناقض. ولا يغير من ذلك أن المطعون ضده طلب طرد الطاعن إذ أن الإخلاء والطرد لفظان بمعنى واحد يفيدان بأن الطاعن لم يعد له الحق في البقاء بعين النزاع، ويكون الحكم قد فصل في مصير هذا العقد وأوضح أنه غير قائم لانتهاء مدته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 3295 سنة 1973 مدني كلي إسكندرية بطلب طرد الطاعن من عين النزاع التي كان يشاركه الانتفاع بها كمكتب للمحاماة بموجب العقد المؤرخ 30/ 9/ 1963 لانتهاء مدته، وبتاريخ 27/ 4/ 1974 قضت المحكمة برفض الدعوى، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 963 سنة 30 ق إسكندرية وفي 29/ 12/ 1977 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء الطاعن من عين النزاع، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده يعمل عضواً بالإدارة القانونية لإحدى شركات القطاع العام ويحظر عليه القانون رقم 47 لسنة 1973 ممارسة مهنة المحاماة لغير صالح الشركة التي يعمل بها وإذ وقع المطعون ضده على صحيفة افتتاح الدعوى وهي غير خاصة بعمل الشركة فإنها تكون باطلة عملاً بأحكام القانون رقم 61 لسنة 1968 الخاص بالمحاماة ويتعلق هذا البطلان بالنظام العام ويجوز له التمسك بهذا السبب القانوني البحت لأول مرة أمام محكمة النقض - كما أن الحكم المطعون فيه لم يعن بتحقيق دفاعه بأن القانون يحظر على المطعون ضده ممارسة مهنة المحاماة إلا أن الحكم أجاز له مزاولتها استناداً لصورتين فوتوغرافيتين لتصريح الشركة والنقابة له بذلك ورغم جحده لهما مما يعيبه أيضاً بالقصور.
وحيث إن النعي في شقه الأول مردود بأن النص في المادة 55 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 على أنه "لا يجوز للمحامين العاملين بالهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها وشركات القطاع العام مزاولة أي عمل من أعمال المحاماة المنصوص عليها في هذا القانون لغير الجهات التي يعملون بها" يدل على أن الشارع لم يضع شرطاً من شروط صحة العمل الذي يقوم به المحامي الذي يعمل بالجهات الواردة بالنص بل أصدر إليه أمراً لا تعدو مخالفته أن تكون مهنية تقع تحت طائلة الجزاء الإداري ولا تستتبع تجريد العمل الذي قام به المحامي من آثاره القانونية ولا تنال من صحته متى تم وفقاً للأوضاع التي تطلبها القانون سواء مارسه المحامي لنفسه أم لحساب غيره وكل ما يترتب على هذا الحظر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو توقيع العقوبات التأديبية التي نص عليها القانون، لما كان ذلك فلا يترتب على توقيع المطعون ضده على صحيفة افتتاح الدعوى أي بطلان لكونه محامياً بالإدارة القانونية لإحدى شركات القطاع العام، والنعي في شقه الثاني غير صحيح إذ جاء بمدونات الحكم المطعون فيه أن مخالفة قانون الإدارات القانونية مجالها المحاسبة الإدارية إن وجدت أما عقد الاتفاق وعقد الإيجار فلهما احترامهما وقوتهما وأثارهما ولا يؤثر فيها كون المستأنف له حق الأشغال بالمحاماة الحرة أو أنه خالف القاعدة في ذلك..... والبين من هذه الأسباب أن الحكم المطعون فيه لم يجز للمطعون ضده ممارسة مهنة المحاماة ولم يستند في قضائه لصور فوتوغرافية جحدها الطاعن وإنما قرر أن ممارسة المطعون ضده لمهنة المحاماة على خلاف الحظر الوارد في القانون مجالها المحاسبة الإدارية ومن ثم فلا قصور.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالأسباب الثالث والخامس والسادس الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أخطأ في تكييف العقد المؤرخ 30/ 1/ 1963 بقوله إنه عقد شركة لاستغلال مكتب المحاماة مخالفاً بذلك المعنى الظاهر لنصوص العقد التي تفيد استئجاره لجزء من مكان خال من الباطن يحتفظ كل طرفه منهما بعائد جهده وغير صحيح ما قرره الحكم لتبرير قضائه بأن المطعون ضده لم يحقق المزايا الموجودة من التأجير من الباطن إذ الثابت من العقد أنه يحتفظ لنفسه بحجرة بعين النزاع ويساهم معه في أعباء الأجر والمصروفات كما خالف الحكم الثابت بإيصالات سداده الأجرة للجهة المالكة بصفته شريكاً في الإيجار مما يفيد إجازتها للتأجير من الباطن إلا أن الحكم اعتبره نائباً عن المطعون ضده في السداد وأغفل ما جاء بالإيصالات بخصوص المشاركة في الإيجار وقد أوقعته هذه الأخطاء في خطأ آخر عندما قضي بإخلائه من عين النزاع لانتهاء مدة العقد حالة أنه يستأجرها من الباطن فيستفيد من الامتداد القانوني للعقد ولا يجوز إخلاؤه لغير الأسباب الواردة على سبيل الحصر بقانون إيجار الأماكن وليس من بينها انتهاء مدة العقد.
وحيث إن النعي في غير محله ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لقاضي الموضوع السلطة المطلقة في تفسير العقود والمشارطات وسائر المحررات واستخلاص ما يرى أنه الواقع الصحيح في الدعوى ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك ما دام لم يخرج في تفسير العقود عما تحتمله عباراتها أو يجاوز المعنى الظاهر لها لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر أن طرفي العقد المؤرخ 30/ 9/ 1963 قصدا تكوين شركة لاستغلاله مكتب للمحاماة استناداً إلى ما جاء ببنود العقد من اشتراكهما مناصفة في مصروفات تأثيث وتشغيل المكتب ومدخله ومصاريف الصيانة والأجرة وثمن استهلاك الكهرباء والمياه وأجرة البواب والفراش وأتعاب القضايا التي يوكلان فيها معاً وأن المطعون ضده لم يحقق من ذلك مزية التأجير من الباطن ولا يغير من ذلك استقلال كل منهما بقضاياه الخاصة فليس ثمة ما يمنع الشركاء من تنظيم توزيع عائد النشاط على الوجه الذي يرونه كفيلاً بتحقيق مصلحتهم وهي أسانيد سائغة تتفق مع المعنى الظاهر لعبارات العقد وتؤدي إلى صحة ما استخلصه الحكم المطعون فيه في تكييف العقد ومن ثم فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن العقد المؤرخ 30/ 9/ 1963 هو عقد شركة وليس عقد إيجار من الباطن ومن ثم فإن هذا العقد هو الذي يحدد العلاقة بين طرفيه ولا يغير من ذلك ما أثبته الجهة المالكة بظهر إيصالات سداد الأجرة بأن الطاعن شريك للمطعون ضده في الإجازة إذ لا حجية لما أثبته قبل المطعون ضده فضلاً عن صدور هذه الإيصالات باسم هذا الأخير وإذ انتهى الحكم إلى أن سداد الأجرة بمعرفة الطاعن لا يعني أكثر من أنها دفعت منه نيابة عن المطعون ضده ولا تجعله شريكاً في الإيجار فإنه يكون قد التزم بنطاق العلاقة الناشئة عن العقد المؤرخ 30/ 9/ 1963 ولا يعيبه أي قصور، ولما كان عقد الشركة موضوع الدعوى لا يخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن وإنما يحكمه القانون المدني وتنتهي الشركة بانتهاء مدتها الواردة في العقد عملاً بالمادة 526/ 1 من القانوني المدني وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى إخلاء الطاعن من عين النزاع تأسيساً على انتهاء عقد الشركة فإنه يكون قد أعمل صحيح حكم القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والسابع الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والتناقض وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده طلب الحكم بطرده من عين النزاع لانتهاء العقد المؤرخ 30/ 6/ 1963 وإذ قضى الحكم بالإخلاء فإنه يكون قد قضى بما لم يطلبه الخصوم وتناقض مع أسبابه إذ أن الإخلاء لا يكون إلا بصدد علاقة إيجارية ولأحد الأسباب الواردة على سبيل الحصر في قانون إيجار الأماكن وليس من بينها انتهاء مدة العقد كما أن الحكم قضى بالإخلاء ولم يقضي بفسخ العقد بما مفاده أن العقد ما زال سارياً وهو ما يتعارض مع قضائه بالإخلاء.
وحيث إن النعي مردود بأن التناقض الذي يفسد الأحكام هو وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ما تتعارض فيه الأسباب وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تكييف العقد المؤرخ 30/ 9/ 1963 بأنه عقد شركة وكان من المقرر في المادة 526/ 1 من القانون المدني أن الشركة تنتهي بانقضاء الميعاد المعين لها وقد انقضت مدة هذا العقد وبقي الطاعن بعين النزاع دون رضاء المطعون ضده ومن ثم فإنه يعد مغتصباً إذ لم يعد له سند في البقاء بها وإذ قضى الحكم المطعون فيه بالإخلاء تأسيساً على ما تقدم فلا يكون مشوباً بالتناقض ولا يغير من ذلك أن المطعون ضده طلب طرد الطاعن إذ أن الإخلاء والطرد لفظان بمعنى واحد يفيدان بأن الطاعن لم يعد له الحق في البقاء بعين النزاع ويكون الحكم قد فصل في مصير هذا العقد وأوضح أنه غير قائم لانتهاء مدته ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 925 لسنة 5 ق جلسة 25 / 2 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 100 ص 779

جلسة 25 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي وعبد المنعم سالم مشهور وحسني جورجي ومحمد مختار العزبي المستشارين.

-----------------

(100)

القضية رقم 925 لسنة 5 القضائية

(أ) عمد ومشايخ 

- كشوف المرشحين المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون رقم 106 لسنة 1957 - لا تعتبر نهائية ما دام حق الإضافة والحذف فيها مفتوحاً أمام اللجنة الثانية المنصوص عنها في المادة السادسة.
(ب) عمد ومشايخ 

- ميعاد الشهر المنصوص عليه في المادة السادسة من القانون رقم 106 لسنة 1957 في طلبات الإضافة والحذف من كشوف المرشحين - ميعاد توجيهي وتنظيمي لا يترتب على مخالفته أي بطلان.

----------------
1 - أن الكشوف التي تحررها اللجنة المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون رقم 106 لسنة 1957 في شأن العمد والمشايخ لا تعتبر نهائية ما دام الباب يظل مفتوحاً لإضافة أسماء أخرى إلى الكشف أو حذف أسماء فيه عن طريق الالتجاء إلى اللجنة الثانية المنصوص عليها في المادة السادسة ولا تصبح هذه الكشوف نهائية إلا بعد أن تبت هذه اللجنة في الطلبات المقدمة إليها، ولذلك فإنه مهما كان السبب الذي أدى إلى عدم درج اسم المدعي في الكشف الذي حررته اللجنة الأولى فإن المدعي كان الباب أمامه مفتوحاً لقيد اسمه عن طريق اللجنة الثانية.
2 - أن النص في المادة السادسة من القانون رقم 106 لسنة 1957 في شأن العمد والمشايخ على أن يفصل في طلبات الإضافة والحذف في كشوف المرشحين خلال الشهر التالي لانقضاء ميعاد تقديم هذه الطلبات إنما هو من قبيل حسن التوجيه والتنظيم، ومن ثم لا يترتب على مخالفته أي بطلان.


إجراءات الطعن

في أول يونيه سنة 1959 أودع السيد/ ثابت عبد الحافظ الشرقاوي سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 935 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل بجلسة 7 من أبريل سنة 1959 في الدعوى رقم 154 لسنة 5 القضائية المقامة منه ضد وزارة الداخلية والقاضي "بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً مع إلزام المدعي بالمصروفات" وطلب الطاعن - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلغاء القرار الصادر من لجنة الطعون بمديرية سوهاج في 5 من مارس سنة 1958 برفض إدراج اسم الطاعن في كشف المرشحين للشياخة المستجدة لبندر أخميم مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقد أعلن هذا الطعن إلى الوزارة في 7 من يونيه سنة 1959 وعرض على دائرة فحص الطعون في جلسة 16 من أكتوبر سنة 1960 وبعد تداوله في الجلسات قررت الدائرة إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 14 من يناير سنة 1961 وفي هذه الجلسة سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ثم قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن (المدعي) بعريضة أودعت سكرتيرية المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل في 16 من أبريل سنة 1958 أقام الدعوى رقم 154 سنة 5 القضائية ضد وزارة الداخلية طلب فيها الحكم بإلغاء القرار الصادر من لجنة الطعون بمديرية سوهاج في 5 من مارس سنة 1958 - برفض طلب إدراج اسمه في كشف المرشحين للشياخة المستجدة ببندر أخميم وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المذكور مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه أنه استجدت شياخة بلد ناحية أخميم وأعد كشف المرشحين لهذه الشياخة واعترض على إدراج اسم المدعي بين المرشحين فرفع اسمه من الكشف، فقدم طلباً إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة 6 من القانون رقم 106 لسنة 1957 الخاص بالعمد والمشايخ طالباً درج اسمه بين المرشحين، وقد أبلغ بأن اللجنة قررت بتاريخ 5 من مارس سنة 1958 رفض طلبه لفقدانه شرط حسن السمعة. ونعى المدعي على هذا القرار مخالفته للقانون لأن اللجنة لم تفصل في الطلب خلال الشهر التالي لانقضاء ميعاد تقديم الطلبات طبقاً لما يقضي به القانون وقد انقضى هذا الميعاد في 7 من يناير سنة 1958 ومع ذلك لم تفصل اللجنة في طلب المدعي إلا في 5 من مارس سنة 1958؛ كما أن قرار اللجنة بني على عدم توافر شرط حسن السمعة في المدعي في حين أن الشهادات المقدمة تثبت غير ذلك. وقد ردت الوزارة على الدعوى بأن المدعي سبق اتهامه في الجناية رقم 556 جنايات أخميم سنة 1939، شروع في قتل، وقد قررت النيابة حفظ القضية مؤقتاً لعدم كفاية الأدلة وكذلك في الجناية رقم 351 جنايات أخميم سنة 1950 قتل عمد وقد حكم فيها ببراءة المدعي كما أن المدعي قدم حكماً صادراً في 27 من ديسمبر سنة 1957 من محكمة أسيوط برد اعتباره وقد ورد بهذا الحكم أن للمدعي سابقتين الأولى حبسه شهراً مع الشغل لهربه بعد القبض عليه، والثانية حبسه ستين يوماً مع الشغل في جريمة مخالفة شروط المراقبة إذ كان المدعي سبق اعتقاله في معتقل الطور؛ ولهذه الأسباب قررت اللجنة بجلسة 4 من مارس سنة 1958 بإجماع الآراء رفض طلب المدعي وعدم إدراج اسمه في كشف المرشحين للشياخة. وأضافت الوزارة أنه لا يترتب أي بطلان على تأخير اللجنة في النظر في الطلب إلى ما بعد انقضاء الشهر المقرر. وبجلسة 25 من مايو سنة 1958 قضت المحكمة الإدارية برفض طلب وقف التنفيذ. وبجلسة 7 من أبريل سنة 1959 قضت برفض الدعوى، وأقامت المحكمة قضاءها على أن القرار المطعون فيه استند إلى وقائع ثابتة لا يمكن المنازعة فيها وهي أن المدعي سبق اعتقاله في معتقل الطور وأنه حاول الهرب من المعتقل وحكم عليه بالحبس، كما أنه حكم عليه بالحبس مرة ثانية لمخالفته شروط المراقبة، وهذا فضلاً عن سبق اتهامه في قضية شروع في قتل حفظت مؤقتاً لعدم كفاية الأدلة واتهامه في قضية قتل عمد قضى فيها ببراءته منها وهذه الوقائع تنفي عن المدعي صفة حسن السمعة التي يشترط القانون توافرها فيمن يرشح للتعيين في وظيفة شيخ بلد. وقد طعن المدعي في هذا الحكم طالباً إلغاءه والحكم بإلغاء القرار الصادر من لجنة الطعون بمديرية سوهاج في 5 من مارس سنة 1958 برفض إدراج اسمه في كشف المرشحين. وقال المدعي أنه بمناسبة الترشيح للشياخة المستجدة بناحية أخميم اتخذت الإجراءات اللازمة لإعداد كشف المرشحين وتوطئة لذلك أجرت الجهة الإدارية تحرياتها الدقيقة وانتهت إلى توافر شروط القانون في المدعي ليكون شيخاً ومن ضمن هذه الشروط حسن السمعة، ولكن حدث بعد أن أعد الكشف النهائي للمرشحين تمهيداً للتوقيع عليه أن امتنع الشيخ عبد الرحمن الشريف أقدم المشايخ عن التوقيع على الكشف وبرر امتناعه عند سؤاله بمعرفة المأمورية بأن للمدعي أخاً هو شيخ بلد ولا يجوز أن يكون شيخان من عائلة واحدة ولما لفت المأمور نظره إلى أن من عائلته هو شيخين أجاب بأن المدعي لا يتوافر فيه شرط حسن السمعة مع أن هذا الشيخ كان قد سبق أن قرر أن المدعي حسن السلوك ولما سئل باقي المشايخ والمأذون والصراف أجابوا جميعاً بأن المدعي حسن السير والسلوك وطيب السمعة وعللوا موقف الشيخ عبد الرحمن الشريف منه بأن الأمر مرجعه إلى قيام خصومه بين عائلة الشيخ وعائلة المدعي. وقال المدعي أن المركز رأى استشارة المديرية في امتناع الشيخ المذكور عن التوقيع على كشف المرشحين والمديرية بدورها أخذت رأي الوزارة فأجابت الوزارة بأنه لما كان يتحتم توقيع الشيخ المذكور وهو أقدم المشايخ على كشف المرشحين طبقاً للمادة 9 من اللائحة التنفيذية لقانون العمد والمشايخ وإزاء امتناعه عن التوقيع ما دام اسم المدعي مدرجاً في الكشف فالرأي هو حذف اسم المدعي من الكشف حتى يقبل الشيخ المذكور التوقيع عليه والمدعي وشأنه بعد ذلك في تقديم طلب لإدراج اسمه، وهذا هو ما حدث فعلاً فقد حذف اسم المدعي من الكشف؛ ومن ثم فإن حذف اسم المدعي من الكشف لمجرد امتناع الشيخ عبد الرحمن الشريف عن التوقيع عليه بسبب الخصومة التي بينه وبين المدعي، هذا الحذف، كان مخالفاً للقانون ومشوباً بسوء استعمال السلطة ذلك أن المادة 9 من القانون لا تستلزم توقيع جميع الأعضاء على الكشف فهي تنص على أنه "في حالة خلو شياخة بلد يعين المركز لجنة برياسة العمدة وعضوية أقدم المشايخ والمأذون والصراف لتقوم بتحرير كشف بأسماء من يجوز ترشيحهم لها" ولا يمكن أن يؤخذ من ذلك أن حضور جميع أعضاء اللجنة وتوقيعهم جميعاً على الكشف أمر لازم، بل إنه إذا وقعت الأغلبية على الكشف كان صحيحاً متفقاً مع القانون ومضى المدعي يقول أنه بسبب تعنت الشيخ عبد الرحمن الشريف وتفسير إدارة الشياخات بوزارة الداخلية الخاطئ لنصوص اللائحة التنفيذية وضع المدعي تحت رحمة الشيخ المذكور وإذ أصر على حذف اسم المدعي مخالفاً في ذلك رأي المأذون والصراف والمشايخ الآخرين وعددهم تسعة بل ورأى المركز نفسه إزاء هذا التعنت حذف اسم المدعي من الكشف فلم ير بداً من التقدم إلى اللجنة طالباً درج اسمه في الكشف ولكن اللجنة رفضت طلبه في 4 من مارس سنة 1958 بعد الميعاد المقرر واستندت في الرفض إلى أن المدعي ينقصه شرط حسن السمعة. وقال المدعي أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ رأى أن تأخير اللجنة في البت في طلب المدعي إلى ما بعد انقضاء الميعاد المحدد لها في القانون لا يترتب عليه أي بطلان لعدم النص على هذا البطلان في القانون، هذا القول خاطئ وأن وجه الخطأ أن المشروع لا يعني بالنص على هذا الحكم في المسائل الإدارية اكتفاء بأنه مفترض فيها من نفسه ونتيجة لازمة لما تستوجبه، ولا أساس للتفرقة في المواعيد فيقال أن هذا الميعاد توجيهي وذلك الميعاد حتمي بل كلما نص الشارع على ميعاد أوجب فيه اتخاذ إجراء معين فالمفروض أن تقرير هذا الميعاد لحكمة معينة تفوت بفواته، ومن ثم وجب اعتبار الميعاد حتمياً لازماً. وقال المدعي أن الحكم المطعون فيه أخطأ أيضاً إذ رأى أن الأدلة التي يستند إليها المدعي لإثبات حسن سمعته لا ترقى من حيث الثبوت إلى مستوى الوقائع الرسمية المؤيدة بقضايا وأحكام وقال المدعي أنه عندما امتنع الشيخ عبد الرحمن الشريف عن التوقيع على كشف المرشحين إلا إذا حذف منه اسم المدعي، أجرى تحقيق سمعت فيه أقوال سبعة من المشايخ وكذلك الصراف فشهدوا جميعاً بحسن سير وسلوك المدعي واستدل بعضهم على ذلك بأنه مرخص له في حمل السلاح وقد اختتم المحقق محضر التحقيق بقوله "اتضح من الكشف في جداول الانتخاب أن ثابت عبد الحافظ شرقاوي (المدعي) مقيد بجدول شياخة هاشم الشرقاوي رقم 20 وغير مؤشر أمامه بشيء وبالكشف عن سوابقه قدم لنا مندوب تحقيق الشخصية مذكرة بأنه ليس له سوابق وتوجد صحيفة رد اعتباره، وبالاستعلام من قلم الضبط تبين أن المذكور يحمل رخصة سلاح" واستند المدعي أيضاً إلى مذكرة محررة من ضابط المباحث بأن الطاعن حسن السير والسلوك وأنه يشتغل بالزراعة ويمتلك حوالي ثلاثة عشر فداناً ولم يحدث منه ما يخل بالأمن أو يسئ إلى سمعته كما ذكر المدعي أنه عضو بالمجلس الرياضي لمركز أخميم وعضو بالمجلس المركزي لرعاية الشباب وأن هناك حكماً برد اعتباره ويترتب على هذا الحكم محو الحكم القاضي بالإدانة بالنسبة للمستقبل وزوال كل ما يترتب عليه من انعدام الأهلية والحرمان من الحقوق؛ ولذلك فإنه بعد صدور الحكم برد الاعتبار لا يجوز التحدث عن العقوبة السابقة وأشار المدعي إلى القضايا التي اتهم فيها وقال أنه لا يمكن القول بأن أي اتهام يوجه إلى شخص ثم ينتهي بالحفظ أو البراءة يفقده حسن السمعة وانتهى المدعي إلى أن وصف شخص ما بحسن السمعة إنما يكون بشهادة ذوي الرأي عنه في المجتمع الذي يعيش فيه وقد أجمع جميع ذوي الرأي في بلدة المدعي بأنه حسن السمعة وقدم المدعي شهادة من الاتحاد القومي بأخميم مؤرخة في 12 من أكتوبر سنة 1960 تفيد أن المدعي انتخب عضواً بالاتحاد وكذلك انتخب عضواً باللجنة العامة لمركز أخميم كما يشهد الاتحاد بنشاطه العام في الخدمات العامة. ثم قدم المدعي مذكرة أخيرة أثناء حجز القضية للحكم أكد فيها الأسباب التي استند إليها في طعنه.
ومن حيث إن المادة 3 من القانون رقم 106 لسنة 1957 في شأن العمد والمشايخ نصت على الشروط الواجب توافرها فيمن يعين عمدة أو شيخاً ومن بينها الشرط الوارد في الفقرة 2 من تلك المادة وهو "أن يكون حسن السمعة مقيداً في جداول انتخاب القرية وغير محروم من مباشرة حقوقه السياسية أو موقوف حقه فيها" ثم قضت الفقرة الأولى من المادة 4 من ذلك القانون على أنه "عند خلو وظيفة العمدة أو الشيخ يحرر المركز خلال شهر من يوم الخلو كشفاً بأسماء من تتوافر فيهم الشروط الواردة في المادة الثالثة يشمل الاسم واللقب والسن ومحل الميلاد ومحل الإقامة والمهنة ومقدار النصاب المالي وما يكون قد صدر ضده من أحكام جنائية أو قرارات تأديبية وللمركز عند الاقتضاء أن يطلب إلى أي من هؤلاء أن يثبت توافر شروط الترشيح فيه" ونصت المادة 5 على أنه "عقب تحرير الكشوف المشار إليها في المادة السابقة يعرض لمدة عشرة أيام، في الأماكن المطروقة التي يحددها المدير بالقرية، مستخرج من هذه الكشوف، ولكل من أهمل قيد اسمه بدون وجه حق أن يطلب قيده فيه، ولكل من كان اسمه مقيداً بالكشف أن يطلب حذف اسمه من قيد اسمه بغير وجه حق - وتقدم الطلبات بذلك كتابة إلى مأمور المركز خلال مدة العرض والعشرة الأيام التالية لها ويعطي عنها المأمور إيصالات" ثم نصت المادة 6 على أن "تفصل في الطلبات المذكورة لجنة مؤلفة من السكرتير العام للمديرية رئيساً ومن أحد وكلاء النيابة ومن أحد أعضاء لجنة العمد والمشايخ المنتخبين من غير المركز الذي تتبعه القرية وذلك خلال الشهر التالي لانقضاء ميعاد تقديم الطلبات وتصدر قرارات اللجنة بأغلبية الأصوات وتكون القرارات نهائية وتبلغ للمركز لتنفيذها وإخطار ذوي الشأن بها بخطاب موصى عليه بعلم الوصول".
ومن حيث إنه يتضح من المادة الخامسة أن المشرع لم يعتبر الكشوف المحررة طبقاً للمادة الرابعة نهائية بل إن المشرع توقع أن يهمل قيد أسماء أشخاص بغير حق أو أن تقيد أسماء بغير حق أيضاً ولذلك عالج الأمر بأن اشترط عرض هذه الكشوف في الأماكن الظاهرة في القرية وأجاز لكل من أهمل قيد اسمه بغير وجه حق أن يطلب في ميعاد معين إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة السادسة أن تقيد اسمه كما أجاز لمن كان اسمه مقيداً أن يطلب إلى ذات اللجنة حذف اسم من قيد اسمه بغير وجه حق وعهد القانون إلى اللجنة الفصل في هذه الطلبات في ميعاد معين ونص على أن قراراتها نهائية.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن الكشوف التي تحررها اللجنة المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون رقم 106 لسنة 1957 في شأن العمد والمشايخ لا تعتبر نهائية ما دام الباب يظل مفتوحاً لإضافة أسماء أخرى إلى الكشف أو حذف أسماء منه عن طريق الالتجاء إلى اللجنة الثانية المنصوص عليها في المادة السادسة ولا تصبح هذه الكشوف نهائية إلا بعد أن تبت هذه اللجنة في الطلبات المقدمة إليها؛ ولذلك فإنه مهما كان السبب الذي أدى إلى عدم درج اسم المدعي في الكشف الذي حررته اللجنة الأولى وما إذا كان هذا السبب هو نتيجة تعنت الشيخ عبد الرحمن الشريف أو أي سبب آخر فإن المدعي كان الباب أمامه مفتوحاً لقيد اسمه عن طريق اللجنة الثانية وقد لجأ إلى هذا الطريق فعلاً - ومع ذلك فإن القول بأن تعنت الشيخ المذكور وحده هو الذي أدى إلى حذف اسم المدعي هذا القول مردود بأن الأعضاء الآخرين باللجنة وافقوا أيضاً في النهاية على هذا الحذف وإلا لاستطاعوا هم أيضاً الإصرار على بقاء اسم المدعي في الكشف كما أصر الشيخ المذكور على حذفه أما وهم قد وقعوا على الكشف بعد حذف اسم المدعي منه فليس معناه إلا أنهم وافقوا على هذا الحذف، ولا يغير من الموقف شيئاً أن الوزارة كان قد أخذ رأيها وارتأت حذف اسم المدعي على أن يلجأ إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة السادسة إذ أن أعضاء اللجنة بصفتهم أعضاء يحررون الكشف بما يتفق والقانون غير مقيدين في ذلك برأي الوزارة في مسألة فرعية كتلك المسألة ومن ثم فإن الحذف يكون قد تم بموافقة اللجنة بأكملها.
ومن حيث إن المدعي قد لجأ إلى اللجنة الثانية المنصوص عليها في المادة السادسة من القانون فقررت اللجنة رفض طلبه لفقدانه شرط حسن السمعة وينعى المدعي على قرار اللجنة أنه جاء باطلاً لصدوره بعد الميعاد المحدد في المادة السادسة وهو الشهر التالي لانقضاء ميعاد تقديم الطلبات وقد انقضى هذا الميعاد في 7 من يناير سنة 1958 وبذلك يكون الشهر المحدد للجنة للنظر في الطلبات المقدمة إليها قد انتهى في 7 من فبراير سنة 1958 ومع ذلك فإن اللجنة لم تصدر قرارها في طلب المدعي إلا في 4 من مارس سنة 1958.
ومن حيث إنه ولئن كانت اللجنة قد تراخت في نظر طلب المدعي في الميعاد المحدد فإن القرار الذي يصدر من اللجنة بعد هذا الميعاد لا يكون باطلاً كما ذهب المدعي فالنص على هذا الميعاد في القانون إنما هو من قبيل حسن التوجيه والتنظيم ولا يترتب على مخالفته أي بطلان.
ومن حيث إنه عن القرار الذي أصدرته اللجنة برفض طلب المدعي قيد اسمه في كشف المرشحين لفقدانه شرط حسن السمعة فإن اللجنة استندت فيه إلى سبق اتهام المدعي في القضية رقم 556 ج أخميم سنة 1939 وموضوعها شروع في قتل وقررت النيابة حفظها لعدم كفاية الأدلة، والقضية رقم 251 ج أخميم سنة 1950 وموضوعها قتل عمد وحكم فيها ببراءة المدعي، كما قدم المدعي في أوراق التحريات حكماً برد اعتباره صادراً من محكمة أسيوط بتاريخ 27 من ديسمبر سنة 1953 مبيناً به أن له سابقتين الأولى حبسه شهراً مع الشغل لهروبه بعد القبض عليه (قضية رقم 1737 س 4359 لسنة 1949 من محكمة بور سعيد) والثانية حبسه ستين يوماً مع الشغل لمخالفته شروط المراقبة (قضية رقم 408 سنة 1947 من محكمة الطور) حيث سبق اعتقاله في معتقل الطور.
ومن حيث إن الأسباب التي استندت إليها اللجنة لها أصول ثابتة في الأوراق وقد رأت اللجنة من أجلها أن ماضي المدعي يفقده صفة حسن السمعة وبذلك يكون قد فقد شرطاً من شروط الترشيح لمنصب شيخ بلد ومن ثم فيكون قرار اللجنة قد بني على سببه الصحيح ولا غناء بعد ذلك فيما شهد به بعض المشايخ وغيرهم من حسن سير وسلوك المدعي أو بما هو ثابت في الأوراق من أنه مرخص له في حمل السلاح.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه ويكون الطعن فيه غير مستند إلى أساس سليم من القانون ويتعين الحكم برفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 1030 لسنة 49 ق جلسة 7 / 6 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 121 ص 684

جلسة 7 من يونيه سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور مصطفي كيرة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صلاح الدين عبد العظيم، الدكتور أحمد حسني، الدكتور علي عبد الفتاح ومحمد طموم.

------------------

(121)
الطعن رقم 1030 لسنة 49 القضائية "ضرائب"

ضرائب "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية". "الإعفاء منها". جمعيات.
الإعفاء المقرر للجمعيات التعاونية من ضريبة الأرباح التجارية والصناعية. م 1/ 2 من القانون رقم 128 لسنة 1957 بشأن إعفاء الجمعيات التعاونية من بعض الضرائب. شرطه. أجور العاملين بها. خروجها من نطاق الإعفاء.

-----------------
النص في الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون 128 لسنة 1957 الخاص بإعفاء الجمعيات التعاونية من بعض الضرائب على أنه "ويشترط لتمتع الجمعيات بهذا الإعفاء بعد السنة الأولى من تاريخ العمل بهذا القانون أن تبلغ معاملات أعضائها 51% من مجموع معاملاتها" يدل على أن عبارة "معاملات أعضائها" تنصرف إلى الخدمات التي تؤديها الجمعية لأعضائها وفقاً للغرض الذي أنشئت من أجله والذي أفصحت عنه المادة الرابعة من النظام الداخلي للجمعية من توريد المعدات والأدوات للإعفاء وتصريف منتجاتهم وتقديم الإرشادات الفنية وتطوير الإنتاج وهو ما يتفق وما تغياه المشرع من إنشاء الجمعيات التعاونية والغرض منها، وكانت الأجور التي تتقاضاها الأعضاء تخرج عن مدلول المعاملات إذ لا يتحقق منها معنى الخدمات التي تؤديها الجمعية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية الضرائب قدرت صافي أرباح الطاعنة في المدة من 23/ 4/ 1962 إلى 31/ 12/ 1962 بمبلغ 260 ج و642 م يخضع منه لضريبة الأرباح التجارية والصناعية مبلغ 167 ج و20 م إذ لم ترتض الطاعنة هذا التقدير فقد أحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي قررت بتاريخ 2/ 3/ 1970 تأييد تقديرات المأمورية - طعنت الطاعنة في هذا القرار بالدعوى رقم 486 سنة 1970 أمام محكمة المنصورة الابتدائية التي قضت بتاريخ 5/ 4/ 1972 بتأييد قرار لجنة الطعن - استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 56 سنة 24 ق المنصورة وبتاريخ 11/ 3/ 1979 حكمت محكمة استئناف المنصورة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى فيه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وبياناً لذلك تقول إن الحكم بنى قضاءه بعدم سريان الإعفاء من ضريبة الأرباح التجارية والصناعية المقررة بالمادة الأولى من القانون رقم 128 سنة 1957 على إيرادات الطاعنة لعدم توافر شرط الإعفاء الوارد بالفقرة الثانية من المادة الأولى السالفة الذكر وهو "أن تبلغ معاملات أعضائها 51% من مجموع معاملاتها" تأسيساً على أن مدلول عبارة "معاملات أعضائها" تنصرف إلى ما يشتريه الأعضاء من الجمعية من مواد خام أو مصنعة بقصد توزيعها ولا تنصرف إلى الأجور التي تدفعها الجمعية لأعضائها مقابل الأعمال التي يقومون بها، في حين أن مدلول تلك العبارة ينصرف إلى هذه الأجور باعتبار أنها مقابل عملية التصنيع التي يقوم بها الأعضاء بعد استلام مواد الإنتاج من الجمعية.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 128 سنة 1957 على أنه "ويشترط لتمتع الجمعيات بهذا الإعفاء بعد السنة الأولى من تاريخ العمل بهذا القانون أن تبلغ معاملات أعضائها 51% من مجموع معاملاتها - "يدل على أن عبارة "معاملات أعضائها" تنصرف إلى الخدمات التي تؤديها الجمعية لأعضائها وفقاً للغرض الذي أنشئت من أجله والذي أفصحت عنه المادة الرابعة من النظام الداخلي للجمعية من توريد المعدات والأدوات للإعفاء وتصريف منتجاتهم وتقديم الإرشادات الفنية وتطوير الإنتاج وهو ما يتفق وما تغياه المشرع من إنشاء الجمعيات التعاونية والغرض منها، وكانت الأجور التي يتقاضاها الأعضاء تخرج عن مدلول المعاملات إذ لا يتحقق فيها مبنى الخدمات التي تؤديها الجمعية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.

الطعن 39 لسنة 25 ق جلسة 25 / 6 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 75 ص 494

جلسة 25 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحسن العباسي، وعبد السلام بلبع المستشارين.

------------------

(75)
الطعن رقم 39 لسنة 25 القضائية

(أ) عمل "فسخ عقد العمل".
حق رب العمل في فسخ عقد العمل لإخلال العامل بأحد التزاماته الجوهرية في العقد المحدد المدة. مرده أن العقد ملزم لطرفيه ويرتب في ذمتهما التزامات متبادلة.
(ب) عمل "التزامات العامل الجوهرية". حكم "تسبيب معيب".
إيضاح المادة 685 مدني التزامات العامل الجوهرية. منها تأديته العمل بنفسه وبذله فيه من العناية ما يبذله الشخص المعتاد. تمسك رب العمل في تبرير فصله للعامل بعدم بذلك العناية اللازمة. عدم الرد على هذا الدفاع الجوهري. نفي جهل العامل بالعمل والتنويه بكفاءته - لا يدل بذاته على نفي ما تمسك به رب العمل ولا يصلح رداً على هذا الدفاع. قصور.

-------------------
1 - حق رب العمل في فسخ العقد لإخلال العامل بأحد التزاماته الجوهرية في العقد المحدد المدة يرجع في أصله إلى أن عقد العمل ملزم لطرفيه ويرتب في ذمتهما التزامات متبادلة تسوغ لأحدهما التحلل من رابطة العقد إذا امتنع الطرف الآخر عن تنفيذ التزامه أو أخل به.
2 - أوضحت المادة 685 من القانون المدني التزامات العامل الجوهرية ومنها ما أوجبته على العامل في فقرتها الأولى من "أن يؤدي العمل بنفسه وأن يبذل فيه من العناية ما يبذله الشخص المعتاد" - فإذا كان الطاعن قد تمسك في دفاعه تبريراً لفصل المطعون عليه إخلال الأخير بالتزاماته بعدم بذله في العمل المتعاقد عليه العناية اللازمة مما سبب للطاعن خسارة، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع ولم يعن بالرد عليه، وكان ما أورده بأسبابه من نفي جهل الطاعن بالعمل المتعاقد عليه أو التنويه بكفاءته لا يدل بذاته على نفي ما تمسك به الطاعن من إخلال المطعون عليه بالتزاماته الناشئة عن عقد العمل ولا يصلح رداً على هذا الدفاع الجوهري الذي قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد عاره قصور في التسبيب يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه أقام على الطاعن الدعوى رقم 344 سنة 1952 مدني كلي ببور سعيد وقال في بيان دعواه إنه بمقتضى عقد مؤرخ 10/ 2/ 1952 تعاقد مع المطعون عليه على أن يعمل لديه في وظيفة مراقب لإدارة أشغال صيانة مباني شركة قناة السويس التي رسا عطاؤها على الطاعنة وذلك براتب شهري قدره 350 جنيهاً لمدة سنتين بدايتهما تاريخ تحرير العقد الذي نص فيه على أنه لا يجوز إلغاؤه بغير اتفاق الطرفين وبإخطار سابق لمدة شهر مقدماً. ولكنه فوجئ في 26/ 5/ 1952 بإخطار الطاعن بالاستغناء عنه دون بيان الأسباب. ولما كان هذا الفصل قد صدر بغير مبرر فإن من حقه المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر يكتفي في تقديره بقيمة المرتب عن باقي مدة العقد أي مبلغ 735 جنيهاً طلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفعه له والمصاريف والأتعاب والنفاذ. وقد دفع الطاعن هذه الدعوى بأنه لم يتعسف في فصل المطعون عليه وبأن هذا الفصل إنما يرجع إلى أسباب تبرره منها جهل المطعون عليه بالعمل الذي تعاقد عليه وأنه لم يبذل فيه ما يبذله الشخص المعتاد مما سبب للطاعن في مدة الشهور الثلاثة التي باشر المطعون عليه العمل خلالها خسارة تقدر بنحو ألف جنيه. وبتاريخ 29/ 10/ 1935 قضت محكمة بور سعيد الابتدائية في هذه الدعوى حضورياً بإلزام المدعى عليه (الطاعن) بأن يدفع للمدعي (المطعون عليه) مبلغ 105 جنيهاً والمصروفات المناسبة ومبلغ 300 قرش أتعاب محاماة والنفاذ. فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 6 سنة 6 ق المنصورة كما استأنفه المطعون عليه بالاستئناف رقم 19 سنة 6 ق المنصورة. وبعد أن قررت محكمة الاستئناف ضم الاستئنافين قضت فيهما بتاريخ 16/ 12/ 1954 بقبولهما شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه مبلغ 735 جنيهاً والمصروفات عن الدرجتين و10 جنيهات مقابل أتعاب المحاماة عنهما. وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وعرض الطعن على الدائرة فحص الطعون بجلسة 6/ 5/ 1959 وأصر الطاعن على طلباته وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها التي انتهت فيها إلى طلب نقض الحكم المطعون فيه، فقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحددت لنظره جلسة 11 من يونيه سنة 1959 وفيها أصر كل من طرفي الخصومة على طلباته وصممت النيابة على رأيها سالف الذكر.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه في الوجه الرابع من السبب الثاني من سببي الطعن أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن المطعون عليه يجهل العمل المتعاقد عليه وأنه لم يبذل في أدائه من العناية ما يبذله الشخص المعتاد إذ طلب أكثر من مرة خامات وأدوات تبين بعد إرسالها إليه في موقع العمل أنها تزيد بكثير عن مقتضيات العمل مما ألحق بالطاعن أضرار مادية كبيرة بلغت الألف جنيه وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الوقائع، ولكن المحكمة رفضت هذا الطلب استناداً إلى ما استخلصته من الأوراق التي قدمها لها المطعون عليه والخاصة بعمله لدى شركة قناة السويس قبل التحاقه بخدمة الطاعن كملاحظ لعمليات مباني الشركة في حين أنه لا علاقة بين هذه الأوراق وبين الوقائع التي تمسك الطاعن بإثباتها والتي تفيد أن المطعون عليه فوق كونه جاهلاً بالعمل لم يبذل في تأديته ما يبذله الشخص المعتاد فجاء حكمها مشوباً ببطلان جوهري يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الصورة الرسمية طبق الأصل من المذكرة التي قدمها الطاعن لمحكمة الاستئناف لجلسة 24/ 6/ 1954 أنه تمسك فيها بما نص به في هذا الوجه إذ جاء بالصحيفة 5 من هذه المذكرة ما يأتي: "سبق القول أن سبب الفصل يرجع إلى أسباب ثلاثة نلخصها في أن المدعي (المستأنف عليه) أولاً - يجهل العمل الذي تم التعاقد معه بشأنه ثانياً - ولأنه لم يبذل في تأديته من العناية ما يبذله الشخص المعتاد - فقد طلب أكثر من مرة خامات وأدوات تبين بعد إرسالها إليه في مكان العمل أنها تزيد بكثير عن مقتضيات العمل مما ألحق بالمستأنف أضراراً مادية بلغت ألف جنيه في مدة خدمته القصيرة". ومؤدى ذلك أن الطاعن في هذا الشق من الدفاع قد استند في نفي دعوى المطعون عليه إلى أمرين: الأول - أنه يجهل العمل المتعاقد عليه - الثاني - أنه لم يبذل فيه ما يبذله الشخص المعتاد مما سبب له خسارة تقدر بألف جنيه.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه رد على هذا الدفاع بقوله: "ومن حيث إن الحاج محمد عبد الفتاح أبو النجا ينعى على الحكم المستأنف أن محكمة أول درجة قد رفضت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات جهل جيوفاني بارجيلي بالعمل الذي تم التعاقد بشأنه وبعدم ائتماره بأوامره - ومن حيث إن هذه المحكمة ترى عن المبرر الأول من أسباب فصل جيوفاني بارجيلي وهو جهله بالعمل الذي تم التعاقد عليه وعدم كفاءته فإن الثابت من الاطلاع على المستندات المقدمة من جيوفاني أنه كان يعمل بشركة قناة السويس كملاحظ لعمليات الشركة من 1/ 1/ 1930 إلى 1/ 8/ 1940 وهو تاريخ الاستغناء من خدمته بسبب حالة الحرب القائمة في ذلك الوقت كما أنه اشتغل قبل ذلك بورش الشركة لحساب المقاول في المدة من فبراير سنة 1923 حتى 1/ 1/ 1930 وهو تاريخ تعيينه بالشركة ثم عين لمدة شهرين بتاريخ 21/ 3/ 1950 حتى 20/ 5/ 1950 وصار العقد المذكور يتجدد من مدة لأخرى كملاحظ لعمليات مباني الشركة الجديدة وبلغ كسبه عن أخر شهر تقاضاه 50 جنيهاً و808 مليماً فشخص هذا حالة ليس من السهل بعد ذلك القول بجهله وعدم كفاءته في العمل الذي تم التعاقد عليه وهو من نفس نوع العمل الذي مارسه من قبل كل تلك السنين الطويلة، ولا يؤثر في ذلك القول بأنه لو كان كفئاً لهذا العمل لألحقته شركة القنال بالعمل لديها إذ من الجائز ألا يكون لديها في الوقت الحاضر مكاناً له".
ومن حيث إن حق رب العمل في فسخ العقد لإخلال العامل بأحد التزاماته الجوهرية في العقد المحدد المدة يرجع في أصله إلى أن عقد العمل ملزم لطرفيه ويرتب في ذمتهما التزامات متبادلة تسوغ لأحدهما التحلل من رابطة العقد إذا امتنع الطرف الآخر عن تنفيذ التزامه أو أخل به. ولما كانت المادة 685 من القانون المدني قد أوضحت التزامات العامل الجوهرية ومنها ما أوجبته على العامل في فقرتها الأولى من "أن يؤدي العمل بنفسه وأن يبذل فيه من العناية ما يبذله الشخص المعتاد"، وكان الطاعن قد تمسك في دفاعه تبريراً لفصل المطعون عليه إخلال الأخير بالتزاماته بعدم بذله في العمل المتعاقد عليه العناية اللازمة مما سبب للطاعن خسارة بلغت الألف جنيه، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع ولم يعن بالرد عليه، وكان ما أورده بأسبابه السابق الإشارة إليها من نفي جهل الطاعن بالعمل المتعاقد عليه أو التنويه بكفاءته لا يدل بذاته على نفي ما تمسك به الطاعن من إخلال المطعون عليه بالتزاماته الناشئة عن عقد العمل ولا يصلح رداً على هذا الدفاع الجوهري الذي قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد عاره قصور في التسبيب يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 1787 لسنة 6 ق جلسة 18 / 2 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 99 ص 771

جلسة 18 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل ومحمود محمد إبراهيم وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

-----------------

(99)

القضية رقم 1787 لسنة 6 القضائية

موظف - تقدير السن 

- نص المادة 8 من القانونين رقمي 5 لسنة 1909 و37 لسنة 1929 الخاصين بالمعاشات الملكية على اعتماد شهادة الميلاد أو شهادة رسمية مستخرجة من دفاتر المواليد في هذا التقدير - قيام شهادة التطعيم مقامها إذا حوت كافة البيانات المحررة بهذه الدفاتر.

-----------------
يبين من الاطلاع على دكريتو 24 من يونيه سنة 1901 بالتصديق على لائحة المستخدمين الملكيين في مصالح الحكومة وهي اللائحة التي في ظلها عين المدعي أنه لم يرد بتلك اللائحة نص صريح يبين الوسيلة التي يقدر بها سن الموظف وإنما نصت الفقرة الثالثة من المادة الثامنة من القانون رقم 5 لسنة 1909 الخاص بالمعاشات الملكية الذي عومل المدعي به عند تثبيته على أنه "يعتمد في تقدير سن الموظفين والمستخدمين على شهادة الميلاد أو على شهادة رسمية مستخرجة من دفاتر المواليد، وفي حالة عدم إمكان الحصول على إحدى هاتين الشهادتين يعتمد على تقدير القومسيون الطبي بالقاهرة أو بالإسكندرية أو على تقدير طبيبين مستخدمين في الحكومة منتدبين لهذا الغرض في المديريات والمحافظات". وقد رددت الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية ذلك النص.
ولا جدال في أن تعيين سن الموظف هو من المسائل المتعلقة بالنظام العام لما لها من اتصال وثيق بالحقوق والواجبات ومؤدى ذلك أنه متى تم تعيينها بالطريق الذي رسمه القانون استقرت الأوضاع القانونية على مقتضى هذا التعيين وليس لذوي الشأن أن يتمحلوا للمنازعة فيها عن طريق المجادلة في تلك السن.
والدليل الطبيعي لإثبات السن يجب أن يستقي من الدفتر الرسمي لقيد المواليد، فقد أعدت البيانات التي به لهذا الغرض ويحررها موظف مختص مسئول، وبهذه المثابة لها من الحجية الرسمية في الإثبات ما يتضاءل ما يتضاءل معه أي دليل آخر من تحريات أو تقديرات أو ما أشبه ذلك.
والشارع عندما نص على أن المرجع في تقدير السن إلى شهادة الميلاد أو الشهادة الرسمية المستخرجة من دفتر المواليد إنما عنى شهادة الميلاد ذاتها أو صورة رسمية من البيانات المحررة بدفتر قيد المواليد بواسطة الموظف المختص، ولا جدال في أن شهادة التطعيم التي قدمها المدعي عند التحاقه بالخدمة إثباتاً لسنة هي شهادة رسمية حوت كافة البيانات الخاصة بالمدعي الواردة بدفتر المواليد، فقد ورد بها اسمه واسم والده ومحل وتاريخ الميلاد ورقم القيد هي بهذه المثابة الشهادة التي تطلبها القانون في المادة الثامنة من القانونين رقمي 5 لسنة 1909، 37 لسنة 1929 بشأن المعاشات الملكية.


إجراءات الطعن

في 26 من يونيه سنة 1960 طعنت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير العدل في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة العدل بجلسة 26 من إبريل سنة 1960 في الدعوى رقم 6 لسنة 7 القضائية المرفوعة من محمد محمد أبو العينين ضد وزارة العدل القاضي "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من وزير العدل في 16 من مارس سنة 1959 بإحالة المدعي إلى المعاش اعتباراً من 31 من مارس سنة 1959 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليها بالمصروفات وبمبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلبت الإدارة الطاعنة - للأسباب التي استندت إليها في عريضة الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أعلن الطعن للمدعي في 31 من أكتوبر سنة 1960 وعين لنظره أمام هيئة فحص الطعون جلسة 25 من ديسمبر سنة 1960 فقررت إحالته إلى المحكمة العليا لجلسة 28 من يناير سنة 1961 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة العدل في 12 من أكتوبر سنة 1959 أقام المدعي الدعوى رقم 6 لسنة 7 القضائية ضد وزارة العدل طالباً الحكم بإيقاف تنفيذ القرار الصادر بإحالته إلى المعاش حتى يفصل في موضوع الطعن، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 205 لسنة 1959 بإحالته إلى المعاش اعتباراً من 31 من مارس سنة 1959 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال في بيان ذلك أنه كان يشغل وظيفة كاتب أول محكمة بندر دمنهور الجزئية وفي 16 من مارس سنة 1959 أصدر السيد وزير العدل القرار رقم 205 لسنة 1959 بإحالته إلى المعاش اعتباراً من 31 من مارس سنة 1959 استناداً إلى ما جاء بشهادة التطعيم المودعة بملف خدمة المدعي والتي ورد بها أنه من مواليد بندر المنصورة في 31 من مارس سنة 1899، وقد أعلن المدعي بذلك القرار في 22 من مارس سنة 1959 فتظلم منه في 18 من مايو سنة 1959 إلى السيد مفوض الدولة الذي قرر في 18 من يوليه سنة 1959 رفض التظلم، وقد قدم المدعي طلباً بمعافاته من رسوم الطعن في القرار المذكور، وفي 28 من سبتمبر سنة 1959 صدر قرار بقبول طلب المعافاة فأقام هذه الدعوى طعناً في قرار إحالته إلى المعاش مؤسساً طعنه على الأسباب الآتية: أولاً - صدر القرار المطعون فيه مشوباً بالبطلان لمخالفته أحكام المادة الثامنة من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تقضي بأنه "تثبت سن الموظف عند التعيين بشهادة الميلاد أو بصورة رسمية منها مستخرجة من سجلات المواليد وإلا حدد السن بقرار من القومسيون الطبي العام، ويكون هذا القرار غير قابل للطعن حتى ولو قدمت بعد ذلك شهادة الميلاد أو صورتها الرسمية". وهذا الحكم الوارد بالمادة المذكورة يتعين اتباعه في تقدير سن الموظف ولا يجوز اتباع طريقة أخرى مهما كانت وسيلتها يؤيد ذلك ما قضت به محكمة القضاء الإداري قبل صدور القانون رقم 210 لسنة 1951 وبعد صدوره، كما أصدر ديوان الموظفين كتابه الدوري رقم 32 لسنة 1953 الذي أبدى فيه أنه لاحظ أن كثيراً من الموظفين والمستخدمين يحالون إلى المعاش لبلوغهم السن القانونية استناداً إلى شهادة القرعة أو تقدير طبي من طبيب واحد أو من المعلومات الواردة من دار المحفوظات ونبه الديوان إلى ضرورة استيفاء ملفات خدمة الموظفين فيما يتعلق بتقدير أعمارهم وذلك بمطالبتهم بشهادة الميلاد أو بصورة رسمية منها أو إحالتهم إلى القومسيون الطبي العام قبل بلوغهم السن القانونية بوقت كاف قبل أن تتخذ قرار الفصل إذ لا حجية لأي ورقة أخرى في تقدير السن عدا شهادة الميلاد أو المستخرج الرسمي منها أو قرار القومسيون العام، هذا إلى أن وزارة العدل نفسها لم تأخذ بشهادة القرعة أو شهادة التطعيم أو الشهادة الدراسية فأجرت تحريات طلبت على هديها من دار المحفوظات ما يدل على تاريخ ميلاد المدعي فأجابت دار المحفوظات بأنه وجد في يوم 31 من مارس سنة 1899 اسم مولود يدعى محمد محمد عوض ومن العجيب أن الوزارة أجرت تلك التحريات قبل صدور القرار المطعون فيه وبعده وضربت بالقانون وبكتاب ديوان الموظفين عرض الحائط ثم انتهى بها المطاف إلى اسم غير اسم المدعي، وقد أرسل المدعي إلى دار المحفوظات يستعلم عن وجود اسم محمد محمد أبو العينين في دفتر مواليد بندر المنصورة في 31 من مارس سنة 1899 أو قبل هذا التاريخ أو بعده بخمسة عشر يوماً فجاءه الرد بأنه لم يستدل على هذا الاسم وإنما وجد اسم شخص يدعى محمد محمد عوض النحاس. ثانياً - على فرض الأخذ بشهادة التطعيم المودعة ملف الخدمة فإنها ليست ورقة رسمية فهي خلو مما يسبغ عليها هذه الصفة إذ لا يوجد بها خاتم الدولة ولا أي توقيع للموظف المختص. وقد ردت الوزارة على الدعوى بأن المدعي عندما التحق بالخدمة في 5 من أكتوبر سنة 1920 قدم شهادة تطعيم تثبت أنه من مواليد 31 من مارس سنة 1899 كما قدم شهادة الانتقال للسنة الثانية بالمدارس الثانوية مؤرخة 30 من يونيه سنة 1920 ثابت بها أنه من مواليد المنصورة في سنة 1899 كما قدم شهادة من إدارة القرعة العسكرية مؤرخة 2 من فبراير سنة 1918 بأنه من "قرعة سنة 1918 مواليد" ودفع البدل في ذلك التاريخ كما ثبت من كشف تعريفة الخدمة (الاستمارة 134 ع. ح) الموقع عليها منه عند تثبيته في الخدمة سنة 1923 أن تاريخ ميلاده هو 31 من مارس سنة 1899 بالمنصورة، وقد كانت القاعدة المتبعة في الحكومة وعومل المدعي بمقتضاها هو الأخذ بشهادة التطعيم طالما أنها مطابقة لما هو وارد في الشهادة الدراسية الحاصل عليها الموظف وشهادة القرعة العسكرية، وقد أحيل المدعي إلى المعاش استناداً إلى المستندات الرسمية التي قدمها عند تعيينه واقتنعت الوزارة بها حينذاك وقد اتصلت الوزارة - تدعيماً لمركزها - بدار المحفوظات في شأن المدعي فأفادت بكتابها المؤرخ 6 من يونيه سنة 1959 أن اسمه المقيد لديها بتاريخ ميلاده الوارد بشهادة الميلاد (31 من مارس سنة 1899) هو محمد محمد عوض النحاس وقد ثبت من شهادة القرعة العسكرية الخاصة به أن اسمه محمد محمد أبو العينين عوض، كما أنه أثبت في طلب استخدامه في خانة صناعة الوالد أنه نحاس، أما بالنسبة لما يطلبه المدعي من إحالته إلى القومسيون الطبي العام لتقدير سنه فإن ذلك لا يجوز إلا إذا كان الموظف من سواقط القيد وقدم شهادة تثبت عدم قيده بدفاتر المواليد عن سبع سنوات تتوسطها السنة التي يؤدي البحث أنه مولود فيها وانتهت الوزارة من ذلك كله إلى طلب رفض الدعوى. وبجلسة 26 من أبريل سنة 1960 حكمت المحكمة "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من وزير العدل في 16 من مارس سنة 1959 بإحالة المدعي إلى المعاش اعتباراً من 31 من مارس سنة 1959 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليها بالمصروفات وبمبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت المحكمة قضاءها على أن "القانون قد حدد الوسيلة التي يتعين الأخذ بها في تقدير سن الموظف فنص على أن يكون ذلك بشهادة الميلاد أو بصورة رسمية منها من دفتر المواليد وإلا وجب تحديد السن بواسطة القومسيون الطبي العام"، وأنه لما كان "الثابت أن الإدارة قد أحالت المدعي إلى المعاش دون الاستناد في تقدير سنه إلى شهادة الميلاد أو صورتها الرسمية أو إلى قرار من القومسيون الطبي العام، وهي الوسائل التي حددها المشرع على سبيل الحصر لإثبات سن الموظف على ما سلف البيان، فإنه يتعين الحكم بإلغاء قرار إحالة المدعي إلى المعاش وما يترتب على ذلك من آثار وذلك ليعود الأمر من جديد إلى الإدارة لإعمال حكم القانون بإحالته إلى القومسيون الطبي العام ليحدد سنه ولتصدر قرارها على هدي ما يقرره القومسيون الطبي في هذا الشأن".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه يبين من استظهار النصوص التشريعية الصادرة في شأن الموظفين العموميين أن دكريتو 24 من يونيه سنة 1901 قد بين في المادة الثامنة منه الشهادات التي يجب على الموظف تقديمها عند التحاقه بالخدمة وهي: 1 - شهادة دالة على حسن السير والسلوك. 2 - شهادة دالة على الجنسية. 3 - شهادة دالة على اللياقة الطبية، ولم تلزم الموظف تقديم ما يثبت سنه باعتبار أن سن الموظف هو كأي مسوغ آخر واجب البيان والإثبات فيسر على الموظف أن يستوفى هذا التقدير بالطريقة التي تتيسر لديه وإذا كان هذا البيان لازماً في تحديد الوقت الذي يتقاعد فيه الموظف فقد تضمنت قوانين المعاشات المتتابعة نصاً يبين كيفية تحديد سن الموظف، أما القانون رقم 210 لسنة 1951 فقد نص في المادة الثامنة منه على أنه "تثبت سن الموظف عند التعيين بشهادة الميلاد أو بصورة رسمية منها مستخرجة من سجلات المواليد وإلا حددت السن بقرار من القومسيون الطبي العام ويكون هذا القرار غير قابل للطعن حتى ولو قدمت بعد ذلك شهادة الميلاد أو صورتها الرسمية". فإثبات السن عند التعيين بالتطبيق لحكم هذا النص يغني عن الرجوع إلى القوانين المنظمة لأحوال تقاعد الموظفين لتحديد السن مرة أخرى حتى ولو كان الموظف معاملاً بأحد القوانين التي تضمنت نصاً يبين كيفية تقدير سن الموظف، ولما كان المدعي قد التحق بالخدمة في 27 من سبتمبر سنة 1920 في ظل أحكام دكريتو سنة 1901 فإن سنه لم تثبت ابتداء على النحو المنصوص عليه في القانون رقم 210 لسنة 1951، ولما كان قد قبل المعاملة بأحكام قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 فيقتضي الأمر الرجوع إلى أحكام هذا القانون لتحديد سن إحالة المدعي إلى التقاعد وقد نصت المادة الثامنة فقرة ثانية من القانون الأخير على أنه "يعتمد في تقدير سن الموظفين والمستخدمين على شهادة الميلاد أو مستخرج رسمي من دفاتر المواليد فإذا لم يمكن الحصول على إحدى هاتين الشهادتين فيكون التقدير بمعرفة القومسيون الطبي بالقاهرة أو الإسكندرية أو بمعرفة طبيبين مستخدمين في الحكومة مندوبين لهذا الغرض في المديريات والمحافظات ولا يجوز الطعن في التقدير بهذه الطريقة بأي حال من الأحوال" ويبين من مقارنة هذه النصوص أن القانون رقم 37 لسنة 1929 عندما نص في الفقرة الثانية من المادة الثامنة على أنه "يعتمد في تقدير سن الموظف...."، قد فتح المجال للموظف لتقديم ما يدلل به على حقيقة سنه من أوراق أخرى غير شهادة الميلاد أو مستخرج رسمي من دفاتر المواليد فإن اقتنعت الجهة الإدارية بالدليل المستمد من هذه الأوراق، اتخذ هذا التقدير أساساً لتاريخ إحالة الموظف إلى المعاش، ولما كان المدعي قد قدم عند التحاقه بالخدمة شهادة رسمية عن نجاحه في امتحان الانتقال الخاص بطلبة السنة الثانية بالمدارس الثانوية ثبت بها أنه مولود في المنصورة سنة 1899 وشهادة تطعيم ثبت بها أنه مولود في 31 من مارس سنة 1899 كما أثبت في طلب الاستخدام أن سنه 20 سنة و9 شهور وقد قبلت الوزارة هذه الأوراق واعتبرت أنه من مواليد 31 من مارس سنة 1899، فلا يسوغ للمدعي بعد ذلك أن يعود فينازع فيما قدمه من بيانات لإثبات سنه بدعوى أنه لم يقدم شهادة الميلاد وأنه كان لزاماً على الوزارة أن تحيله على القومسيون الطبي العام لتقدير سنه وانتهت هيئة المفوضين من ذلك إلى الحكم المطعون فيه إذ أخذ بغير هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه في يونيه سنة 1920 قدم طلباً إلى السيد وزير الحقانية لتعيينه بإحدى الوظائف الخالية بالوزارة وقد ورد به أنه من مواليد المنصورة وأن سنه 20 سنة و9 شهور وأن والده يدعى محمد أبو العينين تاجر نحاس بالمنصورة وقد عين كاتباً بالمحاكم في 5 من أكتوبر سنة 1920، وقد قدم ضمن مسوغات تعيينه الأوراق الآتية: 1 - شهادة تطعيم رسمية ثابت بها أن المسمى محمد بن محمد أبو العينين المولود بالمنصورة في 31 من مارس سنة 1899 قد طعم، كما ورد بها أنه مقيد بدفاتر المواليد تحت رقم معين يظهر منه رقمان هما 41 أما رقم الآحاد فغير ظاهر لقدم الشهادة وتمزقها. 2 - شهادة معافاة بالبدل النقدي باسم محمد بن محمد أبو العينين عوض مؤرخة 4 من فبراير سنة 1918 ورد بها أن المذكور "قرعة سنة 1918 مواليد". 3 - شهادة النجاح في امتحان الانتقال الخاص لطلبة السنة الثانية الثانوية خاصة بمحمد محمد أبو العينين بن الشيخ محمد أبو العينين المولد في المنصورة سنة 1899، كما وجد بالملف كشف تعريف عن مدة خدمة محرر بمعرفة المدعي أثبت فيه أنه ولد في 31 من مارس سنة 1899 بالمنصورة وقد اعتمدت الوزارة هذه المستندات واعتبرت أن المدعي من مواليد 31 من مارس سنة 1899 وقد ثبت بعد ذلك في الخدمة وجرت جميع الأوراق الخاصة به على أن ميلاده هو التاريخ المشار إليه. وفي 16 من مارس سنة 1959 أصدر السيد وزير العدل قراراً برفع اسم المدعي من سجل قيد أسماء موظفي القسم المدني بالمحاكم الابتدائية لإحالته إلى المعاش اعتباراً من 31 من مارس سنة 1959، وفي 23 من مارس سنة 1959 قدم المدعي طلباً إلى السيد قاضي محكمة بندر دمنهور الجزئية يذكر فيه أنه صدر قرار السيد الوزير بإحالته إلى المعاش اعتباراً من 31 من مارس سنة 1959 والتمس الموافقة على امتداد مدة خدمته ثلاثة أشهر ليتسنى له تسليم عهدته وقد وافقت الوزارة على إبقائه بالعمل مدة شهر ثم وافقت على إبقائه شهرين آخرين بعد الرجوع إلى ديوان الموظفين، ويبين من الأوراق أيضاً أن وزارة العدل طلبت من دار المحفوظات في شهر مارس سنة 1959 بياناً بتاريخ ميلاد المدعي فورد إليها مؤرخ 19 من مارس سنة 1959 يفيد أنه "بالبحث بدفاتر مواليد بندر المنصورة بتاريخ 31 من مارس سنة 1899 وجد ما يأتي: تاريخ الميلاد 31 من مارس سنة 1899، اسم المولود محمد بن محمد عوض النحاس، ورقم القيد 419" وظاهر من كتاب دار المحفوظات سالف الذكر أن تاريخ الميلاد الوارد به يطابق تاريخ ميلاد المدعي كما يطابق رقم القيد الرقم الوارد بشهادة التطعيم، كما أن الأسماء هما لشخص واحد ذلك أنه وارد بشهادة المعافاة المقدمة من المدعي أن اسمه محمد بن محمد أبو العينين عوض وورد بكتاب دار المحفوظات أن الاسم الوارد بدفاتر المواليد هو محمد بن محمد ثم كلمة محددة وهي تتفق مع عوض الواردة بشهادة المعافاة، أما النحاس فتنصرف إلى مهنة والد المدعي.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على دكريتو 24 من يونيه سنة 1901 بالتصديق على لائحة المستخدمين الملكيين في مصالح الحكومة وهي اللائحة التي في ظلها عين المدعي أنه لم يرد بتلك اللائحة نص صريح يبين الوسيلة التي يقدر بها سن الموظف، وإنما نصت الفقرة الثالثة من المادة الثامنة من القانون رقم 5 لسنة 1909 الخاص بالمعاشات الملكية الذي عومل المدعى به عند تثبيته على أنه "يعتمد في تقدير سن الموظفين والمستخدمين على شهادة الميلاد أو على شهادة رسمية مستخرجة من دفاتر المواليد، وفي حالة عدم إمكان الحصول على إحدى هاتين الشهادتين يعتمد على تقدير القومسيون الطبي بالقاهرة أو بالإسكندرية أو على تقدير طبيبين مستخدمين في الحكومة منتدبين لهذا الغرض في المديريات والمحافظات". وقد رددت الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية ذلك النص.
ومن حيث إنه لا جدال في أن تعيين سن الموظف هو من المسائل المتعلقة بالنظام العام لما لها من اتصال وثيق بالحقوق والواجبات ومؤدى ذلك أنه متى تم تعيينها بالطريق الذي رسمه القانون استقرت الأوضاع القانونية على مقتضى هذا التعيين وليس لذوي الشأن أن يتمحلوا للمنازعة فيها عن طريق المجادلة في تلك السن.
ومن حيث إنه مما لا شك فيه أن الدليل الطبيعي لإثبات السن يجب أن يستقي من الدفتر الرسمي لقيد المواليد، فقد أعدت البيانات التي به لهذا الغرض ويحررها موظف مختص مسئول، وبهذه المثابة لها من الحجية الرسمية في الإثبات ما يتضاءل معه أي دليل آخر من تحريات أو تقديرات أو ما أشبه ذلك.
ومن حيث إن الشارع عندما نص على أن المرجع في تقدير السن إلى شهادة الميلاد أو الشهادة الرسمية المستخرجة من دفتر المواليد إنما هي شهادة الميلاد ذاتها أو صورة رسمية من البيانات المحررة بدفتر قيد المواليد بواسطة الموظف المختص، ولا جدال في أن شهادة التطعيم التي قدمها المدعي عند التحاقه بالخدمة إثباتاً لسنه هي شهادة رسمية حوت كافة البيانات الخاصة بالمدعي الواردة بدفتر المواليد فقد ورد بها اسمه واسم والده ومحل وتاريخ الميلاد ورقم القيد وهي بهذه المثابة الشهادة التي تطلبها القانون في المادة الثامنة من القانونين رقم 5 لسنة 1909، 37 لسنة 1929 بشأن المعاشات الملكية.
ومن حيث إنه لما كان تعيين سن المدعي قد جاء وفقاً للطريقة التي رسمها القانون فهو يلزم بها وبالأوضاع القانونية التي استقرت على مقتضاها ومن ثم يكون القرار المطعون فيه إذ استند في إحالة المدعي إلى المعاش لبلوغه السن إلى التقديرات المذكورة قد جاء مطابقاً للقانون.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن قد قام على أساس سليم من القانون ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير ما تقدم قد خالف القانون ويتعين من أجل ذلك إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 1392 لسنة 5 ق جلسة 18 / 2 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 98 ص 760

جلسة 18 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومحمد مختار العزبي وعزت عبد المحسن المستشارين.

----------------

(98)

القضية رقم 102 لسنة 6 القضائية

موظف - تأديب 

- حق رئيس ديوان المحاسبات في طلب تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بقرارات الإدارة الصادرة في المخالفات المالية - عدم سريان هذا الميعاد إلا من يوم إخطار رئيس الديوان بالجزاء في صورته النهائية بعد استعمال الوزير حقه في التعديل أو الإلغاء أو بعد فوات مدة الشهر المقررة لاستعمال هذا الحق - أساس ذلك.

-------------------
إن المستفاد من نصوص المواد 12، 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية في الإقليم المصري والمادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1952 بشأن نظام موظفي الدولة أن المشرع حرصاً منه على حسن سير الجهاز الحكومي قد منح الوزير بصفته الرئيس الأعلى لوزارته الحق في تعديل الجزاءات التي توقع على موظفي الوزارة بالزيادة أو بالنقص أو في إلغائها أو في إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية إذا رأى أن الجزاء الموقع عليه لا يتناسب مع جسامة الفعل الذي ارتكبه كما رأت بالإضافة إلى ذلك محافظة على أموال الدولة وصيانة لها أن يكل إلى الجهة المنوط بها مراجعة التصرفات المالية في الدولة وهي ديوان المحاسبة الحق في الاعتراض على الجزاءات التي توقعها الجهات الإدارية بالنسبة للمخالفات المالية - دون المخالفات الإدارية - ويطلب إلى النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية ضده، فسلطة ديوان المحاسبة في الرقابة والتعقيب لا تكون إلا بالنسبة لجزاءات عن مخالفات معينة ولا يمكن أن يستقيم له هذا الحق إلا بعد أن يكون الجزاء قد استقر على وضع نهائي وإلا انتفت الحكمة من الرقابة وأصبحت قاصرة عن تحقيق الغرض منها كما لو أخطر بجزاء أوقعه وكيل الوزارة أو رئيس المصلحة ورأى أنه كاف ورادع فلم يعترض عليه في الموعد المحدد وكان الوزير عند عرض الأمر عليه قد ألغى هذا الجزاء أو خفضه أو يرى رئيس الديوان على العكس من ذلك أن الجزاء لا يتناسب مع خطورة الفعل الذي ارتكبه الموظف فيعترض عليه ويطلب إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية في الوقت الذي شدد فيه الوزير الجزاء إلى الحد الذي لو عرض على ديوان المحاسبة لرأى فيه الكفاية. هذا النظر هو ما يتفق مع التفسير السليم للمادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 حيث أوجب على الجهة الإدارية إخطار ديوان المحاسبة بالجزاء. وليست الجهة الإدارية هنا هي وكيل الوزارة أو رئيس المصلحة وإنما هي الجهة الإدارية كمجموع وهي على هذا النحو بالنسبة للوزارة هي الجهاز بأكمله.
وتأسيساً على ما تقدم فإن الجزاء الذي يتعين عرضه على رئيس ديوان المحاسبة بالنسبة للمخالفات المالية هو الجزاء المستقر وذلك إما بمضي الشهر الذي يحق للوزير أثناء تعديله أو إلغاؤه وإما باستعمال الوزير سلطته التي خوله القانون إياها، وبالتالي لا تسري المدة المحددة لاعتراض رئيس ديوان المحاسبة إلا من يوم إخطاره بالجزاء بعد استقراره على الوجه السالف الذكر.


إجراءات الطعن

بتاريخ 4 من نوفمبر سنة 1959 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة بجلسة 6 من سبتمبر سنة 1959 في الدعوى التأديبية رقم 51 من السنة الأولى القضائية المقامة ضد محمود أحمد مختار الموظف من الدرجة الخامسة بإدارة الكهرباء والغاز وإسماعيل محمد باز الموظف من الدرجة السابعة بإدارة الكهرباء والغاز والقاضي بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد. وطلب السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - قبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول الدعوى التأديبية وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية المختصة للفصل في موضوعها مع إلزام المطعون ضدهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أعلن هذا الطعن إلى السيد/ محمود أحمد مختار في 28 من يناير سنة 1960 وإلى السيد/ إسماعيل محمد باز في 24 من نوفمبر سنة 1959 وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 8 من يناير سنة 1961 حيث أحيل إلى المحكمة الإدارية العليا وعين لنظره جلسة 4 من فبراير سنة 1961، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بناء على شكوى من مجهول ضد السيد/ محمود أحمد مختار أحيل الأمر إلى النيابة الإدارية للتحقيق وأن الأخيرة بعد أن قامت بإجراء التحقيق انتهت إلى أن كلاً من السيدين محمود أحمد مختار وإسماعيل محمد باز مسئولاً عن عدة مخالفات مالية الأول بصفته فاعلاً أصلياً والثاني بصفته شريكاً وأنه لما رفع هذا الأمر إلى السيد المدير العام لإدارة الكهرباء والغاز أمر في 22 من أكتوبر سنة 1958 بمجازاة كل منهما بخصم يوم من راتبه وأخطر ديوان المحاسبة بخطاب مؤرخ 4 من نوفمبر سنة 1958 بهذا الجزاء مشفوعاً بمذكرة النيابة الإدارية كما رفع أمر هذا الجزاء إلى السيد وزير الصناعة الذي كانت تتبعه إدارة الكهرباء والغاز في ذلك الحين فوافق على هذا الجزاء في 18 من نوفمبر سنة 1948. وفي أول ديسمبر سنة 1958 صدرت إدارة الكهرباء والغاز إلى السيد رئيس ديوان المحاسبة خطاباً تخطره فيه باعتماد السيد وزير الصناعة للجزاء الذي أوقعه السيد المدير العام كما أرفقت بهذا الخطاب ملف التحقيق. وفي 16 من ديسمبر سنة 1958 اعترض ديوان المحاسبة على الجزاء وطلب إحالة المتهمين إلى المحاكمة التأديبية. أحيل المتهمان إلى المحكمة التأديبية لمحاكمتهما على التهم المنسوبة إليهما وقضت هذه المحكمة في 6 من ديسمبر سنة 1959 بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد وأقامت قضاءها على أن ميعاد اعتراض ديوان المحاسبة طبقاً لنص المادة 13 من قانون النيابة الإدارية يسري من تاريخ إخطاره بالجزاء الموقع من الجهة الإدارية دون التفات إلى المدة التي حددها القانون للوزير باستعمال حقه في تعديل الجزاء أو إلغائه وأضافت أنه يمكن إزالة مثل هذا الاضطراب باتفاق يعقد بين ديوان المحاسبة والجهات الإدارية على عدم إخطاره بتوقيع الجزاء على الموظف إلا بعد استعمال الوزير لحقه في التعديل أو الإلغاء وأنه وقد أخطر ديوان المحاسبة في 4 من نوفمبر سنة 1958 بتوقيع الجزاء مشفوعاً بمذكرة وافية عن موضوع الاتهام - وهي المذكرة التي وضعتها النيابة الإدارية عقب انتهاء التحقيق - ومضى على ذلك أكثر من خمسة عشر يوماً لذا تكون الدعوى غير مقبولة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أمرين أولهما أن الإخطار الذي يعتد به هو الإخطار الذي يوجه إلى ديوان المحاسبة بعد أن يكون الجزاء قد استقر وأصبح نهائياً إما باستعمال الوزير لحقه في التعقيب عليه بإلغائه أو تعديله أو بطلب الإحالة إلى المحاكمة التأديبية وإما بفوات المدة المحددة لاستعمال الوزير لهذا الحق، أما الإخطارات السابقة على ذلك فلا يعول عليها أو يعتد بها طالما أن الجزاء كان معرضاً للتعديل أو الإلغاء وثانيهما أن الميعاد المحدد لديوان المحاسبة هو ميعاد تنظيمي قصد به سرعة البت في القضايا شأنه في ذلك شأن المدة المحددة للنيابة الإدارية لرفع الدعوى وتأسيساً على ذلك فإن تجاوز هذه المدة لا يترتب عليه سقوط الحق في رفعه أمام المحاكم التأديبية.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الأول من أوجه الطعن فإن مثار النزاع فيه يرجع إلى تحديد الوقت الذي يبدأ فيه الحق لديوان المحاسبة في الاعتراض هل هو من تاريخ إخطاره بتوقيع الجزاء من رئيس المصلحة، أو وكيل الوزارة كما يذهب الحكم المطعون فيه أو من تاريخ إخطاره بالجزاء بعد صدوره مستقراً غير قابل للتعديل كما يذهب الطعن.
ومن حيث إن القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية في الإقليم المصري نص في مادتيه 12، 13 على ما يأتي:
مادة 12 "إذا رأت النيابة الإدارية حفظ الأوراق أو أن المخالفة لا تستوجب توقيع جزاء أشد من الخصم من المرتب مدة لا تجاوز 15 يوماً تحيل أوراق التحقيق إلى الوزير أو من يندب من وكلاء الوزارة أو الرئيس المختص.
وعلى الجهة الإدارية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغها نتيجة التحقيق أن تصدر قراراً بالحفظ أو بتوقيع الجزاء.
فإذا رأت الجهة الإدارية تقديم الموظف إلى المحاكمة أعادت الأوراق إلى النيابة الإدارية لمباشرة الدعوى أمام المحكمة التأديبية المختصة.
ويجب على الجهة الإدارية أن تخطر النيابة الإدارية بنتيجة تصرفها في الأوراق خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ صدور قرار الجهة الإدارية". مادة 13 "يخطر رئيس ديوان المحاسبة بالقرارات الصادرة من الجهة الإدارية في شأن المخالفات المالية المشار إليها في المادة السابقة، ولرئيس ديوان المحاسبة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بالقرار أن يطلب تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية. وعلى النيابة الإدارية في هذه الحالة مباشرة الدعوى التأديبية خلال الخمسة عشر يوماً التالية".
ومن حيث إن المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أنه "لوكيل الوزارة أو الوكيل المساعد أو لرئيس المصلحة كل في دائرة اختصاصه توقيع عقوبتي الإنذار والخصم من المرتب مدة لا تجاوز 45 يوماً في السنة الواحدة بحيث لا تزيد مدة العقوبة الواحدة عن 15 يوماً، وذلك بعد سماع أقوال الموظف وتحقيق دفاعه ويكون قراره في ذلك مسبباً. ويعتبر في تطبيق الفقرة السابقة رؤساء للمصالح، الرؤساء العسكريون للإدارات والأسلحة العسكرية وقواد الفرق والمناطق الذين يصدر بتعيينهم قرار من وزير الحربية. كما يعتبر كذلك من يعينه الوزير بقرار منه من رؤساء الإدارات وغيرهم ويشترط في الحالة الأخيرة أن لا تقل درجاتهم عن الدرجة الثانية. وللوزير سلطة توقيع العقوبات المشار إليها في الفقرة الأولى. كما يكون له سلطة إلغاء القرار الصادر من وكيل الوزارة أو الوكيل المساعد أو رئيس المصلحة أو تعديل العقوبة بتشديدها أو خفضها وذلك خلال شهر من تاريخ إصدار القرار، وله إذا ما ألغى القرار إحالة الموظف إلى مجلس التأديب خلال هذا الميعاد".
ومن حيث إن المستفاد من ذلك أن المشرع حرصاً منه على حسن سير الجهاز الحكومي قد منح الوزير بصفته الرئيس الأعلى لوزارته الحق في تعديل الجزاءات التي توقع على موظفي الوزارة بالزيادة أو بالنقص أو في إلغائها أو في إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية إذا رأى أن الجزاء الموقع عليه لا يتناسب مع جسامة الفعل الذي ارتكبه، كما رأى بالإضافة إلى ذلك محافظة على أموال الدولة وصيانة لها أن يكل إلى الجهة المنوط بها مراجعة التصرفات المالية في الدولة وهي ديوان المحاسبة - الحق في الاعتراض على الجزاءات التي توقعها الجهات الإدارية بالنسبة للمخالفات المالية - دون المخالفات الإدارية - ويطلب إلى النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية ضده، فسلطة ديوان المحاسبة في الرقابة والتعقيب لا تكون إلا بالنسبة لجزاءات عن مخالفات معينة ولا يمكن أن يستقيم له هذا الحق إلا بعد أن يكون الجزاء قد استقر على وضع نهائي، وإلا انتفت الحكمة من الرقابة وأصبحت قاصرة عن تحقيق الغرض منها كما لو أخطر بجزاء أوقعه وكيل الوزارة أو رئيس المصلحة ورأى أنه كاف ورادع فلم يعترض عليه في الموعد المحدد وكان الوزير عند عرض الأمر عليه قد ألغى هذا الجزاء أو خفضه، أو يرى رئيس الديوان على العكس من ذلك أن الجزاء لا يتناسب مع خطورة الفعل الذي ارتكبه الموظف فيعترض عليه ويطلب إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية في الوقت الذي شدد فيه الوزير الجزاء إلى الحد الذي لو عرض على ديوان المحاسبة لرأى فيه الكفاية. هذا النظر هو ما يتفق مع التفسير السليم للمادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 حيث أوجب على الجهة الإدارية إخطار ديوان المحاسبة بالجزاء. وليست الجهة الإدارية هنا هي وكيل الوزارة أو رئيس المصلحة وإنما هي الجهة الإدارية كمجموع وهي على هذا النحو بالنسبة للوزارة هي الجهاز بأكمله.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم فإن الجزاء الذي يتعين عرضه على رئيس ديوان المحاسبة بالنسبة للمخالفات المالية هو الجزاء المستقر وذلك إما بمضي الشهر الذي يحق للوزير أثناء تعديله أو إلغاؤه وإما باستعمال الوزير سلطته التي خوله القانون إياها، وبالتالي لا تسري المدة المحددة لاعتراض رئيس ديوان المحاسبة إلا من يوم إخطاره بالجزاء بعد استقراره على الوجه السالف الذكر.
ومن حيث إنه ثابت من صورة الرسالة الموجهة إلى السيد رئيس ديوان المحاسبة والتي تفيد اعتماد السيد الوزير للقرارين الصادرين بتوقيع الجزاء على كل من السيدين محمود أحمد مختار وإسماعيل محمد باز أنها قد صدرت من إدارة الغاز والكهرباء في أول ديسمبر سنة 1958 برقم 11380 كما أنه لا خلاف على أن اعتراض السيد رئيس ديوان المحاسبة قد تم في 16 من الشهر ذاته. لذلك يكون الاعتراض قد تم في الميعاد ويكون الإخطار الموجه إلى رئيس ديوان المحاسبة في 4 من نوفمبر سنة 1958 غير ذي أثر.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد ذهب غير هذا المذهب يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله مما يتعين معه إلغاؤه وقبول الدعوى وإحالتها إلى المحكمة التأديبية المختصة للفصل فيها دون حاجة إلى بحث الوجه الثاني من أوجه الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى، وبإحالتها إلى المحكمة التأديبية المختصة للفصل فيها.

الطعن 501 لسنة 44 ق جلسة 7 / 6 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 120 ص 677

جلسة 7 من يونيه سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور مصطفي كيرة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صلاح الدين عبد العظيم، الدكتور أحمد حسني، الدكتور علي عبد الفتاح ومحمد عبد المنعم حافظ.

------------------

(120)
الطعن رقم 501 لسنة 44 القضائية

(1) بطلان. "نيابة عامة. دعوى. "تدخل النيابة في دعاوى القصر". نقض. "سبب الطعن".
إغفال كاتب المحكمة إخطار النيابة بقضايا القصر. بطلان نسبي. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2) نقص "المصلحة في الطعن".
وجوب توافر المصلحة في الطعن بالنقض. مناط المصلحة. أن يكون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن.
(3) الالتزام "تجديد الالتزام".
تجديد الالتزام بتغيير موضوعه م 352/ 1 مدني، ماهيته.
(4) تقض "سبب الطعن. التناقض".
التناقض الذي يفسد الحكم. ماهيته".

---------------------
1 - متى كان هدف الشارع من تدخل النيابة في القضايا الخاصة بالقصر إنما هو رعاية مصلحتهم. ومن ثم فإن البطلان المترتب على إغفال كاتب المحكمة إخطار النيابة بهذه القضايا يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بطلاناً نسبياً مقرراً لمصلحة القصر وبالتالي يتعين عليهم التمسك به أمام محكمة الموضوع، ومن ثم فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - لما كانت قاعدة المصلحة مناط الدعوى وفق المادة الثالثة من قانون المرافعات تطبق حين الطعن بالنقض كما تطبق في الدعوى حال رفعها، ومعيار المصلحة الحقة سواء كانت حالة أو محتملة إنما هو كون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن حين قضى برفض طلباته كلها أو قضي له ببعضها دون البعض الآخر فلا مصلحة للطاعن فيما يكون قد صدر به الحكم وفقاً لطلباته أو محققاً المقصوده منها.
3 - تجديد الالتزام بتغيير موضوعه وفقاً لما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 352 من القانون المدني هو عقد يتفق فيه الطرفان مع انقضاء التزام سابق وأن يحلا محله التزاماً آخر يختلف عن الأول في محله أو في مصدره، واستخلاص تجديد الالتزام أمر موضوعي يستقل به قاضي الموضوع متى كانت الأسباب التي أقامت عليها المحكمة حكمها من شأنها أن تؤدي إلى القول بذلك.
4 - التناقض الذي يفسد الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ما يتماحى به الأسباب بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين والمطعون ضدهن الثلاثة الأخيرات أصحاب الشركة المصرية للنسيج "الطباخ إخوان" أقاموا على الشركة المصرية المتحدة للغزل والنسيج - المطعون ضدها الأولى - والمطعون ضده الثاني الدعوى رقم 8 سنة 1971 تجاري كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم بندب خبير لبيان سبب الدين المبين بعقدي الرهن رقمي 129 سنة 1964، 146 سنة 1964 - توثيق شبرا - وتصفية الحساب بينهم، ثم الحكم ببراءة ذمة شركة الطاعنين من الدين الوارد بالعقد الأول وبطلان الرهن وشطبه وإلزام المطعون ضدها الأولى بأن ترد إليهم السندات الإذنية الموقع عليها من شركتهم كضامنة والمبالغ المستحقة لديها الناتجة عن تصفية الحساب - وقالوا بياناً للدعوى إنه في أوائل سنة 1963 كان المطعون ضده الثاني يشتري الغزل لمصنعه من الشركة المطعون ضدها الأولى ويدفع لها الثمن نقداً أو بالأجل بمقتضى سندات إذنية يحررها وبعد فترة من التعامل كان المرحوم...... بصفته مديراً لشركة الطاعنين يوقع على بعض هذه السندات الإذنية كضامن للمطعون ضده الثاني، ثم قام بعد ذلك بتظهير بعضها للشركة المطعون ضدها الأولى كطلبها ضماناً لاستمرار تعاملها مع المطعون ضده الثاني بالأجل، وإذ امتنع هذا الأخير عن سداد قيمة السندات الإذنية آنفة الذكر أوقعت المطعون ضدها حجزاً تحفظياً على أموال شركتهم تحت يد الغير مما أرهقها، فسعت الأخيرة لدى الأولى لرفع الحجز وتقسيط الدين، فاشترطت المطعون ضدها الأولى لذلك قيام كل من شركتهم والمطعون ضده الثاني برهن مصنعيهما لها فتم رهنهما بالعقدين المشار إليهما، كما أبرم بينهما عقد التزمت شركتهم بمقتضاه بتشغيل المصنعين المذكورين لحساب المطعون ضدها الأولى نظير أجرة تستوفى منها أقساط ديونها، وأنه على الرغم من أن شركتهم لا تعدو أن تكون ضامنة للمطعون ضده الثاني إلا أن المطعون ضدها الأولى عمدت إلى إخفاء هذه الحقيقة بإيراد الدين كله البالغ 102827 ج و371 م في عقد الرهن رقم 129 سنة 1964 الخاص بشركتهم وقصره على مبلغ 65374 ج و543 م في عقد الرهن رقم 146 سنة 1964 الخاص بالمطعون ضده الثاني - المدين الأصل - وذلك للإيهام بتعدد الدين خلافاً لواقع، ولهذا فإن شركتهم بصفتها ضامنة تبرأ ذمتها بمقدار ما أبرئ منه المدين الأصلي، كما تبرأ من باقي الدين بسبب الأضرار التي لحقت بها من الأخطاء التي ارتكبتها المطعون ضدها الأولى في إدارة وتشغيل مصنع المدين وإخلالها بعقد التشغيل المبرم بينهما مما أدى إلى فرض الحراسة الإدارية على هذا المصنع وتصفيته وحرمان شركتهم بذلك من مصدر تمويل الدين. ندبت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية خبيراً حسابياً وبعد أن قدم تقريراً ثم تقريراً تكميلياً حكمت بتاريخ 18/ 2/ 1973 برفض الدعوى. استأنف المحكوم عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 182 سنة 90 ق. وبتاريخ 12/ 3/ 1974 حكمت محكمة استئناف القاهرة بتعديل الحكم المستأنف وذلك بالقضاء بشطب الرهن الوارد على مصنع الطاعنة الأولى وببراءة ذمتها من مبلغ 3150 ج وتأييده فيما عدا ذلك. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان في الإجراءات مما أثر فيه ويقولون في بيانه إن بعض المستأنفين كانوا قصراً ومشمولين بوصاية وولاية الطاعن الأول مما كان يقتضي تدخل النيابة في الدعوى لحماية مصالحهم وفقاً للمادتين 89، 92 من قانون المرافعات، وإذ فات قلم الكتاب إخبار النيابة بذلك كما لم تأمر محكمة الاستئناف بهذا الإجراء فإن جزاء ذلك هو البطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن هدف الشارع من تدخل النيابة في القضايا الخاصة بالقصر إنما هو رعاية مصلحتهم، ومن ثم فإن البطلان المترتب على إغفال كاتب المحكمة إخطار النيابة بهذه القضايا يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بطلاناً نسبياً مقرراً لمصلحة القصر وبالتالي يتعين عليهم التمسك به أمام محكمة الموضوع، وإذا فاتهم ذلك فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن القصر المشمولين بوصاية وولاية الطاعن الأول لم يثيروا هذا البطلان أمام محكمة الاستئناف فإن إبداءه أمام محكمة النقض يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله من وجهين (أولهما) أن الحكم رد على دفعهم ببطلان عقد رهن محلهم التجاري لمخالفته لنص المادة 10 من القانون رقم 11 سنة 1940 الذي يحظر الرهن لغير البنوك وبيوت التسليف المرخص بها، بتقريره أن أحكام هذا القانون لا تنطق إذا وقع الرهن على ذات العقار الذي يشغله المحل التجاري أو ما به من عقارات بالتخصيص، في حين أن حظر الرهن وفقاً لأحكام القانون آنف الذكر هو حظر مطلق. (وثانيهما) أن الحكم أطرح دفاعهم بانعدام آثار عقد القرض المشمول بالرهن لإبرامه من المدير السابق لشركتهم خارج حدود سلطاته ولصورية العقد، بتقريره أن المدير السابق لشركتهم قد ظهر للمطعون ضدها الأولى سندات إذنية قيمتها 29231 ج، 53 م، ووقع على سندات إذنية أخرى قيمتها 56542 ج و272 م كضامن للمطعون ضده الثاني، وأن ذلك التظهير وهذا الضمان مما يدخل في سلطة المدير فتنصرف آثاره إلى شركتهم وأن هذا الالتزام القديم قد تجدد باستبدال قرض به، في حين أن التجديد لا يصح وفقاً للفقرة الأولى من المادة 353 من القانون المدني إلا إذا خلا كل من الالتزامين القديم والجديد من أسباب البطلان، والثابت من تقرير الخبير أن المدير السابق لشركتهم وقع على السندات الإذنية الأخيرة كضامن، وذلك بصفته الشخصية ولهذا فلا يجوز إلزامها بقيمة هذه السندات وفوائدها ولا أن تكون محلاً للتجديد بقرض مع هذه الشركة.
وحيث إن النعي مردود في وجهه الأول بأنه لما كانت قاعدة المصلحة مناط الدعوى وفق المادة الثالثة من قانون المرافعات تطبق حين الطعن بالنقض كما تطبق في الدعوى حال رفعها، ومعيار المصلحة الحقة سواء كانت حالة أو محتملة إنما هو كون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن حين قضى برفض طلباته كلها أو قضي له ببعضها دون البعض الآخر، فلا مصلحة للطاعن فيما يكون قد صدر به الحكم وفقاً لطلباته أو محققاً لمقصوده منها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بشطب الرهن الوارد على مصنع شركة الطاعنين تأسيساً على عدم سريانه في حقهم لإبرامه من المدير السابق لشركتهم خارج حدود سلطاته، بما يحقق مقصودهم من طلب بطلان عقد الرهن، وكان لا مصلحة لهم بهذه المثابة من النعي عليه فيما استطرد إليه من عدم انطباق أحكام القانون رقم 11 سنة 1940 بشأن بيع ورهن المحال التجارية، فإن نعيهم في هذا الخصوص يكون غير مقبول - والنعي مردود في وجهه الثاني بأن تجديد الالتزام بتغيير موضوعه وفقاً لما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 352 من القانون المدني هو عقد يتفق فيه الطرفان على انقضاء التزام سابق وأن يحلا محله التزاماً آخر يختلف عن الأول في محله أو في مصدره، واستخلاص تجديد الالتزام أمر موضوعي يستقل به قاضي الموضوع ومتى كانت الأسباب التي أقامت المحكمة عليها حكمها من شأنها أن تؤدي إلى القول بذلك، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الخصوص بتقريره أن مديونية شركة الطاعنين نشأت أصلاً من التزامها بسداد قيمة سندات إذنية مظهره منها للمطعون ضدها الأولى، وسندات أخرى صادرة من المطعون ضده الثاني للأخيرة بضمانه للشريك المتضامن مدير الشركة الأولى، وأن تظهير هذه السندات وضمانها مما يدخل في أعمال مدير الشركة، ولا يقال أن الضمان يخرج منها لجواز أن يتم بالتبادل مع تاجر آخر ليحرز كل منهما ائتمانه التجاري ويحتج بهذا الضمان على الشركة من المستفيد حسن النية، وأن مدير شركة الطاعنين قد اتفق مع المطعون ضدها الأولى على تجديد الالتزام واعتباره قرضاً مضموناً برهن، ومن شأن ذلك ترتيب التزام شركة الطاعنين بالدين وانتفاء ادعائها بصوريته. وإذ كان هذا استخلاصاً موضوعياً وسائغاً وله أصله الثابت من الأوراق وتقرير الخبير، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بذلك يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب ويقولون في بيانهما إنهم تمسكوا في دفاعهم في الاستئناف ببراءة ذمتهم من مبلغ 65374 ج، و343 م تأسيساً على أن المطعون ضدها الأولى إذ أبرمت مع شركتهم عقد الرهن رقم 129 سنة 1964 توثيق شبرا تأميناً لقرض يشمل هذا المبلغ الذي يمثل دينها قبل المطعون ضده الثاني، ثم عادت فأبرمت مع الأخير عقد الرهن رقم 146 سنة 1964 توثيق شبرا تأميناً لهذا الدين في صورة عقد قرض مما يعتبر تجديداً مبرئاً لذمة شركتهم من هذا المبلغ باعتبارها أحد المدينين المتضامنين عملاً بحكم المادة 286 من القانون المدني، وقد طرح الحكم هذا الدفاع تأسيساً على نص المادة 282 من القانون المدني، مع أنهم لم يستندوا إلى هذا النص، وأغفل بذلك بيان أثر هذا التجديد.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنين بأن محل إبراء ذمتهم بمقدار الدين الذي تجدد بالقرض المبرم مع المطعون ضده الثاني أن يحصل الاتفاق على التجديد في غيبة شركتهم المدينة المتضامنة الأخرى، وأن الحاصل أن المطعون ضدها الأولى قد حرصت على تأكيد مديونية الشركة المذكورة كمدينة متضامنة بالاتفاق معها على تجديد الدين الملزمة به واعتباره قرضاً، وكان هذا الرد قد واجه دفاع الطاعنين بما يتفق وحكم المادة 286 من القانون المدني التي استندوا إليها، وأنه لا تأثير على سلامة قضاءه إشارته خطأ إلى المادة 282 من القانون المدني وحسب محكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ، ومن ثم فإن النعي عليه بذلك يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه التناقض والخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيانه يقولون إنه انتهى في تكييفه للقرض الوارد بعقد الرهن رقم 129 سنة 1964 توثيق شبرا بأنه تجديد الالتزام مدير شركة الطاعنين، ثم عاد وقرر أن أساس المديونية سندات بعضها مظهر والآخر موقع عليه من هذا المدير بصفته كفيلاً. كما قرر الحكم أن الكفيل ملزم بالتضامن مع المدين الأصلي في سداد قيمة هذه السندات عملاً بالمادة 139 من قانون التجارة مع أنه لا محل لتطبيق هذا النص إذ الثابت من تقرير الخبير وملحقه ومن نماذج سندات الدين المقدمة في الطعن أن المدير السابق لشركة الطاعنين لم يوقع على هذه السندات سواء بصفته ضامناً أو بصفته الشخصية.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن التناقض الذي يفسد الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه. ولما كان تجديد الدين يستوجب قانوناً أن يكون الالتزام الجديد مختلفاً عن الالتزام القديم في محله أو في مصدره، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر ورتب قضاءه على هذا الأساس فإن النعي عليه بالتناقض يكون على غير أساس، ولا يقبل من الطاعنين التحدي لأول مرة أمام محكمة النقض بعدم انطباق حكم المادة 139 من قانون التجارة بمقولة إن مدير شركتهم لم يوقع أصلاً على سندات الدين لأن هذا الدفاع يخالطه واقع لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.