الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 24 يوليو 2023

الطعن 957 لسنة 5 ق جلسة 11 / 2 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 93 ص 706

جلسة 11 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي ومصطفى كامل إسماعيل وعزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدي المستشارين.

----------------

(93)

القضية رقم 4 لسنة 6 القضائية

(أ) دعوى - قبول الدعوى - تظلم 

- المواعيد التي يجب انقضاؤها قبل رفع الدعوى والمنصوص عنها في القانون رقم 165 لسنة 1955 - لا تسري إلا في شأن الطلبات الموضوعية دون طلبات الإعفاء من الرسوم.
(ب) موظف - تأديب 

- اختلاف الدرجات الخصوصية عن الدرجات التاسعة - اختلاف السلطة التأديبية المختصة تبعاً لذلك.

--------------
1 - لا يشترط فوات المواعيد التي نص عليها القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة لتقديم طلب الإعفاء وانتظار البت في التظلم إذ هذا الميعاد لا يسري إلا في شأن الطلبات الموضوعية فقط وطلب الإعفاء من الرسوم ليس منها.
2 - إن المادة 135 مكرراً (1) التي أضيفت بالقانون رقم 473 لسنة 1953 يجرى نصها كالآتي: "يجوز إنشاء درجات فرعية أو خصوصية وتقرير قواعد منح العلاوات الخاصة بها والترقية إليها بقرار من الوزير المختص بموافقة وزير المالية والاقتصاد وبعد أخذ رأي ديوان الموظفين... إلخ..". وهذه المادة تجيز إنشاء درجات فرعية أو خصوصية بأوضاع خاصة وإذ طبقت الهيئة العامة نص هذه المادة وأنشأت في ميزانيتها درجات خصوصية فلا معابة عليها في ذلك وبالتالي لا وجه للقول بأن الدرجات التي أنشأتها هي في واقع الأمر درجات تاسعة إذ الدرجات الخصوصية غير الدرجات التاسعة للاختلافات العديدة بينهما وأخصها في هذا المقام تحديد السلطة التأديبية صاحبة الولاية، إذ الدرجة التاسعة تعتبر من درجات الموظفين الداخلية في الهيئة وبالتالي يكون مجلس التأديب دون غيره هو المختص بتوقيع عقوبة الفصل وذلك إعمالاً لنص المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أما الدرجات الخصوصية أو الفرعية فيعتبر شاغلوها من الخارجين عن الهيئة إذ لم ترد درجاتهم في عداد الموظفين الداخلين في الهيئة ومن ثم يخضعون في سلطتهم التأديبية لحكم المادة 128 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي عددت العقوبات التأديبية التي يمكن توقيعها على المستخدمين الخارجين عن الهيئة ومن بينها الفصل وعقدت السلطة التأديبية عليهم لوكيل الوزارة أو رئيس المصلحة وجعلت القرارات التي تصدر بهذه العقوبات نهائية فيما عدا عقوبة الفصل فأجازت التظلم منها إلى لجنة شئون الموظفين بالوزارة أو المصلحة التابع لها المستخدم في مدى أسبوعين من تاريخ الإعلان بقرار الفصل وجعلت قرار اللجنة نهائياً وإذ أجازت التظلم فإن الذي يعرض عليها هو الصادر ضده لا الهيئة تلقائياً.


إجراءات الطعن

بتاريخ أول أكتوبر سنة 1959 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة عريضة هذا الطعن سكرتيرية المحكمة عن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات بجلسة 2 من أغسطس سنة 1959 في الدعوى رقم 449 لسنة 5 القضائية المقامة من السيد/ محمد شحاته كامل النوام ضد الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية والذي قضى بإلغاء القرار الصادر من مدير المنطقة الشمالية بالهيئة العامة للسكك الحديدية في 25 من ديسمبر سنة 1957 بفصل المدعي من الخدمة اعتباراً من 26 من ديسمبر سنة 1957 وما يترتب على ذلك من آثار وأحقيته في صرف مرتبه من تاريخ الفصل وإلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد طلب السيد الطاعن للأسباب التي ركن إليها في عريضة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة ثم أعلن الطعن للمطعون ضده في 11 من شهر أكتوبر سنة 1959 وعين له أولاً جلسة 25 من شهر ديسمبر سنة 1960 أمام دائرة فحص الطعون وأخطر الطاعن بالجلسة في 10 من شهر ديسمبر سنة 1960، فقررت إحالته إلى هذه المحكمة بجلسة 21 من يناير سنة 1961 وفيها سمعت الإيضاحات التي رأت ضرورة سماعها من الطرفين وأرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق - تتحصل في أن المطعون ضده بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات في 12 من شهر يوليه سنة 1958 قال فيها أن قراراً إدارياً صدر في 25 من ديسمبر سنة 1957 بفصله من وظيفة مساعد كمساري التي كان يشغلها بالهيئة العامة لشئون سكك حديد مصر فتظلم من هذا القرار في 8 من يناير سنة 1958 ثم قدم طلب إعفائه من الرسوم القضائية عن هذه الدعوى في 20 من فبراير سنة 1958 ولما رفض تظلمه في 28 من مايو سنة 1958 بادر بإقامة الدعوى وأضاف المدعي إلى ما تقدم أن قرار الفصل عارته العيوب الآتية:
(1) صدر القرار المطعون فيه من مدير المنطقة الشمالية وهو ليس صاحب السلطة التأديبية عليه، ومن ثم يكون القرار مشوباً بعيب عدم الاختصاص.
(2) لم يجر تحقيق معه عن التهم المسندة إليه.
(3) جميع الاتهامات التي بني عليها القرار سبق أن جوزي من أجلها.
وحدد المدعي طلباته بطلب الحكم بإلغاء القرار الصادر في 25 من ديسمبر سنة 1957 بفصله من الخدمة وإعادته إلى عمله وصرف مرتبه من تاريخ صدور القرار المطعون فيه وإلزام المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. فدفعت الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الميعاد، وفي بيان هذا الدفع قالت أن المدعي فصل من الخدمة اعتباراً من 26 من ديسمبر سنة 1957 بالقرار الإداري الصادر في ذلك التاريخ ونشر القرار بالعدد "1" شهر يناير سنة 1958 في النشرة الإدارية الشهرية، وفي 7 من يناير سنة 1958 تظلم إلى السيد المهندس مدير المنطقة الشمالية ثم عاود التظلم في 31 من مارس سنة 1958 إلى السيد وزير المواصلات فأحاله على السيد مفوض الدولة الذي بحثه ثم ارتأى رفضه وقد أخطر المدعي بالرفض في 15 من مايو سنة 1958 بكتاب موصى عليه ولكنه كان قد قدم طلب إعفائه من رسوم هذه الدعوى في 20 من فبراير سنة 1958 ورفض هذا الطلب في 28 من مايو سنة 1958 ومن ثم لم يراع المواعيد القانونية في إقامة الدعوى بأن قدم طلب الإعفاء من الرسوم القضائية قبل انقضاء الستين يوماً الخاصة بالرد على التظلم.
أما عن موضوع الدعوى فأجابت بأن سبب الفصل هو المخالفات التي ارتكبها وقد سمع دفاعه فيها ثم حقق طبقاً لما يقضي به نص المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بشئون موظفي الدولة ثم صدر قرار الفصل ممن يملك إصداره قانوناً وهو المهندس مدير المنطقة الشمالية في حدود السلطات المخولة له وطلبت الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها قبل الميعاد واحتياطياً في الموضوع برفضها لعدم قيامها على أساس سليم من القانون.
وبجلسة 2 من أغسطس سنة 1959 قضت تلك المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من مدير المنطقة الشمالية بالهيئة العامة للسكك الحديدية في 25 من ديسمبر سنة 1957 بفصل المدعي من الخدمة اعتباراً من 26 من ديسمبر سنة 1957 وما يترتب على ذلك من آثار وأحقيته في صرف مرتبه من تاريخ الفصل وألزمت الحكومة بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة، وأقامت قضاءها على أن المدعي تظلم إلى السيد المهندس مدير المنطقة الشمالية في 7 من يناير سنة 1958 ولا يعتد في حساب المواعيد بتظلمه الثاني المقدم إلى السيد وزير المواصلات وأنه لا يشترط فوات المواعيد التي نص عليها القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة لتقديم طلب الإعفاء وانتظار البت في التظلم إذ هذا الميعاد لا يسري إلا في شأن الطلبات الموضوعية فقط وطلب الإعفاء من الرسوم ليس منها وإذ رفض طلب الإعفاء في 28 من مايو سنة 1958 وأقام الدعوى الموضوعية في 12 من يوليه سنة 1958 أي خلال الستين يوماً التالية لرفض طلب الإعفاء بعريضة مستوفاة لشرائطها الشكلية فتكون الدعوى مقبولة شكلاً والدفع على غير أساس من القانون.
وأما عن موضوع الدعوى فقد بان لها من مطالعة الأوراق أن المدعي عين في خدمة السكك الحديدية في وظيفة عامل باب بأجر يومي قدره 165 مليماً اعتباراً من 9 يوليه سنة 1954 ثم عين في وظيفة مساعد كمساري مع نقله من اليومية إلى الماهية بالدرجة الخصوصية (72/ 108) خارج الهيئة والمخصصة لوظيفته اعتباراً من 5 من أغسطس سنة 1956 أي في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 سالف الذكر ومن ثم يطبق عليه حكمه. ولما كان هذا القانون لا يتضمن في كادر المستخدمين الخارجين عن الهيئة من الصناع وغير الصناع الدرجة المالية (72/ 108) التي عين فيها المدعي في وظيفة مساعد كمساري اعتباراً من 5 من أغسطس سنة 1956 وأن الدرجة التاسعة فيه تماثل من حيث بداية المربوط (72/ 108) الدرجة الخصوصية خارج الهيئة التي عين فيها المدعي في وظيفة مساعد كمساري وإذ درجت المدعى عليها على تسمية درجته بدرجة خصوصية فإن هذه التسمية من جانبها تكون على خلاف ما يقضي به القانون ومن ثم يتعين اعتباره في الدرجة التاسعة داخل الهيئة اعتباراً من 5 من أغسطس سنة 1956 وبالتالي يكون خاضعاً للسلطة التأديبية التي يخضع لها الموظفين الذين يشغلون درجات الهيئة. وإذ تقضي المادة رقم 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الآنف الذكر أن لرئيس المصلحة أو وكيل الوزارة كل في دائرة اختصاصه أن يوقع عقوبتي الإنذار والخصم من المرتب لمدة لا تجاوز خمسة وأربعين يوماً في السنة الواحدة بحيث لا تزيد مدة العقوبة الواحدة عن خمسة عشر يوماً وذلك بعد سماع أقوال الموظف وتحقيق دفاعه، كما تقضي فقرتها الأخيرة بأن العقوبات الأخرى تكون من سلطة مجلس التأديب. وقد جاء القانون رقم 366 لسنة 1956 بإنشاء هيئة عامة للسكك الحديدية مؤكداً سلطة مديرها العام في تأديب الموظفين وذلك في المادة الثالثة منه التي تنص على أنه "يقوم المدير العام تحت إشراف وزير المواصلات بإدارة السكك الحديدية وتصريف شئونها وله على الأخص فيما يتعلق بالموظفين والعمال سلطة التعيين والنقل والترقية والتأديب وما إلى ذلك من شئونهم وله أن ينيب غيره في بعضها وذلك كله في حدود القوانين واللوائح وتحدد اختصاصات المدير بقرار من وزير المواصلات" وقد صدر فعلاً القرار الوزاري رقم 10 لسنة 1957 من وزير المواصلات بتحديد اختصاصات مدير عام الهيئة كما أصدر الأخير، إعمالاً للتفويض الذي يستمده من القانون رقم 366 لسنة 1956، القرار رقم 204 في 21 من نوفمبر سنة 1956 بأن يعهد إلى السادة وكيلي مدير عام الهيئة ومساعد المدير العام والسكرتير العام والمفتش العام للقسم الميكانيكي والمفتش العام لهندسة السكة والأشغال والمفتش العام للحركة والبضائع ومدير عام المخازن والمشتريات ومدير عام القسم الطبي كل في دائرة اختصاصه السلطة المخولة لرئيس المصلحة التي نصت عليها المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وذلك بالنسبة للموظفين إلى الدرجة الرابعة أما بالنسبة لموظفي الدرجة الرابعة فما فوقها فتظل من سلطة المدير العام. ثم أصدر المدير العام القرار رقم 36 في 7 من نوفمبر سنة 1957 وتقضي المادة الأولى منه بأن يعهد إلى السادة مساعد المدير العام للشئون المالية والنقل ومساعد المدير العام للشئون العامة والأفراد ومفتش عام الحركة ومفتش عام النقل والسادة مديري المناطق والمدير المالي كل في دائرة اختصاصه ببعض الاختصاصات التي خولها له القانون في المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951، وإذ لا يملك السيد مدير عام الهيئة بموجبها إلا توقيع عقوبتي الإنذار والخصم على الأساس السالف بيانه فإن مديري المناطق لا يملكون أكثر منه أي لا يملكون إلا ما يملكه فقط وإذ المدعي كما سلف البيان يعتبر معيناً في الدرجة التاسعة من الداخلين في الهيئة فلا تملك السكك الحديدية اصطناع تسميات لتلك الدرجة تخالف حكم القانون رقم 210 لسنة 1951 ومن ثم تكون جهة الاختصاص التي تملك فصل هذا الموظف هي مجلس التأديب، وإذ صدر القرار المطعون فيه من مدير المنطقة الشمالية فيكون قد صدر من غير مختص وبالتالي يلحقه عيب مخالفة الاختصاص ويقع باطلاً ويتعين إلغاؤه، وأنه يترتب على الحكم بإلغائه اعتباراً من 26 من ديسمبر سنة 1957 أحقيته في العودة إلى الخدمة وفي اقتضاء مرتبه مدة الفصل كاملاً.
ومن حيث إن الطعن بني على أن الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية قد أنشأت الدرجة الخصوصية إعمالاً لحكم المادة 135 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951 المضافة بالقانون رقم 473 لسنة 1953 وقد وردت الوظيفة التي يشغلها المدعي وهي مساعد كمساري في ميزانية الدولة تحت وظائف الخدمة الخارجين عن هيئة العمال وقدر لها الدرجة (72/ 108) - ميزانية السنة المالية 57/ سنة 1958 وزارة المواصلات قسم 17 فرع 2 السكك الحديدية تحت قسم الحركة فصل 6 صفحة 158 - ومن ثم يكون الحكم في غير صواب عندما نفى حق الهيئة العامة للسكك الحديدية في إنشاء درجات خصوصية كما أن ليس سليماً في اعتباره تلك الدرجة بأنها هي الدرجة التاسعة في سلك الموظفين الداخلين في الهيئة لمجافاة ذلك للقانون ولما جاء في الميزانية وبالتالي يخضع المدعي للسلطة التأديبية الواردة في المادة 128 من القانون رقم 210 لسنة 1951 لا لنص المادة 85 منه ومن ثم يكون من حق مدير المنطقة الشمالية المفوض بقرار المدير العام لهيئة السكك الحديدية أن يفصله للمخالفات التي وردت في قرار الفصل وإذ ذهب الحكم المطعون إلى غير ذلك يكون حكماً مخالفاً للقانون ومتعين الإلغاء.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً بالرأي القانوني في هذه المنازعة ذهبت فيه إلى أن الحكم المطعون فيه سديد في قضائه بقبول الدعوى وأن ميعاد الستين يوماً الذي يجب انقضاؤه حتى رفع الدعوى إنما يعني الطلبات الموضوعية وليس طلب الإعفاء من الرسوم القضائية فيها، وأما عن الموضوع قالت عنه أن إنشاء درجات خصوصية بالهيئة العامة لشئون السكك الحديدية يتفق وحكم المادة 135 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951 ومن ثم تكون عقوبة الفصل داخلة في السلطة التأديبية المنعقدة لرئيس المصلحة إعمالاً لحكم المادة 128 من هذا القانون وإذ فوض فيها مدير المنطقة الشمالية الذي أصدر القرار المطعون فيه فيكون الأخير مختصاً بإصدار هذا القرار ولا وجه للنعي عليه بعدم الاختصاص كما ذهب الحكم المطعون فيه كما أن هذا القرار استند على أسباب تبرره وهي (1) انقطاعه عن العمل بدون إذن مدة 28 يوماً متفرقة وقعت من 13 من يوليه سنة 1957 إلى 20 من ديسمبر سنة 1957. (2) تركه مركز عمله وإبلاغه بأنه مريض وطلب زيارة الطبيب في منزله للكشف عليه بعناوين مختلفة، لم يجده فيها الطبيب الزائر. (3) تركه عمله وطلبه الكشف الطبي عليه في منزله فلما انتقل الطبيب الزائر وأشر على الأوراق بأنه انقطع عن العمل بدون إذن وطلب إليه مباشرة العمل ولكنه لم يفعل واستمر في الانقطاع خمسة أيام من 18 إلى 27 من سبتمبر سنة 1957. (4) تعمده الهروب من العمل بعدم ذكره مواعيد القطارات التي قام بها ولا وقت وصوله الحقيقي.
وأن التحقيق أجري بشأن هذه الاتهامات التي قام عليها القرار (تراجع الصفحات 120 - 129 من ملف الخدمة) وأن الهيئة لم تنحرف عن استعمال سلطتها ومن ثم تكون الدعوى على غير أساس وخلصت إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
ومن حيث إنه فيما يختص بالدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان فإن قضاء الحكم المطعون فيه قد جاء متفقاً مع حكم القانون وقضاء هذه المحكمة في أن العبرة بالمواعيد التي نصت عليها المادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة هي الطلبات الموضوعية وليس منها طلب الإعفاء من الرسوم.
ومن حيث إنه فيما يختص بالموضوع فإن مثار النزاع هو في تحديد مركز المطعون ضده الوظيفي وبالتالي معرفة السلطة صاحبة الولاية التأديبية في شأنه.
ومن حيث إن المادة 135 مكرراً التي أضيفت بالقانون رقم 473 لسنة 1953 يجرى نصها كالآتي: "يجوز إنشاء درجات فرعية أو خصوصية وتقرير قواعد منح العلاوات الخاصة بها والترقية إليها بقرار من الوزير المختص بموافقة وزير المالية والاقتصاد وبعد أخذ رأي ديوان الموظفين... إلخ..".
ومن حيث إن هذه المادة تجيز إنشاء درجات فرعية أو خصوصية بأوضاع خاصة وإذ طبقت الهيئة العامة نص هذه المادة وأنشأت في ميزانيتها درجات خصوصية فلا معابة عليها في ذلك وبالتالي لا وجه للقول بأن الدرجات التي أنشأتها هي في واقع الأمر درجات تاسعة إذ أن الدرجات الخصوصية غير الدرجات التاسعة للاختلافات العديدة بينهما وأخصها في هذا المقام تحديد السلطة التأديبية صاحبة الولاية إذ الدرجة التاسعة تعتبر من درجات الموظفين الداخلين في الهيئة وبالتالي يكون مجلس التأديب دون غيره هو المختص بتوقيع عقوبة الفصل وذلك إعمالاً لنص المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 السالف الذكر أما الدرجات الخصوصية أو الفرعية فيعتبر شاغلوها من الخارجين عن الهيئة إذ لم ترد درجاتهم في عداد الموظفين الداخلين في الهيئة ومن ثم يخضعون في سلطتهم التأديبية لحكم المادة 128 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي عددت العقوبات التأديبية التي يمكن توقيعها على المستخدمين الخارجين عن الهيئة ومن بينها الفصل وعقدت السلطة التأديبية عليهم لوكيل الوزارة أو رئيس المصلحة وجعلت القرارات التي تصدر بهذه العقوبات نهائية فيما عدا عقوبة الفصل فأجازت التظلم منها إلى لجنة شئون الموظفين بالوزارة أو المصلحة التابع لها المستخدم في مدى أسبوعين من تاريخ الإعلان بقرار الفصل وجعلت قرار اللجنة نهائياً وإذ أجازت التظلم فإن الذي يعرض عليها هو الصادر ضده لا الهيئة تلقائياً.
ومن حيث إنه إعمالاً المادة لنص الثالثة من القانون رقم 366 لسنة 1956 السالفة الذكر أصدر مدير عام السكك الحديدية القرارين 204، 36 الآنفي الذكر بتفويض بعض اختصاصاته ومن بينها سلطته التأديبية على الموظفين خارج الهيئة إلى بعض مرءوسيه ومن بينهم مصدر القرار ومن ثم يضحى الأخير صاحب السلطة التأديبية على المطعون ضده، ومن ثم يكون القرار الذي أصدره بفصله قد صدر من مختص لأن وظيفة المطعون ضده "مساعد كمساري" وردت في الميزانية تحت وظائف الخدمة الخارجين عن هيئة العمال بالدرجة (72/ 108) - يراجع ميزانية السنة المالية 57/ 1958 وزارة المواصلات رقم 17 فرع/ 2 السكك الحديد تحت عنوان قسم الحركة فصل 6 صفحة 158 - وأنه لا يمكن اعتباره في الدرجة التاسعة لأن القياس ممتنع بين الدرجات الخارج الهيئة والدرجة التاسعة الداخلة في الهيئة على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة.
ومن حيث إنه فيما يختص بالنعي الثاني على القرار وهو أن تحقيقاً لم يجر فالثابت من ملف خدمته أن تحقيقاً أجري معه عن المخالفات المسندة إليه (يراجع ملف الخدمة من الصفحة 120 إلى الصفحة 130).
ومن حيث إنه فيما يختص بالنعي الثالث على القرار بأن المطعون ضده سبق أن جوزي عن المخالفات فلم يثبت ذلك من الأوراق ونفته الهيئة العامة للسكك الحديدية في مذكرتها نفياً باتاً وليس هناك ما يمنع الجهة الإدارة أن تتخذ من مجموع هذه المخالفات سبباً لقرارها وإن كان جوزي عن بعضها فعلاً.
ومن حيث إنه يبين من كل ما تقدم أن القرار المطعون فيه قد قام على صحيح سببه وبرئ من عيب عدم الاختصاص كما سلف البيان ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغائه يكون غير سليم ويتعين القضاء بإلغائه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 148 لسنة 25 ق جلسة 11 / 6/ 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 71 ص 472

جلسة 11 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت، ومحسن العباسي، وعبد السلام بلبع المستشارين.

-------------

(71)
الطعن رقم 148 لسنة 25 القضائية

ضرائب "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية" "وعاء الضريبة". محكمة الموضوع.
نفي محكمة الموضوع عن الدين صفة الانعدام بأسباب سائغة مقامة على واقع لم يجادل فيه الطاعن. اعتبار الدين معدوماً هو من الأمور الموضوعية التي تستقل بها متى أقامت حكمها على أسباب سليمة.

--------------
إذا كانت محكمة الموضوع قد نفت عن الدين صفة الانعدام بأسباب سائغة وكان قضاؤها في هذا الشأن مقاماً على واقع لم يجادل الطاعن في صحته، وكان اعتبار الدين معدوماً أو غير قابل للتحصيل هو من الأمور الموضوعية التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سليمة تكفي لحمل قضائه في هذا الصدد - فإنه لا يصح النعي على الحكم بمخالفة القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن وهو من الممولين الخاضعين لضريبة الأرباح التجارية والصناعية قدم لمأمورية الضرائب المختصة إقرارين عن نشاطه من عمله في مقاولات الأشغال العامة عن سنتي 1944، 1945 متضمنين أنه منى في هاتين السنتين بخسائر بلغت 1998 جنيهاً و13825 جنيهاً على التوالي، ولما كان الطاعن لا يمسك دفاتر منتظمة فقد أخضعته المأمورية لطريقة التقدير وفحصت إقرارية ولم تأخذ بما جاء بهما وقدرت له مبلغ 18870 جنيهاً ربحاً عن سنة 1944 ومبلغ 8702 جنيهاً ربحاً عن سنة 1945، فعارض في هذه التقديرات أمام لجنة التقدير التي أصدرت في 22/ 8/ 1950 قرارها باعتبار أرباحه في سنتي النزاع 5783 جنيهاً و175 مليماً، 3429 جنيهاً و931 مليماً على التوالي، وقد طعنت مصلحة الضرائب في هذا القرار أمام محكمة القاهرة الابتدائية بالدعوى رقم 64 سنة 1951 تجاري كلي طالبة تعديله واعتبار أرباح الممول عن سنتي النزاع كما قدرتها المأمورية، كما طعن الطاعن في القرار أيضاً أمام ذات المحكمة بالدعوى رقم 549 سنة 1951 تجاري كلي طالباً تعديله واعتبار صافي خسارته كما جاء بإقراريه وسقوط حق المصلحة بالتقادم. وبعد أن ضمت محكمة القاهرة الابتدائية الدعويين قضت فيهما بتاريخ 9/ 4/ 1952 بتعديل قرار لجنة التقدير واعتبار صافي أرباح الطاعن مبلغ 15257 جنيهاً، 6139 جنيهاً على التوالي... فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 462 سنة 70 ق وطلبت قبوله شكلاً وإلغاء الحكم المستأنف وتعديل قرار لجنة التقدير واعتبار صافي خسارته في سنتي النزاع 1998 جنيهاً و13825 جنيهاً على التوالي. وفي 24 من يونيه سنة 1954 حكمت محكمة استئناف القاهرة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 15 من إبريل سنة 1959 فأصر الطاعن على طلباته وصممت النيابة على ما جاء بمذكرتها التي انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن فقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحددت لنظره جلسة 21 من مايو سنة 1959 وفيها أصرت كل من طرفي الخصومة على طلباته وصممت النيابة العامة على رأيها سالف الذكر.
ومن حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب يتحصل السببان الأولان منها في أن محكمة الموضوع أخطأت تطبيق القانون وشاب حكمها قصور في التسبيب - ذلك أنها إذ احتسبت نسبة أرباح الطاعن من ختامي العمليات بواقع 15% بدلاً من 6% التي اعتادت مصلحة الضرائب أن تعامل الممولين على أساسها قد أقامت قضاءها على وقائع وهمية إذ أقرت مصلحة الضرائب على دفاعها من أن الطاعن يملك ثلاثة عناصر تشغيل وهي ورشة للطوب وأخرى للنجارة وسيارات للنقل مع أن العمليات التي تولاها كانت عمليات نقل أتربة لا يدخل فيها العنصران الأولان - وأنه رغم تمسك الطاعن لدى محكمة الموضوع بأن العمليات التي قام بها خلال سنتي النزاع لا يدخل فيها عنصر الطوب أو الخشب وتعزيزه هذا الدفاع بالمستندات، وأن استفادته من عنصر النقل وحده لا تبرر رفع النسبة إلى 15%، رغم هذا فإن المحكمة لم تعرض لهذا الدفاع ولم تعن بالرد عليه.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من مطالعة الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه لم يستند في تقدير نسبة مجمل الربح إلى ملكية الطاعن لورشتي الطوب والنجارة كما أنه لم يجعل من عنصر النقل أساساً لهذا التقدير وإنما استند إلى ما قرره من أن تقدير هذه النسبة بواقع 15% هو تقدير معقول يتفق والمعايير السليمة في مثل هذا النشاط مستدلاً على ذلك استدلالاً سائغاً بأن الطاعن تنازل عن عملية تطهير البحر الصغير لمقاول آخر من باطنه هو إبراهيم عبد الله شلبي مقابل استيلائه منه على ما يعادل هذه النسبة من ختامي العملية كربح له، فضلاً عن النسبة التي افترض أن يحققها المقاول من الباطن. إذ جاء بالحكم الابتدائي في هذا الصدد ما يأتي: "وبما أنه عن نسبة مجمل الربح فقد خفضتها اللجنة إلى 10% بدلاً من 15% التي وضعتها المأمورية آخذة في ذلك باعتراضات الممول ولكن المحكمة ترى أن تقدير المأمورية لنسبة مجمل الربح 15% تقدير معقول يتفق والمعايير السليمة في مثل هذا النشاط ويؤكد ذلك في نظر المحكمة أن الممول عندما أراد أن يتنازل عن عملية تطهير البحر الصغير لمقاول من باطنه هو إبراهيم عبد الله شلبي اتفق معه على أن يستولى على 15% من ختامي العملية كربح له (يراجع تقرير المأمورية ص 167 ملف) فضلاً عن النسبة التي افترض أن يحققها المقاول من الباطن".
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ تطبيق القانون والعرف الثابت عن طريق الخطأ في تعريف الدين المعدوم - ذلك أن الحكم أدخل في وعاء الضريبة ديناً عده الطاعن معدوماً مقداره 7189 جنيهاً و257 مليماً قبل المقاول إبراهيم عبد الله شلبي لترتبه في ذمة المدين منذ سنة 1945 ولسقوطه بالتقادم الخمسي باعتباره ديناً تجارياً - وقد استند الحكم في احتساب هذا الدين إلى القول بأنه من الممكن تحصيله وأنه لم يقم دليل على أن المدين لا يستطيع الوفاء به في حين أنه من قبيل الديون المعدومة التي يتعين استبعادها من الوعاء إذ الضريبة لا تفرض إلا على ما يدخل في وعائها فعلاً لا احتمالاً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أورد بأسبابه في هذا الخصوص ما يأتي: - "وبما أنه من المحقق أن الممول لم يتخذ أي إجراء يدلل به على أنه من جهته قام بأية محاولة للحصول على دينه وقد مضى عليه وقت طويل وقد ورد بتقرير المأمورية أن المدين ما زال يعمل كمقاول في السوق ولم ينف الممول هذه الواقعة مما يشعر بأن المدين ليس في حالة من الإعسار تحول دون إمكان تحصيل الدين بل أن الفرص أمام الطاعن واسعة للحصول على دينه إذ لا شك أن لهذا المقاول من المعاملات مع الآخرين ما يسمح باتخاذ الإجراءات للحصول على الدين..." - ولما كان يبين من ذلك أن محكمة الموضوع قد نفت عن الدين صفة الانعدام بأسباب سائغة وكان قضاؤها في هذا الشأن مقاماً على واقع لم يجادل الطاعن في صحته، وكان اعتبار الدين معدوماً أو غير قابل للتحصيل هو من الأمور الموضوعية التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سليمة تكفي لحمل قضائه في هذا الصدد - لما كان ذلك فإنه لا يصح النعي على الحكم بمخالفة القانون.
ومن حيث إنه يبين من جميع ما تقدم أن الطعن على غير أساس متعين الرفض.

الطعن 551 لسنة 46 ق جلسة 3 / 6 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 116 ص 654

جلسة 3 من يونيو سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عاصم المراغي؛ يوسف أبو زيد، درويش عبد المجيد وعلي عمرو.

-----------------

(116)
الطعن رقم 551 لسنة 46 القضائية

إيجار "إيجار الأماكن".
تسليم العين المؤجرة للمستأجر. كيفية تحققه. مجرد الترخيص للمستأجر بالانتفاع مع وجود عائق يحول دونه ولو كان راجعاً إلى فعل الغير. عدم اعتباره تسليماً. التسليم الصحيح. ماهيته.

------------------
النص في المادة 564 من القانون المدني على أن "يلتزم المؤجر أن يسلم المستأجر العين المؤجرة وملحقاتها في حالة تصلح معها لأن تفي بما أعدت له من المنفعة وفقاً لما تم عليه الاتفاق أو لطبيعة العين"، وفي المادة 566 منه على أنه "يسرى على الالتزام بتسليم العين ما يسرى على الالتزام بتسليم العين المبيعة من أحكام..." وفي المادة 435 من هذا القانون على أن "يكون التسليم بوضع المبيع تحت تصرف المشترى بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ولو لم يستولى عليه استيلاء مادياً ما دام البائع قد أعلمه بذلك ويحصل هذا التسليم على النحو الذي يتفق مع طبيعة الشيء المبيع"، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن تسليم العين المؤجرة يحصل بوضعها تحت تصرف المستأجر بحيث يتمكن من حيازتها والانتفاع بها دون عائق، ولا يكفي مجرد تخلي المؤجر عن العين المؤجرة والإذن للمستأجر بالانتفاع بها إذا وجد عائق يحول دونه إذ لا يتم التسليم في هذه الحالة إلا بإزالة العائق يستوي أن يكون وليد تعرض مادي أو نتيجة تعرض قانوني ناشئاً عن فعل المؤجر أو أحد أتباعه أم راجعاً إلى فعل الغير أياً كان طالما قد وقع قبل حصول التسليم، وينبغي في التسليم أن يكون تسليماً للعين المؤجرة جميعها هي وملحقاتها في الزمان والمكان الواجبين والمتفق عليهما، فإذا اقتصر التسليم على جزء من العين أو العين دون ملحقاتها أو كان التسليم والعين في حالة غير حسنة أو تأخر التسليم عن وقته فإن كل هذا لا يعتبر تسليماً صحيحاً ولا يسوغ للمؤجر أن يجبر المستأجر على أن يجتزئ به عن التسليم الصحيح، وللمستأجر في جميع هذه الأحوال أن يطلب الفسخ أو إنقاص الأجرة مع التعويض تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة 566 من القانون المدني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر
الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 535 لسنة 1969 مدني كلي الإسكندرية على المطعون ضدهما طالبة الحكم بإلزامهما أن يدفعا لها مبلغ عشرة آلاف جنيه، وقالت بياناً لدعواها أنها أبرمت بتاريخ 23/ 4/ 1968 مع الممثل القانوني لفندق....... التابع للشركة المطعون ضدها الأولى عقداً بمقتضاه استأجرت داري السينما الصيفي والشتوي الملحقتين بهذا الفندق لمدة ثلاثة سنوات تبدأ من أول مايو سنة 1968 والتزم الفندق المؤجر بهذا العقد بتسليمها العين المؤجرة عند بدء الإجازة إلا أنه لم ينفذ التزامه في الموعد المتفق عليه إذ كان المطعون ضده الثاني المستأجر السابق لدار السينما الصيفي قد استحوز على حجرة آلات التشغيل السينمائي ووضع بها منقولاته مدعياً أن عقد إيجاره لا يزال قائماً، فبعثت بإنذار إلى الفندق المؤجر بتاريخ 2/ 6/ 1968 طالبة تمكينها من الانتفاع بالعين المؤجرة وتسليمها هذه الحجرة لكنه لم يستطع تنفيذ التزامه فأبلغت الشرطة وأجرى عن بلاغها تحقيق ثبت منه أن محقق الشرطة فتح باب حجرة آلات العرض السينمائي عنوة وأخرج منها منقولات المطعون ضده الثاني إلا أن هذا الإجراء سرعان ما ألغي بقرار النيابة العامة فقد أمرت بإعادة منقولات هذا الأخير وتمكينه من حيازة تلك الحجرة الأمر الذي حدا بها لإقامة الدعويين رقمي 6327، 7678 لسنة 1968 مستعجل الإسكندرية بطلب عدم الاعتداد بقرار النيابة الصادر بشأن العين المؤجرة وطرد المطعون ضده الثاني منها، وظل انتفاعها بدار السينما الصيفي معطلاً لهذا السبب، أما عن الدار الشتوية فقد كان الفندق المؤجر يستعملها مخزناً لوضع منقولاته ومكاناً لنوم عماله ولم ينفذ التزامه بتسليمها إليها في الميعاد المتفق عليه بالعقد، وأردفت الشركة الطاعنة قائلة في دعواها إن أضراراً جسيمه حاقت بها إذ لحقتها خسارة بما تكبدته من مصاريف أنفقتها في سبيل إصلاح الدارين وإعدادهما للاستغلال وفاتها كسب من عدم استقلالها، وإذ كانت هذه الأضرار نتيجة إخلال الفندق المؤجر في تنفيذ التزامه وليد عقد الإيجار مما يحقق مسئوليته العقدية عن التعويض وكذلك نتيجة خطأ المطعون ضده الثاني في التعرض دون حق في انتفاعها بالعين المؤجرة بما يتحقق معه مساءلتهما عن التعويض وفقاً لقواعد المسئولية التقصيرية ولذا فقد أقامت دعواها ليحكم لها بالتعويض المطلوب - وأثناء سير الدعوى أمام محكمة أول درجة عدلت الشركة الطاعنة مطلبها من الدعوى إلى الحكم بفسخ عقد الإيجار وإلزام المطعون ضدهما أن يدفعا لها تعويضاً مقداره خمسة عشر ألف جنيه، وأبدى الفندق المؤجر طلباً عارضاً للحكم بفسخ ذلك العقد، وبتاريخ 11 من نوفمبر سنة 1970 قضت المحكمة بفسخ العقد وندب مكتب خبراء وزارة العدل لتحقيق عناصر التعويض وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 20 من ديسمبر سنة 1972 بإلزام المطعون ضدهما أن يؤديا للشركة الطاعنة مبلغ 1230 جنيهاً. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم طالبة تعديله لمبلغ التعويض المطلوب، كما استأنفه المطعون ضدهما طالبين إلغاءه ورفض الدعوى، وقيدت الاستئنافات الثلاث بأرقام 146، 178 و196 لسنة 29 القضائية الإسكندرية وبتاريخ 25 من يناير سنة 1975 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئنافات شكلاً وبندب خبير الجدول، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 27 من مارس سنة 1976 - بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المطعون ضده الثاني أن يؤدي الشركة الطاعنة مبلغ 3496 جنيهاً و835 مليماً ورفض الدعوى بالنسبة للمطعون ضدها الأولى. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة حددت لنظره جلسة التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم خلص في قضائه إلى رفض الدعوى قبل الفندق المؤجر التابع للشركة المطعون ضدها الأولى تأسيساً على أنه نفذ التزامه بتسليمها داري السينما المؤجرتين في أوائل شهر مايو سنة 1968 وأن تعرض المطعون ضده الثاني كان تالياً لهذا التسليم وهو لم يقصر في دفعه، وهذا الذي أسس عليه الحكم قضاءه خاطئ في القانون إذ من المقرر وفقاً لنصوص المواد 564، 565 و566 من القانون المدني أن المؤجر يلتزم بتسليم العين المؤجرة وملحقاتها على الوجه الذي يتمكن معه المستأجر من الانتفاع بها انتفاعاً كاملاً يتفق مع ما أعدت له دون ما عائق وإلا جاز له طلب الفسخ مع التعويض إن كان له مقتض، وقد ثبت من تحقيق الشرطة في المحضر رقم 3249 لسنة 1968 إداري الرمل ومن الحكم الصادر في الدعويين المستعجلتين اللتين أقامتهما بطلب طرد المطعون ضده الثاني وعدم الاعتداء بقرار النيابة العامة الصادر في هذا التحقيق وكذلك من تقرير مكتب خبراء وزارة العدل المقدم لمحكمة أول درجة وتقرير الخبير الآخر المقدم لمحكمة الاستئناف أن العين المؤجرة لم تسلم تسليماً شاملاً بجميع أجزائها إلى الشركة الطاعنة في الموعد المتفق عليه، إذ كانت الحجرة المخصصة لوضع آلات العرض السينمائي بدار السينما الصيفي في حوزة المطعون ضده الثاني مدعياً بأن عقد إيجاره السابق على عقدها لم ينقض بعد فلم يتمكن الفندق المؤجر بسبب هذا التعرض من تنفيذ التزامه بالتسليم الصحيح الذي من شأنه أن يحقق لها استغلال العين المؤجرة في الموعد المتفق عليه، أما عن دار السينما الشتوي فقد ثبت من تقريري الخبيرين المقدمين لمحكمة الموضوع أن هذه الدار كانت
مخزناً لمنقولاته ومكاناً يوضع به أسرة النوم لعماله ولم يسلمها للشركة الطاعنة إلا في شهر نوفمبر سنة 1968، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أعرض عن مواجهة هذه الأدلة جميعها فلم يتناولها بالتمحيص وبنى قضاءه على ما عزاه إليها من إقرارها بحصول التسليم مستدلاً على ذلك بالإنذار المرسل منها إلى الفندق المؤجر في 2/ 6/ 1968 وما ورد بصحيفة دعواها المستعجلة ومذكرة دفاعها وإنذارها المعلن إلى الفندق في 7/ 5/ 1970 مع أن ما جاء بهذه الأوراق وحسبما أورده الحكم المطعون فيه بمدوناته لا يحتمل تأويلاً بأنه اعتراف بحصول التسليم في ميعاده المتفق عليه وعلى الوجه الذي يحقق الانتفاع بالعين المؤجرة دون عائق بل يظهر تمسكاً منها بعدم حصوله، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وشاب استدلاله الفساد وعابه القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأن النص في المادة 564 من القانون المدني على أن "يلتزم المؤجر أن يسلم المستأجر العين
المؤجرة وملحقاتها في حالة تصلح معها لأن تفي بما أعدت له
من المنفعة وفقاً لما تم عليه الاتفاق أو بطبيعة العين" وفي
المادة 566 منه على أنه "يسري على الالتزام بتسليم العين ما
يسري على الالتزام بتسليم العين المبيعة من أحكام...."، وفي المادة 435/ 1 من هذا القانون على أن "يكون التسليم بوضع المبيع تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ولو لم يستول عليه استيلاء مادياً ما دام البائع قد أعلمه بذلك ويحصل هذا التسليم على النحو الذي يتفق مع طبيعة الشيء"، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن تسليم العين المؤجرة يحصل بوضعها تحت تصرف المستأجر بحيث يتمكن من حيازتها والانتفاع بها دون عائق، ولا يكفي مجرد تخلي المؤجر عن العين المؤجرة والإذن للمستأجر بالانتفاع بها إذا وجد عائق يحول دونه إذ لا يتم التسليم في هذه الحالة بإزالة العائق يستوي أن يكون وليد تعرض مادي أو نتيجة تعرض قانوني ناشئاً عن فعل المؤجر أو أحد أتباعه أم راجعاً إلى فعل الغير أياً كان طالما قد وقع قبل حصول التسليم، وينبغي في التسليم أن يكون صحيحاً بمعنى أن يكون تسليماً للعين المؤجرة جميعها هي وملحقاتها في الزمان والمكان الواجبين أو المتفق عليهما، فإذا اقتصر التسليم على جزء من العين أو العين دون ملحقاتها أو كان التسليم والعين في حالة غير حسنة أو تأخر التسليم عن وقته فإن كل هذا لا يعتبر تسليماً صحيحاً ولا يسوغ للمؤجر أن يجبر المستأجر على أن يجتزئ به عن التسليم الصحيح، وللمستأجر في جميع هذه الأحوال أن يطلب الفسخ أو إنقاص الأجرة مع التعويض تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة 566 من القانون المدني، وإذ يبين من عقد الإيجار المرفق بأوراق الطعن أن الشركة الطاعنة أبرمته بتاريخ 23 من إبريل سنة 1968 لاستئجار داري السينما الصيفي والشتوي الملحقتين بالفندق والمؤجر بقصد استغلالهما في عرض الأفلام السينمائية، وجاء بالبند الثاني من العقد أن تسليم العين المؤجرة للشركة المستأجرة يكون بمحضر تسليم يحوي بياناً للموجودات ونص بالبند الرابع على أن مدة العقد ثلاثة سنوات يبدأ سريانها من أول مايو سنة 1968، وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه أن تقريري الخبيرين المقدمين لمحكمة الموضوع بدرجتيها توافقا على أن الفندق المؤجر لم ينفذ التزامه بتسليم داري السينما المؤجرتين إلى الشركة الطاعنة في الموعد المتفق عليه إذ تعذر عليه تسليم دار السينما الصيفي على الوجه الذي يحقق استغلالها بسبب تعرض المطعون ضده الثاني المستأجر السابق للدار وحيازته للحجرة المخصصة لآلات العرض السينمائي وتراخي الفندق في تسليم الدار الشتوي حتى شهر نوفمبر سنة 1968، وإذ كان رأي الخبير وإن خضع لمطلق تقدير محكمة الموضوع إلا أنها إذا ما أطرحته وذهبت بما لها من سلطة التقدير الموضوعية إلى نتيجة مخالفة تعين عليها أن تورد الأدلة المسوغة لها، ولما كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بأن داري السينما سلمتا إلى الشركة الطاعنة في أوائل شهر مايو سنة 1968 تسليماً فعلياً دون تحرير محضر مكتوب بالتسليم على ما أورده من دلائل حصرها في قوله "(1) إقرار الشركة المستأجرة باستلام داري السينما الصيفي والشتوي المؤجرتين عدا الكابينة المخصصة لآلات العرض وذلك في الإنذار الموجه منها للفندق المؤجر والمعلن له في 2/ 6/ 1968 والذي طلبت فيه تمكينها من إخلاء كابينة السينما وتسليمها لها خالية مما يشغلها وقد جاء به أنها اضطرت إلى توجيه خطاب بشأن الكابينة المشار إليها إلى إدارة الفندق في 17/ 5/ 1968 وذلك بعد الاتصالات المتكررة مع مدير الشئون القانونية وشئون الأفراد - وفي ذلك ما يقطع بتسليم داري السينما المؤجرتين قبل 17/ 5/ 1968 فيما عدا الكابينة المخصصة لآلات العرض (2) ما ورد - بمذكرة دفاع الشركة المستأجرة من أنها التجأت إلى الشرطة بتاريخ 8/ 6/ 1968 تشكو المستغل السابق..... وتطالب الفندق المؤجر تسليمها الكابينة وأنه تم في المحضر الذي حرر في التاريخ المشار إليه فتح الكابينة بالقوة وجرد محتوياتها وسلمت المحتويات لإدارة الفندق، وأصبحت كابينة العرض منذ ذلك التاريخ 8/ 6/ 1968 في حوزة الشركة المستأجرة، (3) إقرار الشركة المستأجرة باستلام داري السينما وإعدادهما وتجهيزهما وذلك في صحيفة الدعوى رقم 6327 لسنة 1969 مدني مستعجل إسكندرية المرفوعة منها والمعلنة للفندق المؤجر في 10/ 9/ 1968 وإقرارهما في ذات الصحيفة بأن كابينة السينما أصبحت في حيازتها في تاريخ سابق على يوم 13/ 6/ 1968، (4) إقرار الشركة المستأجرة بالإنذار الموجه منها إلى الفندق المؤجر والمعلن في 7/ 5/ 1970 لاستمرار حيازتها لداري السينما الصيفية والشتوية ومطالبتها إياه بعدم التعرض لها في تلك الحيازة ما لم يصدر حكم من القضاء بالتسليم، وحيث إنه يبين مما تقدم أن الفندق المؤجر قام بتسليم داري السينما المؤجرتين والانتفاع بهما دون عائق في أوائل شهر مايو سنة 1968 وإذ كان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه لا يكشف في دلالته عن تنفيذ الفندق المؤجر لالتزامه بتسليم العين المؤجرة على نحو يتفق مع ما يتطلبه القانون بشأن هذا التسليم وفقاً لما سلف بيانه، ذلك أن ما سجله الحكم استظهاراً من الإنذار المرسل من الشركة الطاعنة إلى الفندق المؤجر في 2/ 6/ 1968 لا يفيد إقراراً بحصول التسليم بل على النقيض من ذلك يمثل استمساكاً بأن انتفاعها بالعين المؤجرة لم يتحقق حتى هذا التاريخ بسبب عدم تمكينها من الانتفاع بجزء جوهري بها ولازم لاستغلالها هو الغرفة المخصصة لآلات عرض الأفلام السينمائية، أما عن الإقرار الذي تحدث عنه الحكم وقال بوروده بمذكرة دفاع الشركة الطاعنة وبصحيفة الدعوى المستعجلة فهو فضلاً عن أن ذكر الحكم له جاء في عبارة مجملة مقتضية لا تنبئ عن فحوى العبارات التي استخلص منها قيام الإقرار وموضعها من تلك المذكرة أو هذه الصحيفة فإن الثابت من مدونات الحكم الصادر في الدعويين المستعجلتين وما أبانه الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه من تحصيل لواقع الدعوى أن دفاع الشركة الطاعنة قام على إصرار بأن المستأجر السابق كان مستحوذاً على الحجرة المعدة لوضع آلات عرض الأفلام فلم يتمكن الفندق المؤجر من تسليمها وأنه وإن كان محقق الشرطة قد فتحها عنوة وسلمت لها يوم 8/ 6/ 1968 إلا أنه أعقب ذلك بعد خمسة أيام إصدار النيابة قرارها بإلغاء الإجراء الذي اتخذه محقق الشرطة وبتمكين المطعون ضده الثاني من حيازة تلك الحجرة مما دعاها لإقامة الدعويين المستعجلتين بطلب طرده وعدم الاعتداد بقرار النيابة، وهذا الدفاع المساق من الشركة الطاعنة لا يفيد ثمت اعتراف منها بتنفيذ المؤجر التزامه بتسليم العين المؤجرة تسليماً صحيحاً دون حائل يتيح لها استغلالها لما أعدت له، كذلك فإن الإنذار المؤرخ 7/ 5/ 1980 الذي أشار إليه الحكم لا يعني إقراراً بحصول تسليم العين المؤجرة على وجه حقق الانتفاع بها في ميعاده المتفق عليه بل جاء قاصراً على احتجاج الشركة الطاعنة بالاستمرار في حيازة ما تمكنت من وضع يدها عليه من تلك العين حتى يفصل القضاء في النزاع الموضوعي المطروح، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 386 لسنة 24 ق جلسة 11 / 6/ 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 70 ص 466

جلسة 11 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

----------------

(70)
الطعن رقم 386 لسنة 24 القضائية

ضرائب "ضريبة التركات" "لجان تقدير التركات".
اعتبار لجنة تقدير التركات هيئة إدارية ذات اختصاص قضائي قبل تعديلها بالقانون رقم 217 لسنة 1951. وعدم جواز رجوعها في التقدير. ليس لمصلحة الضرائب أن تعقب على هذا التقدير أو تعيده إليها لمعاودة النظر فيه من جديد.

-----------------
مفاد نص المادة 37 من القانون رقم 142 لسنة 1944 - قبل تعديلها بالقانون رقم 217 لسنة 1951 - أن المشرع قد جعل لجان تقدير التركات التي نظمها في القرار الوزاري 126 لسنة 1944 هي جهة التقدير الأصلية إذ هي أداة المصلحة ووسيلتها الوحيدة في التقدير ولم يرسم القانون أي طريق للتعقيب على هذا التقدير، ومن ثم فإن قراراتها تعتبر صادرة من هيئة إدارية ذات اختصاص قضائي تستنفذ به سلطة التقدير فلا يجوز لها الرجوع فيه ولا لمصلحة الضرائب أن تعقب عليه أو تعيده إليها لمعاودة النظر فيه من جديد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى شكله القانوني.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أنه على أثر وفاة الرئيس الأسبق إسماعيل صدقي باشا انعقدت لجنة تقدير ضرائب التركات في 2 مايو سنة 1951 للنظر في تقدير تركته وحضر أمامها وكيلا الورثة (السيدان مفيد عطا الله وحسن القطان) وطلبا استبعاد قيمة الفيلات المقامة بأعلى العمارة رقم 17 بشارع الأمير سعيد بالزمالك والمقدرة بمبلغ 27600 جنيه بسبب تخصيصها لسكنى أسرة المتوفى إذ يقيم بها أنجال المورث وكريماته. وقد أصدرت اللجنة قرارها في 10 من مايو سنة 1951 في مواجهة وكيلي الورثة بتقدير التركة بمبلغ 203257 جنيهاً وبالموافقة على طلب استبعاد قيمة الفيلات وإعفائها من الضريبة عملاً بالمادة 12 من القانون 142 لسنة 1941، وأسست قرارها على أن الفيلات مشغولة بسكنى أربعة من الورثة ومتصلة جميعها من الداخل ويغلق عليها جميعها باب واحد وأن تخصيصها للسكن العائلي متوافر ولأنها مقامة على أرض واحدة في أعلا العمارة ولها دون باقي العمارة ربط خاص بالعوائد. وقد وافق وكيلا الورثة على ما تضمنه القرار من ربط وتقدير ووقعا القرار وتأشر بإحالته على المأمور المختص لتنفيذه. ولكن مصلحة الضرائب لم توافق على قرار اللجنة وردت الملف إليها لإعادة النظر في قرارها وإدخال الفيلات ضمن تقدير التركة، واستدعت لجنة التقدير وكيلي الورثة مرة أخرى للحضور في أول يوليه سنة 1951 وقد حضرا واعترضا بأنهما "لا يوافقان على ما أشار به مدير إدارة التركات حيث إن الموضوع قد فصلت فيه اللجنة بحضورهما وأنه ليس لأي شخص الحق في تغيير قرار اللجنة واحتفظا بحقهما في إبداء وجه الخطأ في تنفيذ إشارة مدير التركات عندما يرفع الأمر للقضاء" - وفي ذلك التاريخ أصدرت اللجنة قرارها معدلاً لقرارها السابق وقدرت قيمة التركة بمبلغ 230857 جنيهاً بعد إضافة قيمة الفيلات الأربعة السابق إعفاؤه وقدرت نصيب كل وارث على هذا الأساس وقام الورثة بسداد رسم الأيلولة بما فيه قيمة الزيادة ومقدارها 1844 جنيهاً و932 مليماً. وبتاريخ 22 من سبتمبر سنة 1951 أقام الطاعنون الدعوى رقم 1682 سنة 1951 تجاري لدى محكمة القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهما طلبوا فيها الحكم بقبول الطعن شكلاً وببطلان قرار اللجنة الصادر في أول يوليه سنة 1951 وإلغائه وإلزام المطعون عليهما متضامنين بأن يردوا للورثة مبلغ 1844 جنيهاً و632 مليماً مع فوائده من تاريخ رفع الدعوى حتى السداد. وقد أصدرت محكمة القاهرة حكمها في 8 من يناير سنة 1953 بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفض الدفع ببطلان قرار اللجنة الصادر في أول يوليو سنة 1951 وبصحته وبرفض الطعن وتأييد قرار لجنة تقدير التركات المشار إليه. واستأنف الورثة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 146 سنة 7 ق تجاري وقضى في الاستئناف بتاريخ 11 من مارس سنة 1954 برفضه وتأييد الحكم المستأنف فقرر الطاعنون الطعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 24 من ديسمبر سنة 1958 وفيها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها طالبة إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية لتقرير مبدأ فيه والقضاء برفض الطعن. وقد صدر قرار دائرة الفحص بإحالة الطعن إلى هذه الدائرة.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المذكور في السبب الأول خطأ الحكمين الابتدائي والاستئنافي المؤيد له في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن اللجنة قد استنفدت ولايتها بإصدارها قرارها الأول فلا يجوز مراجعتها من أي جهة أخرى كما يدل على ذلك نص المادتين 37 و38 من القانون 142 لسنة 1944 قبل تعديله ونصوص اللائحة التنفيذية الصادر بها قرار وزير المالية رقم 126 لسنة 1944 وأن اختصاص مأمور الضرائب قاصر على جميع عناصر التركة وعرضها على اللجنة مشفوعة برأيه، وتختص اللجنة بعملية تقدير قيمة التركة وتحديد نصيب كل وارث واستبعاد ما يقضي القانون باستبعاده منها ولا معقب عليها في ذلك من المصلحة إذ لم يجعل القانون للمصلحة إشرافاً على اللجنة بل أن اللجنة بحكم تكوينها من رجال مصلحة الضرائب تعتبر هي المصلحة نفسها. ويؤيد ذلك تنظيم العمل أمام اللجنة وطبيعة الإجراءات التي تتبعها من إعلان ذوي الشأن بتاريخ الجلسة وإبداء أقوالهم أمامها وإصدار القرار في مواجهتهم (المادتان 66 و67 من اللائحة) ولو صح وجود الإشراف لكان مقتضاه جواز الرجوع من جانب المصلحة في كل قرار تصدره اللجان ولا يغير من هذا النظر القول بأن للورثة حق الطعن في القرار لدى المحاكم مقابل حق المصلحة في مراجعة قرار اللجان ذلك لأن المصلحة ممثلة في اللجان ولا يقبل منها الطعن على قراراتها ويؤكد ذلك خلو نصوص القانون ولائحته قبل تعديلهما من الإشارة إلى حق المصلحة في الإشراف على قرارات لجان التقدير واعتمادها أو إعادتها إلى اللجنة من جديد كما فعل المشرع عند تعديل نص المادة 37 من القانون رقم 217 لسنة 1951 إذ عهد بتقدير قيمة التركات إلى المأمورين المختصين ونص على وجوب اعتماد التقدير قبل إعلانه لذوي الشأن من مصلحة الضرائب وقد استحدثت اللائحة التنفيذية الصادرة في 8 من مايو سنة 1952 نصوصاً تساير هذا الاتجاه في المادة 28 مما يؤكد أنه لم يكن لمراجع أن يتعرض لقرار اللجنة في ظل النصوص القديمة.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه أنه قد أقام قضاءه برفض الدفع ببطلان قرار اللجنة الصادر في أول يوليه سنة 1951 على أن المستفاد من المادتين 37، 38 من القانون رقم 142 لسنة 1944 أن تقدير التركات مخول لمصلحة الضرائب بواسطة لجانها ولهذا كان لها أن تراجع عمل اللجنة وأن تصحح ما يقع فيه من أخطاء قانونية أو موضوعية ومن ثم لا يصح للمصلحة الطعن في قرارات اللجان بل ترك ذلك لأصحاب الشأن ويكون قرار اللجنة خاضعاً لمراجعة المصلحة حتى تاريخ إعلانه وتعلق حق أصحاب الشأن به.
وحيث إن هذا الذي أورده الحكم وأقام عليه قضاءه غير صحيح في القانون ذلك أن القانون 142 لسنة 1944 نص في المادة 37 على أن مصلحة الضرائب تقوم بتقدير التركات الخاضعة لرسم الأيلولة بواسطة لجان تؤلف طبقاً لما يقرر في اللائحة التنفيذية ونصت المادة العاشرة من اللائحة التنفيذية الصادر بها القرار الوزاري رقم 142 لسنة 1944 على قيام مأمور الضرائب باتخاذ التدابير الموصلة لحصر التركة حصراً شاملاً وتكليفه بعرض كافة العقود والمستندات والمحاضر والأوراق وغيرها على لجنة تقدير التركات مشفوعة برأيه على أن يكون للجنة وحدها استبعاد ما يقضي القانون باستبعاده من التركة، ونصت المادة 62 من هذه اللائحة على أن مأمور الضرائب يحيل ملف التركة مرفقاً به كل المستندات والمحاضر والأوراق إلى لجنة تقدير التركات المختصة بعد الفراغ من حصر التركة وجرد كل عناصرها، ونصت المادة 63 على أن تتولى تقدير التركات لجان مؤلفة من ثلاثة أعضاء من موظفي مصلحة الضرائب يكون أحدهم مأمور الضرائب المختص أو مساعده والثاني مأمور آخر أو مفتش والثالث رئيساً لها، وورد في المواد التالية أن انعقاد اللجنة لا يكون صحيحاً إلا إذا حضره أعضاؤها الثلاثة وكاتب الجلسة ويصدر قرارها بأغلبية الآراء ويوضح في القرار أسبابه بالتفصيل وتعلن اللجنة أصحاب الشأن بتاريخ الجلسة قبل انعقادها بخمسة أيام على الأقل بخطابات موصى عليها ويجوز لصاحب الشأن إبداء أقواله أمام اللجنة بنفسه أو بوكيل عنه إذا شاء فإذا أصدرت اللجنة قرارها بتقدير التركة تحدد نصيب كل وارث وفقاً لما جاء في الإعلام الشرعي بثبوت الوفاة والوراثة مع مراعاة ما يكون قد أجراه المورث من تصرفات، وتعيد اللجنة بعد صدور قرارها بتقدير التركة وتحديد أنصبة الورثة إلى مدير مصلحة الضرائب المحلية ملف التركة مرفقاً به قرار التقدير والتقسيم، ويتولى المأمور المختص إعلان قرار التقدير إلى ذوي الشأن بالطريق الإداري أو بخطاب موصى عليه. ويستفاد من هذه النصوص أن القانون 142 لسنة 1944 قد جعل لجان تقدير التركات التي نظمها في القرار الوزاري 126 لسنة 1944 هي جهة التقدير الأصلية إذ هي أداة المصلحة ووسيلتها الوحيدة في التقدير، ولم يرسم القانون أي طريق للتعقيب على هذا التقدير - ولا يغير من هذا النظر أن قرارات اللجان تعلن بواسطة المأمور المختص بعد إرسالها إلى مدير الضرائب المحلية لأن هذه الإحالة لم يقصد بها قيام حق للمصلحة في التعقيب على قرارات اللجان أو تعديلها بعد أن كفل المشرع حق المصلحة بما نص عليه من تشكيل هذه اللجان من رجال مصلحة الضرائب أنفسهم - وليس صحيحاً في القانون أن حرمان المصلحة من الطعن على قرارات اللجان يرجع إلى حقها في التعقيب عليها بل أن علة هذا المنع أن هذه اللجان إنما تشكل من رجال مصلحة الضرائب دون تمثيل لأصحاب الشأن فيها - ويؤكد هذا النظر ما صرحت به المادة العاشرة من القرار الوزاري 126 لسنة 1944 من أن للجنة وحدها حق استبعاد ما يقضي القانون باستبعاده من التركة، وما نصت عليه المادة 54 من أن اللجنة تعلن تقديرها إلى صاحب الشأن بمجرد إصدار قرارها بتقدير قيمة السندات والأوراق المالية غير المقيدة بالتسعيرة بإحدى البورصات - ويؤيد ذلك أيضاً أن الشارع عندما أصدر القانون 217 لسنة 1951 معدلاً لبعض أحكام القانون 142 لسنة 1944 نص في المادة 37 معدلة على أنه يعهد بتقدير قيمة التركات الخاضعة لرسم الأيلولة إلى المأمورين المختصين ويجب اعتماد التقدير قبل إعلانه إلى ذوي الشأن من مصلحة الضرائب بالكيفية التي تنص عليها اللائحة التنفيذية مما يفيد أن تقدير التركة بواسطة اللجان المنصوص عليها في القانون 142 لسنة 1944 لم يكن يخضع لأي تعقيب من قبل مصلحة الضرائب. ولما كان ذلك فإن قرار لجنة تقدير ضريبة التركات المؤرخ 10 مايو سنة 1951 يكون صادراً من هيئة إدارية ذات اختصاص قضائي تستفيد به سلطة التقدير فلا يجوز لها الرجوع فيه ولا للمصلحة أن تعقب عليه أو تعيده إلى اللجنة لإصدار قرار جديد، ومن ثم فإن إعادة المصلحة قرار التقدير إلى اللجنة لإعادة النظر فيه على أسس جديدة هو إجراء باطل هو وما تلاه من صدور قرار اللجنة في أول يوليه سنة 1951 على نقيض القرار الأول. ويكون الدفع ببطلان ذلك القرار في محله، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض هذا الدفع قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقض الحكم.

الطعن 816 لسنة 49 ق جلسة 3 / 6 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 115 ص 651

جلسة 3 من يونيو سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عاصم المراغي، يوسف أبو زيد، درويش عبد المجيد وعلي عمرو.

-----------------

(115)
الطعن رقم 816 لسنة 49 القضائية

التزام. "الشرط الفاسخ الصريح". عقد. "فسخ العقد". بيع.
الاتفاق على الشرط الفاسخ الصريح في العقد عند التأخير في سداد باقي الثمن. قبول البائع للوفاء المتأخر. أثره. اعتباره تنازلاً عن أعمال الشرط الفاسخ الصريح".

-----------------
إذا تضمن العقد شرطاً صريحاً فاسخاً فإنه يلزم حتى يفسخ العقد بقوته أن يثبت قيامه وعدم العدول عن إعماله وتحقق الشرط الموجب لسريانه، فإن كان وقوع الفسخ مرتبط بالتأخير في سداد باقي الثمن في الموعد المحدد له وتبين أن البائع أسقط حقه في استعمال الشرط الصريح الفاسخ المقرر لصالحه عند التأخر في سداد باقي الثمن في موعده بقبول السداد بعد هذا الموعد منبئاً بذلك عن تنازله عن إعمال الشرط الصريح الفاسخ فإن تمسكه بهذا الشرط من بعد ذلك لا يكون مقبولاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 4116 سنة 1976 مدني كلي شمال القاهرة على المطعون ضدها بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 17/ 7/ 1974 المتضمن بيعها لهما حصة شائعة في العقار المبين بصحيفة الدعوى نظير ثمن مقداره 1667 ج تقاضت منه بمجلس العقد مبلغ 960 ج واتفق على سداد الباقي عند التوقيع على العقد النهائي، وأن المطعون ضدها رفضت التوقيع على هذا العقد كما أبت استلام باقي الثمن. وبتاريخ 13/ 11/ 1976 وجهت المطعون ضدها للطاعنين دعوى فرعية بفسخ العقد لتحقق الشرط الصريح الفاسخ بعدم سدادهما باقي الثمن في الموعد المتفق عليه. وبتاريخ 29/ 4/ 1978 حكمت المحكمة في الدعوى الفرعية بفسخ العقد وفي الدعوى الأصلية برفضها. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 3240 سنة 95 وبتاريخ 29/ 2/ 1979 قضت هذه المحكمة بالتأييد. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون ضدها نزلت عن الشرط الفاسخ الصريح بدلالة أنها أقامت بتاريخ 26/ 6/ 1978 وبعد صدور الحكم الابتدائي بصرف باقي الثمن المودع على ذمتها، لكن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع الجوهري المؤيد بالمستندات القاطعة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك بأنه إذا تضمن العقد شرطاً صريحاً فاسخاً فإنه يلزم حتى بفسخ العقد بقوته أن يثبت قيامه وعدم العدول عن إعماله وتحقق الشرط الموجب لسريانه، فإن كان وقوع الفسخ مرتبطاً بالتأخير في سداد باقي الثمن في الموعد المحدد له وتبين أن البائع أسقط حقه في استعمال الشرط الفاسخ المقرر لصالحه عند التأخير في سداد باقي الثمن في موعده بقبول السداد بعد هذا الموعد منبئاً بذلك عن تنازله عن إعمال الشرط الصريح الفاسخ فإن تمسكه بهذا الشرط من بعد ذلك لا يكون مقبولاً، إذ كان ذلك، وكان الطاعنان قد تمسكا في مذكرتهما الختامية التي قدماها أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون ضدها نزلت عن الشرط الفاسخ الصريح بدلالة أنها قامت بتاريخ 26/ 6/ 1978 - وبعد صدور الحكم الابتدائي - بصرف باقي الثمن المودع على ذمتها، وقدما لتلك المحكمة المستندات الرسمية الدالة على ذلك - المستندات أرقام من 6 إلى 10 بحافظة مستنداتهما الثانية - وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى بفسخ العقد إعمالاً للشرط الصريح الفاسخ المنصوص عليه فيه وبرفض دعوى الطاعنين بصحته ونفاذه لم يعرض لدفاعهما الجوهري سالف البيان، وهو دفاع لو محصته المحكمة لجاز أن يتغير الرأي في الدعوى، فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسيب بما يوجب نقضه لهذا السبب والإحالة دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 50 لسنة 25 ق جلسة 4 / 6/ 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 69 ص 461

جلسة 4 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

----------------

(69)
الطعن رقم 50 لسنة 25 القضائية

ملكية "أسباب كسب الملكية" "الاستيلاء" "الاستيلاء على عقار ليس له مالك".
تملك الأراضي غير المزروعة بوسيلتين. الترخيص من الدولة أو التعمير. م 57 مدني قديم، 874 مدني جديد. الوسيلة الأولى مقيدة بترخيص مطابق وفقاً للوائح. نص م 2 من الأمر العالي الصادر في سنة 1884 أخرج الأراضي الداخلة في زمام البلاد من نطاق الأراضي غير المزروعة التي يجوز تملكها بالاستيلاء. جريان حكم هذا النص سواء أكانت وسيلة التملك هي الترخيص أو التعمير.

-------------------
إن المشرع وإن أباح تملك الأراضي غير المزروعة بإحدى الوسيلتين المبينتين في المادة 57 من القانون المدني القديم (874 من التقنين المدني الجديد) وهما الترخيص من الدولة أو التعمير إلا أنه في خصوص الوسيلة الأولى قيد الترخيص بلزوم مطابقته لما نص عليه في اللوائح الصادرة في هذا الشأن - ويبين من الاطلاع على الأمر العالي الصادر بتاريخ 9 سبتمبر سنة 1884 أن نص المادة الثانية منه أخرج الأراضي الداخلة في زمام البلاد من نطاق الأراضي غير المزروعة التي يجوز تملكها بالاستيلاء. وحكم هذا النص لا شك أنه يجري سواء أكانت وسيلة التملك هي الترخيص أو التعمير وبذلك لا ينصب التملك بالاستيلاء على الأراضي الداخلة في الزمام أياً كانت وسيلة التملك.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بتاريخ 28/ 4/ 1951 أقامت الطاعنة الدعوى رقم 158 لسنة 1951 كلي بور سعيد على المطعون عليهما - وذكرت في صحيفتها أنها تسلمت قطعة الأرض الموضحة الحدود والمعالم بالصحيفة من مصلحة الحدود بتاريخ 15 أغسطس سنة 1937 بمقتضى محضر تسليم حرر في ذلك التاريخ لإقامة مبنى جديد عليها يصلح لأن يكون مقراً لجمرك العريش، وفي 14/ 1/ 1948 لاحظ مأمور الجمرك أثناء مروره أن بعض الأهالي يقيمون مباني على تلك الأرض فلما أبلغ الأمر إلى قسم سيناء تبين أن المطعون عليهما هما اللذان كانا يقيمان هذه المباني فضبطت لذلك واقعة حرر عنها محضر وأقامت الطاعنة الدعوى المذكورة طالبة الحكم فيها بتثبيت ملكيتها لقطعة الأرض المذكورة باعتبارها من المنافع العامة وكف منازعة المطعون عليهما لها فيها وتسليمها إليها وإزالة ما عليها من مبان في مدى خمسة عشر يوماً من تاريخ النطق بالحكم وإلا أزالتها المصلحة الطاعنة بمصاريف من طرفها ترجع بها على المطعون عليهما مع إلزامهما بالمصروفات والأتعاب إلخ. واستندت الطاعنة في إثبات دعواها إلى محضر التسليم المشار إليه آنفاً والذي يفيد استلام باشكاتب الجمرك ومعاونه لقطعة الأرض وأنه أجرى تحديدها بوضع قطع من الطوب في كل من الأركان الأربعة مؤقتاً وعلى رسم تخطيطي لها، وذكرت أن هذا المحضر يعتبر تخصيصاً لقطعة الأرض المذكورة التي هي أصلاً من أملاك الحكومة المخصصة للمنفعة العامة بدليل الشهادة الصادرة من مصلحة الحدود المؤرخة 24/ 12/ 1952 والتي تفيد ملكية الحكومة لهذه الأرض، كما استندت إلى محضر ضبط الواقعة المحرر في 9/ 2/ 1948 بشأن إقامة المطعون عليهما المباني في هذه القطعة، وبتاريخ 12 من إبريل سنة 1953 حكمت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى وإلزام الطاعنة بالمصروفات. فاستأنفت هذا الحكم إلى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 150 لسنة 5 مدني المنصورة طالبة قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم لها بالطلبات المبينة بصحيفة افتتاح الدعوى مع إلزام المستأنف عليهما (المطعون عليهما) بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 24 من نوفمبر سنة 1954 حكمت محكمة استئناف المنصورة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنفة (الطاعنة) بالمصروفات و300 قرش أتعاب المحاماة. وبتاريخ 9 من فبراير سنة 1955 طعنت الطاعنة في الحكم بالنقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 11 من مارس سنة 1959 وفيها صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها وطلبت رفض الطعن، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 30 من إبريل سنة 1959 وفيها صممت النيابة العامة على رأيها السالف ذكره.
وحيث إن مما نعت به الطاعنة على الحكم المطعون فيه في الوجه الثاني من وجهي الطعن الخطأ في القانون ذلك أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة على أن المطعون عليهما قد تملكا أرض النزاع بطريق الاستيلاء بالتطبيق للمادة 874 مدني جديد (57 مدني قديم) مع أنه لا مجال لأعمال حكم هذه المادة بشأن واقعة النزاع، ذلك أن الأرض التي تتملك بالاستيلاء إنما هي الأرض الموات التي لا مالك لها وتعتبر حكماً على ملكية الحكومة وإذ ذاك يسوغ تملكها بوسيلة الاستيلاء بالتعمير بالبناء أو الغراس أو الزرع بينما أن أرض النزاع ليست بالأرض الموات التي لا مالك لها أو التي لا يحوزها أحد بل أنها من أملاك الحكومة وفي حيازتها ويمتنع لذلك تملكها بالاستيلاء.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قد أورد في أسبابه في هذا الخصوص ما يلي: "ومن حيث أن المستأنفة قد أبانت في المذكرة المقدمة منها وجهة نظرها في تفسير الفقرة الثالثة من المادة 874 من القانون المدني قائلة بأنه هذه الفقرة مقصود بها الأراضي التي لا مالك لها كالأراضي الصحراوية أو الأراضي الخارجة عن الزمام أي الأراضي الموات وأن الأراضي البور الداخلة في الزمام والمملوكة لأفراد الناس أو للشركات أو الحكومة فلا يمكن بحال أن يقال أن النص ينطبق عليها ومن حيث أن هذا التفسير لا يستقيم مع ما جاء بمذكرة المشرع التمهيدي ص 197 من مجموعة الأعمال التحضيرية (الجزء السادس) بأنه يشمل المباح الأراضي غير المزروعة التي ليست ملكاً عاماً ولا ملكاً خاصاً - وذلك كالصحاري والجبال والأراضي المتروكة وتعتبر هذه الأراضي ملكاً للدولة ولكنها مملوكة لها ملكية ضعيفة إذ يجوز الاستيلاء عليها - فالأراضي المتروكة وإن كانت تعتبر ملكاً للدولة إلا أنه يجوز تملكها إذ توفرت الشروط التي نصت عليها الفقرة الثالثة من المادة 874 مدني وهي أنه "إذا زرع مصري أرضاً غير مزروعة أو غرسها أو بنى عليها تملك في الحال الجزء المزروع أو المغروس أو المبني ولو بغير ترخيص من الدولة. ولكنه يفقد ملكيته بعدم الاستعمال مدة خمس سنوات متتالية خلال الخمس عشر سنة التالية للتملك" ومن ثم فلم يفرق القانون بين أنواع الأراضي غير المزروعة سواء أكانت داخلة الزمام أم خارجة عنه فهذه وتلك يجوز تملكها إذ توفرت الشروط الواردة بالفقرة الثالثة من المادة 874 مدني سالفة الذكر". ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أطلق حكم التملك بالاستيلاء على الأراضي غير المزروعة دون التفرقة بين ما إذا كانت تلك الأراضي داخل الزمام أو خارجه، وهذا الإطلاق غير صحيح في القانون، ذلك أن المشرع وإن أباح تملك الأراضي غير المزروعة بإحدى الوسيلتين المبينتين في المادة 57 من القانون المدني القديم (874 من التقنين المدني الجديد) وهما الترخيص من الدولة أو التعمير، إلا أنه في خصوص الوسيلة الأولى قيد الترخيص بلزوم مطابقته لما نص عليه في اللوائح الصادرة في هذا الشأن، ويبين من الاطلاع على الأمر العالي الصادر بتاريخ 19 من ذي القعدة سنة 1301 - 9 سبتمبر سنة 1884 - أنه بعد أن نص في المادة الأولى على أن تلك الأراضي تنقسم إلى ثلاث درجات نص في المادة الثانية من هذا الأمر على أنه "لا يدخل في الثلاث درجات المذكورة أراضي الجزائر... ولا كافة الأراضي الداخلة ضمن زمام البلاد..." ولا شك أن إخراج الأراضي الداخلة في زمام البلاد من نطاق الأراضي غير المزروعة التي يجوز تملكها بالاستيلاء - يجري حكمه - سواء أكانت وسيلة التملك هي الترخيص أو التعمير، وبذلك لا ينصب التملك بالاستيلاء على الأراضي الداخلة في الزمام أياً كانت وسيلة التملك، ولما كان قضاء الحكم المطعون فيه مؤسساً على نظر قانوني خاطئ - مخالف لما سبق بيانه - وقد حجبه ذلك عن تحري حقيقة الواقع في شأن أرض النزاع على النحو السالف ذكره، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.

الطعن 915 لسنة 5 ق جلسة 11 / 2 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 92 ص 697

جلسة 11 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي ومحمود محمد إبراهيم وعبد المنعم سالم مشهور وعزت عبد المحسن المستشارين.

------------------

(92)

القضية رقم 957 لسنة 5 القضائية

قرار تأديبي - ضمانات التحقيق والتأديب 

- صدور القرار التأديبي قبل العمل بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية في الإقليم المصري - وجوب التزام الإدارة في التحقيق والتأديب الأصول العامة في المحاكمات التأديبية إلى جانب ما نص عليه القانون رقم 210 لسنة 1951 في هذا الشأن - مثال.

-----------------
إنه ولئن كان القرار الجزائي المطعون فيه رقم 1011 لسنة 1957 قد صدر في تاريخ سابق لصدور ونشر القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية في الإقليم المصري، فيكون بهذه المثابة غير خاضع لأحكامه فيما يتعلق بضبط قواعد الشكل والإجراءات عند توقيع الجزاءات الإدارية وبوجه خاص ما تعلق منها بالتحقيق الإداري، إلا أنه ليس معنى ذلك أن الأمر كان يجرى في التحقيق والتأديب الإداري بغير أصول أو ضوابط. وإنما تعين استلهامها وتقريرها في كنف قاعدة أساسية كلية تصدر عنها وتستقي منها الجزئيات والتفاصيل وهي تحقيق الضمان وتوفير الاطمئنان للموظف موضوع المساءلة الإدارية. ويجب أن يكون له كل مقومات التحقيق القانوني الصحيح وكفالاته وضماناته من حيث وجوب استدعاء الموظف وسؤاله ومواجهته بما هو مأخوذ عليه من أعمال وتمكينه من الدفاع عن نفسه وإتاحة الفرصة له لمناقشة شهود الإثبات وسماع من يرى الاستشهاد بهم من شهود النفي وغير ذلك من مقتضيات الدفاع ولا يتعين اتباع تلك الإجراءات إذا تطلب القانون إجراء تحقيق فحسب وإنما يجب الالتزام بها حتى إذا لجأت الإدارة مختارة إلى إجراء التحقيق وهو أمر تقتضيه العدالة كمبدأ عام في كل محاكمة جنائية أو تأديبية دون حاجة إلى نص خاص عليه. ومع ذلك فقد نصت الفقرة الأخيرة من المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على أنه ".... وفي جميع الأحوال يجوز أن يكون الاستجواب والتحقيق شفاهاً على أن يثبت مضمونه بالمحضر الذي يحوى الجزاء". وقالت في ذلك المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 73 لسنة 1957 "ونظمت المادة 85 السلطات التي تتولى توقيع الجزاء الإداري وزيدت جملة ما يمكن خصمه من المرتب في السنة الواحدة إلى 45 يوماً حتى يمكن الإقلال من الدعاوى التأديبية كما أشير إلى سلطة الوزير في توقيع هذه العقوبات أو تعديل القرارات الصادرة بها من غيره. وكما نص على جواز أن يكون الاستجواب والتحقيق شفاهاً تسهيلاً للعمل مع المحافظة على كافة الضمانات". فإذا كان الثابت من الأوراق أن جزاء خصم ثلاثة أيام من مرتب المدعي قد صدر بناء على تحقيق أجري معه بواسطة المحقق المختص الذي واجهه بالمخالفة المنسوبة إليه والصكوك التي وجدت في حوزته، وقد مكن المحقق المدعي من أن يدافع عن نفسه فجاء دفاعه مؤكداً الذنب الإداري قبله. ثم صدر القرار الجزائي المطعون فيه ممن يملك إصداره قانوناً فيكون الذنب الإداري قد وقع من المدعي وثبت في حقه وهو الذي استتبع توقيع الجزاء الإداري عليه بخصم ثلاثة أيام من مرتبه وقد تم ذلك كله في حدود القانون ومراعاة لأحكامه نصاً وروحاً. فلا محل للطعن فيه، ولا سبيل إلى القضاء بإلغائه.


إجراءات الطعن

في 11 من يونيه سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 957 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية بجلسة 20 من أبريل سنة 1959 في الدعوى رقم 131 لسنة 6 القضائية المقامة من يوسف يعقوب كركور ضد بلدية القاهرة والذي قضى بإلغاء القرار رقم 1011 لسنة 1957 المؤرخ 23 من أكتوبر سنة 1957 فيما تضمنه من خصم ثلاثة أيام من مرتب المدعي وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت المدعى عليها المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات. وقد أعلن هذا الطعن إلى بلدية القاهرة في 11 من يوليه سنة 1959 وإلى الخصم في 18 منه وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 16 من أكتوبر سنة 1960 فأحالت هذا الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للمرافعة بجلسة 20 من نوفمبر سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 131 لسنة 6 القضائية ضد بلدية القاهرة بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية في 22 من ديسمبر سنة 1958 طلب فيها الحكم بإلغاء القرار رقم 1011 لسنة 1957 المؤرخ 23 من أكتوبر سنة 1957 فيما تضمنه من خصم ثلاثة أيام من مرتبه وما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام المدعى عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال المدعي بياناً لدعواه إنه يشغل وظيفة وكيل حسابات بالإدارات العامة للتنظيم. وفي 16 من نوفمبر سنة 1957 علم بصدور القرار الإداري الذي يطعن فيه بالإلغاء. وفي أول يناير سنة 1958 تظلم من هذا القرار وقيد تظلمه برقم 29 في 15 من يناير سنة 1958. وفي 28 من أبريل سنة 1958 تقدم بطلب لإعفائه من رسوم الدعوى وقضى بقبول طلبه في 10 من نوفمبر سنة 1958. وقال أن جزاءه ترتب على ما ثبت من التحقيق الذي أجراه التفتيش المالي والإداري من عدم إرساله الشيكات وأذون الصرف المعتمدة إلى المحفوظات لتصديرها بمجرد استخراجها ولم توجه إليه في التحقيق الذي أجري معه أية مخالفة أو إهمال أو تهمة حتى يمكن أن يسمع دفاعه وتحقيقه في حينه. وبذلك يكون سبب القرار الإداري مستخلصاً من تحقيق باطل لمخالفته للقانون إذ فوت على المدعي ركناً هاماً هو تحقيق دفاعه. ولو كانت قد وجهت إليه المخالفة المنسوبة إليه وسمعت أقواله وحقق دفاعه لتحقق للإدارة أنه لا ثمة إهمال أو مخالفة وقعت من جانبه. وأسند المدعي إلى نص المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المعدلة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 وإلى المبدأ الذي استقر عليه القضاء الإداري من أن القرار التأديبي يجب أن يقوم على سبب يبرره وللقضاء مراقبة صحة قيام الوقائع وصحة تكييفها القانوني وعما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار في هذا الشأن مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانوناً.
وقد ردت بلدية القاهرة على الدعوى بأن المخالفة المنسوبة إلى المدعي هي عدم إرساله الشيكات وأذون الصرف المعتمدة إلى المحفوظات لتصديرها فور استخراجها مخالفاً بذلك نص المادة 470 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات وبذلك يكون ما ارتكبه المدعي وجوزي من أجله هو مخالفة إدارية يسأل عنها طبقاً للواجبات العامة للوظيفة التي يشغلها وتكون مجازاته عنها من اختصاص الوزير أو وكيل الوزارة أو رئيس المصلحة طبقاً لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 وما طرأ عليه من تعديلات. وتقول البلدية أن التحقيق الإداري الذي أجرته مراقبة التفتيش المالي والإداري بالإدارة العامة للمصروفات قد أثبت إهمال المدعي الذي لم ينكر المخالفة المنسوبة إليه وانحصر دفاعه في أنه أراد تسليم الشيكات وأذون الصرف المعتمدة إلى صاحب الشأن، وهذه مخالفة أخرى لو تمت لاستوجبت إحالته عنها إلى ديوان المحاسبة طبقاً لأحكام القانون رقم 73 لسنة 1957، وانتهت البلدية إلى القول بأنها واجهت المدعي بالمخالفة المنسوبة إليه، وحققت دفاعه وليس على تصرفها أي قصور وطلبت الحكم برفض الدعوى مع إلزام المدعي بمصروفاتها.
وبجلسة 20 من أبريل سنة 1959 حكمت المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية "بإلغاء القرار رقم 1011 لسنة 1957 المؤرخ 23 من أكتوبر سنة 1957 فيما تضمنه من خصم ثلاثة أيام من مرتب المدعي وما ترتب على ذلك من آثار وألزمت المدعى عليها المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة" وأقامت المحكمة قضاءها على أن التحقيق الذي أجري مع المدعي لم تراع فيه الأوضاع التي استلزمها القانون، فلم يواجه بالمخالفة المنسوبة إليه، ولا تعدو الأسئلة التي وجهت إليه أن تكون مجرد استعلام أو استفهام عن الطريقة التي يتم بها تسليم الشيكات وأذون الصرف لمستحقيها فأجاب المدعي بما جرى عليه العمل، وبهذا جاء التحقيق وقد شابه قصور بين أهدر حق المدعي الذي كفله القانون في إبداء دفاعه وتفنيد الاتهام الموجه إليه ومن ثم يكون القرار موضوع الطعن قد صدر مستنداً إلى تحقيق غير قانوني وبالتالي فهو قرار باطل. وفضلاً عن ذلك فإن المحكمة قد تعرضت لموضوع القرار وهو إهمال المدعي في أداء واجبه على النحو المحدد في المادة 470 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات. وقالت المحكمة أن مفاد نص هذه المادة هو أن المخالفة التي أوردها والتي تبرر مجازاة الموظف، لا تتوافر أركانها لمجرد عدم مراعاة الاحتياطات التي ذكرتها بل يجب أن يترتب على إهمالها صرف مبلغ لغير صاحبه فإذا انتفت هذه الحالة فإنه لا تقوم للجريمة التأديبية قائمة. فالمادة 470 المذكورة قد أوردت جريمة تأديبية مقيدة إذ اشترطت لقيامها توافر أركان محددة. وبهذا أوردت قيداً على سلطة الجهة الإدارية في تقرير الخطورات الناجمة عن عدم اتخاذ الاحتياطات المنصوص عليها فيها، فاستلزمت لكي تستعمل سلطتها في التدخل وإصدار القرار التأديبي أن ينجم عن المخالفة، مقيدة بقيد قانوني معين، صرف مبلغ لغير مستحقه. فإذا انتفت هذه الواقعة الفاصلة في حالة المدعي امتنع على البلدية التدخل واستعمال سلطتها التأديبية لعدم قيام الجريمة التأديبية يتخلف ركن من أركانها تطلبه القانون، ولعدم توافر الخطورة بالضرر المنصوص عليه، وبذلك يكون قرار البلدية التأديبي بمجازاة المدعي استناداً إلى المادة 470 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات قد صدر مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون فيما ذهب إليه من أن التحقيق الذي أجري مع المدعي لم يخرج عن أن يكون مجرد استعلام أو استفهام عن الطريقة التي يتم بها تسليم الشيكات ومن ثم يكون التحقيق قد شابه قصور أهدر حق المدعي الذي كفله القانون في الدفاع عن نفسه وتفنيد الاتهام الموجه إليه. وهذا قول غير سديد. لأن المقصد الأول الذي حرص المشرع عليه هو أن تقوم الجزاءات الموقعة على الموظفين على أساس من الوقائع الصحيحة الثابتة التي تصلح سبباً لذلك. وقد تكون المخالفة ثابتة من دليل واقعي صارخ في الأوراق، فلا مطعن إذن على جهة الإدارة إن هي اكتفت من التحقيق مع المدعي بما تراه لازماً لاستيفاء الأدلة. كذلك خالف الحكم القانون فيما ذهب إليه من عدم مؤاخذة المدعي عن الفعل المنسوب إليه إلا إذا توافرت أركان معينة. فقرار التأديب لم يصدر مستنداً إلى المادة 470 من اللائحة المالية. وهي التي قامت المحكمة بتحليل أركانها ولم يرد لها ذكر في القرار. وكل ما هناك أن الإدارة دعمت دفاعها بالاستشهاد بهذه المادة. ومعلوم أن الجرائم التأديبية لا تدخل تحت حصر تشريعي معين، ولذلك فلا محل للتقيد فيها بالنصوص والأركان. ومن أجل هاتين العمليتين في الحكم المطعون فيه، قام هذا الطعن من جانب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة وانتهى إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض دعوى المدعي مع إلزامه بالمصروفات.
ومن حيث إن الثابت في الأوراق أن قسم التفتيش المالي والإداري ببلدية القاهرة قام خلال شهري أغسطس وسبتمبر سنة 1957 ببحث قيد وتصدير الشيكات وأذون الصرف، الصادرة من حسابات الإدارات العامة للتنظيم فأسفر التفتيش عن الملاحظات الآتية (1) أن القيد بالدفاتر (56، 54) ع. ح لا يتم بانتظام كما تقضي التعليمات. فقد اتضح أنه لم يتم حتى تاريخ التفتيش يوم 5 من سبتمبر سنة 1957 قيد الشيكات والأذون الخاصة بتلك السنة المالية ونبه التفتيش بقيدها على أن يتم ذلك بالدفاتر أولاً بأول. (2) أنه لا يوقع على كعوب الشيكات والأذون توقيعاً أولاً من الموظف الإداري المسئول وفي ذلك مخالفة لتعليمات المادة 465 من اللائحة المالية، وأن بعض الشيكات والأذون تنتزع من الدفتر الخاص بهما، وترسل للتوقيع عليها دون باقي الأذون والشيكات الأخرى التي يكون قد تم استخراجها عندئذ وقام التفتيش بالتنبيه إلى ملافاة ذلك (3) أن يوسف يعقوب كركور (المدعي) وكيل حسابات التنظيم يحجز لديه الشيكات وأذون الصرف المعتمدة، ولا يرسلها للمحفوظات لتصديرها بمجرد استخراجها وقد وجد لديه وقت التفتيش خمسة وثلاثون شيكاً وثمانية عشر إذن صرف، معتمدة ترجع إلى المدة من (30 من أغسطس سنة 1957 إلى 5 من سبتمبر سنة 1957). وبسؤاله عن سبب وجودها لديه، وعن سبب عدم إرسالها للمحفوظات لتصديرها لأصحابها أو تسليمها إليهم بمعرفتها كما تقضي بذلك تعليمات اللائحة المالية، أجاب بأنه يسلم الشيكات وأذون الصرف بمعرفته إلى أصحابها إذا كانوا موجودين أو يبقيها لديه مدة أربعة أو خمسة أيام ثم بعد ذلك يرسلها إلى المحفوظات لتصديرها إليهم إذا لم يحضروا في هذه المدة.
ومن حيث إنه بمجرد اكتشاف هذه المخالفات الإدارية والمالية، قام المفتش المالي والإداري بفتح محضر تحقيق مع المدعي في 5 من سبتمبر سنة 1957 وسأله عن الطريقة التي يتبعها لتصدير الشيكات والإذونات ليتبين منه أسباب تأخيرها لديه. كما أعد المحقق كشفاً تفصيلياً بجميع الشيكات والإذونات المعتمدة ولم يتم تسليمها لأصحابها، ووجدت في حوزة المدعي. وقد وقع هذا الأخير محضر التحقيق وكشف حصر هذه الشيكات والإذونات كما وقعهما السيد المحقق. وتأسيساً على ذلك كتب السيد مدير عام المصروفات ببلدية القاهرة في 15 من سبتمبر سنة 1957 إلى السيد مدير عام الإيرادات العامة للتنظيم يقول أنه "لا يوجد ما يدعو السيد وكيل الحسابات إلى إشغال نفسه وإضاعة وقته في عمل كهذا تافه بالنسبة لوظيفته، وليس من اختصاصه فوق أنه يخالف التعليمات المالية ويترتب عليه تأخير وصول كثير من الشيكات إلى أصحابها في الوقت المناسب. وطلب الرأي في الجزاء الذي يقترح توقيعه على السيد وكيل حسابات التنظيم (المدعي)." وفي 23 من أكتوبر سنة 1957 أصدر السيد مدير عام بلدية القاهرة القرار رقم 1011 لسنة 1957 - وهو القرار المطعون فيه بالإلغاء - هذا نصه: "بعد الاطلاع على كتاب إدارة التفتيش المالي والإداري رقم 31110 المؤرخ 7 من أكتوبر سنة 1957 المرفق معه أوراق التحقيق الذي أجري بمعرفة الإدارة المذكورة مع السيد/ يوسف يعقوب كركور وكيل إدارة الحسابات، والذي ثبت منه عدم إرساله الشيكات وأذون الصرف المعتمدة إلى المحفوظات لتصديرها بمجرد استخراجها. فلذلك، وعملاً بأحكام المادة 49 من القانون رقم 145 لسنة 1949 والمادة 85 من قانون نظام موظفي الدولة: قرر خصم ثلاثة أيام من مرتب يوسف يعقوب كركور وكيل إدارة الحسابات جزاء له على ما وقع منه وعلى مراقبة المستخدمين والمعاشات تنفيذ هذا القرار".
ومن حيث إنه يبين من ملف خدمة المدعي أنه يشغل وظيفة وكيل إدارة حسابات التنظيم ببلدية القاهرة بالدرجة الخامسة المدرجة بميزانيتها، وقد صدر القرار الجزائي الذي يطعن فيه بالإلغاء في 23 من أكتوبر سنة 1957، فإنه يكون بهذه المثابة خاضعاً لأحكام القانون رقم 145 لسنة 1949 - المنشور بالجريدة الرسمية العدد 115 في أول سبتمبر سنة 1949 بإنشاء مجلس بلدي لمدينة القاهرة والمعدل بالقانونين رقم 5 لسنة 1950 بنقل الإشراف على المجالس البلدية والقروية إلى وزير الشئون البلدية والقروية ورقم 77 لسنة 1950 بتعديل بعض أحكام القانون الذي أنشأ ذلك المجلس - وقد تعرض الباب الرابع من هذا القانون لأموال المجلس البلدي لمدينة القاهرة وميزانيته وحساباته فنص على أن يتبع في شأنها القواعد المتعلقة بإدارة أموال الدولة، ونظم الباب الخامس منه وضع موظفي بلدية القاهرة فقررت المادة 47 "للمدير العام الإشراف التام على جميع الموظفين والمستخدمين وهو الرئيس الفعلي لهم" وجاء في المادة 48 "مع مراعاة أحكام هذا القانون تسري على موظفي المجلس جميع القوانين واللوائح الخاصة بموظفي الحكومة ومستخدميها". وحددت المادة 49 "اختصاص المدير العام بما يأتي: (أولاً) تنفيذ قرارات المجلس (ثانياً) تعيين موظفي المجلس ومستخدميه الدائمين لغاية الدرجة السادسة وترقيتهم ومنحهم العلاوات في الحدود المقررة في القوانين واللوائح. أما من عدا هؤلاء من الموظفين، فيكون تعيينهم وترقيتهم ومنحهم العلاوات من اختصاص المجلس (ثالثاً) جميع المسائل الأخرى الخاصة بموظفي المجلس ومستخدميه الدائمين كالنقل والإجازات والعقوبات التأديبية وغيرها لغاية الدرجة الرابعة في الحدود المقررة في القوانين واللوائح" وما لم ينص عليه قانون إنشاء مجلس بلدي مدينة القاهرة كانت ترتبه أحكام القانون العام الصادر بتنظيم المجالس البلدية والقروية رقم 145 لسنة 1944 والذي جرى تعديله تعديلاً جوهرياً بالقانون رقم 66 لسنة 1955 بنظام المجالس البلدية وقد صدر في 9 من فبراير سنة 1955 وانتظم الباب السادس منه الأحكام الخاصة بالموظفين والمستخدمين والعمال فنيط برئيس المجلس تعيينهم طبقاً لللاعتمادات المدرجة في الميزانية المعتمدة، وطبقاً للشروط والأوضاع التي يحددها وزير الشئون البلدية والقروية يتضمن علاوة على ذلك القواعد الخاصة بالترقية والنقل والتأديب وترك الخدمة رعاية لما يخضعون له من نظم خاصة تغاير في بعضها النظم الموضوعة لموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة. وجاءت المادة 66 من القانون رقم 66 لسنة 1955 تسد نقصاً في الرقابة المالية والحسابية خلا منه قانون إنشاء مجلس بلدي مدينة القاهرة فقال هذا النص المستحدث "يلزم كل مجلس بالمساهمة في النفقات التي تتكبدها وزارة الشئون البلدية والقروية في القيام بأعمال التفتيش المالي والحسابي والفني...." وغني عن البيان أن تخصيص بعض هذه المجالس البلدية لمدن القاهرة والإسكندرية وبورسعيد مثلاً، بقوانين مستقلة ليس الغرض منه إلا ضمان الأحكام والأوضاع التي تتفق مع ما لهذه المجالس من الأهمية. ولكن هذا لا يخرجها عن طبيعتها من كونها إحدى المجالس البلدية، فتخضع لما تخضع له سائر المجالس البلدية من أحكام القانون العام المنظم للمجالس البلدية، وأحكام المراسيم والقرارات الصادرة تنفيذاً له فيما لا تعارض فيه مع قانونها الخاص، وكلما كان هناك نقص في التشريع الخاص بأحد هذه المجالس.
ومن حيث إن الفعل المنسوب إلى المدعي الذي كان محلاً للتحقيق معه ومواجهته به وسؤاله عنه ووضع تقرير في شأنه وترتب عليه توقيع الجزاء المطعون فيه عليه لثبوت إهماله في أداء واجبات وظيفته ولمخالفته لصريح أحكام وتعليمات اللوائح والقوانين، هو أنه كان لديه الشيكات وأذون الصرف المعتمدة، ولا يرسلها للمحفوظات لتصديرها بمجرد استخراجها. دليل ثبوت هذه الواقعة أنه وجد في حوزته خمسة وثلاثون شيكاً مختلفة ولمستفيدين عديدين وكذلك ثمانية عشر إذن صرف وكل هذه الشيكات والأذون معتمدة وتتراوح تواريخها بين 20 من أغسطس، 5 من سبتمبر سنة 1957. ولما واجهته إدارة التفتيش المالي بهذه المخالفة لم ينكرها بل وقع بخطه على كشوف جرد هذه الصكوك وحاول تبرير هذه المخالفة بما يفيد عزمه على ارتكاب مخالفة مالية جديدة هي أشد خطورة من المخالفة الإدارية الأولى موضوع التحقيق معه فأجاب على سؤال التفتيش بأنه احتجز هذه الصكوك لديه ليقوم بتسليمها "بمعرفته" إلى أصحابها إذا حضروا. والتعليمات المالية تقضي بوجوب إرسال الشيكات وأذون الصرف المعتمدة إلى قلم المحفوظات لتصديرها لأصحابها فور استخراجها أو ليقوم هذا القلم بتسليمها لأصحابها بمعرفته أي بواسطة هذا القلم المختص وحده بتسليمها. ونص البند 470 من الفصل الرابع عشر من القسم الثاني الخاص بالحسابات في اللائحة المالية للميزانية والحسابات واضح في ذلك: "يرسل إذن الصرف مهما كانت قيمته رأساً إلى صاحب الحق بالبريد داخل مظروف موصى عليه، وفي حالة حضور أرباب الحقوق لاستلام أذون تخصهم أو حضور مندوبيهم المرخص لهم باستلامها تسلم إليهم الأذون بواسطة قلم قيودات المصلحة، ولا تسلم إلى غيرهم من الموظفين أو الأفراد. ولا تكلف مراكز وأقسام البوليس بتسليم أذون الصرف إلى أربابها وكل إهمال يصدر من أحد الموظفين في اتخاذ هذه الاحتياطات، ويترتب عليه صرف مبلغ لغير صاحبه يعتبر مرتكبه مسئولاً مادياً عن ذلك المبلغ، فضلاً عن الجزاء الإداري، الذي قد يرى توقيعه عليه". وجاء البند التالي أمعن في الدلالة على حرص المشرع المالي على مراعاة هذا الإجراء لاعتبارات تمس الثقة والذمة على السواء فقال البند 471 "لا يجوز استعادة أذون الصرف من أقلام القيودات بعد تسليمها إليها لعمل بعض استيفاءات أو تصحيحات إلا بالشروط الآتية: (1) يقدم طلب كتابي بذلك من رئيس قلم الحسابات أو من ينوب عنه في حالة غيابه (2) يسلم الإذن إلى وكيل قلم الحسابات أو من يحل محله أثناء غيابه بموجب استمارة خاصة من دفتر الاستمارات رقم 25 ع. ح - (3) يكون وكيل الحسابات أو من ينوب عنه في الاستلام مسئولاً عن الإذن الذي استلمه وعليه أن يراعى تنفيذ ما طلب من أجله هذا الإذن) ثم جاءت الفقرة الثانية من البند 487 تؤكد اتباع هذه الخطوات أيضاً في الشيكات الصادرة وغني عن البيان أن المدعي، فضلاً عن أنه خالف صراحة تعليمات هذه البنود المشددة فإنه باحتجازه عشرات الصكوك المعتمدة لديه وعدم تسليمها إلى قلم قيودات المصلحة ثم التصدي لعملية تسليمها بواسطته مباشرة إلى أصحابها يكون قد شغل نفسه وأضاع وقته في عمل مادي تافه بالنسبة لوظيفته ذات المسئوليات الكبيرة - وكيل حسابات الإدارات العامة للتنظيم - وهو عمل لا يدخل في نطاق اختصاصه وقد يترتب عليه تأخير وصول تلك الصكوك إلى أصحابها في الوقت المناسب.
ومن حيث إنه ولئن كان القرار الجزائي المطعون فيه رقم 1011 لسنة 1957 قد صدر في تاريخ سابق لصدور ونشر القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية في الإقليم المصري، فيكون بهذه المثابة غير خاضع لأحكامه فيما يتعلق بضبط قواعد الشكل والإجراءات عند توقيع الجزاءات الإدارية وبوجه خاص ما تعلق منها بالتحقيق الإداري، إلا أنه ليس معنى ذلك أن الأمر كان يجرى في التحقيق والتأديب الإداري بغير أصول أو ضوابط. وإنما تعين استلهامها وتقريرها في كنف قاعدة أساسية كلية تصدر عنها وتستقي منها الجزئيات والتفاصيل وهي تحقيق الضمان وتوفير الاطمئنان للموظف موضوع المساءلة الإدارية. ويجب أن يكون له كل مقومات التحقيق القانوني الصحيح وكفالاته وضماناته من حيث وجوب استدعاء الموظف وسؤاله ومواجهته بما هو مأخوذ عليه من أعمال وتمكينه من الدفاع عن نفسه وإتاحة الفرصة له لمناقشة شهود الإثبات وسماع من يرى الاستشهاد بهم من شهود النفي وغير ذلك من مقتضيات الدفاع ولا يتعين اتباع تلك الإجراءات إذا تطلب القانون إجراء تحقيق فحسب وإنما يجب الالتزام بها حتى إذا لجأت الإدارة مختارة إلى إجراء التحقيق وهو أمر تقتضيه العدالة كمبدأ عام في كل محاكمة جنائية أو تأديبية دون حاجة إلى نص خاص عليه. ومع ذلك فقد نصت الفقرة الأخيرة من المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على أنه ".... وفي جميع الأحوال يجوز أن يكون الاستجواب والتحقيق شفاهاً على أن يثبت مضمونه بالمحضر الذي يحوى الجزاء". وقالت في ذلك المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 73 لسنة 1957 "ونظمت المادة 85 السلطات التي تتولى توقيع الجزاء الإداري وزيدت جملة ما يمكن خصمه من المرتب في السنة الواحدة إلى 45 يوماً حتى يمكن الإقلال من الدعاوى التأديبية كما أشير إلى سلطة الوزير في توقيع هذه العقوبات أو تعديل القرارات الصادرة بها من غيره. وكما نص على جواز أن يكون الاستجواب والتحقيق شفاهاً تسهيلاً للعمل مع المحافظة على كافة الضمانات". وثابت من الأوراق على النحو المتقدم، أن جزاء خصم ثلاثة أيام من مرتب المدعي قد صدر بناء على تحقيق أجري معه بواسطة المحقق المختص الذي واجه المدعي بالمخالفة المنسوبة إليه والصكوك التي وجدت في حوزته، وقد مكن المحقق المدعي من أن يدافع عن نفسه فجاء دفاعه مؤكداً الذنب الإداري قبله. ثم صدر القرار الجزائي المطعون فيه ممن يملك إصداره قانوناً وهو السيد مدير عام بلدية القاهرة بعد اطلاعه على كتاب إدارة التفتيش المالي والإداري رقم 31110 والمؤرخ 7 من أكتوبر سنة 1957 المرفق معه أوراق التحقيق الذي أجري بمعرفة الإدارة المذكورة مع المدعي والذي ثبت منه عدم إرساله الشيكات وأذون الصرف المعتمدة إلى المحفوظات لتصديرها بمجرد استخراجها. فالذنب الإداري وقع من المدعي وثبت في حقه وهو الذي استتبع توقيع الجزاء الإداري عليه بخصم ثلاثة أيام من مرتبه وقد تم ذلك كله في حدود القانون ومراعاة لأحكامه نصاً وروحاً. فلا محل للطعن فيه ولا سبيل إلى القضاء بإلغائه، والحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى غير ذلك وقضى بإلغاء القرار التأديبي يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وقام الطعن فيه بالإلغاء على سند سليم من القانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 359 لسنة 24 ق جلسة 4 / 6/ 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 68 ص 447

جلسة 4 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

-----------------

(68)
الطعن رقم 359 لسنة 24 القضائية

(أ) ضرائب "ضريبة التركات".
العبرة في تقدير أموال التركة - في غير الأحوال التي وضع المشرع لها قواعد خاصة - بالوقت الذي انتقلت فيه إلى ملكية الوارث بما تساويه من ثمن يحتمل أن تباع به وقت حصول الواقعة المنشئة للضريبة.
(ب) ضرائب "وسيلة تقدير وعاء الضريبة".
شهرة المحل التجارية. تحديدها بطرق فنية خاصة. لجوء مصلحة الضرائب في تقديرها لإحداها وهي طريقة متوسط الأرباح الصافية. لم يكن مقابل "خلو الرجل" بمعناه العرفي السائد داخلاً فيها. استبعاد الخبير لشهرة المحل بالمعنى الفني المصطلح عليه. إقحامه رغم ذلك على عناصر التركة مقابل "خلو الرجل". أخذ الحكم بما انتهى إليه الخبير. خطأ في القانون.
(ج) فوائد. ضرائب.
جواز الحكم على مصلحة الضرائب بفوائد عن المبالغ المحكوم عليها بردها. عدم سريان القانون رقم 146 لسنة 1950 الذي أعفى مصلحة الضرائب من هذه الفوائد على الماضي لأنه تشريع مستحدث.

-----------------
1 - الأصل في تقدير التركات - في غير الأحوال التي وضع المشرع في شأنها قواعد خاصة لتقدير الأموال - هو اعتبار الوقت الذي انتقلت فيه الأموال إلى ملكية الوارث ذلك أن هذا النوع من الضريبة إنما يفرض بمناسبة ما وقع للوارث من اغتناء أي من زيادة وتقويم هذه الزيادة إنما يكون لحظة تمامها بما تساويه من ثمن يحتمل أن تباع به وقت حصول الواقعة المنشئة للضريبة.
2 - إذا كان الثابت أن تقدير مصلحة الضرائب لشهرة المحل موضوع النزاع كان على أساس أنها شهرة تجارية ذات قيمة يرجع في تحديدها إلى طرق فنية خاصة لجأت المصلحة في تقديرها لإحداها وهي طريقة متوسط الأرباح الصافية ولم يكن تقديرها للشهرة على أساس أنها تتضمن "خلو رجل" بمعناه العرفي السائد، وكان الخبير الذي ندبته المحكمة قد خلص في تقريره إلى استبعاد أن يكون للمحل التجاري موضوع النزاع شهره بالمعنى الفني المصطلح عليه، ولكنه أقحم رغم ذلك على عناصر التركة مقابل "خلو الرجل" بحسبانه قيمة للصقع التجاري وباعتباره من عناصر الشهرة - في حين أنه خارج ومستقل عنها بما قرره ذات الخبير من انتفاء شهرة المحل بمعناها الفني، فإن الحكم المطعون فيه إذ أخذ بما انتهى إليه هذا الخبير من اعتبار مقابل "خلو الرجل" عنصراً من عناصر شهرة المحل يكون قد أخطأ تطبيق القانون.
3 - استقر قضاء محكمة النقض على أنه ما لم يوجد نص صريح يعفي مصلحة الضرائب من الفوائد المطلوبة منها عن المبالغ التي يحكم عليها بردها لتحصيلها من الممول بغير حق فلا يجوز رفض طلب هذه الفوائد بسعرها القانوني من تاريخ المطالبة الرسمية وفقاً لنص المادتين 124 من القانون المدني القديم و226 من القانون المدني الجديد حتى تاريخ انتهاء ترتب هذه الفوائد في ذمة مصلحة الضرائب، وأن مركزها في هذا الشأن لا يختلف عن مركز أي مدين يحكم عليه برد مبلغ من النقود بغير حق فيلزم بفوائد التأخير القانونية. ولا عبرة في هذا الخصوص بحسن نية المصلحة عند جباية الضريبة متى كان الثابت أن المصلحة قد حصلت من الممول أكثر من استحقاقها، ولا يجوز التحدي بالقانون رقم 146 لسنة 1950 المعدل للمادة 101 من القانون رقم 14 لسنة 1939 تعديلاً من مقتضاه عدم جواز الحكم على مصلحة الضرائب بفوائد عن المبالغ التي يحكم بردها للممولين ذلك أن هذا التشريع مستحدث ليس له أثر رجعي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المرحوم فيتالي مادجار مورث الطاعنين توفى بتاريخ 18 من فبراير سنة 1946 عن ورثته الطاعنين مخلفاً تركة مكونة من عقارات وأوراق مالية وودائع بالمصارف وحصة قدرها الربع في محل تجاري بشارع سليمان (باشا) رقم 2 بمدينة القاهرة يعرف باسم "فيتالي مادجار وأولاده وشركاهم" يتجر في بيع السجاد الأثري والأقمشة القديمة والعاديات. وقدرت لجنة التقدير بمصلحة الضرائب هذه التركة بمبلغ 201510 جنيهاً و594 مليماً تستحق عليها ضريبة قدرها 14227 جنيهاً و516 مليماً سددها الورثة محتفظين بحقهم في المنازعة بشأنها. ثم أقاموا الدعوى رقم 91 سنة 47 تجاري كلي أمام محكمة القاهرة الابتدائية على مصلحة الضرائب طالبين إلزامها بأن ترد لهم مبلغ 4388 جنيهاً و943 مليماً قيمة ما حصلته زيادة في الضريبة دون وجه حق مع فوائد هذا المبلغ من تاريخ تحصيله للسداد والمصاريف والأتعاب والنفاذ. وفي 28 من إبريل سنة 1947 قررت محكمة أول درجة فيما تعلق من أوجه النزاع بتقدير موجودات المحل التجاري مناقشة الخبيرين مسيو جاستون فنيت والأستاذ حسين راشد اللذين كانت مصلحة الضرائب قد استعانت بهما في إجراء التقدير المذكور، وندبت أيضاً الأستاذين توفيق أبو علم ومحمد أنور عبد المعطي لتقدير شهرة المحل - وبعد أن تمت مناقشة الخبيرين الأولين قضت المحكمة في 26 من مايو سنة 1947 بندب الأستاذ حسين خلاف لإبداء رأيه في طريقة تقدير التركات الفنية وعلى أي أساس يكون تقدير الضريبة وبعد مناقشته قدم تقريراً برأيه فأصدرت المحكمة في 21 من يونيه سنة 1947 حكماً بندب الأستاذ أنور عبد المعطي من مكتب خبراء القاهرة لتقدير قيمة السجاد الأثري وقت الوفاة على أساس التقدير الذي قال به الأستاذ حسين خلاف، وناطت به وحده تقدير شهرة المحل التجاري. وتنفيذاً لهذه المأمورية قدم الأستاذ أنور عبد المعطي تقريراً انتهى فيه إلى وجوب تخفيض قيمة السجاد الأثري من 52800 جنيه حسب تقدير مصلحة الضرائب إلى 40935 جنيهاً واستبعاد مقابل شهرة المحل التجاري، وبتاريخ 30 من ديسمبر سنة 1948 حكمت محكمة أول درجة حضورياً بإلزام مصلحة الضرائب (المطعون عليها) بأن تدفع للطاعنين مبلغ 1086 جنيهاً و573 مليماً والمصاريف المناسبة لهذا المبلغ وألفي قرش مقابل أتعاب المحاماة، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. وذلك تأسيساً على ما تراءى لها من وجوب استبعاد عدة مبالغ جملتها 11500 جنيه و683 مليماً من تقويم التركة المتنازع عليه ومن بين تلك المبالغ مبلغ 8641 جنيهاً و250 مليماً حصة المورث في فرقة قيمة السجاد الأثري وشهرة المحل، وقد استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 160 تجاري سنة 66 ق استئناف القاهرة طالبة إلغاء الحكم المستأنف واعتبار قيمة التركة مبلغ 200074 جنيهاً و411 مليماً وتحصيل الضريبة من الورثة على هذا الأساس وإلزامهم بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين. كما أقام الورثة من جانبهم الاستئناف رقم 10 تجاري سنة 67 ق استئناف القاهرة عن حكمي 21/ 6/ 1947 و30/ 12/ 1948 طالبين قبول الاستئناف المقابل شكلاً وفي الموضوع تعديل الحكمين المستأنفين وإلزام مصلحة الضرائب بأن تدفع لهم مبلغ 4388 جنيهاً و943 مليماً قيمة رسم الأيلولة المحصلة زيادة وبغير حق على تركة المرحوم فيتالي مادجار مع الفوائد القانونية من يوم 18/ 9/ 1946 حتى السداد والمصاريف والأتعاب عن الدرجتين بما في ذلك مصاريف وأتعاب الخبيرين المنتدبين في الدعوى ورفض الاستئناف الأصلي المرفوع من المصلحة. وفي 18 من يناير سنة 1950 قررت محكمة استئناف القاهرة ضم الاستئنافين وحكمت فيهما بتاريخ 31 من مايو سنة 1950 بقبولهما شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بندب الأستاذ محمد كامل الحاروني خبيراً في الدعوى لتقرير ما إذا كان للمحل شهرة تقوم مادياً وتقدير قيمتها إن كانت وبعد أن باشر المأمورية وقدم تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 25 من يونيه سنة 1953 وفي موضوع الاستئنافين بتعديل الحكم المستأنف وإلزام مصلحة الضرائب بأن تدفع للطاعنين مبلغ 758 جنيهاً و316 مليماً وإلزامهم بالمصروفات المناسبة لمبلغ الفرق بين ما حكم به وبين المبلغ السابق الحكم به ابتداء وقيمة الفرق 328 جنيهاً، 357 مليماً وتأييد الحكم فيما عدا ذلك وإلزام مصلحة الضرائب بباقي المصروفات وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. وفي 21 من إبريل سنة 1954 صدر قرار من المحكمة بتصحيح الخطأ المادي الوارد في منطوق هذا الحكم وجعله كالآتي: "بإلزام مصلحة الضرائب بأن تدفع للورثة مبلغ 958 جنيهاً، 316 مليماً وإلزام الورثة بالمصروفات المناسبة للفرق بين ما حكم به وبين المبلغ السابق الحكم به ابتداء وقيمة الفرق 128 جنيهاً، 257 مليماً وتأييد الحكم فيما عدا ذلك..." وأقامت محكمة الاستئناف قضاءها فيما يختص بتقدير قيمة السجاد الأثري على ما انتهت إليه محكمة أول درجة أخذاً بتقرير الأستاذ أنور عبد المعطي كما أقامت قضاءها في خصوص تقدير شهرة المحل على ما جاء بتقرير الخبير الأستاذ محمد كامل الحاروني الذي وافق الأستاذ أنور عبد المعطي على عدم وجود شهرة للمحل يمكن تقديرها مادياً، ولكنه أضاف إلى ذلك أن المحل التجاري موضوع البحث يقع في شارع سليمان (باشا) وهو السوق الرئيسي لمدينة القاهرة مما يجب معه تقدير صقع المكان لو تخلى عنه ملاكه وهو ما يعبر عنه (بخلو الرجل) الذي هو بذاته وفي رأيه من عناصر الشهرة وقدر هذا الخلو بمبلغ 5000 جنيه حصة الطاعنين فيه الربع أي مبلغ 1250 جنيهاً. وقد طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأصر الطاعنون على طلباتهم وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها التي انتهت فيها إلى طلب نقض الحكم المطعون فيه فقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة حيث أصر كل من طرفي الخصومة على طلباته وصممت النيابة على ما جاء بمذكرتها وأبدت رأيها بطلب نقض الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أربعة أسباب يتحصل أولها في أن الطاعنين تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الاستئناف بأن ما ذهبت إليه محكمة أول درجة من أن التقدير يجب أن يكون على أساس وجود مشتر للسجاد صفقة واحدة في تاريخ الوفاة من الهواة أو المتاحف هو تقدير غير صحيح - ذلك أن المورث لم يخلف مجموعة فنية وإنما ترك حصة في شركة توصية بسيطة يتعين تقديرها على أساس قيمتها في تاريخ الوفاة بما يترتب عليها من حقوق وقيود بمقتضى عقد الشركة الذي ينص على أنه لا يترتب على وفاة فيتالي مادجار حلها - وأن القانون 142 لسنة 1942 جاء خلواً من وضع القواعد التي يجب اتباعها عند تقدير النصيب الذي يخلفه المورث في شركة تضامن أو توصية بسيطة مما ينبغي معه الاسترشاد بقواعد القضاء الفرنسي التي تؤدي إلى تقدير نصيب المورث في الشركة بما لا يزيد عن الثابت في ميزانياتها - ولكن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع الجوهري فجاء مشوباً بالقصور وفاقداً للأساس الواقعي لاعتباره أن ما آل للورثة هو كمية من الأشياء الأثرية والفنية وليس نصيباً في شركة، كما خالف القانون لعدم أخذه في التقدير بالمبادئ القانونية السليمة.
ومن حيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الأصل في تقدير التركات في غير الأحوال التي وضع المشرع في شأنها قواعد خاصة لتقدير الأموال هو اعتبار الوقت الذي انتقلت فيه الأموال إلى ملكية الوارث ذلك أن هذا النوع من الضريبة إنما يفرض بمناسبة ما وقع للوارث من اغتناء أي من زيادة في رأس ماله وتقويم هذه الزيادة إنما يكون لحظة تمامها بما تساويه من ثمن يحتمل أن تباع به وقت حصول الواقعة المنشئة للضريبة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن العبرة هي بتقدير حصة المورث بقيمتها الاحتمالية وقت وفاته فإنه لم يخالف هذا الأصل وقضاؤه هذا يحمل الرد الضمني على ما تمسك به الطاعنون من وجوب أن يكون التقدير وفقاً للثابت في ميزانيات الشركة.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل فيما ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه من خطأ في القانون وقصور في التسبيب بالنسبة لتقدير بضائع الشركة في تاريخ الوفاة، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن القاعدة التي أخذت بها محكمة أول درجة لا تصلح لتقدير قيمة بضائع مملوكة لأحد التجار أو لشركة تجارية وإنهم أوضحوا في محضر أعمال الخبير الأستاذ محمد كامل الحاروني وفي مذكرتهم الأولى المقدمة له بأنه "إذا كان لابد من تقدير قيمة البضائع المملوكة للشركة فإن هذا التقدير يجب أن يتم على أساس قيمة شرائها بمعرفة تاجر يشتريها جملة في تاريخ الوفاة للاتجار بها على أساس الثمن الاحتمالي لبيعها جملة في تاريخ الوفاة لأحد الهواة بدون إكراه، كما بينوا أن الاحتمال الذي جعله الحكم الابتدائي أساس تقديره وهو وجود من يشتري البضائع صفقة واحدة من الهواة يستحيل تحقيقه عملاً باعتراف الخبراء أمام محكمة أول درجة، كما أنهم لجأوا إلى الخبير الذي استعانت به لجنة التقدير وهو الأستاذ حسين راشد وطلبوا منه تقدير بضائع المحل على أساس سعر شرائها في تاريخ الوفاة بمعرفة تاجر جملة صفقة واحدة للاتجار بها فوضع تقريراً استشارياً انتهى فيه إلى أن التاجر الذي يشتري بضاعة الشركة يوم حصر التركة صفقة واحدة بثمن فوري بقصد بيعها بالأثمان التي ذكرها في تقرير الخبرة السابق تقديمه منه يدفع لها ثمناً إجمالياً قدره 62136 جنيهاً - كما قدموا تقريراً استشارياً من الأستاذ حسين خلاف قرر فيه أنه يرى وجوب تقدير قيمة السجاد وغيره من بضاعة المحل على أساس ثمن بيعها الاحتمالي جملة إلى بعض التجار في يوم الوفاة على أن يكون ذلك البيع - اختيارياً - وقدموا أيضاً تقريراً استشارياً ثالثاً من الأستاذ عبد القادر نجا الأبياري يبين منه أنه أبدى رأيه بوجوب أن تكون العبرة بقيمة بيع السجاد الأثري والتحف وغيرها مما تتجر فيه الشركة بقيمة بيعها الاحتمالية دفعة واحدة في تاريخ الوفاة إلى منشأة تجارية تعمل في نفس النوع من التجارة أو إلى منشأة مماثلة، وأنه رغم تمسك الطاعنين بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف إلا أنها أغفلت الرد عليه إغفالاً تاماً حكمها فضلاً عن مخالفته للقانون مشوباً بالقصور.
ومن حيث إنه يبين من أسباب الحكم المطعون فيه أنه أخذ في تقدير قيمة السجاد البخاري بما جاء بتقرير الخبيرين مسيو فييت والأستاذ حسين راشد أي على أساس سعر البيع لكل وحدة تقديراً عملياً تداولياً بحسب ما هو واضح من محضر مناقشتهما بجلسة 19 من مايو سنة 1947 أمام محكمة أول درجة كما أخذ في تقدير قيمة السجاد الأثري برأي الخبير الأستاذ أنور عبد المعطي أي على أساس القيمة البيعية الصافية "صفقة واحدة" يوم الوفاة بدون إجبار ولا إكراه وفي تقديره لقيمة المنسوجات والتحف المختلفة استند الحكم إلى رأي الخبيرين مسيو فييت والأستاذ حسين راشد أي بطريق الجاشني.
ومن حيث إنه ثابت من المستندات المقدمة من الطاعنين بملف الطعن وهي الصورة الرسمية طبق الأصل للمذكرة المقدمة منهم أمام محكمة الاستئناف لجلسة 31 من مايو سنة 1950 وللمذكرتين المقدمتين للخبير الأستاذ محمد كامل الحاروني ولمحضري أعماله المؤرخين 22 من فبراير و22 من مارس سنة 1951 - ثابت أنهم تمسكوا ضمن ما تمسكوا به في دفاعهم أمام محكمة الاستئناف بأن تقدير قيمة البضائع المملوكة لشركة فيتالي مادجار وأولاده وشركاهم يجب أن يتم على أساس قيمة شرائها بمعرفة تاجر يشتريها جملة في تاريخ الوفاة للاتجار بها لا على أساس الثمن الاحتمالي لبيعها جملة في تاريخ الوفاة بدون إكراه لأحد الهواة، وأنهم قدموا تأييداً لهذا الدفاع ثلاثة تقارير استشارية أولها من الأستاذ حسين راشد وهو أحد الخبيرين اللذين ندبتهما مصلحة الضرائب لتقدير قيمة بضائع الشركة، وقد جاء في هذا التقرير المؤرخ في 2 من فبراير سنة 1951 "أن التاجر الذي يشتري سلع "شركة أولاد فيتالي مادجار وشركاهم" يوم حصر التركة قطعة قطعة بقصد بيعها بالأثمان التي ذكرناها في تقرير الخبرة يدفع لها ثمناً فردياً يبلغ مجموعه 73133 جنيهاً وأن التاجر الذي يشتريها صفقة واحدة ويدفع فوراً بقصد أن يبيعها بالأثمان التي ذكرناها في تقرير الخبرة يدفع لها ثمناً إجمالياً قدره 62163 جنيهاً، وثاني التقارير الاستشارية حرره الأستاذ حسين خلاف الذي ندبته محكمة أول درجة لإبداء رأيه في تقدير التركات وقد خلص في تقريره الاستشاري المؤرخ 24/ 3/ 1953 إلى أنه يرى أن يكون التقدير على أساس افتراض قيام الورثة ببيع هذه البضائع صفقة واحدة إلى بعض التجار يوم الوفاة على أن يكون هذا البيع اختيارياً لا إجبار فيه وأن هذا الرأي هو الحل الذي يتفق ومنطق ضريبة التركات التي لا يراد منها إلا أن تصيب الاغتناء الذي وقع للورثة بالفعل بسبب أيلولة الأموال إليهم - وأورد في هذا التقرير الأسانيد التي أيد بها هذا الرأي، والتقرير الاستشاري الثالث مؤرخ 29/ 3/ 1953 حرره الأستاذ عبد القادر نجا الإبياري وقد أشار فيه إلى أن سعر بيع الجملة للبضاعة دفعة واحدة في تاريخ الوفاة إلى تاجر أو إلى منشأة تجارية تعمل في نفس النوع من التجارة هو الذي يتفق مع قيمة البيع الاحتمالية في تاريخ الوفاة وأن القيمة التي ينبغي أن تتخذ أساساً لتقويم بضاعة شركة فيتالي مادجار والتي تتفق مع قيمة بيعها الاحتمالي في تاريخ الوفاة إنما هو سعر بيعها دفعة واحدة في تاريخ الوفاة إلى منشأة تجارية تعمل في تجارة السجاجيد والتحف وليس على أساس بيعها بالتجزئة أو نصف الجملة للهواة أو تجار نصف الجملة في تاريخ لاحق على تاريخ الوفاة، وأن تقدير نصيب ورثة المرحوم فيتالي مادجار في بضاعة الشركة بمبلغ 62163 جنيهاً كما جاء بتقرير الأستاذ حسين راشد الاستشاري هو تقدير سليم - ولما كان يبين من أحكام القانون رقم 142 لسنة 1944 أن رسم الأيلولة على التركات يسري على ما آل من أموال وحقوق إلى الورثة أو غيرهم في تاريخ الوفاة وأن المشرع لم ير تقييد التقدير بطريق معين فيما خرج عما نص عليه في المادة 36 من هذا القانون، وكان الثابت أن النزاع بين طرفي الخصومة في مرحلته أمام محكمة الاستئناف قد دار في نطاق ما تمسكت به مصلحة الضرائب من وجوب تقدير بضائع شركة فيتالي مادجار وأولاده وشركاهم على أساس سعر بيعها بالطريقة التي جرى عليها العمل بالمنشأة أي للهواة أو المتاحف بينما تمسك الطاعنون بوجوب حصول التقدير على أساس سعر شراء هذه البضائع جملة بمعرفة تاجر يشتريها للاتجار فيها في تاريخ الوفاة، وأنهم قدموا تأييداً لوجهة نظرهم ودفاعهم مستندات جديدة لم يسبق لهم تقديمها إلى محكمة الدرجة الأولى وهي التقارير الاستشارية سالفة الذكر، وكان كل من الأستاذين حسين راشد وحسين خلاف قد اتجه في تقريره الاستشاري إلى رأي يختلف في نتيجته مع ما جاء بتقريره الأول الذي أقيم عليه قضاء الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص، وكان الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى قضائه هذا قد أغفل بحث هذه المستندات الجديدة والدفاع المؤسس عليها مما كان يحتمل معه تغير وجه الرأي في الدعوى - لما كان ذلك فإنه يكون معيباً بالقصور مما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه التضارب في الأسباب والخطأ في القانون - ويقولون في بيان ذلك إن الخبير الأستاذ الحاروني خلص في تقريره إلى عدم وجود شهرة للمحل بالمعنى الفني المصطلح عليه ولكنه أشار في ختام التقرير إلى أن وفاة المورث حصلت في وقت اشتدت فيه أزمة المساكن وأنه لذلك كان يمكن تأجير المحل مقابل "خلو رجل" قدره بمبلغ 5000 جنيه وأخذ الحكم المطعون فيه بما انتهى إليه هذا الخبير من اعتبار "خلو الرجل" عنصراً من عناصر شهرة المحل وبذلك وقع الحكم في تناقض إذ سلم أولاً بانعدام الشهرة ثم عاد وقدر قيمة "خلو الرجل" كعنصر من عناصرها مع أن العناصر التي تتكون منها الشهرة تتفاعل فإذا انتهت إلى انعدام الشهرة فإنه لا يجوز بعد ذلك تقدير إحداها على انفراد، كما أن عنصر "خلو الرجل" لم يكن من العناصر التي وردت في قرار لجنة التقدير الذي طعن فيه الطاعنون وحدهم دون المطعون عليها ومن ثم لم يكن يجوز للمحكمة وهي تفصل في أوجه الخلاف بين طرفي الطعن أن تضيف إلى التركة عناصر جديدة لم ترد في تقدير اللجنة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أورد بأسبابه في هذا الخصوص ما يأتي: "وحيث إنه عن شهرة المحل فقد كانت محل بحث مستفيض من جانب محكمة أول درجة ومن جانب الخبير أنور عبد المعطي ثم كانت محل بحث هذه المحكمة التي ندبت الأستاذ محمد كامل الحاروني وقد انتهى الخبيران إلى رأي واحد وإن اختلفت الأسباب التي استند كل منهما إليها - وترى هذه المحكمة أن الأستاذ الحاروني فصل في تقريره موضوع الشهرة من الناحية الفنية وطبق هذه القواعد على المحل موضوع النزاع وبين الأسباب التي أدت إلى النتيجة التي انتهى إليها مما تأخذ به هذه المحكمة أسباباً ونتيجة. وحيث إن هذه المحكمة توافق الخبير الأستاذ الحاروني على ما ذهب إليه من اعتبار "خلو الرجل" عنصراً من عناصر شهرة المحل وتضيف إلى هذا أن مثل هذا البند مما يقوم في ذاته بمال ويجب أن يندرج ضمن عناصر الشهرة، وترى هذه المحكمة أن تقدير الخبير لخلو الرجل بمبلغ خمسة آلاف من الجنيهات في محله ويجب إضافة نصيب المورث وقدره 1250 جنيهاً إلى قيمة التركة التي خلفها وذلك عند حساب الضريبة" وواضح من هذه الأسباب أن الحكم المطعون فيه أحال فيما انتهى إليه في هذا الشأن إلى ما جاء بتقرير الأستاذ الحاروني.
ومن حيث إن الأستاذ الحاروني بعد أن انتهى في تقريره من بحث موضوع شهرة المحل أورد به أنه "في حدود الأوضاع المتصلة في البحوث السابقة لا يكون لشركة مادجار شهرة محل بالمعنى الفني المصطلح عليه..." - ثم جاء في نهاية التقرير تحت عنوان خلو الرجل وشهرة المحل ما يأتي: "أن الصقع التجاري كثيراً ما يعتبر عنصراً من عناصر شهرة المحل إن وجدت فوجود المتجر في مكان بعينه قد يكون من أسباب تسهيل الإقبال على المنشأة وكثرة مبيعاتها ووفرة أرباحها العادية وغير العادية، وفي الحالة التي نحن بصددها قد يبدو أنه لا محل لبحث علاقة موقع منشأة مادجار بشهرة المحل ما دام قد تبين أنه لا وجود لشهرة المحل بمعناها الفني بهذه المنشأة - ولكن لا يغرب عن البال أن المورث قد توفي في فبراير سنة 1946 - وفي هذه الفترة كانت أزمة المساكن والمحال التجارية على أشدها وأصبح معروفاً في السوق التجاري أنه قد أصبح لكل محل قيمة لخلو الرجل يحصل عليه مالكه بسهولة في أي وقت شاء فيه ترك محله لغيره - وشركة مادجار تقع في ناحية من السوق الرئيسي للقاهرة... أنها تقع في شارع سليمان باشا ومكانها كما شاهدته عند زيارتها متسع جداً وإيجاره قليل ومن تجربتي للحالات المماثلة في هذا الحي التجاري لا يقل خلو الرجل لهذا المكان في تاريخ الوفاة عن 5000 جنيه" ويبين من ذلك أن الخبير الأستاذ الحاروني استبعد في تقريره أن يكون للمحل التجاري موضوع النزاع شهرة بالمعنى الفني المصطلح عليه وبذلك تلاقى مع الخبير الأستاذ أنور عبد المعطي في انتفاء شهرة المحل على هذا المعنى، وإنه إذ قدر مبلغ الـ 5000 جنيه لم يقدره على أساس إنه مقابل إحدى عناصر الشهرة التجارية على معناها الفني ولكن على أساس عوامل أخرى - هذه العوامل هي التطورات الاقتصادية التي نشأت في أعقاب الحرب العالمية الأخيرة من أزمة في المساكن خلقت نوعاً من عرف ساد بين بعض الناس أدى إلى إمكان حصول المستأجر على مقابل اصطلح على تسميته بعبارة "خلو الرجل" لقاء إحلال آخر محله. ولما كان الثابت من الوقائع أن تقدير شهرة المحل موضوع النزاع بمبلغ 22700 جنيه لم يكن على أساس أنها تتضمن "خلو رجل" بمعناها العرفي السائد السابق ذكره بل على أساس أنها شهرة تجارية ذات قيمة يرجع في تحديدها إلى طرق فنية خاصة لجأت مصلحة الضرائب في تقديرها لإحداها وهي طريقة متوسط الأرباح الصافية" - بحسب ما هو واضح من أسباب الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 31/ 5/ 1950 القاضي بندب الأستاذ الحاروني خبيراً في الدعوى لتقدير الشهرة - وأن النزاع كان يدور بين طرفي الخصومة أمام محكمتي الموضوع حول وجود أو عدم وجود شهرة للمحل بمعناها الفني وتقدير قيمتها على هذا الأساس إن وجدت. وكان الثابت من تقرير الأستاذ الحاروني أنه أقحم على عناصر التركة مقابل "خلو الرجل" بحسبانه قيمة للصقع التجاري للمحل وباعتباره عنصراً من عناصر الشهرة في حين أنه خارج ومستقل عنها بما قرره ذات الخبير من انتفاء شهرة المحل بمعناها الفني - لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإضافة مبلغ 1250 جنيهاً إلى عناصر التركة باعتبارها مقابل شهرة يكون قد أخطأ تطبيق القانون.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون في السبب الرابع - على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون في عدم قضائه بالفوائد القانونية عن المبلغ الذي قضى به لهم ضد مصلحة الضرائب - ويقولون في بيان ذلك إنهم طلبوا إلزام مصلحة الضرائب بالفوائد عن المبالغ التي تقاضتها منهم بدون وجه حق استناداً إلى المادة 124 من القانون المدني الملغى والمادة 226 من القانون المدني الجديد وإلى أن قوانين الضرائب لا تتضمن نصاً يعفي المصلحة دفع الفوائد على ما تتقاضاه بدون وجه حق ابتداء من تاريخ المطالبة القضائية على الأقل، ولكن الحكم المطعون فيه رفض إلزام مصلحة الضرائب بالفوائد تأسيساً على أسباب غير مقبولة لا تبرر الخروج على أحكام القانون الصريحة.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أن أورد بأسبابه في خصوص رفض طلب الفوائد ما يأتي: "وحيث إنه عن موضوع المطالبة بالفوائد فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر على عدم جواز المطالبة بها تأسيساً على أن جباية الضرائب من أعمال السلطة العامة التي لا يجوز إخضاعها لأحكام القانون الخاص وقد انعقد الإجماع في فرنسا على ذلك ومجال الحكم بالفوائد في هذه الشئون هو في حال تجاوز مصلحة الضرائب حدود استعمال حقها أو تعسفها في استعمال هذا الحق. ولم يثبت في هذه القضية شيء من ذلك إذ كان أساس الخلاف بين الورثة وبين مصلحة الضرائب راجعاً إلى الخلاف في مسائل قانونية هي بذاتها محل خلاف بين شراح القانون. وقد أخذ المشرع المصري بهذا الرأي بعد ذلك عندما أصدر القانون 146 لسنة 1950 ونص فيه بعدم جواز مطالبة مصلحة الضرائب بفوائد عن المبالغ التي يحكم بردها للممولين ولو أن هذا القانون لا ينطبق على حالة هذه الدعوى لعدم وجود أثر رجعي له إلا أنه يبين اتجاه المشرع وقد جاءت نصوصه مقررة لحالة متفقة والتفسير الصحيح لقواعد القانون" وهذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه بإعفاء مصلحة الضرائب من فوائد المبلغ الذي حكم عليها برده في غير محله - ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه ما لم يوجد نص صريح يعفي مصلحة الضرائب من الفوائد المطلوبة منها عن المبالغ التي يحكم عليها بردها لتحصيلها من الممول بغير حق فإنه لا يجوز رفض طلب هذه الفوائد بسعرها القانوني من تاريخ المطالبة الرسمية وفقاً لنص المادتين 124 من القانون المدني القديم و226 من القانون المدني الجديد حتى تاريخ انتهاء ترتب هذه الفوائد في ذمة مصلحة الضرائب، وأن مركزها في هذا الشأن لا يختلف عن مركز أي مدين يحكم عليه برد مبلغ من النقود بغير حق فيلزم بفوائد التأخير القانونية - وأنه لا عبرة في هذا الخصوص بحسن نية المصلحة عند جباية الضريبة متى كان الثابت أن المصلحة قد حصلت من الممول أكثر من استحقاقها ولا يجوز التحدي بالقانون رقم 146 لسنة 1950 المعدل للمادة 101 من القانون رقم 14 لسنة 1939 تعديلاً من مقتضاه عدم جواز الحكم على مصلحة الضرائب بفوائد عن المبالغ التي يحكم بردها للمولين ذلك أنه تشريع مستحدث لا يسري إلا من تاريخ العمل به وعلى الوقائع والحالات التي تخضع لأحكامه، وإذ كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد رفض الحكم بالفوائد القانونية عن المبلغ الذي حكم بإلزام مصلحة الضرائب برده للطاعنين بتحصيله منهم بدون حق وبالسعر القانوني لهذه الفوائد من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تاريخ انتهاء ترتيبها في ذمة المصلحة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.

الطعن 740 لسنة 47 ق جلسة 28 / 1 / 1982 مكتب فني 33 ج 1 ق 40 ص 223

جلسة 28 من يناير سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور عبد الرحمن عياد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عبد الحميد المنفلوطي، محمد زغلول عبد الحميد، د. منصور وجيه ومحمد ماضي أبو الليل.

-----------------

(40)
الطعن رقم 740 لسنة 47 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن": "امتداد العلاقة الإيجارية" أحوال شخصية.
اعتبار الحكم زوجة المستأجر مستأجرة أصلية لعين النزاع استناداً إلى أحكام النيابة الضمنية والاشتراط لمصلحة الغير. خطأ. علة ذلك.
(2) حكم "تسبيب الحكم". نقض "السبب غير المنتج".
تمكين الزوجة الحاضنة من عين النزاع قبل العمل بالقانون رقم 44 لسنة 1979. النعي على الحكم رغم نفاذ هذا القانون بالخطأ في تطبيق القانون. غير منتج. علة ذلك.

------------------
1 - الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ اعتبر المطعون ضدها مستأجرة أصلية لعين النزاع استناداً إلى أحكام النيابة الضمنية والاشتراط لمصلحة الغير، ذلك أن الزوجة لا تعد طرفاً في عقد الإيجار الصادر لمصلحة الزوج التزاماً بنسبية أثره، وأن حقها في الإقامة مستمد من حقه مقروناً بعلته وهي استمرار العلاقة الزوجية بحيث إذا انفصمت، انتفت العلة فلا يبقى لها من سبيل على العين (1).
2 - لئن كان الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ مكن المطعون ضدها من شقة النزاع تغليباً لحقها كحاضنة على حق الطاعن كمستأجر مع أن قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها وقت صدور الحكم المطعون فيه لا يلزم المطلق بالتخلي عن مسكن الزوجية لمطلقته الحاضنة، إلا أنه لما كان القانون 44 لسنة 1979 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية الذي صدر في تاريخ لاحق للحكم المطعون فيه قد نص في المادة الرابعة منه على أن "للمطلقة الحاضنة بعد طلاقها الاستقلال مع صغيرها بمسكن الزوجية المؤجر ما لم يهيئ لها المطلق سكناً آخر مناسباً وكان هذا النص - والغاية منه رعاية جانب الصغار حماية للأسرة - متعلقاً بالنظام العام، فينطبق على واقعة الدعوى بأثر فوري، لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يتحد بأنه هيأ للحاضنة المطعون ضدها مسكناً، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتسليم شقة النزاع إليها يكون قد اتفق مع نص المادة المذكورة مما يضحى معه الطعن غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى 320 سنة 1975 مدني كلي بور سعيد على الطاعن وآخر بطلب الحكم بتسليمها الشقة المبينة بالصحيفة، تأسيساً على أنها كانت زوجة للطاعن مستأجر تلك الشقة، ورزقت منه بثلاثة أولاد ثم طلقها، وإذ كان الطاعن قد استأجرها باعتباره نائباً عنها وعن أولادها الذين هم في حضانتها، فقد حق لها رفع هذه الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ثم قضت في 19/ 12/ 1976 للمطعون ضدها بطلباتها. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 10 سنة 18 قضائية الإسماعيلية، وبتاريخ 9/ 4/ 1977 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بأسباب الطعن الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق والفساد في الاستدلال، ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أنه كلاً من الزوجين يعتبر مستأجراً أصلياً لشقة النزاع استناداً إلى النيابة الضمنية والاشتراط لمصلحة الغير، في حين أن الثابت من عقد الإيجار أن الطاعن هو المستأجر لها، ولا يزال يشغلها، وقد طلق المطعون ضدها فلم يعد لها من بعد حق الإقامة فيها، ويضحى بقاؤها بلا سند، هذا إلى أنه تمسك في صحيفة الاستئناف بأن أحكام الشريعة الإسلامية لم تحتم إقامة المطلقة الحاضنة بمسكن الزوجين وقد قضت لها بأجرة مسكن حضانة، كما أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن أحكام الشريعة الإسلامية تقضي بحرمة العشرة بينهما، لا يؤدي إلى إحلال مطلقة الطاعن محله في عقد الإيجار.
وحيث إنه ولئن كان الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ اعتبر المطعون ضدها مستأجرة أصلية لعين النزاع استناداً إلى أحكام النيابة الضمنية والاشتراط لمصلحة الغير، ذلك أن الزوجة لا تعد طرفاً في عقد الإيجار الصادر لمصلحة الزوج التزاماً بنسبية أثره، وأن حقها في الإقامة مستمد من حقه مقروناً بعلته وهي استمرار العلاقة الزوجية بحيث إذا انفصمت، انتفت العلة فلا يبقى لها من سبيل على العين، ولئن كان الحكم المطعون فيه قد أخطأ أيضاً إذ مكن المطعون ضدها من شقة النزاع تغليباً لحقها كحاضنة على حق الطاعن كمستأجر، إذ أن قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها وقت صدور الحكم المطعون فيه لا تلزم المطلق بالتخلي عن مسكن الزوجية لمطلقته الحاضنة، إلا أنه لما كان القانون 44 لسنة 1979 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية الذي صدر في تاريخ لاحق للحكم المطعون فيه قد نص في المادة الرابعة منه على أن "للمطلقة الحاضنة بعد طلاقها الاستقلال مع صغيرها بمسكن الزوجية المؤجر ما لم يهيئ لا المطلق سكناً آخر مناسباً"، وكان هذا النص - والغاية منه رعاية جانب الصغار حماية للأسرة - متعلقاً بالنظام العام، فينطبق على واقعة الدعوى بأثر فوري، لما كان ذلك وكان الطاعن لم يتحد بأنه هيأ للحاضنة المطعون ضدها مسكناً، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتسليم شقة النزاع إليها يكون قد اتفق مع نص المادة المذكورة مما يضحى معه الطعن غير منتج.
ولما تقدم فإنه يتعين رفض الطعن، وترى المحكمة إلزام المطعون ضدها بمصروفاته.


(1) نقض جلسة 4/ / 1980 - الطعن رقم 510 لسنة 46 ق - لم ينشر.