الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 24 يوليو 2023

الطعن 517 لسنة 5 ق جلسة 11 / 2 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 91 ص 689

جلسة 11 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني وحسني جورجي ومحمد مختار العزبي وعزت عبد المحسن المستشارين.

---------------

(91)

القضية رقم 915 لسنة 5 القضائية

(أ) موظف - تأديب - إجراءات 

- صدور القرار التأديبي صحيحاً متى روعيت فيه كافة الإجراءات والضمانات اللازمة - وجود قصور في التحقيق الابتدائي لا يخل بصحة القرار متى تداركت المحاكمة التأديبية هذا العيب.
(ب) إثبات - قرار إداري - سببه 

- ضياع أوراق التحقيق لا تؤدي إلى اعتبار القرار منتزعاً من غير أصول موجودة - يكفي في هذا ثبوت خلاصتها وما انتهى إليه مجلسا التأديب الابتدائي والاستئنافي من دلائل اقتنعا بها.

-----------------
1 - إذا كان الثابت أن مجلس التأديب الاستئنافي الذي أصدر القرار المطعون فيه كان مشكلاً تشكيلاً قانونياً وأنه واجه المدعيين بالوقائع المكونة لما اتهما به من مخالفات إدارية وبمصادرها التي تم استجماعها منها ومكنهما من إبداء أقوالهما ودفاعهما وملاحظاتهما بعد تمكينهما من الاطلاع على التحقيقات التي أجريت والأوراق المتعلقة بها فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر بعد مراعاة الضمانات الأساسية التي تقوم عليها حكمة إجراءات التأديب إذ توافرت في الإجراءات التي اتبعت ضمانة السلامة والحيدة والاستقصاء لصالح الحقيقة. كما كفلت حماية حق الدفاع للمدعيين تحقيقاً للعدالة، ومن ثم فلا وجه للنعي على القرار المذكور بالبطلان لعدم صلاحية بعض المحققين الذين اشتركوا في التحقيق الابتدائي الذي سبق المحاكمة التأديبية أو لأن بعضهم كان غير مختص بسبب نوع عمله أو مستوى درجته. فإن صح أن التحقيق الابتدائي الذي سبق المحاكمة التأديبية قد شابه قصور أو خلا من مقومات التحقيق الصحيح فقد تداركت المحاكمة التأديبية هذا العيب.
2 - إن القول بأن عدم تقديم أوراق التحقيق الابتدائي أو فقدها يجعل القرار المطعون فيه كأنه منتزع من غير أصول موجودة - قول ظاهر الخطأ، فما كان ضياع أوراق التحقيق بل سند الحق بمضيع للحقيقة ذاتها في شتى مجالاتها مدنياً أو جنائياً أو إدارياً ما دام من المقدور الوصول إلى هذه الحقيقة بطرق الإثبات الأخرى. وهذا الدليل قائم في خصوصية هذه المنازعة على ما سجله مجلس التأديب الابتدائي ثم مجلس التأديب الاستئنافي في قراريهما من خلاصة وما انتهيا إليه من دلائل اقتنعا بها فيما انتهيا إليه من نتيجة.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 30 من مايو سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر بتاريخ 30 من مارس سنة 1959 من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والهيئة العامة للسكك الحديدية في الدعوى رقم 547 لسنة 2 القضائية المقامة من السيد/ راتب عبد السيد ضد السكة الحديد والدعوى رقم 554 لسنة 2 القضائية المقامة من السيد/ الفونس ميخائيل ضد السكة الحديد والقاضي بقبول الدعويين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب الاستئنافي لوزارة المواصلات الصادر في 29 من يونيه سنة 1954 فيما قضى به من توقيع جزاء بخصم عشرة أيام من مرتب السيد/ راتب عبد السيد وخصم سبعة أيام من مرتب السيد/ الفونس ميخائيل وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوين وإلزام المدعيين المصروفات. وأعلنت صحيفة الطعن إلى السكة الحديد في 28 من يونيه سنة 1959 وإلى المطعون ضدهما في 4 من يوليه سنة 1959 وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 16 من أكتوبر سنة 1960 وأبلغ الطرفان في 29 من يونيه سنة 1960 بميعاد هذه الجلسة وتداول الطعن أمام دائرة فحص الطعون حتى جلسة 11 من ديسمبر سنة 1960 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا لنظره بجلسة 14 من يناير سنة 1961 وفيها قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن السيد/ راتب عبد السيد أقام الدعوى رقم 14156 لسنة 8 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة المذكورة بتاريخ 16 من سبتمبر سنة 1954 بطلب الحكم بإلغاء قرار مجلس التأديب الاستئنافي لوزارة المواصلات الصادر في 29 من يونيه سنة 1954 فيما قضى به من توقيع جزاء عليه بخصم عشرة أيام من مرتبه مع إلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وأقام السيد/ الفونس ميخائيل الدعوى رقم 14157 لسنة 8 القضائية أمام المحكمة المذكورة بصحيفة أودعت في ذات التاريخ الذي أودعت فيه صحيفة الدعوى الأولى بطلب الحكم بإلغاء ذات القرار فيما قضى به من تأييد الجزاء الموقع عليه بخصم سبعة أيام من مرتبه مع إلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبجلسة 7 من سبتمبر سنة 1955 قررت محكمة القضاء الإداري إحالة الدعويين إلى المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والسكة الحديد للاختصاص بالتطبيق للمادة 73 من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة فقيدت الدعوى الأولى تحت رقم 547 لسنة 2 القضائية وقيدت الدعوى الثانية تحت رقم 554 لسنة 3 القضائية. وبجلسة 19 من فبراير سنة 1957 قررت المحكمة الإدارية ضم الدعوى رقم 554 لسنة 2 القضائية إلى الدعوى رقم 547 لسنة 2 القضائية للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد ونعى المدعي الأول على القرار المطعون فيه بطلانه لعيب شكلي شاب مراحل التحقيق والمحاكمة في التحقيق الابتدائي وقع باطلاً لأن المصلحة انتدبت السيد/ أحمد عثمان حته مفتش المباحث للتحقيق على حين أنه سبق أن كون رأيه في التهم. ولأن المصلحة استبدلت في التحقيق الابتدائي بالسيد/ لطفي الأنصاري مساعد رئيس أقسام حركة أسيوط وهو المختص، موظفاً آخر هو السيد/ محمود عز الدين وهو لا يعتبر قانوناً أهلاً لتولي هذه المهمة. وتشكيل مجلس التأديب الابتدائي وقع باطلاً لأن رئيسه السيد/ عبد الحميد منصور مساعد المدير العام وأحد أعضائه وهو السيد/ محمد المتولي أحمد نجيب وكيل مصلحة التليفونات ليسا في درجة مدير عام وبالنسبة للموضوع ذكر المدعي الأول أنه نسبت إليه أربع تهم الأولى حيازته مهمات بمسكنه وبقصد استعماله الشخصي والثانية مخالفته التعليمات واللوائح المصلحية وذلك بأن سمح بنقل خزانات شركة السكر بطريقة غير قانونية بالاشتراك مع رئيسه مفتش الحركة والثالثة تأخيره إرسال عملية التذاكر الواردة وجداول وكشوف القطارات وإهماله عمل عمليات التلغرافات وتغييره مواعيد حضوره وانصرافه والرابعة سفره بالقطارات بدون تذكرة قانونية اعتماداً على أنه يصحبه مفتش الحركة وذلك بالمخالفة للتعليمات. وقال أن مجلس التأديب الاستئنافي برأه من التهمة الرابعة. وأدانه في باقي التهم على حين أن التهمة الأولى غير ثابتة والتهمتين الثانية والثالثة لا تقومان على أساس ونعى المدعي الثاني على القرار المطعون فيه بطلانه لذات الأسباب التي ساقها المدعي الأول. وبالنسبة للموضوع ذكر أن مجلس التأديب الاستئنافي أدانه في تهمة واحدة هي إهماله في الإشراف على عهدة محطة أرمنت الإضافية وعدم مراجعة أعمالها وعدم جرد ومراجعة المهمات التي تطلب عادة لموسم العصير وحصر المتبقي من الأعوام السابقة. وقال المدعي الثاني أن الشق الأول من هذه التهمة غير مستخلص من الأوراق والشق الثاني مجهل غير محدد والشق الثالث لا يقوم على أساس والشق الرابع يتعلق بمهمة تخرج عن اختصاصه ولا يصح محاسبته عنها. وأجابت الهيئة العامة للسكة الحديد على الدعويين بأنه في يوم 15 من ديسمبر سنة 1951 ضبطت مهمات مصلحية بمنزل المدعي الأول وكان يعمل معاوناً لمحطة أرمنت الإضافية وقد وجدت هذه المهمات في أكثر من غرفة ودون قيدها في الكشوف مع استعمال بعضها استعمالاً شخصياً مثل الغاز والأدوات الكتابية وقد ثبت من التحقيق الانضمامي الذي أجري في هذا الشأن مسئولية المدعي الأول عن هذه الواقعة كما ثبت فيه اشتراكه مع مفتش الحركة المدعي الثاني في السماح بنقل خزانات شركة السكر بطريقة غير قانونية وكذلك ثبت تأخير المدعي الأول في إرسال عملية التذاكر الواردة وجداول وكشوف القطارات وعدم عمله عملية التلغراف المروي وتغييره مواعيد الحضور والانصراف بالمخالفة لكشف توزيع العمل وسفره بالقطارات بدون تذاكر قانونية بصحبة مفتش الحركة المذكور. وثبت مسئولية المدعي الثاني مفتش الحركة بأقسام الأقصر في عدم إشرافه على عهدة محطة أرمنت الإضافية وأعمالها وعدم مراجعة المهمات التي تطلب عادة لموسم العصير وعدم التفاته للمتبقي في السنوات السابقة واستصحاب معاون المحطة المدعي الأول في المرور على الخط بدون داع وبدون تذاكر تسمح للمعاون بهذا المرور وإعطائه تعليمات غير قانونية في عملية نقل خزانات شركة السكر مما قد يؤدي إلى ضياع الإيراد وإقامة حفلات تمثيلية وتوزيع تذاكرها على الموظفين المرؤوسين له بما يتنافى وكرامة وظيفته فضلاً عن إثارته للنعرة الدينية بحالة تدل على عدم تقديره للمسئولية وقدم المدعيان إلى مجلس التأديب فقرر بجلسة 11 من أبريل سنة 1954 مجازاة المدعي الأول بخصم عشرة أيام من مرتبه ومجازاة المدعي الثاني بخصم سبعة أيام من مرتبه فاستأنف المدعيان كما استأنفت الوزارة هذا القرار فقرر مجلس التأديب الاستئنافي بجلسة 29 من يونيه سنة 1954 تبرئة المدعي الأول من التهمة الرابعة وإدانته في باقي التهم وبراءة المدعي الثاني من التهم الثانية والثالثة والرابعة وإدانته في التهمة الأولى وتأييد القرار المستأنف فيما قضى به من جزاء. وانتهت هيئة السكة الحديد إلى طلب رفض الدعوى لأن القرار المطعون فيه صادر من السلطة التي تملكه ولم يلحقه أي عيب شكلي أو موضوعي. وبجلسة 30 من مارس سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية بقبول الدعويين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب الاستئنافي لوزارة المواصلات الصادر في 29 من يونيه سنة 1954 فيما قضى به من توقيع جزاء بخصم عشرة أيام من مرتب المدعي الأول وخصم سبعة أيام من مرتب المدعي الثاني وما يترتب على ذلك من آثار وأقامت قضاءها على أنها طلبت مراراً من الجهة الإدارية إيداع التحقيقات الإدارية والتحقيق الانضمامي وصورة من الشكوى الإدارية رقم 110 لسنة 1952 الخاصة بالمخالفات التي صدر بشأنها القرار المطعون فيه ولكن الجهة الإدارية ماطلت في تنفيذ هذا القرار ثم قررت أخيراً أن هذه الأوراق دشتت. فتكون قد أقامت حائلاً بين المحكمة وبين رقابتها القانونية على القرار المطعون فيه وجعلت هذا القرار وكأنه منتزع من غير أصول موجودة ولا يصح أن يبحث على أسباب الجزاء في مذكرة التحقيق عارية عن أوراق التحقيق ذاته وإلا كانت الرقابة القانونية للقضاء الإداري منعدمة أو كانت ضرباً من الشكليات أو نوعاً من التسليم بوجهة نظر الإدارة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن ملفي خدمة المدعين قد تضمنا من الأوراق الإدارية الصحيحة المنتجة ما يوضح أسباب القرار وحقيقة صدوره عن أسباب صحيحة. ومن ذلك مذكرة بنتيجة التحقيق الذي أجري في فبراير سنة 1953 وكذلك قرار مجلس التأديب الابتدائي والاستئنافي وسائر المكاتبات التي تبودلت بين الأقسام المختلفة أثناء التحقيق والتي أثبت فيها كاتبوها ما لمسوه عن حالة المضبوطات واعتراف المدعي الأول بأوجه خطئه في عدم رصد المهمات وعدم القيام بواجبه. وهي كلها قاطعة في صدور هذه الأفعال منه وصحة السبب الذي بني عليه القرار. وهذا فضلاً عن أن معظم دفاع المدعين لا يقوم على إنكار الوقائع وإنما يقوم على مناقشة التعليمات. فلم تكن التحقيقات لازمة هذا اللزوم الذي جعل المحكمة ترى عدم ضمها حائلاً بينها وبين مراقبة مشروعية القرار فالتهم آخذة بخناق المدعيين تشهد عليهما عيون أوراق الدعويين بحالتيهما.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة القرار المطعون فيه أنه صادر بتاريخ 29 من يونيه سنة 1954 من مجلس التأديب الاستئنافي لوزارة المواصلات المشكل برئاسة السيد المهندس جمال بدوي حمدي الوكيل الدائم لوزارة المواصلات وعضوية كل من السيد الأستاذ الحسيني العوضي المحامي العام والسيد الأستاذ عبد الفتاح بيومي نصار المستشار المساعد بمجلس الدولة وجاء بأسبابه أنه يبين حسبما هو وارد بقرار إحالة المدعيين إلى المحاكمة التأديبية أنه قد أسند إلى كل منهما ارتكاب المخالفات الآتية:
أولاً: المدعي الأول المعاون بمحطة أرمنت الإضافية.
1 - حاز مهمات مصلحية بمسكنه وبقصد استعماله الشخصي.
2 - خالف التعليمات واللوائح المصلحية وذلك بأن سمح بنقل خزانات شركة السكر بطريقة غير قانونية بالاشتراك مع رئيسه مفتش الحركة.
3 - تأخير إرسال عملية التذاكر الواردة وجداول وكشوف القطارات وإهماله عمل عملية التلغراف وتغيير مواعيد حضوره وانصرافه.
4 - سفره بالقطارات دون تذاكر قانونية اعتماداً على أنه يصحبه مفتش الحركة وذلك بالمخالفة للتعليمات.
ثانياً - المدعي الثاني مفتش الحركة بأقسام قبلي:
1 - إهماله الإشراف على عهدة محطة أرمنت الإضافية وعدم مراجعته أعمالها وعدم جرد ومراجعة المهمات التي تطلب عادة لموسم العصير وحصر المتبقي من الأعوام السابقة.
2 - ارتكابه عملاً منافياً لواجبه وهو استصحاب معاون محطة أرمنت الإضافية المدعي الأول أثناء مروره في دائرة قسمه وذلك دون مبرر ودون تصاريح سفر قانونية.
3 - إصدار تعليمات غير قانونية لمرؤوسيه في عملية نقل خزانات شركة السكر مما يؤدي إلى ضياع الإيراد.
4 - إقامته حفلات تمثيلية وتوزيع تذاكرها على مرؤوسيه مما يتنافى وكرامة وظيفته وإثارته للنعرة الدينية مع إيعازه لرؤسائه كذباً بأنه مضطهد بلا سبب وذلك بطريقة تدل على عدم تقديره للمسئولية وتبرهن على ضعف تفكيره. وهذا يتنافى مع ما يجب أن يتحلى به موظف يشغل مركز رئيسي كمفتش حركة. وأن مجلس التأديب الابتدائي قضى في 11 من أبريل سنة 1954 بثبوت جميع التهم المنسوبة للمدعين على أساس ما بان له من التحقيق الإداري وأنه بالاطلاع على أوراق التحقيق الانضمامي والتحقيق الجنائي في الشكوى رقم 110 لسنة 1952 وعلى ما قدمه المدعيان من مستندات وبعد سماع أقوالهما بالجلسة اتضح أن التهم الثلاثة الأولى الواردة بقرار الإحالة المنسوبة إلى المدعي الأول ثابتة ضده وذلك استناداً إلى أن المهمات المصلحية المبينة بأوراق التحقيق حتى على فرض أن معظمها كان موجوداً بالسكن المصلحي قبل استلامه العمل بالمحطة بعلم المصلحة كما جاء بدفاعه فإن من المقطوع به أن بعضها كان من العهدة الخاصة بالاستراحة وكان من المتعين إبقاءها بها. ومن غير الجائز أن يقوم بنقلها إلى سكنه وفضلاً عن ذلك فإن المجلس تبين أن المعاون المذكور سبق أن جوزي بتاريخ 23 من مارس سنة 1951 بخصم ثلاثة أيام من مرتبه لوجود مهمات خاصة بالاستراحة بمنزله وكل ذلك يشعر باستعماله الشخصي لها خصوصاً إذا ما لوحظ أن هذه المهمات عند ضبطها لم تكن مشونة في غرفة واحدة بل وجدت شائعة في جميع غرف المنزل. وفيما يتعلق بالتهمة الثانية والثالثة فالمخالفة فيها واضحة من اعترافه بالتأخير في تحرير الاستمارات الخاصة بنقل قزانات شركة السكر وفي تأخير عملية التذاكر الواردة وجداول وكشوف القطارات ولا ينهض مبرراً لذلك ما يسوقه على سبيل الدفاع من أن العمل يجرى عرفاً في معظم الأحايين بالتجاوز عن مثل هذا التأخير. أما عن التهمة الرابعة وهي الخاصة بسفره بالقطارات بدون تذاكر قانونية اعتماداً على أنه بصحبة مفتش الحركة فقد بدأ للمجلس براءته منها وذلك بالنظر إلى أن انتقالاته هذه كانت داخلية في حدود دائرة عمله المنوط به الإشراف عليها وهذا الحق مسلم به ولا مخالفة فيه. وأنه بالنسبة للمدعي الثاني مفتش الحركة فقد بان لهذا المجلس أن المخالفات التي يمكن إدانته فيها مقصورة على ما أسند إليه في التهمة الأولى الواردة بقرار الإحالة سالف الذكر وهي الخاصة بإهماله الإشراف على عهدة محطة أرمنت الإضافية وعدم مراجعته أعمالها وعدم جرد ومراجعة المهمات التي تطلب عادة لموسم العصير وحصر المتبقي من الأعوام السابقة. وبقدر تراخيه وإهماله في الإشراف على عمل معاون المحطة، وعلى عهدته خصوصاً إذا كان ذلك منصباً على ما يمس أهم واجباته في هذه المنطقة بالنسبة لموسم العصير بالذات وذلك بالرغم من أنه سبق أن حذر وألفت نظره رسمياً في 13 من مارس سنة 1951 لعدم مفاجأته الاستراحة بالتفتيش والجرد كما هو ثابت بصحيفة الجزاءات الواردة للمجلس ضمن ملف خدمته. أما بالنسبة لباقي التهم الثلاثة المنسوبة إليه فقد اتضح أن الاتهام فيها لا يقوم على أساس من الوقائع الصحيحة ومن ثم لم ير المجلس ما يوجب مؤاخذته تأديبياً على شيء منها وبالتالي فإنه يتعين براءته منها. وأنه مع ما يقرره المجلس من براءة المعاون من التهمة الرابعة وبراءة المفتش من التهم الثلاثة الأخيرة. فإن المجلس لا يزال يرى أن الجزاء الواجب توقيعه على هذين الموظفين بالنسبة للتهم التي أدينا فيها ويكون الرادع لهما على ما اقترفاه، خصوصاً مع استئناف الوزارة لقرار مجلس التأديب الابتدائي فيما قضى به من عقوبة طالبة تشديدها هو ذات الجزاء الذي قضى به المجلس الابتدائي عن جميع التهم. وانتهى القرار إلى براءة المدعي الأول من التهمة الرابعة وإدانته في باقي التهم وبراءة المدعي الثاني من التهم الثانية والثالثة والرابعة وإدانته في التهمة الأولى وتأييد القرار المستأنف فيما قضى به من جزاء بالنسبة لكل من الموظفين المذكورين وكان المجلس الابتدائي قد قرر مجازاة المدعي الأول بخصم عشرة أيام من مرتبه ومجازاة المدعي الثاني بخصم سبعة أيام من مرتبه.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن مجلس التأديب الاستئنافي الذي أصدر القرار المطعون فيه كان مشكلاً تشكيلاً قانونياً صحيحاً وأنه واجه المدعيين بالوقائع المكونة لما اتهما به من مخالفات إدارية وبمصادرها التي تم استجماعها منها ومكنهما من إبداء أقوالهما ودفاعهما وملاحظاتهما بعد تمكينهما من الاطلاع على التحقيقات التي أجريت والأوراق المتعلقة بها. وبذلك صدر القرار المطعون فيه بعد مراعاة الضمانات الأساسية التي تقوم عليها حكمة إجراءات التأديب إذ توافرت في الإجراءات التي اتبعت ضمانة السلامة والحيدة والاستقصاء لصالح الحقيقة. كما كفلت حماية حق الدفاع المدعيين تحقيقاً للعدالة، ومن ثم فلا وجه للنعي على القرار المذكور بالبطلان لعدم صلاحية بعض المحققين الذين اشتركوا في التحقيق الابتدائي الذي سبق المحاكمة الابتدائية أو لأن بعضهم كان غير مختص بسبب نوع عمله أو مستوى درجته. فإن صح أن التحقيق الابتدائي الذي سبق المحاكمة التأديبية قد شابه قصور أو خلا من مقومات التحقيق الصحيح فقد تداركت المحاكمة التأديبية هذا العيب كما أنه لا وجه للنعي على القرار المذكور بالبطلان لأن مجلس التأديب الابتدائي كان مشكلاً تشكيلاً غير صحيح ذلك أنه ثابت من الأوراق أن رئيس المجلس السيد المهندس عبد الحميد منصور مساعد المدير العام لمصلحة السكك الحديدية وعضوه السيد المهندس محمد المتولي أحمد نجيب وكيل مصلحة التلغرافات والتليفونات كان كل منهما في درجة مدير عام.
ومن حيث إن الفهم الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن عدم تقديم أوراق التحقيق الابتدائي أو فقدها يجعل القرار المطعون فيه كأنه منتزع من غير أصول موجودة - هذا الفهم ظاهر الخطأ، فما كان ضياع أوراق التحقيق بل ضياع سند الحق بمضيع للحقيقة ذاتها في شتى مجالاتها مدنياً أو جنائياً أو إدارياً ما دام من المقدور الوصول إلى هذه الحقيقة بطرق الإثبات الأخرى. وهذا الدليل قائم في خصوصية هذه المنازعة على ما سجله مجلس التأديب الابتدائي ثم مجلس التأديب الاستئنافي في قراريهما من خلاصة وما انتهيا إليه من دلائل اقتنعا بها فيما انتهيا إليه من نتيجة. هذا إلى أن أوراق التحقيق الانضمامي قد قدمت إلى هذه المحكمة بجلسة 20 من نوفمبر سنة 1960 أمام دائرة فحص الطعون.
ومن حيث إنه بان للمحكمة من مطالعة الأوراق أن النتيجة التي انتهى إليها القرار المطعون فيه مستمدة من أصول موجودة ومستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانوناً. وما ينعاه المدعيان بالنسبة لموضوع التهم سبق أن ردداه أمام مجلس التأديب الاستئنافي. وهو يخرج عن رقابة القضاء الإداري للقرار المطعون فيه. وهي رقابة قانونية تقف عند حد التحقق من مدى مطابقة القرار أو عدم مطابقته في هذا الخصوص للقانون ولا تعني أن يحل القضاء الإداري نفسه محل مجلس التأديب فيما هو متروك لتقديره ووزنه واقتناعه. فيستأنف النظر بالموازنة والترجيح فيما قام لدى مجلس التأديب من دلائل وبينات وقرائن أحوال إثباتاً أو نفياً في خصوص قيام أو عدم قيام الحالة الواقعية التي تكون ركن السبب أو يتدخل في تقدير خطورة هذا السبب وما يمكن ترتيبه عليه من آثار.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب وخالف القانون فيتعين القضاء بإلغائه ورفض الدعويين وإلزام المدعيين المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعويين وألزمت المدعيين بالمصروفات.

الطعن 154 لسنة 25 ق جلسة 21 / 5 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 67 ص 441

جلسة 21 من مايو سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

-----------------

(67)
الطعن رقم 154 لسنة 25 القضائية

تموين. تسعير جبري. ضرائب. استيلاء. زيت. قانون "دستورية القوانين".
تحديد وزارة التموين بواسطة لجان التسعيرة الجبرية سعراً لبذرة القطن وإضافة زيادة عليه تقتضيها عن كل طن من الزيت يسلم للمصابن في ظل الدستور الملغي. هذه الزيادة ليست جزءاً من الثمن. هي فرض ضرب على المشتري لا مصلحة للبائع فيه ليس لوزارة التموين سند من القانون في تحصيلها لحساب الحكومة ولو صدر بها قرار من مجلس الوزراء. خطأ الحكم إذ اعتبر هذه الزيادة فروق أسعار وأجاز للحكومة تحصيلها.

------------------
اختصاص وزارة التموين ولجانها قاصر على تنظيم تداول الزيت وتحديد أسعاره فلا يتعداه إلى تحصيل فروق أسعار عن سلعة ليست مملوكة لها فإذا كانت وزارة التموين بواسطة لجان التسعيرة الجبرية قد حددت في ظل الدستور الملغي سعراً لبذرة القطن يلزم به البائع وأضافت إليه زيادة تقتضيها عن كل طن من الزيت يسلم إلى المصابن فإن هذه الزيادة لا تعد جزءاً من الثمن وإنما هي فرض ضرب على المشتري لا مصلحة للبائع فيه ليس لوزارة التموين سند من القانون في تحصيلها لحساب الحكومة ولو استهدفت من ذلك تغطية ما تتحمله من بيع الزيوت المخصصة لشئون التموين بأقل مما تتكلفه فعلاً - ذلك أنها لا تملك فرض رسوم أو ضرائب على السلع عند تداولها ولو صدر بها قرار من مجلس الوزراء إذ أن المادة 134 من الدستور الملغي الذي كان سارياً وقت فرض هذه الزيادة لا تجيز إنشاء ضريبة أو تعديلها أو إلغاءها إلا بقانون ولا تكليف الأهالي بتأدية شيء من الأموال أو الرسوم إلا في حدود القانون. ولم يخول القائمون على إجراء الأحكام العرفية وقتذاك سلطة فرض ضريبة أو رسم ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الزيادة فروق أسعار يجوز للحكومة تحصيلها قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن وزارة التموين - المطعون عليها - أقامت الدعوى رقم 2000 سنة 1951 مدني كلي الإسكندرية طلبت فيها الحكم بإلزام الطاعنة بأن تدفع لها مبلغ 4073 جنيهاً و600 مليم وبتثبيت الحجز التحفظي الموقع تحت يدها وفاء لهذا المبلغ. وقالت في بيان دعواها إن الطاعنة كانت قد اشترت في النصف الثاني من عام 1944 كميتين من بذرة القطن الأولى مقدارها 7991 أردباً والثانية 3318 أردباً، ووافقت وزارة التموين في 22/ 7/ 1944 و1/ 8/ 1944 على نقل كميتي البذرة إلى مصانع الشركة الطاعنة لعصرها واستخراج الزيت منها واستعماله في إنتاج الصابون. وبتاريخ 2/ 10/ 1944 قرر مجلس الوزراء تحصيل مبلغ 12 جنيهاً و800 مليم لحساب الحكومة زيادة عن السعر الرسمي عن كل طن من الزيت يسلم للمصابن. ولما كانت كمية الزيت المستخرج من بذرة القطن المشار إليها 214400 أقة، استعملتها الطاعنة في إنتاج الصابون، فإن ما يستحق عليها بالتطبيق للقرار الوزاري المشار إليه يكون مبلغ 4073 جنيهاً و600 مليم وأردفت المطعون عليها قائلة إنها طالبت الطاعنة بسداد هذا المبلغ، فلما رفضت وكان لها في ذمة وزارة التموين مبلغ مساو في مقداره للمبلغ المطالب به تستحقه تعويضاً عن الزيت المباع بواسطتها بالسعر المخفض حتى أخر ديسمبر سنة 1950، استصدرت في 1/ 12/ 1951 أمراً من قاضي الأمور الوقتية بمحكمة الإسكندرية الابتدائية بتوقيع الحجز التحفظي تحت يدها على المبلغ المشار إليه وفاء للمبلغ المطالب به وأعلن هذا الأمر إلى الطاعنة في 8/ 12/ 1951 بتكليفها بالحضور لجلسة 21/ 12/ 1951 التي تحددت لنظر الدعوى، وأقامت الشركة الطاعنة دعوى فرعية على المطعون عليها طلبت فيها إلزامها بدفع مبلغ 4073 جنيهاً و600 مليم المستحق لها والمحجوز عليه لدى المطعون عليها مع فوائد هذا المبلغ بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 22/ 3/ 1952 حتى السداد وإلغاء الحجز الموقع عليه. وبتاريخ 9/ 10/ 1952 قضت محكمة أول درجة بإلزام الطاعنة بالمبلغ المطالب به وبتثبيت الحجز التحفظي الواقع تحت يد المطعون عليها وجعله نافذاً وبرفض الدعوى الفرعية فاستأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافها برقم 19 سنة 9 قضائية طالبة إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون عليها والحكم في الدعوى الفرعية بالمبلغ المطلوب بها وملحقاته، ودفعت بسقوط حق المطعون عليها في المطالبة تأسيساً على أن المبلغ المطالب به إن هو إلا رسم يسقط الحق فيه بمضي ثلاث سنوات طبقاً للمادة 377 من القانون المدني. وبتاريخ 24/ 2/ 1955 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفض الدفع بالتقادم وتأييد الحكم المستأنف وأسست قضاءها على أن المبلغ موضوع المطالبة ليس رسماً ينطوي تحت المادة 377 مدني، وإنما هو فرق سعر تحصله الحكومة لتستطيع بما لها من الولاية العامة أن توازن بين أثمان ما يستهلك من الزيوت في شئون التموين وبين الأثمان التي تتكلفها فعلاً، فلا يسقط حق المطالبة بهذا الفرق إلا بمضي المدة الطويلة. فقررت الشركة الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأبدت النيابة رأيها بنقض الحكم للسبب الأول من أسباب الطعن، وقررت دائرة الفحص بجلسة 14 من مارس سنة 1959 إحالة الطعن إلى هذه الدائرة بجلسة 7 من مايو سنة 1959 وفيها صممت النيابة على رأيها الوارد بمذكرتها.
وحيث إن الطعن يقوم على أسباب ثلاثة يتحصل أولها في النعي على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتقول الطاعنة في شرح هذا السبب إن المبلغ الذي قرر مجلس الوزراء تحصيله وقدره 12 جنيهاً و800 مليم عن كل طن من الزيت يسلم إلى المصابن إن هو إلا رسم ينطوي تحت نص المادة 377 من القانون المدني وليس فوق سعر تحصله الحكومة للموازنة بين أثمان ما يستهلك من الزيوت في شئون التموين وبين الأثمان التي تتكلفها فعلاً على ما ذهب إليه خطأ الحكم المطعون فيه، ذلك أن شئون التموين قائمة على النفع العام وتدبير وسائل مقاومة الغلاء، وقد فرض الرسم المذكور لصالح الخزانة وحدها، وليس من شأن تحديد الأسعار رسمياً أن يكون علاقة تعاقدية بين الشركة الطاعنة ووزارة التموين حتى يقال إن المبلغ الذي تجري الحكومة تحصيله فرق سعر. وتستطرد الطاعنة قائلة إنه لما كانت كمية بذرة القطن قد استعملت في مصانع الشركة لإنتاج الصابون في المدة من أكتوبر عام 1944 حتى مارس سنة 1945، في حين أنها لم تعلن بالدعوى إلا في 8/ 12/ 1951 أي بعد ست سنوات تقريباً، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم المنصوص عليه في المادة 377 من القانون المدني وهو ثلاث سنوات.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في خصوص رفض الدفع المشار إليه على أن المبلغ المطالب به استناداً إلى ما قرره مجلس الوزراء في 2/ 10/ 1944 من تحصيل مبلغ 12 جنيهاً و800 مليم لحساب الحكومة زيادة على السعر الرسمي عن كل طن من الزيت يسلم للمصابن - هذا المبلغ "ليس إلا فروقاً في الأسعار تحصله الحكومة لتستطيع بما لها من الولاية العامة أن توازن بين أثمان ما يستهلك في شئون التموين وبين الأثمان التي تتكلفها فعلاً هذه الزيوت.... ذلك أن وزارة التموين قد نظمت الأمر على أن تبيع الزيت في شئون التموين بسعر مخفض يقل عن ثمن التكلفة، ويحصل هذا الفرق من أثمان الزيت الذي يستهلك في شئون الصناعات الأخرى كالصابون" ومفاد ذلك أن الحكم المطعون فيه اعتبر المبلغ موضوع مطالبة وزارة التموين فروق أسعار يجوز تحصيلها لحساب الحكومة لتغطية ما تتحمله من بيع الزيوت المخصصة لشئون التموين بسعر مخفض يقل عن سعر التكلفة.
وحيث إن هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه غير صحيح، ذلك أن الثابت من الوقائع المبينة في الحكم أن الشركة الطاعنة اشترت كميتين من بذرة القطن الأولى مقدارها 7991 أردباً والثانية مقدارها 3318 أردباً، وقد تم الشراء عن طريق جهات الاختصاص في وزارتي المالية والتموين في نطاق الأمر العسكري رقم 337 الصادر في 7 أكتوبر سنة 1942 الذي استولت الحكومة بموجبه على بذرة القطن، وانتهت الصفقتان بالموافقة في 22/ 7/ 1944، 1/ 8/ 1944 على نقل كميتي بذرة القطن المشار إليها إلى معاصر الشركة لاستخراج الزيت منها واستعماله في إنتاج الصابون، وأصبحت بذلك الطاعنة مالكة لبذرة القطن موضوع الصفقتين وللزيوت المستخرجة منها، لا تخضع بشأنهما إلا للقيود التنظيمية التي فرضت بالأمر رقم 438 الصادر في 23 من أكتوبر سنة 1943 بتنظيم تداول الزيوت النباتية بواسطة اللجنة التي شكلت لهذا الغرض في وزارة التموين، والأمر رقم 413 الصادر في 13 من يوليه سنة 1943 بتنظيم تداول السلع التي تصنع محلياً أو تستورد من الخارج، والمرسوم بقانون رقم 101 الصادر في 5 سبتمبر سنة 1939 بتحديد أقصى الأسعار للأصناف الغذائية ومواد الحاجيات الأولية بواسطة لجان تشكل بقرار من وزير التجارة والصناعة بالاتفاق مع وزير الداخلية والجدول الملحق به، ومؤدى ذلك أن اختصاص وزارة التموين ولجانها قاصر على تنظيم تداول الزيت وتحديد أسعاره، فلا يتعداه إلى تحصيل فروق أسعار عن سلعة ليست مملوكة لها، فإذا حددت وزارة التموين بواسطة لجان التسعيرة الجبرية سعراً يلتزم به البائع وأضافت إليه زيادة تقتضيها فإن هذه الزيادة لا تعد جزءاً من الثمن وإنما هي فرض ضرب على المشتري لا مصلحة للبائع فيه وليس لوزارة التموين سند من القانون في تحصيل هذه الزيادة لحساب الحكومة ولو استهدفت من ذلك تغطية ما تتحمله من بيع الزيوت المخصصة لشئون التموين بأقل مما تتكلفه فعلاً ذلك أنا لا تملك فرض رسوم أو ضرائب على السلع عند تداولها ولو صدر بها قرار من مجلس الوزراء، إذ أن المادة 134 من الدستور السابق الذي كان سارياً وقت فرض هذه الزيادة تنص على أنه "لا يجوز إنشاء ضريبة أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون ولا يجوز تكليف الأهالي بتأدية شيء من الأموال أو الرسوم إلا في حدود القانون ولم يخول القائمون على إجراء الأحكام العرفية وقتذاك سلطة فرض ضريبة أو رسم، ذلك أن نصوص القانون رقم 15 لسنة 1923 الخاص بنظام الأحكام العرفية لم تنفذ إلى نص المادة 134 من الدستور بما يؤدي إلا المساس به. وعلى ذلك فإن فرض مبلغ تقتضيه وزارة التموين لحساب الحكومة من ثمن الزيت المملوك للطاعنة يعد نوعاً من الضريبة المفروضة بغير الطريق الدستوري، ولو صدر قرار من مجلس الوزراء بتحصيل هذا المبلغ - وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر هذه الزيادة فروق أسعار يجوز للحكومة تحصيلها قد أخطأ في تطبيق القانون، مما يستوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى صالحة للحكم فيها.
وحيث إنه وقد قضت محكمة أول درجة بإلزام الطاعنة بأن تدفع لوزارة التموين مبلغ 4073 جنيهاً و600 مليم وبتثبيت الحجز التحفظي الموقع تحت يدها وبرفض الدعوى الفرعية المرفوعة من الطاعنة، وتبين حسبما تقدم أنه ليس لوزارة التموين حق في المبلغ المحكوم لها به ابتدائياً وأصبح حق الطاعنة في المبلغ المستحق لها لدى وزارة التموين قائماً فإنه يتعين إلغاء الحكم الابتدائي بجميع أجزائه والحكم في دعوى وزارة التموين برفضها، وفي الدعوى الفرعية بإلزام وزارة التموين بأن تدفع للطاعنة مبلغ 4073 جنيهاً و600 مليم وفوائده بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 22/ 3/ 1952 حتى السداد، وبإلغاء الحجز التحفظي الموقع من وزارة التموين على هذا المبلغ.

الطعن 454 لسنة 5 ق جلسة 11 / 2 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 90 ص 680

جلسة 11 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي ومحمود محمد إبراهيم والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

----------------

(90)

القضية رقم 517 لسنة 5 القضائية

موظف - مؤهل دراسي - تعيين - مدة خدمة سابقة 

- موظفو حكومة السودان المبعدون منها سياسياً - قرار مجلس الوزراء الصادر في 21/ 1/ 1926 في شأنهم - تقريره إعفاءهم من شرط الحصول على المؤهل الدراسي استثناء عند تعيينهم في الحكومة المصرية - عدم امتداد هذا الاستثناء إلى إفادتهم من القواعد التنظيمية الموضوعة لحملة المؤهلات - أساس ذلك - مثال بالنسبة إلى قواعد ضم مدد الخدمة السابقة في أقدمية الدرجة وفقاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 20/ 8 و15/ 10/ 1950.

---------------------
في 10 من يناير سنة 1926 رفعت اللجنة المالية إلى مجلس الوزراء مذكرة في شأن تعيين المبعدين سياسياً من السودان في الحكومة المصرية أشارت فيها أولاً إلى قرارين سابقين صادرين من مجلس الوزراء في 28 من يونيه و16 من ديسمبر سنة 1925 بشروط استخدام الموظفين المذكورين ثم قالت أن اللجنة المالية "قد أعادت النظر في هذه القواعد والشروط فرأت أنها تتعارض في تطبيقها مع الغرض الذي رمت إليه اللجنة من وضعها وهو كما جاء في مذكرتها أن ظروفهم جديرة بكل تقدير وأنه من العدالة أن تسهل لهم الحكومة المصرية طرق الارتزاق ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً". فالقاعدة الأولى تقضي باستيفاء هؤلاء الموظفين الشروط المنصوص عليها لتعيين الموظفين بالقطر المصري وقتما عينوا هم بحكومة السودان ولما كان الحصول على شهادات دراسية مصرية شرطاً أساسياً للانتظام في السلك الدائم بالحكومة المصرية بعد الأمر العالي الصادر في 24 من يونيه سنة 1901 ولما كان المفروض أن المرشحين المصريين الذين لم يستوفوا شروط الاستخدام بالحكومة المصرية من حيث الشهادات الدراسية هم الذين لجئوا إلى حكومة السودان وأن معظم المحالين إلى المعاش من حكومة السودان الآن قد التحقوا بخدمتها بعد 24 من يونيه سنة 1901 فكأن تطبيق هذا الشرط لن يسمح للمصالح المختلفة بإلحاق هؤلاء البائسين بالوظائف التي قد تخلو فيها فتضيع الفائدة التي رأت اللجنة المالية من أجلها أن ظروفهم جديرة بكل تقدير وأن من العدل أن تسهل لهم الحكومة المصرية طرق الارتزاق ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً كما تقدم، لذلك تقترح اللجنة تعديل القاعدة المذكورة بإجازة تعيين هذه الفئة من الموظفين والمستخدمين في الوظائف التي تخلو في مصالح الحكومة المختلفة مع عدم التقيد بتقديم شهادات دراسية مصرية اكتفاء بالخبرة التي اكتسبوها من مدة خدمتهم بحكومة السودان وهي خبرة يمكن أن تقوم مقام الشهادات..." وقد وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 21 من يناير سنة 1926 على رأي اللجنة المالية الوارد بهذه المذكرة.
وواضح مما تقدم أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من يناير سنة 1926 إنما هدف أساساً إلى استثناء موظفي حكومة السودان المبعدين سياسياً عند تعيينهم في الحكومة المصرية من شرط الحصول على مؤهلات دراسية تقديراً للظروف الخاصة التي أحاطت بهم، لا إلى اعتبارهم حاصلين على مؤهلات دراسية، وفرق ظاهر بين الحالين، ومن ثم فإن هذا الاستثناء مقصور الأثر على مجرد التعيين في الحكومة المصرية دون أن يمتد أثره إلى إفادة هذه الفئة من الموظفين من القواعد التنظيمية التي توضع لحملة المؤهلات الدراسية من موظفي الحكومة.
وترتيباً على ما تقدم، فإنه لما كان قرارا مجلس الوزراء الصادران في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 بحساب مدد الخدمة السابقة في أقدمية الدرجة قد خصا أرباب المؤهلات الدراسية بميزة الانتفاع بضم هذه المدد السابقة، سواء أكانت قضيت في درجة أو في غير درجة أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي أو على اعتماد أو بمكافأة أو في التمرين ما دامت الخدمة حاصلة في الحكومة المركزية، ولما كان المدعي غير حاصل على مؤهل دراسي فإنه لا يفيد من أحكام القرارين المذكورين. ولا يشفع له في ذلك إعفاؤه من شرط الحصول على مؤهل دراسي عند تعيينه في الحكومة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من أكتوبر سنة 1926 حسبما سلف البيان.


إجراءات الطعن

في 18 من مارس سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات بجلسة 20 من يناير سنة 1959 في الدعوى رقم 486 لسنة 4 القضائية المرفوعة من السيد/ أحمد صبري زايد ضد الهيئة العامة للسكك الحديدية القاضي "بأحقية المدعي في ضم مدة خدمته السابقة في المدة من 21 من مارس سنة 1928 إلى 31 من أكتوبر سنة 1933 كاملة في الأقدمية بالتطبيق لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليها بنصف المصروفات وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام رافعها بالمصروفات". وقد أعلنت الحكومة بالطعن في 7 من يونيه سنة 1959 وللمدعي في 20 من يونيه سنة 1959 وعين لنظره أمام هيئة فحص الطعون جلسة 29 من مايو سنة 1960 ثم تدوولت القضية بالجلسات إلى أن نظرت أخيراً بجلسة 4 من ديسمبر سنة 1960 وفيها قررت الهيئة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا لجلسة 14 من يناير سنة 1961 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق -تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات في 30 من يوليه سنة 1957 أقام المدعي الدعوى رقم 486 لسنة 4 القضائية ضد رئيس الهيئة العامة لسكك حديد الجمهورية المصرية طالباً الحكم: "أولاً - باعتباره مؤهلاً للخدمة بموجب قرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من يناير سنة 1926 رقم 150 - 9/ 5 وثانياً - باعتبار أقدميته من تاريخ تعيينه في الخدمة أي من 28 من مارس سنة 1928" وقال في بيان ذلك ما محصله أنه صدر قانون بدل التخصص وصرف ذلك البدل إلى جميع زملائه الذين يجمعه وإياهم عمل واحد ووظيفة واحدة ومصلحة واحدة وحرم المدعي وحده بحجة أنه غير حاصل على مؤهل دراسي وهو ما لا يتفق وحكم القانون للأسباب الآتية: أولاً - في 27 من يونيه سنة 1950 صدر كتاب دوري المالية رقم ف 245 - 1/ 105 م 2 المنظم لطريقة منح بدل التخصص للمهندسين الصادر به القانون رقم 67 لسنة 1950 واشترط فيمن يصرف إليهم هذا البدل من المهندسين "أن يكون المهندس حاصلاً على شهادة جامعية أو ما يعادلها وهي ما تؤهل للتعيين في الدرجة السادسة، أو يكون حاصلاً على لقب مهندس من نقابة المهن الهندسية" وقد ثار الخلاف حول تفسير هذه الفقرة فأحيل الموضوع إلى الشعبة الثانية لقسم الرأي بمجلس الدولة فأفتت بأن لكل موظف تسند إليه أعمال هندسية بحتة متى كان يشغل بالفعل وظيفة من الوظائف المخصصة في الميزانية للمهندسين ويقوم بأعبائها أن يتقاضى بدل التخصص بالتطبيق لأحكام القانون رقم 67 لسنة 1950 سواء أكان حائزاً للمؤهل العلمي الذي نصت عليه المادة الثالثة من قانون المهن الهندسية أم غير حائز له وسواء أكان يحمل بطاقة العضوية بالنقابة أم لا يحملها، وبناء على هذه الفتوى أصدر ديوان الموظفين الكتاب الدوري رقم 21 لسنة 1953 معدلاً لكتاب دوري المالية رقم ف 245 - 1/ 105 م 2 على النحو التالي "أن يكون المهندس حاصلاً على شهادة جامعية أو ما يعادلها وهي تؤهل للتعيين في الدرجة السادسة أو يكون حاصلاً على لقب مهندس أو يشغل بالفعل وظيفة من الوظائف المخصصة في الميزانية للمهندسين" وقد طبقت وزارات الحكومة ومصالحها أحكام هذا الكتاب الدوري عدا مصلحة السكة الحديد ولم ينقطع الخلاف حول هذا الموضوع مما دعا ديوان الموظفين إلى إصدار الكتاب الدوري رقم 81 لسنة 1953 متضمناً تفسيراً أوسع نطاقاً مما سبقه وقد جاء به ما يأتي "1 - أن يكون المهندس حاصلاً على شهادة جامعية و ما يعادلها وهي ما تؤهل للتعيين في الدرجة السادسة أو يكون حاصلاً على لقب مهندس سواء من نقابة المهن الهندسية أو بحكم الوظيفة التي يشغلها حسب وضعها في الميزانية. 2 - ويشترط في جميع الأحوال أن يكون شاغلاً لوظيفة من الوظائف المخصصة في الميزانية للمهندسين ويقوم بأعمالها الهندسية البحتة بصفة فعلية" ثم اتبع الديوان ذلك الكتاب الدوري بمنشور تفسيري في 13 من يناير سنة 1954 جاء به ما يأتي: أ - ويرى الديوان أن المقصود من الفقرة التي تشترط أن يكون شاغلاً لوظيفة من الوظائف المخصصة في الميزانية للمهندسين هو أي وظيفة أعمالها هندسية إذ أن عمل الوظيفة هو الذي يعين وصفها وقد أكدت الفقرة الأخيرة من الشرط هذا المعنى عندما ذكرت "ويقوم بأعمالها الهندسية البحتة بصفة فعلية". ب - أما من الذي يفصل فيما إذا كانت الوظيفة أعمالها هندسية أم لا فيرى الديوان "أن الوزارة المختصة هي التي تقرر ذلك". ومفاد هذا أن أي موظف يشغل أي وظيفة تقرر الوزارة المختصة أن أعمالها هندسية يتقاضى بدل التخصص من أول فبراير سنة 1950 دون نظر إلى حصوله أو عدم حصوله على مؤهل دراسي وبتطبيق هذه القاعدة على المدعي يبين أن وظيفته في الميزانية هي وظيفة معاون وهي مدرجة في الميزانية ضمن وظائف الكادر الفني المتوسط وهي وظائف هندسية بحتة بفرع هندسة السكة والأشغال، وقد جاء بكتاب مفتش تفتيش المشروعات إلى السيد المفتش العام المؤرخ 17 من سبتمبر سنة 1953 في شأن المدعي "أنه يقوم فعلاً وبجدارة ملحوظة بأعمال هي من صميم عمل المهندس..." كما جاء بكتاب مفتش عام هندسة السكة والأشغال إلى السيد المدير العام المؤرخ 16 من أكتوبر سنة 1954 أن المدعي "وإن كان غير حاصل على مؤهلات دراسية وغير مقيد بنقابة المهن الهندسية إلا أنه قائم بأعمال هندسية بحتة بصفة فعلية مما قد يؤهله لاعتباره مهندساً بحكم الأعمال الهندسية التي يقوم بها..." وقد قررت اللجنة المشكلة بتفتيش السكة والأشغال استحقاق المدعي لبدل التخصص بالتطبيق لأحكام القانون رقم 67 لسنة 1950 والكتب التفسيرية الصادرة في شأنه، وكل ذلك يعتبر كاشفاً لطبيعة الوظيفة التي يشغلها المدعي في الميزانية، ويضيف المدعي إلى ما تقدم أنه في 21 من يناير سنة 1926 وافق مجلس الوزراء على مذكرة اللجنة المالية التي رأت فيها جواز تعيين موظفي حكومة السودان مع عدم التقيد بتقديم شهادات دراسية مصرية اكتفاء بالخبرة التي اكتسبوها من خدمتهم لحكومة السودان إذ اعتبرت اللجنة المالية أن هذه الخبرة يمكن أن تقوم مقام الشهادات، لكل ما تقدم لا تكون المصلحة محقة في حرمان المدعي من الإفادة من قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 بمقولة أنه لا يحمل مؤهلاً دراسياً ومن أجل ذلك أقام المدعي هذه الدعوى. وقد ردت الهيئة على الدعوى فقالت أن المدعي حاصل على شهادة من كلية غردون تفيد أنه أتم البرنامج الابتدائي من مدرسة عطبرة الابتدائية وأنه التحق بخدمة سكة حديد السودان بوظيفة Special apparentice بماهية قدرها ستة جنيهات بدون درجة من 15 من يناير سنة 1922 وفصل من الخدمة في 23 من مارس سنة 1928 لعدم تقدمه تقدماً مرضياً، وقد التحق بخدمة الحكومة المصرية في 21 من مارس سنة 1928 بوظيفة رسام مؤقت بعقد بمرتب ستة جنيهات شهرياً صرفاً على الأعمال الجديدة، واعتبر في الدرجة الثامنة بالكادر الفني المتوسط من 31 من أكتوبر سنة 1933 ورقي إلى الدرجة السابعة من أول مارس سنة 1936 - وسويت حالته طبقاً لكادر العمال ثم رقي إلى الدرجة السادسة المخصصة لوظيفة معاون من 30 من أغسطس سنة 1948، وفي موضوع الدعوى قالت الهيئة أنه في 10 من يناير سنة 1926 صدر قرار من مجلس الوزراء بإعفاء المبعدين السياسيين عن السودان من تقديم مؤهلات دراسية وهذا لا يعتبر اعترافاً من الحكومة بحصولهم على مؤهلات دراسية ومن ثم يجب للإفادة من أي قاعدة تنظيمية لها علاقة بالمؤهل الدراسي أن يثبت هؤلاء المبعدون حصولهم على مؤهل دراسي، ولم يمنح المدعي بدل تخصص لأنه غير حاصل على مؤهل جامعي كما أنه غير حاصل على لقب مهندس من نقابة المهن الهندسية، هذا فضلاً عن أن قرار رئيس الجمهورية الصادر في 13 من يوليه سنة 1957 في شأن بدل التخصص يقضي بأن يمنح بدل التخصص للمهندسين الحاصلين على لقب مهندس بالتطبيق لنص المادة الثالثة من القانون رقم 89 لسنة 1946 بشرط أن يكونوا شاغلين لوظائف هندسية مخصصة في الميزانية لمهندسين وأن يكونوا مشتغلين بصفة فعلية بأعمال هندسية بحتة، والمدعي غير حاصل على لقب مهندس من نقابة المهن الهندسية، ثم قالت الهيئة أن المدعي عين بالدرجة الثامنة بالكادر الفني المتوسط من 31 من أكتوبر سنة 1933 ولا توجد قاعدة تنظيمية تجيز رد أقدميته في هذه الدرجة إلى تاريخ تعيينه الأول وانتهت الهيئة من ذلك إلى طلب رفض الدعوى. وبجلسة 20 من يناير سنة 1959 حكمت المحكمة بأحقية المدعي في ضم مدة خدمته السابقة في المدة من 21 من مارس سنة 1928 إلى 31 من أكتوبر سنة 1933 كاملة في الأقدمية بالتطبيق لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المدعى عليها بنصف المصروفات وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة، وأقامت المحكمة قضاءها على أنه ولئن كان للمبعدين سياسياً من حكومة السودان الحق في ضم مدد الخدمة السابقة حسب قراري مجلس الوزراء الصادرين في 30 من يناير سنة 1944 و11 من مايو سنة 1947 ولو لم يكونوا حاصلين على المؤهل الدراسي اللازم إذ أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يناير سنة 1926 قد أعفى المبعدين سياسياً من حكومة السودان من الشروط التي يستلزمها القانون للالتحاق بالوظيفة المعادلة لوظائفهم السابقة بحكومة السودان ومن هذه الشروط التي تناولها الإعفاء شرط الحصول على مؤهل دراسي اكتفاء بما حصل عليه الموظفون المذكورون من خبرة ودراية أثناء عملهم بحكومة السودان إلا أنه عند ضم مدد خدمتهم السابقة يجب أن تتوافر فيهم الشروط الأخرى التي استلزمها كل من قراري مجلس الوزراء الصادرين في 30 من يناير سنة 1944 و11 من مايو سنة 1947" وبعد أن فصلت المحكمة شروط القرارين المذكورين قالت أن "مدة خدمة المدعي السابقة بحكومة السودان من 15 من يناير سنة 1922 إلى 23 من فبراير سنة 1923 لا يجوز حسابها في الأقدمية وتحديد الماهية بحسب قراري مجلس الوزراء الصادرين في 30 من يناير سنة 1944 و11 من مايو سنة 1947 إذ لم يتوافر في مدة خدمته هذه شرط ألا تقل مدة الخدمة السابقة عن ثلاث سنوات كما لم يتوفر فيها شرط ألا تزيد مدة ترك العمل على سنتين (حسب القرار الأول) أو على خمس سنوات (حسب القرار الثاني) ذلك أن المدعي لم يمكث في خدمة حكومة السودان غير ثلاثة عشر شهراً وبضعة أيام كما أنه لم يلتحق بخدمة الحكومة المصرية بعد إبعاده من حكومة السودان لسبب سياسي من 23 من فبراير سنة 1923 إلا في 21 من مارس سنة 1928" أما عن مدة خدمة المدعي بالحكومة قبل تعيينه في الدرجة الثامنة في 31 من أكتوبر سنة 1933، وهي المدة من 21 من مارس سنة 1928 إلى 30 من أكتوبر سنة 1933 فتقول المحكمة في شأنها أنه "متى اعتبر المدعي معفي من شروط الحصول على المؤهل الدراسي اللازم للتعيين في الدرجات المقررة للمؤهلات الدراسية لأنه من المبعدين سياسياً من حكومة السودان تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يناير سنة 1926، فإنه يطبق عليه قرارا مجلس الوزراء الصادران في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 بشأن حساب المدد التي قضيت على اعتمادات في درجة أو على غير درجة في الأقدمية" ثم قالت المحكمة في شأن بدل التخصص "أنها ترى عدم الالتفات إلى هذا الطلب لعدم تعلقه بالطلبات الواردة في ختام صحيفة الدعوى والتي أصر عليها المدعي أثناء نظر الدعوى".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه من المشكوك فيه أن المدعي أبعد من السودان إبعاداً سياسياً وعلى فرض أنه أبعد لأسباب سياسية فإن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يناير سنة 1926 الذي أعفى المبعدين السياسيين من تقديم المؤهلات الدراسية عند التعيين في الحكومة المصرية لا يعتبر تأهيلاً لهم ولا يجعلهم في عداد المؤهلين؛ ومن ثم لا يعاملون على أساس أنهم مؤهلون في جميع الأحوال، فلا يطبق عليهم القراران الصادران في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 الخاصان بضم مدد الخدمة السابقة للمؤهلين بل أن ثمة صعوبة عملية في تطبيق القرارين في هذه الحالة إذ من المقرر أن هذه المدد إنما تضم في الدرجة المقررة للمؤهل فإذا لم يكن الموظف في الواقع حاصلاً على مؤهل، فإنه يتعذر تبعاً لذلك تحديد الدرجة التي تضم إليها مدة الخدمة السابقة، وهذا يؤدي إلى أن تضم مدد الخدمة السابقة لمن كان في مثل حالة المدعي سواء كان في الدرجة السادسة أو الخامسة أو ما فوق ذلك وهي نتيجة غير مقبولة، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه خالف القانون فيما ذهب إليه.
ومن حيث إنه في 10 من يناير سنة 1926 رفعت اللجنة المالية إلى مجلس الوزراء مذكرة في شأن تعيين المبعدين سياسياً من السودان في الحكومة المصرية أشارت فيها أولاً إلى قرارين سابقين صادرين من مجلس الوزراء في 28 من يونيه و16 من ديسمبر سنة 1925 بشروط استخدام الموظفين المذكورين ثم قالت أن اللجنة المالية "قد أعادت النظر في هذه القواعد والشروط فرأت أنها تتعارض في تطبيقها مع الغرض الذي رمت إليه اللجنة من وضعها وهو كما جاء في مذكرتها أن ظروفهم جديرة بكل تقدير وأنه من العدالة أن تسهل لهم الحكومة المصرية طرق الارتزاق ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً. فالقاعدة الأولى تقضي باستيفاء هؤلاء الموظفين الشروط المنصوص عليها لتعيين الموظفين بالقطر المصري وقتما عينوا هم بحكومة السودان ولما كان الحصول على شهادات دراسية مصرية شرطاً أساسياً للانتظام في السلك الدائم بالحكومة المصرية بعد الأمر العالي الصادر في 24 من يونيه سنة 1901 ولما كان المفروض أن المرشحين المصريين الذين لم يستوفوا شروط الاستخدام بالحكومة المصرية من حيث الشهادات الدراسية هم الذين لجأوا إلى حكومة السودان وأن معظم المحالين إلى المعاش من حكومة السودان الآن قد التحقوا بخدمتها بعد 24 من يونيه سنة 1901 فكأن تطبيق هذا الشرط لن يسمح للمصالح المختلفة بإلحاق هؤلاء البائسين بالوظائف التي قد تخلو فيها فتضيع الفائدة التي رأت اللجنة المالية من أجلها أن ظروفهم جديرة بكل تقدير وأن من العدل أن تسهل لهم الحكومة المصرية طرق الارتزاق ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً كما تقدم، لذلك تقترح اللجنة تعديل القاعدة المذكورة بإجازة تعيين هذه الفئة من الموظفين والمستخدمين في الوظائف التي تخلو في مصالح الحكومة المختلفة مع عدم التقيد بتقديم شهادات دراسية مصرية اكتفاء بالخبرة التي اكتسبوها من مدة خدمتهم بحكومة السودان وهي خبرة يمكن أن تقوم مقام الشهادات..." وقد وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 21 من يناير سنة 1926 على رأي اللجنة المالية الوارد بهذه المذكرة.
ومن حيث إنه واضح مما تقدم أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من يناير سنة 1926، إنما هدف أساساً إلى استثناء موظفي حكومة السودان المبعدين سياسياً - عند تعيينهم في الحكومة المصرية - من شرط الحصول على مؤهلات دراسية تقديراً للظروف الخاصة التي أحاطت بهم، لا إلى اعتبارهم حاصلين على مؤهلات دراسية، وفرق ظاهر بين الحالين، ومن ثم فإن هذا الاستثناء مقصور الأثر على مجرد التعيين في الحكومة المصرية دون أن يمتد أثره إلى إفادة هذه الفئة من الموظفين من القواعد التنظيمية التي توضع لحملة المؤهلات الدراسية من موظفي الحكومة.
ومن حيث إن قراري مجلس الوزراء الصادران في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 بحساب مدد الخدمة السابقة في أقدمية الدرجة قد خصا أرباب المؤهلات الدراسية بميزة الانتفاع بضم هذه المدد السابقة، سواء أكانت قضيت في درجة أو في غير درجة أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي أو على اعتماد أو بمكافأة أو في التمرين ما دامت الخدمة حاصلة في الحكومة المركزية، ولما كان المدعي غير حاصل على مؤهل دراسي فإنه لا يفيد من أحكام القرارين المذكورين، ولا يشفع له في ذلك إعفاؤه من شرط الحصول على مؤهل دراسي عند تعيينه في الحكومة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من أكتوبر سنة 1926 حسبما سلف البيان.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن قد قام على أساس سليم من القانون ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بتطبيق أحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 في حق المدعي قد خالف القانون ويتعين من أجل ذلك إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 113 لسنة 25 ق جلسة 21 / 5 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 66 ص 436

جلسة 21 من مايو سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

----------------

(66)
الطعن رقم 113 سنة 25 القضائية

ضرائب "لجان التقدير". استئناف "أحكام جائز استئنافها".
المقصود بالمادة 54 من القانون رقم 14 لسنة 1939 المعدلة بالقانون رقم 174 لسنة 1951 قبل تعديلها بالقانون رقم 97 لسنة 1952. هو القرار الصادر من لجنة الطعن لا لجنة التقدير.

-----------------
لم يقيد الشارع حق استئناف الأحكام الصادرة في شأن قرارات لجان التقدير - أما ما كانت تنص عليه المادة 54 من القانون رقم 14 لسنة 1939 المعدلة بالقانون رقم 174 لسنة 1951 قبل تعديلها بالقانون رقم 97 لسنة 1952 من عدم جواز استئناف حكم المحكمة الابتدائية إلا إذا كانت تقديرات مصلحة الضرائب السنوية المطعون فيها تتجاوز الألف جنيه إنما هو خاص بالنزاع الذي يقوم على قرار لجنة طعن لا لجنة تقدير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتلخص في أن الطاعن رفع الدعوى رقم 373 سنة 1949 تجاري كلي أمام محكمة الإسكندرية ضد المطعون عليها بتاريخ 3 من إبريل سنة 1949 اعتراضاً على قرار لجنة تقدير الضرائب المعلن إليه بتاريخ 22 من مارس سنة 1949 بتحديد أرباحه عن نشاطه التجاري في السنوات من 1939 إلى 1947 بالمبالغ الآتية على التوالي 295 جنيهاً و370 جنيهاً و510 جنيهاً و645 جنيهاً و720 جنيهاً و815 جنيهاً و778 جنيهاً و525 جنيهاً و525 جنيهاً. وبتاريخ 13 من مارس سنة 1952 حكمت المحكمة بتعديل قرار لجنة التقدير المطعون فيه واعتبار أرباح الطاعن في تلك السنوات 282 جنيهاً و360 جنيهاً و498 جنيهاً و630 جنيهاً و706 جنيهاً و612 جنيهاً و587 جنيهاً و445 جنيهاً و444 جنيهاً على التوالي. فاستأنف الطاعن هذا الحكم بتاريخ 4 من فبراير سنة 1953 أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 37 سنة 9 ق تجاري طالباً إلغاءه بالنسبة لأرباح السنوات من 1942 إلى 1945 - وبجلسة 29 من ديسمبر سنة 1953 دفعت المطعون عليها بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب. وبتاريخ 29/ 4/ 1954 حكمت المحكمة بقبول الدفع وعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب وألزمت المستأنف بالمصروفات ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فقرر الطاعن بتاريخ 17 مارس سنة 1955 بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض. وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم، ثم عرض الطعن بتاريخ 17 من مارس سنة 1955 على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 7 من مايو سنة 1959 وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن خطأ الحكم في تطبيق القانون ذلك أن ما قضى به القانون رقم 174 لسنة 1951 تعديلاً للمادة 54 من القانون رقم 14 لسنة 1939 من أن الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية يكون نهائياً إذا كانت تقديرات مصلحة الضرائب السنوية لا تتجاوز ألف جنيه إنما ينصرف إلى القرارات التي تصدرها لجان الطعن التي يرأسها أحد القضاة والتي بدء عملها منذ أول يناير سنة 1951 طبقاً للقانون رقم 146 لسنة 1950 إذ اعتبر المشرع لجنة الطعن بمثابة درجة أولى من درجات التقاضي لا يجوز استئناف الأحكام التي تصدرها في الطعون التي لا تتجاوز تقديرات المصلحة فيها ألف جنيه سنوياً. أما القرارات الصادرة من لجان تقدير الضرائب السابقة على لجان الطعن فلا يشملها هذا القانون وتظل خاضعة لنص المادة 54 قبل تعديلها بالقانون المذكور التي تجيز الفقرة الثالثة منها استئناف الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في النزاع الذي يرد على قرار لجنة التقدير أياً كانت قيمة النزاع - ولما كان قرار تقدير الأرباح المطعون فيه أمام المحكمة الابتدائية صادراً من إحدى لجان التقدير قبل تعديل المادة 54 بالقانون رقم 174 لسنة 1951 وهي لجان إدارية مشكلة من موظفي مصلحة الضرائب فإن حكم المحكمة الابتدائية الصادر في شأن هذا القرار يكون قابلاً للاستئناف مهما كانت قيمة تقديرات مصلحة الضرائب لأرباح الطاعن ويكون الحكم المطعون فيه لذلك مخالفاً للقانون.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه في صدد بحث دفع المطعون عليها بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب قال "وحيث إن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن تقديرات مصلحة الضرائب السنوية عن المدة من 42/ 1945 موضوع الاستئناف لا تتجاوز الألف جنيه. ولما كانت المادة 54 من القانون رقم 14 لسنة 1949 المعدلة بالقانون رقم 174 لسنة 51 تقضي بأن الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية يكون نهائياً إذا كانت تقديرات مصلحة الضرائب السنوية لا تتجاوز ألف جنيه وكان الحكم المستأنف قد صدر في ظل القانون رقم 174 سنة 1951 فإن الحكم يكون نهائياً غير جائز استئنافه ومن ثم يكون الدفع في محله ويتعين إجابة المستأنف عليها "المطعون عليها" لما طلبته والقضاء بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب" وهذا الذي أقام الحكم قضاءه عليه غير صحيح في القانون ذلك أن القانون رقم 174 لسنة 1951 عدل المادة 54 بالقانون رقم 14 لسنة 1939 على الوجه الآتي: "لكل من مصلحة الضرائب والممول الطعن في قرار لجنة الطعن أمام المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة تجارية خلال شهر من تاريخ إعلان القرار على الوجه المبين في المادة السابقة ويرفع الطعن طبقاً لقواعد وإجراءات الاستئناف المنصوص عليها في قانون المرافعات ويكون الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية في هذا الشأن نهائياً إذا كانت تقديرات مصلحة الضرائب السنوية المطعون عليها لا تتجاوز ألف جنيه فإذا زادت على ذلك جاز استئنافها" - ويبين من ذلك أن الشارع إذ استحدث بهذا النص حكماً جديداً بتحديد نصاب نهائي وآخر ابتدائي للمحكمة الابتدائية تبعاً لقيمة تقديرات مصلحة الضرائب السنوية المطعون فيها لم يصرف هذا الحكم ولم يمد أثره إلى القرارات الصادرة من لجان التقدير وإنما قصره بطريق التخصيص المانع الوارد في هذه المادة على "الطعن في قرار لجنة الطعن" يؤيد ذلك أن القانون رقم 174 لسنة 1951 قد أتى بأحكام خاصة لتنظيم وسائل الطعن في قرارات لجان التقدير الصادرة قبل 4/ 9/ 1950 أي قبل العمل بنظام لجان الطعن التي لم تنشأ وتباشر عملها بمقتضى القانون رقم 146 سنة 1950 إلا ابتداء من أول يناير سنة 1951 إذ نص في المادة الرابعة منه على أن "يكون الطعن من المصلحة أو الممول في القرارات التي أصدرتها لجان التقدير قبل 4 سبتمبر سنة 1950 خلال... وتختص بنظر الطعن المحكمة الابتدائية التي يدخل في دائرتها محل إقامة الممول منعقدة بهيئة تجارية. فإذا صدر حكم المحكمة الابتدائية وجب تحصيل الضريبة على مقتضاه حتى يفصل نهائياً في الاستئناف الذي يكون قد رفع... ويكون رفع الاستئناف أمام محكمة الاستئناف التي يدخل في دائرة اختصاصها محل إقامة الممول خلال شهر من تاريخ إعلان حكم المحكمة الابتدائية" ومؤدى ذلك أن الشارع لم يضع قيداً على حق استئناف الأحكام الصادرة في شأن قرارات لجان التقدير وأن ما كانت تنص عليه المادة 54 من القانون رقم 14 لسنة 1939 المعدلة بالقانون رقم 174 لسنة 1951 قبل تعديلها بالقانون رقم 97 لسنة 1952 من عدم جواز استئناف حكم المحكمة الابتدائية إلا إذا كانت تقديرات مصلحة الضرائب السنوية المطعون فيها تجاوز الألف جنيه إنما يسري على النزاع الذي يقوم على قرار لجنة الطعن لا على النزاع في قرار لجنة التقدير. ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن القرار الذي اعترض عليه الطاعن صادر من لجنة تقدير لا من لجان الطعن وأنه سابق على القانون رقم 174 لسنة 1951 الذي صدر بتاريخ 15 من أكتوبر سنة 1951 معدلاً للمادة 54 من القانون رقم 14 لسنة 1939، وكان الممول "الطاعن" قد طعن على هذا بتاريخ 3 من إبريل سنة 1949، وكان حكم المحكمة الابتدائية بشأن هذا القرار - على ما سبقت الإشارة إليه - قابلاً للاستئناف أياً كانت قيمة النزاع وفقاً لنص المادة 54/ 3 من القانون رقم 14 لسنة 1939 - لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز استئناف الحكم المذكور لقلة النصاب يكون قد أخطأ تطبيق القانون مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 15513 لسنة 86 ق جلسة 15 / 5 / 2018 مكتب فني 69 ق 65 ص 484

جلسة 15 من مايو سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / فتحي جودة عبد المقصود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد متولي عامر وعصام محمد أحمد عبد الرحمن نائبي رئيس المحكمة وعمر يس سالم ومحمود يحيى صديق .
---------------
( 65 )
الطعن رقم 15513 لسنة 86 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيانات حكم الإدانة ؟ المادة 310 إجراءات جنائية .
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان وافٍ . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) قصد جنائي . سلاح . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تحدث الحكم عن القصد الجنائي في جريمتي دخول مكان مسكون بقصد ارتكاب جريمة وإحراز سلاح أبيض بعبارة مستقلة . غير لازم . استفادته من الظروف والملابسات التي أحاطت بالواقعة .
(3) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
للمحكمة أن تعول على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
إحالة الحكم في بيان التحريات إلى مضمون أقوال الشاهدين . لا يعيبه . حد ذلك ؟
(4) تلبس . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لكل من شاهد الجاني متلبسًا بجناية أو جنحة يجوز فيها قانونًا الحبس الاحتياطي أن يسلمه إلى أقرب رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه . أساس ذلك ؟
تقدير توافر حالة التلبس . موضوعي . ما دام سائغاً .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(6) نقض " المصلحة في الطعن " .
نعي الطاعن على الحكم خطئه في واقعة فرعية لم يكن لها أثر في قيام الجريمة التي دانه بها . غير مجد .
مثال .
(7) محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم تقيد المحكمة بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند للمتهم . لها أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم . استبعادها جناية الشروع في سرقة من مكان مسكون مع التعدد وحمل السلاح ونزولها إلى جنحة دخول مسكن بقصد ارتكاب جريمة وإحراز سلاح أبيض . لا إخلال بحق الدفاع . نعي الطاعن بوجوب تنبيهه لهذا التغيير رغم تناول دفاعه الوصف الذي عدلته المحكمة في مرافعته . غير مقبول . علة ذلك ؟
(8) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الارتباط " .
تقدير توافر الارتباط المنصوص عليه في المادة 32 عقوبات . موضوعي . ما لم تكن الوقائع كما أثبتها الحكم دالة على توافر شروط انطباق هذه المادة . توقيع الحكم عقوبة مستقلة عن كل من الجريمتين . صحيح . ما دام انتهى لعدم تحقق الارتباط بينهما .
(9) إثبات " إقرار " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعن ببطلان إقراره . غير مجد . ما دام الحكم لم يعول عليه في قضائه بالإدانة .
(10) دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفاء الصلة بها وكيدية وتلفيق الاتهام . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(11) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(12) غرامة . عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
إغفال الحكم القضاء بالغرامة بالإضافة للعقوبة السالبة للحرية عن جريمة إحراز سلاح أبيض . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت الواقعة قد استقام الدليل على صحتها وثبوتها في حق المتهم من شهادة المجني عليه وضابطي الواقعة . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها ، والظروف التي وقعت فيها ، والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلمامًا شاملًا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلًا أو نمطًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققًا لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم شابه الإجمال وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون ولا محل له .
2- من المقرر أنه لا يشترط أن يتحدث الحكم عن القصد الجنائي في جريمتي دخول مكان مسكون بقصد ارتكاب جريمة وإحراز سلاح أبيض بعبارة مستقلة بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفادًا من الظروف والملابسات التي أحاطت بالواقعة ، وهي كما أوردها الحكم تنتج أن الطاعن قد ارتكب فعلته عن عمد من دخول حديقة مسكن المجني عليه محرزًا سلاحًا أبيض ، ويضحى منعى الطاعن بهذا الشأن غير سديد .
3- من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل في بيانه التحريات أنها أكدت حدوث الواقعة على نحو ما شهد به المجني عليه والضابط / .... بعد أن ساق مضمون شهادتهما ، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما أورده الحكم من أقوال هذين الشاهدين له معينه الصحيح من الأوراق ، وأن مدلول التحريات يتفق وما استند إليه الحكم من تلك الأقوال ، فلا يعيب الحكم إحالته إليها في بيان التحريات ، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص غير ذي محل .
4- لما كان قانون الإجراءات الجنائية ينص في المادة 37 منه على أنه لكل من شاهد الجاني متلبسًا بجناية أو جنحة يجوز فيها قانونًا الحبس الاحتياطي أن يسلمه إلى أقرب رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم يكون سليمًا فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان القبض على الطاعن تأسيسًا على توافر حالة التلبس ، وينحل ما يثيره الطاعن في هذا الوجه إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا ومحددًا ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تناقض أقوال الشهود يكون غير مقبول طالما لم يكشف عن وجه التناقض الذي يقول به .
6- لما كان لا يجدي الطاعن ما ينعاه على الحكم بشأن ما سجله على لسان الضابط / .... من أنه حال تواجده بمقر عمله حضر إليه المجني عليه ممسكًا بالمتهم خلافًا لما جاء بمحضر الشرطة وتحقيقات النيابة العامة من أنه انتقل إلى محل البلاغ وتقابل مع المجني عليه وحارس العقار - بفرض حصوله - طالما أن هذه الواقعة الفرعية بفرض ثبوت خطأ الحكم فيها لم يكن لها من أثر في قيام الجريمة التي دانه الحكم بها ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .
7- لما كان الأصل أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى هي أنه الوصف القانوني السليم ، ولما كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساسًا للوصف الجديد الذي دان الطاعن به دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً جديدًا بل نزلت بها حين استبعدت جناية الشروع في السرقة من مكان مسكون مع التعدد وحمل السلاح إلى وصف أخف من الوصف السابق المبين بأمر الإحالة واعتبرت الواقعة جنحة دخول مكان مسكون بقصد ارتكاب جريمة وإحراز سلاح أبيض ولم يتضمن هذا التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الواقعة الأولى ، فإن ذلك لا يخول الطاعن إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع ؛ لأن دفاعه في الجريمة المرفوعة بها الدعوى يتناول بالضرورة الجريمة التي نزلت إليها المحكمة المؤسسة على الواقعة بذاتها ، مما تنتفي معه قالة الإخلال بحق الدفاع ، هذا فضلًا أن الدفاع قد طلب بمحضر جلسة المحاكمة بتعديل القيد والوصف وأضاف أن العقار محل الجريمة مكون من أربعة طوابق والمجني عليه ليس له سوى شقة واحدة بالعقار والمتهم قبض عليه في فناء العقار ، وهذا يدل على أن المتهم لم يتم القبض عليه في حالة تلبس بسرقة ، ومن ثم يكون الدفاع قد تناول الوصف الذي عدلته المحكمة في دفاعه .
8- من المقرر أن تقدير توافر الارتباط المنصوص عليه في المادة 32 من قانون العقوبات هو من سلطة محكمة الموضوع ما لم تكن الوقائع كما أثبتها الحكم دالة على توافر شروط انطباق هذه المادة ، وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تنبئ بذاتها عن تحقق الارتباط بين الجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، فإن الحكم يكون قد اقترن بالصواب فيما ذهب إليه من توقيع عقوبة مستقلة عن كل من الجريمتين .
9- لما كان لا جدوى من النعي على الحكم ببطلان إقرار الطاعن ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الإقرار المدعى ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال الشهود ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يضحى لا محل له .
10- من المقرر أن الدفع بعدم معقولية الواقعة واستحالة تصور وانتفاء صلة الطاعن بالواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة ردًا صريحًا ما دام الرد يستفاد ضمنًا من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
11- من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا محددًا مبينًا به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجًا مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيرادًا له وردًا عليه ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن الدفوع التي لم ترد عليها المحكمة بل جاء قوله مرسلًا مجهلًا ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول .
12- لما كان الحكم المطعون فيه إذ عاقب الطاعن بالحبس شهرين ومصادرة السلاح الأبيض عن التهمة الثانية وأغفل تغريم الطاعن وذلك بالمخالفة لما تقضي به المادة 25 مكررًا/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون ، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه ، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناءً على الطعن المرفوع منه وحده .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
أولًا : شرع وآخران مجهولان في سرقة المنقولات المبينة وصفًا وقيمة بالأوراق والمملوكة للمجني عليه / .... من داخل مسكنه ليلًا حال كون المتهم حاملًا لسلاح أبيض مطواة ، وكان ذلك عن طريق تسور المتهم جدار مسكن المجني عليه ، إلا أن أثر جريمتهم قد أوقف لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبط المتهم والجريمة متلبسًا بها ، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
ثانيًا : أحرز سلاحًا أبيض ( مطواة ) بدون ترخيص .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملًا بالمادة 370 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 25 مكررًا/1 ، 30/1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، والبند رقم 5 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وذلك عن التهمة الأولى ، وبالحبس شهرين عن التهمة الثانية ، ومصادرة السلاح الأبيض المضبوط ، باعتبار أن التهمة الأولى : دخل حديقة مبنى مسكونًا والمملوك للمجني عليه / .... بقصد ارتكاب جريمة فيه .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى في مذكرتي أسباب طعنه على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي دخول مسكن بقصد ارتكاب جريمة وإحراز سلاح أبيض مطواة بدون ترخيص ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون ، ذلك أنه صيغ في عبارات عامة معماة ومجهلة في بيان واقعة الدعوى وأركان الجريمة التي دانه بها ولا سيما القصد الجنائي ولم يورد مضمونه ومؤدى محضر التحريات التي تساند إليها في إدانته ، واطرح بما لا يسوغ دفعه ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ، وركن في الإدانة إلى أقوال شهود الإثبات بالتحقيقات رغم تناقضها ، وأورد الحكم في تحصيله لواقعة الدعوى أن ضابط الواقعة أثناء تواجده بمقر عمله حضر إليه المجني عليه ممسكًا بالطاعن ، وذلك على خلاف الثابت بمحضر الشرطة وتحقيقات النيابة العامة ، وعدلت المحكمة التهمة من شروع في سرقة بالإكراه إلى دخول مسكن بقصد ارتكاب جريمة دون تنبيه الدفاع ، وأفردت المحكمة عقوبة مستقلة لكل جريمة من الجرائم التي دين بها الطاعن رغم قيام الارتباط بينهما ، وأشاح الحكم بوجهه عن دفاع الطاعن ببطلان الإقرار المنسوب للطاعن وكيدية الاتهام وتلفيقه وانتفاء صلته بالواقعة واستحالة تصورها وباقي أوجه دفوعه ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجـب نقضه .
وحيث إن الواقعة قد استقام الدليل على صحتها وثبوتها في حق المتهم من شهادة المجني عليه وضابطي الواقعة . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها ، والظروف التي وقعت فيها ، والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلمامًا شاملًا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلًا أو نمطًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققًا لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم شابه الإجمال وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان لا يشترط أن يتحدث الحكم عن القصد الجنائي في جريمتي دخول مكان مسكون بقصد ارتكاب جريمة وإحراز سلاح أبيض بعبارة مستقلة بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفادًا من الظروف والملابسات التي أحاطت بالواقعة ، وهي كما أوردها الحكم تنتج أن الطاعن قد ارتكب فعلته عن عمد من دخول حديقة مسكن المجني عليه محرزًا سلاحًا أبيض ، ويضحى منعى الطاعن بهذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل في بيانه التحريات أنها أكدت حدوث الواقعة على نحو ما شهد به المجني عليه والضابط / .... بعد أن ساق مضمون شهادتهما ، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما أورده الحكم من أقوال هذين الشاهدين له معينه الصحيح من الأوراق ، وأن مدلول التحريات يتفق وما استند إليه الحكم من تلك الأقوال ، فلا يعيب الحكم إحالته إليها في بيان التحريات ، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص غير ذي محل . لما كان ذلك ، وكان قانون الإجراءات الجنائية ينص في المادة 37 منه على أنه لكل من شاهد الجاني متلبسًا بجناية أو جنحة يجوز فيها قانونًا الحبس الاحتياطي أن يسلمه إلى أقرب رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم يكون سليمًا فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان القبض على الطاعن تأسيسًا على توافر حالة التلبس ، وينحل ما يثيره الطاعن في هذا الوجه إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا ومحددًا ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تناقض أقوال الشهود يكون غير مقبول طالما لم يكشف عن وجه التناقض الذي يقول به . لما كان ذلك ، وكان لا يجدي الطاعن ما ينعاه على الحكم بشأن ما سجله على لسان الضابط / .... من أنه حال تواجده بمقر عمله حضر إليه المجني عليه ممسكًا بالمتهم خلافًا لما جاء بمحضر الشرطة وتحقيقات النيابة العامة من أنه انتقل إلى محل البلاغ وتقابل مع المجني عليه وحارس العقار - بفرض حصوله - طالما أن هذه الواقعة الفرعية بفرض ثبوت خطأ الحكم فيها لم يكن لها من أثر في قيام الجريمة التي دانه الحكم بها ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى هي أنه الوصف القانوني السليم ، ولما كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساسًا للوصف الجديد الذي دان الطاعن به دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً جديدًا بل نزلت بها حين استبعدت جناية الشروع في السرقة من مكان مسكون مع التعدد وحمل السلاح إلى وصف أخف من الوصف السابق المبين بأمر الإحالة واعتبرت الواقعة جنحة دخول مكان مسكون بقصد ارتكاب جريمة وإحراز سلاح أبيض ولم يتضمن هذا التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الواقعة الأولى ، فإن ذلك لا يخول الطاعن إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع ؛ لأن دفاعه في الجريمة المرفوعة بها الدعوى يتناول بالضرورة الجريمة التي نزلت إليها المحكمة المؤسسة على الواقعة بذاتها ، مما تنتفي معه قالة الإخلال بحق الدفاع ، هذا فضلًا أن الدفاع قد طلب بمحضر جلسة المحاكمة بتعديل القيد والوصف وأضاف أن العقار محل الجريمة مكون من أربعة طوابق والمجني عليه ليس له سوى شقة واحدة بالعقار والمتهم قبض عليه في فناء العقار ، وهذا يدل على أن المتهم لم يتم القبض عليه في حالة تلبس بسرقة ، ومن ثم يكون الدفاع قد تناول الوصف الذي عدلته المحكمة في دفاعه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير توافر الارتباط المنصوص عليه في المادة 32 من قانون العقوبات هو من سلطة محكمة الموضوع ما لم تكن الوقائع كما أثبتها الحكم دالة على توافر شروط انطباق هذه المادة ، وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تنبئ بذاتها عن تحقق الارتباط بين الجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، فإن الحكم يكون قد اقترن بالصواب فيما ذهب إليه من توقيع عقوبة مستقلة عن كل من الجريمتين . لما كان ذلك ، وكان لا جدوى من النعي على الحكم ببطلان إقرار الطاعن ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الإقرار المدعى ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال الشهود ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يضحى ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بعدم معقولية الواقعة واستحالة تصور وانتفاء صلة الطاعن بالواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة ردًا صريحًا ما دام الرد يستفاد ضمنًا من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا محددًا مبينًا به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجًا مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيرادًا له وردًا عليه ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن الدفوع التي لم ترد عليها المحكمة بل جاء قوله مرسلًا مجهلًا ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، وكان الحكم المطعون فيه إذ عاقب الطاعن بالحبس شهرين ومصادرة السلاح الأبيض عن التهمة الثانية وأغفل تغريم الطاعن وذلك بالمخالفة لما تقضي به المادة 25 مكررًا/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون ، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه ، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناءً على الطعن المرفوع منه وحده . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 16185 لسنة 80 ق جلسة 17 / 6 / 2019

باسم الشـعب
محكمة النقض
الدائرة المدنيـة
دائرة " الاثنين " (د) المدنية
برئاسة السيد القاضي / يحيى جـلال نائب رئيـس المحكمـة وعضوية السادة القضـاة / مجدى مصطفى ، وائل رفاعى رفعت هيبـة و ياسر فتح اللـه العكازى " نواب رئـيس المحـكمة "

وحضور رئيس النيابة السيد / رامى سليمان .

وأمين السر السيد / عادل الحسينى إبراهيم .

فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم الاثنين 13 من شوال سنة 1440 هـ الموافق 17 من يونية سنة 2019 .
أصدرت الحكم الآتـى :-
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 16185 لسنة 80 قضائية

المرفـوع مـن
..........- المقيمين / ... - مركز أبو حمص - محافظة البحيرة .
- حضر عنهما الأستاذ / ..... " المحامي " .
ضد
..........- المقيم / ..... - محافظة البحيرة . لم يحضر عنه أحد .

---------------

" الوقائع "

فى يـوم 27/9/2010 طعـن بطريق النقـض فى حكـم محكمـة استئناف الإسكندرية " مأمورية دمنهور " الصـادر بتـاريخ 2/8/2010 فى الاستئناف رقم 1717 لسنة 65 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعنان الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه .
وفى نفس اليوم أودع الطاعنان مذكرة بالدفاع .
وفى 11/10/2010 أعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن .
ثم أودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه .
وبجلسة 1/4/2019 عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة 17/6/2019 وبها سمع الطعن أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة وقد صمم محامى الطاعنين والنيابة كل على ما جاء بمذكرته والمحكمة أصدرت حكمها بذات الجلسة .

------------------
" المـحـكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقـرر / مـجـدى مصـطفى " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة ، وبعد المداولة :-
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعنة الأولى أقامت الدعوى 961 لسنة 2004 دمنهور الابتدائية على المطعون ضده بطلب ندب خبير لتقدير قيمة الريع المستحق لها عن الأرض المبينة بالأوراق من 31/10/1998 حتى تاريخ رفع الدعوى ، وذلك على سند من أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/11/1997 يستأجر المطعون ضده الأرض محل الدعوى ممن يدعى " جرجس زكى يوسف " لمدة سنة تنتهى فى 31/10/1998 وإذ اشترت الطاعنة تلك الأرض من المؤجر وأقامت الدعوى 5529 لسنة 98 دمنهور الابتدائية بطلب طرد المستأجر - المطعون ضده - فقضى لها بالطلبات وتأيد ذلك الحكم استئنافياً برقم 1613 لسنة 57 ق الإسكندرية " مأمورية دمنهور " ولم تقم بتنفيذه مما يحق لها طلب الريع فأقامت الدعوى . ندبت المحكمة خبيراً ، وبعد أن أودع تقريره تدخل الطاعن الثانى هجومياً بطلب إلزام المطعون ضده أن يؤدى له وللطاعنة الأولى مبلغ 23788,07 جنيها قيمة الريع الذى قدره الخبير . حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضده أن يؤدى للطاعنة المبلغ سالف الذكر بحكم استأنفه المطعون ضده برقم 1717 لسنة 65 ق فقضت بعدم قبول الدعوى الأصلية لرفعها من غير ذى صفة وبانقضاء طلب التدخل . طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بعدم جواز الطعن لقلة النصاب وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه ، عُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة ، فحددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إنه عن الدفع المبدى من النيابة بعدم جواز نظر الطعن لقلة النصاب فهو غير سديد ، ذلك أنه من المقرر عملاً بالمادة 248 من قانون المرافعات - المعدلة بالقانون 76 لسنة 2007 - فإنه يجوز الطعن بالنقض فى الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف فى الدعاوى غير مقدرة القيمة . وكانت الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه هى دعوى بطلب ندب خبير لتقدير قيمة الريع المستحق للطاعنة ، ومن ثم فإنها تُعد دعوى غير مقدرة القيمة ولا يغير من ذلك الطلب الذى أبدى أخيراً من الطاعنين بإلزام المطعون ضده بمبلغ 23788 جنيهاً قيمة الريع المستحق عن المدة المطالب بها ، ذلك أن هذا الطلب لا يعتبر عدولاً عن الطلب الأصلى للقول بأن الطلبات الختامية انحصرت فيه ، وإنما ذلك الطلب يُعد طلباً عارضاً مكملاً للطلب الأصلى ومترتباً عليه تختص به المحكمة الابتدائية مهما تكن قيمته وفقاً لنص المادة 47 من قانون المرافعات وبالتالى يكون المعول عليه فى تقدير قيمة الدعوى لتعيين المحكمة المختصة وفى تقدير نصاب الطاعن بالاستئناف والنقض هو الطلب الأصلى وحده الغير قابل للتقدير بحسب القواعد الواردة فى قانون المرافعات على ما سلف بيانه ، فإن الدفع المبدى من النيابة يكون على غير أساس .
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه إذ قضى بعدم قبول الدعوى المقامة من الطاعنة الأولى بطلب إلزام المطعون ضده أن يؤدى لها الريع الذى قدره الخبير على سند من أنها لم تسجل عقد شرائها للأرض محل الدعوى برغم أنه يحق لها مطالبة المطعون ضده بوصفه غاصباً يضع اليد على الأرض بغير سند بريعها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى سديد ، ذلك بأن الفقرة الثانية من المادة 458 من القانون المدنى تنص على أنه :- " .... وللمشترى ثمن المبيع ونماؤه من وقت تمام البيع ، وعليه تكاليف المبيع من هذا الوقت أيضاً هذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضى بغيره " . وأشارت المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدنى تعليقاً على هذا النص " أن البيع غير المسجل كالبيع المسجل من حيث استحقاق المشترى للثمرات " وهو مما يدل جميعه - وعلى ما هو مقرر بقضاء محكمة النقض - أن عقد البيع ولو لم يكن مشهراً ينتقل إلى المشترى جميع الحقوق المتعلقة بالمبيع ومنفعته من تاريخ إبرام البيع ومنها استحقاق الثمرات والنماء فى المنقول والعقار على حد سواء مادام المبيع شيئاً معيناً بالذات ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضى بغير ذلك . كما ينقل إليه الدعاوى المرتبطة بها بما فى ذلك طلب تسليم العين المبيعة وطرد الغاصب منها أو استيداد ريعها منه باعتبار أن هذا الريع تعويض عن غصب ما يستحقه المشترى من ثمرات المبيع الذى حق له تسلمه وطرد من لا سند له فى وضع يده عليه وهو جزء من الحق المقرر للمشترى على المبيع ما لم يوجد اتفاق أو عرف مخالف . وكان الواقع الثابت فى الدعوى - دون خلف بين الخصوم - أن الطاعنة الأولى مشترية لأرض النزاع بعقد غير مسجل وأن المطعون ضده بعد انتهاء عقد إيجاره لهذه الأرض يضع اليد عليها بغير سند قانونى ويُعد غاصباً يحق الطاعنة مطالبته بريعها . وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول دعواها لعدم تسجيل عقد شرائها ورتب على ذلك انقضاء الخصومة فى طلب تدخل الطاعن الثانى ، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه مما يوجب نقضه .
وحيث إن الدعوى صالحة للفصل فيها ، ولما تقدم ، وكان الحكم الابتدائى قد قضى للطاعنة الأولى بالريع الذى قدره الخبير بما يتعين تأييده .
لـذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وحكمت فى موضوع الاستئناف رقم 1717 لسنة 65 ق الإسكندرية " مأمورية دمنهور " بالرفض وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المطعون ضده بمصروفات التقاضى وثلاثمائة وخمسة وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .