جلسة 27 من نوفمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / عابد راشد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد أحمد خليل ، أحمد محمود شلتوت ، وليد عادل وشريف عصام نواب رئيس المحكمة
---------------
(86)
الطعن رقم 14320 لسنة 89 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) قصد جنائي . تقنية المعلومات . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمتي اصطناع موقع إلكتروني ونسبته زوراً لأحد الأشخاص الاعتبارية والتداخل في وظيفة حكومية . غير لازم . كفاية إيراد الوقائع والظروف الدالة على قيامه . النعي في هذا الشأن . غير مقبول .
(3) وصف التهمة . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
المنازعة في شأن التكييف القانوني للواقعة ووصف التهمة . جدل في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى . إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة . علة ذلك ؟
(4) قانون " سريانه " . جريمة " الجريمة المستمرة " " الجريمة الوقتية " . تقنية المعلومات . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
سريان التشريع الجديد على الجريمة المستمرة . ولو كانت أحكامه أشد مما سبقه . علة ذلك ؟
الجريمة الوقتية والمستمرة . ماهيتهما ومعيار التمييز بينهما جريمة اصطناع موقع إلكتروني ونسبته زوراً إلى أحد الأشخاص الاعتبارية العامة . مستمرة . تخضع لأحكام القانون اللاحق . ولو كانت أحكامه أشد . علة ذلك ؟
(5) أشخاص اعتبارية . تقنية المعلومات . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
وزارة الداخلية والإدارات والمصالح التابعة لها . إحدى جهات الدولة ولها شخصية اعتبارية مستقلة . نعي الطاعن بانتفاء تلك الصفة عن مباحث الإنترنت . ظاهر البطلان . لا يستأهل رداً . أساس ذلك ؟
(6) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(7) حكم " وضعه والتوقيع عليه وإصداره " . محضر الجلسة .
العبرة بما ينطق به القاضي بالجلسة العلنية عقب سماع الدعوى . مخالفة العقوبة الواردة بورقة الحكم لما ورد برول القاضي ومحضر الجلسة . خطأ مادي لا يغير من حقيقتها . أثر ذلك ؟
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان البين أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه في مدوناته كاف لتفهم واقعة الدعوى وظروفها - حسبما تبينتها المحكمة - وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد .
2- من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في أي من الجريمتين اللتين دين الطاعن بهما بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ذلك حسبه بياناً لهاتين الجريمتين بكافة أركانهما كما هما معرفتان به في القانون ، ومع ذلك فقد عرضت محكمة الموضوع لدفاع الطاعن بانتفاء القصد الجنائي وانتفاء أركان الجريمتين في حقه وأطرحته برد كاف وسائغ ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بقالة القصور في هذا الصدد يكون في غير محله .
3- لما كان ما يثيره الطاعن من منازعة في شأن التكييف القانوني للواقعة وأنها - بفرض صحتها - جنحة تندرج تحت المادة ١٥٧ من قانون العقوبات ، فإن ذلك مردود بأنه لا محل له لأنه لا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التي وثقت بها واطمأنت إليها مما تستقل به بغير معقب ما دام قضاؤها في ذلك سليم - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
4- من المقرر قانوناً أن التشريع الجديد يسري على الجريمة المستمرة حتى لو كانت أحكامه أشد مما سبقه لاستمرار ارتكاب الجريمة في ظل الأحكام الجديدة ، وكان الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو طبيعة الفعل المادي المكون للجريمة كما عرفه القانون سواء أكان هذا الفعل إيجاباً أو سلباً ارتكاباً أو تركاً ، فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد إتيان الفعل كانت وقتية ، أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة ، والعبرة في الاستمرار هنا هي تدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً ، ولا عبرة بالزمن الذي يسبق هذا الفعل في التهيؤ لارتكابه والاستعداد لمقارفته أو بالزمن الذي يليه والذي تستمر فيه آثاره الجنائية في أعقابه . لما كان ذلك ، وكانت جريمة اصطناع موقع إليكتروني ونسبته زوراً إلى أحد الأشخاص الاعتبارية العامة تقوم على فعل إيجابي يتمثل في إرادة المتهم بالتدخل تدخلاً متتابعاً ومتجدداً بتكوين فعل اصطناع الموقع الإلكتروني على شبكة التواصل الاجتماعي - فيس بوك - والتواصل مع المواطنين وتلقي بلاغاتهم وإيهامهم باتخاذ الإجراءات القانونية ، ومن ثم فإنها تكون جريمة مستمرة تخضع ما بقي استمرارها لأحكام القانون اللاحق ولو كانت أحكامه أشد ، وكان الحكم المطعون فيه قد تصدى لدفع الطاعن بعدم انطباق القانون على الواقعة واطرحه بأسباب قوامها أن واقعة الدعوى تمت بعد نفاذ التشريع الجديد ، وهو ما يكفي رداً على هذا الدفع .
5- لما كان البيّن من مطالعة التقرير الفني الصادر من الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات - إدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات قسم المساعدات الفنية وزارة الداخلية - المرفق بالمفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أنه ورد به أن الطاعن أنشأ صفحة على شبكة التواصل الاجتماعي باسم مباحث الإنترنت والإبلاغ عن جرائم الإنترنت ونشر عليها شعار وزارة الداخلية لإيهام الغير أنه جهة حكومية تابعة لوزارة الداخلية ، وكانت المادة ٥٢/١ من القانون المدني تنص على أن : ( الأشخاص الاعتبارية هي : ١- الدولة :وكذلك المديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون ، والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية ) ، وكان الطاعن لا يماري في أن وزارة الداخلية والإدارات والمصالح التابعة لها هي إحدى جهات الدولة التي لها شخصية اعتبارية مستقلة ، فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان لا يستأهل من المحكمة رداً ، ومع ذلك فقد عرضت المحكمة لدفاع الطاعن في هذا الشأن وأطرحته برد سائغ ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
6- لما كان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجريمتين اللتين دين بهما كاف وسائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- لما كان لا يفوت المحكمة إذ تنوه في نهاية الحكم أن البين من الاطلاع على الأوراق أنه وإن جاء منطوق الحكم المطعون فيه ناصاً على معاقبة المتهم .... بالحبس مع الشغل عام واحد وتغريمه ألف جنيه لما أسند إليه وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط لمدة ثلاث سنوات مع مصادرة المضبوطات وبإلزامه بالمصاريف الجنائية ، إلا أن الثابت من مطالعة رول الجلسة الموقع عليه من الهيئة - المرفق بالمفردات المضمومة - ومحضر الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه والموقع عليه من رئيس الهيئة مصدرة الحكم أنه صدر بمعاقبة المتهم .... بالحبس مع الشغل عام واحد وبتغريمه مائة ألف جنيه لما أسند إليه وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط لمدة ثلاث سنوات مع مصادرة المضبوطات وبإلزامه المصاريف الجنائية ، وإذ كانت العبرة فيما يقضي به الحكم هي بما ينطق به القاضي بالجلسة العلنية عقب سماع الدعوى ، فإن إثبات المنطوق على النحو المتقدم برول الجلسة الموقع عليه من رئيس الهيئة وبمحضر تلك الجلسة دليل على النطق به على هذا النحو مما مؤداه أن المنطوق الوارد بورقة الحكم لا يعدو أن يكون من قبيل السهو الذي لا يغير من حقيقة الواقع ولا ينال من سلامة الحكم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامـة الطاعن بأنه :
1- اصطنع موقعاً إلكترونياً باسم مباحث الإنترنت والإبلاغ عن جرائم الإنترنت على موقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك " على شبكة الإنترنت ونسبه زوراً إلى أحد الأـشخاص الاعتبارية وهي الإدارة العامة لمكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات وقام من خلاله بالتواصل مع المواطنين وتلقي بلاغاتهم وإيهامهم باتخاذ الإجراءات القانونية حيالها وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
2- تداخل في وظيفة حكومية من غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة أو إذن منها بذلك ولقب نفسه بتلك الصفة وأجرى عملاً من مقتضياتها بأن ارتكب الجريمة موضوع الاتهام الأول زاعماً بأنه موظف عام تابع للإدارة العامة لمكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ۱ ، ۲٤/ 3،1 ، ۳۸ /1 من القانون رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ بشأن جرائم تقنية المعلومات ، والمادتين ۱٥٥ ، 157 من قانون العقوبات ، مع إعمال المواد ١٧ ، ٣٢ ، ٥٥ ، 56/1 من ذات القانون ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل عام واحد وتغريمه مائة ألف جنيه عما نسب إليه وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من الحكم ومصادرة الأدوات المضبوطة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي اصطناع موقع إلكتروني باسم " مباحث الإنترنت والإبلاغ عن جرائم الإنترنت " على شبكة التواصل الاجتماعي" فيس بوك " ونسبه زوراً إلى أحد الأشخاص الاعتبارية وهي الإدارة العامة لمكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات ، والتداخل في وظيفة حكومية قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه لم يبين أركان الجريمتين اللتين دانه بهما خاصة القصد الجنائي ، ولم يعرض لدفاعه بانتفاء القصد الجنائي لديه وعدم توافر أركانهما في حقه ، كما أن الواقعة - بفرض صحتها - لا تعدو أن تكون جنحة تندرج تحت المادة ١٥٧ من قانون العقوبات ، واطرح بما لا يسوغ دفاعه القائم على عدم سريان القانون رقم ١٧٥ لسنة ۲۰۱۸ في شأن جرائم تقنية المعلومات على الواقعة لصدوره في تاريخ لاحق على حدوثها ، وعدم توافر صفة الشخصية الاعتبارية لمباحث الإنترنت ، ودانه رغم خلو الأوراق من دليل قبله على مباشرة أي نشاط على صفحة الفيس بوك بعد صدور القانون المار ذكره ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه في مدوناته كاف لتفهم واقعة الدعوى وظروفها - حسبما تبينتها المحكمة - وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في أي من الجريمتين اللتين دين الطاعن بهما بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ذلك حسبه بياناً لهاتين الجريمتين بكافة أركانهما كما هما معرفتان به في القانون ، ومع ذلك فقد عرضت محكمة الموضوع لدفاع الطاعن بانتفاء القصد الجنائي وانتفاء أركان الجريمتين في حقه واطرحته برد كاف وسائغ ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بقالة القصور في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من منازعة في شأن التكييف القانوني للواقعة وأنها - بفرض صحتها - جنحة تندرج تحت المادة ١٥٧ من قانون العقوبات ، فإن ذلك مردود بأنه لا محل له لأنه لا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التي وثقت بها واطمأنت إليها مما تستقل به بغير معقب ما دام قضاؤها في ذلك سليم - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر قانوناً أن التشريع الجديد يسري على الجريمة المستمرة حتى لو كانت أحكامه أشد مما سبقه لاستمرار ارتكاب الجريمة في ظل الأحكام الجديدة ، وكان الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو طبيعة الفعل المادي المكون للجريمة كما عرفه القانون سواء أكان هذا الفعل إيجاباً أو سلباً ارتكاباً أو تركاً ، فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد إتيان الفعل كانت وقتية ، أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة ، والعبرة في الاستمرار هنا هي تدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً ، ولا عبرة بالزمن الذي يسبق هذا الفعل في التهيؤ لارتكابه والاستعداد لمقارفته أو بالزمن الذي يليه والذي تستمر فيه آثاره الجنائية في أعقابه . لما كان ذلك ، وكانت جريمة اصطناع موقع إليكتروني ونسبته زوراً إلى أحد الأشخاص الاعتبارية العامة تقوم على فعل إيجابي يتمثل في إرادة المتهم بالتدخل تدخلاً متتابعاً ومتجدداً بتكوين فعل اصطناع الموقع الإلكتروني على شبكة التواصل الاجتماعي - فيس بوك - والتواصل مع المواطنين وتلقي بلاغاتهم وإيهامهم باتخاذ الإجراءات القانونية ، ومن ثم فإنه يكون جريمة مستمرة تخضع ما بقي استمرارها لأحكام القانون اللاحق ولو كانت أحكامه أشد ، وكان الحكم المطعون فيه قد تصدى لدفع الطاعن بعدم انطباق القانون على الواقعة واطرحه بأسباب قوامها أن واقعة الدعوى تمت بعد نفاذ التشريع الجديد ، وهو ما يكفي رداً على هذا الدفع . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة التقرير الفني الصادر من الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات - إدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات قسم المساعدات الفنية وزارة الداخلية - المرفق بالمفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أنه ورد به أن الطاعن أنشأ صفحة على شبكة التواصل الاجتماعي باسم مباحث الإنترنت والإبلاغ عن جرائم الإنترنت ونشر عليها شعار وزارة الداخلية لإيهام الغير أنه جهة حكومية تابعة لوزارة الداخلية ، وكانت المادة ٥٢ /١ من القانون المدني تنص على أن :( الأشخاص الاعتبارية هي : ١- الدولة وكذلك المديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون ، والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية ) ، وكان الطاعن لا يماري في أن وزارة الداخلية والإدارات والمصالح التابعة لها هي إحدى جهات الدولة التي لها شخصية اعتبارية مستقلة فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان لا يستأهل من المحكمة رداً ، ومع ذلك فقد عرضت المحكمة لدفاع الطاعن في هذا الشأن وأطرحته برد سائغ ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجريمتين اللتين دين بهما كاف وسائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا يفوت المحكمة إذ تنوه في نهاية الحكم أن البين من الاطلاع على الأوراق أنه وإن جاء منطوق الحكم المطعون فيه ناصاً على معاقبة المتهم .... بالحبس مع الشغل عام واحد وتغريمه ألف جنيه لما أسند إليه وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط لمدة ثلاث سنوات مع مصادرة المضبوطات وبإلزامه بالمصاريف الجنائية ، إلا أن الثابت من مطالعة رول الجلسة الموقع عليه من الهيئة - المرفق بالمفردات المضمومة - ومحضر الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه والموقع عليه من رئيس الهيئة مصدرة الحكم أنه صدر بمعاقبة المتهم .... بالحبس مع الشغل عام واحد وبتغريمه مائة ألف جنيه لما أسند إليه وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط لمدة ثلاث سنوات مع مصادرة المضبوطات وبإلزامه المصاريف الجنائية ، وإذ كانت العبرة فيما يقضي به الحكم هي بما ينطق به القاضي بالجلسة العلنية عقب سماع الدعوى ، فإن إثبات المنطوق على النحو المتقدم برول الجلسة الموقع عليه من رئيس الهيئة وبمحضر تلك الجلسة دليل على النطق به على هذا النحو مما مؤداه أن المنطوق الوارد بورقة الحكم لا يعدو أن يكون من قبيل السهو الذي لا يغير من حقيقة الواقع ولا ينال من سلامة الحكم . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق