جلسة 26 من يناير سنة 1977
برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد المهدى، والدكتور عبد الرحمان عياد، ومحمد الباجوري، وصلاح نصار.
----------------
(62)
الطعن رقم 15 لسنة 45 ق "أحوال شخصية"
(1، 2، 3) أحوال شخصية "المصريين غير المسلمين. بطلان.
(1) تغيير الطائفة أو الملة. لا ينتج أثره بمجرد إبداء الرغبة. وجوب الدخول فيها وإتمام طقوسها ومظاهرها الخارجية الرسمية وقبول طلب الانضمام من الجهة الدينية المختصة.
(2) سلطة الرئيس الديني في التحقق من جدية طلب تغيير الطائفة أو الملة قبل قبوله وإبطاله بعد حصوله. عمل ديني لا قضائي. لا يؤثر فيه صدور القانون 462 لسنة 1955.
(3) إبطال الجبهة الدينية للانضمام للطائفة أو الملة. سريانه بأثر رجعي متى كان البطلان معاصرا لقرار الانضمام. حقها في فصل الشخص لسبب لاحق للانضمام. ليس للفصل أثر رجعي .
(4) أحوال شخصية "المصريين غير المسلمين" محكمة الموضوع. نقض.
(4) إسباغ الوصف الصحيح على قرار الجهة الدينية بأنه إلغاء للانضمام أو اعتباره فصلاً من مسائل القانون. لمحكمة النقض مراقبة محكمة الموضوع فيما انتهت إليه من تكييف بصدده.
(5) أحوال شخصية "المصريين غير المسلمين". حكم "قصور".
(5) منازعة الزوج في قرار الجهة الدينية بإبطال انضمامه للطائفة. وجوب إعمال محكمة الموضوع سلطتها في مراقبة الأسباب التي حدت إلى إصداره. إغفالها ذلك. قصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في إن الطاعن أقام ضد المطعون عليها الدعوى رقم 399 لسنة 1972 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة إسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإثبات طلاقه لها الحاصل في 27/ 10/ 1972 طلقة أولى رجعية، وقال شرحا لدعواه أنه تزوجها بصحيح العقد الصادر لدى كنيسة الأقباط الأرثوذكس في 29/ 4/ 1951 ودخل بها، وإذ دب الخلاف بينهما وأضحت الحياة الزوجية مستحيلة وإذ انضم إلى طائفة الروم الأرثوذكس في 11/ 9/ 1972 ومن قبل رفع الدعوى في 19/ 11/ 1972 بينما هي قبطية أرثوذكسية وهما يدينان بالطلاق، وقد أوقعه عليها عند إقامة دعواه بقوله "زوجتي السيدة......... طالق منى" فقد طلب الحكم بإثباته، دفعت المطعون عليها بأن الطاعن لا يزال قبطيا أرثوذكسيا تبعا لصدور قرار في 17/ 1/ 1973 من بطريركية الروم الأرثوذكس بالإسكندرية بأن انضمامه للطائفة يعتبر لاغياً وكأنه لم يكن، وبتاريخ 26/ 3/ 1973 حكمت المحكمة بإثبات طلاقه الطاعن لزوجته المطعون عليها طلقة رجعية اعتبارا من 27/ 10/ 1972. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 22 سنة 1973 أحوال شخصية "نفس" إسكندرية طالبة إلغاءه ورفض الدعوى، وبتاريخ 2/ 2/ 1972 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أسس قضاءه برفض الدعوى على سند من القول بأن الرئيس الديني لطائفة الروم الأرثوذكس التي انضم إليها الطاعن قبل رفعه لدعواه وقبل إيقاعه الطلاق بإرادته المنفردة، أصدر أمرا باعتبار انضمامه إلى الطائفة لاغياً وكأن لم يكن، وأن هذا الأمر لم يكن محل طعن منه، ورتب على ذلك أنه لم يكن في أي وقت من الأوقات من أبناء تلك الطائفة، وأن طرفي التداعي ليسا مختلفي الطائفة فلا يحق للطاعن إيقاع الطلاق، في حين أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن منح شهادة الانضمام من الجهة الدينية المختصة ثم صدور قرار منها بإلغائها وعدم الاعتداد بالانضمام ينبغي أن يخضع لتقدير القضاء تحرزا من الانحراف فى مباشرة تلك السلطة، وإن سلطان الجهة الدينية الذى ما زال باقيا لها مقيد بالصالح العام خاصة إذا اصطدم مع مبدأ أساسي هو حرية العقيدة، وإذ لم يرد الحكم على هذا الدفاع فأنه يكون معيبا بالقصور في التسبيب علاوة على الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أنه لما كان المستقر في قضاء هذه المحكمة أن تغيير الطائفة أو الملة أمر يتصل بحرية العقيدة إلا أنه عمل إرادي من جانب الجهة الدينية المختصة، ومن ثم فهو لا يتم ولا ينتج أثره بمجرد الطلب وإبداء الرغبة ولكن بعد الدخول فيها وإتمام طقوسها ومظاهرها الخارجية الرسمية وقبول طلب الانضمام إلى الطائفة أو الملة الجديدة، مما مقتضاه أن للرئيس الديني للملة أو الطائفة التي يرغب الشخص في الانضمام إليها أن يتحقق قبل قبول الطلب من جديته وأن يستوثق من صدوره عن نية سليمة، كما أن له أن يبطل الانضمام بعد قبوله ويعتبره كان لم يكن إذا تبين له عدم جديته، اعتبارا بأنه يتدرج في صميم الأعمال الدينية الباقية للجهات الكنسية، ولا يعد من قبيل ممارسة أية سلطة قضائية أصبحت هذه الجهات لا تملكها بعد صدور القانون رقم 462 لسنة 1955، وكان مفاد ذلك أن للجهات الكنسية سلطة البحث فى دوافع وبواعث التعبير لقبول الانضمام إليها بداءة، كما أن لها سلطة تتبع مدى سلامة الانضمام بعد حصوله، فلها أن تبطله وتعتبره كان لم يكن متى استبان لها أن الشخص كان عند انضمامه سيء النية ولم يستهدف من التغير إلا التحايل على القانون، بحيث يكون سبب البطلان معاصرا لقرار الانضمام وليس لاحقا عليه، فيسرى عندئذ بأثر رجعى، أما إذ كان حسن النية صادق العقيدة عند انضمامه ثم جدت ظروف أتاحت له الاستفادة من الآثار القانونية التي تخولها إياه أحكام هذا التغيير فإن إبطال القرار بالمعنى السالف لا يكون له محل، وإن كان يجوز للجهات الكنسية أن تفصله طالما وجدت في سلوكه الديني ما لا يروق لها والقرار بالفصل لا يكون له في هذه الحالة أثر رجعي لأن الانضمام يكون قد تم صحيحا. لما كان ذلك وكان البين من الدفاع الذى ساقه الطاعن أمام محكمة الموضوع نعيا على الشهادة الصادرة بإلغاء انضمامه إلى طائفة الروم الأرثوذكس إنها موقعة من غير مختص بإصدارها وأنها في حقيقتها إسقاط للعضوية أو فصل من الكنيسة، وليست إقرار لحالة البطلان التي شابت قبول الانضمام، وأنه ليس للجهة الدينية إلغاء الانضمام دون سماع دفاعه وكان القول بأن الشهادة المشار إليها يعتبر قرارا بإلغاء الانضمام تعد فصلا من الكنيسة هي مسألة تكييف يقصد منها إسباغ الوصف الصحيح عليها لمعرفة ماذا كان لها من أثر رجعي أو لا يترتب عليها هذا الأثر، وهى من مسائل القانون التي يخضع قضاء الموضوع بصددها لرقابة محكمة النقض، وكان من حق قاضى الموضوع - مراقبة الأسباب التي حدت بالجهة الدينية على إلغاء قرار الانضمام - أيا كان الوصف الذى تطلقه عليه - للتحقق من أنه في نطاق الحدود المشار إليها ولم يخرج عنه واستهدف الحيلولة دون التحايل على القانون وحتى لا تمثل الإلغاء قيدا على مبدأ حرية العقيدة والمساس به، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه وقف عند حد تقرير سلطة الرئيس الديني في إبطال الانضمام ورتب عليه رفض الدعوى، رغم منازعة الطاعن في سلامة إلغاء انضمامه وقيامة على أسباب مسوغة، فانه يكون فضلا عن خطئه في تطبيق القانون وقد أغفل دفاعا جوهريا من الجائز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى، مما يتعين معه نقضه دون حاجة لبحث باقي الأسباب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق