جلسة 15 من يونيه سنة 1953
المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة الأستاذ أحمد محمد حسن رئيسا, وحضرات المستشارين: إسماعيل مجدي ومصطفى حسن, حسن داود, محمود إبراهيم إسماعيل أعضاء.
-----------------
(350)
القضية رقم 839 سنة 23 القضائية
ضرب أفضى إلى عاهة.
إثبات الحكم مما أورده التقرير الطبي أن العاهة التي تخلفت بالمصاب هي فقد جزء من العظم لا ينتظر ملؤه في المستقبل هذا لا يدل على عدم استدامة العاهة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب بدر محمد صالح عمدا بعصا على رأسه فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي نشأت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد جزء كبير في مساحة مستطيلة الشكل تقريبا أبعادها 9×5 ونصف سم, وهذا الفقد لا ينتظر ملؤه مستقبلا بالعظم وقد يملأ بنسيج ليفي وبهذا فقد المخ في تلك المنطقة وقايته الطبيعية من العظم مما يجعله أشد تأثرا بالتغيرات الجوية والصدمات التي قد تقع عليها حتى الخفيفة منها فضلاً عما يطرأ عليه مستقبلا من مضاعفات نتيجة هذا الفقد العظمي من الرأس كإلتهاب السحايا وخراج المخ وتغيرات الصرع والشلل والجنون وذلك يعرض حياته للخطر مما لا يمكن معه تقدير مدى العاهة المتخلفة لديه بنسبة مئوية. وطلبت عقابه بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات. وقد ادعى بدر أحمد صالح بحق مدني قدره قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم. ومحكمة جنايات بنها قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم شديد حسن بالسجن لمدة أربع سنين وألزمته بأن يدفع للمدعي بدر محمد أبو صالح قرشا صاغا على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية و300 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
وحيث إن الطاعن يبني الوجه الأول من طعنه على أن الحكم المطعون فيه قد شابه القصور وتناقضت أسبابه, ذلك أن المجني عليه شهد في إحدى الروايات بأن الطاعن أصابه وهو داخل منزله وشهد حسين مصطفى عيسى بأن الاعتداء وقع على المجني عليه من خلفه, وأنه رأى الضارب من ظهره, وقد كذب الطبيب الشرعي ذلك وقرر أن الضرب كان من الأمام, وهو ما يتفق مع رواية الطاعن نفسه من أن ابن المجني عليه هم بضربه بعصا فتفادى الضربة فوقعت على المصاب وكان يجب على المحكمة ألا تغفل ما ذكره الطبيب الشرعي وأن ترد عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى واستخلص من أقوال المجني عليه والشاهد حسين مصطفى عيسى أن المجني عليه عندما كان يهم بدخول منزله بعد أن وقعت بينهما الشحناء, وكان الشاهد يصحبه, لحق بهما الطاعن, وضرب المجني عليه بعصا غليظة على رأسه فسقط على الأرض فاقد النطق, ولم يذكر الحكم فيما عوّل عليه من هذه الأقوال أن الطاعن ضرب المجني عليه من الخلف, بل استخلص بمنطق سليم وبأدلة مقبولة أن الطاعن دون غيره هو الذي اعتدى على المجني عليه بالضرب - لما كان ذلك وكان الحكم لم يأخذ بدفاع الطاعن من أن المصاب قد أصيب من يد ابنه الذي كان يحاول الاعتداء على الطاعن فأخطأه وأصاب أباه - لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون إلا مناقشة في واقعة الدعوى وأدلة الإثبات فيها مما لا يقبل أمام محكمة النقض.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني أن التقرير الطبي جاء به أن العاهة التي تخلفت بالمصاب هى فقد جزء من العظم لا ينتظر ملؤه في المستقبل, وهذا لا يدل على استدامة العاهة بل يفيد احتمال الشفاء, وبذلك تكون المحكمة قد أخطأت في تطبيق القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حين تحدث عن تخلف العاهة المستديمة بالمجني عليه قد أثبت مما أورده التقرير الطبي الأخير ما نصه "وأعيد فحص المصاب المذكور في 23 فبراير سنة 1952 فتبين أنه شفى من إصابة رأسه وتخلفت لديه من جرائها عاهة مستديمة هى فقد جزء كبير من عظام الرأس أعلى يسار الجبهي والجدارية اليسرى في مساحة مستطيلة الشكل تقريبا بأبعاد 9×5 ونصف سم, وهذا الفقد لا ينتظر ملؤه مستقبلا بالعظم وقد يملأ بنسيج ليفي, وبذا فقد المخ في تلك المنطقة وقايته الطبيعية من العظم... الخ" وهذه العبارة التي نقلها الحكم عن تقرير الطبيب الذي فحص المجني عليه بعد أن تم شفاؤه واضحة الدلالة على تخلف عاهة مستديمة بالمصاب, وإذا كان الطبيب قد أردف ذلك بأنه لا ينتظر ملء الفقد بالعظم فهو زيادة في الاحتياط في التعبير العلمي عن المستقبل, وما دام الطبيب قد قرر أنه لا ينتظر في المستقبل ملء الفقد بالعظم ولا يدعي الطاعن أن مثله قد ملئ فإنه يتعين الأخذ بما رآه الطبيب من أن العاهة مستديمة ويكون تطبيق المحكمة للمادة 240/ 1 من قانون العقوبات هو التطبيق الصحيح للقانون على المرافعة.
وحيث إن ما جاء بالوجه الأخير من أوجه الطعن لا محل له, لأن القانون لم يرتب البطلان على عدم ختم الحكم في الثمانية الأيام التالية لصدوره, وإنما أعطى لصاحب الشأن الحق في أن يقرر بالطعن ويقدم أسبابه في العشرة الأيام التالية لإخطاره بوجود الحكم مختوما في قلم الكتاب إذا كان قد حصل على شهادة من هذا القلم بعدم وجود الحكم في الثمانية الأيام التالية لصدوره, وهذا هو الشأن بالنسبة إلى هذا الطعن ومن ثم يكون هذا الوجه غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق